الزكاة فيها خير عظيم، ومصالح جمة للمسلمين، في صرفها في هذه الجهات الثمان، فلها أثر عظيم في كفاية الناس، وإعانتهم على ما أوجب الله عليهم، والتخفيف مما يثقل عليهم من الديون، وغير ذلك مما يهمهم، كعتق الرقاب، وتزويد المجاهدين بما يعينهم، ومساعدة أبناء السبيل، إلى غير ذلك مما يدخل في الأصناف الثمانية، هذا من لطف الله ومن إحسانه إلى عباده، حيث جعلهم متعاونين، غنيهم يساعد فقيرهم، فهي تعاون على البر والتقوى مما أعطاهم الله.
وفي إخراج الزكاة شكر لله على ما أحسن إليهم، فهو سبحانه محسن متفضل، ومن شكره عليك أن تؤدي الزكاة، وأن تحمد الله الذي جعلك تعطي ولا تأخذ، قال النبي عليه الصلاة والسلام: اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا هي المعطية هي المنفقة، والسفلى هي الآخذة السائلة، فاحمد الله الذي جعلك صاحب يد عليا تنفق وتحسن وتجود على عباد الله.
ثم في الزكاة طهرة لك، وطهرة لمالك، وزكاة لك ولمالك، فهي خير لك في الدنيا والآخرة، تطهر بها مالك، ويحفظ بها مالك، وتطهر بها أنت يقول الله سبحانه: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103]، والمسكين والفقير إذا ساعدته وأعطيته مما أعطاك الله كان لك في ذلك خير عظيم، وفضل كبير؛ لأنك أزلت شدته، وفرجت كربته، وواسيته بمالك، فلها عنده منزلة عظيمة، وربما دعا لك بدعوة يقبلها الله، يكون بها ساعدتك ونجاتك في الدنيا والآخرة، وأنت تعطي من خير كثير لا يضرك، وهو ينتفع بذلك نفعًا عظيمًا، وتفرج به الكروب، وتحسن به إلى الأطفال، وإلى شيوخ كبار، وإلى عجائز، وإلى منقطعين، فيحصل لك بهذا فضل عظيم، وأجر كبير.