773- وَعَنْ سَرَّاءَ بِنْتِ نَبْهَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ الرُّؤوسِ فَقَالَ: أَلَيْسَ هَذَا أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؟. الْحَدِيثَ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
774- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهَا: طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَسَعْيُكِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
775- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَرْمُلْ فِي السَّبْعِ الَّذِي أَفَاضَ فِيهِ.
رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
776- وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
777- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُ ذَلِكَ –أَي: النُّزُولَ بِالْأَبْطَحِ- وَتَقُولُ: "إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَنَّهُ كَانَ مَنْزِلًا أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
778- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّهُ خُفِّف عَنِ الْحَائِضِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
779- وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي هذا بِمِئَةِ صَلَاةٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهُداه.
أما بعد: فهذا حديث سراء بنت نبهان، ذكرت أنَّ النبي ﷺ خطب يوم الرؤوس وقال: إنَّ هذا أوسط أيام التَّشريق، ومعنى أوسط يعني: أفضلها، وهو اليوم الحادي عشر، ويحتمل أنه الثاني عشر؛ من الوسطية التي بين الشيئين: بين الحادي عشر والثالث عشر، ولكن الأول أظهر، وأنه من باب الفضل، فهو أولها، وهو الذي يلي يوم العيد.
والرؤوس: رؤوس الذبائح التي ذُبحت يوم العيد؛ لأنَّ الناس يذبحون يوم العيد ويأكلون، وتبقى الرؤوس ليوم الحادي عشر، رؤوس الإبل والبقر والغنم التي ذُبحت.
والمقصود أنه خطبهم لبيان بقية أحكام الحجِّ: أحكام الرمي، أحكام المناسك في أيام منى، وهو يدل على استحباب الخطبة في الحادي عشر أو الثاني عشر من أيام التشريق؛ لبيان أحكام النّفر من منى، وبقية أحكام الرمي، وطواف الوداع، وما قد يحتاجه الحجاجُ ويسألون عنه.
الحديث الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبي ﷺ قال لها: طوافُكِ بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيكِ لحجِّكِ وعُمرتك، كأنها رضي الله عنها قد أحرمت بالعمرة كبقية نساء النبي ﷺ، ثم نزل بها الحيضُ عند قرب مكة، في سرف، فمنعها الحيضُ من أن تطوف، فلما طهرت قال لها رسولُ الله ﷺ: اغتسلي وأحرمي بالحجِّ، ويكفيكِ لحجِّكِ وعُمرتكِ، فصارت قارنةً بعدما كانت متمتعةً بأمر النبيِّ ﷺ، وصارت قارنةً، وقال لها: طوافُكِ بالبيت وبين الصفا والمروة –يعني: بعد الحج- يكفيكِ لحجِّكِ وعُمرتكِ.
وهكذا جاء في الصحيح من حديث جابرٍ: أن النبي ﷺ قال لعائشة هذا الكلام، وهكذا غيرها ممن أحرم بالحجِّ ثم تحلل، ثم أحرم بالحجِّ بعد ذلك، حصلت له عمرة وحج، وهكذا الذين أحرموا بالعمرة، ثم أدخلوا عليها الحجَّ؛ لأنهم قارنون، صار لهم حجٌّ وعمرة قرانٍ، والوافد إلى مكة له ثلاث حالات: تارةً يُحرم بالعمرة في أشهر الحج، فهذا يُسمَّى: متمتعًا، إذا كان قصده الحج، وتارةً يُحرم بالحج مُفْرِدًا، فهذا الأفضل له أن يفسخ إلى عمرةٍ -يفسخ حجَّه- فيطوف ويسعى ويُقصِّر ويتحلل، كما أمر النبيُّ ﷺ الصحابة الذين أحرموا بالحجِّ وليس معهم هديٌ.
والحالة الثالثة: يُحرم بالعمرة والحجِّ جميعًا، كذلك يُستحب له أن يطوف ويسعى ويُقصِّر ويتحلل، إلا إن كان معهم هديٌ، هذا هو الأفضل في حقِّ الوافدين إلى مكة خلال أشهر الحج للحجِّ، أما مَن كان معه هديٌ فإنه لا يحلّ: إن كان يُحرم بحجٍّ يبقى على حجِّه، أحرم بعمرةٍ يضم إليها الحجَّ ويصير قارنًا، ما دام قد ساق الهدي، فإذا تحلل يوم النحر تحلل من إحرامه.
ومثله النُّفساء: كزوجة الصديق، فإنها رضي الله عنها ولدت في الميقات محمد بن أبي بكر، حجَّت وهي نُفساء، وهي مثل الحائض؛ تبقى على حالها حتى تطهر ثم تطوف وتسعى لحجِّها، وإن كانت قارنةً ...... لحجِّها وقرانها كما فعلت عائشةُ رضي الله عنها.
وحديث أنسٍ يدل على أن السنة يوم النحر أن تكون صلاة الظهر والعصر في مكة، إذا نفر يوم الثاني عشر أو الثالث عشر ينفر قبل الظهر -قبل الصلاة- ويُصلي في الأبطح، أو في بيته ..... ذلك اليوم؛ لأنَّ الرسول ﷺ نفر يوم الثالث عشر وصلَّى بالأبطح الظهر والعصر والمغرب والعشاء، والفجر صلَّاه في المسجد الحرام، ثم نفر إلى المدينة عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل إذا تيسر.
وكانت عائشةُ رضي الله عنها تقول: "إنَّ هذا ليس بسنةٍ، إنما هو منزلٌ نزله لأنه كان أسمح لخروجه"، وهكذا جاء عن ابن عباسٍ بهذا المعنى، وأما ما هو معروفٌ عن الصديق وعمر رضي الله عنهما النزول بالأبطح كما فعل النبيُّ ﷺ، وهذا هو الأصل في أعماله: التَّعبد، فإذا انصرف من منى في اليوم الثالث عشر فالأفضل أن تكون صلاةُ الظهر والعصر في مكة، لا يُصليها في منى، ينتقل من منى إلى مكة، سواء في الأبطح، أو في غير الأبطح، إذا نزل في الأبطح فلا بأس، وإلا ينزل في أي مكانٍ يُصلي الظهر .....، وإن كان ما عنده جماعة يقصد مسجد جماعةٍ، لا يُصلي وحده، وإن كانوا جماعةً صلّوا في منزلهم كما نزل النبيُّ ﷺ في الأبطح، وكان يُصلي في الأبطح عليه الصلاة والسلام.
وحديث ابن عباسٍ: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت"، هذا هو الواجب: أن النهاية في الحجِّ يطوف للوداع سبعة أشواطٍ فقط، ما في سعي، يُسمَّى: طواف الوداع، كما فعله النبيُّ ﷺ، فإنه صلَّى بالناس الفجر يوم أربعة عشر، ثم طاف للوداع، ثم خرج في صباح اليوم الرابع عشر.
وهذا الطواف ليس فيه رمل، وكذا طواف الإفاضة ليس فيه رمل، الرمل في طواف القدوم، ولهذا جاء في حديث ابن عباسٍ: "لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه"، والرمل: المسارعة في الخُطى، مع الخبب: التَّقارب بين الخُطى، يعني: فوق المشي، ودون الركض، هذا هو، هذا في طواف القدوم فقط، أما طواف الإفاضة والطواف المستحبّ -طواف الوداع- فما فيه رمل، يمشي المشي العادي.
وعليه أن يطوف الوداع قبل أن يخرج، وإن كان طواف الإفاضة عليه طاف عند الخروج أجزأ .....، فالمقصود أن يكون آخر عهده بالبيت، فإن طافهما كان أكمل: طاف طواف الإفاضة، ثم طاف طواف الوداع، يكون أكمل وأكثر أجرًا.
الحديث الأخير: حديث ابن الزبير: أن النبي ﷺ قال: صلاةٌ في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاةٍ فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاةٌ في المسجد الحرام أفضل من صلاةٍ في مسجدي هذا بمئة صلاةٍ، وفي الحديث الآخر: صلاةٌ في مسجدي هذا بألف صلاةٍ، وصلاةٌ في المسجد الحرام بمئة ألف صلاةٍ، هذا فضلٌ عظيمٌ في المسجد الحرام ومسجد النبي ﷺ، الصلاة بمسجد النبي ﷺ بألف صلاةٍ مما سواه، يعني: تضاعف، فالصلاة في المسجد الحرام خيرٌ من مئة ألف صلاةٍ، وهذا فضلٌ عظيمٌ في الصلاة في المسجد الحرام.
أما بقية الأعمال لم يثبت شيءٌ: كالصوم والصَّدقة، ما ثبت فيها مُضاعفة محدودة تضاعف، لكنَّ الله أعلم بالعدد، إنما ثبت هذا بالصلاة، وجاء في الصوم حديثٌ ضعيفٌ: أنه يُضاعف إلى مئة ألفٍ، لكنه حديثٌ ضعيفٌ، فأعمال الخير تُضاعف في مكة، لكن لا يعلم عدد المضاعفة إلا الله، أما الصلاة فبيَّن الرسولُ ﷺ أنها تُضاعف مئة ألف، وهذا فضلٌ من الله وجوده وكرمه سبحانه وتعالى في هذا البلد الأمين، وهذا يدل على فضل الإقامة في مكة لهذا الخير العظيم، ومُضاعفة الصلاة فيه، ومُضاعفة الأعمال الصَّالحة لمن تحفَّظ وابتعد عن السيئات وهجرها، فله خيرٌ عظيمٌ في الإقامة في مكة لهذا الخير العظيم، لكن السيئات فيها أيضًا عظيمة وخطيرة، وتضاعف في الإثم، لا من جهة العدد، قال تعالى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25]، هذا لمن أراد، كيف إذا عمل؟!
نسأل الله العافية والسَّلامة.
الأسئلة:
س: صلاة في المسجد الحرام أو المسجد النبوي، سواء كان فريضةً أو نفلًا؟
ج: نعم، الحديث عام.
س: ..... يوم الرؤوس يوم الحادي عشر؟
ج: يوم الرؤوس، الرؤوس تُذبح يوم العيد، ويحتمل أنه اليوم الثاني، وأن رؤوس العيد ورؤوس الحادي عشر.
س: الشخص إذا كان اعتكف في مكة شهرًا، هل الأفضل في حقِّه أن يُصلي في شقةٍ أم يُصلي في المسجد الحرام؛ لقوله: صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة؟ هل على إطلاقه أم هذا خاصٌّ بمَن كان ساكنًا؟
ج: أيش الذي أشكل عليك؟
س: في رمضان يصوم شهرًا، فالأفضل في حقِّهم تطوع في المسجد الحرام، وكذلك في المسجد النبوي، ولا يقصدون، حتى المرأة الأفضل في حقِّها أن تُصلي في الحرم؟
ج: الأفضل في البيوت؛ لقوله ﷺ لما خطب الناس في المدينة: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة، لما صلَّى بهم بعض الليالي في رمضان ترك، ثم قال: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة، يعمُّ الوتر والتراويح وغيرها، النبي ﷺ قال: إني أخشى أن تُفرض عليكم، خاف أن تُفرض عليهم صلاةُ الليل، فلما تُوفي النبيُّ ﷺ واستُخْلِفَ عمر جمع الناسَ وصلَّى بهم التراويح خلف أُبي؛ لأن ..... لما توفي النبيُّ ﷺ أمن الفرض، وقد كان صلَّى بهم عدة ليالٍ، وكانوا صلّوا في المسجد أوزاعًا، وأقرهم النبيُّ ﷺ في طلب الفضل، وفي العشر الأخيرة طلب ليلة القدر.
س: التَّطوعات المُطلقة؟
ج: كلها في البيت، الأفضل في البيت.
س: حتى لو كان .....؟
ج: نعم في البيت، إلا ما شُرع له الجماعة: كصلاة التراويح، وصلاة الكسوف، وصلاة الاستسقاء، هذه تُصلَّى في المساجد أو في المصلَّى.
س: طواف الإفاضة: مَن أخَّره إلى يوم الخامس عشر هل عليه دمٌ؟
ج: لا، ما عليه شيءٌ، يُؤخِّره حتى ..... ولو في المحرم، ما عليه شيء، لكن بعض العلماء قال: يُؤخِّره عن ذي الحجة، كالحنفية، ولكنه قولٌ ضعيفٌ، إلا أنه إن سارع أفضل، كونه يُسارع في أيام الحج كلما سارع أفضل، لكن لو أخَّر طواف الإفاضة ..... في محرم أو في صفر ..... ما في شيء.
س: الصلاة في المسجد الأقصى؟
ج: ورد فيه خمسمئة صلاة.
س: هل الحديث صحيحٌ؟
ج: لا أعلم به بأسًا .....
س: مَن أخَّر طواف الإفاضة مع الوداع كيف يُطبق سنة الرّمل؟
ج: ما في رمل في طواف الإفاضة، الرمل في طواف القدوم خاصةً، والاضطباع في طواف القدوم خاصةً، أما طواف الإفاضة والوداع والطّوافات كلها ما فيها رمل، ولا فيها اضطباع، يكون الرداء على كتفيه، إلا طواف القدوم خاصةً يضطبع ويجعل رداءه وسط إبطه الأيمن، وأطرافه على عاتقه الأيسر، ويرمل بالأشواط الثلاثة خاصةً في طواف القدوم.
س: وإذا لم يطف طواف القدوم ..... هل قدومه يكون طواف الإفاضة وطواف الوداع؟
ج: ..... لما فرغ من الحجِّ نزل إلى المسجد الحرام فطاف الإفاضة وطواف القدوم، فعل هذا وهذا.
س: ..... يرمل ويضطبع، يكون في حقِّه الرمل والاضطباع؟
ج: نعم، هذا أول طوافٍ بعدما قدم، يُسمَّى: طواف القدوم، ويُسمَّى: طواف الإفاضة.
س: مضاعفة الصَّلوات خاصٌّ بالمسجد الحرام أو يشمل الحرم؟
ج: يشمل الحرم كله، كل الحرم محل مضاعف، كله يُسمَّى: المسجد الحرام، إلا المدينة، لا، المدينة .....
س: الحائض والنُّفساء إذا خافت فوات الرُّفقة، ولم تطف الإفاضة، يُقاس على التَّحلل بالإحصار؟
ج: ما عندها أحدٌ يعني؟
س: ما عندها أحدٌ.
ج: ما عندها أحدٌ حتى تطوف؟
س: لا، ما عندها أحد.
ج: يقول بعضُ أهل العلم أنها تتحفَّظ وتطوف للضَّرورة، كما اختاره شيخُ الإسلام ابن تيمية عند الضَّرورة، وإذا أمكن تذهب معهم .....، هذا أحوط خروجًا من خلاف الأكثر؛ لقوله ﷺ: أحابستنا هي؟! لما قالوا أنها قد حاضت –صفية- فلما قالوا أنها قد طافت طواف الإفاضة قال: اخرجي، إن تيسر بقاؤها فهو أحوط، أو عودتها فهو أحوط، أما إن اضطرت فإنها تطوف على حالها للضَّرورة.
س: ما يسقط على المُحصر؟
ج: المحصر له أحكامٌ أخرى، هي أدَّت أعمال الحجِّ، ما بقي إلا هذه.
س: ما يسقط ..؟
ج: لا، لا ..... كأنها ما حجَّت، معناه: بقي حجُّها مُعلَّقًا، أما إذا طافت بهذه الرخصة طافت لأنَّها مُضطرة، فحجُّها تمَّ.
س: يقصد ترك الطَّهارة؟
ج: هذا على هذا القول أنها مُضطرة فتجلس، وأن تنتظر الطَّهارة.
س: يُقال: إن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ما قام يُصلي، قعد، ما صلَّى التراويح، وكذلك عمر؟
ج: مشغولٌ بأهل الردة .....، ثم لما رآهم عمر أوزاعًا في المسجد كما كان في عهد النبي قال: "لو جمعتُهم"، فجمعهم، واستمرَّ في عهد عمر وعثمان وعلي، واستقرَّ أمرُ الصحابة على هذا، وهو الأفضل، كما فعله النبيُّ ﷺ؛ لأنَّ الخوف الذي خافه النبيُّ: أخاف أن تُفْرَض عليكم قد أمن، قد انقطع الوحيُ.
بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ
780- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "قَدْ أُحْصِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَحَلَقَ رأسَه، وَجَامَعَ نِسَاءَهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ، حَتَّى اعْتَمَرَ عَامًا قَابِلًا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
781- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ، وَأَنَا شَاكِيَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
782 و783- وَعَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ كُسِرَ أَوْ عُرِجَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، قَالَ عِكْرِمَةُ: فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَا: صَدَقَ.
رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.
الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهُداه.
فوات الحجّ والإحصار عن أداء الحج، الفوات: كونه يأتي للحجِّ ويفوته الحجُّ، يعني: يفوت يوم عرفة قبل أن يُدركه، لا يُدرك عرفة، فهذا إذا فاته الحجُّ يتحلل بعمرةٍ ويقضي إن كان ..... الحجّ على الفريضة يقضي؛ يهدي هديًا، ذبيحة تُذبح في مكة للفقراء، وإن كان قد حجَّ فالحمد لله، وإنما يتحلل بعمرةٍ.
أما المحصر فمثلما قال ابن عباسٍ: "أحصر رسول الله ﷺ فنحر هديه، وحلق رأسه، ثم اعتمر عامًا قابلًا"، وهذا يوم الحُديبية لما منعه المشركون من أداء عمرته في سنة ستٍّ من الهجرة، صالحهم على أنه يرجع إلى المدينة، فنحر هديه، وحلق رأسه، وتحلل، وأمر الصحابة بذلك، وأنزل الله في هذا قوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196].
وفي حديث المسور: نحر النبيُّ قبل أن يحلق، وأمر أصحابه بذلك، وهذا هو السنة؛ مَن أُحصر ينحر ثم يحلق ثم يتحلل، منعه العدو من الحجِّ، أو منعه من العمرة، أو مرض من .....، أو كسر، أو عرج كما في حديث الحجاج بن عمرو، وحال بينه وبين العمرة أو الحجِّ؛ يتحلل، أو يشترط كما في حديث ضُباعة بنت الزبير، قال: حُجِّي واشترطي أنَّ محلِّي حيث حبستني، فإذا أحرم وقال في الإحرام: "فإن حبسني حابسٌ فمحلِّي حيث حبستني"، ثم أصابه إحصارٌ أو مرضٌ يمنعه يتحلل ولا عليه شيء، المسلمون على شروطهم، والعبد له على ربِّه بما استثنى.
ولهذا لما أحصر النبيُّ ﷺ وأصحابه حلّوا: نحروا هديَهم وحلقوا وحلّوا، أما مَن اشترط فإنه يحلّ وليس عليه شيءٌ، إذا قال عند الإحرام: "إن حبسني حابسٌ فمحلِّي حيث حبستني"، ثم حبسه عدو أو مرضٌ، فإنه يحلّ ولا شيء عليه.
وهكذا المرأة إن جاءت العمرةَ وخافت أن يحبسها الحيض وقالت: "إن حبسني حابسٌ فمحلِّي حيث حبستني"، ثم جاءها الحيضُ قبل أن تطوف، وقبل أن تسعى تحلّ؛ لأنَّ لها على ربِّها ما استثنت، والله جلَّ وعلا رؤوفٌ بعباده، وأرحم بهم من أنفسهم، وقد قال لها ﷺ: إنَّ لكِ على ربِّك ما استثنيتِ، فهكذا مَن أصابه ما يمنع يكون مثل ضباعة بنت الزبير؛ يتحلل ويشترط الشرط، أما إذا كان ما هناك شرطٌ فإنه ينحر هديه، ولو ذبيحة واحدة ينحرها، ثم يحلق رأسه أو يُقَصِّر .....، فإن لم يجد صام عشرة أيام، ويتحلل من حجِّه وهو مُحصر.
وقوله: من كسرٍ أو عرج فقد حلَّ وعليه دم الإحصار كما تقدَّم، وهذا مطلق، وحديث النبي ﷺ يدل على المعنى، وأنه لا بدّ من الهدي، كما قال تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196].
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: ما شرعية الاشتراط؟
ج: مثلما قال النبيُّ ﷺ لضباعة: حجِّي واشترطي بأن تكون عند الإحرام وتقول عند الإحرام: "إنَّ محلِّي حيث حبستني".
س: لمَن هو خائف؟
ج: الأفضل الذي ما يخاف ما يقول، لكن الآن في خوفٍ؛ لأنَّ السيارات حوادثها كثيرة، أقول: حوادث السيارات كثيرة، فإذا قاله احتياطًا فحسنٌ إن شاء الله؛ لأنه هنا تقع مُصادمات، وهنا انقلابات، حوادث السيارات كثيرة، فإذا قاله ينفعه.
س: هل نحر الهدي في غير الحرم خاصٌّ بالمُحصر؟
ج: في محلِّه: إن كان في الحرم في الحرم، وإن كان في الحلِّ في الحلِّ.
س: ولا يُقاس عليه غيره؟
ج: لا، الهدي الذي يتعلق بالحجِّ والعمرة كله في الحرم: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة:95]، لكن المحصر في محلِّه الذي أُحصر فيه.
س: لو أتى واحدٌ إلى الميقات، ثم اشترط وقال مثلًا: إذا دخلوني التَّفتيش، على أساس أنه مثلًا بالنسبة للإخوة المُقيمين هنا في السعودية، ما معهم تصاريح لدخول الحج، لو اشترط أحسن الله إليك ومنعه التَّفتيش يرجع وما يكون عليه شيء؟
ج: نعم.
س: التَّلفظ بالاشتراط؟
ج: نعم، يتلفَّظ به.
س: يكون حديث حجاج بن عمرو ..؟
ج: مقيد بحديث صُلح الحُديبية نعم.
س: قول: "إني شاكية" ما يدخل في شرطٍ في الجواب: حجِّي واشترطي، تكون الشَّكوى شرطًا؟
ج: نعم، إذا كانت مريضةً، أو من خوفٍ، أو ما أشبه ذلك، أو كثرة الحوادث.
س: الاشتراط في العمرة والحج؟
ج: عامٌّ نعم.
س: مَن فاته الحجُّ يكون -يعني- واجبًا عليه الدَّم؟
ج: ذبيحة ..... سُبع من الإبل، أو سبع من البقر، أو رأسًا من الغنم، كما أفتى به عمر وغيره.
س: ضابط الإحصار: كل ما يمنع عن الحجِّ؟
ج: كل ما يمنع، الصواب أنه ما يختص بالعدو، حتى ..... حكمه حكم الإحصار، بعض أهل العلم قال: يختص بالعدو، والصواب أنه ما يختص بالعدو.
س: أيّهم أفضل لولي: أن الحج ..... ابنته أو لزوجها إذا تزوجت؟ أيّهما أفضل قبل أن تتزوج ..... أو إذا تزوجت؟
ج: ..... ما عليه حجٌّ حتى تكون عندها قُدرة على الحجِّ، أما كونه هو يُحججها فهذا من باب المعروف، جزاه الله خيرًا، أحججها قبل الزواج أو بعد الزواج الأمر واسعٌ، ما يلزمها حجٌّ إلا بالاستطاعة، يكون عندها مالٌ تستطيع؛ لأنَّ الله قال: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، استطاعة أبيها أو جدّها أو أخيها لا تجعلها مُستطيعةً هي.
س: الخوف شرطٌ من الاشتراط؟
ج: نوعٌ من الأسباب، سببٌ من الأسباب: كالخوف والمرض وقلَّة النَّفقة، وعدم النَّفقة، وما أشبه ذلك.
س: إذا خشيت المرأةُ أن تحيض إذا أتت الحرمَ لها الاشتراط؟
ج: نعم في العمرة؛ لأنها قد تنحبس، أما في الحجِّ فوقتُه واسعٌ، الحجُّ ما يكون إحصارًا، لكن مع العُمَّار قد تضطر إلى هذا؛ لأنَّهم ما يُخلُّونها.