حديث آخر- قال الشافعي رحمه الله: أنبأنا مالك عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة أخرجه البخاري ومسلم من حديث مالك به. وروى مسلم عن أبي الربيع، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر فمات وهو يدمنها ولم يتب منها، لم يشربها في الآخرة.
حديث آخر- قال ابن وهب: أخبرني عمر بن محمد، عن عبد الله بن يسار أنه سمع سالم بن عبد الله يقول: قال عبد الله بن عمر: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنان بما أعطى، ورواه النسائي عن عمرو بن علي، عن يزيد بن زريع، عن عمر بن محمد العمري به. وروى أحمد عن غندر، عن شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ قال: لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر.الشيخ: وهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها من أحاديث الوعيد الدالة على تحريم هذه الأمور من شرب الخمر والعقوق والمنة في العطاء وغير هذا مما جاء فيه الوعيد، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك، وأن يبتعد عن كل ما حرم الله عليه، وأن يراقب ربه ويخشاه ويخشى غضبه، فإن المعاصي تغضب المولى ، وتباعد من رحمته، وتسبب أنواع العذاب في العاجل والآجل، فالواجب على المؤمن أن يتقيد بما أحل الله له، وأن يقف عند حدود الله، وأن يحذر ما حرم الله عليه أينما كان، يرجو ثواب ربه ويخشى عقابه .
وقد أطال المؤلف رحمه الله في ذكر الأخبار والآثار في هذا من أجل التحذير والترهيب من تعاطي المسكرات وما حرم الله من أنواع المعاصي؛ لما يترتب عليها من الفساد وظلمة القلوب وقسوتها والبعد عن الله، ولما يترتب عليها أيضًا من أنواع العقوبات، ولا حول ولا قوة إلا بالله في الآخرة.
س: الجمع بين الحديث وبين ما علمنا أن أهل الجنة لا يحزنون فيها ومنع شارب الخمر حتى وإن دخل الجنة؟
الشيخ: هذا معناه.
س: والجمع؟
الشيخ: هذا خاص وعام.
س:........
س: نصوص الوعيد الأصل فيها الوقوع أم العفو؟
الشيخ: تحت العفو، أحاديث الوعيد تحت العفو، الأصل الوقوع إلا أن يعفو الله، والمقصود منها الزجر والتحذير.
ورواه أحمد أيضًا عن عبد الصمد، عن عبد العزيز بن مسلم، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد به. وعن مروان بن شجاع، عن حصيف، عن مجاهد به.
ورواه النسائي عن القاسم بن زكريا، عن الحسين الجعفي، عن زائدة، عن ابن أبي زيادة، عن سالم بن أبي الجعد ومجاهد، كلاهما عن أبي سعيد به.
حديث آخر- قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا سفيان عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابان، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ قال: لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن خمر، ولا منان، ولا ولد زنية وكذا رواه عن يزيد، عن همام، عن منصور، عن سالم، عن جابان، عن عبد الله بن عمرو به، وقد رواه أيضًا عن غندر وغيره، عن شعبة، عن منصور، عن سالم، عن نبيط بن شريط، عن جابان، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ قال: لا يدخل الجنة منان، ولا عاق والديه، ولا مدمن خمر. ورواه النسائي من حديث شعبة كذلك، ثم قال: ولا نعلم أحدًا تابع شعبة عن نبيط بن شريط. وقال البخاري: لا يعرف لجابان سماع عن عبد الله، ولا لسالم من جابان ولا نبيط، وقد روي هذا الحديث من طريق مجاهد عن ابن عباس، ومن طريقه أيضًا عن أبي هريرة، فالله أعلم.الشيخ: شف جابان؟
الطالب: يقول جابان غير منسوب، مقبول من الرابعة [النسائي].
الطالب: معي تخريج الحديث، يقول أحمد شاكر: إسناده صحيح، سفيان: هو الثوري. والحديث مطول (6537، 6882)، وقد فصلنا القول فيه في أولهما. ونزيد هنا أن هذه الرواية ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد (6: 257)، وقال: "رواه أحمد والطبراني، وفيه جابان، وثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح"، وقال أيضًا: "رواه النسائي غير قوله: ولا ولد زنية". ورواه الدارمي (2: 112) عن محمَّد بن كثير عن سفيان، بهذا الإسناد، كما أشرنا من قبل. ورواه ابن حبان في صحيحه (3: 48) (ع) عن أبي خليفة عن محمَّد بن كثير، به. وقال ابن حبان: "معنى نفى المصطفى ﷺ عن ولد الزنية دخول الجنة، وولد الزنية ليس عليهم من أوزار آبائهم وأمهاتهم شيء- أن ولد الزنية على الأغلب يكو أجسر على ارتكاب المزجورات.
[أو] أراد ﷺ أن ولد الزنية لا يدخل الجنة: الجنة يدخلها غير ذي الزنية، ممن لم تكثر جسارته على ارتكاب المزجورات".
وذكر في الحديث إسناده صحيح، يزيد هو ابن هارون، همام بن يحيى بن دينار، جابان لا يعرف نسبه، ولكنه تابعي ثقة، قال الحافظ في التهذيب: ذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج الحديث في صحيحه، والظاهر أنه يريد هذا الحديث أنهم لم يذكروا لجابان رواية غيره، وقال الذهبي في جابان لا يدرى من هو، وترجمه البخاري في الكبير قال جابان، قال لي: الجعفي: حدثنا وهب سمع شعبة عن منصور عن سالم عن النبيط عن جابان عن عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال: لا يدخل الجنة ولد زنا وتابعه غندر ولم يقل ابن جرير والثوري نبيط، وقال عبدان عن أبيه عن شعبة عن يزيد عن سالم عن عبد الله بن عمرو وقوله: ولم يصح ولا يعرف لجابان سماع من عبد الله بن عمرو، ولا لسالم من جابان، ولا من نبيط، وهذا الحديث ذكره الحافظ ابن حجر في القول المسدد عن هذا الموضع، ثم قال: وراه أيضًا غندر وهو محمد بن جعفر وحجاج عن شعبة عن منصور عن سالم عن نبيط عن ابن شريط عن جابان به، ورواه النسائي من طريق شعبة كذلك ومن طريق جرير والثوري كلاهما عن منصور كرواية همام يعني هذه الرواية، وقال: لا نعلم أحدًا تابع شعبة على نبيط بن شريط، وذكر الدارقطني الاختلاف في كتاب العلل على مجاهد وقال البخاري في التاريخ: لا يعرف لجابان سماع من عبد الله بن عمرو ولا لسالم من جابان. انتهى.
وأورد ابن الجوزي في الموضوعات من طريق سفيان الثوري تارة من رواية النسائي، وتارة من روايته عن عبد الكريم عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو، وأخرج له أيضًا من رواية عمر بن عبد الرحمن أبي حفص الأبار عن منصور عن عبد الله بن مرة عن جابان، وأعله بما أشار إليه الدارقطني من الاضطراب، وليس في شيء من ذلك ما يقتضي حكمه بالوضع، ولقد جمعت ما استطعت من طرق في هذا الحديث حتى تبين أيهما الصحيح، وحتى يتبين الذي في هذه الطرق اضطراب يعلل به، أم هو خطأ من بعض الرواة لا يعلل به ولا يؤثر في صحته، فإذا هي ثلاثة عشر طريقًا لم أجد غيرها فيما بين يدي من المراجع، ولم أجد طريق جرير التي يشير إليها البخاري وابن حجر، ولم أجد كلام النسائي الذي نقله ابن حجر، ولعله في السنن الكبرى، أو في موضع خفي علي من غيرها.
فرواه أحمد في هذا الموضع، عن يزيد بن هرون عن همام عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن جابان عن عبد الله بن عمرو، بلفظ لا يدخل الجنة منان، ولا مدمن خمر.
ورواه أيضًا 6892، عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن منصور، بالإسناد السابق، بلفظ لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن خمر، ولا منان، ولا ولد زنية.
ورواه الدارمي 2: 112، عن محمد بن كثير البصري عن الثوري عن منصور، بهذا الإسناد، بمعناه.
ورواه الخطيب في تاريخ بغداد 11: 17، من طريق يحيى بن سعيد القطان عن الثوري عن منصور، بهذا الإسناد، مقتصرًا فيه على مدمن خمر.
فهذان راويان ثقتان حافظان: همام والثوري، روياه عن منصور عن سالم عن جابان، لم يذكرا فيه "نبيط بن شريط". وتابعهما على ذلك جرير بن عبد الحميد الضبي، وهو ثقة حافظ أيضًا، فرواه عن منصور كذلك، لم يذكر فيه "نبيطًا"، فيما حكى عنه البخاري في التاريخ، والحافظ في القول المسدد، نقلًا عن النسائي. ثم هؤلاء ثلاثة حفاظ ثقات أيضًا رووه عن الثوري، لم يختلفوا عليه في روايته، وهم: عبد الرزاق، ومحمد بن كثير البصري، ويحيى القطان.
الشيخ: المقصود زيادة (ولد زنية) هذا غلط من جابان أو من غيره ، ولد الزنية لا ذنب عليه ، الذنب على الزاني والزانية، وولد الزنا ليس عليه ذنب منهما بل هو بريء من معصيتهما، وإنما الذنب على من فعل الفاحشة، فالزيادة هذه غير صحيحة، ولعلها من هذا المجهول (جابان). المقصود أن الله جل وعلا يقول: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الإسراء:15]، فليس عليه من وزر أمه والزاني بها شيء، وإنما الوزر عليهما على من فعل المنكر، نسأل الله السلامة والعافية.
س: (الولد شر الثلاثة)؟
الشيخ: ما يصح فيه شيء في ولد الزنية، الجريمة على أمه وعلى من فعل بها، نسأل الله العافية، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى آية محكمة.
س: السند متصل وإلا فيه انقطاع؟
الشيخ: ذكروا فيه انقطاع، فلم يسمع جابان من عبد الله بن عمرو، لكن يكفي كونه ليس معروفًا بالثقة، ثم نكارة المتن أيضًا، حتى لو كان ثقة المتن منكر شاذ مخالف للآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة.
.........
وقال الزهري: حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أباه قال: سمعت عثمان بن عفان يقول: اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل فيمن خلا قبلكم يتعبد ويعتزل الناس فعلقته امرأة غوية فأرسلت إليه جاريتها فقالت: إنا ندعوك لشهادة فدخل معها، فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر، فقالت: إني والله ما دعوتك لشهادة ولكن دعوتك لتقع علي أو تقتل هذا الغلام أو تشرب هذا الخمر، فسقته كأسًا فقال: زيدوني، فلم يرم حتى وقع عليها وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر، فإنها لا تجتمع هي والإيمان أبدًا إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه. رواه البيهقي وهذا إسناد صحيح، وقد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا في كتابه ذم المسكر عن محمد بن عبد الله بن بزيع، عن الفضيل بن سليمان النميري، عن عمر بن سعيد عن الزهري به مرفوعًا، والموقوف أصح والله أعلم، وله شاهد في الصحيحين عن رسول الله ﷺ أنه قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق سرقة حين يسرقها وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن.
الشيخ: وهذه من أحاديث الوعيد، يعني الإيمان الكامل، يعني وهو مؤمن الإيمان الكامل الرادع، وإنما يشربها حين نقص إيمانه وضعف إيمانه، وهذا الأثر الذي في قصة العابد عن عثمان هذا ما يستبعد؛ لأن أم الخبائث تجر إلى الشر العظيم؛ فإنه شربها يعتقد أنها أسهل عليه، أسهل من الزنا وأسهل من قتل النفس، لأنها أحرجته وأغلقت دونه الأبواب إلا أن يزني أو يشرب الخمر أو يقتل الغلام، فرأى أن شرب الخمر أسهل من قتل الغلام ومن الزنا، فلما شرب الخمر وضاع عقله فعل الفاحشة، وقتل الغلام، ففعل المعاصي الثلاث، نسأل الله العافية، هذا يدل على أن أم الخبائث شرها عظيم، وأنها تجر إلى الكفر وإلى الزنا وإلى القتل وإلى غير هذا من الشرور؛ لأنه يذهب عقله نسأل الله العافية.
وهذا والله أعلم مما رواه عثمان عن بعض بني إسرائيل؛ لأنه لم يسنده للنبي ﷺ، ثم ما بين المؤلف من رواه عن الزهري، هذا معلق، وقال الزهري ما ذكر من رواه عن الزهري، ولا يستغرب وقوع هذا من شارب الخمر، ففي بعض الروايات أن يقع عليها فأبى، فقال: اشرب الخمر فأبى، فقالت: اقتل الغلام فأبى، فقالت: لا بدّ من أحد الثالث إما هذا وإما هذا وإما هذا، وقد أغلقوا دونه الأبواب وحصروه، فظن أن الخمر أسهل، ولهذا وقع ما وقع، نسأل الله العافية.
س: صحة في تسمية الخمر أم الخبائث حديث مرفوع؟
الشيخ: ما أتذكر إلا من كلام عثمان .
س: اللي يشرب الخمر يحاسب على كل ما يفعل؟
الشيخ: نعم، لأنها معصية بسبب معصية.
س: عثمان يروي عن بني إسرائيل؟
الشيخ: لعله أخذه عن عبد الله بن عمرو، أو عن غيره ممن يأخذون من بني إسرائيل، أو عن عبد الله بن سلام أو غيرهم ممن يروي عنهم.
س:..........
الشيخ: يعني نحوه.
وقال أحمد بن حنبل: حدثنا أسود بن عامر، أخبرنا إسرائيل عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما حرمت الخمر قال أناس: يا رسول الله، أصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها، فأنزل الله لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا [المائدة:93] إلى آخر الآية، ولما حولت القبلة قال ناس: يا رسول الله، إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس، فأنزل الله وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ [البقرة:143].
وقال الإمام أحمد: حدثنا داود بن مهران الدباغ، حدثنا داود يعني العطار، عن ابن خثيم، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد أنها سمعت النبي ﷺ يقول: من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين ليلة، إن مات مات كافرًا، وإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد كان حقًا على الله أن يسقيه من طينة الخبال قالت: قلت: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار.س:..........
الشيخ: عن ابن خثيم عبد الله بن عثمان بن خثيم، وهذا الحديث ضعيف جدًا، لأن شهر ضعيف، كثير التدليس والإرسال عن أسماء وعن غيرها، وهو منكر المتن؛ لأن شارب الخمر لا يكون كافرًا إنما هو عاص، كسائر العصاة، وشيخ المؤلف داود بن مهران الدباغ عندكم عنه شيء؟
الطالب: داود بن مهران الدباغ أبو سليمان بياع........ نزل بغداد روى عن عبد الجبار بن الورد، وفضيل بن عياض وهشيم، وعنه أحمد وأبو حاتم وإبراهيم بن حربي وآخرون، وثقه أبو حاتم وقال: صدوق، وقال ابن حبان: كان متقنًا، مات سنة سبعة عشرة ومئتين.
الشيخ: علته رواية شهر.
س: قوله: لا تقبل له صلاة أربعين؟
الشيخ: هذا لو صح معناه من باب الوعيد، كمن جاء فيمن أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، وجاء في الآبق لو صح لكان من باب الوعيد عند العلماء يفوته ثوابها ولا يؤمر بقضائها، لكن أنكر منه قوله: مات كافرًا.
س: إذا تفرد شهر بن حوشب؟
الشيخ: ما هو حجة.
س: حديث: سقيا شارب الخمر من طينة الخبال ما فيها حديث صحيح؟
الشيخ: بلى، من مات عليه سقي من طينة الخبال -نسأل الله [العافية]-، الخبال: عصارة أهل النار، كما في مسلم.
س: ما يحمل الكفر لو صح على الكفر الأصغر؟
الشيخ: ظاهر الإطلاق الوعيد العظيم، مات كافرًا، وهذا الكفر الأكبر، نسأل الله العافية، ولكن الصواب في هذا عدم صحته، ولو صح لكان وجب حمله على الكفر الأصغر؛ لأن شرب الخمر ليس بكفر أكبر لو صح مثل ما في الحديث يقول ﷺ: لا يزني الزاني حين يزني هو مؤمن... حتى قال: ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن يعني الإيمان الكامل يكون عنده نوع من الكفر.
س: القول الصحيح في شهر حوشب؟
الشيخ: فيه كلام كثير، كثير الإرسال كثير التدليس ولاسيما إذا نوى العنعنة مثل ما هنا.
س: إذا صرح بالسماع؟
الشيخ: إذا صرح بالسماع وروايته غير مخالفة للروايات الأخرى يمشي، لكن إذا كان مخالفًا للأحاديث الصحيحة ما يمشي.
وقال الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود أن النبي ﷺ قال: لما نزلت لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا [المائدة:93] فقال النبي ﷺ: قيل لي: أنت منهم وهكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من طريقه.
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: قرأت على أبي، حدثنا علي بن عاصم، حدثنا إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: إياكم وهاتان الكعبتان الموسومتان اللتان تزجران زجرًا فإنهما ميسر العجم.الشيخ: إبراهيم الهجري ضعيف، وهذه الظاهر لعبة من اللعب الملهية لو صح، والمقصود اللعب التي تذهب بالعقول مثل ما جاء في قوله جل وعلا: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [لقمان:6] لأنها تذهب بالعقول حتى يقع صاحبها في الباطل بسبب شغل قلبه بآلات اللهو كالخمر، نسأل الله العافية.
س: وعلي بن عصام؟
الشيخ: وعلي بن عاصم فيه ضعف أيضًا؛ لأنه يخطئ ويصر.
س: في الحديث السابق: قيل لي أنت منهم؟
الشيخ: يعني ممن لا جناح عليه فيما طعم فيما سبق قبل تحريمها.
س: ألم يرد أن الله حماه عن شرب الخمر؟
الشيخ: على كل حال الحديث في سنده ضعف، لو صح فالمعنى ليس عليه هو، ليس على النبي ولا على غيره جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا هو وغيره، النبي وغيره ما شربوه أو أكلوه مما أباح الله ثم حرم بعد ذلك لا جناح عليهم لا في الخمر ولا في غيرها مما كان مباحًا ثم حرم.
س:.........
الشيخ: عن النبي، الأعمش معروف ما في عنعنته لكن محتملة في الصحيحين.
س: لكن بهذا السند هل شرب النبي الخمر في هذا الحديث؟
الشيخ: ما هو بلازم، فيما طعموا هذا عام ما يلزمه الخمر.
س: بهذا السند يكون ضعيفًا؟
الشيخ: يحتمل لأجل عنعنة الأعمش، ولو قدر صحته، فالحمد لله، الله جل وعلا نفى الجناح.
الطالب: الكعبتان هنا في الحديث السابق هنا مكتوب، هما قطع الشطرنج.
الشيخ: هي لعبة.
س: من قال بأن الزنا حلال كفر، ولكن من قال بأن الخبز حرام؟
الشيخ: من حرم الحلال كفر ومن أحل المحرم كفر، إذا كانت أشياء مجمع عليها، من قال: إن الزنا حلال أو نكاح الأم حلال، أو الخمر حلال كفر، أو قال: الخبز حرام، أو اللبن حرام، أو الإبل حرام أو البقر حرام أو الغنم حرام كفر بعدما يقام عليه الحجة، يبين له إن كان جاهلاً.
س:..........
الشيخ: من قام عليه الدليل كفر بعينه، من فعل الكفر كفر بعينه.
س:..........
الشيخ: من قام عليه الدليل كفر، إذا دل الدليل على كفره فهو كافر، نسأل الله العافية.
س: وجوده بين الموحدين يكفي في إقامة الحجة؟
الشيخ: نعم وجوده بين القرآن والسنة يكفي إلا في الأشياء الخفية الدقيقة التي قد يخفى مثلها، أما عباد غير الله ومن جحد الزنا أو قال: الزنا حلال أو الخمر حلال وهو بين المسلمين لا شك في كفره، نسأل الله العافية.
س: ما الدليل على من كفر من حرم الحلال؟
الشيخ: لأنه مكذب لله، نسأل الله العافية.
حديث آخر- قال ابن وهب: أخبرني عمر بن محمد، عن عبد الله بن يسار أنه سمع سالم بن عبد الله يقول: قال عبد الله بن عمر: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنان بما أعطى، ورواه النسائي عن عمرو بن علي، عن يزيد بن زريع، عن عمر بن محمد العمري به. وروى أحمد عن غندر، عن شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ قال: لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر.الشيخ: وهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها من أحاديث الوعيد الدالة على تحريم هذه الأمور من شرب الخمر والعقوق والمنة في العطاء وغير هذا مما جاء فيه الوعيد، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك، وأن يبتعد عن كل ما حرم الله عليه، وأن يراقب ربه ويخشاه ويخشى غضبه، فإن المعاصي تغضب المولى ، وتباعد من رحمته، وتسبب أنواع العذاب في العاجل والآجل، فالواجب على المؤمن أن يتقيد بما أحل الله له، وأن يقف عند حدود الله، وأن يحذر ما حرم الله عليه أينما كان، يرجو ثواب ربه ويخشى عقابه .
وقد أطال المؤلف رحمه الله في ذكر الأخبار والآثار في هذا من أجل التحذير والترهيب من تعاطي المسكرات وما حرم الله من أنواع المعاصي؛ لما يترتب عليها من الفساد وظلمة القلوب وقسوتها والبعد عن الله، ولما يترتب عليها أيضًا من أنواع العقوبات، ولا حول ولا قوة إلا بالله في الآخرة.
س: الجمع بين الحديث وبين ما علمنا أن أهل الجنة لا يحزنون فيها ومنع شارب الخمر حتى وإن دخل الجنة؟
الشيخ: هذا معناه.
س: والجمع؟
الشيخ: هذا خاص وعام.
س:........
س: نصوص الوعيد الأصل فيها الوقوع أم العفو؟
الشيخ: تحت العفو، أحاديث الوعيد تحت العفو، الأصل الوقوع إلا أن يعفو الله، والمقصود منها الزجر والتحذير.
ورواه أحمد أيضًا عن عبد الصمد، عن عبد العزيز بن مسلم، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد به. وعن مروان بن شجاع، عن حصيف، عن مجاهد به.
ورواه النسائي عن القاسم بن زكريا، عن الحسين الجعفي، عن زائدة، عن ابن أبي زيادة، عن سالم بن أبي الجعد ومجاهد، كلاهما عن أبي سعيد به.
حديث آخر- قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا سفيان عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابان، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ قال: لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن خمر، ولا منان، ولا ولد زنية وكذا رواه عن يزيد، عن همام، عن منصور، عن سالم، عن جابان، عن عبد الله بن عمرو به، وقد رواه أيضًا عن غندر وغيره، عن شعبة، عن منصور، عن سالم، عن نبيط بن شريط، عن جابان، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ قال: لا يدخل الجنة منان، ولا عاق والديه، ولا مدمن خمر. ورواه النسائي من حديث شعبة كذلك، ثم قال: ولا نعلم أحدًا تابع شعبة عن نبيط بن شريط. وقال البخاري: لا يعرف لجابان سماع عن عبد الله، ولا لسالم من جابان ولا نبيط، وقد روي هذا الحديث من طريق مجاهد عن ابن عباس، ومن طريقه أيضًا عن أبي هريرة، فالله أعلم.الشيخ: شف جابان؟
الطالب: يقول جابان غير منسوب، مقبول من الرابعة [النسائي].
الطالب: معي تخريج الحديث، يقول أحمد شاكر: إسناده صحيح، سفيان: هو الثوري. والحديث مطول (6537، 6882)، وقد فصلنا القول فيه في أولهما. ونزيد هنا أن هذه الرواية ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد (6: 257)، وقال: "رواه أحمد والطبراني، وفيه جابان، وثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح"، وقال أيضًا: "رواه النسائي غير قوله: ولا ولد زنية". ورواه الدارمي (2: 112) عن محمَّد بن كثير عن سفيان، بهذا الإسناد، كما أشرنا من قبل. ورواه ابن حبان في صحيحه (3: 48) (ع) عن أبي خليفة عن محمَّد بن كثير، به. وقال ابن حبان: "معنى نفى المصطفى ﷺ عن ولد الزنية دخول الجنة، وولد الزنية ليس عليهم من أوزار آبائهم وأمهاتهم شيء- أن ولد الزنية على الأغلب يكو أجسر على ارتكاب المزجورات.
[أو] أراد ﷺ أن ولد الزنية لا يدخل الجنة: الجنة يدخلها غير ذي الزنية، ممن لم تكثر جسارته على ارتكاب المزجورات".
وذكر في الحديث إسناده صحيح، يزيد هو ابن هارون، همام بن يحيى بن دينار، جابان لا يعرف نسبه، ولكنه تابعي ثقة، قال الحافظ في التهذيب: ذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج الحديث في صحيحه، والظاهر أنه يريد هذا الحديث أنهم لم يذكروا لجابان رواية غيره، وقال الذهبي في جابان لا يدرى من هو، وترجمه البخاري في الكبير قال جابان، قال لي: الجعفي: حدثنا وهب سمع شعبة عن منصور عن سالم عن النبيط عن جابان عن عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال: لا يدخل الجنة ولد زنا وتابعه غندر ولم يقل ابن جرير والثوري نبيط، وقال عبدان عن أبيه عن شعبة عن يزيد عن سالم عن عبد الله بن عمرو وقوله: ولم يصح ولا يعرف لجابان سماع من عبد الله بن عمرو، ولا لسالم من جابان، ولا من نبيط، وهذا الحديث ذكره الحافظ ابن حجر في القول المسدد عن هذا الموضع، ثم قال: وراه أيضًا غندر وهو محمد بن جعفر وحجاج عن شعبة عن منصور عن سالم عن نبيط عن ابن شريط عن جابان به، ورواه النسائي من طريق شعبة كذلك ومن طريق جرير والثوري كلاهما عن منصور كرواية همام يعني هذه الرواية، وقال: لا نعلم أحدًا تابع شعبة على نبيط بن شريط، وذكر الدارقطني الاختلاف في كتاب العلل على مجاهد وقال البخاري في التاريخ: لا يعرف لجابان سماع من عبد الله بن عمرو ولا لسالم من جابان. انتهى.
وأورد ابن الجوزي في الموضوعات من طريق سفيان الثوري تارة من رواية النسائي، وتارة من روايته عن عبد الكريم عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو، وأخرج له أيضًا من رواية عمر بن عبد الرحمن أبي حفص الأبار عن منصور عن عبد الله بن مرة عن جابان، وأعله بما أشار إليه الدارقطني من الاضطراب، وليس في شيء من ذلك ما يقتضي حكمه بالوضع، ولقد جمعت ما استطعت من طرق في هذا الحديث حتى تبين أيهما الصحيح، وحتى يتبين الذي في هذه الطرق اضطراب يعلل به، أم هو خطأ من بعض الرواة لا يعلل به ولا يؤثر في صحته، فإذا هي ثلاثة عشر طريقًا لم أجد غيرها فيما بين يدي من المراجع، ولم أجد طريق جرير التي يشير إليها البخاري وابن حجر، ولم أجد كلام النسائي الذي نقله ابن حجر، ولعله في السنن الكبرى، أو في موضع خفي علي من غيرها.
فرواه أحمد في هذا الموضع، عن يزيد بن هرون عن همام عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن جابان عن عبد الله بن عمرو، بلفظ لا يدخل الجنة منان، ولا مدمن خمر.
ورواه أيضًا 6892، عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن منصور، بالإسناد السابق، بلفظ لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن خمر، ولا منان، ولا ولد زنية.
ورواه الدارمي 2: 112، عن محمد بن كثير البصري عن الثوري عن منصور، بهذا الإسناد، بمعناه.
ورواه الخطيب في تاريخ بغداد 11: 17، من طريق يحيى بن سعيد القطان عن الثوري عن منصور، بهذا الإسناد، مقتصرًا فيه على مدمن خمر.
فهذان راويان ثقتان حافظان: همام والثوري، روياه عن منصور عن سالم عن جابان، لم يذكرا فيه "نبيط بن شريط". وتابعهما على ذلك جرير بن عبد الحميد الضبي، وهو ثقة حافظ أيضًا، فرواه عن منصور كذلك، لم يذكر فيه "نبيطًا"، فيما حكى عنه البخاري في التاريخ، والحافظ في القول المسدد، نقلًا عن النسائي. ثم هؤلاء ثلاثة حفاظ ثقات أيضًا رووه عن الثوري، لم يختلفوا عليه في روايته، وهم: عبد الرزاق، ومحمد بن كثير البصري، ويحيى القطان.
الشيخ: المقصود زيادة (ولد زنية) هذا غلط من جابان أو من غيره ، ولد الزنية لا ذنب عليه ، الذنب على الزاني والزانية، وولد الزنا ليس عليه ذنب منهما بل هو بريء من معصيتهما، وإنما الذنب على من فعل الفاحشة، فالزيادة هذه غير صحيحة، ولعلها من هذا المجهول (جابان). المقصود أن الله جل وعلا يقول: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الإسراء:15]، فليس عليه من وزر أمه والزاني بها شيء، وإنما الوزر عليهما على من فعل المنكر، نسأل الله السلامة والعافية.
س: (الولد شر الثلاثة)؟
الشيخ: ما يصح فيه شيء في ولد الزنية، الجريمة على أمه وعلى من فعل بها، نسأل الله العافية، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى آية محكمة.
س: السند متصل وإلا فيه انقطاع؟
الشيخ: ذكروا فيه انقطاع، فلم يسمع جابان من عبد الله بن عمرو، لكن يكفي كونه ليس معروفًا بالثقة، ثم نكارة المتن أيضًا، حتى لو كان ثقة المتن منكر شاذ مخالف للآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة.
.........
وقال الزهري: حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أباه قال: سمعت عثمان بن عفان يقول: اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل فيمن خلا قبلكم يتعبد ويعتزل الناس فعلقته امرأة غوية فأرسلت إليه جاريتها فقالت: إنا ندعوك لشهادة فدخل معها، فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر، فقالت: إني والله ما دعوتك لشهادة ولكن دعوتك لتقع علي أو تقتل هذا الغلام أو تشرب هذا الخمر، فسقته كأسًا فقال: زيدوني، فلم يرم حتى وقع عليها وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر، فإنها لا تجتمع هي والإيمان أبدًا إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه. رواه البيهقي وهذا إسناد صحيح، وقد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا في كتابه ذم المسكر عن محمد بن عبد الله بن بزيع، عن الفضيل بن سليمان النميري، عن عمر بن سعيد عن الزهري به مرفوعًا، والموقوف أصح والله أعلم، وله شاهد في الصحيحين عن رسول الله ﷺ أنه قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق سرقة حين يسرقها وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن.
الشيخ: وهذه من أحاديث الوعيد، يعني الإيمان الكامل، يعني وهو مؤمن الإيمان الكامل الرادع، وإنما يشربها حين نقص إيمانه وضعف إيمانه، وهذا الأثر الذي في قصة العابد عن عثمان هذا ما يستبعد؛ لأن أم الخبائث تجر إلى الشر العظيم؛ فإنه شربها يعتقد أنها أسهل عليه، أسهل من الزنا وأسهل من قتل النفس، لأنها أحرجته وأغلقت دونه الأبواب إلا أن يزني أو يشرب الخمر أو يقتل الغلام، فرأى أن شرب الخمر أسهل من قتل الغلام ومن الزنا، فلما شرب الخمر وضاع عقله فعل الفاحشة، وقتل الغلام، ففعل المعاصي الثلاث، نسأل الله العافية، هذا يدل على أن أم الخبائث شرها عظيم، وأنها تجر إلى الكفر وإلى الزنا وإلى القتل وإلى غير هذا من الشرور؛ لأنه يذهب عقله نسأل الله العافية.
وهذا والله أعلم مما رواه عثمان عن بعض بني إسرائيل؛ لأنه لم يسنده للنبي ﷺ، ثم ما بين المؤلف من رواه عن الزهري، هذا معلق، وقال الزهري ما ذكر من رواه عن الزهري، ولا يستغرب وقوع هذا من شارب الخمر، ففي بعض الروايات أن يقع عليها فأبى، فقال: اشرب الخمر فأبى، فقالت: اقتل الغلام فأبى، فقالت: لا بدّ من أحد الثالث إما هذا وإما هذا وإما هذا، وقد أغلقوا دونه الأبواب وحصروه، فظن أن الخمر أسهل، ولهذا وقع ما وقع، نسأل الله العافية.
س: صحة في تسمية الخمر أم الخبائث حديث مرفوع؟
الشيخ: ما أتذكر إلا من كلام عثمان .
س: اللي يشرب الخمر يحاسب على كل ما يفعل؟
الشيخ: نعم، لأنها معصية بسبب معصية.
س: عثمان يروي عن بني إسرائيل؟
الشيخ: لعله أخذه عن عبد الله بن عمرو، أو عن غيره ممن يأخذون من بني إسرائيل، أو عن عبد الله بن سلام أو غيرهم ممن يروي عنهم.
س:..........
الشيخ: يعني نحوه.
وقال أحمد بن حنبل: حدثنا أسود بن عامر، أخبرنا إسرائيل عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما حرمت الخمر قال أناس: يا رسول الله، أصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها، فأنزل الله لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا [المائدة:93] إلى آخر الآية، ولما حولت القبلة قال ناس: يا رسول الله، إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس، فأنزل الله وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ [البقرة:143].
وقال الإمام أحمد: حدثنا داود بن مهران الدباغ، حدثنا داود يعني العطار، عن ابن خثيم، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد أنها سمعت النبي ﷺ يقول: من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين ليلة، إن مات مات كافرًا، وإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد كان حقًا على الله أن يسقيه من طينة الخبال قالت: قلت: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار.س:..........
الشيخ: عن ابن خثيم عبد الله بن عثمان بن خثيم، وهذا الحديث ضعيف جدًا، لأن شهر ضعيف، كثير التدليس والإرسال عن أسماء وعن غيرها، وهو منكر المتن؛ لأن شارب الخمر لا يكون كافرًا إنما هو عاص، كسائر العصاة، وشيخ المؤلف داود بن مهران الدباغ عندكم عنه شيء؟
الطالب: داود بن مهران الدباغ أبو سليمان بياع........ نزل بغداد روى عن عبد الجبار بن الورد، وفضيل بن عياض وهشيم، وعنه أحمد وأبو حاتم وإبراهيم بن حربي وآخرون، وثقه أبو حاتم وقال: صدوق، وقال ابن حبان: كان متقنًا، مات سنة سبعة عشرة ومئتين.
الشيخ: علته رواية شهر.
س: قوله: لا تقبل له صلاة أربعين؟
الشيخ: هذا لو صح معناه من باب الوعيد، كمن جاء فيمن أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، وجاء في الآبق لو صح لكان من باب الوعيد عند العلماء يفوته ثوابها ولا يؤمر بقضائها، لكن أنكر منه قوله: مات كافرًا.
س: إذا تفرد شهر بن حوشب؟
الشيخ: ما هو حجة.
س: حديث: سقيا شارب الخمر من طينة الخبال ما فيها حديث صحيح؟
الشيخ: بلى، من مات عليه سقي من طينة الخبال -نسأل الله [العافية]-، الخبال: عصارة أهل النار، كما في مسلم.
س: ما يحمل الكفر لو صح على الكفر الأصغر؟
الشيخ: ظاهر الإطلاق الوعيد العظيم، مات كافرًا، وهذا الكفر الأكبر، نسأل الله العافية، ولكن الصواب في هذا عدم صحته، ولو صح لكان وجب حمله على الكفر الأصغر؛ لأن شرب الخمر ليس بكفر أكبر لو صح مثل ما في الحديث يقول ﷺ: لا يزني الزاني حين يزني هو مؤمن... حتى قال: ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن يعني الإيمان الكامل يكون عنده نوع من الكفر.
س: القول الصحيح في شهر حوشب؟
الشيخ: فيه كلام كثير، كثير الإرسال كثير التدليس ولاسيما إذا نوى العنعنة مثل ما هنا.
س: إذا صرح بالسماع؟
الشيخ: إذا صرح بالسماع وروايته غير مخالفة للروايات الأخرى يمشي، لكن إذا كان مخالفًا للأحاديث الصحيحة ما يمشي.
وقال الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود أن النبي ﷺ قال: لما نزلت لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا [المائدة:93] فقال النبي ﷺ: قيل لي: أنت منهم وهكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من طريقه.
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: قرأت على أبي، حدثنا علي بن عاصم، حدثنا إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: إياكم وهاتان الكعبتان الموسومتان اللتان تزجران زجرًا فإنهما ميسر العجم.الشيخ: إبراهيم الهجري ضعيف، وهذه الظاهر لعبة من اللعب الملهية لو صح، والمقصود اللعب التي تذهب بالعقول مثل ما جاء في قوله جل وعلا: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [لقمان:6] لأنها تذهب بالعقول حتى يقع صاحبها في الباطل بسبب شغل قلبه بآلات اللهو كالخمر، نسأل الله العافية.
س: وعلي بن عصام؟
الشيخ: وعلي بن عاصم فيه ضعف أيضًا؛ لأنه يخطئ ويصر.
س: في الحديث السابق: قيل لي أنت منهم؟
الشيخ: يعني ممن لا جناح عليه فيما طعم فيما سبق قبل تحريمها.
س: ألم يرد أن الله حماه عن شرب الخمر؟
الشيخ: على كل حال الحديث في سنده ضعف، لو صح فالمعنى ليس عليه هو، ليس على النبي ولا على غيره جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا هو وغيره، النبي وغيره ما شربوه أو أكلوه مما أباح الله ثم حرم بعد ذلك لا جناح عليهم لا في الخمر ولا في غيرها مما كان مباحًا ثم حرم.
س:.........
الشيخ: عن النبي، الأعمش معروف ما في عنعنته لكن محتملة في الصحيحين.
س: لكن بهذا السند هل شرب النبي الخمر في هذا الحديث؟
الشيخ: ما هو بلازم، فيما طعموا هذا عام ما يلزمه الخمر.
س: بهذا السند يكون ضعيفًا؟
الشيخ: يحتمل لأجل عنعنة الأعمش، ولو قدر صحته، فالحمد لله، الله جل وعلا نفى الجناح.
الطالب: الكعبتان هنا في الحديث السابق هنا مكتوب، هما قطع الشطرنج.
الشيخ: هي لعبة.
س: من قال بأن الزنا حلال كفر، ولكن من قال بأن الخبز حرام؟
الشيخ: من حرم الحلال كفر ومن أحل المحرم كفر، إذا كانت أشياء مجمع عليها، من قال: إن الزنا حلال أو نكاح الأم حلال، أو الخمر حلال كفر، أو قال: الخبز حرام، أو اللبن حرام، أو الإبل حرام أو البقر حرام أو الغنم حرام كفر بعدما يقام عليه الحجة، يبين له إن كان جاهلاً.
س:..........
الشيخ: من قام عليه الدليل كفر بعينه، من فعل الكفر كفر بعينه.
س:..........
الشيخ: من قام عليه الدليل كفر، إذا دل الدليل على كفره فهو كافر، نسأل الله العافية.
س: وجوده بين الموحدين يكفي في إقامة الحجة؟
الشيخ: نعم وجوده بين القرآن والسنة يكفي إلا في الأشياء الخفية الدقيقة التي قد يخفى مثلها، أما عباد غير الله ومن جحد الزنا أو قال: الزنا حلال أو الخمر حلال وهو بين المسلمين لا شك في كفره، نسأل الله العافية.
س: ما الدليل على من كفر من حرم الحلال؟
الشيخ: لأنه مكذب لله، نسأل الله العافية.