ولا سبيل إلى الرجوع إلى الحضارة الإسلامية وإلى ما فيه من الخير العظيم والمميزات العظيمة لمن اعتنقها وأخذ بها -لا سبيل إلى ذلك- إلا بالرجوع إلى ما كان عليه سلفنا، إلا بالرجوع إلى تحكيم شريعة الله، والاستقامة على أمر الله، والتعاون على البر والتقوى، فبذلك يعود للمسلمين مجدهم، ويعود لهم عزهم الغابر، ومجدهم السالف، وينصرون على أعدائهم، ويمكنون في الأرض كما مكن أسلافهم، قال مالك بن أنس أحد العلماء المشهورين وقال غيره من أهل العلم: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها"، والذي أصلح أولها هو اتباع كتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، والجهاد في ذلك، والصدق في ذلك، والتعاون في ذلك، هذا هو الذي أصلح الأولين، جهاد صادق، وعمل صالح، وتحكيم لشرع الله، واستقامة على دين الله، وتعاون على البر والتقوى، وتواص بالحق والصبر عليه.
ومميزات الإسلام ظاهرة سمعتموها وكل طالب علم موفق يعلم كثيرًا من ذلك، ويرجى في شباب المسلمين اليوم أن يكون لهم النشاط الكبير في إبراز حقيقة الإسلام والدعوة إليه والذب عنه، وأن يكونوا من الغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس، ويصلحون عند فساد الناس، قال النبي عليه الصلاة والسلام: بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء، يعني الجنة للغرباء والسعادة للغرباء وطيب السعي للغرباء، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس وفي اللفظ الآخر: ويصلحون ما أفسد الناس، هؤلاء هم الغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس، ويصلحون ما أفسده الناس وما أماته الناس بالسنة والحق، هؤلاء هم النزاع من القبائل، وهم القادة المصلحون بعلمهم وفضلهم وهداهم، وهم أئمة الهدى بعلمهم ودعوتهم إلى الحق، فنسأل الله أن يكثرهم في المسلمين، وأن يقيم لهم القادة الصالحين، والأئمة المفلحين، وأن يبارك في مساعيهم، وأن يكثر فيهم الخير والهدى، وأن يصلح شباب المسلمين وشيبهم، وأن يجمعهم على الحق، فإن الهدى والاستقامة والدعوة إلى الخير يحتاج إلى شيب صالح وشباب صالح، يحتاج إلى تعاون بين الشيب والشباب بين الكبار والصغار بين القادة والرعية، تعاون كامل على الحق والهدى، ونصح للأمة، واستقامة على دين الله، وتفقه في دين الله وتعلم، فالجهل يضر أهله.