بَابُ الْحوَالَةِ والضَّمَانِ
880- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لأَحْمَدَ: ومَن أُحِيلَ فَلْيَحْتَلْ.
881- وعَنْ جَابِرٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنَّا، فَغَسَّلْنَاهُ، وحَنَّطْنَاهُ، وكَفَّنَّاهُ، ثم أَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْنَا: تُصَلِّي عَلَيْهِ؟ فَخَطَا خُطًا، ثم قَالَ: أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟ فقُلْنَا: دِينَارَانِ، فَانْصَرَفَ، فَتَحَمَّلَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ، فَأَتَيْنَاهُ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: الدِّينَارَانِ عَلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: حَقَّ الْغَرِيم، وبَرِئَ مِنْهُمَا الْمَيِّتُ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ، وأَبُو دَاوُدَ، والنَّسَائِيُّ، وصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، والْحَاكِمُ.
882- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ مِنْ قَضَاءٍ؟ فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وفَاءً صَلَّى عَلَيْهِ، وإِلَّا قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ: أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ وعَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: فَمَنْ مَاتَ ولَمْ يَتْرُكْ وفَاءً.
883- وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا كَفَالَةَ فِي حَدٍّ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث تتعلق بالضمان والحوالة:
الحوالة: كون الإنسان يُحيل بدَينٍ عليه على مليٍّ آخر، هذه يجب قبولها؛ لقوله ﷺ: إذا أُتبع أحدُكم على مليءٍ فليتبع، وفي اللفظ الآخر: إذا أُحيل على مليءٍ فليحتل، فإذا كان لزيدٍ على محمدٍ مثلًا دَيْنٌ، وأحاله على شخصٍ آخر مليء يقبل، يلزمه القبول، أما إذا كان مُعسرًا لا يلزمه القبول؛ لأنَّ هذه فيها مشقَّة، فلا يلزمه قبول الحوالة.
ولا يجوز لمن عليه الدَّين المماطلة إذا كان يقدر على الوفاء؛ ولهذا قال ﷺ: مطل الغني ظلمٌ، وفي اللفظ الآخر: لَيُّ الواجد يُحلُّ عِرْضَه وعُقوبته، والذي عليه أن يلزمه الوفاء، ولا تجوز له المماطلة وإتعاب صاحب الحقِّ؛ لأنَّ هذا ظلمٌ، والله حرَّم الظلم على عباده، وعلى نفسه، قال ﷺ: فاتَّقوا الظلمَ؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، والله جلَّ وعلا يقول في الحديث القدسي: يا عبادي، إني حرمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم مُحَرَّمًا، فلا تظالموا، فالواجب على مَن عليه دَين، أو عنده حقوق، أو أمانات، أن يُؤديها إلى أصحابها، وليس له أن يكتمها أو يُماطل، ليس له ذلك، بل يجب عليه أن يُؤدي الحقَّ الذي عليه من دَينٍ أو أمانةٍ، وإذا أحال صاحب الدَّين على مليءٍ فإنه يحتال.
وفي الحديث الثاني والثالث الدلالة على أنه ﷺ كان في أول الأمر لا يُصلي على مَن عليه دينٌ إذا لم يترك وفاءً، ثم شرع الله الصلاة عليهم، لما فتح الله عليه صار يُصلي عليهم، ويُؤدي عنهم عليه الصلاة والسلام، أما قبل ذلك فكان إذا قُدِّم الميتُ سأل، فإن كان عليه دينٌ، ولم يترك وفاءً قال: صلُّوا على صاحبكم، يُصلي عليه جماعةٌ غير النبي ﷺ، ثم إنَّ الله فتح عليه الفتوح، فصار يُصلي على كل أحدٍ، سواء عليه دَيْنٌ، أو ما عليه دينٌ، ويقول ﷺ: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، مَن مات وعليه دينٌ، ولم يترك وفاءً، فعليَّ الوفاء عنه، يعني: يُوفي عن المسلمين، إذا مات إنسانٌ وعليه دينٌ، ولم يترك وفاءً، أوفى عنه النبي عليه الصلاة والسلام.
وقال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، مَن ترك مالًا فلورثته، ومَن ترك ضيعًا فإليَّ وعليَّ، فدلَّ الحديثُ على أنَّ ترك الصلاة قد نُسخ -ترك صلاته عليه الصلاة والسلام- أما غيره فإنه يُصلي على الميت ولو عليه دين، لكن هو ﷺ كان في حياته مأمورًا بألا يُصلي على الميت إذا لم يترك وفاءً، ثم إن الله شرع له أن يُصلي على الموتى، ويُوفي عنهم عليه الصلاة والسلام.
والحديث الأخير: لا كفالةَ في حدٍّ دلَّ على أنَّ الكفالة التي ليس فيها حدٌّ لا بأس بها، كونه يكفله أو يضمن لا بأس، يقول لزيد: ترى حقّ فلانٍ عندي، ترى أنا ضامن، أنا كفيل، لا حرج، من باب التَّعاون بين المسلمين؛ لأنه قد يُحرج المدين، ويلزمه صاحبُ الحقِّ، فيقول: أنا ضامن، أمهله كذا وكذا وأنا ضامن، أنا كفيل، ساعد أخاك فيها.
والكفيل يكون بالمال والبدن، وتارةً يكون كفيلًا بالنسبة للبدن فقط: وأنا كفيل أن أُحضره، وقد يقول: أنا كفيلٌ بالبدن، والمال أحضره، وإن فات فأنا أسلم الدَّين، فهذا لا بأس به، إلا في الحدود والقصاص؛ لأنَّ الحدَّ لا يُقام على غير صاحب المعصية، فلو قال: أنا الكفيل في حدِّ السرقة، أو في حدِّ الزنا، ما يصحّ؛ لأنه لو فات مَن عليه الحدّ ما يُقام الحدّ على الكفيل، إنما يُقام الحدّ على مَن فعل المعصية، ولهذا لا تصح الكفالة في الحدود والقصاص.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: هل يبرأ الكفيلُ بموت المكفول؟
ج: إذا كان لإحضاره فقط يبرأ، أما إذا كان لإحضاره وتسليم الدَّين جميعًا ما يبرأ، أما إذا كان كفيلًا بإحضاره، ثم مات؛ يبرأ.
س: بالنسبة للأمة: إذا كان الموتى بين أيديهم عليهم دَيْنٌ؟
ج: يُصلوا عليه، هذا خاصٌّ بالنبي ﷺ، ثم النبي ﷺ ..... قبل وفاته صار يُصلي على المدين وغير المدين.
س: هل يُعتبر رضا المُحال والمُحال عليه؟
ج: ما يُعتبر، إن كان مليًّا ما يُعتبر رضاه؛ لأنَّ الرسول ﷺ قال: فليتبع، أما إذا كان ما هو بمليٍّ فلا بدّ من رضاه، وإلا ما يلزم.
س: والأمر للوجوب؟
ج: نعم، هذا الصواب.
س: إذا كان الشخصُ مُعسرًا هل تُباع أملاكُه؟
ج: القضاة ينظرون ويحكمون عليه على حسب حاله، إذا كان مُعسرًا ما يُحْجَر عليه؛ لأنَّ الله قال: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280]، لكن إذا كانت عنده أموال يُوفي منها يُحْجَر عليه حتى يُسدد الدَّين الذي عليه.
س: إذا أُحيل إلى مليٍّ، ثم بعد فترةٍ عجز المليُّ عن دفع الدَّين؟
ج: يقضي الدَّين عليه، العبرة بوقت الحوالة، إذا كان مليًّا وقت الحوالة انتقل الدَّينُ إليه.
س: يعني: لا يرجع إلى الأول؟
ج: لا، لا يرجع.
س: إذا كان المليُّ مُماطلًا؟
ج: لا يُسمَّى: مليًّا، المماطل لا يُسمَّى: مليًّا، المليُّ هو الذي عنده المال .....، أما إذا كان مماطلًا لا يُسمَّى: مليًّا، شرط الملي أن يكون ذا مالٍ، وليس بمماطلٍ.
س: أحيانًا الورثة يُعلنون في الصحف أنَّ مَن له حقٌّ فليتقدم خلال شهرٍ، بعد هذا الشهر مثلًا لو كان الشخصُ غير موجودٍ؟
ج: يحول عليه ولو بعد سنةٍ أو سنتين، قد يكون مخالفًا، قد يكون ما درى.
س: لكن ما هي بعبرةٍ؟
ج: لا، لا ..... عشر سنين .....
س: هل تُقدَّم الوصيةُ على الدَّين؟
ج: لا، الدَّينُ مُقدَّمٌ على كلِّ شيءٍ: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11]، قضى النبيُّ بالدَّين قبل الوصية.
س: اشتراط بعض الفقهاء في المليِّ أن يمكن جلبه في مجلس الحكم، هذه من ضمن شروط الملي: أن يكون قادرًا، وأن يكون صادقًا في وعده، ليس مماطلًا، وإن قلنا أيضًا: يمكن جلبه؟
ج: ..... ليس بمليٍّ، لو أحالها على السلطان ما يصير مليًّا.
س: بيع الميت ما يُقدَّم على الدَّين؟
ج: نعم؟
س: ما يتجهَّز به الميت؟
ج: ..... مُقدَّمة على الكلِّ.
س: شخصٌ أراد شراء سيارةٍ، وطلب من زميله أن يصطحبه، فاشتراها زميلُه نقدًا، وباعها عليه أقساطًا في نفس الوقت؟
ج: إذا شراها ونقلها، لا بدّ أن ينقلها من المحلِّ، لا تُباع حتى يحوزها التّجار إلى رحالهم، ما يجوز بيعها في المحل حتى يحوزها وينقلها.
س: حتى ولو على شخصٍ آخر؟
ج: لا يجوز حتى ينقلها من محلِّ البيع إلى محلٍّ آخر، أو من بيع البائع إلى محلٍّ آخر، قال عبدُالله بن عمر: "كنا نضرب على بيعها في محلِّها حتى ننقلها من أعلى السوق إلى أسفل، ومن أسفل إلى أعلى"، نهى الرسولُ أن تُباع السلع حتى يحوزها التّجارُ إلى رحالهم.
س: حتى لو كان عقدًا داخليًّا؟
ج: إذا اشترى منه في بيتٍ ينقل السيارة أو الطعام إلى محلٍّ آخر.
بَابُ الشَّرِكَةِ والْوَكَالَةِ
884- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قَالَ اللَّهُ تعالى: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
885- وعَن السَّائِبِ الْمَخْزُومِيِّ : أَنَّهُ كَانَ شَرِيكَ النَّبِيِّ ﷺ قَبْلَ الْبَعْثَةِ، فَجَاءَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِأَخِي وشَرِيكِي.
رَوَاهُ أَحْمَدُ، وأَبُو دَاوُدَ، وابْنُ مَاجَه.
886- وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ: "اشْتَرَكْتُ أَنَا وعَمَّارٌ وسَعْدٌ فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ .." الْحَدِيثَ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
887- وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ قَالَ: أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ وكِيلِي بِخَيْبَرَ، فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وصَحَّحَهُ.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذا الباب في الشركة والوكالة: الشركة جائزة، والوكالة جائزة بالنص، والإجماع، والناس بحاجةٍ إلى ذلك، فيُريدون الاشتراك في الزراعة، وفي التِّجارة، وفي غير ذلك من الشؤون المباحة على وجهٍ ليس فيه ضررٌ: كشركة العنان، والمضاربة، وشركة الأبدان، وشركة الوجوه، وشركة المفاوضة، جاءت أنواع خمسة للشركات، فإذا تشاركا على وجهٍ ليس فيه غررٌ فلا حرج، يقول الله جلَّ وعلا: أنا ثالثُ الشريكين مالم يخن أحدُهما صاحبه، فإذا خان خرجتُ من بينهما، هذا فيه أن الشركة فيها خيرٌ عظيمٌ، مع الصدق والأمانة، والله شريكهما بالتوفيق، والعناية، والهداية، والتسديد، إذا صدقا، وأدَّيا الأمانة، فإذا خانا نُزعت البركة، وفارقهما الله بما يُسدي إليهما من البركة، وهو فوق العرش .....، لكن معهما بالبركة، والتوفيق، والهداية.
وفي قصة أبي السائب لما جاء يوم الفتح قال للنبي ﷺ: "مرحبًا بأخي"، كان لا يُماري، ولا يُداري، كانا شريكين في الجاهلية.
هذا فيه أن الشريك الطيب يُثنى عليه، ويُرحَّب به، الذي يُؤدي الحقَّ، ولا يخون، ولا يجحد.
وكذلك ابن مسعودٍ وعمار وسعد اشتركوا بما أصابوا يوم بدر، هذا فيه أنه يجوز الاشتراك بالغنيمة، فيما يحصل لهم من الغنائم، لا حرج في ذلك، من سلبٍ، من سهمٍ، من غير ذلك.
وهكذا حديث جابر في الوكالة: الرسول ﷺ قال: إذا أتيتَ وكيلي بخيبر فخُذْ منه كذا وكذا، وأعطاه علامةً، قال: إذا طلب منك علامةً فقل: كذا وكذا.
فالوكالة جائزة؛ لأنَّ الناس يحتاجون إليها، وقد وكَّل النبيُّ ﷺ كثيرًا، ووكَّل الصحابةُ أيضًا، وكان النبي ﷺ وكَّل أبا هريرة على صدقة الفطر، والحديث في "الصحيحين" وغير ذلك، فالوكالة أحاديثها كثيرة.
فالمقصود أنَّ الشركات والوكالات كلها جائزة بالنصِّ والإجماع، بشرط الأمانة وعدم الخيانة، وأن تكون موافقةً للشرع، ليس فيها غررٌ، ولا خداعٌ، أما إذا كان فيها غررٌ فلا تجوز؛ لأنَّ الله حرَّم الميسر، والميسر هو الغرر والقمار، فإذا كانت الشركةُ ليس فيها غررٌ على الوجه الشرعي: كشركة العنان، وهو أن يشترك اثنان فأكثر، كل في المال، هذا يُعطي كذا، وهذا يُعطي كذا، يتَّفقون على أنهم يتَّجرون في هذا المال، والربح بينهما، سواء كانوا ثلاثةً، أو أربعةً، أو عشرةً، أو يخصُّون العامل الذي يعمل، يكون واحدًا يعمل، أو اثنين يعملان، والبقية لا يعملون، فيقول: يا أيها العاملون، لكم الثلث أنتم، والبقية لهم الثلثان، شركاء، أو لكم النصف أنتم أيها العاملون، والنصف الثاني للشُّركاء؛ لأنَّ العامل له حقٌّ يُزاد من تعبه وعمله.
كذلك شركة المضاربة -وهي النوع الثاني- كأن يُعطي زيدٌ عمرًا مالًا، يقول زيد: اتَّجر بهذا المال، والربح بيننا، هذه يُقال لها: مضاربة، المال من شخصٍ، والعمل من شخصٍ، تُسمَّى: مضاربة، يُعطيه ألفًا، يُعطيه عشرة آلاف، يُعطيه مئة ألف، ويقول: اعمل فيها ولك النصف ولي النصف، لك الربع ولي ثلاثة الأرباع، لك الثلث ولي الثلثان، يعني: على شيءٍ معلومٍ.
والوجوه: يتَّفقون على أنَّ كلَّ واحدٍ يأخذ بوجهه، يتَّفقون على أن يأخذوا من الناس، ويبيعوا للناس، ويتصرفوا، وما حصل فهو بينهم، ما عندهم مالٌ، فقط بوجههم.
والأبدان كذلك: أنهم يشتركون فيصيدون، أو يعملون للناس عملًا، فيحترفون عند الناس بأبدانهم، ويشتركون في بناء القصور، في الصيد، في خياطة الثياب، في أعمالٍ يكسبون منها، يقولون: بيننا، نفتح دُكَّانًا نخيط للناس والربح بيننا، نفتح دكانًا نُصلح للناس أبوابًا، نصلح كراسٍ، نُصلح كذا، والربح بيننا، هذه شركة الأبدان.
والمفاوضة: يقول: المال بيننا، هذا المال نتسبب فيه: نبيع، ونشتري، تُشبه العنان، لكنَّها أوسع من العنان، كل واحدٍ يتصرف: يبيع، ويشتري، وهم متَّفقون على الربح، الأنصاف بينهم، هذا يبيع، وهذا يبيع، والمال مختلط، كل يتصرف.
فالقاعدة أن تكون الشركةُ في أعمالٍ مباحةٍ، وأن يكون الربحُ معلومًا، يعني: حصَّة الشريك معلومة، أو حصة الشركاء إن كانوا كثيرين، والباقي لمن لم يُسمَّ.
والوكالة معروفة: تُوكِّله أن يبيع بيتك، تُوكله أن يشتري لك حاجةً، توكله أن يشتري سيارةً، تُوكله أن يُنْفِق على أولادك، وهو أمينٌ، الوكيل أمين.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: التأمين الذي يقوم على المُضاربة، الذي يُسمَّى: بالتأمين الـ .....؟
ج: التأمين ..... تأخذه الشركة، وتتَّجر فيه، وتُعطيهم بعد انتهاء عمله، تُعطيه شيئًا في مقابل هذا العطاء، هذا ما يجوز، قرضًا جرَّ منفعةً، ما يصلح.
س: ما في مُضاربة؟
ج: ما في.
س: هناك شركة مضاربة يقولون: إذا أعطيتنا رأس المال لسنةٍ نُعطيك نسبة 10% من الربح، إذا تركتَ رأس المال معنا سنتين نُعطيك 20%؟
ج: من الربح، أو شيء معلوم: دراهم معلومة؟
س: يقول: من الربح، لكن تختلف نسبة الربح في زيادة السنوات.
ج: ما في بأس، إذا كان الربحُ بدراهم فلا بأس.
س: لا، هم يقولون: نسبة من الربح تختلف.
ج: يعني: يتَّجرون؟
س: أي نعم، لكن يقولون: إذا أبقيتَ المال معنا سنةً نُعطيك كذا.
ج: لكن إذا ربح يُعطونه جزءًا من الربح، ما هو بشيءٍ معلوم؟
س: أي نعم.
ج: ما هو بشيءٍ معلوم؟
س: لا، نسبة من الربح فقط.
ج: ما يُخالف.
س: لكن تختلف النسبةُ في إبقاء المال معهم؟
ج: إيه، إذا كان أكثر يتصرَّفون أكثر.
ج: مئة ألف، أو ألف، أو ألفان نتَّجر فيها ونقتسم الربح، وإن كان تخليها عندنا سنتان نُعطيك أكثر من النصف مثلًا.
س: ..............؟
ج: هذا شيء استرعاك، كالوكالة.
س: .............؟
ج: يا أخي، جزء من الربح، يُصرف للعامل من الربح عن تعبه، والناس في حاجةٍ إلى هذا، ما كلهم يستطيع أن يعمل.
س: ما تُقاس على "بيعتين في بيعةٍ" إذا ما اتَّفقا على صورةٍ قبل بمقدار؟
ج: "بيعتين في بيعةٍ" غير هذا.
س: لا تُقاس عليها؟
ج: لا.
س: يقولون للمُشترك معهم: نحن شُركاء في الربح، لا يُحددون نسبةً معينةً للربح، إذا حصل ربحٌ نتشارك، لكن إذا حصلت هناك خُسارة تتحمَّلها الشركةُ تطيبًا حتى يشترك؟
ج: المعروف عند العلماء أنه ما يصلح؛ لأنَّ المال أمانة.
س: الاشتراك للجميع؟
ج: أمانة، إلا إذا فرَّطوا، أو ضيَّعوا، أو تعدَّوا.
س: الوكالة المُطلقة: إذا وكلتُ فلانًا وكالةً مُطلقةً في كل شيءٍ في الأعمال التّجارية، هل تجوز هذه؟
ج: بأجرةٍ معلومةٍ، أو بتبرعٍ.
س: لا، بعض الناس يكتب وكالةً مطلقةً لشخصٍ؟
ج: إذا كان تبرعًا أو بأجرةٍ معلومةٍ ما في بأس، يقول: أنت وكيلٌ عني في مزرعتي، تصرَّف فيها، وتعاقد مع العمال، وتبذر ما تشاء، وتحصد ما تشاء، أنت تقوم مقامي، ولك كل شهر عشرة ريالات، ألف ريـال، ألفا ريـال، ما في بأس، وكيل.
س: هناك فئةٌ من الناس تفرض على الناس مبلغًا شهريًّا، يفتح له محلًّا ويقول له: أريد منه مبلغًا شهريًّا كذا وكذا؟
ج: من أجل أجرة المحل؟
س: فرضٌ عليه.
ج: إذا كان أجرة المحل ..... هذا غرر، هذا لا يحصل له ربح، قد ينكسر، أما أجرة المحل يقول: هذا المحل عليكم بكذا، بيعوا واشتروا أنتم في المحلِّ.
س: لا، ليس أجرًا.
ج: إن كان أجرة المحل –الدكان- ما في بأس، أما أنه يقول: لا، هذه الأموال تبيعونها لي بأجرٍ معلومٍ، يعني: تُعطوني كل شهر مئة ريـالٍ، ما يصحّ؛ لأنَّهم قد لا يربحون، قد يخسرون.
س: البنوك حلال؟
ج: البنوك الربوية ما هي حلال.
س: البنوك الشرعية نعم؟
ج: إذا كان في بنكٍ شرعيٍّ .....
س: البنوك الإسلامية؟
ج: البنوك الإسلامية على الشركة أن تبيع بالبيع الشرعي.
س: يعني: التعامل معها جائز؟
ج: إذا كان بنكًا إسلاميًّا ..... يُعامل بالمعاملة الشرعية، لا يعمل بالربا.
س: شخصٌ في البورصة له زميلٌ يبيع جهاز البيجر، يقول: إذا زاد عن تسعمئة وخمسين فالمبلغ الزائد لك، الشخص هذا ..... أن الشخص حدَّ عليه بألف وثلاثمئة ريـال، وهو ما حدَّ، هو فقط اجتهاد منه حدّ المبلغ بألف وثلاثمئة ريـال، هل هو جائز بيعه، قال: إنه ..... بألف وثلاثمئة؟
ج: يقول: إذا وصلك بألف وثلاثمئة بع، وإن زاد هو لك؟
س: نعم.
ج: ما فيه بأس، صرح ..... تبرع ما فيه بأس.
س: لو كذبوا وقالوا: إنه حدد، وما حدد، وقال له: إذا زاد عن مبلغ تسعمئة وخمسين ريـالًا فالزيادة لك؟
ج: المعنى واحد، إذا حصل في هذه السلعة ألف ريـال أنت ...، وإن زادت فهو لك.
س: ما في بأس؟
ج: لكن فقط لا يغرَّ الناس، إذا كانت السلعةُ سعرها معلومًا عند الناس لا يغرّ، يبيع مثلما يبيع الناس، أما إذا كانت السلعةُ ما لها حدٌّ، ما لها سعرٌ معلومٌ، وزاد السعر، فالزائد لك، لكن ما يجوز أن يغرَّ الناس في السعر، السعر عند الناس بمئة ريـال، وهو يبيع بمئة وعشرين يغرّ السُّذَّج.
س: حتى يستعملون، يعني: أحيانًا يقولون أنها محدودة، وهي ليست محدودة، هذه كلمة محدودة، هل يأثم عليه؟
ج: هذا بينه وبين صاحب السلعة، إذا كان ما لها سعرٌ معروفٌ في السوق يصطلح هو وإياه، أما إذا كان لها سعرٌ معلومٌ فما يصلح أن يرفعوه على الناس.
س: الجوَّال الشراكة الأصلي بعشرة آلاف ريـال، فبعضهم تجده الآن في الوقت الحاضر مضى للحكومة بصرف جوال بخمسمئة، فيبيع هو بالعشرة آلاف نفسها، هل يصلح ذلك؟
ج: ما أدري، ما عندي خبرٌ بهذا، يحتاج إلى تأمُّلٍ .....