باب صوم التَّطوع، وما نُهي عن صومِه
- عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنه: أنَّ رسول الله ﷺ سُئل عن صوم يوم عرفة، فقال: يُكفِّر السنة الماضية والباقية، وسُئل عن صوم يوم عاشوراء، فقال: يُكفِّر السنة الماضية، وسُئل عن صوم يوم الاثنين، فقال: ذلك يوم وُلِدْتُ فيه، وبُعثتُ فيه، وأُنزل عليَّ فيه. رواه مسلم.
- وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله ﷺ قال: مَن صام رمضان، ثم أتبعه ستًّا من شوال؛ كان كصيام الدهر. رواه مسلم.
- وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: ما من عبدٍ يصوم يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفًا. متفق عليه، واللفظ لمسلم.
الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذا الباب في بيان أحاديث جاءت في صوم التطوع، وجاءت أيضًا في أيام نُهي عن صومها، فالمؤلف جمع بين هذا وهذا: بين الأحاديث التي دلَّت على فضل صيام التطوع، وبعض الأيام التي تُصام، وذكر بعض الأحاديث التي فيها النَّهي عن بعض الصيام؛ لأنَّ المسلم بحاجةٍ إلى أن يعرف هذا وهذا.
فمن الأول -وهو ما يتعلق بصيام التطوع- حديث أبي قتادة: أن النبي ﷺ قال في صوم عرفة: يُكفِّر السنة التي قبلها والتي بعدها، وعن صوم يوم عاشور قال: يُكفِّر السنة التي قبلها، وعن صوم الاثنين قال: ذلك يوم وُلدتُ فيه، وبُعثتُ فيه، أو أُنزل عليَّ فيه، هذا يدل على فضل صيام هذه الأيام، وأنَّ يوم عرفة يومٌ عظيمٌ يُستحب صيامه لغير الحُجَّاج، أما الحاج فلا، يُستحب صيامه لغير الحُجَّاج؛ لما فيه من الفضل، وهذه كفَّارة لمَّا تجنَّب الكبائر، كما قال جلَّ وعلا: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31]، تكفير الصَّغائر.
ومن هذا قوله ﷺ: الصَّلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفَّارةٌ لما بينهنَّ ما لم تُغْشَ الكبائر، وهكذا يوم عاشوراء، يُكفِّر صومه السنة التي قبله، يعني: الصَّغائر؛ لأنَّ الأحاديث يُفسِّر بعضُها بعضًا، إذا كانت الصَّلوات الخمس التي هي الفرائض لا تُكفِّر إلا الصَّغائر فمن باب أولى صوم عرفة، وصوم يوم الاثنين.
وفيه شرعية صوم يوم الاثنين؛ لأنه يوم ولد فيه، ويوم بُعِثَ فيه، يعني: أُوحي إليه فيه، ولأنه يوم تُعرض فيه الأعمال على الله مع الخميس، قال ﷺ عن صوم يوم الاثنين والخميس: إنهما يومان تُعرض فيهما الأعمال على الله، فأُحبّ أن يُعرض عملي وأنا صائم، وشُرع صيامه لثلاثة أمور:
- لأنه يومٌ وُلد فيه ﷺ.
- ويوم أُنزل عليه فيه، وبُعث فيه.
- ويوم تُعرض فيه الأعمال على الله.
لحكمٍ ثلاثٍ، والخميس لحكمةٍ واحدةٍ، وهو أنه يوم تُعرض فيه الأعمال على الله.
ويوم المولد ما فيه شيءٌ خاصٌّ، كالاحتفالات التي يفعلها بعضُ الجهلة، لا، هو يوم مثل بقية الأيام، إلا أنَّ الله خصَّه بكونه يومًا فاضلًا من جهة الصيام فقط.
ولم يعتنِ به النبيُّ ﷺ، ولا أصحابه، ولم يخصُّوه بشيءٍ، ما عدا الصيام، صوم يوم الاثنين.
وفي الحديث الثاني الدلالة على شرعية صيام الست من شوال، وأنه يُستحب أن تُصام، سواء متتابعة، أو مُفرَّقة: مَن صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر، ولو فرَّقها فلا بأس.
والحديث الثالث: يقول ﷺ: مَن صام يومًا في سبيل الله باعد الله عن وجهه النار سبعين خريفًا، وفي قوله: في سبيل الله يعني: في طاعة الله، وابتغاء مرضاته. وهذا فضلٌ عظيمٌ، يدل على فضل الصيام، وما فيه من الخير العظيم.
وفي "مسند أحمد" بإسنادٍ جيدٍ عن أبي أمامة، أنه قال: يا رسول الله، أخبرني بعملٍ يُدخلني الجنة، فقال: عليك بالصوم، فإنه لا مثلَ له، وفي رواية ابن خزيمة وغيره: أخبرني بعملٍ ينفعني الله به، فقال: عليك بالصوم؛ فإنه لا مثلَ له، وهذا فيه حثٌّ على الإكثار من صوم التطوع، وأنه يوم عظيم، وأنه عبادة عظيمة، وأنه من أسباب دخول الجنَّة.
وفي حديث معاذ: الصوم جُنَّة، فهو جُنَّة من النار، كجُنَّة العدو من القتال، فالصيام له شأنٌ عظيمٌ، وفضلٌ كبيرٌ، والمؤمن يتحفَّظ فيه، وإلا ما ينفع، لا بدّ من التَّحفظ، ولهذا قال ﷺ: مَن لم يدع قولَ الزور، والعملَ به، والجهلَ، فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه، فلا بدّ عند الصيام من التَّحفظ، وله فضلٌ عظيمٌ.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: يُورد على حديث .....، وهو أنَّ الصوم في السفر مقبول؟
ج: في سبيل الله: في طاعة الله، ما هو في السفر، في سبيل الله، ما هو في الجهاد، الجهاد الأفضل فيه الفطر؛ لأنه أقوى على قتال العدو، المراد: في سبيل الله، يعني: في طاعة الله، ويُستثنى من ذلك ما لا يُناسب فيه الصوم: كالجهاد، وشدّة الصيف في السفر، ما يُصام، فمحمولٌ على الصوم الذي لا يُخالف الشرع، صومٌ يُوافق الشرع، هذا المراد به، أحاديث الرسول ﷺ والآيات -هذه قاعدة، خذها قاعدةً- يُفسِّر بعضُها بعضًا، يجب أن تُحمل على ما لا يُخالف النوع الآخر منها، كل حديثٍ أو كل آيةٍ تُفسَّر بما لا يُخالف النوع الآخر، فالأحاديث يُفسِّر بعضُها بعضًا، ويشرح بعضُها بعضًا.
س: قوله: كان كصيام الدهر، تعليل بعضهم أنَّ هذا من أجل أن الحسنة بعشر أمثالها؟
ج: جاء في بعض الروايات: رمضان بعشرة أشهر، وستة أيام بشهرين؛ لأنَّ الحسنة بعشر أمثالها.
س: ............؟
ج: من أسباب التَّكفير، يعني: من أسباب تكفير السيئات الصَّغائر.
س: قوله: الباقية في بعض رواية مسلم: السنة التي قبلها، والسنة التي بعدها، هل هي خمسة وستة عشر، أو خمسة وسبعة عشر سنة 1415 و1417، أو سنة 1415 و1416؟
ج: يختلف الوقت، السنة التي قبله، والسنة التي بعده.
س: يعني: السنة التي هو يعيشها الآن؟
ج: السنة التي تأتي بعده، والسنة التي مضت قبله، هذا المراد به، السنة التي قبله يعني: مضت قبله، والتي بعده: بعد يوم عاشوراء، التي تبدأ من الحادي عشر.
س: المقصود بالدهر؟
ج: كأنه صام الدهر، نعم.
س: ................؟
ج: يعني: هذا المراد، إذا صام كل يومٍ صار كأنه صام الدهر كله، إذا صام عاشوراء خلال سنةٍ كأنه صام الدهر، يكون له أجر، ولا يضرّه الدهر ما يُصام، لكن إذا صام هذا اليوم، أو صام ثلاثة أيام من كل شهرٍ كان كصيام السنة.
س: عرض الأعمال فقط يوم الخميس، أو الاثنين والخميس؟
ج: الاثنين والخميس.
س: يقول السائل: هل يُشترط تبييت النية لصيام الستِّ من شوال؟ وإذا استيقظ الإنسانُ ضُحى يومٍ من أيام شوال، ولم يأكل شيئًا، فهل يُحسب صيام هذا اليوم؟
ج: التَّطوع ما يُشترط له التَّبييت بالنية، لو صام أثناء النهار لا بأس، لكن يكون ناقصًا، إذا صام من أول النهار أفضل وأكمل، وإذا ما صام إلا من أثناء النهار صار صيامه ناقصًا، ما يكون له صيام الستة أيام، يكون صيامًا ناقصًا.
س: ينوي في نفسٍ بعد الصبح، ممكن ينوي؟
ج: لو أصبح ما طرأ عليه الصوم، ثم لما طلعت الشمس أو الضُّحى نوى الصوم، وما أكل شيئًا، ولا أفطر شيئًا.
س: هل المُراد بالسنة الباقية بعد اليوم الحادي عشر إلى نهاية العام؟
ج: نعم، هذا المراد، يعني: الذنوب الصَّغائر التي لا تلحق بالكبائر عند اجتناب الكبائر، بشرط اجتناب الكبائر.
س: مَن أراد أن يصوم يومًا في الأسبوع، يصوم الاثنين أو الخميس؟
ج: كله طيب، الاثنين أو الخميس، كله طيب.
س: الوعد لا يجب على الإنسان إذا وعد؟
ج: ما يلزم.
س: لا يجب عليه؟
ج: ما يجب عليه، يُستحبُّ له، السنة أن يُوفي، السنة الوفاء.
س: لو صام الحاجُّ عرفة؟
ج: لا، ما ينبغي، لا يصومه، الرسول نهى عن صوم عرفة بعرفة، إنما الصيام لغير الحجّاج.
س: أقلّ أحواله الكراهة؟
ج: نعم.
س: ما ذُكر عن الإمام مالك من كراهة صيام الست من شوال؟
ج: خفي عليه الحديث، مالك وغيره، كل إنسانٍ يجهل شيئًا معذور، ومَن علم حجَّة على مَن لم يعلم.
س: قوله: السنة الباقية شهرين فقط؟
ج: هذه سنتك أنت، وإلا فسنة الناس اثنا عشر شهرًا، وإن كانت لك سنة خاصَّة أنت! فسنة الناس اثنا عشر، هذه سنة المسلمين.
س: لو فاتت الستُّ من شوال هل تُقضى؟
ج: لا، ما تُقْضَى.
س: سُنَّة فات محلُّها؟
ج: سنة فات محلُّها، نعم.
- وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "كان رسول الله ﷺ يصوم حتى نقول: لا يُفطر، ويُفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيتُ رسول الله ﷺ استكمل صيام شهرٍ قط إلا رمضان، وما رأيتُه في شهرٍ أكثر منه صيامًا في شعبان". متَّفق عليه، واللفظ لمسلم.
- وعن أبي ذرٍّ رضي الله تعالى عنه قال: "أمرنا رسولُ الله ﷺ أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة".
رواه النَّسائي، والترمذي، وصحَّحه ابنُ حبان.
- وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله ﷺ قال: لا يحلّ للمرأة أن تصوم وزوجها شاهدٌ إلا بإذنه. متَّفق عليه، واللفظ للبخاري.
زاد أبو داود: غير رمضان.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بصوم التطوع:
تقول عائشةُ رضي الله عنها: أنها ما رأت النبيَّ ﷺ يصوم صيامًا أكثر من الشهور بعد رمضان إلا في شعبان، وتقول أنه يسرد الصومَ حتى نقول: لا يُفطر، يعني: تطوعًا، ويُفطر في الفطر حتى نقول: لا يصوم.
وهذا المعنى جاء من حديث ابن عباسٍ : أنه كان ﷺ يسرد الصومَ حتى يُقال: لا يُفطر، ويسرد الفطر حتى يُقال: لا يصوم.
وهذا يدل على أنه ﷺ يتحرَّى الفرص التي فيها التَّمكن من الصوم؛ لأنه عليه الصلاة والسلام القائم بأعمال الناس -بأعمال الدولة- مع قيامه بإبلاغ الرسالة عليه الصلاة والسلام، فهو قائم بأعمال الرسالة، وبأعمال الدولة وتصريف أمور المسلمين، فإذا جاءت الفرصة المناسبة سرد الصوم؛ لقلَّة الأعمال التي تشغله عن الصوم، وإذا جاءت المشاغل الكثيرة المتوالية سرد الفطر؛ ليتقوَّى بذلك على مهمات المسلمين وحاجاتهم.
وهذا هو الأفضل للرجل والمرأة: أن يتحرى الأوقات المناسبة للصوم فيسرده، والأوقات المناسبة للفطر فيُفطر، وإذا تيسر لأحدٍ أن يصوم يومًا ويُفطر يومًا، أو يصوم الأيام الثلاثة من الشهر الرابع: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، فهذا كله سنة، ولهذا قال ﷺ في حديث عبدالله بن عمرو: صم يومًا وأفطر يومًا، لما طلب منه أن يصوم الدهر قال له: صم يومًا وأفطر يومًا، وذلك كصيام الدهر، ولما قال: أريد أفضل من ذلك، قال: لا أفضل من ذلك، هذا صوم داود، وهو صيام الدهر، يصوم يومًا، ويُفطر يومًا، فإن اكتفى بثلاثة أيام من كل شهرٍ كفى، فقد أوصى النبيُّ ﷺ أبا هريرة وأبا الدَّرداء بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهي تكفي، الحسنة بعشر أمثالها، وكذلك كان يصوم الاثنين والخميس إذا تيسَّر له ذلك عليه الصلاة والسلام، وأخبر أنَّ صيامهما فيه فضلٌ عظيمٌ، وأنهما تُعرض فيهما الأعمال على الله، وكان يُحب أن يُعرض عمله وهو صائم عليه الصلاة والسلام.
وفي حديث عائشة الدلالة على فضل صيام شعبان، وأنه يُستحب صيام شعبان إلا قليلًا، إذا أفطر يومًا أو يومين لا بأس، وإن صامه كله فلا بأس؛ لأنه في الروايات الأخرى عنها أنه كان يصله برمضان بعض الأحيان.
وفي حديث أم سلمة عند النسائي بإسنادٍ صحيحٍ: أنه كان يصله برمضان، يصوم شعبان كله عليه الصلاة والسلام، فهذا يدل على أنه إن صامه كله فلا بأس، وإن أفطر بعض الأيام من آخره فلا بأس، كله فعله النبي ﷺ.
جاء في بعض الروايات لما سُئل: لماذا؟ قال: لأنه شهرٌ يغفل الناسُ عنه، وفي بعض الروايات: صامه تعظيمًا لرمضان، يعني: تمهيدًا لصوم رمضان، وتعظيمًا له، فيُستحب للمؤمن أن يصوم شعبان إذا تيسَّر له ذلك: إما أغلبه، وإما كله، وهكذا إذا تيسَّر له أن يصوم يومًا ويُفطر يومًا، أو يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، أو يصوم الاثنين والخميس، كله طيب.
وفي حديث أبي ذرٍّ: "أمرنا رسولُ الله ﷺ أن نصوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر"، وهكذا جاء في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص، قال: صم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، صيام ثلاثة أيام من كل شهر.
فالأفضل للمؤمن أن يتحرى ما هو أيسر عليه، ولا يمنعه مما هو أهم، فإذا كان صومُ يومٍ وفِطْرُ يومٍ يمنعه عن بعض المهمَّات انتقل إلى صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وإذا كان صومه في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر قد يُتعبه صامها في أي وقتٍ: في العشر الأول، في العشر الأوسط، في العشر الأخيرة، مُتتابعة، أو مُتفرِّقة، الأمر في هذا واسع، والحمد لله، وإذا أحبَّ أن يصوم يومًا ويُفطر يومًا كذلك فهذا أفضل الصيام.
فالمقصود أن المتطوع مُخيَّر: إن صام الاثنين والخميس، وإن صام ثلاثة أيام من كل شهر، وإن صام يومًا وأفطر يومًا، كله حسنٌ، وكله طيبٌ، وإن سرد الصومَ بعض الأحيان أيامًا عديدةً، ثم سرد الفطر أيامًا على حسب مشاغله فلا بأس، كل هذا فعله النبيُّ ﷺ.
وفي الحديث الثالث يقول ﷺ: لا يحلُّ للمرأة أن تصوم وزوجها شاهدٌ إلا بإذنه، إلا رمضان، فالمرأة ليس لها أن تصوم تطوعًا وزوجها حاضر إلا بإذنه؛ لأنه قد يحتاج إليها -يستمتع بها- فيمتنع بأسباب الصوم، فليس لها أن تصوم إلا بإذنه: لا ست شوال، ولا يوم الاثنين، والخميس، ولا ثلاثة أيام من كل شهرٍ، ولا غيرها إلا بإذنه؛ لأنَّ له حقَّ الاستمتاع، ما عدا رمضان، فرمضان فريضة، فلا يحتاج إلى إذنٍ، عليها أن تصوم رمضان، ولهذا رُوي في "سنن أبي داود": إلا رمضان، أو صوم الكفَّارة التي عليها عن أيام الحيض، عليها أن تصومها، ولو لم يأذن عليها أن تصومها؛ لأنها من رمضان -قضاء رمضان- ففي الحيض أو النفاس أفطرت في رمضان فعليها أن تقضي، وليس له منعها من القضاء.
- وعن أبي سعيدٍ الخدري : أن رسول الله ﷺ نهى عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم النّحر. متَّفقٌ عليه.
- وعن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله ﷺ: أيام التَّشريق أيام أكلٍ وشُرْبٍ وذكرٍ لله عزَّ وجلَّ. رواه مسلم.
- وعن عائشة وابن عمر قالا: "لم يُرخص في أيام التَّشريق أن يُصَمْنَ إلا لمَن لم يجد الهدي". رواه البخاري.
- وعن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ قال: لا تخصُّوا ليلة الجمعة بقيامٍ من بين الليالي، ولا تخصُّوا يوم الجمعة بصيامٍ من بين الأيام، إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدُكم. رواه مسلم.
- وعنه أيضًا قال: قال رسولُ الله ﷺ: لا يصومَنَّ أحدُكم يوم الجمعة، إلا أن يصوم يومًا قبله، أو يومًا بعده. متفق عليه.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث الخمسة تتعلق بالصوم المنهي عنه، تقدَّمت أحاديث الصوم المعروفة، والذي يُشرع التطوع به، وهذا في الشق الثاني؛ لأن الباب "باب صوم التطوع، وما نُهي عن صومه"، هذا يتعلق بالشقِّ الثاني: "وما نُهي عن صومه".
حديث أبي سعيدٍ: يقول : "نهانا رسولُ الله ﷺ عن صيام يوم العيد": عيد النحر، والفطر، فهذان اليومان لا يُصامان بإجماع المسلمين، وهكذا ثبت عن عمر في "الصحيحين" أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام قال: إنَّ هذين يومان حرَّم الله صيامهما: يوم فطركم من صيامكم، واليوم الآخر الذي تأكلون فيه من لحومكم، وهما لا يجوز صيامهما عند جميع أهل العلم.
وهكذا أيام التَّشريق: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، يُقال لها: أيام التَّشريق، ويُقال لها: أيام النَّحر، لا تُصام أيضًا، الرسول نهى عن صومها، فهي أيام أكلٍ وشربٍ وذِكْرٍ، كما في حديث نبيشة، وهكذا جاء في الصحيح عن كعب بن مالكٍ عند مسلمٍ: أنها أيام أكلٍ وشُربٍ، وهكذا جاء النَّهي عنها من عدة أحاديث -النَّهي عن صومها- إلا في حالةٍ واحدةٍ، وهي: ما إذا عجز المتمتع أو القارن عن الهدي، فإنه يصومها، كما في حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما، قالا: "لم يُرخص في أيام التَّشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهدي"، هذا معناه الرفع، له حكم المرفوع إلى النبي ﷺ، فدلَّ ذلك على أنه يجوز للمُتمتع والقارن أن يصومها -أيام التشريق- إذا لم يصم الثلاثة قبل عرفة يصوم أيام التشريق، وسبعة إذا رجع إلى أهله.
والحديث الرابع والخامس في النَّهي عن صوم يوم الجمعة، والنَّهي عن تخصيصها بصومٍ، وليلتها بقيامٍ، لا يجوز أن تُخصَّ الجمعة بصيامٍ، ولا يخصّ ليلها بقيامٍ، والحكمة في ذلك -والله أعلم- أنه يومٌ عظيمٌ وفاضلٌ، فيها ساعة لا يُردّ فيها سائلٌ، فهي حَرِيَّةٌ بأن يصومها الناس ويخصُّوها بقيامٍ، فنهي النبي ﷺ عن تخصيصها بصيامٍ، وعن تخصيصها بقيامٍ؛ رحمةً بالأمة، وإحسانًا إليهم، فلا يجوز لأحدٍ أن يخصَّ الجمعة بصيامٍ، ولا يخصّ ليلها بقيامٍ، إلا أن تكون من صومٍ يصومه الإنسانُ، تبع غيرها، كأن يصوم الخميس أو السبت معها فلا بأس، ولهذا قال ﷺ: لا يصومَنَّ أحدُكم الجمعةَ إلا أن تصوموا يومًا قبلها، أو يومًا بعدها، وهكذا نهى عن صومها مُفردًا، وتخصيص ليلها بقيامٍ.
وبهذا يُعلم أنَّ النهي عن صوم يوم السبت الحديث فيه ضعيفٌ؛ لأن الرسول ﷺ هنا قال: إلا أن تصوموا يومًا قبلها، أو يومًا بعدها، فدلَّ هذا على أن صيام السبت مع الجمعة لا بأس به تطوعًا، وحديث أن الرسول ﷺ نهى صوم يوم السبت إلا فيما افتُرض علينا، يأتي أنه حديثٌ مُضطربٌ غير صحيحٍ، ويدل على ضعفه وعدم صحَّته حديث أبي هريرة هذا في "الصحيحين": أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام قال: لا تصوموا يوم الجمعة، إلا أن تصوموا يومًا قبله، أو يومًا بعده، اليوم الذي بعده هو السبت، فيحرم صيام الجمعة على سبيل الانفراد تطوعًا، أما إذا صامها عن فرضٍ عليه لم يتيسَّر له وقتٌ آخر، فهو لم يخصَّها، أو صام معها السبت، أو صام معها الخميس؛ فلا حرج في ذلك.
وفي الصحيح: أن جويرية رضي الله عنها صامت يوم الجمعة، فقال لها ﷺ: صُمْتِ أمس؟ قالت: لا، قال: تصومين غدًا؟ قالت: لا، قال: فأفطري.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: ألا يُدرج هذا اليوم -يوم الجمعة- بين أعياد المسلمين؟
ج: يوم الجمعة وأيام التَّشريق كلها أيام أعيادٍ، لكن في الجملة، لكن ليس لها حكم أيام العيد في منع الصوم من جهة أنها يوم عيد، تمنع لأجل التَّخصيص فقط.
س: إذا كان وافق يوم عرفة؟
ج: الأحوط أن يصوم قبله يوم الخميس، حتى يخرج من شُبهة النَّهي.
س: إذا كان يوم الجمعة يوم إجازةٍ -مثلما هو الحال في هذه الأيام- هل يخصُّه بصومٍ أو بقيامٍ؟
ج: لا يخصُّه، لا بصومٍ، ولا بقيامٍ، كما قال النبيُّ ﷺ، هذا هو الأصل، التَّحريم، ولهذا أمر جويرية أن تُفطر.
س: حمل الجمهور على .....؟
ج: الأصل الخلاف.
س: إذا كان يصوم ستةً من شوال، ولا يستطيع أن يصوم إلا يومًا وراء يوم، ووافق يوم الجمعة، هل يجوز له ذلك؟ فقط الستُّ من شوال، لم يكن صومًا يصومه وحده إلا ستًّا من شوال؟
ج: الظاهر لا بأس، مثلما في الحديث: أن النبي ﷺ قال في صيام داود: كان يصوم يومًا، ويُفطر يومًا، ومعلومٌ أنه إذا صادف فطره يوم الخميس يصوم يوم الجمعة، ويُفطر السبت، ما دام في صومٍ يصومه الإنسانُ لا حرج.
س: ليست عادته أن يصوم يومًا ويُفطر يومًا، إلا في الستِّ من شوال، ست من شوال يصوم يومًا ويُفطر يومًا، يقول: لا أتحمَّل مشقَّة العمل، فأصوم يومًا وأُفطر يومًا، ووافق يوم الجمعة الصيام، هل يُفطر؟
ج: الأقرب أنه يصوم، لكن في مثل هذا إذا احتاط لدينه وترك الشُّبهة وصام الخميس يكون أحوط وأبعد عن الشبهة، وإلا فهو ما خصَّها، ما خصَّ الجمعة، هو تبع صيام الست، مثل: لو صامها عن عرفة.
س: .............؟
ج: لا، لا يصوم، أيام التشريق أيام أكلٍ وشربٍ، ما تُصام، ولو كان يصوم البيض يصوم الرابع عشر والخامس عشر، يكفي.
س: إذا أراد أن يصوم الأيام العشر في الحج، يجوز له أن يصومها في أيام التَّشريق؟
ج: لا، فقط الثلاثة؛ لأنَّ هذه المشروطة، هي مشروطة في الحديث، أما الثلاثة فصيامٌ بغير الحجِّ، وهذه آخر أيام الحج، أما السبعة فالأمر واسعٌ.
س: صيام ثلاثة أيام من الشهر مُحددة بالبيض، أو أي ثلاثة أيام من الشهر؟
ج: في أي وقتٍ، لكن البيض أفضل، إذا صامها في العشر الأخيرة أو في العشر الأول لا بأس.
س: حديث مَن حدَّدها بالثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر؟
ج: هذه الثلاث البيض، لكن الرسول ﷺ ما حدَّد صيام ثلاثة أيام من كل شهر أي وقت، أي وقت يصوم الثلاثة أيام يحصل المطلوب، لكن إذا صادفت البيض فيكون أفضل.
س: يقول السائل: هل صحَّ الحديثُ في الحثِّ على صوم أيام البيض؟ فإن صحَّ فما الحكمة في أنَّ النبي ﷺ لم يصمها؟
ج: كان يصومها بعض الأحيان، وقد يكون يتركها لبعض المشاغل عليه الصلاة والسلام مثلما تقدَّم: يسرد الصوم حتى يُقال: لا يُفطر، ويسرد الفطر حتى يُقال: لا يصوم، على حسب فراغه ومشاغله.
س: صام أيام البيض يعني؟
ج: نعم.
س: أيام البيض الاسم هذا له أصل ..؟
ج: ليلها أبيض، ونهارها أبيض، ليلها أبيض بالقمر، ونهارها أبيض بالنهار.
س: يقول السائل: هل إذا جلس الإمامُ جلسة الاستراحة، هل يجب عليه أن يُكبِّر عندما يُريد القيام، أو يكتفي بالتَّكبير الأول عند قيامه من السُّجود؟
ج: يكتفي بالأول، التَّكبير عند نهوضه من السجود يكفي، وإن جلس فالسنة أن يجلسوا، وإن قام فهم في سنةٍ للجميع.
س: إذا قام من الاستراحة هل يعتمد على ركبته أم على الأرض؟
ج: على حسب حاله، السنة على ركبتيه، لكن إذا كان عاجزًا يعتمد على يديه، والحمد لله.
س: ..............؟
ج: إذا احتاج إلى ذلك، وإلا فالسنة على ركبتيه.
- وعن أبي هريرة : أن رسول الله ﷺ قال: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا. رواه الخمسة، واستنكره أحمد.
- وعن الصّماء بنت بسر رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرض عليكم، فإن لم يجد أحدُكم إلا لحاء عنب أو عود شجرةٍ فليمضغها.
رواه الخمسة، ورجاله ثقات، إلا أنه مُضطرب. وقد أنكره مالك، وقال أبو داود: هو منسوخ.
- وعن أمِّ سلمة رضي الله تعالى عنها: أن رسول الله ﷺ كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت، ويوم الأحد، وكان يقول: إنَّهما يوما عيدٍ للمُشركين، وأنا أُريد أن أُخالفهم.
أخرجه النَّسائي، وصحَّحه ابن خزيمة، وهذا لفظه.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث كلها تتعلق بالصوم:
الأول يتعلق بصوم شعبان بعد النصف: يقول فيه النبيُّ ﷺ: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا، ويقول ﷺ: لا تقدّموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين، إلا رجلٌ كان يصوم صومًا فليصمه.
الحديثان يدلان على أنه لا يتقدّم رمضان من حين ينتصف شعبان، لا يتقدم بالصوم، والتأكيد فيما قبله باليوم واليومين أشد؛ لأنَّ الحديث أصحّ في "الصحيحين"، والمقصود الحيطة لرمضان؛ لأنَّ هذا وسيلة لأن يُزاد فيه، كما زادت النَّصارى في صيامها.
فالواجب على المسلم أن يتقيَّد بالشرع، ولا يزيد فيما فرض الله، أما إذا كان الصومُ يصومه فلا بأس: يصوم الاثنين والخميس، يصوم يومًا ويُفطر يومًا، لا بأس يصوم، ولو وافق آخر شعبان كما تقدَّم: إلا أن يكون صومًا يصومه أحدكم.
وإذا كان ما صام النصف الأول من شعبان فلا يبتدئ بعد النصف من شعبان؛ لقوله ﷺ: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا؛ سدًّا للذريعة، سدًّا لزيادة الصوم في رمضان، أما إذا صام أكثر شعبان فلا بأس، إذا صام قبل النصف: بدأ من الحادي عشر أو الثاني عشر واستمر فلا بأس، كان النبي يصوم شعبان، وربما صامه كله، وربما صامه إلا قليلًا، كما في حديث عائشة وأم سلمة، أما أن يصوم يومًا قبل رمضان أو يومين أو ثلاثًا، أو يبتدئ الصوم بعد النصف، هذا هو الذي لا يجوز؛ سدًّا لذريعة الزيادة والبدعة.
الحديث الثاني: حديث الصّماء بنت بسر، أخت عبدالله بن بسر، تروي عن النبي ﷺ أنه نهى عن الصوم يوم السبت، إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدُكم، فيه نهيٌ عن صوم يوم السبت، إلا فيما افتُرض عليكم، فإن لم يجد أحدُكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغها.
الحديث هذا اختلف الناسُ فيه: من الناس مَن صحَّحه، ومنهم مَن ضعَّفه وأعلَّه بالاضطراب واختلاف الأسانيد تارةً عن الصماء، وتارةً عن عبدالله بن بسر، وتارةً عن غير ذلك.
والصواب أنه ضعيفٌ؛ لاضطرابه ولشذوذه، فهو مضطربٌ، وهو شاذٌّ مخالفٌ للأحاديث الصَّحيحة، وشاذٌّ لأنه مخالفٌ لقوله ﷺ فيما صحَّ عنه: لا يصومَنَّ أحدُكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يومًا قبله، أو يومًا بعده، الذي يأتي بعده هو يوم السبت، كذلك مخالفٌ لحديث أم سلمة: أن النبي ﷺ كان يصوم يوم السبت ويوم الأحد، ويقول: إنَّهما يوما عيدٍ للمُشركين، وأنا أُريد أن أُخالفهم، فصيام يوم الأحد ويوم السبت لا بأس به؛ لمخالفة المشركين.
فالحاصل أنه إذا صام يوم السبت، يعني: يصوم يومًا ويُفطر يومًا، أو صامه لمخالفة المشركين؛ فلا حرج في ذلك.
والحديث هذا المذكور حديث النَّهي عن صومه -حديث الصّماء- حديثٌ مضطرب لا يصحّ؛ ولهذا أنكره مالكٌ رحمه الله، وقال أبو داود: "هو منسوخ"، والصواب أنه ضعيفٌ غير صحيحٍ؛ لاضطرابه ومُخالفته للأحاديث الصَّحيحة.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: ..............؟
ج: ..............
س: الحديث منكر أم شاذّ؟
ج: ضعيفٌ لا يصحّ عن النبي ﷺ، منكر وشاذّ جميعًا، ومُضطرب.
س: أم سلمة: كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت؟
ج: تقدّم يوم الأحد، ويوم السبت؛ لأنه كان يصومهما خلافًا للمشركين، يُخالف هديه هديَهم عليه الصلاة والسلام.
س: صحيحٌ، أحسن الله عملك؟
ج: نعم.
س: شخصٌ كان يُريد صيام السبت، لكن ما تيسر له إلا الجمعة، وقال أنَّ قول النبي عليه الصلاة والسلام: لا تخصُّوا يوم الجمعة، ولم يقل: "لا تصوموا"، ما دام تيسر له يوم الجمعة يصومه مُنفردًا، هل هذا وجيه؟
ج: ظاهر القول أنه لا حرج في ذلك إذا ما قصد يوم الجمعة، مثل: صادف يوم عرفة، صادف يومًا يصومه، يصوم يومًا ويُفطر يومًا، ما كانت عنده فرصة أن يصوم إلا هذا اليوم؛ لأعمالٍ تمنعه، وإن ترك ذلك احتياطًا فحسنٌ إن شاء الله، إن ترك ذلك وصام معها الخميس أو السبت يكون أبعد عن الشُّبهة.
س: حديث: إذا انتصف شعبان هو صحيح؟
ج: نعم.
س: ما يُخالف حديثَ عمران الصحيح: قال الرسول: هل صمتَ من سرر شعبان؟ قال: لا، قال: إذا أفطرتَ فصم يومين؟
ج: هذا غير صحيحٍ يوم السبت، وهذا فيه صيام سرر، هذا مختلف، فُسِّر بوسط الشهر، فُسِّر بآخر الشهر، محلّ نظرٍ.
س: بعض أهل العلم المعاصرين حسَّن حديث الصّماء، وحمله على .......؟
ج: لا، لا، هذا ما هو بصحيحٍ.
س: أراد أن يجمع بينه وبين ..؟
ج: ما هو بصحيحٍ، أما لو قال: "إلا أن تصوموا يومًا قبله" فهذا قد يكون وجيهًا، مثلما قال في الجمعة، لكن قال: إلا فيما افتُرض عليكم، معناه: أنه ما يُصام نافلةً، وهذا باطل، مخالفٌ للأحاديث الصَّحيحة، النبي ﷺ قال: لا تصوموا الجمعة إلا أن تصوموا يومًا قبله، أو يومًا بعده، الذي بعده هو يوم السبت، وكان يصومه مع الأحد عليه الصلاة والسلام.
س: هل يكون الحديثُ ثابتًا لكنه مخالفٌ للأحاديث، وإلا من الأصل ضعيف؟
ج: الشَّاذ ما يُسمَّى: ثابتًا، الشَّاذ ضعيف، وهذا شاذٌّ ومُضطربٌ جميعًا، عِلَّتان.
س: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا النَّهي للتَّحريم؟
ج: للتَّحريم، هذا الأصل في النَّهي، الأصل في النَّهي أنه للتَّحريم، الرسول ﷺ يقول: ما نهيتُكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتُكم به فأتوا منه ما استطعتُم، هذا هو الأصل.
س: صحيح الحديث يا شيخ ..؟
ج: نعم صحيح.
س: لِمَ استَنْكَرَ الإمامُ أحمد؟
ج: لعله لأنَّ النبي كان يصوم شعبان إلا قليلًا، وهذا لا يُخالف: كان يصوم أكثر شعبان، ثم صامه كله، فلا مخالفَ بينهم.
س: في الحاشية، في وجه إنكار الإمام أحمد يقول: "كأنه من رواية العلاء بن عبدالرحمن، صدوق ربما وَهِمَ" "تقريب التَّهذيب"؟
ج: لا، لا، العلاء ثقة، وهو من رجال مسلم، وروى عنه مسلم بأسانيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، فلا بأس به.
س: يعني: صيام يوم الجمعة هذا نهي تحريم؟
ج: نعم، تخصيصه للتَّحريم.
س: الحافظ قال: صدوقٌ ربما وَهِمَ؟
ج: ما يضرُّ، ربما وَهِمَ .............
س: أيّهما أفضل: صيام الاثنين والخميس، أو صيام الأيام البيض؟
ج: صيام الاثنين والخميس أكثر فضلًا، وأكثر أجرًا، وأثبت في الأحاديث الصَّحيحة، وإن صام ثلاثة أيام من كل شهرٍ كفى، الحمد لله، في أي وقتٍ، سواء صامها في أوله، أو في وسطه، أو في آخره، أو في أيام البيض، كله طيب.