المشايخ أوضحوا ما ينبغي حول كتاب الله من جهة تعليم الأولاد، ومن جهة تعلم لإنسان وإقباله عليه، من جهة العناية بأهله وقراباته وجيرانه وإخوانه، كتاب الله فيه الهدى والنور، فينبغي لكل مؤمن أن يعنى بهذا الكتاب، وإذا كان لم يتعلمه فليتعلم، التعلم بابه مفتوح للصغير والكبير، ولو كان ابن مائة عام، يتعلم وليس للتعلم وقت محدود، وإن كان في الصغر أبلغ، ولكنه بحمد الله مفتوح الباب في كل زمان، لك أن تتعلم وأنت ابن ستين عامًا، ولك أن تتعلم وأنت ابن ثمانين عامًا، ولك أن تتعلم وأنت ابن مائة عام وأكثر، فتعلم واقبل على كتاب ربك وسنة نبيك عليه الصلاة والسلام.
وهذا كتاب عظيم وهو القرآن يدعو إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، يدعو إلى كل خير، يذكرك بما خلقت له وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، يذكرك بهذا وأنك مخلوق لتعبد الله، هذه هي العبادة، تعلم هذه العبادة ما هي العبادة التي خلقت لها، وأرسلت الرسل من أجلها، وأنزلت الكتب من أجلها، لتعلمها ولتقوم بها عملًا وقولًا وعقيدة وإبلاغًا، عليك أن تتفقه في هذا الأمر، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، فالتفقه في دين الله من أسباب السعادة، ومن دلائل الخير.
والعبادة هي طاعة الله ورسوله، العبادة التي خلقت لها هي طاعة الله ورسوله، هي توحيد الله والإخلاص له، هي القيام بأوامره، هي ترك نواهيه، هي أداء فرائضه، هي ترك محارمه، هي الموالاة فيه والمعاداة فيه إلى غير ذلك مما أمر الله به ورسوله، ورأسها وأساسها توحيد الله، وإخلاص العبادة لله وحده، فلا تدع إلا الله، ولا تستغيث إلا بالله، ولا تتوكل إلا عليه، ولا تصل إلا له، ولا تذبح إلا له، ولا تصوم إلا له، فالعبادة حقه جل وعلا، وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23].