فصل في حكم الحمل
وأما الحمل فلا يرث ولا يُورث إلا بالشرطين المُتقدمين في أول هذه النبذة، وهما: تحقق وجوده في الرحم حين موت المُورّث ولو نطفة، ويُعرف ذلك بأن تلده لأقل من ستة أشهر من حين موت المُورث، سواء كانت فراشًا لزوجٍ أو سيدٍ أو غير فراشٍ، وكذا إن ولدته لأكثر من ستة أشهر، ودون أربع سنين، وهي غير فراشٍ، فإن كانت فراشًا لزوجٍ يطأ أو سيدٍ يطأ فهو غير متحقق الوجود؛ لاحتمال أن يكون من وطءٍ حادثٍ، وإن كان الزوجُ أو السيدُ لا يطأ؛ لغيبةٍ أو امتناعٍ أو غيرهما، فهو متحقق الوجود، كما لو كانت غير فراشٍ.
وإن ولدته لأكثر من أربع سنين من حين موت المُورث فهو غير متحقق الوجود مطلقًا؛ لأنَّ أكثر مدة الحمل على المذهب أربع سنين.
والشرط الثاني: أن ينفصل كله حيًّا حياةً مُستقرةً، ويُعرف ذلك بأن يستهل صارخًا، أو يعطس، أو يرضع، أو نحو ذلك.
فإذا مات شخصٌ وخلف ورثةً فيهم حمل يرثه، وطلبوا القسمة؛ وُقف للحمل الأضرّ من ميراث ذكرين أو أُنثيين، وأُعطي كل واحدٍ اليقين، ومَن لا يحجبه يُعطى نصيبه كاملًا: كالجدة، ومَن ينقصه الحمل شيئًا يُعطى اليقين، ومَن لا يرث إلا في بعض التقادير لا يُعطى شيئًا، فإذا وُلد الحمل أخذ نصيبه، وما بقى فهو لمُستحقه، وإن أعوز شيء بأن وُقف لاثنين فوُلد ثلاثة فأكثر؛ رجع على الورثة إن كان ينقصهم.
والحمل له ستة تقادير؛ وذلك لأنه: إمَّا أن ينفصل كله حيًّا حياةً مُستقرةً أو لا، وعلى الأول إما أن يكون ذكرًا فقط، أو أنثى فقط، أو ذكرًا وأنثى، أو ذكرين، أو أُنثيين، فهذه ستة تقادير.
وأما كون الحمل أكثر من اثنين فنادر، لا يحتاج إلى تقديرٍ.
والقاعدة في حساب مسائل الحمل: أن تعمل لكل تقديرٍ مسألة على حدة، ثم تنظر بين المسائل بالنسب الأربع، فما حصل بعد النظر والعمل فهو الجامعة للمسائل كلها، فاقسمه على كشف مسألةٍ، فما خرج فهو جزء سهمها، ثم اضرب نصيب كل وارثٍ من كل مسألةٍ في جزء سهمها، فما بلغ فهو نصيبه منها، ثم اعرف نصيب كل وارثٍ من كل مسألةٍ، فمَن لا يختلف نصيبه يُعطاه كاملًا، ومَن اختلف نصيبه أُعطي الأقل؛ لأنه اليقين، ومَن لا يرث إلا في بعض التَّقادير لا يُعطى شيئًا، ومَن علم ما سبق في التَّصحيح والتَّأصيل لم يخفَ عليه طريق تصحيح مسائل الحمل.
ولنمثل ذلك بمثالٍ تتضح به هذه القاعدة: وهو أن يموت شخصٌ عن أم حامل من أبيه وأخوين لأم، فمسألة تقدير انفصال الحمل ميتًا من ستة، وترجع بالرد إلى ثلاثة: للأم واحد، وللأخوين لأم اثنان. ومسألة تقدير انفصاله حيًّا حياةً مُستقرةً إن كان ذكرًا فقط من ستة: للأم السدس= واحد، وللأخوين لأم الثلث= اثنان، والباقي ثلاثة للحمل. وإن كان أنثى فقط فمسألته أيضًا من ستة: للأم السدس= واحد، وللأخوين لأم الثلث= اثنان، وللحمل النصف= ثلاثة. وإن كان ذكرًا وأنثى فمسألته كذلك: للأم السدس= واحد، وللأخوين لأم الثلث= اثنان، والباقي ثلاثة للحمل. وإن كان ذكرين فكذلك أيضًا، وتصح من اثني عشر: للأم اثنان، وللأخوين لأم أربعة، وللحمل ستة. وإن كان أُنثيين فكذلك أيضًا، وتعول إلى سبعةٍ: للأم السدس= واحد، وللأخوين لأم الثلث= اثنان، وللحمل الثلثان= أربعة.
وبين المسألة الأولى والثانية مُداخلة؛ فتكتفي بالكبرى، وهي ستة. ثم تنظر بينها وبين المسألة الثالثة والرابعة فتجد بينهن مُماثلةً؛ فتكتفي بإحداهن، وهي ستة. ثم تنظر بينها وبين المسألة الخامسة فتجد بينهما مُداخلةً؛ فتكتفي بالكبرى، وهي اثنا عشر. ثم تنظر بينها وبين المسألة السادسة وهي سبعة، فتجد بينهما مُباينةً، فتضرب إحداهما في الأخرى فتبلغ أربعةً وثمانين، وهي الجامعة للمسائل كلها.
فإذا أردت أن تُعطي الأم والأخوين لأم فاقسم الجامعة على مسألة تقدير انفصال الحمل أُنثيين؛ لأنه الأضرّ في حقِّهم، فيخرج اثنا عشر، وهي جزء سهمها، فاضرب فيه نصيب الأم واحدًا، يحصل لها اثنا عشر، واضرب فيه نصيب الأخوين لأم اثنين، يحصل لهما أربعة وعشرون، ويُوقف الباقي وهو ثمانية وأربعون إلى وضع الحمل، فإن ظهر أنه أُنثيان فهي لهما، وإن ظهر أنه ذكر أعطته من الموقوف اثنين وأربعين؛ لأنها هي التي تحصل له إذا قسمت الجامعة على مسألته، ثم ضربت نصيبه منها في جزء سهمها، والباقي من الموقوف ستة تُرد على الأم والأخوين لأم، وللأم اثنان تتمة فرضها، وللأخوين لأم أربعة تتمة فرضهما، وكذا إن ظهر أنه أنثى فقط، وإن ظهر أنه ذكر وأنثى فكذلك أيضًا، وتكون الاثنان والأربعون بينهما ثلاثًا: للذكر ثمانية وعشرون، وللأنثى أربعة عشر، وإن ظهر أنه ذكران فكذلك أيضًا، وتكون الاثنان والأربعون بينهما نصفين، لكل واحدٍ منهما واحد وعشرون.
وإن انفصل الحمل ميتًا رددت الموقوف كله على الأم والأخوين لأم: للأم منه ستة عشر تُضاف إلى ما في يدها، وهو اثنا عشر، فيكون الجميع ثمانية وعشرين، وللأخوين لأم اثنان وثلاثون تُضاف إلى ما في أيديهما، وهو أربعة وعشرون، فيكون الجميع ستةً وخمسين، لكل واحدٍ منهما ثمانية وعشرون.
وعلى هذا المثال فقس تُصب إن شاء الله تعالى.
الشيخ: هذا هو الحمل؛ إذا مات ميت عن ورثةٍ موجودين وعن حملٍ يُسلك فيه هذا التَّفصيل، هذا إذا كانوا لا يصبرون، أما إذا صبروا حتى تلد المرأةُ فلا إشكالَ، إذا ولدت وزعت التركة.
فإذا مات ميتٌ عن زوجةٍ وأم وعن حمل: توقف التقاسيم، ولا حاجة إلى أعمال، فمتى ولد الحمل اتَّضح الأمر.
إذا مات عن زوجةٍ وعن أمٍّ، والزوجة حامل، إن كان الولدُ ابنًا أعطيت الزوجة الثمن، والأم السدس، والباقي للابن -الحمل- وإن جاءت البنتُ أعطيت الزوجة الثمن، والأم السدس، والبنت أخذت النصف، والباقي للعاصب. وإن جاء الحمل ذكرين أخذت الزوجةُ الثمن، والأم السدس، والباقي للذكرين، هكذا.
والقاعدة: أنَّ الحمل يرث بشرطين كما تقدم في أول الفوائد: أحدهما: تحقق وجوده في الرحم ولو نطفة. والثاني: انفصاله حيًّا حياةً مُستقرةً.
فيرث بالشرطين: أحدهما: التَّحقق من وجوده بالرحم حين موت الميت. والثاني: انفصاله حيًّا حياةً مُستقرةً، ويُعرف وجوده في الرحم إذا وُلد بعد موت الميت بأقل من ستة أشهر؛ لأنَّ أقلّ مدة للحمل ستة يعيش فيها، فإذا وُلد بعد موت الميت بأقل من ستة أشهر وعاش، فهذا معناه أنه موجود فيرث إذا انفصل حيًّا، أما إن انفصل ميتًا فلا إرثَ له، إن انفصل ميتًا أو زاد على ستة أشهر، وهي فراش -عندها زوج يطأها- يكون غير متحقق الوجود، فلا يرث، والحكم مثلما جاء في التَّفصيل هنا إذا كانوا ..... أعطونا حقَّنا، متى تلد؟ نحن محتاجون، أعطونا حاجتنا من التركة. يُعاملون بالأضرّ، الموجودون يُعاملون بالأضرّ، يُقدر الحمل بما هو أضرّ؛ احتياطًا: إما ذكران، وإما أنثيان، وإما ذكر وأنثى، وإما ذكر فقط، وإما أنثى فقط، والصورة السادسة: عدم ثبوت الحمل؛ بكونه ينفصل ميتًا.
هذه ستة تقادير: إما أن ينفصل ميتًا، فهذه حالة، والأحوال الخمس ينفصل حيًّا: إما ذكر، وإما أنثى، وإما ذكران، وإما ذكر وأنثى، وإما أنثيان. فإذا انفصل اتَّضح الأمر.
وإذا قالوا: ما نحن بصابرين، أعطونا حقَّنا. يُعطون الأقل، وإذا كان في بعض الصور لا يرث الموجود لا يُعطى شيئًا احتياطًا، مثل: إنسان مات عن أمه، وعن إخوةٍ له من أم، وعن زوجة حبلى. الزوجة الحبلى إذا ولدت ما يرث الإخوة للأم؛ يحجبهم الولد أو البنت، ما يُعطون شيئًا الإخوة للأم حتى ينظر: فإن ولدت حُجِبُوا، وإن أسقطت ولم يتم الحمل ورثوا الثلث.
وهكذا لو كان الإرثُ يتغير يُعامل بالأضرّ، مثل: ماتت ميتة عن أمها وزوجها، وعن زوجة أبيها الحاملة. فهذا الحمل قد يكون ذكرًا أخًا لها، وقد يكون أنثى أختًا لها، فينظر في الحال: يُعطى الزوج النصف، وتُعطى أمها الاحتياط السدس؛ لأنها قد تلد اثنين فيمنعونها من الثلث، ويُوقف الباقي وهو الثلث -الباقي اثنان من ستة- حتى يتبين الحملُ.
والمقصود أنَّ على المفتي الذي يقسم بينهم أن ينظر ويحتاط فيما يتعلق بالحمل إذا لم يصبروا، أما إن صبروا إلى الولادة فلا حاجة إلى القسم، لكن متى لم يصبروا، قال كل واحدٍ: نبغي حقَّنا. ينظر فيما هو أحوط وأسلم؛ حتى لا يضيع حقّ الحمل، ولا يضيع حقّ بعض الناس الموجودين، وإذا كان بعض الناس ما يرث عند وجود الحمل لا يُعطى شيئًا مثلما تقدم.
فإذا مات ميتٌ عن زوجةٍ حبلى وعن إخوة لأم، ما يُعطون الإخوة لأم شيئًا، فتُعطى الزوجة الثمن على الاحتياط؛ لأنها إذا ولدت إنسانًا حيًّا ما لها إلا الثمن، ويُوقف الباقي، والإخوة لأم ما يُعطون شيئًا؛ لأنه إذا ولدت ذكرًا أو أنثى حُجِبوا، فإذا ولدت عُرف الأمر، أما إذا كان الحملُ ينقصهم فهذا هو محل، يُعاملون بالأضرّ.
فإذا مات إنسانٌ عن أمه، وعن زوجة أبيه الحبلى، قد تلد اثنين فيكونا أخوين، والأم لا ترث الثلث مع الاثنين؛ فتُعطى السدس احتياطًا حتى يتبين الحمل، فإذا ولد الحمل واحدًا أُعطيت بقية حقِّها الثلث، وإن ولدت المرأةُ اثنين ما لها إلا السدس الذي جاءها، وهكذا أمثالها.
وفَّق الله الجميع.
س: ...............؟
ج: تُقبل شهادة المرأة؛ لأنَّ هذا مما يطلع عليه النساء، ويخفى على الرجال، فإذا كانت ثقةً تُقبل القابلة أو الأم.
س: أجهزة الكشف الحديثة في تحديد نوعية المولود؟
ج: ما يُعتمد عليها، قد يُخطئون كثيرًا.
س: ..............؟
ج: مثل: الإخوة لأم، إذا كان الميت مات عن زوجةٍ حبلى، الإخوة لأم ما يرثون شيئًا، إذا كان الميت بنتًا أو ولدًا ما يرثون، لا يُعطون شيئًا حتى يتبين الحمل.
س: ..............؟
ج: هذا فيه خلاف، والصواب أنه لا يتحدد، وقول بعض الحنابلة: أربع سنين، وقول بعضهم: خمس سنين، الصواب: لا حدَّ له؛ لعدم الدليل، والمعتمد ثبوت الحمل متى وجدت الأدلة الدالة على وجود الحمل، ولو زاد على أربع سنين، هذا الصواب؛ لعدم الدليل على التَّحديد.
س: ...............؟
ج: لا بدَّ إذا وُلد بعد وفاة الميت بأقل من ستة أشهر أن يكون ثابتًا، أما بعد الستة ففيه تفصيل: إن كان لها زوج يحتمل أنه جاءها حمل بعد موت الميت. مات إنسانٌ عن إخوةٍ لأم، وعن أمه، وعن زوجة أبيه الحبلى .....، فإذا ولدت بعد ستة أشهر ما يُعتبر موجودًا، قد تكون حملت من وطءٍ جديدٍ بعد الموت.
فصل في أحكام المفقود
وأما المفقود: وهو مَن خفي خبره، فلم يُدْرَ أحيّ هو أم ميت؛ لأسرٍ أو سفرٍ أو نحوهما، فله حالتان:
حالة يكون الغالبُ عليه السلامة: كمَن سافر لتجارةٍ أو سياحةٍ أو طلب علمٍ أو نحو ذلك، فيُضرب له تسعون سنة منذ وُلد.
وحالة يكون الغالبُ عليه الهلاك: كمَن غرق في مركبٍ، فسلم بعضٌ، وتلف بعضٌ، أو فُقِدَ من بين أهله، أو من بين الصَّفين، أو نحو ذلك؛ فيُضرب له أربع سنين منذ فُقِدَ، ثم بعد مضي المُدتين يُقسم ماله بين ورثته الأحياء حين الحكم بموته، دون مَن مات عنهم قبل ذلك.
الشيخ: هذا البحث فيما يتعلق بالمفقود وإرثه من غيره وإرث غيره منه. والمفقود له حالتان: حالة يكون فيها الغالبُ السلامة، وحالة يكون فيها الغالب الهلاك.
فالحالة التي فيها السَّلامة: كأن يُسافر للتجارة أو للسياحة، فينقطع خبره، ولا يُدْرَى ماذا أصابه، فهذا اختلف العلماء فيه:
منهم مَن حدَّ له تسعين سنةً من يوم مولده، فإذا مرت تسعون من المولد حُكِمَ بموته. هذا قول جماعةٍ من أهل العلم.
والقول الثاني: أنه يجتهد الحاكمُ في ذلك، ولا يُحدد بتسعين، بل يجتهد القاضي.
والقول الثالث: أن حدَّه أربع سنين، كالمفقود الذي غالبه الهلاك، على ما جاء عن عمر وغيره في ذلك: أنَّ المفقود يُجعل له أربع سنين، فإذا مضت أربعٌ ولم يُعلم خبره حُكِمَ بموته، واعتدت زوجته، وقُسم ماله. وهذا أقرب، وهو اجتهاد عمر رضي الله عنه ومَن وافقه من الصحابة؛ ولأنَّ التِّسعين حدٌّ طويلٌ يضرّ المرأة، ويضرّ الناس، وتضيع الأموال.
فالأقرب ما قاله عمر، وإن اجتهد القاضي في زيادة سنةٍ أو سنتين فيما غالبه السَّلامة فلا حرج، هو محل اجتهادٍ، وأقل شيءٍ أربع سنين كما فعل عمرُ رضي الله عنه.
س: ................؟
ج: المرأة لها المطالبة، إذا طالبت بالفسخ لها الفسخ؛ لأنه يضرّها البقاء: إما لعدم النَّفقة، أو لأنه يضرّها البقاء من دون زوجٍ، فهو محل اجتهاد القاضي.
س: ..............؟
ج: يجتهد القاضي سنة، سنتين.
س: ..............؟
ج: هو الأظهر، نعم والأقرب، لكن إذا اجتهد القاضي فيما غالبه السلامة، إذا زاد شيئًا من باب الاجتهاد لا بأس.
س: ..............؟
ج: يعني: يكثر وجوده في الغالب، يكثر وجود التِّسعين، فإذا احتيط بتسعين فالغالب أنه ما يزيد عليها، ولا عليه دليل، ما هو بواضحٍ، قد يعيش إلى مئةٍ، وقد يعيش إلى أكثر.
الشيخ: هذا إذا مات بعض أقاربه لم يرثوه، قسم المال، وعُومل بالاحتياط، عُمل معه بالأضرِّ، ووُقف الباقي، فإذا مات أخوه أو أبوه أو ما أشبه ذلك تُقسم التركة، ولا يُعطون، ومَن يضرّهم وجود الشَّخص يُعامل بالأضرِّ، مَن يضره حياة المفقود يُعامل بالأضرِّ، فإذا كان الميتُ أخ المفقود فلا يُعطى العم ونحوه؛ لأنه يحجبه الأخ، وإذا كان المفقود ابنًا فلا يُعطى الأخ ونحوه؛ لأنَّ الابن يحجبهم، ويُوقف الباقي حتى يتبين أمر المفقود، يعني: يُعامل الموجودون بالأضرِّ، وهو الأقل، ويُحتاط للمفقود، فإن بان بعد ذلك أنه مات قبل قريبه أُعطي ما لمستحقه، وإن بانت حياته، أو استمر الجهلُ به فنصيبه الموقوف لورثته.
وإن بان موتُه قبل مورثه ردّ الموقوف على مُستحقه، فإذا مات شخصٌ وخلف ورثةً أحدهم مفقود، فطريق العمل أن تجعل له مسألتين: مسألة حياة، ومسألة موت. ثم تنظر بينهما بالنسب الأربع، فما حصل بعد النظر والعمل فهو الجامع للمسألتين، فمَن ورث فيهما على السواء أُعطي نصيبه كاملًا، ومَن اختلف إرثه أُعطي الأقل؛ لأنه اليقين، ومَن سقط في إحداهما لم يُعط شيئًا.
ففي زوجٍ وشقيقةٍ وأختٍ لأب مفقودة، مسألة الموت من اثنين: للزوج النصف= واحد، وللشَّقيقة النصف= واحد، ومسألة الحياة من ستة، وتعول إلى سبعةٍ: للزوج النصف= ثلاثة، وللشقيقة النصف= ثلاثة، وللأخت لأب السدس= واحد تكملة الثلثين.
وبين المسألتين مُباينة، فنضرب إحداهما في الأخرى، فيحصل أربعة عشر، وهي الجامعة: للزوج من مسألة الحياة ثلاثة، تُضرب في مسألة الموت اثنين، فيحصل له ستة. وللشقيقة مثله؛ لأنه الأضرّ في حقِّهما، ويُوقف اثنان للمفقودة؛ فإن بانَ أنها حيَّة دُفِعَا إليها، وإن بانَ موتها قبل موت مُورثها رُدَّا على الزوج والأخت نصفين.
الشيخ: وهذا واضح، فإذا مات ميتٌ عن زوجٍ، امرأة ماتت عن زوجها وأختها الشَّقيقة وأختها لأب، والأخت لأبٍ مفقودة، فإنك تجعل مسألتين: حياة وموت، مسألة موتها من اثنين: للزوج النصف= واحد، وللأخت الشَّقيقة النصف= واحد، على تقدير أنها ميتة قبل موت أختها. وعلى تقدير أنها حيَّة فالمسألة من ستة: للزوج النصف، وللأخت الشقيقة النصف، وللأخت لأب السدس تكملة الثلثين. تعول إلى سبعةٍ، وتنظر بين المسائل بالنسب الأربع، فتجد بينهما مُباينةً: اثنين مع سبعة مباينة؛ تضرب إحداهما في الأخرى: 2×7=14، وهذه الجامعة، فإذا طالب الزوجُ والأختُ بنصيبهما وقالا: ما نحن بصابرين. يُعطون من مسألة الحياة؛ لأنها الحيطة، قد تتبين أنها حيَّة فيُعطى من مسألة الحياة ثلاثة مضروبة في اثنين بستة، والشقيقة من ثلاثة، ثلاثة في اثنين بستة، فيبقى للمفقود اثنان، وهو السدس العائل، فإن وُجدت المفقودة أو ظهر أنها حيَّة أو استمر الجهلُ بها صار لورثتها، وإن بان أنها ميتة قبل أختها ردّ الاثنان على الزوج والأخت، كل واحدٍ يُعطى واحدًا تكميلًا للنصف .....، والرد على الزوج والشَّقيقة بينهما؛ لظهور موت الأخت لأب قبل موت أختها.
س: الموت الدماغي؟
ج: ما عليه عبرة، الموت الدماغي ما يُعتبر، لا بدَّ من الموت الحقيقي.
س: ما تُقسم التركة؟
ج: لا، حتى يموت موتًا حقيقيًّا.
وإن بانَ موتها بعد موت مورثها، أو مضت مدّة التَّربص ولم يُعلم خبرها؛ قسما على ورثتها كسائر مالها.
وفي زوجٍ وأختين لأب وأخ لأب مفقود: مسألة الموت من ستة، وتعول إلى سبعة: للزوج ثلاثة، وللأختين أربعة. ومسألة الحياة من اثنين، وتصح من ثمانية: للزوج أربعة، وللأخ اثنان، ولكل أخت واحد، والمسألتان مُتباينتان، تُضرب إحداهما في الأخرى، فتبلغ ستة وخمسين، وهي الجامعة: للزوج من مسألة الموت ثلاثة؛ لأنه الأضرّ في حقِّه، تُضرب في مسألة الحياة: ثمانية، فيحصل له أربعة وعشرون، ولكل واحدةٍ من الأختين من مسألة الحياة واحد؛ لأنه الأضرّ في حقِّهما، يُضرب في مسألة الموت سبعة بسبعة، ويُوقف ثمانية عشر، فإن تبينت حياته أخذ نصيبه منها، وهو أربعة عشر، وردّ الباقي -وهو أربعة- على الزوج؛ لأنها كمال فرضه.
وكذا لو مضت مدّة التَّربص ولم يُعلم خبره، وترجع الجامعة بالاختصار إلى سبعها: ثمانية؛ لتوافق الأنصباء بالأسباع، وإن تبين موته قبل موت مورثه ردّ الجميع على الأختين؛ لأنه كمال فرضهما، وللزوج والأختين أن يصطلحوا على الأربعة الزائدة على نصيب المفقود فيقتسموها؛ لأنها لا تخرج عنهم.