ولقد أوضح الشيخان الكثير والكثير من أسباب الطلاق، وقد وقع لنا من ذلك مثل ما ذكر الشيخان، وعرفنا من حال الناس الشيء الكثير من أسباب الطلاق، وهي في كثير من الأحيان أشياء تافهة تدل على ضعف في الجميع، في هؤلاء وفي هؤلاء، تدل على ضعف الإيمان، وضعف العقول، وقلة المبالاة بأمر الله، ومن أعظم الأسباب كثرة مشاكل الحياة، فيكون الزوج متعبًا في ليله ونهاره، ثم تكون الزوجة متفرغة لإيذائه ومطالبته بأشياء لا يستطيعها، أو تشق عليه، ثم تلح عليه إلحاحًا كثيرًا حتى لا يجد مناصًا من الطلاق.
ومن أعظم الأسباب كما سمعتم ما وقع فيه الكثير من الناس من تغيير العقول بالحبوب والخمور، كثير من الناس والعياذ بالله يسهرون على ما حرم الله، ويصبحون لا عقول لهم، وعند أقل شيء يطلقون بلا شعور وبلا عقل، وقد تنازع العلماء في ذلك هل يقع طلاق السكران الذي ذهب عقله لكنه متعمد لفعل المحرم؟ أما ما تعمد مغرور أشرب شيئًا ما يدري عنه شرب شيئًا ما درى أنه مسكر فسكر هذا لا يقع طلاقه عند الجميع، كالمجنون والمعتوه، لكن الكلام فيمن سكر عمدًا جره جلساء السوء ونفسه الأمارة بالسوء إلى تعاطي الحرام، فهذا هو محل النزاع، فأكثر العلماء يرون وقوع طلاقه عقوبة له، قالوا: ولا يكون فعله الحرام عذرًا في عدم وقوع الطلاق.
وذهب آخرون وعلى رأسهم عثمان بن عفان وجماعة من أهل العلم قالوا: لا يقع طلاقه إذا عرف أنه سكران وقت الطلاق؛ لأنه لا عقل له كالمجنون، والله جعل عقوبته الجلد، ما جعل عقوبته الطلاق، جعل عقوبته الجلد، فيكتفى بالجلد الذي شرعه الله، ويكفي ذلك ولا يقع طلاقًا، اختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة، وهو الأقرب إلى الخير إن شاء الله، والصواب.