960- وَعَنْ جَابِرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وُرِّثَ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
961- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَيْسَ لِلْقَاتِلِ مِنَ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ.
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَوَّاهُ ابْنُ عَبْدِالْبَرِّ، وَأَعَلَّهُ النَّسَائِيُّ، وَالصَّوَابُ وَقْفُهُ عَلَى عُمَرَ.
962- وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: مَا أَحْرَزَ الْوَالِدُ أَوِ الْوَلَدُ فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كَانَ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَابْنُ عَبْدِالْبَرِّ.
963- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رسولُ الله ﷺ: الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ.
رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَأَعَلَّهُ الْبَيْهَقِيُّ.
964- وَعَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَفْرَضُكُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ.
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ سِوَى أَبِي دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَأُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث كلها تتعلق بالميراث:
فالحديث الأول حديث جابرٍ: عن النبي ﷺ أنه قال: إذا استهلَّ المولودُ ورث يعني: إذا صرخ، إذا تحقَّقت حياته، من شرط الإرث أن تتحقق حياةُ الوارث حين موت المورث، فإذا استهلَّ المولودُ وعُلم أنه حيٌّ ورث من أقاربه.
والقاعدة: أنَّ الحمل يرث بشرطين: أحدهما: تحقق وجوده في الرحم حين موت المورث، والثاني: انفصاله حيًّا، فإذا مات زيدٌ عن زوجةٍ له حامل، وولدت واستهلَّ ورث، يعني: إذا عُلم أنه حيٌّ، سواء بالاستهلال كما قال النبيُّ ﷺ، أو عُلم بطريقةٍ أخرى واضحة أنه حيٌّ يرث.
والعادة أن المولود إذا خرج يصرخ، فالمعنى: إذا تحقق وجوده وانفصل حيًّا، موجود في الرحم، بأن تلده قبل ستة أشهر من موت المورث، فيثبت حقًّا أنه موجودٌ في رحمها، ولا بدّ أيضًا أن ينفصل حيًّا، يُعلم أنه انفصل حيًّا حتى يرث من أبيه، أو من أخيه، أو من عمه، على حسب حال الورثة.
والحديث الثاني: يقول ﷺ: ليس للقاتل من الميراث شيءٌ، القاتل يتعجَّل، قد يقصد أن يتعجَّل الميراثَ وظلم الموروث، فعُوقِب بنقيض قصده، فهو متَّهم، فليس له شيء، سواء كان القتل خطأً أو عمدًا، فمن موانع الإرث: القتل، فما أوجب قصاصًا أو ديةً أو كفَّارةً مُنع من الإرث؛ لعموم الحديث.
أما إذا كان القتلُ بحقٍّ: إذا قتل قصاصًا فإنه يرث، قتل ولده قصاصًا يرثه؛ لأنه بحقٍّ، وثبت عن عمر أيضًا ما يُؤيد الحديث المرفوع، وهو لا شكَّ أنه أمرٌ واضحٌ، وهو كان محلَّ إجماعٍ من موانع الإرث: في الرق والقتل، محل إجماعٍ في الجملة.
وفي الحديث الثالث: ما أحرز الوالدُ أو الولدُ فهو لعصبته مَن كان، إذا مات الإنسانُ ووراءه عصبة، فماله للعصبة، وإن كان له أصحابُ فرضٍ أُعطوا فروضهم، فما بقي فهو للعصبة، وإن لم يكن له أصحاب فروضٍ فالذي ورثه للعصبة كله.
مات إنسانٌ عن ابن عمه، يُعطى، أما إن كان مات عن زوجةٍ فتُعطى الزوجة حقَّها، والباقي للعصبة، مات عن أمٍّ: تُعطى أمها فرضها، والباقي للعصبة، وهكذا مثلما هو معروفٌ: ألحقوا الفرائضَ بأهلها.
فإذا لم يكن له أصحاب فرضٍ فماله لعصبته، الحديث هذا مجمل، وحديث ابن عباسٍ المتقدم فيه تفصيل: ألحقوا الفرائضَ بأهلها، وهو أصحُّ من هذا، فما أبقت الفرائضُ فهو لأولى رجلٍ ذكرٍ.
والحديث الرابع: يقول ﷺ: الولاء لُحْمَةٌ كلُحْمَة النَّسب، لا يُباع، ولا يُوهَب، الولاء وصفٌ يلحق الإنسان بسبب العتق، فهو كالنَّسب لا يُباع، لا يُقال له: ولائي لفلان، أبيعه لفلانٍ، لا كالنَّسب، فإذا كان له عتيقٌ فهو ولي هذا العتيق، وولي ذريته أيضًا، إذا لم يكن سبق عتق رقبته لأحدٍ، فلا يُباع، ولا يُوهَب.
ولهذا في الحديث الصحيح: "نهى رسول الله ﷺ عن بيع الولاء، وعن هبته"، في "الصحيحين"، فلو قال إنسانٌ: "سأبيع ولائي لفلانٍ"، البيع باطل؛ لأنَّ الرسول ﷺ نهى عن ذلك؛ ولأنه ليس بمالٍ يُباع، مثل: أن الإنسان ما يبيع نسبَه، ما يبيع نسبَه من آل فلانٍ، أنا من قريشٍ: أبيعه على زيدٍ حتى يصير من قريشٍ، أو من بني هاشمٍ: أبيع عليهم نسبي، وآخذ فلوسًا، وأحطّه مكاني، يصير من بني هاشم، هذا باطلٌ عند جميع أهل العلم.
والحديث الخامس حديث أنس بن مالك : يقول النبيُّ ﷺ: أفرضكم زيد بن ثابت، وهو حديث ضعيف، والمؤلف أعلَّه بالإرسال، علَّة لا وجه لها؛ لأنَّ الواصل ثقة، إذا وصله .....، والقاعدة: إذا أُعلَّ الحديث بالإرسال، والواصل ثقة، أو بالانقطاع ووجد مَن يصله؛ زالت العلَّة.
والحديث هذا قد ثبت مرفوعًا عن أنسٍ عند ابن ماجه وغيره، فزالت العلَّة.
وفي روايةٍ: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدّهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأتقاهم عليّ، وأقرأهم أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، ولكل أمةٍ أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عن الجميع.
المقصود أن هذا معروف: زيد علمه في الفرائض وتقدّمه فيها أمرٌ معلومٌ عند الجميع، لكن له أشياء خالفه فيها غيره، والصواب مع غيره: كالجدِّ، يرى زيدٌ أنه ليس بأبٍ، والصواب أنه أب كما قال الصديقُ وجماعة، والتَّشريك بين الإخوة لأم والإخوة الأشقاء في المشركة، يرى زيدٌ التَّشريك، والصواب عدم التشريك؛ فكون زيد أفرضهم لا يلزم أنه يكون مُصيبًا في كل شيءٍ، لكنه أعلمهم بما يتعلق بالفرائض؛ لأنه اعتنى بها رضي الله عنه، فكان له فيها العلم الزائد والفضل.
الأسئلة:
س: مَن فسَّر الاستهلال بالعطاس؟
ج: المقصود ..... ما يعلم بحياته، ولا استهلاله الصراخ، استهلَّ: صاح.
س: لو مات بعدها أحسن الله إليك؟
ج: ولو مات بعدها.
س: لو أقلّ من دقيقةٍ؟
ج: ولو مات، ما دام صرخ.
س: إذا استهلَّ المولود صارخًا لفظة صارخًا هل ثبتت؟
ج: في بعض الروايات نعم، ولكن ولو ما ثبتت.
س: حديث: أرحم أمتي بأمَّتي أبو بكر، وأشدّها في دين الله عمر هذا صحيح؟
ج: لا بأس به، جيد عند ابن ماجه بسندٍ جيدٍ.
س: إذا كان القتلُ بسبب حفر بئرٍ في الطريق؟
ج: المقصود أنه إذا كان مضمونًا يمنع من إرثه، إذا كان القتلُ مضمونًا بديةٍ أو كفَّارةٍ فإنه يمنع، أما إذا كان لا، بحقٍّ، ما هو مضمون؛ ما يُمنع.
س: مثل: الدفاع عن نفسه، أو قتل الباغي؟
ج: الحاصل أن يكون مظلومًا، ما يُمنع.
س: مَن كان أغلب ماله ربا وسحت هل يورث ماله؟
ج: يورث ماله، إلا إذا علم يقينًا شيئًا من الربا، ينبغي للورثة أن يتصدَّقوا به احتياطًا؛ لأنه قد يختلط، قد يشتبه، إذا علموا أنَّ هذا الجزء ربا يتصدَّقون به، يكون أحوط لهم، لا يكون للربا، أو يعلمون المقصود لفلان أو ما أشبه ذلك، إذا علموا فيه ينبغي لهم أن يحذروا، أما إذا ما علموا فالأصل السَّلامة.
س: ..... علمت أنه يعمل في بنكٍ ربوي، وقد اشترى سيارةً باثني عشر ألف ريـال، هل عليَّ إثمٌ في ذلك؟
ج: قد تكون له أسبابٌ أخرى، إذا كنتَ ما تعلم ما عليك شيء، قد تكون له أسبابٌ أخرى، النبي اشترى من اليهود وهم أهل ربا، إلا إذا علمتَ أنَّ هذا المال نفسه من الربا.
س: التَّبيعة عليه؟
ج: نعم؟
س: تكون التَّبيعة عليه؟
ج: نعم، نعم.
س: مسائل الخلاف: هل يُنكر على صاحبٍ أن يُخالف فيها بعض الناس، ينكر على الإخوان الذين ينكرون على المرأة التي لا تتحجب، يقولون: هذه مسألة خلافية؟
ج: ماذا؟
س: المرأة التي لا تتحجب، لا تُغطِّي وجهها، بعض الناس يُنكر على بعض الآمرين وغيرهم، يقول: هذه مسألة خلافية، ليس ..... مع العلماء؟
ج: لا، لا، هذا غلط، لا إنكار في مسائل الاجتهاد، ما هو بالخلاف، الخلاف قد يكون فيه نصٌّ، مسائل الاجتهاد التي ما فيها نصوص، هذا معنى كلام العلماء، مسائل الاجتهاد، ما هو مسائل الخلاف، أما مسائل الخلاف فما ثبت فيه النص ينكر على مَن خالفه.
س: ولو كان قال به عددٌ من العلماء؟
ج: ولو، ولو، العبرة بالنصِّ.
س: ما هو أقوى دليلٍ على تغطية وجه المرأة من السنة؟
ج: من السنة: حديث عائشة لما رآها صفوان بن المعطل -كما في الصحيح- قالت: "كان قد رآني قبل الحجاب، فلما سمعتُ صوتَه خمَّرْتُ وجهي"، مع نصِّ الآية الكريمة: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53].
س: الولاء يُورث به من جانب المُعتق؟
ج: نعم، من جانب المعتق فقط.
س: من جانبٍ واحدٍ فقط؟
ج: نعم، نعم.