16- من حديث (من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين)

888- وعَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ مَعَهُ بِدِينَارٍ يَشْتَرِي لَهُ أُضْحِيَّةً .. الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ، وقَدْ تَقَدَّمَ.

889- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ .. الْحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

890- وعَنْ جَابِرٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَحَرَ ثَلَاثًا وسِتِّينَ، وأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَنْحَر الْبَاقِيَ .. الْحَدِيثَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

891- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا.. الْحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الأربعة كلها تدل على أنه لا بأس بالوكالة في شراء بعض الحاجات، أمر النبيُّ ﷺ عروة البارقي أن يشتري له شاةً، فاشتراها بدينارٍ، فدلَّ على جواز التوكيل في شراء الضَّحية وغير الضحية: في العقيقة ونحوها، لا حرج في ذلك.

كذلك كونه ﷺ وكَّل عمر على الصَّدقة ..... العمَّال يقبضون الصدقة من أهل الزكاة، وأن التوكيل في قبض الزكاة لا بأس به، وهكذا التوكيل في تفريقها وتوزيعها، كل هذا لا حرجَ فيه.

وهكذا أمره لعليٍّ أن ينحر بقية البدن التي أهداها عليه الصلاة والسلام؛ لأنه أهدى مئة بدنةٍ، ونحر بنفسه ثلاثًا وستين، وأمر عليًّا أن ينحر البقية: سبعًا وثلاثين، فدلَّ على جواز التوكيل في الضَّحايا والهدايا، وليس من الواجب أن يُباشرها صاحبُها، إذا وكَّل فلا حرج، إذا أهدى هديةً، أو ضحيةً، أو عقيقةً، أو وكَّل مَن يتولَّاها، فلا حرج في ذلك.

كذلك كونه أمر ﷺ أن: اغدُو يا أُنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفتْ فارجمها، يجوز التَّوكيل في إقامة الحدود، ولولي الأمر أن يُوكِّل مَن يُقيم الحدود: حدَّ القذف، حدَّ الزنا، حدَّ السرقة، هكذا القصاص ليس من شرطه أن يتولاه وليُّ الأمر، إذا وكَّل مَن يقوم بذلك فلا بأس، ولهذا أمر النبيُّ ﷺ أُنيسًا أن يغدو إلى امرأة هذا، فإن اعترفت يرجمها، وهكذا حديث زيدٍ: لما اعترف ماعزٌ أمر الصحابةَ فرجموه، والغامدية كذلك، فالمقصود أنه لا بأس بالتوكيل في الحدود.

 

الأسئلة:

س: صحَّة تصرف الفضولي؟

ج: يصح إذا أمضاه صاحبُه، إذا اشتريتَ له بيتًا، أو بعتَ له سيارةً، وأمضاك يصحّ.

س: حديث عروة: أنه اشترى للنبي ﷺ شاةً بدينارٍ، لو أخذ عروةُ الدرهمَ الثاني يجوز له ذلك؟

ج: لا، يتصرَّف على حساب صاحب الوكالة.

س: إذا قال صاحبُ الوكالة: اشترِ لي بعشرة ريالات كذا، فاشتراها بخمسةٍ؟

ج: يرد الخمسة الفرق، ما يحلّ له أن يأخذ منها شيئًا.

س: الأضحية هل تتعين بمجرد الشراء؟

ج: حتى يعنيها صاحبها، ينويها صاحبُها.

س: الوكيل يجوز أن يُوكِّل؟

ج: إذا أُجيز له، أو اقتضى العرفُ ذلك.

س: الآن المُؤسسات الخيرية هذه تُعطى مثلًا صدقة أو زكاة، هي الجهة كلها التي تُعطى، لكن يقوم مثلًا أحدُ المسؤولين في المؤسسات الخيرية بإعطاء المال إلى جهةٍ معينةٍ، وما هو مُفَوَّض هو بعينه، المُفوض الجهة الخيرية ككل؟

ج: هذا فيه تفصيل: إذا كان أُعطي ..... أمير البلد، أو رئيس المحكمة، أو كبير اللجنة، فله التَّصرف، أمير البلد يُوكِّل مَن يُوزع الصدقة، رئيس اللجنة -إذا كانت هناك لجنة توزيع- يشترك مع اللجنة، ويُوزعون الصدقة بأيديهم على حسب اختلاف المسائل.

المقصود أنه يمشي فيها العُرف، عُرف الموضوع هذا، إن كان معلومًا أن الأمير لن يُوزع بنفسه، الأمير يُعطي مَن يُوزِّع، القاضي لن يُوزع، فإذا أعطى القاضي أو أعطى الأمير أو كذا معناه أنه يُوكِّل الثِّقات يُوزِّعون، وهكذا إذا كانت لجنةً معينةً في هذا الشيء، فالهيئة تُوزع على العُرف الذي مشت عليه، تلتمس البيوت المستضعفة، وتلتمس الفقراء، تُوكِّل مَن يُوزع من الثِّقات.

س: لو اعترف فيما يترتب عليه حدّ، وأنكر بعد ذلك، هل يُؤخذ ...؟

ج: هذا محل نظرٍ، المعروف أنه إذا أنكر يسقط عنه الحدُّ، لكن يبقى حدُّ التهمة، وتعزير التهمة، لا بدّ أن يستمر على إقراره من زنا أو غيره، أما إن كان حقّ آدمي ما يقبل رجوعه، إذا اعترف أنَّ حقَّ آدمي عنده قرض، ثم رجع؛ ما يُقبل رجوعه، أما الحدود: إذا رجع يُقبل رجوعه: ادرؤوا الحدودَ بالشُّبهات.

س: تكفي مرة واحدة في الإقرار؟

ج: نعم.

س: المُستأجر يجوز له أن يُؤجِّر؟

ج: إذا أجَّر مثله، إلا أن يشرط عليه المؤجر، له أن يُؤجِّر مثله، لا مَن هو أشد ضررًا.

س: كيف؟

ج: يُؤجِّر مثله، ساكن مثله، يعني: ما يُؤجِّر على إنسانٍ يُؤثر على المحلِّ شرًّا.

س: بعض الباعة يأتيهم الزبونُ مثلًا يسوم السلعةَ بخمسة ريالات، ويتَّفق معه على أن يأخذها بخمسة ريالات، وبعد أن يذهب يأتي زبونٌ آخر، ثم يسومها بستة ريالات، هل له أن يبيعها على الآخر؟

ج: لا، تمَّ البيع، ما دام تفرَّقا تم البيع، ما له الرجوع، ما دام ذهب المشتري، وذهب البائع –تفرَّقا- لزم البيع، ولا يجوز لأحدٍ أن يبيع على بيع أخيه، ولا شراء على شراء أخيه، هذا ما يجوز؛ لأنَّ الرسول نهى عن هذا، إذا تمَّ البيعُ ما يجوز لك أن تقول: أشتري، أو تقول للمُشتري: عندي أحسن من هذه السلعة، هذا مما يُسبب الشَّحناء والعداوة.

س: وإذا شرط صاحبُ السلعة: إن زاد عليك أحدٌ بعتَ عليه؟

ج: ما داما تفرَّقا وتم البيعُ بينهما ما في شرط.

س: لو جاء أحدٌ غيرك وزاد السعر أبيعه؟

ج: إذا اتَّفقا على هذا لا بأس، ما تم البيعُ.

 

 

بَابُ الْإِقْرَارِ

892- عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي النبيُّ ﷺ: قُلِ الْحَقَّ ولَوْ كَانَ مُرًّا.

صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ من حَدِيثٍ طَوِيلٍ.

بَابُ الْعَارِيَةِ

893- عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، والْأَرْبَعَةُ، وصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

894- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، ولَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ.

رَوَاهُ الترمذيُّ، وأَبُو دَاوُدَ، وحَسَّنَهُ، وصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، واسْتَنْكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ.

وأخرجه جماعةٌ من الحُفَّاظ، وهو شاملٌ للعارية.

895- وعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قَالَ لي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا أَتَتْكَ رُسُلِي فَأَعْطِهِمْ ثَلَاثِينَ دِرْعًا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ، أو عَارِيَةٌ مُؤَدَّاةٌ؟ قَالَ: بَلْ عَارِيَةٌ مُؤَدَّاةٌ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، وأَبُو دَاوُدَ، والنَّسَائِيُّ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

896- وعَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَعَارَ مِنْهُ دُرُوعًا يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَالَ: أَغَصْبٌ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ.

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وأحمد، والنَّسَائِيُّ، وصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

897- وأَخْرَجَ لَهُ شَاهِدًا ضَعِيفًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث: الأول في الإقرار، والأربعة الأخيرة كلها في العارية والأمانة.

الإقرار بالحقِّ واجبٌ بإجماع المسلمين، يجب على العبد أن يُقرَّ بالحقِّ لأخيه، وهذا أمرٌ مُجمعٌ عليه؛ لقوله جلَّ وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ولَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ [النساء:135]، وقوله جلَّ وعلا: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، ويقول سبحانه: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المؤمنون:8]، وقوله جلَّ وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ وتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27]، وقوله جلَّ وعلا: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ والْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وأَشْفَقْنَ مِنْهَا وحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ الآية [الأحزاب:72].

فالواجب على مَن لديه حقٌّ، أو دَينٌ، أو أمانةٌ، أو عاريةٌ ألا يجحدها، بل يُبين، يجب أن يُبين ذلك، ويسلم الحقَّ لمستحقِّه، ولا يجوز له التَّحيل، والخيانة، والجهل، والتَّلبيس، بل يجب أن يكون صريحًا في ذلك، فالمسلم أخو المسلم: لا يظلمه، ولا يحقره، ولا يكذبه، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام: اتَّقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، ويقول لأبي ذرٍّ: قلِ الحقَّ وإن كان مُرًّا، وإن كان عليه مشقَّة، المُرُّ: الشيء الذي فيه مشقَّة على النفوس، قد يكون دَيْنًا كثيرًا ما يستطيعه، يخاف أن يُقرَّ به .....: كأمانةٍ يُقرُّ بها، عارية يُقرُّ بها، فليس له الجحد، ومَن جحد في الدنيا عظم عليه الأمرُ يوم القيامة -نسأل الله العافية- سوف تُؤدَّى الأمانات.

والأحاديث الأخيرة الأربعة كلها تتعلق بالعارية، والله جلَّ وعلا يقول: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ [النساء:58]، والعارية من الأمانات، يجب أن تُؤدَّى، وفي حديث سمرة: على اليد ما أخذتْ حتى تُؤديه يعني: يجب عليها، أخذت أمانةً تُؤدِّي الأمانة، عاريةً تُؤدي العارية، قرضًا تُؤدي القرض، يجب، والأدلة من النصوص واضحة، والإجماع قائمٌ من أهل العلم على وجوب أداء الحقوق، إلا ما سمح به الشرعُ: كأن تتلف الأمانةُ من غير تفريطٍ، فلا حرج عليه، مُحْسِنٌ، فلو تلفت الأمانةُ من غير تفريطٍ فلا ضمان.

ويقول: أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمنك، ولا تخن مَن خانك، يجب أن يُؤدي الأمانة إلى مَن ائتمنه، ولا يخن مَن خانه، لو قدر أنه خانه في الأمانة فليس له أن يخونه، هذا يبوء بذنبه، وليس له أن يتعاطى الذنبَ أيضًا، فإذا خانه ليس له أن يخونه، بل يُطالب بحقِّه إن تيسر، وإلا سوف يجده عند الله يوم القيامة، ما يضيع، ولكن ليس له أن يخون الأمانة التي عنده، إلا في مسألة المقاصصة، وهذه المقاصصة لها شروطها، فإذا كان عنده له عملٌ، وجحد حقَّه، وأمكنه أن يقتصَّ من المال الذي عنده، لكن ليس فيه غرمٌ لأحدٍ، ولا يُتَّهم بالخيانة، بل يُقاصه من دون ظلمٍ، ومن دون خيانةٍ، فهذه مسألة المقاصصة، لا بأس بها، أمَّا على وجهٍ يُتَّهم فيه بالخيانة، ولا تكون له بينةٌ على حقِّه، فلا ينبغي ذلك، ولهذا قال: ولا تخُنْ مَن خانك، يُحمَل على هذا: أنه إذا كان الأخذُ يُفضي إلى أن يخون، ويُنسب إلى الفسق والشرّ، فيبتعد عن هذا، أما إذا كان شيئًا بينه وبين ربِّه، وهو أخذه من حقِّ الذي يعمل عنده، وعنده أمانةٌ له ..... على وجهٍ لا يخون فيه، ولا يُتَّهم فيه؛ فلا بأس.

والحديث الثاني حديث يعلى بن أمية: فيه أنَّ العارية تكون مضمونةً، وتكون مُؤدَّاةً، ولهذا قال: بل عارية مؤداة، فدلَّ على أنه إذا شرط في العارية أنها مضمونة تُضمن، فإذا قال: هذه السيارة عارية، تذهب إلى مكان كذا، لكنَّها مضمونة، إذا جرى عليها شيءٌ تُضمن، أو أعطاه مثلًا سلاحًا، وبعد ذلك تلف، أو أعطاك ثوبًا، أو أعطاك فراشًا، أو أعطاه إناءً عاريةً، يُضمن بالشرط، أما إذا كان ما لها شرطٌ فهي أمانة، إن تلفت بغير تعدٍّ ولا تفريطٍ ما يضمنها؛ لأنَّ الأمانة لا تُضمن إذا ما تعدَّى عليها ولم يُفرِّط، لا تُضمن، أما إذا تعدَّى أو فرَّط يضمن، تعدَّى عليها بأن أتلفها هو، أو فرَّط: جعلها في مكانٍ ما صانها حتى تلفت، يضمن.

وهكذا حديث صفوان: لما استعار منه النبيُّ ﷺ دروعًا قال: أغصبًا يا محمد؟ يعني: أتغصبني غصبًا؟ قال: بل عاريةٌ مضمونة، دلَّ على جواز العرية، وأنه لا بأس بها، وأنها مضمونة بالشرط.

وقال قومٌ أنها تُضمن مُطلقًا، والصواب أنها تُضمن بالشرط، وإذا فيه أمانة، فإذا استعرتَ بشته، أو سيارته، أو ناقته، أو فرسه فأصابها حادثٌ، لا تضمن؛ لأنَّك لم تُفرط، إلا بالشرط، إن قال: مضمونة، فعليك الشرط، والمسلمون على شروطهم، أما إذا لم يشرط فهي أمانةٌ، لا تُضمن إلا بالتَّفريط، أو بالتَّعدي، فلو تلفت من دون تعدٍّ ولا تفريطٍ فإنها لا تُضمن إلا بالشرط، فلو أعطاك مثلًا سلاحًا، أو ثيابًا، أو فراشًا، وجرت عليه آفةٌ من دون تفريطٍ: احترق بيتُك، أو سُرِقَ، وأنت قد احترزته، وعملتَ ما يلزم من التَّحصينات، ولم تُفرط، فلا ضمانَ، إنما يضمن مَن فرَّط.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: ما يدل على صحة التُّهمة من الأشياء الحديثة: كالبصمات؟

ج: يُعْمَل به، إذا وجد أمارات يعمل بها، إذا وجد الحاكمُ وليُّ الأمر أمارات يعمل بها، القرائن لها أثرها، ولها أهميتها، من دون تساهلٍ.

س: هل يُقال بوجوب العارية عند الحاجة؟

ج: عند الحاجة تجب، مثلما قال جلَّ وعلا: وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ [الماعون:7]، والماعون: العارية في أصحِّ قولي المفسرين، وقال قومٌ أنها الزكاة، فإذا احتاج أخوك وجب عليك أن تُعيره، ما عنده لباس، والحاجة ماسَّة: أن يخرج لحاجةٍ، وطلب منك عاريةً ثوبًا حتى يقضي حاجته ويرجع، أو طلب فاروعًا يكسر به حطبًا، أو يفتح به شيئًا، مضطر إليه، أو عتلة، أو دلوًا يستقي الماء، وجب عليك عند الحاجة، وجب عليك أن تُعيره: المسلم أخو المسلم، مثلما يجب عليك أن تُنفق عليه إذا اضطرَّ وأنت ذو مالٍ، يجب أن تُعطيه ما ينقذ به نفسه من الجوع أو العطش.

س: قوله تعالى: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ولَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر:9]؟

ج: هذا الإيثار فضلٌ، هذا فضلٌ، يعني: ولو كان بهم حاجة يُؤثرون على أنفسهم من باب الفضل.

س: لو أنَّ رجلًا ائتمن عند رجلٍ شيئًا مُحرَّمًا، فأخذه، ثم جحده، فهل يجوز له ذلك؟

ج: إذا كان خمرًا يُريقه ويجحد، ما في بأس إذا كان خمرًا، جزاه الله خيرًا.

س: مُطالبة المُماطل بالحقِّ بأسلوبٍ فيه وعيدٌ وتهديدٌ؟

ج: هذا إلى ولاة الأمور، إذا كان عنده بينة، وإلا يتوعده إن كانت المسألةُ فيها توعُّدٌ: أنا سأشكيك، سأفعل بك، سأرفع أمرك، أما أن يُمدّ يده لا، لا يمد يده، .....، يشكوه، يرفع أمره إلى ولاة الأمور، أو يتوسط الأخيارُ في البلاد التي ما فيها حكومة، يتوسط الأخيار قبل ..... من مضارّ، يتوسط الأخيار الطيبون حتى يتوصَّلوا بينه وبينه بقضاء المهمة، وتخليص الحقّ.

س: هل له أن يستطيل في عِرْضِه؟

ج: عند مَن ينفع: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [النساء:148]، يقول عند الحاكم، عند الأمير، عند مَن ينفع: ظلمني، بخسني حقِّي، مطلني.

س: بالنسبة لبعض المكفولين: لو قصَّر مع الكفيل في إعطاء الحقِّ يختلس منه مالًا، أو أي شيء، ويقول: هذا حقِّي، بعضهم مثلًا مُقصِّر مع الكفيل في إعطاء حقِّه من المال مقابل مثلًا عملًا له؟

ج: لا، لا يُعطيه شيئًا إلا على طريقةٍ شرعيةٍ، لا يتهم بالخيانة، ولا تَخُنْ مَن خانك، إلا إذا كانت طريقةً سليمةً ما فيها شيءٌ.

س: ألا تُسمَّى هذه: مسألة الظّفر، إذا كان له حقٌّ عند هذا الشَّخص؟

ج: إذا كان يأخذ منه، لكن على وجهٍ ما تكون فيه خيانة، يتهم بالخيانة، إذا كان ما يتّهم بالخيانة ..... قصة هند بنت عتبة، قال لها النبيُّ: خُذي من ماله بالمعروف ما يكفيكِ ويكفي بنيكِ، زوجها هذا، ما تُتَّهم في هذا أنها تأخذ من ماله، إنسانٌ عنده أمانة لزيدٍ، وهو يُطالبه بمالٍ، يخصم منها، ويُعطيه باقيها، أما إذا كان يخشى أن يشكوه ويثبت عليه أنه خائن لا يفعل؛ لأنه يعرض المسلم للشرِّ.

س: حديث سمرة ما يدل على وجوب الضَّمان مُطلقًا؟

ج: حتى تُؤدِّي، هذا واجب، لكن لو تلف من دون تعدٍّ فقد أجمع المسلمون على أنه ما ينبغي، الأمانة؛ لأنه محسنٌ، لكن ما دام موجودًا يلزمه أن يُؤدِّي.

س: العارية؟

ج: العارية مضمونة بالشرط، العارية ..... تعمّ العارية، وتعمّ الأمانة جميعًا، تعمّ كل شيءٍ: على اليد ما أخذت ..... يجب الأداء، لكن الكلام فيما إذا تلف الشيءٌ من دون تفريطٍ، عرية، أو ..، هذا هو محل البحث، إذا كان يضمن الأمين، معناه: ساءت الحال بين الناس يحلو ...

س: .............؟

ج: ولو، ما نضمن إلا بشرط الأصل أنها أمانة، هذا الأصل.

س: الأجر الخاصّ هل يُضمن؟ إذا أتلف مثلًا السيارة، هل يضمن السواقُ؟

ج: هذا تعدٍّ، أو هو من الأمن، ما يضمن إلا بتعدٍّ.

س: يعني: صدم بالسيارة؟

ج: إذا قلنا: إنه متعدٍّ يضمن، أما كونه متعدًّى عليه ما يضمن.

 

بَابُ الْغَصْبِ

898- عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

899- وعَنْ أَنَسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ لَهَا بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فضربَتْ بيدها فَكَسَرَتِ الْقَصْعَةَ، فَضَمَّهَا، وجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ، وقَالَ: كُلُوا، ودَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ لِلرَّسُولِ، وحَبَسَ الْمَكْسُورَةَ.

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، والترمذي، وسمَّى الضَّاربة: عائشة، وزاد: فقال النبيُّ ﷺ: طعامٌ بطعامٍ، وإناءٌ بإناءٍ، وصحَّحه.

900- وعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ، ولَهُ نَفَقَتُهُ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ، والْأَرْبَعَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ، وحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْبُخَارِيَّ ضَعَّفَهُ.

901- وعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِن أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي أَرْضٍ: غَرَسَ أَحَدُهُمَا فِيهَا نَخْلًا، والْأَرْضُ لِلْآخَرِ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا، وأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ، وقَالَ: لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ.

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

902- وآخِرُهُ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ.

وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وإِرْسَالِهِ، وفِي تَعْيِين صَحَابِيِّهِ.

903- وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث كلها تتعلق بالغصب:

فالغصب هو الظلم، والله حرَّم الظلمَ على عباده، وحرَّمه على نفسه، قال جلَّ وعلا: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [النساء:40]، وقال سبحانه وتعالى: وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46]، وقال جلَّ وعلا في الحديث القدسي: يا عبادي، إني حرمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم مُحَرَّمًا، فلا تظالموا رواه مسلم.

فالواجب على كل مسلمٍ أن يحذر الظلم بالنفس، والمال، والعِرْض، يجب أن يحفظ لسانه وجوارحه من ظلم العباد في أنفسهم، وأموالهم، أو أعراضهم؛ لما ثبت في "الصحيحين: عن أبي بكرة رضي الله عنه: أن النبي ﷺ خطب الناسَ يوم النحر فقال: إنَّ دماءكم وأموالكم عليكم حرامٌ، في "الصحيحين": وأعراضكم أيضًا، كأنَّ المؤلف رحمه الله نسيها: إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ، كحُرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، وخطب أيضًا يوم عرفة، وجاء هذا المعنى في أحاديث.

فالواجب الحذر من ظلم الناس في أموالهم بأخذ شيءٍ منها سرقةً أو غصبًا أو غير ذلك، وكذلك النفوس بالضرب أو القتل أو الجرح، وهكذا الأعراض بالغيبة والشتم ونحو ذلك.

ويقول ﷺ: مَن ظلم شبرًا من الأرض طوّقه الله إياه إلى سبع أرضين متَّفقٌ على صحَّته، وهذا وعيدٌ عظيمٌ: يُطوّق يوم القيامة من سبع أرضين، هذه عقوبة عظيمة.

وجاء في هذا المعنى من حديث سعيد بن زيد، وعند مسلم من حديث أبي هريرة، كلها تدل على أنَّ مَن ظلم شيئًا من الأرض طوّقه يوم القيامة من سبع أرضين، هذه عقوبة عظيمة، غير عقوبة النار الموعود بها الظالمون، فيجب على كل مسلمٍ ومسلمةٍ الحذر من الظلم، قليله وكثيره، ويقول ﷺ: اتَّقوا الظلمَ؛ فإنَّ الظلم ظُلمات يوم القيامة.

وفي حديث أنسٍ: أن إحدى أمّهات المؤمنين أهدت طعامًا إلى النبي ﷺ وهو في بيت عائشة، فغارت عائشةُ رضي الله عنها، وضربت القصعةَ حتى انكسرت، فضمَّ النبيُّ ﷺ الطعام، وقال: كلوا، وأعطى المهديةَ إناءً غير إنائها، غرّم عائشةَ إناءً بدلًا من الإناء المكسور.

فهذا يدل على أنَّ الغيرة قد تُوقع النساء في مثل هذا، فإنها رضي الله عنها غارت لما جاء الطعامُ من جارتها في بيتها، فضربت القصعةَ حتى سقطت وسقط ما فيها، فهذا يدل على أنَّ الغيرة لها شأنٌ كبيرٌ، وأنه قد يُسامح فيها ما لا يُسامح في غيرها؛ لما يقع بين النساء من الغيرة، فقد يقع بينهن نزاعٌ وسبٌّ ومضاربةٌ، والزوج يحلّ المشاكل، أو الآباء، أو الأمّهات، فغيرة النساء أمرٌ معلومٌ.

وفي هذا أن المتعدِّي يضمن، لما كُسرت القصعةُ أعطى النبيُّ ﷺ صاحبةَ القصعة إناءً سليمًا مثل إنائها، وقال: طعامٌ بطعامٍ، وإناءٌ بإناءٍ، فالشيء المغصوب يُضمن بمثله: إن كان طعامًا طعامًا، وإن كان إناءً إناء، وإن كان بشتًا بشتًا، وإن كان ثوبًا ثوبًا، وهكذا بمثله.

والحديث الثاني: يقول ﷺ: مَن زرع في أرض قومٍ بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته، وهو حديثٌ جيدٌ لا بأس به، ويُقال: إن البخاري ضعَّفه، كأنَّ المؤلف لا يحفظ تضعيف البخاري، ولهذا قال: "يُقال" بصيغة التَّمريض، وقد راجعنا البخاريَّ فرأيناه قد حسَّن الحديثَ كما ذكر الترمذي عنه، والحديث لا بأس به.

ويدل على أنَّ مَن زرع في أرض قومٍ بغير إذنهم فليس له من الزرع شيءٌ، وله نفقته، إلا أن يصطلحا فلا بأس؛ لأنَّ أهل الأرض أحقُّ بها، لكن يُعطى نفقته المثلية التي خسرها فيها، إلا أن يسمح صاحبُ الأرض، إذا سمح يكون الزرعُ لصاحبه، وتكون عليه أجرةُ الأرض، وهكذا لو غرس فيها، ينبش، يقطع؛ لهذا قال: ليس لعرقٍ ظالمٍ حقٌّ، مَن غرس شجرًا أو نخلًا فإنه يُقلع إذا لم يسمح صاحبُ الأرض، وإن سمح ربُّ الأرض واشتراه منه، أو باع عليه الأرض، وتصالحا، فلا بأس، وإلا فالظالم ليس لعرقه حقٌّ، إذا غرس في أرض قومٍ شجرًا، أو بنى جدارًا، أو غير ذلك أنه يُزال، عليه إزالته؛ لأنه متعدٍّ، والظالم أولى بأن يُكلَّف بالخسارة، سواء كان شجرًا، أو بناءً، أو حفرةً، أو غير ذلك، إن كانت حفرةً يُسوِّيها، وإن كانت شجرةً يُزيلها، إلا أن يسمح صاحبُ الحقِّ، يتراضى معه على مُصالحةٍ أو شراءٍ، فلا بأس، والحقُّ لا يعدو ذلك.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: حديث عروة ذكر أنه مرسل؟

ج: له طرقٌ يشدّ بعضُها بعضًا، ومعناه صحيح: ليس لعرقٍ ظالمٍ حقٌّ، والأدلة العامَّة تكفي في هذا.

س: الحنابلة ذكروا أنَّ المثليَّ هو ما كان مكيلًا أو موزونًا؟

ج: لا، قد يكون مكيلًا ولو .....، قد يكون حيوانًا ..... في الحيوانات والملابس .....، إلا إذا تراضوا على قيمة النُّقود، فلا بأس.

س: وهل المالكية يحكون في أنَّ الموزون الثّمنية؟

ج: ..... النقود لها ثمن.

س: لو أنه استأذنهم فأذنوا له .....، ثم قالوا له: اخرج، هل يجب أن يخرج؟

ج: أذنوا له بالإيجار؟

س: أذنوا له بأن يزرع.

ج: بالإيجار؟

س: لا.

ج: سماح، لا عذرَ لمن أذن، ما يُطيعهم حتى يكمل زرعه، حتى يحصد.

س: التي أرسلت الطعامَ مع الخادم؟

ج: المهدية؟

س: نعم المهدية.

ج: ما تتبعتُه، لكن ..... بمراجعة الأصول يتَّضح، ما يتعلَّق بها حكمٌ، سواء كانت أمَّ سلمة، أو ميمونة، الحكم واحد، ما يتغير الحكم، تكون المهديةُ فلانة أو فلانة.

س: البهائم التي تعترض الطرق، ..... على صاحبها إذا طرق ..... فيها ترشيد يعني؟

ج: الأصل أن .....، لكن لو قدر أنَّ صاحبها فرَّط وجعلها في الطريق ما له حاجة، لكن الغالب أنه ..... في البرِّ .....، ولهذا صدر القرارُ من مجلس ..... الشؤون مع المحاكم.

س: إذا قال شخصٌ: أنا خائفٌ من فلانٍ، أو: أنا خائفٌ من كذا، أي شيء يضرُّه، فهل يُعتبر ذلك من صرف عبادة الخوف لغير الله تعالى؟

ج: لا، الخوف لا، الخوف مما يُخاف منه طبعًا، قال الله جلَّ وعلا في قصة موسى: فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ [القصص:21] خائف من فرعون، خرج من مصر، الخوف من الأعداء، من المؤذيات، من السُّراق لا بأس به، لكنه خوف يحمل على أخذ الأسباب، يخاف أحدًا يأخذ بالأسباب: يخرج من البلد الذي يخاف منه، إن كان في الطريق يأخذ معه أحذية في الطريق، يخاف من اللصوص يقفل الباب، يجعل حارسًا، يأخذ بالأسباب، الخوف الطبيعي والخوف من المؤذيات ليس من الشرك، الآخر خوف السر، الذي يخاف فلانًا يعتقد أنَّ فيه سرًّا، وأنه يتصرف في الكون، هذا شرك، أو يعتقد أنَّ الحيوان الفلاني يتصرَّف، أو الولي الفلاني يتصرف، هذا هو الشرك، أما الخوف الطبيعي: خوف السراق، خوف العدو حتى يعدّ له السلاح، خوف الحية أن تلدغه فيبتعد عنها أو يقتلها، هذا ما فيه شيء، مثل قصة موسى: فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ.

س: بالنسبة للمُراهنة بين شخصين، كيف تكون جائزةً؟ هل لأنها من طرفٍ واحدٍ؟

ج: المراهنة قمار، إلا في المسابقة بالخفِّ، أو بالخيل، أو بالرمي، أما المراهنة: إن كان كذا فكذا، وإن كان كذا فكذا، فهذا قمار لا يصح، والمراهنة لا تكون من طريق اثنين فأكثر، المراهنة مفاعلة: تكون بين اثنين.

س: في سباق الخيل يجوز أن تكون من قبل اثنين، يعني: يضع هذا مالًا، وهذا مالًا؟

ج: يقول: أتسابق أنا وإياك، ويحط واحدٌ منهم ألفًا، أو يحطون منهم ألفًا، أو ألفين، والسابق يأخذها، هذا الصواب، لا بأس، حتى يتمرَّنوا على الخيل، وحتى تمرن خيولهم أيضًا.

س: أحيانًا ما يكون في السباق، مثلًا يقول: هذا الكلام صحيح، وإذا كان غير هذا أُعطيك مثلًا خمسمئة ريـال؟

ج: هذا يُسمَّى: قمارًا، ما يصلح.

س: حتى وإن كان من قبل واحدٍ؟

ج: ماذا؟

س: يعني: واحد الذي يضع المالَ فقط، وإذا صار هذا الشيء صحيحًا لك المال، هل هذا جائز؟

ج: هذه مسابقة ما تصلح، تُسمَّى: مسابقة؛ لأنه قد يُخطئ، وقد يُصيب، قد يتحسَّر، وقد تقع، هذه عندهم من المجادلات، قد تقع في مثل هذا الشيء ثم يندم، أما إذا كان عملًا: تبني هذا الجدار، تحفر هذه الحفرة، تفعل كذا، تفعل كذا، هذا ما يُخالف.

س: ولو كانت في المسائل العلمية؟

ج: حتى ولو في المسائل، إلا إذا قال: ابحث هذا الشيء ولك كذا، ابحث واجمع الأدلة ولك كذا، ما يُخالف، أجرة، أو حفّظني جزءًا من القرآن ولك كذا، أما إن كان كذا فكذا، إن كان هذا حرامًا فلك كذا، وإن كان واجبًا لك كذا، هذا ما يصلح.