وإذا كان ما هناك طائفة فهو مسؤول عما تقوم به الطائفة، هذا الرئيس هذا الأمير هذا شيخ القبيلة، وهكذا الأعيان معه يساعدونه ويعينونه في أداء الواجب، وبهذا تصلح الأمور وتستقيم أحوال المجتمعات على الحق والهدى، فإذا أهمل الرؤساء والأعيان ولم يقوموا بحق الرعاية تفاقم الأمر وكثرت المنكرات، وسادت الرذائل بين الناس، واختفت الفضائل، وصار المجتمع مجتمعًا خطيرًا يخشى عليه العقوبة العامة، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ لأن الله جل وعلا يملي ولا يغفل، قال جل وعلا: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102]، ويقول سبحانه: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ [الأعراف:97]، أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ [الأعراف:98]، أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:99]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه ويروى عنه عليه السلام أنه قال لما ذكر بني إسرائيل وما جرى منهم قال: والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه، وفي رواية: على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرًا، أي: تلزمنه بالحق وتقصرنه على الحق قصرًا، أو ليضربن بقلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم، فالأمر عظيم وخطير، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وفيما سمعتم من الشيخين الكفاية والبركة والخير العظيم، لكن من باب التأكيد لما قاله الشيخان، ومن باب التعاون على البر والتقوى، والله يقول جل وعلا: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
الخميس ١٩ / جمادى الأولى / ١٤٤٦