الجواب الصريح عن أسئلة التراويح

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فيطيب لمؤسسة الشيخ عبدالعزيز بن باز الخيرية أن تضع بين يدي المستمعين الأكارم هذا الإصدار ضمن سلسلة نشر تراث سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله:

الإصدار الرابع: عنوان هذه المادة: الجواب الصريح عن أسئلة التراويح، نسأل الله تعالى أن ينفع به من يسمعه، وأن يجعله صدقة جارية لسماحة شيخنا رحمه الله، والآن نترككم مع هذه المادة.

س: السؤال الأول: ما هي السنة في عدد ركعات التراويح، وهل الأفضل أن يصلي المسلم إحدى عشرة ركعة، أم ثلاثة عشرة ركعة، وهل من الأفضل التنويع في أيام وليالي شهر رمضان المبارك، أم الاكتفاء بصورة واحدة، وما رأيكم أحسن الله إليكم فيمن يزيد على ذلك بحيث يصلي ثلاث وعشرين أو أكثر أو أقل؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى الله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يدل على التوسعة في صلاة الليل وعدم تحديد ركعات معينة، وأن السنة أن يصلي المؤمن -وهكذا المؤمنة- مثنى مثنى يسلم من كل اثنتين، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى، فقوله ﷺ: صلاة الليل مثنى مثنى خبر معناه الأمر، يعني: صلوا في الليل مثنى مثنى، ومعنى: مثنى مثنى يسلم من كل اثنتين، ثم يختم بواحدة وهي الوتر، وهكذا كان يفعل عليه الصلاة والسلام، فإنه كان يصلي من الليل مثنى مثنى ثم يوتر بواحدة عليه الصلاة والسلام، كما روت ذلك عائشة رضي الله عنها وابن عباس وجماعة، قالت عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله ﷺ يصلي من الليل عشر ركعات يسلم من كل اثنتين، ثم يوتر بواحدة"، وقالت رضي الله عنها أيضاً في الصحيحين: "ما كان رسول الله ﷺ يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا" متفق عليه. وقد ظن بعض الناس أن هذه الأربع تؤدى بسلام واحد، وليس الأمر كذلك، وإنما مرادها أنه يسلم من كل اثنتين كما ورد في روايتها السابقة، ولقوله ﷺ: صلاة الليل مثنى مثنى، ولما ثبت أيضا في الصحيح من حديث ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام كان يسلم من كل اثنتين.

وفي قولها رضي الله عنها: "ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة" ما يدل على أن الأفضل في صلاة الليل في رمضان وفي غيره إحدى عشرة، يسلم من كل اثنتين ويوتر بواحدة، وثبت عنها رضي الله عنها، وعن غيرها أيضا أنه ربما صلى ثلاث عشرة ركعة عليه الصلاة والسلام. فهذا أفضل ما ورد، وأصح ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام الإيتار بثلاث عشرة، أو إحدى عشرة ركعة، والأفضل إحدى عشرة، فإن أوتر بثلاث عشرة فهو أيضا سنة وحسن، وهذا العدد أرفق بالناس وأعون للإمام على الخشوع في ركوعه وسجوده وفي قراءته، وفي ترتيل القراءة وتدبرها، وعدم العجلة في كل شيء، وإن أوتر بثلاث وعشرين كما فعل ذلك عمر والصحابة في بعض الليالي من رمضان فلا بأس فالأمر واسع، وثبت عن عمر والصحابة أنهم أوتروا بإحدى عشرة كما في حديث عائشة. فقد ثبت عن عمر هذا وهذا، ثبت عنه أنه أمر من عين من الصحابة أن يصلي إحدى عشرة، وثبت عنهم أنهم صلوا بأمره ثلاثا وعشرين. وهذا يدل على التوسعة في ذلك، وأن الأمر عند الصحابة واسع كما دل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: صلاة الليل مثنى مثنى، ولكن الأفضل من حيث فعله ﷺ إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، وسبق ما يدل على أن إحدى عشرة أفضل لقول عائشة رضي الله عنها: "ما كان يزيد ﷺ في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة" يعني غالبا.

ولهذا ثبت عنها رضي الله عنها أنه صلى ثلاث عشرة وثبت عن غيرها، فدل ذلك على أن مرادها الأغلب، وهي تطلع على ما كان يفعله عندها، وتسأل فإنها كانت أفقه النساء وأعلم النساء بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وكانت تخبر عما يفعله عندها وما تشاهده، وتسأل غيرها من أمهات المؤمنين ومن الصحابة وتحرص على العلم، ولهذا حفظت علما عظيما وأحاديث كثيرة عن رسول الله ﷺ بسبب حفظها العظيم وسؤالها غيرها من الصحابة عما حفظوه رضي الله عن الجميع.

وإذا نوع فصلى في بعض الليالي إحدى عشرة وفي بعضها ثلاث عشرة فلا حرج فيه فكله سنة، ولكن لا يجوز أن يصلي أربعًا جميعا، بل السنة والواجب أن يصلي ثنتين ثنتين لقوله عليه الصلاة والسلام: صلاة الليل مثنى مثنى وهذا خبر معناه الأمر. ولو أوتر بخمس جميعا أو بثلاث جميعا في جلسة واحدة فلا بأس، فقد فعله النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لا يصلي أربعًا جميعًا أو ستًا جميعًا أو ثمان جميعًا لأن هذا لم يرد عنه عليه الصلاة والسلام، ولأنه خلاف الأمر في قوله: صلاة الليل مثنى مثنى ولو سرد سبعًا أو تسعًا فلا بأس، ولكن الأفضل أن يجلس في السادسة للتشهد الأول، وفي الثامنة للتشهد الأول ثم يقوم ويكمل. كل هذا ورد عنه عليه الصلاة والسلام.

س: قبل أن يسلم أحسن الله إليك؟

ج: قبل أن يسلم يجلس في الثامنة، ثم يقوم قبل أن يسلم ثم يأتي بالتاسعة، وهكذا في السادسة من السبع إذا سردها، وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه سرد سبعًا ولم يجلس، فالأمر واسع في هذا.

س: ورد العشر في هذا إذا كان إحدى عشرة ركعة إذا جلس في العاشرة مثلا؟

ج: ما أعلم أنه ورد في هذا شيء كان يسلم من كل ثنتين ولم يسردها، الذي بلغني وعلمت الآن أنه سرد سبعا وسرد تسعا وجلس في بعض المرات في السادسة ثم قام ولم يسلم ثم أتى بالسابعة، أما التسع فجلس في الثامنة ولم يسلم ثم قام إلى التاسعة، أما إحدى عشرة فلا أذكر أنه سردها في أي شيء من الأحاديث، والحجة في هذا الرواية متى ثبت بشيء من الطرق أنه سردها جاز ذلك.

س: بالنسبة للأئمة قد يشق الآن على المصلين أن يتابعوا لأن هناك من يريد أن يذهب؟

ج: الأفضل مثل ما تقدم الأفضل أن يسلم من كل اثنتين ويوتر بواحدة كما تقدم في حديث ابن عمر: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى، هذا هو الأفضل وهو الأرفق بالناس أيضا، فبعض الناس قد يكون له حاجات يحب أن يذهب بعد ركعتين أو بعد تسليمتين أو بعد ثلاث تسليمات فالأفضل والأولى بالإمام أن يصلي اثنتين اثنتين ولا يسرد خمسًا أو سبعًا، وإذا فعله بعض الأحيان لبيان السنة فلا بأس بذلك.

س: إذا أراد أن يكون في الوتر مع ركعتي الشفع أن يصلي كصلاة المغرب هل ذلك مشروع؟

ج: لا ما ينبغي ذلك، أقل حاله الكراهة لأنه ورد النهي عن تشبيهها بالمغرب فيسردها سردا ثلاثا بسلام واحد وجلسة واحدة.

س: إلا إذا فعل خمسا أو سبعا؟

ج: نعم.

س: وهل الأفضل الآن برأيكم التنويع، أم الاقتصار بالنسبة للأئمة على إحدى عشرة ركعة؟

ج: لا أعلم بأسا في هذا، لو صلى في بعض الليالي إحدى عشرة وفي بعضها ثلاث عشرة ما في شيء، الأمر واسع في صلاة الليل، لكن إذا اقتصر على إحدى عشرة لتثبيت السنة وليعلم الناس صلاته حتى لا يظنوا أنه ساهٍ فلا حرج.

س: ثم بعض المصلين يرون أن هذه هي السنة، وعندما يأتون إلى مساجد تصلي ما يزيد على ثلاث وعشرين أو ثلاث وعشرين ركعة يصلون إحدى عشرة ركعة أو عشر ركعات ولا يتمون مع الإمام؟

ج: السنة الإتمام مع الإمام ولو صلى ثلاثا وعشرين لقول النبي ﷺ: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة، وفي اللفظ الآخر: بقية ليلته فالأفضل للمأموم أن يقوم مع الإمام حتى ينصرف سواء صلى إحدى عشرة أو ثلاث عشرة أو ثلاث وعشرين أو غير ذلك، هذا هو الأفضل أن يتابع الإمام ويكون مع الإمام حتى ينصرف، ثلاث وعشرون فعلها عمر والصحابة ليس فيها نقص وليس فيها خلل بل هي من السنن، من سنة الخلفاء الراشدين.

س: بعض المسلمين يتتبعون القراءة الحسنة والصوت الجميل ويتركون المساجد القريبة من سكنهم بحجة أنهم لا يرتاحون أو لا يكمل خشوعهم في الصلاة وراء هؤلاء الأئمة، ما ترون في ذلك وما هو الأفضل بالنسبة للسنة؟

ج: الأظهر والله أعلم أنه لا حرج في ذلك، إذا كان المقصود أن يستعين بذلك على الخشوع في صلاته ويرتاح في صلاته ويطمئن قلبه، لأن ما كل صوت يريح، فإذا كان قصده الذهاب إلى صوت فلان أو فلان قصده الرغبة في الخير وكمال الخشوع في صلاته فلا حرج في ذلك، بل قد يشكر على هذا ويؤجر على حسب نيته.

والإنسان قد يخشع خلف إمام، ولا يخشع خلف إمام، بسبب الفرق بين القراءتين والصلاتين، فإذا قصد في ذهابه إلى مسجد بعيد أن يستمع إلى قراءته وأن يخشع لحسن صوته، وأن يستفيد من ذلك ويخشع في الصلاة، لا لمجرد الهوى والتجول لا؛ بل لقصد الفائدة وقصد العلم وقصد الخشوع في الصلاة، ثم في الحديث الصحيح يقول الرسول ﷺ: إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلَاةِ أَبْعَدُهُمْ إِلَيْهَا مَمْشًى فَأَبْعَدُهُمْ.. فإذا كان قصده أيضًا الخطوات فهذا أيضًا مقصد صالح.

س: بعض الشباب -جزاهم الله خيرًا- لا يستقرون في مسجد واحد، فكل يوم يذهب إلى مسجد؛ لأنه يرى أن هذا الإمام صوته جيد وقراءته مؤثرة، ففي كل ليلة أو في كل يوم وراء آخر يصلي في مسجد جديد، هل هذا أيضًا مناسب؟

ج: لا أعلم في هذا بأسًا، وإن كنت أميل إلى أنه يلزم المسجد الذي يطمئن قلبه فيه ويخشع فيه، لأنه قد يذهب إلى المسجد الآخر لا يحصل له فيه ما حصل له في المسجد الأول من الخشوع والطمأنينة، فأنا أرجح أنه حسب القواعد الشرعية أنه إذا وجد إمامًا يطمئن إليه ويخشع في صلاته وقراءته أنه يلزم ذلك، أو يكثر من ذلك معه، والأمر لا حرج فيه بحمد الله، الأمر واسع لو انتقل إلى إمام آخر، ما نعلم فيه بأسًا إذا كان قصده خير، وليس قصده شيئًا آخر من رياء أو غيره، لكن الأقرب من حيث القواعد الشرعية أنه يلزم المسجد الذي فيه خشوع وطمأنينة وحسن قراءة، أو فيه تكثير المصلين بأسبابه، إذا صلى فيه كثر المصلون بأسبابه، يتأسون به، أو لأنه يفيدهم ليس عندهم من يفيدهم فهو يذكرهم بعض الأحيان، أو يلقي عليهم درسًا، يعني يحصل لهم الفائدة، فإذا كان هكذا فكونه في هذا المسجد الذي فيه الفائدة منه ومن غيره، أو كونه أقرب إلى خشوع قلبه وطمأنينته وتلذذه بالصلاة كل هذا مطلوب.

س: ما رأيكم -أحسن الله إليكم- في مسألة ختم جميع القرآن في صلاة التراويح وما الدليل على ذلك؟ وهل يمكن الاقتصار على بعضه أو الأفضل قراءته كاملا؟

ج: الأمر في هذا واسع، ما أعلم دليلا يدل على أن الأفضل أن يكمل القراءة إلا أن بعض أهل العلم قال: ينبغي يستحب أن يسمعهم جميع القرآن، يعني حتى يحصل بسماع القرآن كله، ولكن هذا ليس بدليل واضح، فالمهم أن يخشع في قراءته ويطمئن ويرتل ويفيد الناس ولو ما ختم، ولو ما قرأ إلا نصف القرآن أو ثلثي القرآن، ليس المهم أن يختم، المهم أن ينفع الناس في صلاته وخشوعه وقراءته حتى يستفيدوا ويطمئنوا، فإن تيسر له أن يكمل القراءة فالحمد لله، وإن لم يتيسر كفاه ما فعل، وإن بقي عليه بعض الشيء لأن عنايته بالناس وحرصه على خشوعهم وعلى إفادتهم أهم من كونه يختم، فإذا ختم من دون مشقة وأسمعهم القرآن كله فهذا حسن.

س: مسألة مدارسة جبريل عليه السلام للمصطفى ﷺ في رمضان هل يمكن أن يستشف منها دليلا بمسألة إكمال القرآن في الصلاة؟

ج: يستفاد منها المدارسة، يستحب للمؤمن أن يدارس القرآن من هو يفيده وينفعه، فإن الرسول ﷺ دارس جبرائيل للاستفادة لأنه جبرائيل هو الذي يأتي من عند الله جل وعلا، وهو السفير بين الله وبين الرسل، فجبرائيل لا بدّ يفيد النبي ﷺ أشياء من جهة الله ، من جهة إقامة حروف القرآن، ومن جهة معانيه التي أرادها الله، فإذا دارس الإنسان من يعينه على فهم القرآن ومن يعينه على إقامة ألفاظه فهذا مطلوب كما دارس النبي ﷺ جبرائيل، وليس المقصود أن جبرائيل أفضل من النبي ﷺ لا، لكن جبرائيل هو الرسول الذي يأتي من عند الله فيبلغ الرسول ﷺ ما أمره الله به من جهة القرآن، ومن جهة ألفاظه، ومن جهة معانيه، والرسول ﷺ يستفيد من جبرائيل من هذه الحيثية، لا لأن جبرائيل أفضل منه عليه الصلاة والسلام، بل هو أفضل البشر، وأفضل من الملائكة عليه الصلاة والسلام، لكن هذه المدارسة فيها خير عظيم للنبي ﷺ وللأمة، لأنها مدارسة لمن يأتي به من عند الله ويستفيد بما يأتي من عند الله، وفيه فائدة أخرى وهي أن المدارسة في الليل أفضل من النهار لأن هذه المدارسة كانت في الليل، ومعلوم أن الليل أقرب إلى اجتماع القلب وحضور القلب والاستفادة أكثر بالمدارسة، وفيه أيضا من الفوائد شرعية المدارسة أنها عمل صالح حتى ولو في غير رمضان عمل صالح فيه فائدة لكل منهما ولو كانوا أكثر، كذلك يستفيد من أخيه ويشجعه على القراءة وينشطه وقد يكون لا ينشط إذا جلس وحده، لكن إذا كان معه زميل له يدارسه أو زملاء كان ذلك أشجع له وأنشط له مع عظم الفائدة فيما يحصل بينهما من المذاكرة والمطالعة فيما قد يشكل عليهما كل ذلك فيه خير كثير.

س: يعني يمكن أن نقول أيضا أن قراءة الإمام القرآن كاملا في رمضان على جماعته هو نوع من هذه المدارسة؟

ج:... لأن فيه إفادة لهم عن جميع القرآن، ولهذا كان أحمد رحمه الله يحب ممن يؤمهم أن يختم بهم القرآن، وهذا من جنس عمل السلف من محبة سماع القرآن كله، لكن ليس هذا يعني موجبا لأن ... ولا يتأنى في قراءته ولا يتحرى الخشوع والطمأنينة فهذا أولى بمراعاة الختمة.

س: ثم أيضا تحديد قدر معين من القرآن مثل قراءة كل ليلة أو كل ركعة أو كل جزء في كل ليلة هل هناك رأي لكم في هذا؟

ج: ما أعلم فيه شيء؛ لأنه يرجع إلى اجتهاد الإمام، فإذا رأى من المصلحة أن يزيد بعض الليالي أو بعض الركعات لأنه أنشط، رأى من نفسه قوة في ذلك وتلذذ بالقراءة وزاد آيات لينتفع وينتفع من خلفه، فإنه إذا حسن صوته وطابت نفسه بالقراءة وخشع بها ينتفع من وراءه أيضًا، فإذا زاد بعض الآيات في بعض الركعات أو في بعض الليالي ما نعلم فيه شيء، الأمر واسع بحمد الله.

س: مسألة مراعاة حال الضعفاء من كبار السن والنساء في صلاة التراويح؟

ج: هذا أمر مطلوب في جميع الصلوات في التراويح وفي الفرائض لقول النبي ﷺ: أيكم أم الناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والصغير والكبير وذا الحاجة فالإمام يراعي المأمومين ويرفق بهم في قيام رمضان وفي العشر الأخيرة، ليسوا الناس سواء، الناس يختلفون فينبغي أن يراعي أحوالهم ويشجعهم على المجيء وعلى الحضور، فإن متى أطال عليهم شق عليهم ونفرهم من الحضور، فينبغي له أن يراعي ويشجعهم على الحضور ويرغبهم في الصلاة ولو بالاختصار وعدم التطويل، فصلاة يخشع فيها الناس ويطمئنون فيها ولو قليلة خير من صلاة يحصل فيها عدم الخشوع ويحصل فيها الملل والكسل.

س: يلاحظ أيضا أن بعض المصلين يشتكي من أقل، لو قرأ الإمام وجها وزيادة قالوا: إنك تطول علينا، يعني حد أو ضابط؟

ج: العبرة بالأكثرية والضعفاء، إذا كان الأكثرية يرغبون في إطالته بعض الشيء وليس فيهم من يراعى من الضعفة والمرضى أو كبر سنه فإنه لا حرج في ذلك، وإذا كان فيهم ضعيف من مرضى أو كبار السن فينبغي للإمام أن يراعي مصلحتهم، ولهذا في حديث عثمان بن أبي العاص قال له النبي ﷺ: اقتد بأضعفهم، وفي الحديث الآخر: فإن من ورائه الضعيف والكبير كما تقدم، المقصود الضعيف يراعي الضعفاء من جهة التخفيف، تخفيف القراءة والركوع والسجود، وإذا كانوا متقاربين يراعي الأكثرية.

س: يعني النافلة والفريضة سيان؟

ج: نعم نعم، لكن الفريضة أهم، الفريضة أهم لأنه جاء بها النص ولأنها واجبة على الناس بخلاف النافلة لو تركوها ما ضرهم.

س: مسألة الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام؟ هل هناك دليل على تخصيص القيام بالعشر الأواخر؟ وتطويل القراءة فيها وتطويل الركوع والسجود؟

ج: كلها اسمها قيام رمضان، صلاة رمضان كلها تسمى قيام كما قال ﷺ: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه فإذا قام ما تيسر منه مع الإمام سمي قياما، ولكن في العشر الأخير يستحب الإطالة لأنها تحيى الرسول ﷺ، كان يحيي الليل كله في العشر الأخيرة ولهذا شرعت الإطالة، كما أطال النبي ﷺ فإنه قرأ في بعض الليالي البقرة والنساء وآل عمران في ركعة واحدة، المقصود أنه ﷺ كان يطيل في العشر الأخيرة ويحييها، فلهذا شرع للناس إحياؤها والإطالة فيها حتى يأخذوا من الليل ما تيسر، بخلاف العشرين الأول فإنه ما كان ﷺ يحييها كان ينام ويصلي يقوم وينام كما جاء ذلك في الأحاديث، أما في العشر الأخيرة فكان ﷺ يحيي الليل كله ويوقظ أهله ويشد المئزر عليه الصلاة والسلام.

س: يعني تخص العشر الأواخر بمزيد من القراءة؟

ج: نعم، ولأن فيها الليلة المباركة ليلة القدر.

س: مسألة تسمية التراويح هل نقل عن النبي عليه الصلاة والسلام تسميتها بهذا الاسم؟

ج: لا، هذا مشهور عند السلف تسميتها التراويح، كانوا يتروحون قالوا عنهم: إنهم يتروحون بعد كل أربع ركعات، يعني بعد كل تسليمتين يستريحون وقتا فمسيت تراويح من أجل استراحتهم.

س: مسألة متابعة المأموم للإمام في النظر في المصحف عند القراءة بحجة إصلاح الخطأ الذي قد يقع من الإمام أو الفهم والتدبر لما يقرأ زيادة للخشوع، رأيكم في ذلك؟

ج: لا أعلم في هذا أصلا، والأظهر أنه يخشع ويطمئن ولا يأخذ مصحفا بل يضع يمينه على شماله كما هو السنة يضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد يضعهما على صدره الأرجح والأفضل ليخشع، وأخذه المصحف يشغله عن هذه السنن، ثم قد يشغل قلبه وبصره في مراجعة الصفحات والآيات وعن سماع الإمام، فالذي أرى أن ترك ذلك هو السنة وأن يستمع وينصت ولا يستعمل المصحف، فإن كان عنده علم فتح على إمامه وإلا فتح غيره من الناس، ثم لو قدر أن الإمام غلط ولم يفتح عليه ما يضر ذلك في غير الفاتحة إنما يضر في الفاتحة خاصة، أما الفاتحة فهي ركن لا بد منه، لكن لو ترك بعض الآيات في غير الفاتحة ما ضره ذلك إذا لم يكن وراءه من ينبهه.

س: لكن إذا لم يكن هنالك من المأمومين حافظ واختار الإمام رجلا يفتح المصحف؟

ج: هذا أسهل لو كان واحدا أسهل، إذا كان واحدا يفتح على إمامه فلعل هذا لا بأس به، أما كل واحد يأخذ مصحف فهذا خلاف السنة.

س: مسألة أيضا القراءة من المصحف للإمام الذي لا يحفظ؟

ج: لا بأس بهذا على الراجح، فيه خلاف بين أهل العلم لكن الصحيح أنه لا حرج، فإذا قرأ من المصحف إذا كان يحفظ أو كان حفظه ضعيفا وقراءته من المصحف أنفع للناس وأنفع له فلا بأس بذلك، وقد ذكر البخاري رحمه الله تعليقا في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنه كان لها غلام ذكوان يصلي بها في الليل من المصحف، والأصل جواز هذا لكن أثر عائشة يؤيد ذلك.

س: إنما الأولى القراءة من الحافظ؟

ج: نعم إذا تيسر هو أولى لأن فيه أجمع ... وأجمع للقلب وأقل للعبث فالمصحف يحتاج إلى ...، وتفتيش الصفحات يصار إليه عند الحاجة، فإذا استغنى عنه فهو أفضل.

س: مسألة التجويد في صلاة التراويح والعناية بإخراج الحروف من مخارجها، بعض الأئمة أيضًا تكثر أخطاؤهم في القراءة ويلحنون أو لا يتمون التجويد على الوجه المشروع بسبب استعجالهم في إنهاء الصلاة، توجيهكم أحسن الله إليكم؟

ج: التجويد سنة من باب العناية بالقرآن وأدائه على الوجه الأكمل في التلاوة، والتجويد نقل من النبي ﷺ نقله القراء، وكونه يقرأ كما قرأ النبي ﷺ ويجود في إخراج الحروف على وجهها تفخيم المفخم وترقيق المرقق ومد المدود وعدم مد غير المدود وإدغام ما يدغم وإخفاء ما يخفى، كل هذا من باب تحسين القراءة وهو مطلوب ومستحب وليس بواجب، الواجب أن يقرأ كما يقرأ العرب ليس فيه تكلف، لكن إذا سار على الطريقة المعروفة في التجويد من دون تكلف ولا تلحين فإنه لا حرج في ذلك بل هو مستحب لما فيه من إحسان التلاوة وإجادة أداء الألفاظ ونفع المستمعين والحث والترغيب في خشوعهم واستفادتهم، فينبغي في هذا عدم التكلف لكن يتحرى القواعد المعروفة في تلاوته ولا يعجل ولا يطول تطويلا يعتبر تلحينا وتمطيطا لا حاجة إليه، بل يتحرى القواعد من دون زيادة سواء قرأ بالحدر أو بالترتيل لكن لا يعجل.

س: لكن أحسن الله إليك مسألة التجويد أليست هي قراءة القرآن بلغة العرب؟! وقول الشاطبي:

والأخذ بالتجويد حتم لازم من لم يجود القرآن آثم؟

ج: هذا كلام الجزري وليس بجيد، ولا أعلم عليه دليل، لكن يقال هذا من إحسان التلاوة ومن كمال التلاوة، أما أنه يلزمه أن يدغم ويظهر ويخفي ويرقق ويفخم هذا الذي يظهر أنه لا يلزم، إنما هو أفضل وأحسن وأكمل، لكن كونه محرم أن يقرأ المرقق مفخما والمفخم مرققا هذا محل نظر، ولا أعلم عليه دليلا.

س: يعني ينبغي الإمام أن يخرج الحروف من مخارجها؟

ج: يعتني بها ويخرجها من مخارجها ويعتني بها على ما قال أهل التجويد من دون تكلف.

س: مسألة العناية بالوقف والابتداء؟

ج: كل هذا حسن لأن الوقف والابتداء يعين على فهم المعاني.

س: أحسن الله إليك هناك ظاهرة وهي ظاهرة انتشار البكاء في صلاة التراويح وحيث تجد أن هنالك ارتفاع للبكاء في بعض الأحيان إلى حد مزعج، وما هو في رأيكم الذي ترونه؟

ج: لقد نصحت كثيرا من اتصل بي بالحذر من هذا الشيء، وأنه لا ينبغي لأن هذا يؤذي الناس ويشق عليهم ويشوش على المصلين وعلى القارئ، فالذي ينبغي للمؤمن أن يحرص على أن لا يسمع صوته بالبكاء وليحذر من الرياء، قد يجره الشيطان إلى الرياء فينبغي له أن لا يؤذي أحدا بصوته ولا يشوش عليهم، ومعلوم أن بعض الناس ليس ذلك باختياره بل يغلب عليه من غير قصد، وهذا معفو عنه إذا كان بغير اختياره، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه إذا قرأ يكون لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء. وجاء عن عمر أنه كان يسمع نشيجه من وراء الصفوف، وجاء في قصة أبي بكر أنه كان إذا قرأ لا يسمع الناس من البكاء، ولكن هذا ليس معناه أن يتعمد رفع صوته بالبكاء ويشوش على الناس، بل يغلبه البكاء من غير قصد، فإذا غلبه البكاء من غير قصد فليحرص ألا يشوش على الناس، وأن يكون بكاؤه خفيفا قليلا حتى لا يحصل به التشويش لا على الإمام ولا على غير الإمام مهما استطاع، وليحذر من الرياء في ذلك.

س: لكن الواقع أن بعض المصلين عندما لا يملك نفسه بالبكاء يؤثر على الآخرين فيتأثر المسجد كليا؟

ج: إذا كان بغير باختياره ما عليه شيء، معفو عنه والحمد لله، إذا زاد شيء وبكى من خشية الله ما عليه شيء.

س: أمر محمود؟

ج: أمر محمود وليس باختياره.

س: يعني بحيث أنه يكون معتدلا متوسطا؟

ج: يحرص ألا يرفع صوته مهما أمكن، وإذا غلب فهو معفو عنه.

س: لكن لو زاد الأمر وصار هنالك نوع من الإزعاج لأن بعض الناس قد لا يملك نفسه فتسمع له شهيق؟

ج: ما أعلم فيه شيء، إذا كان ما هو باختياره ما أعلم فيه شيء، إنما عليه الجهاد لنفسه والحرص على ألا يزعج أحدا وألا يكون قصده الرياء أو السمعة أو نحو ذلك، فإذا غلب من غير قصد سيئ بل أمر قهره الظاهر أنه لا حرج عليه، والغالب أنه لا يقهر على هذا، الغالب أنه يستطيع يجاهد نفسه ويتحفظ.

س: ثم أيضا بعض الأئمة من حرصهم على الجماعة يرددون آية الرحمة وآية العذاب مرات كثيرة بقصد أن يبكي نفسه ويتأثر ويبكي الناس، ما رأيكم في الترداد الكثير للآيات أربع مرات بعضها ثلاث مرات أقل أو أكثر؟

ج: لا أعلم في هذا بأسًا لقصد حث الناس على الخشوع والتدبر والاستفادة، قد روي عنه ﷺ أنه ردد قوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة: 118] رددها كثيرا عليه الصلاة والسلام، فالحاصل إذا كان لقصد صالح لا لقصد الرياء وإنما لقصد صالح وقصد خشوع قلبه وخشوع من وراءه فلا مانع من ذلك، لكن إذا كان يرى أن ترداده لذلك قد يزعجهم ويحصل به أصوات مزعجة فترك ذلك أولى حتى لا يحصل التشويش، أما إذا كان الترداد لا يترتب عليه إلا الخشوع والتدبر وإقبال على الصلاة فهذا كله خير، وأما إذا كان يترتب عليه مثل ما أشرت إليه إزعاج والناس لا ينضبطون فلعل ترك ذلك أولى.

س: أيضا يجر هذا إلى مسألة أن بعض الأئمة يبكون في الدعاء ولا يبكون في الصلاة في آيات الرحمة وآيات العذاب وغيرها؟

ج: هذا ليس باختيارهم، قد النفس تتحرك في الدعاء ولا تتحرك في بعض الآيات، لكن ينبغي له أن يعالج وأن يحرص على أن يخشع في قراءته أعظم مما يخشع في دعائه، فإن الخشوع في القراءة أهم، وإذا خشع في القراءة والدعاء كان كله طيب لأن الخشوع في الدعاء أيضا من أسباب الإجابة، لكن ينبغي له أن تكون عناية بالقراءة أكثر لأنه كلام الله فيه الهدى والنور، كان النبي ﷺ يتدبر ويتعقل، وهكذا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ويبكون عند تلاوته، ولهذا لما قال النبي ﷺ لعبدالله بن مسعود: اقرأ علي القرآن. قال عبدالله: كيف أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأ عليه أول سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [النساء: 41] قال: حسبك. قال ابن مسعود : فالتفت إليه أو قال: فرفعت رأسي إليه فإذا عيناه تذرفان" يعني: يبكي، وظاهره أنه بكاء ليس فيه صوت، فإنما عرف ذلك بفعل الدمع، فدل على أنه ﷺ يبكي لكن من دون صوت مزعج، كذلك حديث عبدالله بن الشخير أنه سمع لصوته أزيزا كأزيز المرجل من البكاء، يعني النبي ﷺ، هذا يدل على أنه قد يحصل له صوت لكن ليس بمزعج.

س: يعني في هذا مسألة البكاء بالنسبة للإمام أن يكون في القراءة في قراءة القرآن أولى من الدعاء؟

ج: لا شك أن كلام الله أولى، وإن كان في الدعاء من أسباب الإجابة أيضا لكن الأمور ما هي على يد الإنسان الأمور ليس بيده بيد الله، وقد يخشع عند هذا ولا يخشع عند هذا، القلوب بيد الله هو الذي يجعل فيها ما يجعل من الخشوع عند وجود الأسباب، لكن المؤمن يتحرى الأسباب ويجاهد نفسه لعله يخشع، لعله يبكي عند قراءته لكلام الله .

س: مسألة التكلف بالبكاء بالنسبة للإمام وما ورد في السنة من الأمر بالتباكي، ثبوت ذلك عفا الله عنك؟

ج: ورد في بعض الأحاديث: إن لم تبكوا فتباكوا لكن لا أعرف صحته، رواه أحمد وجماعة لكن لا أذكر الآن صحة الزيادة فيه إن لم تبكوا فتباكوا إلا أنه مشهور أيضًا على ألسنة العلماء، ولكن يحتاج إلى مزيد عناية لأني لا أذكر الآن حال سنده.

س: التكلف إذًا بالنسبة لبكاء الإمام لا ينبغي أن يتكلف البكاء مثلا؟

ج: الأظهر عدم التكلف، الأظهر أنه لا يتكلف بل متى حصل البكاء فليجاهد نفسه ألا يزعج الناس ويكون بكاء خفيف ليس فيه إزعاج لأحد حسب الطاقة وحسب الإمكان.

س: ربما يكون هنالك بعض الناس يتأثر أو قد يصطنع التأثر فيكون هنالك خشوع غير صادق؟

ج: مثل ما تقدم، هذا ينبني على ثبوت التباكي، إن ثبتت فلا بأس وإلا ما يظهر لي الآن ثبوتها، ويغلب على ظني أن في السند شيء من الكلام، ولعلنا نراجعه إن شاء الله.

س: هنالك أيضا ما يتعلق بالآيات الأخرى مثل الآيات التي تتحدث عن صفات الله ، هل ينبغي تردادها، وهل يكون عندها البكاء أم أنه لم ينقل عن النبي ﷺ إلا فيما يتعلق بآيات الجنة والنار والوعد والوعيد؟

ج: ما أعلم في هذا شيئا مفصلا، الذي نقل عن النبي ﷺ ما فيه تفصيل فيما نعلم، قد يكون بكاؤه عند هذا وعند هذا، وآيات الصفات لا شك أنها مما يؤثر البكاء لأنه يتذكر عظمة الله وعظيم إحسانه فيبكي، مثل قوله جل وعلا: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا الآية [الأعراف: 54]، فإنه إذا تدبرها هذا مما يسبب البكاء من خشية الله جل وعلا، وهكذا ما أشبهها من الآيات هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ۝ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ [الحشر: 22-23] إلى آخر السورة، كل هذه الآيات مما تسبب البكاء بتذكر عظمة الله وكمال أسمائه وكمال إحسانه إلى عباده وكمال معاني هذه الصفات فيؤثر عليه بما يسبب البكاء، فالتدبر للآيات التي فيها أسماء الله وصفاته مهم جدا كتدبر الآيات التي فيها الجنة والنار وفيها ذكر الرحمة والعذاب، وكان النبي ﷺ إذا مرت به آية التسبيح سبح في صلاة الليل، وإذا مرت به آية الوعيد استعاذ، وإذا مرت به آيات الوعد دعا، روى ذلك حذيفة عنه عليه الصلاة والسلام، هذا من فعله ﷺ ومن سنته الدعاء عند آيات الرجاء، والتعوذ عند آيات الخوف، والتسبيح عند آيات أسماء الله وصفاته.

س: أيضا مسألة رفع الأصوات في المساجد، هنالك سماعات كبيرة من خارج المسجد يؤدي هذا التشويش على بعض المساجد الأخرى، وبعض الأئمة هداهم الله أيضا يتحمسون لهذا الموضوع ولا يرضون بإقفالها برغم أن هنالك إزعاج لبعض النساء أو بعض الأطفال في البيوت المجاورة للمسجد أو على المساجد الأخرى، لو كان هناك توجيه من سماحتكم؟

ج: قد سبق في هذا بحث مع الأوقاف وصدر في ذلك تعليمات، والذي ينبغي لأهل المسجد ألا يزعج بعضهم بعضا من دون السماعات التي تنفع الناس في الطرقات حتى يدخلوا المساجد وحتى يستفيدوا من سماع المواعظ هذا شيء مطلوب، وهكذا الجيران يستفيدون من المواعظ هذا المطلوب، لكن إذا كانت المساجد متقاربة ويزعج بعضهم بعضا فالأولى قفلها عند الصلاة حتى لا يزعج بعضهم بعضا في الصلاة لأنه .... لكن إذا كانت المساجد متقاربة يزعج بعضهم بعضا فالأولى قفلها عند الصلاة حتى لا يزعج بعضهم بعضا في الصلاة لأنه يسمع من في الداخل، أما عند سماع المواعظ والدروس فينبغي فتحها حتى يستفيد الناس، لكن إذا تقاربت تقفل يعني المكبرات الخارجية، تقفل حتى يكون السماع لمن في الداخل من جهة التكبيرات التسميع لأن قد يشوش على المسجد الآخر والذي حوله إذا كان قريبا، وهذا صدر فيه تعليم من الأوقاف وعمم على الأئمة.

س: لكن إذا اشتكى بعض الجيران من أن الصوت مزعج، هل ينبغي إقفال مثل هذه المكبرات، والمسألة تكون مثلا تقدر في كل موقع بحسبه؟

ج: هذا يحتاج إلى نظر فإنه تراعى فيه المصالح، فإن كانت المصلحة أكبر في قفلها قفلت، وإذا كانت المصلحة في بقائها أعظم تركت، فقد يكون قفلها يضر المارة ويضر الناس الذين يريدون الفائدة، تخفى عليهم المساجد ويخفى عليهم وقت الصلاة ففي المكبرات مصالح للمارين بالطرقات ولمن حولهم من البيوت حتى يستفيدوا، وكون بعض البيوت قد يتضرر أو يستيقظ صبيته هذا أمره سهل، قاعدة أن المضار الجزئية تغتفر بجنب المصالح العامة، فإذا كانت المصلحة الكبرى في فتحها فتحت وإذا كانت المصلحة في قفلها قفلت، ينبغي أن يراعي هذا الإمام يراعي مسجده ومحل مسجده وحاجة الناس إلى قفلها أو فتحها، هذا يختلف بحسب حال المساجد وما حولها.

س: سؤال حول مسألة التغني بالقرآن وهل ما هو التحبير في القراءة؟

ج: هذا جاءت به السنة الحث على التغني بالقرآن لتحسين صوته ما هو معناه يأتي ... لا، معناه تحسين الصوت يتغنى يحسن صوته، وفي الحديث الصحيح: ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به أو كما قال عليه الصلاة والسلام وفي الحديث: ليس منا من لم يتغن بالقرآن يجهر به معناها التحسين تحسين الصوت بذلك، ومعنى ما أذن الله ما استمع الله كأذنه كاستماعه، وهذا شيء يليق بالله، استماع يليق بالله لا يشابه خلقه مثل سائر الصفات، يقال في استماعه سبحانه وأذنه مثل ما يقال في بقية الصفات على الوجه اللائق بالله لا شبيه له لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] والتغني الجهر به مع تحسين الصوت والخشوع فيه حتى يحرّك القلوب، لأن المقصود تحريك القلوب بهذا القرآن حتى تخشع، حتى تطمئن، حتى تستفيد، ومن هذا قصة أبي موسى الأشعري لما مر عليه النبي ﷺ وهو يقرأ فجعل يستمع له عليه الصلاة والسلام، فقال: لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود فلما جاء أبو موسى أخبره النبي ﷺ فقال أبو موسى: لو علمت أنك يا رسول الله أنك تستمع لي لحبرته لك تحبيرا، ولم ينكر عليه النبي ﷺ ذلك، فدل على أن تحبير الصوت وتحسين الصوت والعناية بالقراءة أمر مطلوب ليخشع القارئ ويخشع المستمع ويستفيد هذا وهذا.

س: هنالك بعض الآثار في أنه يأتي في آخر الزمان من يتغنى بالقرآن كتغني الفساق رأيكم في صحته؟

ج: ما أعرف شيئا في هذا، لا أذكر شيئا في هذا، لكن في قصة الخوارج المعروفة يأتي في آخر الزمان أقوام حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون بقول خير البرية، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وقراءته مع قراءتهم، يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون إليه هذا من عمل الخوارج، فهم يجيدون القراءة ويحسنونها ويحسنون الصلاة والصيام حتى يحقر المؤمن صلاته مع صلاتهم، وقراءته مع قراءتهم، لكن أهل بدع قد يصنعونه رياء وقد يصنعونه تكلفا منهم ... منهم يدعون أنهم بهذا فاقوا من قبلهم، وأنهم أحسن ممن قبلهم، فلهذا حذر منهم النبي ﷺ قال: أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجر لمن قتلهم. والمقصود أن الخوارج عندهم تكلف وعندهم زيادة تنطع وابتداع فلهذا حذر منهم النبي ﷺ.

س: شهر القرآن وهو شهر مضان هنالك من الناس من يقرأ القرآن عدة مرات، ما هو السنة التي ينبغي للمسلم أن يقرأ فيها القرآن الحد الأدنى؟

ج: ما في حد محدود إلا أن الأفضل ألا يقرأ في أقل من ثلاث كما في حديث عبدالله بن عمرو لا يفقه من قرأ في أقل من ثلاث الأفضل له أن يتحرى في قراءته الخشوع والترتيل والتدبر، ليس المقصود العجلة، المقصود أن يستفيد فينبغي الإكثار من القراءة في رمضان كما فعل السلف ، ولكن مع التدبر والتعقل، فإن ختم في كل ثلاث فحسن، بعض السلف قال: إنه يستثنى من ذلك أوقات الفضائل، وأنه لا بأس أن يختم في كل ليلة أو في كل يوم كما ذكروه عن الشافعي وعن غيره، ولكن ظاهر السنة أنه لا فرق بين رمضان وغيره، وأنه ينبغي له ألا يعجل وأن يطمئن في قراءته وأن يرتل كما أمر النبي ﷺ بذلك عبدالله بن عمرو وقال: اقرأه في سبع هذا آخر ما أمره به، وقال: لا يفقه من قرأ في أقل من ثلاث ولم يقل إلا في رمضان، فحمل بعض السلف هذا على غير رمضان محل نظر، والأقرب والله أعلم أنه يعتني بالقراءة ويجتهد في إحسانه لقراءته وتدبر القرآن والعناية بالمعاني وألا يعجل، والأفضل ألا يختم في أقل من ثلاث هذا هو الذي ينبغي حسب ما جاءت به السنة ...

س: هنالك أيضًا أصحاب التسجيلات جزاهم الله خيرا يقومون بتسجيل القرآن الكريم من صلاة التراويح مع الأئمة وتحدث بعض الأخطاء مثل الإمام يخل في بعض الآيات توجد في الأشرطة تكبيرات وأصوات وأشياء هل من نصيحة لمثل هؤلاء؟

ج: نعم إذا كان في التسجيلات غلط ينبغي أن يشيعوها، ينبغي أن يمسحوها بقراءة أخرى سليمة ولا ينشروا تسجيلات فيها خلل من جهة التكبيرات أو قراءة فيها أغلاط أو ما أشبه ذلك أو تكبيرات تشوش عند التسجيل من مسجد إلى مسجد أو من إمام إلى إمام، المقصود ينبغي لهم في مثل هذا أن ينشروا بين الناس ما كان سليما، فإذا وجد في التسجيل غلط فينبغي أن يمحوه ويسجلوا من نفس الإمام أو غيره ما هو سليم.

س: يعني ترون أهمية العناية بمسألة مثل هذه الأشرطة؟

ج: لا شك أن هذا لازم وواجب، ولاسيما إذا كان في القراءة غلط إما بإسقاط آيات أو تحريف، لا يجوز لهم نشرها بل ينبغي لهم أن يعيدوا ... مع الإمام إذا تيسر أو مع غيره ممن هو يجيد القراءة وحسن الصوت يسجل قراءة سليمة.

س: هنالك سؤال أيضا يتعلق بمسألة تحديد الكف على من يصلي بالناس إذا حدد مبلغا معينا خاصة أنه يذهب إلى مكان بعيد يصلي بهم فيطالب مساعدة معينة؟

ج: التحديد ما ينبغي كرهه جمع من السلف، ينبغي ألا يحدد، فإذا ساعدوه بشيء غير محدد يكون أولى وإلا الصلاة صحيحة ما في شيء إن شاء الله لو حدد، لكن ينبغي ألا يفعل ذلك، ينبغي أن تكون المساعدة ما فيها مشارطة، هذا هو الأفضل والأحوط كما قاله جمع من السلف رحمة الله عليهم، وقد يستأنس لذلك بحديث: واتخذوا مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا إذا كان في المؤذن فكيف بالإمام! المقصود أن المشارطة غير لائقة، لكن إذا ساعدوه ساعده الجماعة على أجرة السيارة التكاسي فهذا حسن ومن دون مشارطة.

س: في مسألة الدعاء في صلاة الوتر هل ينبغي الالتزام بقراءة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ  والإخلاص؟

ج: هذا هو الأفضل، هذا هو الأفضل لكن إذا ترك بعض الأحيان ليعلم الناس أنه ليس بواجب فحسن، وإلا فالأفضل التأسي بالنبي ﷺ كان يقرأ بسبح والكافرون وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ في الثلاثة، لكن إذا تركها الإنسان بعض الأحيان ليعلم الناس أنه ليس بلازم مثل ما قال بعض السلف في ترك سورة السجدة وهل أتى على الإنسان في بعض الأحيان في صلاة الفجر يوم الجمعة من باب إشعار الناس أنها ليس بلازم وإلا فالسنة قراءتهما في كل جمعة، لكن إذا تركها الإمام بعض الأحيان في الشهرين مرة، في السنة مرة ليعلم الناس أن هذا ليس بواجب فهذا لا بأس مثل لو ترك سبح والكافرون و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ في الثلاث في الوتر ليعلم الناس أنها ليست بواجبة، هذا لا بأس به إن شاء الله، لكن الأفضل أن يكثر من ذلك ويكون الغالب عليه.

س: ما ورد من قراءة السور الأخيرة من القرآن في الثلاث ركعات الأخيرة؟

ج: ضعيف، المحفوظ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقط.

س: بعض الأئمة يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ثم يأتي بركعة الوتر بـ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ؟

ج: الحديث ضعيف، الذي أعرف فيه ضعيف، المحفوظ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقط.

س: حديث عائشة هذا وجه الضعف فيه؟

ج: لا أذكر الآن لكن سنده ضعيف، لكن ما أذكر الآن أسباب الضعف.

س: سؤال يتعلق بمسألة الختمة -ختم القرآن الكريم- لأن الناس يهتمون بموضوع الختمة ومدى مشروعيته يتكرر السؤال في كل عام؟

ج: ... يختمون القرآن ويقرؤون دعاء الختم في صلاة رمضان، ولا أعلم في هذا نزاعا بينهم ... مثل هذا أنه يقرأ لكن لا يطول على الناس، يتحرى الدعوات المفيدة الجامعة مثل ما قالت عائشة رضي الله عنها "كان النبي ﷺ يستحب جوامع الدعاء ويدع ما سوى ذلك"، فالأفضل للإمام في ختم القرآن وفي القنوت تحري الكلمات الجامعة وعدم التطويل على الناس، يقرأ: اللهم اهدنا فيمن هديت الذي ورد في حديث الحسن في القنوت، ويأتي معه ما تيسر من الدعوات الطيبة كما دعا عمر، ولا يتكلف ولا يطول على الناس ويشق عليهم، وهكذا في دعاء ختم القرآن يدعو بما تيسر من الدعوات الجامعات، يبدأ ذلك بحمد الله والصلاة على النبي ﷺ ويختم بما تيسر من صلاة الليل وفي الوتر ولا يطول على الناس تطويلا يضرهم ويشق عليهم، وهذا معروف عن السلف تلقاه الخلف عن السلف، وهكذا كان مشايخنا مع تحريهم للسنة وعنايتهم بالسنة يفعلون ذلك، تلقاه آخرهم عن أولهم وأئمة الدعوة ممن يتحرى السنة ويحرص عليها، فالحاصل أن هذا لا بأس به إن شاء الله ولا حرج فيه، بل هو مستحب لما فيه من تحري إجابة الدعاء بعد تلاوة كتاب الله ، وكان أنس إذا أكمل القرآن جمع أهله ودعا في خارج الصلاة، أما في الصلاة فلا أحفظ عنه شيئا في ذلك ولا عن غيره من السلف، لكن ما دام يفعله في خارج الصلاة فهكذا في الصلاة الباب واحد لأن الدعاء مشروع في الصلاة، جنس الدعاء مما يشرع في الصلاة ...

س: مع عناية السلف رحمهم الله في اتباع هدي المصطفى ﷺ لكن هل نقل نص بالقول عند كل ختمة دعوة مستجابة؟

ج: لا أذكر شيئا في هذا.

س: لأن هذا الباب إذا قيل مثلا هذا هدي السلف. ولم يكن منطلقا من نص من القرآن أو السنة ربما يفتح أيضا بابا آخر؟

ج: هذا من جنس إجماع السلف، مما نقل عن الصحابة ومن بعدهم ومن جنس الإجماعات التي درج عليها السلف الصالح، والمسلمون لا يجمعون على باطل، فإذا كانت هذه الصفة قد درج عليها سلف الأمة من عهد الصحابة ولم يعرف لها منكر ...، ومعلوم أن الدعاء في الصلاة مطلوب عند قراءة آية الدعاء وعند آية العذاب وآية الرجاء، فيدعو الإنسان عندها كما فعل النبي ﷺ في صلاة الليل، فهذا من ذلك مشروع عند الجميع الدعاء بعد ختم القرآن، إنما الكلام إذا كان في داخل الصلاة، أما في خارجها فلا أعلم النهي في ذلك، إنما مستحب الدعاء بعد ختم القرآن في خارج الصلاة، لكن في الصلاة هو الذي يحصل به الإثارة الآن والبحث، فلا أعلم عن السلف أن أحدا أنكر هذا في داخل الصلاة كما أني لا أعلم من أنكره خارج الصلاة، فهذا هو الذي يعتمد عليه أنه أمر معلوم عند السلف قد درج عليه أولهم وآخرهم، فمن قال إنه منكر فعليه الدليل، ليس على من فعل، ما فعله السلف دليل على من أنكره، وقال: إنه منكر أو أنه بدعة، هذا ما درج عليه سلف الأمة وساروا عليه وتلقاه خلفهم عن سلفهم، وفيهم العلماء والأخيار والمحدثون، وجنس الدعاء في الصلاة معروف عن النبي ﷺ في صلاة الليل، فينبغي أن يكون هذا ...

س: هل ينبغي أن يكون بعد الرفع من ركعة الوتر بحيث يصاحب دعاء القنوت؟

ج: لا، الأفضل بعدما يقرأ المعوذتين، إذا كمل القرآن يدعو سواء في الركعة الأولى أو في الثانية أو في الأخيرة، بعدما يكمل قراءة القرآن يبدأ يدعو بما تيسر في أي وقت من الصلاة في الأولى منها أو في الوسط أو في الآخر، أو إذا ختم قرأ المعوذتين في آخر ركعة في آخر ركعة الوتر، كل ذلك لا بأس به، المهم أنه عند قراءة آخر القرآن.

س: الدعاء ولو طال؟

ج: لا، السنة ألا يطول السنة، أن يقتصر ولا يطول على الناس، السنة أن تكون الدعوات محدودة ليس فيها إطالة تشق على الناس لا في قنوت الوتر ولا في دعاء ختم القرآن، السنة للإمام أن يتحرى الاقتصار والدعوات الجامعة وألا يشق على الناس.

س: لكن هذا الدعاء يكون في الصلاة قبل الركوع مثلا؟ قد لا يكون في محله من حيث أنه لم يشرع في الصلوات من جنس هذا الدعاء؟

ج: لا، قد ثبت أن النبي ﷺ قنت قبل الركوع وقنت بعد الركوع، والأكثر أنه قنت بعد الركوع.

س: قنوت الوتر أحسن الله إليك؟

ج: هذا من جنسه دعاء ختم القرآن، من أسباب ... أسباب قراءته القرآن وانتهائه من ختم القرآن شيء عنده سبب يشرع كما أن الوتر يشرع فيه القنوت ... والركعة الأخيرة بعد يرفع من الركوع لفعل النبي عليه الصلاة والسلام، وأسباب الدعاء في ختم القرآن هو نهايته، فهي نعمة عظيمة أنعم الله بها على العبد، فهو أنهى كتاب الله وأكمله، فمن هذه النعمة أن يدعو الله أن ينفعه بهدى كتابه وأن يجعله من أهله وأن يعينه على ذكره وشكره، وأن يصلح قلبه وعمله لأنه بعد عمل صالح كما يدعو في آخر الصلاة بعد نهايتها من دعوات عظيمة قبل أن يسلم، بعد أن منّ الله عليه بإكمال الصلاة وإنهائها، وهكذا في الوتر يدعو في القنوت بعد إنهاء الصلاة وإكمالها.

س: لكن المسألة الآن صار هناك أيضا اهتمام بالختمة وانتقال الناس من مسجد إلى مسجد لتتبع هذه الختمات وحرصا عليها ويزداد البكاء فيها، بعض الأئمة لا يبكي إلا في ليلة الختمة؟

ج: هذا رجاء قبول الدعاء، لأن الله جل وعلا قد وعد بالإجابة وقد يجاب هذا ولا يجاب هذا، فالذي ينتقل بين المساجد إذا كان قصده خيرا، قصده لعله يدخل في هؤلاء المستجاب لهم يرجو أن الله يجيبهم ويكون معهم.

س: يعني ترونه أنه لا بأس أن ... ؟

ج: إذا كان لقصد صالح ونية صالحة.

س: وتتبع الختمات؟

ج: ما أعلم فيه شيئا إذا كان لقصد صالح رجاء أن ينفعه الله بذلك وأن يقبل دعاءه وهو معهم.

س: والسفر كذلك إلى مكة والمدينة؟

ج: قربة وطاعة، السفر إلى مكة والمدينة للعمرة أو للصلاة في المسجد الحرام هذا قربة، ما فيه شيء في رمضان وفي غيره قرية عظيمة بإجماع المسلمين، ولا حرج في هذا.

س: قصدي يعني مسألة الحرص على حضور الختمة في أحد الحرمين؟

ج: ولو، لأن حضور الختمة ضمن الصلاة في الحرمين وقد يكون معه عمرة، فهو خير يجر إلى خير.

س: هنالك أيضا مسألة سؤال يتعلق بالدعاء قبل الركوع في القنوت، هل ينبغي للإمام أن يخير مرة ومرة؟

ج: الأفضل يتحرى الأدعية المناسبة الجامعة، لكن يدعو بما علمه النبي ﷺ الحسن ويزيد عليه إن تيسر اللهم اهدنا فيمن هديت إلى آخره، يدعو بما تيسر من الدعوات الجامعة كما زاد عمر: "اللهم إنا نستعينك ونستهديك" إلى آخره.

س: يعني لو أتى بأدعية من جوامع الدعاء؟

ج: لا بأس.

س: لا يطيل؟

ج: وسط، ليس فيه إطالة ولا مشقة على الناس.

س: الملاحظ عدم البدء بحمد الله والاستعانة به والثناء به بل يبدأ بقول بالدعاء المأثور اللهم اهدنا فيمن هديت إلى آخره، وإذا بدأ الإمام بالحمد والثناء استغرب بعض الناس ذلك فما ترون في هذا الأمر؟

ج: لم يبلغني عن النبي ﷺ ولا عن أحد من الصحابة أنهم كانوا يبدؤون في دعاء القنوت بالحمد والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، والذي جاء في حديث الحسن بن علي أن النبي ﷺ علمه أن يقول في قنوته: اللهم اهدنا فيمن هديت إلى آخره، ولم يذكر فيه أنه علمه أن يحمد الله ويصلي على النبي ﷺ، ثم يقول: اللهم اهدني، لكن من حيث الأصل قد ثبت عنه ﷺ أنه بدأ الدعاء بالحمد والصلاة على النبي ﷺ كحديث دعاء الحاجة الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ... الحديث، وكحديث فضالة بن عبيد أن النبي ﷺ سمع رجلا يدعو في صلاته ولم يحمد الله ولم يصل على النبي ﷺ فقال: عجل هذا ثم قال: إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ثم يصلي على النبي ﷺ ثم يدعو بما يشاء فهذا الحديث وما جاء في معناه يدل على شرعية البدء بالحمد والثناء على الله والصلاة على النبي ﷺ ثم الدعاء، ولكن يرد على هذا أن العبادات توقيفية وأنه لا يشرع فيها إلا ما شرعه الله، فالقول أنه يشرع للداعي أن يبدأ بالحمد والصلاة على النبي ﷺ يحتاج إلى دليل واضح خاص، لأنه يوجد أدعية جاء بها النبي ﷺ وليس فيها الحمد والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام مثل دعائه في السجود، وإن كانت الصلاة على النبي ﷺ أمرا مشروعا، وهو من الدعاء أيضا، لكن لم يبلغنا أنه جاء بشيء من الأحاديث أنه قال في السجود: ليحمد الله وليصل على النبي، مع أنه قال عليه الصلاة والسلام: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء، وقال عليه الصلاة والسلام: وأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم يعني حري أن يستجاب لكم، ولم يذكر في الحديثين الحمد والصلاة على النبي ﷺ في هذا المقام، وهكذا في دعائه بين السجدتين، فالذي يدعو بين السجدتين: رب اغفر لي، رب اغفر لي، وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه دعا بقوله: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني ولم يذكر في الرواية أنه حمد الله وصلى على النبي ﷺ في هذا الدعاء، فيظهر من هذا أن استحباب الحمد والثناء في أول الدعاء والصلاة على النبي ﷺ هذا هو الأصل في الدعاء الذي يدعو به الإنسان، لكن الدعوات المنقولة التي نقلت عن النبي ﷺ ولم ينقل فيها الحمد والثناء في أمامها، فالأظهر أنها يؤتى بها على ما نقل، وألا تبدأ بالحمد والثناء والصلاة على النبي ﷺ لأن ذلك لم يرد في النص، ولو بدأ الإنسان بحمد الله والصلاة على النبي ﷺ ما نعلم بهذا بأسًا عملا بالأصل، ولكني لا أعلم أن أحدا نقله عن النبي ﷺ ولا عن الصحابة في دعاء القنوت، فالأفضل عندي والأقرب عندي أنه يبدأ فيه بالدعاء اللهم اهدنا فيمن هديت كما نقل، وقد أدركنا مشايخنا رحمهم الله هكذا يبدؤون بدعاء القنوت بهذا الدعاء اللهم اهدنا فيمن هديت في رمضان، ولم أعلم ممن يروى هذا عن أحد من أهل العلم أو من الصحابة وهم أفضل الخلق بعد الأنبياء ما أعلم أن أحدا بدأ القنوت بالحمد والصلاة على النبي ﷺ، ولو وجد شيئا يدل على ذلك فمن حفظ حجة على من لم يحفظ، والله ولي التوفيق.

س: كذلك هنالك أدعية فيها ثناء وتمجيد لله تبارك وتعالى ومعناها صحيح لكنها لم تنقل ... سنة؟

ج: لا بأس أن يدعو الإنسان بما تيسر من الدعوات وإن لم تنقل، إذا كانت الدعوات صحيحة فلا بأس بالدعاء بها وإن لم تنقل، ليس من شرط الدعاء أن يكون دعاء منقولا، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام لما علم ابن مسعود دعاء التشهد قال: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو لم يحدد، وفي اللفظ الآخر: ثم ليختر من المسألة ما شاء، وفي الحديث الصحيح يقول ﷺ: ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثل ذلك. قالوا: يا رسول الله إذًا نكثر. قال: الله أكثر ... فدل ذلك على أن الأمر واسع أن الإنسان يختار من الدعوات ما يراه مناسبا لحاجته، والحاجات تختلف، فالذي مثلا في حاجة إلى المال يقول: اللهم ارزقني رزقا طيبا، اللهم إني بحاجة لمال حلال، والذي في حاجة إلى الزواج يقول: اللهم يسر لي الزواج، اللهم أعني على أمر الزواج، اللهم يسر لي زوجة صالحة، والذي يحتاج إلى الذرية يقول: اللهم هب من لدنك ذرية طيبة، اللهم يسر لي ذرية طيبة، والذي في حاجة إلى المسكن يقول: اللهم يسر لي مسكنا صالحا، والذي في حاجة إلى مسائل أخرى بما يناسب تلك المسائل التي يحتاجها، والأمر في هذا واسع والحمد لله.

س: لكن العناية بالمأثور عن الرسول عليه الصلاة والسلام ينبغي أن يكون؟

ج: الدعاء المأثور أفضل، كونه يعتني به الإنسان ويدعو به هذا أفضل، لكن الحاجات الأخرى التي تعرض له يدعو فيها بما يناسبه.

س: السجع في الدعاء غير المأثور هذا الذي قد يتكلف فيه فيكون هناك توسع في بيان أمر، إذا دعا طلب الجنة توسع في صفاتها من باب الترقيق، أو كذلك الاستعاذة من النار صار يصورها من باب التحذير؟

ج: ما أعلم في هذا شيئا إذا كان ليس فيه تكلف، لكن سجعا ليس متكلف، المتكلف لا ينبغي، ولهذا ذم النبي ﷺ من سجع وقال: هذا سجع كسجع الكهان في حديث .... النابغة الهذلي، لكن إذا كان سجعا غير متكلف فقد وقع في كلام النبي ﷺ وكلام الأخيار، فالسجع غير المتكلف لا حرج فيه والتكرار الدعوات ... الجنة أو النار بالترقيق، والحديث الطويل لا نعلم فيه بأسا.

س: الدعاء المأثور إذا ورد بصيغة المفرد، هل يدعو الإمام به كما هو أو يأتي به بصيغة الجمع؟

ج: يدعو بصيغة الجمع: اللهم اهدني فيمن هديت هذا واحد، إذا كان إمام يقول: اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم أنجنا من النار، اللهم أدخلنا الجنة، اللهم يسر أمورنا، أشباه ذلك يدعو لنفسه ويدعو للمأمومين.

س: مثل أيضا دعاء سيد الاستغفار إذا كان للمرأة اللهم أنت ربي وأنا عبدك؟

ج: الظاهر إذا دعت بهذا ... ما في مانع لأنها عبد من عباد الله يتجوز فيها ... العبد، فالأمر في هذا واسع، فإذا قالت: وأنا أمتك بدل عبدك ما في شيء، حسن من باب الرواية بالمعنى، اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك، إذا قالت: خلقتني وأنا أمتك هذا ليس فيه شيء، وإن قالت: وأنا عبدك يعني أنها أمته فلا حرج فيه، يعني حرصا على لفظ النبي ﷺ الاقتصار على الوارد.

س: أيضا هناك آيات قرآنية هي بصيغة الدعاء الإتيان بها وذكرها في الصلوات؟

ج: إذا كان عن قصد الدعاء رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201]، رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا [آل عمران: 8]، رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286] إذا أتى بها على سبيل الدعاء لا بأس حتى في السجود.

س: إذا مثلا بدأ الشخص مع الإمام المصلي ثم بعدما انتهى الإمام من ركعة الوتر قام هو بتكميل ركعة أخرى حتى يواصل فيما بعد في آخر الليل، فهل يعتبر هذا من باب من قام مع الإمام في ليلته؟

ج: ما نعلم فيه ... ولا حرج فيه حتى يكون وتره في آخر الليل، وهو يصدق عليه أنه قام مع الإمام حتى ينصرف، لأنه قام معه حتى انصرف الإمام وزاد ركعة لمصلحة شرعية حتى يكون وتره آخر الليل فلا بأس بهذا، ولا يخرج به عن كونه ما قام مع الإمام بل هو قام مع الإمام حتى انصرف، لكنه لم ينصرف معه بل تأخر قليلا.

س: بعض الأئمة جزاهم الله خيرا يسرعون في ختم القرآن في وسط العشر الأواخر ليقوم بالذهاب إلى مكة والقيام بالعمرة في رمضان، وقد يوكل على الجماعة إماما آخر، ماذا ترون في هذا هل يكمل الإمام الصلاة في مسجده حتى نهاية الشهر أم ترون التوسع في ذلك؟

ج: الذي يظهر لي التوسعة في هذا وعدم التشديد ولاسيما إذا تيسر نائب صالح يكون في قراءته وصلاته مثل الإمام أو أحسن من الإمام، فالأمر في هذا واسع جدا، المقصود يختار لهم إماما صالحا ذا صوت حسن وقراءة حسنة والحمد لله، أما كونه يعجل في صلاته ويعجل في ختمته فيشق عليهم من أجل العمرة ما ينبغي له هذا، ينبغي له أن يصلي صلاة راكدة فيها الطمأنينة وفيها الخشوع ويقرأ قراءة لا تشق عليهم ولو لم يعتمر، ولو لم يختم أيضا، إذا كان ولا بد من عمرة فلا يعجل ولا يشق عليهم من أجل سفره ولو لم يختم، أو بإمكانه مثلما تقدم أن يلتمس نائبا صالحا يكمل بهم، والحمد لله.

س: بعض الناس يشدد يقول: أن هذا الإمام مكلف ومسؤول، ولا ينبغي أن يترك الناس في المسجد الذي هو إمامه إلا لعذر شرعي؟

ج: الأظهر في هذا التسامح لأن المدة قصيرة يومان ثلاثة أيام مدة قصيرة، وقد جرت عادة المسلمين في الاستنابة ولا يضر ذلك، فإذا كان النائب صالحا لهذه النيابة في عدالته في قراءته مثل الإمام الأول أو أحسن منه فلا نعلم في هذا شيئا يمنعه، والاستنابة جائزة. وقد استناب النبي ﷺ كما لا يخفى الصديق، استناب أبا بكر الصديق يصلي بالناس، ولما تأخر في صلح بني عمرو بن عوف أمر بلال الصديق أن يؤم الناس فوافق الصديق، ولما تأخر النبي ﷺ في غزوة تبوك ذات يوم عن صلاة الصبح وهو يقضي حاجته طلب الناس من عبدالرحمن بن عوف أن يتقدم وصلى بهم صلاة الفجر، فجاء النبيُ وعبدالرحمن في الركعة الثانية فلم ينكر عليه النبي ﷺ بل صوبهم وحسّن فعلهم، وصلى مع عبدالرحمن الركعة الثانية ثم لما سلم عبدالرحمن قام فقضى ما عليه هو والمغيرة بن شعبة .

س: هنالك الآن أجهزة حديثة تضفي على صوت الإمام نوعا من فخامة الصوت وقوته بحيث أنها على أنواع، منها نوع يحسن الصوت بحيث كأن الإمام يقرأ في مكان واسع وكبير يظهر الصوت له أثر، وهنالك الصوت يعطي صدى يحصل تردد بحيث أن الكلمة تتردد بعد أن يقولها الإمام آية أو دعاء لها أثر، وهنالك تسجيل عند الإخوة على هذه الأنواع إن أحببتم أن تستمعوا إليها حتى تكون الصورة ظاهرة أو يكون هذا الموضوع ظاهر لديكم كما تحبون؟

ج: إذا كان فيه صدى فالصدى محل نظر، أما إذا كان يحسن الصوت من دون صدى فهذا طيب، فما حسن الصوت ونفع المسلمين فهو مطلوب، إذا كانت الآلة يحصل بها تحسين الصوت للإمام وترقيقه وتفخيمه على وجه ينفع الناس ويسبب رقة القلوب فهذا أمر مطلوب، أما الصدى فهذا هو محل النظر إذا كان لا يشوش على المصلين ولا يحصل به ارتباك لهم فيما يسمعون، بل يسمعون الشيء واضحا من دون اشتباه بقراءة الإمام في ركوعه وفي سجوده وفي جميع حالاته، لا يضر ولا يؤثر ولا يشوش فالأمر في هذا واسع والحمد لله إذا كان فيه نفع وفائدة للمأمومين من جهة أنه يرفع الصوت يحصل به يعني تبليغ الصوت بالمكبرات أو يحصل به تحسين الصوت وإن كان له صدى لا يؤذي.

س: موجود مع الإخوة الآن ... مستعملة في الأذن أو الأنف أو العين يصل طعمها إلى الحلق، فهل تفطر ومن مكوناتها الماء؟

ج: أما الأنف فلا يجوز التقطير فيه لأنه منفذ واضح، ولهذا قال ﷺ: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما فلا يقطر في الأنف في وقت الصوم لأنه يذهب إلى الحلق ...، أما العين فهذا أسهل، والأذن أسهل لكن في العين أصلح وأحوط، ولو فعل في النهار لا يفطر لكن إن وجد طعما له في الحلق ففيه الخلاف بين العلماء والقضاء أحوط، إذا قضى احتياطا حسن إذا وجد طعمه في الحلق، أما الأنف بكل حال لا يقطر بحال الصوم إلا لمرض يجيز الفطر، أما لمرض لا يجيز الفطر فلا يقطر فيه، يؤخره إلى الليل لأنه منفذ واضح من الأنف إلى الحلق بسرعة.

س: هنالك أيضا بعض البخاخات التي تستعمل من عنده ربو؟

ج: هذا للضرورة نفتي بأن لا حرج فيه ... واللجنة لا حرج فيه لأنه أمر ضروري وليس فيه ... الطعام والشراب فيضطر إليه، نفث يسير يضطر إليه لا بد منه حتى لو قلنا يفطر الصوم فهو محتاج إليه في كل وقت لا حيلة فيه، فالأقرب والأظهر أنه لا يفطر إن شاء الله.

س: مسألة استعمال معجون الأسنان؟

ج: ... يتمضمض يستعمل في شيء ... لا يضر ما دام لا يبتلعه ويلفظه لا يضر.

س: في مسألة أخذ الدم القليل بقصد التحليل أو الكثير بقصد التبرع أو حصل نزيف؟

ج: أما للتحليل فلا بأس، التحليل الصواب أنه لا يفطر الصائم كالإبر التي لتسكين الآلام والتنشيط في العرق أو في العضل كل هذه لا تفطر، وإنما التي تفطر الإبر التي يغذى بها المريض، وهكذا التحليل المعتاد لا يفطر لكن الشيء الذي يكون كثيرا لإسعاف بعض المرضى ببعض الدم فهذا إذا قضى احتياطا قياسا على الحجامة له وجه من باب الاحتياط، وإلا فالأصل أن إفطاره مما دخل لا مما خرج، هذا هو الأصل إلا ما استثني كالحيض ونحوه، نعم المقصود أن أخذ الدم من الإنسان للتحليل لا يضره ولا يبطل صومه، وهكذا أخذه للإسعاف الأصل فيه أنه لا يضر، لكن إذا قضاه المؤمن من باب الاحتياط وإلحاقا له بالحجامة وإن كان الأصل عدم القياس لكن من باب الحيطة وإلا فالأصل عدم القياس على الحجامة مع أن الخلاف في الحجامة معروف الجمهور يرون أن ... فيها منسوخ، وأنه لا يفطر الحاجم ولا المحجوم، ولكن الصحيح أن الحجامة تفطر، صحت الأحاديث فيها لكن لا يقاس عليها التحليل.

س: ترون أن حديث أفطر الحاجم والمحجوم حديث صحته؟

ج: صحيح نعم.

س: وما يعارضه من الأحاديث التي يقال بأنها ناسخة له؟

ج: الصحيح أنه هو الناسخ، وأما كون النبي ﷺ احتجم وهو صائم، هذا محمول على أحوال كما قال ابن القيم، إما أنه كان صائما صوم نافلة والمتنفل له أن يفطر إذا شاء، أو أنه كان في السفر والمسافر له أن يفطر أيضًا، أو أنه كان قبل النسخ إذا كانت الحجامة جائزة للصائم أو أنه كان مريضا والمريض له أن يتعاطى العلاج ويفطر.

س: موضوع الإبر لما يكون في نفس المادة ماء مكونة منه هذه الإبرة وإن لم تكن مغذية لكنها نوع من تسكين الآلام أو العلاج وفيها مياه بنسبة معينة، أليست في حكم الشراب؟

ج: الأظهر أنها ما هي في حكم الشراب لأنها من غير مدخل لا في العضل ولا في العروق وليست من جنس الأكل والشرب المعتاد ولا ينبغي التضييق في هذا على المسلمين .... فالأصل عدم الإفطار إلا بالشيء الواضح، فلا يلحق به ما ليس بواضح، والناس يحتاجون إلى هذا لتسكين الآلام ... في حال الصيام، فالأقرب فيها والله أعلم عدم الفطر أخذا بالأصل.

لكن لا شك أنه إذا تيسر تأجيلها إلى الليل لا يستعملها إلا في الليل فهذا أحوط لقول النبي ﷺ: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك هذا هو الأصل، المشتبهات مهما أمكن تركها أحوط للمؤمن عملا بالحديث: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، وفي الحديث الآخر: من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.

س: هنالك ما يسمى بعشاء الوالدين، عمل فطور أو سحور في رمضان للفقراء والأقارب بنية الصدقة للوالدين أو لواحد منهما، توجيهكم ورأيكم في هذا؟

ج: لا أعلم في هذا بأسا، سواء صنع طعاما ودعا إليه الفقراء أو الجيران أو الأقارب، أو وزعه على الفقراء والمحاويج بنية الوالدين، أو بنية أحدهما، أو عن نفسه، أو عن زوجته، أو عن زوجها المرأة، أو عن أقارب آخرين، الصدقة على الميت نافعة ومفيدة، والصدقة على نفس الإنسان وعلى من شاء من أقاربه نافعة ومفيدة. في الحديث الصحيح: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، في الصحيحين أن رجلا قال: يا رسول الله، إن أمي ماتت ولم توصي أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم.

س: مسألة من يطول عليه الصوم جدا حتى يصل إلى ما يزيد على واحد وعشرين ساعة كيف يكون صيامه؟

ج: ما دام عندهم ليل ونهار يجب عليهم الصيام، ما دام عندهم ليل ونهار في أربع وعشرين ساعة يلزمهم الصيام، وإذا وقع في أمر يخشى منه الهلكة أفطر وقضى، تناول ما يدفع الضرر وأمسك ثم يقضي مثل الذي يصيبه عطش عارض من شمس أصابته أو لأسباب أخرى لإنقاذ غريق أو لأسباب أخرى فيفطر ويقضي، أما مادام يستطيع أنه يواصل الصوم يلزمه أن يواصل حتى يفطر في غروب الشمس، لكن لو عرض له عارض خاف على نفسه من هلكة فأنقذ نفسا ... فإنه يشرب ويمسك ثم يقضي.

س: كذلك من يطول ليلهم ويقصر نهارهم؟

ج: الحكم واحد.

س: مهما قصر النهار؟

ج: نعم يكفي.

س: ما دام هنالك شمس؟

ج: لو كان النهار ثمان ساعات والليل ستة عشر ساعة أو أقل من ذلك النهار سبعا أو ستا ما يضر.