والشرك شركان: أكبر، وأصغر، كما ذكر فضيلة المحاضر، أكبر مثل دعاء غير الله، وطلب المدد من القبور، اعتقاد أن فلانًا أو فلانًا يتصرف في الكون، من الأنبياء أو غير الأنبياء، يتصرفون في الكون، أو أن الولي فلان يتصرف في الكون، ينفع ويضر، ويتصرف في الكون كما يشاء، هذا كفر أكبر، وشرك أكبر نعوذ بالله، وهكذا طلب المدد من الأموات، أو من الأصنام، أو من الأشجار والأحجار، يسألهم قضاء الحاجات، تفريج الكربات، هذا من دين الجاهلية، هذا دين أبي جهل وأشباهه، دين الجاهلية نعوذ بالله، سؤال القبور، سؤال الأموات، سؤال الأصنام، الاستغاثة بهم، النذر لهم، طلب المدد، هذا شرك أكبر، نعوذ بالله.
وهكذا ما تقدم لنا من الاستهزاء بالدين، أو سب الدين، أو تنقص الدين، هذا كفر أكبر أيضًا نعوذ بالله، وهكذا استحلال ما حرم الله، كالزنا، والسرقة والخمر، فمن استحله وقال: إنه مباح للناس وهو يعلم الدليل وقد قام عليه الدليل يكون كافرًا -نعوذ بالله- كفرًا أكبر.
وهكذا من أسقط الواجبات المعروفة من الدين بالضرورة المجمع عليها كالذي يقول: الصلاة ما هي واجبة، أو الصيام من رمضان ما هو بواجب، أو زكاة المال ما هي واجبة على الناس، أو يقول: إن الحج مع الاستطاعة ما هو واجب على الناس، ليس بفريضة، هذا كافر كفر أكبر -نعوذ بالله- يخرجه من الملة، ويوجب له الخلود في النار نعوذ بالله مع الكافرين، نسأل الله العافية.
وهناك نوع أصغر، شرك أصغر، هناك شرك أصغر نبه عليه المحاضر، مثل قول: لولا الله وأنت، هذا من الله ومنك، ومثل الحلف بغير الله، مثل بالأمانة، وبالكعبة، والنبي وحياتك وشرفك، وحياة فلان ونحو ذلك، كانوا أهل الجاهلية يحلفون بهذا، أهل الجاهلية كانوا يحلفون بآبائهم وأمهاتهم وأصنامهم، فجاء الإسلام بالنهي عن ذلك قال النبي ﷺ: لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، وقال: من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت، وقال: من حلف بالأمانة فليس منا، وقال: من حلف بغير الله فقد أشرك، وفي لفظ: فقد كفر، وفي لفظ: فقد كفر، أو أشرك.
قال ابن عبد البر أحد الأئمة الكبار: "أجمع العلماء على أنه لا يجوز لأحد أن يحلف بغير الله" يعني كائنا من كان، لا بالأنبياء، ولا بغيرهم، هذا الشرك الأصغر يجر في الشرك الأكبر، إذا قال: لولا الله وأنت، هذا من الله ومنك، هذا يجر إلى الكفر الأكبر، ووسيلة من وسائله، والله جل وعلا حرم وسائل الشرك، وحرم الوسائل المفضية إلى الحرام.
فهذا الشرك الأصغر لا يخرج من الملة، ولا يوجب الخلود في النار، ولكن صاحبه على خطر، لكن قد يكون أكبر، قد يكون الشرك الأصغر أكبر بعض الأحيان، فلو قال: والله وأنت، وهو يعتقد أن هذا الشخص يتصرف في الكون مع الله وأنه شريك لله في التصرف صار شركًا أكبر، نعوذ بالله، وهكذا لو حلف بغير الله، قال: بالنبي، أو والنبي، أو والسيد عبدالقادر الجيلاني، أو والسيد البدوي، وهو يعتقد من هذا الحلف أنهم يتصرفون في الكون أو ينفعون ويضرون صار كفرًا أكبر، من أجل هذه العقيدة التي قارنت الحلف بغير الله، وهذه العقيدة نفسها كفر أكبر، وإن لم يحلف بهذا الشخص إن اعتقد أن البدوي أو الرسول ﷺ، أو فلانًا أو فلانًا، أو علي بن أبي طالب، أو الحسن بن علي أو غيرهم، أو الصديق، أو عمر، أو غيرهم من اعتقد أن واحدًا من هؤلاء يتصرف في عباد الله يتصرف في كون الله يدبر هذا العالم أو ينفع ويضر هذا العالم فهذا كفر أكبر، نعوذ بالله؛ لأن التصرف في الكون لله وحده ، هو المتصرف في الأمور، ومدبر هذا العالم بعز وذل، وإحياء وموت، وغنى وفقر، وغير ذلك، ما في أحد يتصرف مع الله أبدًا إلا هو سبحانه وتعالى، فهو مدبر الأمور جل وعلا، يدبر الأمر ، حتى المشركون الأولون يقرون بذلك أنه مدبر الأمور .