018 فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة الضحى

فَصْلٌ
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ ﷺ وَهَدْيِ أَصْحَابِهِ: سُجُودُ الشُّكْرِ عِنْدَ تَجَدُّدِ نِعْمَةٍ تَسُرُّ، أَوِ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ، كَمَا فِي "الْمُسْنَدِ" عَنْ أبي بكرة: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا أَتَاهُ أَمْرٌ يَسُرُّهُ خَرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا؛ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى.
وَذَكَرَ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أنسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بُشِّرَ بِحَاجَةٍ، فَخَرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا.
وَذَكَرَ البيهقي بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ: أَنَّ عليًّا لَمَّا كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِإِسْلَامِ همدان، خَرَّ سَاجِدًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَى همدان، السَّلَامُ عَلَى همدان، وَصَدْرُ الْحَدِيثِ فِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ"، وَهَذَا تَمَامُهُ بِإِسْنَادِهِ عِنْدَ البيهقي.
الطالب: عبدالله بن المثنى بن عبدالله بن أنس بن مالك الأنصاري، أبو المثنى، البصري، صدوق، كثير الغلط، من السادسة. (خ، ت، ق).

الشيخ: موسى، عن عبدالله بن المثنى بن عبدالله بن أنس، عن عمِّه .....، ما ذكر موسى مُطلقًا؟

الطالب: .........

الشيخ: مُبهم.

الطالب: ..........

الشيخ: مَن عزا هذا؟

الطالب: قال الترمذي: غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

الشيخ: يُراجع الترمذي، صلاة الضحى، حطّ عليه إشارة، يُراجع.

وَفِي "الْمُسْنَدِ" مِنْ حَدِيثِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَجَدَ شُكْرًا لَمَّا جَاءَتْهُ الْبُشْرَى مِنْ رَبِّهِ أَنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ.

وَفِي "سُنَنِ أبي داود" مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَفَعَ يَدَيْهِ فَسَأَلَ اللَّهَ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي، وَشَفَعْتُ لِأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الثَّانِيَ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَ رَفَعْتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخَرَ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي.

الشيخ: لمن عزاه؟

الطالب: "سنن أبي داود".

الشيخ: المقصود أمّته التي أجابت، غير أمة الدَّعوة، أمة الإجابة الذين أجابوا ودخلوا في الإسلام، الله وعدهم النَّجاة، وإن جرى عليهم ما قد يجري من عقوبةٍ، فمصيرهم إلى الجنة؛ لأنهم أجابوا ودخلوا في دين الله وأسلموا، فهم وإن جرى عليهم بعض العقوبات على ما قد اقترفوا من معاصٍ، ودخلوا بها النار، فالنهاية النَّجاة، ولا يُخلد في النار مسلم أبدًا، وإنما التَّخليد في النار للكفرة الذين ماتوا على كفرهم وضلالهم، وأما العُصاة فقد يدخلون النار ولا يُعفا عنهم، فيُعذَّبون على قدر معاصيهم، لكن لا يُخلدون في النار الخلود الدائم الذي هو خلود الكفار، وأنَّ مَن خُلد منهم فيها فهو خلود له نهاية، خلود مُؤقت له نهاية، ثم ينتهي، فيُخرجهم الله من النار إلى الجنة بإسلامهم وتوحيدهم، وما لديهم من الخير.

وفي هذا أخبر ﷺ أنه يخرج من النار مَن كان في قلبه مثقال حبَّة خردلٍ من إيمانٍ، ولا يُخلد فيها الخلود الدائم الأبدي إلا مَن كان كافرًا بالله ، قد حبط عمله، وليس له عمل صالح، نسأل الله العافية.

س: ............؟

ج: مثل سجود التلاوة سواء بسواء، الصحيح أنه لا يحتاج طهارةً، فيه خلاف: الجمهور على أنه لا بدَّ من الطهارة، والصواب أنه لا يحتاج إلى طهارةٍ.

وَسَجَدَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ لَمَّا جَاءَتْهُ الْبُشْرَى بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَذَكَرَ أحمدُ عَنْ عليٍّ : أَنَّهُ سَجَدَ حِينَ وَجَدَ ذا الثّدية فِي قَتْلَى الْخَوَارِجِ.

وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ سَجَدَ حِينَ جَاءَهُ قَتْلُ مُسيلمة.

س: ............؟

ج: ما في مانع، إذا بُشر بولدٍ، أو بُشر بزوال مصيبةٍ عظيمةٍ نزلت به، نسأل الله السَّلامة.

س: .............؟

ج: فيه خلاف بين الأئمة: والجمهور على أنه لا بدَّ من الوضوء لسجود التلاوة وسجود الشُّكر، ولكن الصحيح أنه لا يجب؛ لأنَّ هذا يقع مفاجئًا، والصحيح أنه لا تُشترط له الطَّهارة، بل متى بُشر بما يسرُّه سجد لله، وإن كان على غير طهارةٍ، هذا هو الصواب المعتمد، وهكذا إذا تلا آية السجدة شُرع له السجود وإن كان على غير طهارةٍ، ثبت هذا عن ابن عمر ، وثبت عن الشَّعبي أيضًا.

فَصْلٌ

فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ

كَانَ ﷺ إِذَا مَرَّ بِسَجْدَةٍ كَبَّرَ وَسَجَدَ، وَرُبَّمَا قَالَ فِي سُجُودِهِ: سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ.

وَرُبَّمَا قَالَ: اللَّهُمَّ احْطُطْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاكْتُبْ لِي بِهَا أَجْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ، ذَكَرَهُمَا أَهْلُ السُّنَنِ.

وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ لِلرَّفْعِ مِنْ هَذَا السُّجُودِ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ الخرقي وَمُتَقَدِّمُو الْأَصْحَابِ، وَلَا نُقِلَ فِيهِ عَنْهُ تَشَهُّدٌ وَلَا سَلَامٌ الْبَتَّةَ.

وَأَنْكَرَ أحمدُ وَالشَّافِعِيُّ السَّلَامَ فِيهِ، فَالْمَنْصُوصُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا تَشَهُّدَ فِيهِ وَلَا تَسْلِيمَ.

وَقَالَ أحمد: أَمَّا التَّسْلِيمُ فَلَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي غَيْرُهُ.

الشيخ: وما ذاك إلا لأنَّ السنة جاءت بالسُّجود فقط، ولم تأتِ بالسلام ولا بالتكبير الثاني، وإنما جاء في رواية أبي داود والحاكم أنه كان إذا سجد كبَّر، من أول ما يسجد يقول: الله أكبر ويسجد عند مروره على آيات السُّجود، وهو خضوع لله، وذكر له ، وطاعة له، وقُربة له، كما قال : فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [النجم:62]، فالسجود من التَّقرب إلى الله، ومن العبادات العظيمة، والعبادات توقيفية: لا يُزاد فيها شيء لم يرد، ولم يرد في سجود التلاوة التكبير الثاني، ولا التَّشهد، ولا التسليم.

وذهب بعضُ أهل العلم إلى إلحاقها بالنَّوافل، قالوا: كأنها صلاة مُستقلة، ويُكبر لها ثانيًا، ويتشهد لها ويُسلم. قال بعضُهم: يُسلم ولا يتشهد.

والصواب ما قال العلامة ابن القيم رحمه الله هنا: ليس هناك شيء مشروع هنا، وإنما يسجد ثم يرفع ويقرأ إن شاء، أو يسجد ويقوم، انتهى الأمر.

أما تكبيره أول ما يُكبر فالأفضل أن يُكبر؛ لأنه روى أبو داود أنَّ النبي كبَّر، وفي سنده لين، لكن ما رواه الحاكم من طريقٍ جيدةٍ: التكبير عند السجود، وأما إذا كان في الصلاة فيُكبر عند الرفع والسجود، إذا كان في الصلاة؛ لأنَّ الرسول كان إذا نهض كبَّر، وإذا رفع كبَّر في الصلاة، فهو يُكبر في كل خفضٍ ورفعٍ في صلاته عليه الصلاة والسلام، فإذا كان في الصلاة كبَّر عند الخفض، وكبَّر عند الرفع من سجود التلاوة، وأما في خارج الصلاة فليس فيه إلا تكبير واحد عند السُّجود.

س: تلزم الطَّهارة للسُّجود؟

ج: الصواب لا تلزم فيه الطَّهارة، يسجد على حاله.

س: إذا كانت الصلاةُ سريةً؟

ج: الأفضل في السّرية ألا يسجد إذا كان إمامًا، أما إذا كان وحده لا بأس.

س: ............؟

ج: الأمر واسع، لا أحفظ فيه شيئًا صحيحًا، يُروى عن عائشة القيام، ولكن ما نحفظ فيه شيئًا عن النبي ﷺ أنه كان يقوم.

س: .............؟

ج: سنة، السجود سنة، ليس بواجبٍ.

س: ............؟

ج: مثل سجود الصلاة: "سبحان ربي الأعلى"، ويدعو فيه: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي"، مثل سجود الصلاة.

س: .............؟

ج: على أي حالٍ يسجد إلى القبلة إذا تيسر، وإذا كان مربوطًا أو ما يستطيع سجد على أي حالٍ.

س: .............؟

ج: السنة إذا سجد يسجدون معه.

س: .............؟

ج: الله أعلم، النبي عليه السلام قال: إذا سجد فاسجدوا.

س: .............؟

ج: سجد وجهي، نعم.

س: ثابت هذا؟

ج: نعم، مستحب، ومستحب في سجود الصلاة أيضًا، في سجود التلاوة، وفي سجود الصلاة أيضًا.

س: .............؟

ج: هذا فيه بعض الضعف، يُروى أنَّ رجلًا سجد وسجدت معه شجرة، فسمعها تقول هكذا، فأخبر به النبي ﷺ، قال: "فسمعتُ النبيَّ دعا به في بعض سجداته"، والسند فيه بعض المقال -حديث الشجرة- ولهذا اعتمده ابنُ القيم، أيش قال المحشي عليه؟

الطالب: رواه ابن عباس والترمذي وابن ماجه في "إقامة الصلاة" باب "سجود القرآن"، وفي سنده الحسن بن محمد بن عبيدالله لم يُوثقه غير ابن حبان، ومع ذلك فقد صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، ووافقه الذَّهبي.

الشيخ: نعم، فيه الدَّعوات هذه .....

س: .............؟

ج: نعم، نعم، الطفل الأرجح أنه يُصلَّى عليه إذا كان جاوز الأربعة ونُفخت فيه الروح، وقبلها ما يُصلَّى عليه.

س: في دعاء مخصوص للطفل؟

ج: يُروى: "اللهم اجعله لوالديه فرطًا، واجعله شفيعًا مجابًا".

س: ............؟

ج: نعم، نعم.

وَصَحَّ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ سَجَدَ فِي الم تَنْزِيلُ.

الشيخ: نعم، في حديث المغيرة: والسقط يُصلَّى عليه، ويُدعا لوالديه.

وَصَحَّ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ سَجَدَ فِي الم تَنْزِيلُ، وَفِي (ص)، وفي (النَّجْمِ)، وَفِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ [الانشقاق]، وَفِي اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق].

وَذَكَرَ أبو داود عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَقْرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً، مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ، وَفِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَانِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ: "سَجَدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً، لَيْسَ فِيهَا مِنَ الْمُفَصَّلِ شَيْءٌ: الْأَعْرَافُ، وَالرَّعْدُ، وَالنَّحْلُ، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَرْيَمُ، وَالْحَجُّ، وَسَجْدَةُ الْفُرْقَانِ، وَالنَّمْلُ، وَالسَّجْدَةُ، وَص، وَسَجْدَةُ الْحَوَامِيمِ"، فَقَالَ أبو داود: رَوَى أَبُو الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً، وَإِسْنَادهُ وَاهٍ.

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَسْجُدْ فِي الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ. رَوَاهُ أبو داود. فَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: فِي إِسْنَادِهِ أبو قدامة الحارث بن عبيد، لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: أبو قدامة مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: صَدُوقٌ عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيُّ: كَانَ شَيْخًا صَالِحًا مِمَّنْ كَثُرَ وَهْمُهُ.

وَعَلَّلَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بمطر الوراق، وَقَالَ: كَانَ يُشْبِهُهُ فِي سُوءِ الْحِفْظِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَعِيبَ عَلَى مسلمٍ إِخْرَاجُ حَدِيثِهِ. انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَلَا عَيْبَ عَلَى مسلمٍ فِي إِخْرَاجِ حَدِيثِهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَقِي مِنْ أَحَادِيثِ هَذَا الضَّرْبِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ حَفِظَهُ، كَمَا يَطْرَحُ مِنْ أَحَادِيثِ الثِّقَةِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ غَلِطَ فِيهِ، فَغَلِطَ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَنِ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ إِخْرَاجَ جَمِيعِ حَدِيثِ الثِّقَةِ، وَمَنْ ضَعَّفَ جَمِيعَ حَدِيثِ سَيِّئِ الْحِفْظِ.

فَالْأُولَى طَرِيقَةُ الحاكم وَأَمْثَالِهِ، وَالثَّانِيَةُ طَرِيقَةُ أبي محمد ابن حزم وَأَشْكَالِهِ، وَطَرِيقَةُ مسلم هِيَ طَرِيقَةُ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

الشيخ: وهذا يدل على بطلان هذا الحديث، وأنه ليس بصحيحٍ، والقول بأنه لم يسجد في المفصل بعد أن هاجر، يدل على بطلان هذا ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة قال: "شهدتُ مع النبي ﷺ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ [الانشقاق] واقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق]"، وأبو هريرة إنما أسلم في السنة السابعة من الهجرة، قال: "سجدتُ مع النبي ﷺ"، فدلَّ ذلك على أنَّ السجود في المفصل لم يُنسخ: أن الرسول لم يسجد في المفصل في المدينة عليه الصلاة والسلام.

س: .............؟

ج: كذلك سنة شهد فيها النبي، رواه البخاري.

وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَجَدَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق]، وَفِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ [الانشقاق]، وَهُوَ إِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ مَقْدِمِ النَّبِيِّ ﷺ الْمَدِينَةَ بِسِتِّ سِنِينَ أَوْ سَبْعٍ، فَلَوْ تَعَارَضَ الْحَدِيثَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَتَقَاوَمَا فِي الصِّحَّةِ، لَتَعَيَّنَ تَقْدِيمُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ، مَعَهُ زِيَادَة عِلْمٍ خَفِيَتْ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَكَيْفَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ؛ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ مِنَ الضَّعْفِ مَا فِيهِ؟! وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

س: .............؟

ج: لا يرد مطلقًا، ولا ..... مطلقًا إذا جاءت له شواهد ولم ..... ما يقدح فيه قبل، وإذا كان هناك ما هو أقوى منه ترك المخالف.

فَصْلٌ

فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي الْجُمُعَةِ وَذِكْرِ خَصَائِصِ يَوْمِهَا

ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ، وَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ: الْيَهُودُ غَدًا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ.

وَفِي "صَحِيحِ مسلم" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وحُذيفة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَضَلَّ اللَّهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللَّهُ بِنَا فَهَدَانَا لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالْأَحَدَ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ.

الشيخ: وهذا من نعم الله على هذه الأمة: أنها يُقضى لها قبل الخلائق، وتدخل الجنة قبل الخلائق، وأول أمةٍ يُقضى بينها هذه الأمة، وأول مَن يدخل الجنة من الأمم أمة محمدٍ عليه الصلاة والسلام، يعني: المستجيبين المؤمنين.

وَفِي "الْمُسْنَدِ" وَالسُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أوس بن أوسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟ يَعْنِي: قَدْ بَلِيتَ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ.

وَرَوَاهُ الحاكمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ".

الشيخ: علَّق عليه؟

الطالب: رواه أحمد في "المسند"، وأبو داود في "الجمعة" باب "تفريع أبواب الجمعة"، والنسائي في "الجمعة" باب ..... الصلاة على النبي ﷺ يوم الجمعة، وابن ماجه في "إقامة الصلاة" باب "فضل الجمعة"، إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، ووافقه الذهبي، وحسَّنه المنذري، وابن حجر، وصححه النووي في "الأذكار"، وله شاهد من حديث أبي الدَّرداء عند ابن ماجه، وآخر من حديث أبي أمامة عند البيهقي.

وَفِي "جَامِعِ الترمذي" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ: فِيهِ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ. قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَصَحَّحَهُ الحاكم.

وَفِي "الْمُسْتَدْرَكِ" أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: سَيِّدُ الْأَيَّامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ: فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

س: ............؟

ج: نعم، صحيح.

س: أخرجه مسلم؟

ج: هو الظاهر، نعم.

وَرَوَى مالك فِي "الْمُوَطَّأ" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ: فِيهِ خُلِقَ آدَمَ، وَفِيهِ أُهْبِطَ، وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَاتَ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ مُصِيخَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ حِينِ تُصْبِحُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ؛ شَفَقًا مِنَ السَّاعَةِ، إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

قَالَ كعب: ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمٌ. فَقُلْتُ: بَلْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، فَقَرَأَ كعب التَّوْرَاةَ، فَقَالَ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ثُمَّ لَقِيتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ سَلَامٍ فَحَدَّثْتُهُ بِمَجْلِسِي مَعَ كعبٍ، قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَيَّةَ سَاعَةٍ هِيَ. قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي بِهَا. قَالَ: هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ. فَقُلْتُ: كَيْفَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي، وَتِلْكَ السَّاعَةُ لَا يُصَلَّى فِيهَا؟! فَقَالَ ابنُ سلام: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ؟

وَفِي "صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ" مَرْفُوعًا: لَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ عَلَى يَوْمٍ خَيْرٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ.

الشيخ: ومعنى هذا أنَّ المنتظر في حكم المصلي، قوله في الحديث: وهو قائمٌ يُصلي يعني: ينتظر الصلاة، ويحتمل أنَّ مراد النبي ﷺ ما هو أوسع من ذلك، فيكون وقت السَّاعة التي تُجاب فيها الدَّعوة خفيًّا في هذا اليوم، ويكون في وقتٍ يُصلَّى فيه، مثل: الضُّحى، وبعد الصلاة. ولكن جاء في حديث جابرٍ وحديث عبدالله بن سلام هنا ما يدل على أنها بعد العصر، وأنَّ ما بعد العصر أحرى الأوقات في هذه الساعة العظيمة، فيكون قوله: وهو قائم يُصلي يعني: ينتظر الصلاةَ، فالمنتظر في حكم المصلي.

وجاء في حديث أبي موسى أنها ما بين أن يجلس الإمامُ إلى أن تُقضى الصلاة، وهو وقت عظيم، وقت تُرجا فيه الإجابة ..... الإمام لأداء الخطبة، وقد أعلَّه بعضُهم: كالدَّارقطني رحمه الله، أعلَّه بأنه من كلام أبي بردة، ولكن الأصل عدم التعليل، والأصل قبول زيادة الثقة، نعم.

س: ..............؟

ج: يُطلق على الأحاديث الأخرى، ويعمّه هذا، ويعمّه هذا، يُطلق على الأحاديث التي فيها: فيه ساعة لا يُوافقها .. إلى آخره، يعمّ، لكن إذا كان يُصلي أو ينتظر يكون أقرب إلى الإجابة.

س: ............؟

ج: نعم، عام.

س: .............؟

ج: هو عام لمن يدعو بالنَّظر إلى الأحاديث الأخرى التي ليس فيها: وهو قائم يُصلي، جاء في بعض الروايات: فيها ساعة لا يردّ فيها سائل.

س: "قائم يُصلي" ما يشمل: قائم يدعو؟

ج: لا، ما هو بظاهرٍ؛ لأنَّ الكلام بالدعاء، يدعو الله وهو قائم يُصلي، يدعو الله وهو قائم، يدعو بما يُناسب الكلام.

وَفِي "مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ" مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِمِرْآةٍ بَيْضَاءَ، فِيهَا نُكْتَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: هَذِهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فُضِّلْتَ بِهَا أَنْتَ وَأُمَّتُكَ، وَالنَّاسُ لَكُمْ فِيهَا تَبَعٌ: الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَلَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ، وَفِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يَدْعُو اللَّهَ بِخَيْرٍ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ، وَهُوَ عِنْدَنَا يَوْمُ الْمَزِيدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: يَا جِبْرِيلُ، مَا يَوْمُ الْمَزِيدِ؟ قَالَ: إِنَّ رَبَّكَ اتَّخَذَ فِي الْفِرْدَوْسِ وَادِيًا أَفْيَحَ، فِيهِ كُثُبٌ مِنْ مِسْكٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَا شَاءَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ، وَحَوْلَهُ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، عَلَيْهَا مَقَاعِدُ النَّبِيِّينَ، وَحَفَّ تِلْكَ الْمَنَابِرَ بِمَنَابِرَ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَةٍ بِالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ، عَلَيْهَا الشُّهَدَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ، فَجَلَسُوا مِنْ وَرَائِهِمْ عَلَى تِلْكَ الْكُثُبِ، فَيَقُولُ اللَّهُ : أَنَا رَبُّكُمْ، قَدْ صَدَقْتُكُمْ وَعْدِي، فَسَلُونِي أُعْطِكُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا نَسْأَلُكَ رِضْوَانَكَ، فَيَقُولُ: قَدْ رَضِيتُ عَنْكُمْ، وَلَكُمْ مَا تَمَنَّيْتُمْ، وَلَدَيَّ مَزِيدٌ، فَهُمْ يُحِبُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِمَا يُعْطِيهِمْ فِيهِ رَبُّهُمْ مِنَ الْخَيْرِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي اسْتَوَى فِيهِ رَبُّكَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ، وَفِيهِ خَلَقَ آدَمَ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ.

رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ إبراهيم بن محمد: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة، عَنْ عبدالله بن عبيد، عَنْ عُمير بن أنس.

الشيخ: ابن عبيد بن عمير.

الطالب: عن عُمير.

الشيخ: لا، لا، عن عبدالله بن عبيد بن عمير، عن أنس، عن أبيه، أيش عندك؟

الطالب: عندي: عن عبدالله بن عبيد، عن عمير بن أنس.

الشيخ: أيش بعده؟

الطالب: ثم قال.

الشيخ: فقط؟ عن عبدالله بن عبيد بن عمير.

الطالب: عن أبيه؟

الشيخ: أنت ما عندك: عن أبيه؟

الطالب: ............

الشيخ: عبدالله بن عبيد رواه عن أنسٍ فقط، وهذا السند ضعيف جدًّا؛ لأنَّ فيه إبراهيم بن يحيى، وفيه موسى بن عبيدة، وكلاهما ضعيف جدًّا.

س: .............؟

ج: إبراهيم ابن أبي يحيى هو إبراهيم ابن أبي يحيى الأسلمي، المعروف، الشافعي رحمه الله، حسن الظن فيه، ولكن ضعفه الأئمة، وشيخه موسى بن عبيدة الربذي كذلك ..... قبل عبدالله بن عبيدالله.

الطالب: رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ إبراهيم بن محمد: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة، عَنْ عبدالله بن عبيد بن عمير، عن أنسٍ.

طالب آخر: يكون كذا يا شيخ؟

الشيخ: نعم.

الطالب: رواه الشَّافعي في "الجمعة" باب "فضل يوم الجمعة وفيه ساعة الإجابة"، وفي سنده إبراهيم بن محمد، شيخ الشافعي، وهو متروك كما قال الحافظ ابن حجر في "التقريب"، وموسى بن عبيدة، وهو ضعيف.

الشيخ: نعم، الله يقول جلَّ وعلا: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26] لهم موعد من ربهم، أهل الحسنى هم أهل الجنة؛ يزيدهم فيه من فضله، ومن كرمه وجوده وإحسانه ، وأهل الجنة لهم زيارات لربهم ، كلما زاروه ازدادوا حسنًا وجمالًا، ونالهم من فضله وكرامته على ..... الله ، وزيادة المزيد منه: النَّظر إلى وجه الله: لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:35]، لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26]، قال جماعةٌ من أهل العلم: أنه الخير الكثير، ويدخل فيه النَّظر إلى وجه الله .

ثُمَّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا إبراهيمُ قَالَ: حَدَّثَنِي أبو عمران إبراهيم بن الجعد، عَنْ أنسٍ شَبِيهًا بِهِ.

وَكَانَ الشَّافِعِيُّ حَسَنَ الرَّأْيِ فِي شَيْخِهِ إبراهيم هَذَا، لَكِنْ قَالَ فِيهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: مُعْتَزِلِيٌّ، جَهْمِيٌّ، قَدَرِيٌّ، كُلُّ بَلَاءٍ فِيهِ.

الشيخ: وعلى قول الحافظ يكون متَّهمًا بالكذب أيضًا؛ لأنه قال: متروك. والمتروك هو المتَّهم بالكذب.

وَرَوَاهُ أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ: حَدَّثَنَا صفوان قَالَ: قَالَ أنسٌ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَتَانِي جِبْرِيلُ .. فَذَكَرَهُ.

وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ عمر مولى غفرة، عَنْ أنسٍ.

وَرَوَاهُ أبو ظبية، عَنْ عثمان بن عمير، عَنْ أنسٍ.

وَجَمَعَ أَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ طُرُقَهُ.

س: .............؟

ج: نعم، قد تخفى على إنسانٍ يزيد له الرجل أنه لا بأس به، فلا يعتني بالبحث عنه، ولا يُدقق البحث عنه؛ لثقته في نفسه أنه جيد، فيطلع الآخرون على أشياء ما اطَّلع عليها، وهذا وقع لغيرهم، يقع لكثيرٍ من الحفَّاظ، يكون حسن الرأي في رجلٍ فلا يعتني بالبحث عنه، ويُدقق البحث عنه؛ لثقته به، والطُّمأنينة إليه، ويكون غيره من الحفَّاظ قد علموا أشياء تُوجِب ردَّ حديثه.

وَفِي "مُسْنَدِ أحمد" مِنْ حَدِيثِ علي ابن أبي طلحة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: لِأَيِّ شَيْءٍ سُمِّيَ يَوْم الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: لِأَنَّ فِيهِ طُبِعَتْ طِينَةُ أَبِيكَ آدَمَ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، وَالْبَعْثَةُ، وَفِيهِ الْبَطْشَةُ، وَفِي آخِرِهِ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ، مِنْهَا سَاعَةٌ مَنْ دَعَا اللَّهَ فِيهَا اسْتُجِيبَ لَهُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ النَّسَوِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا أبو مروان هشام بن خالد الأزرق: حَدَّثَنَا الحسن بن يحيى الخشني: حَدَّثَنَا عمر بن عبدالله مولى غفرة: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: أَتَانِي جِبْرِيلُ وَفِي يَدِهِ كَهَيْئَةِ الْمِرْآةِ الْبَيْضَاءِ، فِيهَا نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ الْجُمُعَةُ بُعِثْتُ بِهَا إِلَيْكَ، تَكُونُ عِيدًا لَكَ وَلِأُمَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَقُلْتُ: وَمَا لَنَا فِيهَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ كَثِيرٌ، أَنْتُمُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَفِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ النُّكْتَةُ السَّوْدَاءُ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذِهِ السَّاعَةُ تَكُونُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ سَيِّدُ الْأَيَّامِ، وَنَحْنُ نُسَمِّيهِ عِنْدَنَا: يَوْمَ الْمَزِيدِ، قُلْتُ: وَمَا يَوْمُ الْمَزِيدِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: ذَلِكَ بِأَنَّ رَبَّكَ اتَّخَذَ فِي الْجَنَّةِ وَادِيًا أَفْيَحَ مِنْ مِسْكٍ أَبْيَضَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ هَبَطَ الرَّبُّ  مِنْ عَرْشِهِ إِلَى كُرْسِيِّهِ، وَيُحَفُّ الْكُرْسِيُّ بِمَنَابِرَ مِنَ النُّورِ، فَيَجْلِسُ عَلَيْهَا النَّبِيُّونَ، وَتُحَفُّ الْمَنَابِرُ بِكَرَاسِيَّ مِنْ ذَهَبٍ، فَيَجْلِسُ عَلَيْهَا الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ، وَيَهْبِطُ أَهْلُ الْغُرَفِ مِنْ غُرَفِهِمْ، فَيَجْلِسُونَ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ، لَا يَرَوْنَ لِأَهْلِ الْمَنَابِرِ وَالْكَرَاسِيِّ فَضْلًا فِي الْمَجْلِسِ، ثُمَّ يَتَبَدَّى لَهُمْ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَيَقُولُ: سَلُونِي، فَيَقُولُونَ بِأَجْمَعِهِمْ: نَسْأَلُكَ الرِّضَا يَا رَبُّ، فَيَشْهَدُ لَهُمْ عَلَى الرِّضَا، ثُمَّ يَقُولُ: سَلُونِي، فَيَسْأَلُونَهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ نَهْمَةُ كُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ، قَالَ: ثُمَّ يُسْعَى عَلَيْهِمْ بِمَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ثُمَّ يَرْتَفِعُ الْجَبَّارُ مِنْ كُرْسِيِّهِ إِلَى عَرْشِهِ، وَيَرْتَفِعُ أَهْلُ الْغُرَفِ إِلَى غُرَفِهِمْ، وَهِيَ غُرْفَةٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ، أَوْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، أَوْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ، لَيْسَ فِيهَا فَصْمٌ وَلَا وَصْمٌ، مُنَوَّرَةٌ، فِيهَا أَنْهَارُهَا، أَوْ قَالَ: مُطَّرِدَةٌ، مُتَدَلِّيَةٌ، فِيهَا ثِمَارُهَا، فِيهَا أَزْوَاجُهَا، وَخَدَمُهَا، وَمَسَاكِنُهَا، قَالَ: فَأَهْلُ الْجَنَّةِ يَتَبَاشَرُونَ فِي الْجَنَّةِ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، كَمَا يَتَبَاشَرُ أَهْلُ الدُّنْيَا فِي الدُّنْيَا بِالْمَطَرِ.

الشيخ: ..... رواية علي ابن أبي طلحة ..... الحسن بن سفيان ..... علي ابن أبي طلحة هذا لم يلقَ أبا هريرة، لم يُدرك أبا هريرة، لكن على كل حالٍ أهل الجنة لهم فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، لهم فيها الخير العظيم، الله يجعلنا وإياكم منهم، أما هذا اللَّفظ فهو ضعيف؛ لأنَّ علي ابن أبي طلحة ما أدرك ابن عباسٍ، ولا أدرك أبا هريرة.

الطالب: ما فيه علي ابن أبي طلحة.

الشيخ: أيش عندك السند الأخير؟

الطالب: وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ النَّسَوِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا أبو مروان هشام بن خالد الأزرق: حَدَّثَنَا الحسن بن يحيى الخشني: حَدَّثَنَا عمر بن عبدالله مولى غفرة.

الشيخ: ..... عمر بن عبدالله مولى غفرة، عن؟

الطالب: علي ابن أبي طلحة في الذي قبله.

الشيخ: إيه عن عمر بن عبدالله مولى غفرة عمَّن؟

الطالب: حَدَّثَنَا عمر بن عبدالله مولى غفرة: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ.

الشيخ: فيه كلام عمر بن عبدالله ..... أيش قال عليه المحشي؟

الطالب: في سنده عمر بن عبدالله مولى غفرة، وهو ضعيف، والحسن بن يحيى الخشني كثير الغلط، وقال الدَّارقطني: متروك.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ "صِفَةِ الْجَنَّةِ": حَدَّثَنِي أزهر بن مروان الرقاشي: حَدَّثَنِي عبدُالله بن عُرادة الشَّيباني: حَدَّثَنَا القاسم بن مطيب، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أبي وائل، عَنْ حُذيفة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

أَتَانِي جِبْرِيلُ وَفِي كَفِّهِ مِرْآةٌ كَأَحْسَنِ الْمَرَائِي وَأَضْوَئِهَا، وَإِذَا فِي وَسَطِهَا لُمْعَةٌ سَوْدَاءُ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ اللُّمْعَةُ الَّتِي أَرَى فِيهَا؟ قَالَ: هَذِهِ الْجُمُعَةُ، قُلْتُ: وَمَا الْجُمُعَةُ؟ قَالَ: يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ رَبِّكَ عَظِيمٌ، وَسَأُخْبِرُكَ بِشَرَفِهِ وَفَضْلِهِ فِي الدُّنْيَا، وَمَا يُرْجَى فِيهِ لِأَهْلِهِ، وَأُخْبِرُكَ بِاسْمِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَأَمَّا شَرَفُهُ وَفَضْلُهُ فِي الدُّنْيَا: فَإِنَّ اللَّهَ جَمَعَ فِيهِ أَمْرَ الْخَلْقِ، وَأَمَّا مَا يُرْجَى فِيهِ لِأَهْلِهِ: فَإِنَّ فِيهِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، أَوْ أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ، يَسْأَلَانِ اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَمَّا شَرَفُهُ وَفَضْلُهُ فِي الْآخِرَةِ وَاسْمُهُ: فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا صَيَّرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلَ النَّارِ إِلَى النَّارِ، جَرَتْ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْأَيَّامُ وَهَذِهِ اللَّيَالِي، لَيْسَ فِيهَا لَيْلٌ وَلَا نَهَارٌ إِلَّا قَدْ عَلِمَ اللَّهُ مِقْدَارَ ذَلِكَ وَسَاعَاتِهِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ حِينَ يَخْرُجُ أَهْلُ الْجُمُعَةِ إِلَى جُمُعَتِهِمْ، نَادَى أَهْلَ الْجَنَّةِ مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، اخْرُجُوا إِلَى وَادِي الْمَزِيدِ، وَوَادِي الْمَزِيدِ لَا يَعْلَمُ سَعَةَ طُولِهِ وَعَرْضِهِ إِلَّا اللَّهُ، فِيهِ كُثْبَانُ الْمِسْكِ، رُؤُوسُهَا فِي السَّمَاءِ.

قَالَ: فَيَخْرُجُ غِلْمَانُ الْأَنْبِيَاءِ بِمَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، وَيَخْرُجُ غِلْمَانُ الْمُؤْمِنِينَ بِكَرَاسِيَّ مِنْ يَاقُوتٍ، فَإِذَا وُضِعَتْ لَهُمْ، وَأَخَذَ الْقَوْمُ مَجَالِسَهُمْ، بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ رِيحًا تُدْعَى: الْمُثِيرَةَ، تُثِيرُ ذَلِكَ الْمِسْكَ، وَتُدْخِلُهُ مِنْ تَحْتِ ثِيَابِهِمْ، وَتُخْرِجُهُ فِي وُجُوهِهِمْ وَأَشْعَارِهِمْ، تِلْكَ الرِّيحُ أَعْلَمُ كَيْفَ تَصْنَعُ بِذَلِكَ الْمِسْكِ مِنِ امْرَأَةِ أَحَدِكُمْ لَوْ دُفِعَ إِلَيْهَا كُلُّ طِيبٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ.

قَالَ: ثُمَّ يُوحِي اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى حَمَلَةِ عَرْشِهِ: ضَعُوهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَا يَسْمَعُونَهُ مِنْهُ: إِلَيَّ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَطَاعُونِي بِالْغَيْبِ وَلَمْ يَرَوْنِي، وَصَدَّقُوا رُسُلِي، وَاتَّبَعُوا أَمْرِي، سَلُونِي، فَهَذَا يَوْمُ الْمَزِيدِ، فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ: رَضِينَا عَنْكَ فَارْضَ عَنَّا، فَيَرْجِعُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ: أَنْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنِّي لَوْ لَمْ أَرْضَ عَنْكُمْ لَمْ أُسْكِنْكُمْ دَارِي.

الشيخ: فيرجع الله إليهم، يعني: يردّ عليهم.

فَسَلُونِي فَهَذَا يَوْمُ الْمَزِيدِ، فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ: يَا رَبَّنَا وَجْهَكَ نَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَيَكْشِفُ تِلْكَ الْحُجُبَ، فَيَتَجَلَّى لَهُمْ فَيَغْشَاهُمْ مِنْ نُورِهِ شَيْءٌ لَوْلَا أَنَّهُ قَضَى أَلَّا يَحْتَرِقُوا لَاحْتَرَقُوا لِمَا يَغْشَاهُمْ مِنْ نُورِهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُمُ: ارْجِعُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَقَدْ أَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الضِّعْفَ عَلَى مَا كَانُوا فِيهِ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَزْوَاجِهِمْ وَقَدْ خَفوا عَلَيْهِنَّ، وَخَفِينَ عَلَيْهِمْ مِمَّا غَشِيَهُمْ مِنْ نُورِهِ، فَإِذَا رَجَعُوا تَرَادَّ النُّورُ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى صُوَرِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا، فَتَقُولُ لَهُمْ أَزْوَاجُهُمْ: لَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِنَا عَلَى صُورَةٍ وَرَجَعْتُمْ عَلَى غَيْرِهَا؟! فَيَقُولُونَ: ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَجَلَّى لَنَا فَنَظَرْنَا مِنْهُ، قَالَ: وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا أَحَاطَ بِهِ خَلْقٌ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَرَاهُمْ مِنْ عَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ مَا شَاءَ أَنْ يُرِيَهُمْ، قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: فَنَظَرْنَا مِنْهُ، قَالَ: فَهُمْ يَتَقَلَّبُونَ فِي مِسْكِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ الضِّعْفَ عَلَى مَا كَانُوا فِيهِ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17].

وَرَوَاهُ أبو نعيم فِي "صِفَةِ الْجَنَّةِ" مِنْ حَدِيثِ عصمة بن محمد: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أبي صالح، عَنْ أنسٍ شَبِيهًا بِهِ.

وَذَكَرَ أبو نعيم فِي "صِفَةِ الْجَنَّةِ" مِنْ حَدِيثِ المسعودي، عَنِ المنهال، عَنْ أبي عبيدة، عَنْ عبدالله قَالَ: "سَارِعُوا إِلَى الْجُمُعَةِ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَبْرُزُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ عَلَى كَثِيبٍ مِنْ كَافُورٍ أَبْيَضَ، فَيَكُونُونَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ بِالْقُرْبِ عَلَى قَدْرِ سُرْعَتِهِمْ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَيُحْدِثُ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ شَيْئًا لَمْ يَكُونُوا رَأَوْهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدْ أُحْدِثَ لَهُمْ".

الشيخ: الأحاديث في هذا الباب، وفيما يتعلق بالمزيد، وفيما يتعلق بسؤالهم ربهم أحاديث كثيرة، يكفي الصحيح منها عن الضعيف، فلهم مع ربهم أيام عظيمة، ولهم النعمة الكبرى، وهي النظر إلى وجهه ، وهم يسألونه، فإذا قال: سلوني، قالوا: نسألك الرضا.

المقصود أنه يجود عليهم، ويتكرم عليهم في الجنة بين وقتٍ وآخر بما يشاء من أنواع النعيم، وأنواع الخيرات، وأنواع المزيد من النور، وما يجود عليهم من أنواع النِّعَم : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26]، لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:35]، تَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ۝ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ۝ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت:30- 32]، فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17]، فأهل الجنة لهم فيها من النَّعيم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، جعلنا الله وإياكم منهم.

س: ..............؟

ج: أهل الجنة لهم أزواج من الدنيا، ولهم أزواج من الحور العين.

س: .............؟

ج: أهل الجنة كلهم يرون الله، نساؤهم ورجالهم يرون ربَّهم جلَّ وعلا.

س: .............؟

ج: هذا لهم أوقات، لهم أوقات.

 

فَصْلٌ

فِي مَبْدَأ الْجُمُعَةِ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي محمد ابن أبي أمامة ابن سهل بن حنيف، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عبدالرحمن بن كعب بن مالك قَالَ: كُنْتُ قَائِدَ أَبِي حِينَ كُفَّ بَصَرُهُ، فَإِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَسَمِعَ الْأَذَانَ بِهَا اسْتَغْفَرَ لِأَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَمَكَثَ حِينًا عَلَى ذَلِكَ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا لَعَجْزٌ، أَلَا أَسْأَلَهُ عَنْ هَذَا؟ فَخَرَجْتُ بِهِ كَمَا كُنْتُ أَخْرُجُ، فَلَمَّا سَمِعَ الْأَذَانَ لِلْجُمُعَةِ اسْتَغْفَرَ لَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ، أَرَأَيْتَ اسْتِغْفَارَكَ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ كُلَّمَا سَمِعْتَ الْأَذَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؟!

 

الشيخ: ............

قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، كَانَ أسعدُ أَوَّلَ مَنْ جَمَّعَ بِنَا بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي هَزْمِ النَّبِيتِ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ فِي نَقِيعٍ يُقَالُ لَهُ: نَقِيعُ الْخَضَمَاتِ، قُلْتُ: فَكَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ رَجُلًا.

قَالَ البيهقي: ومحمد بن إسحاق إِذَا ذُكِرَ سَمَاعُهُ مِنَ الرَّاوِي، وَكَانَ الرَّاوِي ثِقَةً، اسْتَقَامَ الْإِسْنَادُ، وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. انْتَهَى.

قُلْتُ: وَهَذَا كَانَ مَبْدَأَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ.

الشيخ: وهذا يدل على أنه ما بشرط وجود البناء، لو صلوا الجمعة في أرض صحراء، أو في أي مكانٍ أجزأت، وإنما يُبنى المسجد يكون مجمعًا للمسلمين، ومحلًّا لصلاتهم وقراءتهم وعكوفهم ونحو ذلك، وقد تدعو الحاجةُ إلى الصلاة خارج المسجد؛ لضيق المسجد، فلا يضر، المهم أداؤها في وقتها، متى وجبت الصلاة -صلاة الجمعة- وجب أن تُؤدى، سواء في صحراء، أو في مسجد، أو في أي مكان، حتى يُسهل الله لهم المسجد المناسب.

الطالب: كعب بن مالك ابن أبي كعب الأنصاري، السلمي بالفتح، المدني، صحابي مشهور، وهو أحد الثلاثة الذين خُلفوا، مات في خلافة عليٍّ. (ع).

الشيخ: السلمي نسبة إلى بني سلمة بالكسرة، يقال له: السلمي، مثل: بني نمر يُقال له: النمري، مثل: ابن عبدالبر يُقال له: أبو عمر النمري، نسبة إلى نمر بالفتح والكسر، عند النسبة تُفتح الميم، يفتح الثاني، يعني: النمري، وهكذا بني سلمة النسبة تُفتح اللام، يقال: سلمي.

س: .............؟

ج: ما يضر إذا كانت ما فيها نجاسة، وإذا كانت فيها نجاسة تُزال النجاسة.

س: .............؟

ج: الذي أذكره أنه بالخضمات: بكسر الضاد، وفتح الخاء: خضمات، الشكل عندك؟ ضبطه عندك في الحاشية؟ انظر في "القاموس": خضم.

.............

قُلْتُ: وَهَذَا كَانَ مَبْدَأَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ، فَأَقَامَ بِقُبَاء فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ: يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاء،ِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، وَأَسَّسَ مَسْجِدَهُمْ، ثُمَّ خَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَدْرَكَتْهُ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ، فَصَلَّاهَا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي فِي بَطْنِ الْوَادِي، وَكَانَتْ أَوَّلَ جُمُعَةٍ صَلَّاهَا بِالْمَدِينَةِ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَأْسِيسِ مَسْجِدِهِ.

الشيخ: يعني الأرض التي صلَّى فيها سمَّاها مسجدًا؛ لأنَّ كل أرضٍ صلَّى فيها تُسمَّى: مسجدًا: وجُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَتْ أَوَّلَ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِيمَا بَلَغَنِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ -وَنَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَقُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا لَمْ يَقُلْ- أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ.

الشيخ: وهذا مرسل؛ لأنَّ أبا سلمة تابعي، من كبار التابعين، وليس متَّصلًا. علَّق عليه؟

الطالب: ذكره ابن هشام في "السيرة النبوية"، وابن إسحاق رأى أبا سلمة ابن عبدالرحمن، ولم يروِ عنه، وأبو سلمة ابن عبدالرحمن يروي عن بعض الصحابة، ولم يُدرك رسول الله ﷺ فإنه قد تُوفي سنة أربعة و.....

الشيخ: المقصود أنه تابعي.

س: الذي أقسم هنا قال: نعوذ بالله أن نقول على رسول الله؟

ج: ما هو بقسمٍ هذا، هذا دعاء، استعاذة، هذا ابن إسحاق.

أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ، تَعْلَمُنَّ وَاللَّهِ لَيُصْعَقَنَّ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لَيَدَعَنَّ غَنَمَهُ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ لَهُ رَبُّهُ -وَلَيْسَ لَهُ تُرْجُمَانٌ وَلَا حَاجِبٌ يَحْجُبُهُ دُونَهُ- أَلَمْ يَأْتِكَ رَسُولِي فَبَلَّغَكُ، وَآتَيْتُكَ مَالًا وَأَفْضَلْتُ عَلَيْكَ؟! فَمَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ؟ فَلَيَنْظُرَنَّ يَمِينًا وَشِمَالًا فَلَا يَرَى شَيْئًا، ثُمَّ لَيَنْظُرَنَّ قُدَّامَهُ فَلَا يَرَى غَيْرَ جَهَنَّمَ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقِيَ وَجْهَهُ مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقٍّ مِنْ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ، فَإِنَّ بِهَا تُجْزَى الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

الشيخ: وهذا الحديث وإن كان مرسلًا، لكنه بمعناه في "الصحيحين": حديث عدي بن حاتم : قال النبي ﷺ: ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلمه ربُّه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر عن شماله فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار، فاتَّقوا النار ولو بشقِّ تمرةٍ، فمَن لم يجد فبكلمةٍ طيبةٍ.

س: ............؟

ج: ظاهر النص العموم، لكن قد يُقال أنه أراد بذلك المسلمين؛ لأنَّ الكفار لا يُكلمون تكليمًا خاصًّا، ويحتمل أنَّ المراد العموم، وأنَّ هذا التَّكليم ..... عن الكفار الكلام الذي فيه رحمة وفيه خير لهم، أما كلام يضرُّهم فلا، هو منفي، كما قال جلَّ وعلا: وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَليم [آل عمران:77] يعني: كلام ينفعهم، ونظر ينفعهم، أما كلام فيه تبكيتهم وتقريعهم فليس هناك ما يمنعه، والأصل في الأحاديث العموم، وأنَّ "ما من أحدٍ" صيغة عمومٍ؛ لأنَّ "أحد" نكرة، من أبهم النَّكرات، في سياق النَّفي.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ: إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَيَّنَهُ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ وَأَدْخَلَهُ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْكُفْرِ.

الشيخ: ما عزاه! من كيسه!

الطالب: ذكره ابن هشام في "السيرة النبوية" عن ابن إسحاق بغير إسنادٍ.

الشيخ: قد أفلح مَن زيَّنه الله؟

الطالب: إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَيَّنَهُ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ وَأَدْخَلَهُ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْكُفْرِ، فَاخْتَارَهُ عَلَى مَا سِوَاهُ مِنْ أَحَادِيثِ النَّاسِ، إِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ وَأَبْلَغُهُ، أَحِبُّوا مَا أَحَبَّ اللَّهُ، أَحِبُّوا اللَّهَ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَلَا تَمَلُّوا كَلَامَ اللَّهِ وَذِكْرَهُ، وَلَا تَقْسُ عَنْهُ قُلُوبُكُمْ، فَإِنَّهُ مِنْ كُلِّ مَا يَخْلُقُ اللَّهُ يَخْتَارُ وَيَصْطَفِي، قَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ: خِيرَتَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَمُصْطَفَاهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَالصَّالِحَ مِنَ الْحَدِيثِ، وَمِنْ كُلِّ مَا أُوتِيَ النَّاسُ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، فَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتَّقُوهُ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَاصْدُقُوا اللَّهَ صَالِحَ مَا تَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ، وَتَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ بَيْنَكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ أَنْ يُنْكَثَ عَهْدُهُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ طَرَفٌ مِنْ خُطْبَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ ذِكْرِ هَدْيِهِ فِي الْخُطَبِ.

س: .............؟

ج: ما أعرفها إلا في هذه الأحاديث المنقطعة.

س: .............؟

ج: ما أعرف شيئًا، ما أذكر شيئًا.

الطالب: الخضم: الأكل، أو بأقصى الأضراس، أو ملء الفم بالمأكول، أو خاصّ بالشيء الرطب كالقثاء، والفعل: كسمع وضرب.

الشيخ: خضم وهضم؟

الطالب: والخضامة كثمامة: ما خضم. والخضيمة: النبت الأخضر الرطب، والأرض النعمة المنبات، وحنطة تُعالج بالطبخ. وخضمه يخضمه: قطعه، كاختضمه، وله من ماله: أعطاه، وبها: حبق.

والمخضم كمحسن: الماء لا يبلغ أن يكون أجاجًا، يشربه المال لا الناس. وكمعظم ومكرم: الموسع عليه في الدنيا.

والخضمة كحزقة: الوسط، ومعظم كل أمر، ومُستغلظ الذراع. وهو في خضمة قومه: في مصاصهم.

الشيخ: ما أتى بالمقصود، لكن يمكن هضيمة، جمع هضمة: هضمات ..... يُراجع "النهاية" و"مجمع البحار" وأشباههما.

س: سمع وضرب؟

ج: فعل خضم وخضم.

..............

س: مَن يُصلي بالناس وهو يُؤيد رفع القباب، ويؤيد مَن يطوف حولها، وهو إمام بالناس، فما حكم الصلاة وراءه؟ وما حكم ...؟

ج: هذا في الغالب ما يكون إلا وثنيًّا، من عبَّاد القبور، الذي يُعظم القبور ويطوف عليها هذا من عباد الأوثان، البناء على القبور منكر، ولا يجوز، ومن وسائل الشرك بناء المساجد على القبور، كذلك النبي ﷺ نهى أن يُجصص القبر، وأن يُقعد عليه، وأن يُبنى عليه، قال: لعن اللهُ اليهودَ والنَّصارى؛ اتَّخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد، وأما الطواف بالقبور ليتقرب بها: بالطواف، أو بالدعاء، أو بالاستغاثة، هذا شرك أكبر، نسأل الله العافية، ولا يُصلَّى خلفه، مثل هذا لا تصلح أعماله حتى يتوب: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، نسأل الله العافية.