فعلينا جميعًا وعلى جميع أهل الأرض -على جميع أهل الأرض من عرب وعجم عليهم- أن يأخذوا بكتاب الله، وأن يتعلموه، وأن يتبصروا فيه، وأن يعملوا به، وعليهم أن يتأسوا برسول الله عليه الصلاة والسلام ويتخذوا سنته، ومن حاد عن ذلك فإلى النار، والمسلمون أولى بذلك، المسلمون أولى بأن يأخذوا السنة، ويتدبروا القرآن؛ إذا حاد عن ذلك الأكثرون، حاد عن ذلك أكثر أهل الأرض وكفروا بالله ورسوله وكذبوا القرآن وكذبوا الرسول وأعرضوا عن ذلك فما يليق هذا بالمسلمين أهل التصديق والإيمان الذين آمنوا بالله ورسوله الواجب، عليهم أن تكون لهم عناية كاملة في كتاب الله، عناية تامة بالقرآن، تدبرًا وتعقلًا وعملًا وحفظًا ودراسة في أنفسهم وفي أولادهم وأهاليهم وجيرانهم وإخوانه؛ لأن هذا الكتاب هو الأصل العظيم، هو الصراط المستقيم، هو الذكر الحكيم، هو القائد إلى الجنة والسعادة، هو حبل الله الممدود بين أهل الأرض وبين أهل السماء، فمن أخذ به واستقام عليه وصل إلى الجنة والكرامة، إذا تدبرته عرفت أحكام الله، عرفت دين الله، عرفت أوامر الله، عرفت نواهي الله، عرفت ما يدعو إليه هذا الكتاب والرسول عليه الصلاة والسلام، عرفت الجنة وصفاتها، وعرفت ما فيها من النعيم، وعرفت أهل الجنة من هم، وعرفت النار وكثيرًا من عذابها وأغلالها، وعرفت أهلها من هم، وعرفت أعمالهم، وعرفت الأولين ماذا كان عليهم -الرسل أتباعهم- ماذا حصل لهم من النصر والعاقبة الحميدة، وهكذا أعداؤهم وخصومهم ماذا حصل عليهم من النقمة والبلاء والعقاب الشديد وأنواع العقوبات والنقمات، كل هذا في كتاب الله، من تدبر القرآن وجد هذا كله في كتاب الله، وجد الدعوة إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، الدعوة إلى كل خير، الدعوة إلى التأسي بالرسل والسير على منهاجهم، والتحذير من خصوم الرسل وأعمالهم السيئة، وجاء في كتاب الله كل ما يقربهم إلى الله، ويباعدهم من غضبه وعقابه.
الخميس ١٩ / جمادى الأولى / ١٤٤٦