يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
لما ذكر تعالى ما حرمه في الآية المتقدمة من الخبائث الضارة لمتناولها إما في بدنه أو في دينه أو فيهما، واستثنى ما استثناه في حالة الضرورة كما قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119] قال بعدها يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4]
كما في سورة الأعراف في صفة محمد ﷺ أنه يحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى بن عبد الله بن أبي بكير.
الطالب: حدثنا يحيى بن عبدالله بن بكير ما في أبي بكير؟
الشيخ: شف التقريب.
..........
حدثنا يحيى بن عبد الله بن أبي بكير، حدثني عبدالله بن لهيعة، حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل الطائيين، سألا رسول الله ﷺ فقالا: يا رسول الله قد حرم الله الميتة، فماذا يحل لنا منها؟ فنزلت يَسْأَلُونَكَ مَاذَاا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4]
قال سعيد: يعني الذبائح الحلال الطيبة لهم.
وقال مقاتل: الطيبات ما أحل لهم من كل شيء أن يصيبوه وهو الحلال من الرزق.
وقد سئل الزهري عن شرب البول للتداوي فقال: ليس هو من الطيبات، رواه ابن أبي حاتم.
الشيخ: الله جل وعلا لما حرم الخبائث من الميتة والدم ولحم الخنزير وما ذكر مع ذلك؛ أباح لعباده الطيبات التي تنفعهم في أبدانهم وفي دينهم من المشارب والمآكل من الأنعام الإبل والبقر والغنم واللحوم الطيبة والمشارب الطيبة من المياه والألبان وعصير الفواكه، وغير هذا مما أباحه الله ، فكل ما هو طيب في ذاته نافع للعباد من المآكل والمشارب والملابس والمفارش وغير ذلك فالله أباحه لعباده، وحرم عليهم ما هو خبيث وضار في مأكل ومشرب ومنكح وملبس ومسكن وفراش وغير ذلك، وكل هذا من رحمته فالذي يغذي الأبدان وينفعها وليس فيه ضرر غالب ولا محض فهو من الطيبات، وما كان فيه ضرر غالب أو محض فالله حرمه على عباده وجعله من الخبائث؛ ومن ذلك الخمر والدخان والقات وسائر ما يضر العبد؛ إما بسكر وإما بضرر بيّن وحرم على العباد لما فيه من الضرر في الأبدان أو ضرر في العقول أو فيهما جميعاً.
الطالب: يحيى بن عبدالله بن بكير المخزومي مولاهم المصري وقد ينسب إلى جده ثقة في الليث، وتكلموا في سماعه من مالك من كبار العاشرة مات سنة إحدى وثلاثين وله سبع وسبعون، البخاري ومسلم وابن ماجه.
والذي قبله: يحيى بن عبدالله بن بحير بفتح الموحدة وكسر المهملة المرادي اليمني مستور من السادسة، أبو داود.
يحيى بن عبدالله بن الحارث الجابر بالجيم والموحدة أبو الحارث الكوفي.
الطالب: يحيى بن بكير هو ابن عبد الله يأتي.
الذي بعده: يحيى بن أبي بكير، واسمه نِسْر بفتح النون وسكون المهملة الكرماني كوفي الأصل نزل بغداد ثقة من التاسعة مات سنة ثمان أو تسع ومائتين، الجماعة.
الشيخ: يكفي، كلهم عدول........
الطالب: في النخعي، يحيى بن أبي بكير النخعي الكوفي مستور من العاشرة مات سنة ثلاثين تمييز.
الشيخ: نعم.
وقد سئل الزهري عن شرب البول للتداوي فقال: ليس هو من الطيبات، رواه ابن أبي حاتم، وقال ابن وهب: سئل مالك عن بيع الطين الذي يأكله الناس، فقال: ليس هو من الطيبات.الشيخ: الطين، بعض النساء يأكلن الطين عند التوحم والحمل، يأكل بعض النساء بعض النوع من الطين يستلذونه. والطين قد يضر كثيرًا ولهذا كرهه مالك رحمه الله.
وقال ابن وهب: سئل مالك عن بيع الطين الذي يأكله الناس، فقال: ليس هو من الطيبات.
..............
وقوله تعالى: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة:4] أي أحل لكم الذبائح التي ذكر اسم الله عليها، والطيبات من الرزق.الشيخ: وهذا أصل عظيم في تحريم الخبائث، كثير من المبتلين بالدخان من تعسفه يقول: أين الدليل على تحريم الدخان؟ فيقال له: هذه الآية العظيمة حجة في الدخان وفي غيره مما يضر العبد وليس من الطيبات، كل ما يضر العبد ليس من الطيبات، فالدخان يضر، خبيث الرائحة، خبيث الطعم، خبيث الأثر والعاقبة، فهو خبيث من جهة طعمه وريحه، وضرره العظيم في الأبدان والرئة، فكم له من مضار كثيرة لا تحصى من جهة تعدادها كما ذكره الأطباء العارفون به، ثم بقية ما يضر الإنسان من أنواع الخمور المسكرات وأنواع المآكل الخبيثة؛ مآكل السباع وأشباهها مما يتعاطاه بعض الناس كلها خبائث حرمها الله لخبثها وضررها، وهكذا قوله تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] فهاتان الآيتان كلتاهما نص في حل الطيبات دون الخبائث.
قوله: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة:4] وهن الكلاب المعلمة، والبازي، وكل طير يعلم للصيد والجوارح، يعني الكلاب الضواري والفهود والصقور وأشباهها. رواه ابن أبي حاتم، ثم قال: وروي عن خيثمة وطاوس ومجاهد ومكحول ويحيى بن أبي كثير نحو ذلك، وروي عن الحسن أنه قال: الباز والصقر من الجوارح، وروي عن علي بن الحسين مثله، ثم روي عن مجاهد أنه كره صيد الطير كله، وقرأ قوله وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة:4] قال: وروي عن سعيد بن جبير نحو ذلك، ونقله ابن جرير عن الضحاك والسدي، ثم قال: حدثنا هناد، حدثنا ابن أبي زائدة، أخبرنا ابن جريج عن نافع، عن ابن عمر، قال: أما ما صاد من الطير البزاة وغيرها من الطير، فما أدركت فهو لك وإلا فلا تطعمه.
قلت: والمحكي عن الجمهور إن الصيد بالطيور كالصيد بالكلاب لأنها تكلب الصيد بمخالبها كما تكلبه الكلاب، فلا فرق، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم واختاره ابن جرير، واحتج في ذلك بما رواه عن هناد، حدثنا عيسى بن يونس عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، قال: سألت رسول الله ﷺ عن صيد البازي فقال: ما أمسك عليك فكل واستثنى الإمام أحمد صيد الكلب الأسود، لأنه عنده مما يجب قتله ولا يحل اقتناؤه لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر أن رسول الله ﷺ قال يقطع الصلاةة الحمار والمرأة والكلب الأسود فقلت: ما بال الكلب الأسود من الأحمر؟ فقال: الكلب الأسود شيطان.
وفي الحديث الآخر أن رسول الله ﷺ أمر بقتل الكلاب، ثم قال ما بالهم وبال الكلاب، اقتلوا منها كل أسود بهيم
الشيخ: والنبي نهى عن قتل الكلاب بعدما أمر بقتلها، وقال: اقتلوا منها كل أسود بهيم، فدل على أنه لا يقتنى لا للصيد ولا لغيره أما غيره من الكلاب والطيور والصقور والبازات والعقاب وما أشبه ذلك مما يتعلم ينزجر إذا انزجر هذا يؤكل صيده... فهو له، كما قال ﷺ في الكلب: إن وجدته قد قتل فكله، فإن أخذ الكلب ذكاته وهكذا الباز والصقر ونحوه إذا علم...
س: بالنسبة لقتل الكلب الأسود مستمر ولا مخصوص؟
الشيخ: باق على حاله ما نسخ، المنسوخ الكلاب الأخرى.
س:.....؟
الشيخ: مثل ما ثبت في الحديث: فاقتلوا منها كل أسود بهيم وعلله النبي ﷺ بأنه شيطان، ومن علله أنه يخيف الناس.
............
س: الكلب الأسود ما ينذر؟
الشيخ: لا ما في إنذار، ظاهر السنة أنه متى ولد يقتل ما يحتاج إنذار.
س: إذا وجد فيه نقط غير السواد؟
الشيخ: قال: كل أسود بهيم وفي بعضها: ذو الطفيتين، ذو الطفيتين مثل عينيه يكون عنده نقط مثل عينيه هذا ما تمنع كونه أسود إلا لو كان مخلوط بغير ذلك لا يقتل، مخلوط ببياض بحمار مخلوط بشيء ما يقتل إلا الأسود البهيم الخالص.....
س: وإذا كانت الكلاب تضر؟
الشيخ: هذا فيه تفصيل، إذا وجدت على وجه يضر الناس تقتل، وإذا ما ضرت وتم طردها وراحت لا تقتل، لكن لو وجد كلب يؤذي الناس ويعضهم أو يؤذيهم بالنباح ويشق على الناس أو يأكل الشجر، إذا كان فيه ضرر بيِّن ما يندفع إلا بالقتل؛ يقتل.
وسميت هذه الحيوانات التي يصطاد بهن جوارح من الجرح، وهو الكسب، كما تقول العرب: فلان جرح أهله خيرا، أي كسبهم خيرا، ويقولون: فلان لا جارح له أي لا كاسب له، وقال الله تعالى: وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ [الأنعام:60] أي ما كسبتم من خير وشر.
وقد ذكر في سبب نزول هذه الآية الشريفة الحديث الذي رواه ابن أبي حاتم: حدثنا حجاج بن حمزة، حدثنا زيد بن حباب، حدثني يونس بن عبيدة،
الشيخ: ابن عبيدة أو ابن عبيد؟
الطالب: موسى بن عبيدة
الشيخ: حط نسخة موسى، والأقرب والله أعلم أنه موسى بن عبيدة الربضي المعروف ضعيف، ويونس بن عبيد هذا معروف الأيلي من أصحاب الزهري فهو محتمل حط عليه إشارة حتى نتأمله.
...........
حدثنا موسى بن عبيدة حدثني أبان بن صالح عن القعقاع بن حكيم عن سلمى أم رافع، عن أبي رافع مولى رسول الله ﷺ أن رسول الله ﷺ أمر بقتل الكلاب، فقلت: فجاء الناس فقالوا: يا رسول الله ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فسكت، فأنزل الله يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ الآية [المائدة:4] الآية، فقال النبي ﷺ: إذا أرسل الرجل كلبه وسمى، فأمسك عليه، فيأكل ما لم يأكل وهكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب عن زيد بن الحباب بإسناده عن أبي رافع قال: جاء جبريل إلى النبي ﷺ ليستأذن عليه، فأذن له، فقال: قد أذنا لك يا رسول الله، قال: أجل ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب قال أبو رافع: فأمرني أن أقتل كل كلب بالمدينة حتى انتهيت إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها، فتركته رحمة لها، ثم جئت إلى رسول الله ﷺ فأخبرته، فأمرني فرجعت إلى الكلب فقتلته، فجاؤوا فقالوا: يا رسول الله ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ قال: فسكت رسول الله ﷺ، قال: فأنزل الله يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة:4]
ورواه الحاكم في مستدركه من طريق محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح به، وقال: صحيح، ولم يخرجاه.
س: معنى فيأكل ما لم يأكل؟
الشيخ: الكلب يعني إذا أكل فإنما أمسك على نفسه فلا يحل. هذا الصواب.
وقال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا حجاج عن ابن جريج، عن عكرمة أن رسول الله ﷺ بعث أبا رافع في قتل الكلاب حتى بلغ العوالي، فجاء عاصم بن عدي وسعد بن خيثمة وعويم بن ساعدة، فقالوا: ماذا أحل لنا يا رسول الله؟ فنزلت الآية، ورواه الحاكم من طريق سماك عن عكرمة، وكذا قال محمد بن كعب القرظي في سبب نزول هذه الآية: إنه في قتل الكلاب.
وقوله تعالى: مُكَلِّبِينَ [المائدة:4] يحتمل أن يكون حالا من الفاعل، ويحتمل أن يكون حالا من المفعول، وهو الجوارح، أي وما علمتم من الجوارح في حال كونهن مكلبات للصيد، وذلك أن تقتنصه بمخالبها أو أظفارها، فيستدل بذلك والحالة هذه على أن الجارح إذا قتل الصيد بصدمته لا بمخلابه وظفره، أنه لا يحل له، كما هو أحد قولي الشافعي وطائفة من العلماء.الشيخ: مكلبين يظهر من السياق أنه وصف لحال من الفاعل في (علمتم) وهذا هو ظاهر السياق، (مكلبين) وليس حالاً من الكلاب ونحوها من الجوارح لا، لأنه لو كان فرضًا المراد بذلك لقال مكلبات، لأن البهائم جمع تكسير يغلب عليه تأنيث النعت والوصف فقال: مكلبين بصيغة المذكر والعاقل وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ [المائدة:4]
ولهذا قال تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ [المائدة:4] وهو أنه إذا أرسله استرسل، وإذا أشلاه استشلى، وإذا أخذ الصيد أمسكه على صاحبه حتى يجيء إليه، ولا يمسكه لنفسه، ولهذا قال تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ [المائدة:4] فمتى كان الجارح معلما وأمسك على صاحبه، وكان قد ذكر اسم الله عليه وقت إرساله، حل الصيد وإن قتله بالإجماع.
وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة.الشيخ: قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ يعني صيد مَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ فهو على حذف مضاف تقديره: صيد ما علمتم من الجوارح لأن السياق يدل عليه، والجوارح تكون كلابًا وتكون طيورًا كالباز والعقاب والصقر فإذا علمت وصادت فصيدها حل لمعلميها، وهذا من فضل الله أن يسر للعباد هذه الآلة التي هي مخلوق من مخلوقاته، له عمل في نفسه له حركة وله روح وله قصد، بخلاف ما يصاد بالرماية والرماح فهذا جماد في يد الصائد الرمح والبندق ونحو ذلك، والجوارح آلات أيضاً لكن لها عمل ولها سعي؛ فإذا علمت ووجهت وصادت فصيدها حلال، فإن وجدته صاحبه حيًا ذكاه، وإن وجدها قد قتلته فهو حل له، كما جاء صريحًا في الأحاديث.
س:......؟
الشيخ: ما لم يأكل فإن أكل فلا يعني الكلب، أما الطير فذكر أهل العلم أنه لا بدّ أنه يأكل؛ لأنه من طبيعته أن يأكل شيئًا فيتسامح في الطير، أما الكلاب فلا.
...............
وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة، كما ثبت في الصحيحين عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إني أرسل الكلاب المعلمة وأذكر اسم الله! فقال إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك. قلت: وإن قتلن؟ قال وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها، فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره قلت له: فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب؟ فقال: إذا رميت بالمعراض فخزق فكله، وإن أصابه بعرض فإنه وقيذ فلا تأكله.الشيخ: بعرضه هكذا في الحديث.
فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب؟ فقال: إذا رميت بالمعراض فخزق فكله، وإن أصابه بعرضه فإنه وقيذ فلا تأكله.الشيخ: والمعنى أنه إذا رماه بالرمح ونحوه فإذا أصابه بالحد وطرف ما في الرمح من الحديدة المحددة حل، وإذا أصابه بعرض الرمح بجانبه بثقله، فهو وقيذ.
س: إن رماه بعصا أو بحجر؟
الشيخ: كذلك وقيذ لا يحل.
.............
وفي لفظ لهما وإذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، فإن أمسك عليك فأدركته حيا، فاذبحه وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله، فإن أخذ الكلب ذكاته وفي رواية لهما فإن أكل فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه فهذا دليل للجمهور، وهو الصحيح من مذهب الشافعي، وهو أنه إذا أكل الكلب من الصيد يحرم مطلقا، ولم يستفصلوا كما ورد بذلك الحديث، وحكي عن طائفة من السلف أنهم قالوا: لا يحرم مطلقا.
ذكر الآثار بذلك
قال ابن جرير: حدثنا هناد، حدثنا وكيع، عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال: قال سلمان الفارسي: كل وإن أكل ثلثيه -يعني الصيد- إذا أكل منه الكلب، وكذا رواه سعيد بن أبي عروبة وعمر بن عامر عن قتادة، وكذا رواه محمد بن زيد عن سعيد بن المسيب عن سلمان، ورواه ابن جرير أيضا عن مجاهد بن موسى، عن يزيد، عن حميد، عن بكر بن عبد الله المزني، والقاسم أن سلمان قال: إذا أكل الكلب فكل، وإن أكل ثلثيه.
وقال ابن جرير: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه، عن حميد بن مالك بن خيثم الدؤلي
الشيخ: خيثم بتقديم الياء؟
الطالب: خثيم بتقديم الثاء على الياء.
الشيخ: التقريب حاضر، شف حميد بن مالك
الطالب: حميد بن مالك بن خثيم بالمعجمة والمثلثة؛ مصغر على المشهور ويقال مالك جده واسم أبيه عبدالله ثقة من الثالثة.
الشيخ: صلحه عندكم خثيم بتقديم الثاء.
عن حميد بن مالك بن خثيم الدؤلي أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن الصيد يأكل منه الكلب، فقال: كل وإن لم يبق منه إلا حذية، يعني بضعة، ورواه شعبة عن عبد ربه بن سعيد، عن بكير بن الأشج، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص، قال: كل وإن أكل ثلثيه.
الشيخ: وهذا محمول على أن سلمان وسعدًا لم يبلغهما الحديث الصحيح فاجتهدا فيما بلغهما من أن أكل الكلب ذكاته، وأنه متى قتله فهو ذكاته، ولم يبلغهما قول النبي ﷺ: فإن أكل فلا تأكل، فإنه أنما أمسك على نفسه والحجة في كلام الله وكلام رسوله ﷺ ولا عبرة فيمن خالفهما. فإذا جاء الحديث الصحيح وجب تقديمه على جميع الآراء، والعذر لمن خالف الحديث أن يكون ما بلغه الحديث؛ لأن الواجب على من بلغه الحديث الأخذ به، وترك رأيه، وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ الآية [النساء:59]، فإن صح عن سلمان وهكذا ما روي عن سعد فهو معناه اجتهاد منهما، لم يعلما ما صحت به السنة.
.............
وقال ابن جرير: حدثنا ابن المثنى، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا داود عن عامر، عن أبي هريرة، قال: إذا أرسلت كلبك فأكل منه، فإن أكل ثلثيه وبقي ثلثه فكله.
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا المعتمر قال: سمعت عبد الله، وحدثنا هناد، حدثنا عبدة عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن عبدالله بن عمر قال: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك، أكل أو لم يأكل، وكذا رواه عبيدالله بن عمر وابن أبي ذئب وغير واحد عن نافع.
فهذه الآثار ثابتة عن سلمان وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وابن عمر، وهو محكي عن علي وابن عباس، واختلف فيه عن عطاء والحسن البصري، وهو قول الزهري وربيعة ومالك، وإليه ذهب الشافعي في القديم وأومأ إليه في الجديد.
وقد روي من طريق سلمان الفارسي مرفوعا، فقال ابن جرير: حدثنا عمران بن بكار الكلاعي، حدثنا عبدالعزيز بن موسى اللاحوني، حدثنا محمد بن دينار وهو الطاجي.
الشيخ: الطاجي كذا عندكم؟
الطالب: الطاحي بالحاء.
الشيخ: شف محمد بن دينار.
الطالب: واللي قبله اللاجوني؟
الشيخ: يراجع.
وقد روي من طريق سلمان الفارسي مرفوعا، فقال ابن جرير: حدثنا عمران بن بكار الكلاعي، حدثنا عبدالعزيز بن موسى اللاحوني، حدثنا محمد بن دينار وهو الطاجي عن أبي إياس معاوية بن قرة، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان الفارسي، عن رسول الله ﷺ قال : إذا أرسل الرجل كلبه على الصيد فأدركه وقد أكل منه فليأكل ما بقي ثم قال ابن جرير: وفي إسناد هذا الحديث نظر، وسعيد غير معلوم له سماع من سلمان، والثقات يروونه من كلام سلمان غير مرفوع.
وهذا الذي قاله ابن جرير صحيح، لكن قد روي هذا المعنى مرفوعا من وجوه أخر.الشيخ: حط على اللاجوني والطاجي رقم واحد ورقم اثنين.
الطالب: موجودين، محمد بن دينار الأزدي ثم الطاحي بمهملتين أبو بكر بن أبي الفرات البصري صدوق سيء الحفظ ورمي بالقدر وتغير قبل موته من الثامنة، أبو داود والترمذي.
الشيخ: امح النقطة الطاحي.
الطالب: عبد العزيز بن موسى بن روح اللاحوني بضم المهملة، أبو روح البهراني صدوق من العاشرة، النسائي.
الشيخ: اللي عنده نقطة يزيلها. والطاجي كذلك يزيلها كلها بالحاء، لكن هذا يدل على ضعف الحديث، مثل ما قال ابن جرير الطاحي ما دام سيئ الحفظ وتغير في آخره ثم هو مخالف للأحاديث الصحيحة.
س: إن أرسل الكلب ونسي التسمية؟
الشيخ: إن نسي يعفى عنه، رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] وهكذا في الذبح.
ثم قال ابن جرير: وفي إسناد هذا الحديث نظر، وسعيد غير معلوم له سماع من سلمان، والثقات يروونه من كلام سلمان غير مرفوع.
وهذا الذي قاله ابن جرير صحيح، لكن قد روي هذا المعنى مرفوعا من وجوه أخر فقال أبو داود: حدثنا محمد بن منهال الضرير، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن أعرابيا يقال له أبو ثعلبة قال: يا رسول الله، إن لي كلابا مكلبة، فأفتني في صيدها، فقال النبي ﷺ إن كان لك كلاب مكلبة، فكل مما أمسكن عليك فقال: ذكيا وغير ذكي، وإن أكل منه؟ قال نعم وإن أكل منه فقال: يا رسول الله أفتني في قوسي، قال كل ما ردت عليك قوسك قال: ذكيا وغير ذكي؟ وإن تغيب عنك ما لم يصل أو تجد فيه أثر غير سهمك قال: أفتني في آنية المجوس إذا اضطررنا إليها، قال اغسلها وكل فيها هكذا رواه أبو داود، وقد أخرجه النسائي، وكذا رواه أبو داود من طريق يونس بن سيف، عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة، قال: قال رسول الله ﷺ إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل وإن أكل منه، وكل ما ردت عليك يدك وهذان إسنادان جيدان.
وقد روى الثوري عن سماك بن حرب، عن عدي قال: قال رسول الله ﷺ ما كان من كلب ضار أمسك عليك فكل قلت: وإن أكل؟ قال نعم.
وروى عبد الملك بن حبيب: حدثنا أسد بن موسى عن ابن أبي زائدة، عن الشعبي، عن عدي بمثله، فهذه آثار دالة على أنه يغتفر، وإن أكل منه الكلب، وقد احتج بها من لم يحرم الصيد بأكل الكلب وما أشبهه، كما تقدم عمن حكيناه عنهم، وقد توسط آخرون فقالوا: إن أكل عقب ما أمسكه فإنه يحرم لحديث عدي بن حاتم، وللعلة التي أشار إليها النبي ﷺ فإن أكل فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه وأما إن أمسكه ثم انتظر صاحبه فطال عليه وجاع فأكل منه لجوعه، فإنه لا يؤثر في التحريم، وحملوا على ذلك حديث أبي ثعلبة الخشني. وهذا تفريق حسن، وجمع بين الحديثين صحيح.
الشيخ: لا يساعد عليه وعلى النصوص التفصيل ما عليه دليل يساعد عليه، الصواب ما دل عليه حديث عدي في الصحيحين لأنه حديث مفصل وهو أصح من هذه الأحاديث، ورواية عمرو بن سعيد وأشباهه ما تعارضه برواية الصحيحين. والقاعدة تقديم ما صحت به الأخبار على ما كان دون ذلك ولهذا عند أهل العلم من شرط الحديث الصحيح أن لا يكون شاذًا والرواية التي فيها إباحة الأكل منه إن أكل شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة، فلا يعول عليها.
وقد تمنى الأستاذ أبو المعالي الجويني في كتابه «النهاية» أن لو فصل مفصل هذا التفصيل، وقد حقق الله أمنيته، وقال بهذا القول والتفريق طائفة من الأصحاب منهم.
وقال آخرون قولا رابعا في المسألة وهو التفرقة بين أكل الكلب فيحرم لحديث عدي، وبين أكل الصقور ونحوها فلا يحرم لأنه لا يقبل التعليم إلا بالأكل.
وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا أسباط بن محمد، حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن حماد، عن إبراهيم، عن ابن عباس أنه قال في الطير: إذا أرسلته فقتل فكل، فإن الكلب إذا ضربته لم يعد وإن تعلم الطير أن يرجع إلى صاحبه وليس يضرب، فإذا أكل من الصيد ونتف الريش فكل، وكذا قال إبراهيم النخعي والشعبي وحماد بن أبي سليمان.
وقد يحتج لهؤلاء بما رواه ابن أبي حاتم، حدثنا أبو سعيد، حدثنا المحاربي، حدثنا مجالد عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة، فما يحل لنا منها؟ قال يحل لكم ما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله، فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه ثم قال ما أرسلت من كلب وذكرت اسم الله عليه فكل مما أمسك عليك قلت: وإن قتل؟ قال وإن قتل ما لم يأكل قلت: يا رسول الله، وإن خالطت كلابنا كلابا غيرها؟ قال: فلا تأكل حتى تعلم أن كلبك هو الذي أمسك. قال: قلت: إنا قوم نرمي فما يحل لنا؟ قال: ما ذكرت اسم الله عليه وخزقت فكل.
فوجه الدلالة لهم أنه اشترط في الكلب أن لا يأكل، ولم يشترط ذلك في البزاة، فدل على التفرقة بينهما في الحكم، والله أعلم.
وقوله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ [المائدة:4] أي عند إرساله له كما قال النبي ﷺ لعدي بن حاتم إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله، فكل ما أمسك عليك وفي حديث أبي ثعلبة المخرج في الصحيحين أيضا إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله ولهذا اشترط من اشترط من الأئمة كالإمام أحمد رحمه الله في المشهور عنه، التسمية عند إرسال الكلب، والرمي بالسهم، لهذه الآية وهذا الحديث، وهذا القول هو المشهور عن الجمهور أن المراد بهذه الآية الأمر بالتسمية عند الإرسال كما قال السدي وغيره، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله واذكروا اسم الله عليه يقول: إذا أرسلت جارحك فقل: باسم الله، وإن نسيت فلا حرج.
وقال بعض الناس: المراد بهذه الآية الأمر بالتسمية عند الأكل، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله ﷺ علم ربيبه عمر بن أبي سلمة فقال سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك. وفي صحيح البخاري عن عائشة أنهم قالوا: يا رسول الله، إن قوما يأتوننا حديث عهدهم بكفر بلحمان لا ندري أذكر اسم الله عليها أم لا؟ فقال سموا الله أنتم وكلوا.
حديث آخر: وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا هشام عن بديل، عن عبدالله بن عبيد بن عمير، عن عائشة: أن رسول الله ﷺ كان يأكل الطعام في ستة نفر من أصحابه، فجاء أعرابي فأكله بلقمتين، فقال النبي ﷺ أما إنه لو كان ذكر اسم الله لكفاكم، فإذا أكل أحدكم طعاما فليذكر اسم الله، فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله، فليقل: بسم الله أوله وآخره، وهكذا رواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون به، وهذا منقطع بين عبدالله بن عبيد بن عمير وعائشة فإنه لم يسمع منها هذا الحديث بدليل ما رواه الإمام أحمد: حدثنا عبدالوهاب، أخبرنا هشام يعني ابن أبي عبدالله الدستوائي، عن بديل، عن عبدالله بن عبيد بن عمير: أن امرأة منهم يقال لها أم كلثوم حدثته عن عائشة أن رسول الله ﷺ كان يأكل طعاما في ستة نفر من أصحابه، فجاء أعرابي جائع فأكله بلقمتين، فقال: أما إنه لو ذكر اسم الله لكفاكم، فإذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله، فإن نسي اسم الله في أوله، فليقل بسم الله أوله وآخره رواه أحمد أيضا وأبو داود والترمذي والنسائي من غير وجه عن هشام الدستوائي به، وقال الترمذي: حسن صحيح........
الشيخ: والأحاديث في هذا كثيرة مع قوله جل وعلا: وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ [المائدة:4] وأحاديث التسمية على الطعام كثيرة منها ما في الصحيحين من حديث عمر بن أبي سلمة ربيب النبي ﷺ حيث قال له النبي: سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك، وأحاديث كثيرات في التسمية، الأعرابي الذي جاء به الشيطان ليستحل الطعام؛ لأنه لم يذكر اسم الله فأمسك بيده النبي ﷺ، المقصود أن التسمية على الطعام أمر معلوم من الأحاديث الصحيحة، وسنيته معلومة عند الطعام يسمي الله وعند الذبح يسمي الله، وعند إرسال الكلب للصيد يسمي الله وعند الرمي يسمي الله.
الطالب: أم كلثوم الليثية المكية، يقال هي بنت محمد بن أبي بكر الصديق، فعلى هذا فهي تيمية لا ليثية لها حديث عن عائشة من رواية عبدالله بن عبيد بن عمير عنها، أبو داود والترمذي والنسائي.
وروى حجاج بن أرطأة عن أم كلثوم عن عائشة في الاستحاضة، وروى عمر بن عامر عن أم كلثوم عن عائشة في بول الغلام، فما أدري هل الجميع واحدة أو لا؟الشيخ: المقصود أنها مجهولة، والغريب قول الترمذي: حسن صحيح.
.......
الشيخ: شف عبدالله بن عبيد.
......
حديث آخر: وقال أحمد: حدثنا علي بن عبدالله، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا جابر بن صبح، حدثني المثنى بن عبدالرحمن الخزاعي وصحبته إلى واسط، فكان يسمي في أول طعامه، وفي آخر لقمة يقول: بسم الله أوله وآخره، فقلت له: إنك تسمي في أول ما تأكل، أرأيت قولك في آخر ما تأكل بسم الله أوله وآخره، فقال: أخبرك إن جدي أمية بن مخشى وكان من أصحاب النبي ﷺ سمعته يقول: إن رجلا كان يأكل والنبي ينظر فلم يسم حتى كان آخر طعامه لقمة، قال: بسم الله أوله وآخره، فقال النبي ﷺ: والله ما زال الشيطان يأكل معه حتى سمى، فلم يبق شيء في بطنه حتى قاءه وهكذا رواه أبو داود والنسائي من حديث جابر بن صبح الراسبي أبي بشر البصري، ووثقه ابن معين والنسائي، وقال أبو الفتح الأزدي: لا تقوم به حجة.الشيخ: وأبو الفتح الأزدي ليس ممن يعتمد عليه عندهم في التوثيق والتجريح، وهو مجروح أيضاً فليس ممن يعتمد عليه.
الطالب: عبدالله بن عبيد بالتصغير أيضا بغير إضافة ابن عمير الليثي المكي ثقة من الثالثة استشهد غازيا سنة ثلاث عشرة، مسلم والأربعة.
الشيخ: محتمل، أنه سمع منها على حسب ولادته يراجع؛ لأن في وفاته ووفاتها مسافة كبيرة قريب ست وخمسين سنة؛ لأنها ماتت سنة ثمان وخمسين أو سبع وخمسين، فيكون بقية القرن ثلاث وأربعين مع ثلاثة عشر، يحتمل السماع منها.
شف جابر بن صبح؟
الطالب: جابر بن صبح بضم المهملة وسكون الموحدة الراسبي بكسر السين المهملة بعدها موحدة، أبو بشر البصري صدوق من السابعة، أبو داود والترمذي والنسائي.
الشيخ: شف المثني بن عبدالرحمن.
س: درجة هذا الحديث؟
الشيخ: لا بأس به. إذا سلم من المثنى..
س: لكن صحة العمل بهذا الحديث...؟
الشيخ: إذا كونه لم يسم في أوله يسم الله في أوله وآخره يقول: بسم الله أوله وآخره، وكون الشيطان يقيء ما في بطنه فهذا يسرنا ولا يضرنا.
س: من قصد إيذاءه اتباعًا لهذا الحديث؟
الشيخ: يقوله إذا نسي، أما إذا كان سمى في أوله كفى. .......
الطالب: المثنى بن عبدالرحمن الخزاعي مستور من الثالثة، أبو داود والنسائي.
الشيخ: مستور يعني مجهول الحال لم يوثق.
..............
والقاعدة أن إذا.... هذا يكون من باب الحسن لغيره؛ لأنه رواية امرأة عن أم كلثوم أو عن عائشة حسن في نفسه، أما رواية المثنى هذا فهذا يشد أحدهما الآخر، فله ثلاث طرق رواية المثنى بن عبدالرحمن، ورواية عبدالله عن عائشة، ورواية عبدالله عن امرأة فله ثلاث طرق، والقاعدة أن مثل هذا يكون من باب الحسن لغيره.
الطالب:....
[الطالب: أم كلثوم الليثية المكية، يقال هي بنت محمد بن أبي بكر الصديق، فعلى هذا فهي تيمية لا ليثية لها حديث عن عائشة من رواية عبدالله بن عبيد بن عمير عنها، أبو داود والترمذي والنسائي.
وروى حجاج بن أرطأة عن أم كلثوم عن عائشة في الاستحاضة، وروى عمر بن عامر عن أم كلثوم عن عائشة في بول الغلام، فما أدري هل الجميع واحدة أو لا؟]
الطالب: ما معنى قوله حسن صحيح، هل هو؟
الشيخ: لعله للطرق على قاعدته قاعدة الترمذي يقول مراده بالحسن ما روي من غير وجه ولا يكون شاذًا ولم يكن في رواته من هو متهم بالكذب هذا يسمي الحسن هذه الشروط الثلاثة، مروي من غير وجه من طريق فأكثر، وكونه لا يسمى شاذًا ما خالف الأحاديث الصحيحة، الشاذ ما خالف ما هو أصح منه، ولم يكن في رواته من هو متهم بالكذب ولو كان ضعيفًا ولو كان مستور الحال فهو ضعيف بحيث تكون الأسانيد يشد بعضها بعضًا.
لكن قوله: حسن صحيح، هذا على حسب ما قاله رحمه الله، إما على تأويل أو صحيح، مثل الحافظ في النخبة إذا قال: حسن صحيح، فهو على تأويل أو بالشك أو باعتبار إسنادين أحدهما حسن والآخر صحيح.
..............
حديث آخر: قال الإمام أحمد: وحدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن خيثمة عن أبي حذيفة- قال أبو عبدالرحمن عبدالله ابن الإمام أحمد واسمه سلمة بن الهيثم بن صهيب -من أصحاب ابن مسعود- عن حذيفة، قال: كنا إذا حضرنا مع النبي على طعام لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله فيضع يده، وإنا حضرنا معه طعاما، فجاءت جارية كأنما تدفع فذهبت تضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله ﷺ بيدها، وجاء أعرابي كأنما يدفع فذهب يضع يده في الطعام فأخذ رسول الله بيده، فقال رسول الله ﷺ: إن الشيطان يستحل الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها، فأخذت بيدها، وجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يديهما يعني الشيطان، وكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي، من حديث الأعمش به.الشيخ: ومن هذا الحديث أنه إذا سمى بعضهم ولم يسم بعض شارك الشيطان الذي لم يسم في مأكله، وإن سلم أولئك الآخرون ولهذا قال: ليستحل بها الطعام، مع هذا أنه يأتي بهذا الذي لم يسم ليستحل به الطعام من طريق هذا الذي لم يسم، وإن كان أولئك قد حفظوا أنفسهم بتسميتهم لله، لكنه يستحله من طريق هذا الذي جاء به.
حديث آخر: روى مسلم وأهل السنن إلا الترمذي من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله عن النبي ﷺ قال: إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل ولم يذكر اسم الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، فإذا لم يذكر اسم الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء لفظ أبي داود.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبدربه، حدثنا الوليد بن مسلم، عن وحشي بن حرب عن أبيه، عن جده، أن رجلا قال للنبي ﷺ: إنا نأكل ولا نشبع. قال: فلعلكم تأكلون متفرقين اجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه ورواه أبو داود، وابن ماجه، من طريق الوليد بن مسلم.س:....؟
الشيخ: ما ورد في الرواية (فسمى الله) يعني بسم الله، يقول بسم الله عند الأكل، ويحتمل أن ذكر الله يحصل به المقصود إذا قال سبحان الله أو ذكر الله لأنه كله ذكر لله، لأن المعروف إذا أطلق بسم الله التسمية المعروفة. وهكذا قوله: سم الله عند الطعام يقول بسم الله.
س:.....؟
الشيخ: إذا قالها طيب كمالها بسم الله الرحمن الرحيم، وإذا اقتصر على بسم الله هذا أدناها إلا عند الذبح فالأفضل بسم الله والله أكبر لا يكملها.
س: عند الطعام يكملها؟
الشيخ: إذا كملها طيب.
.............
س: الذي شكى للنبي عدم الشبع فقال لعلكم تأكلون متفرقين فهل معنى هذا اكتمال الشرطين الاجتماع والتسمية؟
الشيخ: الاجتماع أفضل، لكن الله قال: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا [النور:61] مباح أن يأكلوا جميعًا وفرادى بنص القرآن، لكن إذا اجتمعوا يكون أفضل وأقرب إلى البركة والحديث في سنده ضعف؛ لأنه من رواية وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وهو ليس بذاك، لكن يؤخذ من أدلة أخرى الاجتماع.
إيش قال عن وحشي بن حرب؟
الطالب: وَحْشي بفتح أوله وسكون المهملة ثم معجمة ابن حرب بن وحشي بن حرب الحبشي الحمصي مستور من الثامنة، أبو داود وابن ماجه.
آخر: وحشي بن حرب الحبشي جد الذي قبله يكنى أبا دسمة بفتح المهملتين والميم صحابي نزل حمص ومات بها، البخاري وأبو داود وابن ماجه.
الشيخ: شف حرب بن وحشي، هذا جده الذي قتل حمزة رضي الله عنهما وأسلم بعد ذلك.
الطالب: حرب بن وحشي بن حرب الحبشي الحمصي مقبول من الثالثة، أبو داود وابن ماجه.
الشيخ: العلة وحشي مستور لم يوثق ولم يجرح. مستور يعني مجهول الحال.
س:... قال غيب وجهك فلا أراك بعد اليوم؟
الشيخ: هذا جاء في الرواية، ولكن ما أذكر حال السند الآن، وهو شارك في قتل مسيلمة فقال: هذه بهذه، وشاركه في قتل مسيلمة بعض الأنصار سماك بن خرشة أبو دجانة ووحشي هما توليا قتل مسيلمة الكذاب حين قتال بني حنيفة.
......
لما ذكر تعالى ما حرمه في الآية المتقدمة من الخبائث الضارة لمتناولها إما في بدنه أو في دينه أو فيهما، واستثنى ما استثناه في حالة الضرورة كما قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119] قال بعدها يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4]
كما في سورة الأعراف في صفة محمد ﷺ أنه يحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى بن عبد الله بن أبي بكير.
الطالب: حدثنا يحيى بن عبدالله بن بكير ما في أبي بكير؟
الشيخ: شف التقريب.
..........
حدثنا يحيى بن عبد الله بن أبي بكير، حدثني عبدالله بن لهيعة، حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل الطائيين، سألا رسول الله ﷺ فقالا: يا رسول الله قد حرم الله الميتة، فماذا يحل لنا منها؟ فنزلت يَسْأَلُونَكَ مَاذَاا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4]
قال سعيد: يعني الذبائح الحلال الطيبة لهم.
وقال مقاتل: الطيبات ما أحل لهم من كل شيء أن يصيبوه وهو الحلال من الرزق.
وقد سئل الزهري عن شرب البول للتداوي فقال: ليس هو من الطيبات، رواه ابن أبي حاتم.
الشيخ: الله جل وعلا لما حرم الخبائث من الميتة والدم ولحم الخنزير وما ذكر مع ذلك؛ أباح لعباده الطيبات التي تنفعهم في أبدانهم وفي دينهم من المشارب والمآكل من الأنعام الإبل والبقر والغنم واللحوم الطيبة والمشارب الطيبة من المياه والألبان وعصير الفواكه، وغير هذا مما أباحه الله ، فكل ما هو طيب في ذاته نافع للعباد من المآكل والمشارب والملابس والمفارش وغير ذلك فالله أباحه لعباده، وحرم عليهم ما هو خبيث وضار في مأكل ومشرب ومنكح وملبس ومسكن وفراش وغير ذلك، وكل هذا من رحمته فالذي يغذي الأبدان وينفعها وليس فيه ضرر غالب ولا محض فهو من الطيبات، وما كان فيه ضرر غالب أو محض فالله حرمه على عباده وجعله من الخبائث؛ ومن ذلك الخمر والدخان والقات وسائر ما يضر العبد؛ إما بسكر وإما بضرر بيّن وحرم على العباد لما فيه من الضرر في الأبدان أو ضرر في العقول أو فيهما جميعاً.
الطالب: يحيى بن عبدالله بن بكير المخزومي مولاهم المصري وقد ينسب إلى جده ثقة في الليث، وتكلموا في سماعه من مالك من كبار العاشرة مات سنة إحدى وثلاثين وله سبع وسبعون، البخاري ومسلم وابن ماجه.
والذي قبله: يحيى بن عبدالله بن بحير بفتح الموحدة وكسر المهملة المرادي اليمني مستور من السادسة، أبو داود.
يحيى بن عبدالله بن الحارث الجابر بالجيم والموحدة أبو الحارث الكوفي.
الطالب: يحيى بن بكير هو ابن عبد الله يأتي.
الذي بعده: يحيى بن أبي بكير، واسمه نِسْر بفتح النون وسكون المهملة الكرماني كوفي الأصل نزل بغداد ثقة من التاسعة مات سنة ثمان أو تسع ومائتين، الجماعة.
الشيخ: يكفي، كلهم عدول........
الطالب: في النخعي، يحيى بن أبي بكير النخعي الكوفي مستور من العاشرة مات سنة ثلاثين تمييز.
الشيخ: نعم.
وقد سئل الزهري عن شرب البول للتداوي فقال: ليس هو من الطيبات، رواه ابن أبي حاتم، وقال ابن وهب: سئل مالك عن بيع الطين الذي يأكله الناس، فقال: ليس هو من الطيبات.الشيخ: الطين، بعض النساء يأكلن الطين عند التوحم والحمل، يأكل بعض النساء بعض النوع من الطين يستلذونه. والطين قد يضر كثيرًا ولهذا كرهه مالك رحمه الله.
وقال ابن وهب: سئل مالك عن بيع الطين الذي يأكله الناس، فقال: ليس هو من الطيبات.
..............
وقوله تعالى: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة:4] أي أحل لكم الذبائح التي ذكر اسم الله عليها، والطيبات من الرزق.الشيخ: وهذا أصل عظيم في تحريم الخبائث، كثير من المبتلين بالدخان من تعسفه يقول: أين الدليل على تحريم الدخان؟ فيقال له: هذه الآية العظيمة حجة في الدخان وفي غيره مما يضر العبد وليس من الطيبات، كل ما يضر العبد ليس من الطيبات، فالدخان يضر، خبيث الرائحة، خبيث الطعم، خبيث الأثر والعاقبة، فهو خبيث من جهة طعمه وريحه، وضرره العظيم في الأبدان والرئة، فكم له من مضار كثيرة لا تحصى من جهة تعدادها كما ذكره الأطباء العارفون به، ثم بقية ما يضر الإنسان من أنواع الخمور المسكرات وأنواع المآكل الخبيثة؛ مآكل السباع وأشباهها مما يتعاطاه بعض الناس كلها خبائث حرمها الله لخبثها وضررها، وهكذا قوله تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] فهاتان الآيتان كلتاهما نص في حل الطيبات دون الخبائث.
قوله: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة:4] وهن الكلاب المعلمة، والبازي، وكل طير يعلم للصيد والجوارح، يعني الكلاب الضواري والفهود والصقور وأشباهها. رواه ابن أبي حاتم، ثم قال: وروي عن خيثمة وطاوس ومجاهد ومكحول ويحيى بن أبي كثير نحو ذلك، وروي عن الحسن أنه قال: الباز والصقر من الجوارح، وروي عن علي بن الحسين مثله، ثم روي عن مجاهد أنه كره صيد الطير كله، وقرأ قوله وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة:4] قال: وروي عن سعيد بن جبير نحو ذلك، ونقله ابن جرير عن الضحاك والسدي، ثم قال: حدثنا هناد، حدثنا ابن أبي زائدة، أخبرنا ابن جريج عن نافع، عن ابن عمر، قال: أما ما صاد من الطير البزاة وغيرها من الطير، فما أدركت فهو لك وإلا فلا تطعمه.
قلت: والمحكي عن الجمهور إن الصيد بالطيور كالصيد بالكلاب لأنها تكلب الصيد بمخالبها كما تكلبه الكلاب، فلا فرق، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم واختاره ابن جرير، واحتج في ذلك بما رواه عن هناد، حدثنا عيسى بن يونس عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، قال: سألت رسول الله ﷺ عن صيد البازي فقال: ما أمسك عليك فكل واستثنى الإمام أحمد صيد الكلب الأسود، لأنه عنده مما يجب قتله ولا يحل اقتناؤه لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر أن رسول الله ﷺ قال يقطع الصلاةة الحمار والمرأة والكلب الأسود فقلت: ما بال الكلب الأسود من الأحمر؟ فقال: الكلب الأسود شيطان.
وفي الحديث الآخر أن رسول الله ﷺ أمر بقتل الكلاب، ثم قال ما بالهم وبال الكلاب، اقتلوا منها كل أسود بهيم
الشيخ: والنبي نهى عن قتل الكلاب بعدما أمر بقتلها، وقال: اقتلوا منها كل أسود بهيم، فدل على أنه لا يقتنى لا للصيد ولا لغيره أما غيره من الكلاب والطيور والصقور والبازات والعقاب وما أشبه ذلك مما يتعلم ينزجر إذا انزجر هذا يؤكل صيده... فهو له، كما قال ﷺ في الكلب: إن وجدته قد قتل فكله، فإن أخذ الكلب ذكاته وهكذا الباز والصقر ونحوه إذا علم...
س: بالنسبة لقتل الكلب الأسود مستمر ولا مخصوص؟
الشيخ: باق على حاله ما نسخ، المنسوخ الكلاب الأخرى.
س:.....؟
الشيخ: مثل ما ثبت في الحديث: فاقتلوا منها كل أسود بهيم وعلله النبي ﷺ بأنه شيطان، ومن علله أنه يخيف الناس.
............
س: الكلب الأسود ما ينذر؟
الشيخ: لا ما في إنذار، ظاهر السنة أنه متى ولد يقتل ما يحتاج إنذار.
س: إذا وجد فيه نقط غير السواد؟
الشيخ: قال: كل أسود بهيم وفي بعضها: ذو الطفيتين، ذو الطفيتين مثل عينيه يكون عنده نقط مثل عينيه هذا ما تمنع كونه أسود إلا لو كان مخلوط بغير ذلك لا يقتل، مخلوط ببياض بحمار مخلوط بشيء ما يقتل إلا الأسود البهيم الخالص.....
س: وإذا كانت الكلاب تضر؟
الشيخ: هذا فيه تفصيل، إذا وجدت على وجه يضر الناس تقتل، وإذا ما ضرت وتم طردها وراحت لا تقتل، لكن لو وجد كلب يؤذي الناس ويعضهم أو يؤذيهم بالنباح ويشق على الناس أو يأكل الشجر، إذا كان فيه ضرر بيِّن ما يندفع إلا بالقتل؛ يقتل.
وسميت هذه الحيوانات التي يصطاد بهن جوارح من الجرح، وهو الكسب، كما تقول العرب: فلان جرح أهله خيرا، أي كسبهم خيرا، ويقولون: فلان لا جارح له أي لا كاسب له، وقال الله تعالى: وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ [الأنعام:60] أي ما كسبتم من خير وشر.
وقد ذكر في سبب نزول هذه الآية الشريفة الحديث الذي رواه ابن أبي حاتم: حدثنا حجاج بن حمزة، حدثنا زيد بن حباب، حدثني يونس بن عبيدة،
الشيخ: ابن عبيدة أو ابن عبيد؟
الطالب: موسى بن عبيدة
الشيخ: حط نسخة موسى، والأقرب والله أعلم أنه موسى بن عبيدة الربضي المعروف ضعيف، ويونس بن عبيد هذا معروف الأيلي من أصحاب الزهري فهو محتمل حط عليه إشارة حتى نتأمله.
...........
حدثنا موسى بن عبيدة حدثني أبان بن صالح عن القعقاع بن حكيم عن سلمى أم رافع، عن أبي رافع مولى رسول الله ﷺ أن رسول الله ﷺ أمر بقتل الكلاب، فقلت: فجاء الناس فقالوا: يا رسول الله ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فسكت، فأنزل الله يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ الآية [المائدة:4] الآية، فقال النبي ﷺ: إذا أرسل الرجل كلبه وسمى، فأمسك عليه، فيأكل ما لم يأكل وهكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب عن زيد بن الحباب بإسناده عن أبي رافع قال: جاء جبريل إلى النبي ﷺ ليستأذن عليه، فأذن له، فقال: قد أذنا لك يا رسول الله، قال: أجل ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب قال أبو رافع: فأمرني أن أقتل كل كلب بالمدينة حتى انتهيت إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها، فتركته رحمة لها، ثم جئت إلى رسول الله ﷺ فأخبرته، فأمرني فرجعت إلى الكلب فقتلته، فجاؤوا فقالوا: يا رسول الله ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ قال: فسكت رسول الله ﷺ، قال: فأنزل الله يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة:4]
ورواه الحاكم في مستدركه من طريق محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح به، وقال: صحيح، ولم يخرجاه.
س: معنى فيأكل ما لم يأكل؟
الشيخ: الكلب يعني إذا أكل فإنما أمسك على نفسه فلا يحل. هذا الصواب.
وقال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا حجاج عن ابن جريج، عن عكرمة أن رسول الله ﷺ بعث أبا رافع في قتل الكلاب حتى بلغ العوالي، فجاء عاصم بن عدي وسعد بن خيثمة وعويم بن ساعدة، فقالوا: ماذا أحل لنا يا رسول الله؟ فنزلت الآية، ورواه الحاكم من طريق سماك عن عكرمة، وكذا قال محمد بن كعب القرظي في سبب نزول هذه الآية: إنه في قتل الكلاب.
وقوله تعالى: مُكَلِّبِينَ [المائدة:4] يحتمل أن يكون حالا من الفاعل، ويحتمل أن يكون حالا من المفعول، وهو الجوارح، أي وما علمتم من الجوارح في حال كونهن مكلبات للصيد، وذلك أن تقتنصه بمخالبها أو أظفارها، فيستدل بذلك والحالة هذه على أن الجارح إذا قتل الصيد بصدمته لا بمخلابه وظفره، أنه لا يحل له، كما هو أحد قولي الشافعي وطائفة من العلماء.الشيخ: مكلبين يظهر من السياق أنه وصف لحال من الفاعل في (علمتم) وهذا هو ظاهر السياق، (مكلبين) وليس حالاً من الكلاب ونحوها من الجوارح لا، لأنه لو كان فرضًا المراد بذلك لقال مكلبات، لأن البهائم جمع تكسير يغلب عليه تأنيث النعت والوصف فقال: مكلبين بصيغة المذكر والعاقل وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ [المائدة:4]
ولهذا قال تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ [المائدة:4] وهو أنه إذا أرسله استرسل، وإذا أشلاه استشلى، وإذا أخذ الصيد أمسكه على صاحبه حتى يجيء إليه، ولا يمسكه لنفسه، ولهذا قال تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ [المائدة:4] فمتى كان الجارح معلما وأمسك على صاحبه، وكان قد ذكر اسم الله عليه وقت إرساله، حل الصيد وإن قتله بالإجماع.
وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة.الشيخ: قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ يعني صيد مَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ فهو على حذف مضاف تقديره: صيد ما علمتم من الجوارح لأن السياق يدل عليه، والجوارح تكون كلابًا وتكون طيورًا كالباز والعقاب والصقر فإذا علمت وصادت فصيدها حل لمعلميها، وهذا من فضل الله أن يسر للعباد هذه الآلة التي هي مخلوق من مخلوقاته، له عمل في نفسه له حركة وله روح وله قصد، بخلاف ما يصاد بالرماية والرماح فهذا جماد في يد الصائد الرمح والبندق ونحو ذلك، والجوارح آلات أيضاً لكن لها عمل ولها سعي؛ فإذا علمت ووجهت وصادت فصيدها حلال، فإن وجدته صاحبه حيًا ذكاه، وإن وجدها قد قتلته فهو حل له، كما جاء صريحًا في الأحاديث.
س:......؟
الشيخ: ما لم يأكل فإن أكل فلا يعني الكلب، أما الطير فذكر أهل العلم أنه لا بدّ أنه يأكل؛ لأنه من طبيعته أن يأكل شيئًا فيتسامح في الطير، أما الكلاب فلا.
...............
وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة، كما ثبت في الصحيحين عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إني أرسل الكلاب المعلمة وأذكر اسم الله! فقال إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك. قلت: وإن قتلن؟ قال وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها، فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره قلت له: فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب؟ فقال: إذا رميت بالمعراض فخزق فكله، وإن أصابه بعرض فإنه وقيذ فلا تأكله.الشيخ: بعرضه هكذا في الحديث.
فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب؟ فقال: إذا رميت بالمعراض فخزق فكله، وإن أصابه بعرضه فإنه وقيذ فلا تأكله.الشيخ: والمعنى أنه إذا رماه بالرمح ونحوه فإذا أصابه بالحد وطرف ما في الرمح من الحديدة المحددة حل، وإذا أصابه بعرض الرمح بجانبه بثقله، فهو وقيذ.
س: إن رماه بعصا أو بحجر؟
الشيخ: كذلك وقيذ لا يحل.
.............
وفي لفظ لهما وإذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، فإن أمسك عليك فأدركته حيا، فاذبحه وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله، فإن أخذ الكلب ذكاته وفي رواية لهما فإن أكل فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه فهذا دليل للجمهور، وهو الصحيح من مذهب الشافعي، وهو أنه إذا أكل الكلب من الصيد يحرم مطلقا، ولم يستفصلوا كما ورد بذلك الحديث، وحكي عن طائفة من السلف أنهم قالوا: لا يحرم مطلقا.
ذكر الآثار بذلك
قال ابن جرير: حدثنا هناد، حدثنا وكيع، عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال: قال سلمان الفارسي: كل وإن أكل ثلثيه -يعني الصيد- إذا أكل منه الكلب، وكذا رواه سعيد بن أبي عروبة وعمر بن عامر عن قتادة، وكذا رواه محمد بن زيد عن سعيد بن المسيب عن سلمان، ورواه ابن جرير أيضا عن مجاهد بن موسى، عن يزيد، عن حميد، عن بكر بن عبد الله المزني، والقاسم أن سلمان قال: إذا أكل الكلب فكل، وإن أكل ثلثيه.
وقال ابن جرير: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه، عن حميد بن مالك بن خيثم الدؤلي
الشيخ: خيثم بتقديم الياء؟
الطالب: خثيم بتقديم الثاء على الياء.
الشيخ: التقريب حاضر، شف حميد بن مالك
الطالب: حميد بن مالك بن خثيم بالمعجمة والمثلثة؛ مصغر على المشهور ويقال مالك جده واسم أبيه عبدالله ثقة من الثالثة.
الشيخ: صلحه عندكم خثيم بتقديم الثاء.
عن حميد بن مالك بن خثيم الدؤلي أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن الصيد يأكل منه الكلب، فقال: كل وإن لم يبق منه إلا حذية، يعني بضعة، ورواه شعبة عن عبد ربه بن سعيد، عن بكير بن الأشج، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص، قال: كل وإن أكل ثلثيه.
الشيخ: وهذا محمول على أن سلمان وسعدًا لم يبلغهما الحديث الصحيح فاجتهدا فيما بلغهما من أن أكل الكلب ذكاته، وأنه متى قتله فهو ذكاته، ولم يبلغهما قول النبي ﷺ: فإن أكل فلا تأكل، فإنه أنما أمسك على نفسه والحجة في كلام الله وكلام رسوله ﷺ ولا عبرة فيمن خالفهما. فإذا جاء الحديث الصحيح وجب تقديمه على جميع الآراء، والعذر لمن خالف الحديث أن يكون ما بلغه الحديث؛ لأن الواجب على من بلغه الحديث الأخذ به، وترك رأيه، وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ الآية [النساء:59]، فإن صح عن سلمان وهكذا ما روي عن سعد فهو معناه اجتهاد منهما، لم يعلما ما صحت به السنة.
.............
وقال ابن جرير: حدثنا ابن المثنى، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا داود عن عامر، عن أبي هريرة، قال: إذا أرسلت كلبك فأكل منه، فإن أكل ثلثيه وبقي ثلثه فكله.
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا المعتمر قال: سمعت عبد الله، وحدثنا هناد، حدثنا عبدة عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن عبدالله بن عمر قال: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك، أكل أو لم يأكل، وكذا رواه عبيدالله بن عمر وابن أبي ذئب وغير واحد عن نافع.
فهذه الآثار ثابتة عن سلمان وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وابن عمر، وهو محكي عن علي وابن عباس، واختلف فيه عن عطاء والحسن البصري، وهو قول الزهري وربيعة ومالك، وإليه ذهب الشافعي في القديم وأومأ إليه في الجديد.
وقد روي من طريق سلمان الفارسي مرفوعا، فقال ابن جرير: حدثنا عمران بن بكار الكلاعي، حدثنا عبدالعزيز بن موسى اللاحوني، حدثنا محمد بن دينار وهو الطاجي.
الشيخ: الطاجي كذا عندكم؟
الطالب: الطاحي بالحاء.
الشيخ: شف محمد بن دينار.
الطالب: واللي قبله اللاجوني؟
الشيخ: يراجع.
وقد روي من طريق سلمان الفارسي مرفوعا، فقال ابن جرير: حدثنا عمران بن بكار الكلاعي، حدثنا عبدالعزيز بن موسى اللاحوني، حدثنا محمد بن دينار وهو الطاجي عن أبي إياس معاوية بن قرة، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان الفارسي، عن رسول الله ﷺ قال : إذا أرسل الرجل كلبه على الصيد فأدركه وقد أكل منه فليأكل ما بقي ثم قال ابن جرير: وفي إسناد هذا الحديث نظر، وسعيد غير معلوم له سماع من سلمان، والثقات يروونه من كلام سلمان غير مرفوع.
وهذا الذي قاله ابن جرير صحيح، لكن قد روي هذا المعنى مرفوعا من وجوه أخر.الشيخ: حط على اللاجوني والطاجي رقم واحد ورقم اثنين.
الطالب: موجودين، محمد بن دينار الأزدي ثم الطاحي بمهملتين أبو بكر بن أبي الفرات البصري صدوق سيء الحفظ ورمي بالقدر وتغير قبل موته من الثامنة، أبو داود والترمذي.
الشيخ: امح النقطة الطاحي.
الطالب: عبد العزيز بن موسى بن روح اللاحوني بضم المهملة، أبو روح البهراني صدوق من العاشرة، النسائي.
الشيخ: اللي عنده نقطة يزيلها. والطاجي كذلك يزيلها كلها بالحاء، لكن هذا يدل على ضعف الحديث، مثل ما قال ابن جرير الطاحي ما دام سيئ الحفظ وتغير في آخره ثم هو مخالف للأحاديث الصحيحة.
س: إن أرسل الكلب ونسي التسمية؟
الشيخ: إن نسي يعفى عنه، رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] وهكذا في الذبح.
ثم قال ابن جرير: وفي إسناد هذا الحديث نظر، وسعيد غير معلوم له سماع من سلمان، والثقات يروونه من كلام سلمان غير مرفوع.
وهذا الذي قاله ابن جرير صحيح، لكن قد روي هذا المعنى مرفوعا من وجوه أخر فقال أبو داود: حدثنا محمد بن منهال الضرير، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن أعرابيا يقال له أبو ثعلبة قال: يا رسول الله، إن لي كلابا مكلبة، فأفتني في صيدها، فقال النبي ﷺ إن كان لك كلاب مكلبة، فكل مما أمسكن عليك فقال: ذكيا وغير ذكي، وإن أكل منه؟ قال نعم وإن أكل منه فقال: يا رسول الله أفتني في قوسي، قال كل ما ردت عليك قوسك قال: ذكيا وغير ذكي؟ وإن تغيب عنك ما لم يصل أو تجد فيه أثر غير سهمك قال: أفتني في آنية المجوس إذا اضطررنا إليها، قال اغسلها وكل فيها هكذا رواه أبو داود، وقد أخرجه النسائي، وكذا رواه أبو داود من طريق يونس بن سيف، عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة، قال: قال رسول الله ﷺ إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل وإن أكل منه، وكل ما ردت عليك يدك وهذان إسنادان جيدان.
وقد روى الثوري عن سماك بن حرب، عن عدي قال: قال رسول الله ﷺ ما كان من كلب ضار أمسك عليك فكل قلت: وإن أكل؟ قال نعم.
وروى عبد الملك بن حبيب: حدثنا أسد بن موسى عن ابن أبي زائدة، عن الشعبي، عن عدي بمثله، فهذه آثار دالة على أنه يغتفر، وإن أكل منه الكلب، وقد احتج بها من لم يحرم الصيد بأكل الكلب وما أشبهه، كما تقدم عمن حكيناه عنهم، وقد توسط آخرون فقالوا: إن أكل عقب ما أمسكه فإنه يحرم لحديث عدي بن حاتم، وللعلة التي أشار إليها النبي ﷺ فإن أكل فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه وأما إن أمسكه ثم انتظر صاحبه فطال عليه وجاع فأكل منه لجوعه، فإنه لا يؤثر في التحريم، وحملوا على ذلك حديث أبي ثعلبة الخشني. وهذا تفريق حسن، وجمع بين الحديثين صحيح.
الشيخ: لا يساعد عليه وعلى النصوص التفصيل ما عليه دليل يساعد عليه، الصواب ما دل عليه حديث عدي في الصحيحين لأنه حديث مفصل وهو أصح من هذه الأحاديث، ورواية عمرو بن سعيد وأشباهه ما تعارضه برواية الصحيحين. والقاعدة تقديم ما صحت به الأخبار على ما كان دون ذلك ولهذا عند أهل العلم من شرط الحديث الصحيح أن لا يكون شاذًا والرواية التي فيها إباحة الأكل منه إن أكل شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة، فلا يعول عليها.
وقد تمنى الأستاذ أبو المعالي الجويني في كتابه «النهاية» أن لو فصل مفصل هذا التفصيل، وقد حقق الله أمنيته، وقال بهذا القول والتفريق طائفة من الأصحاب منهم.
وقال آخرون قولا رابعا في المسألة وهو التفرقة بين أكل الكلب فيحرم لحديث عدي، وبين أكل الصقور ونحوها فلا يحرم لأنه لا يقبل التعليم إلا بالأكل.
وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا أسباط بن محمد، حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن حماد، عن إبراهيم، عن ابن عباس أنه قال في الطير: إذا أرسلته فقتل فكل، فإن الكلب إذا ضربته لم يعد وإن تعلم الطير أن يرجع إلى صاحبه وليس يضرب، فإذا أكل من الصيد ونتف الريش فكل، وكذا قال إبراهيم النخعي والشعبي وحماد بن أبي سليمان.
وقد يحتج لهؤلاء بما رواه ابن أبي حاتم، حدثنا أبو سعيد، حدثنا المحاربي، حدثنا مجالد عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة، فما يحل لنا منها؟ قال يحل لكم ما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله، فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه ثم قال ما أرسلت من كلب وذكرت اسم الله عليه فكل مما أمسك عليك قلت: وإن قتل؟ قال وإن قتل ما لم يأكل قلت: يا رسول الله، وإن خالطت كلابنا كلابا غيرها؟ قال: فلا تأكل حتى تعلم أن كلبك هو الذي أمسك. قال: قلت: إنا قوم نرمي فما يحل لنا؟ قال: ما ذكرت اسم الله عليه وخزقت فكل.
فوجه الدلالة لهم أنه اشترط في الكلب أن لا يأكل، ولم يشترط ذلك في البزاة، فدل على التفرقة بينهما في الحكم، والله أعلم.
وقوله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ [المائدة:4] أي عند إرساله له كما قال النبي ﷺ لعدي بن حاتم إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله، فكل ما أمسك عليك وفي حديث أبي ثعلبة المخرج في الصحيحين أيضا إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله ولهذا اشترط من اشترط من الأئمة كالإمام أحمد رحمه الله في المشهور عنه، التسمية عند إرسال الكلب، والرمي بالسهم، لهذه الآية وهذا الحديث، وهذا القول هو المشهور عن الجمهور أن المراد بهذه الآية الأمر بالتسمية عند الإرسال كما قال السدي وغيره، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله واذكروا اسم الله عليه يقول: إذا أرسلت جارحك فقل: باسم الله، وإن نسيت فلا حرج.
وقال بعض الناس: المراد بهذه الآية الأمر بالتسمية عند الأكل، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله ﷺ علم ربيبه عمر بن أبي سلمة فقال سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك. وفي صحيح البخاري عن عائشة أنهم قالوا: يا رسول الله، إن قوما يأتوننا حديث عهدهم بكفر بلحمان لا ندري أذكر اسم الله عليها أم لا؟ فقال سموا الله أنتم وكلوا.
حديث آخر: وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا هشام عن بديل، عن عبدالله بن عبيد بن عمير، عن عائشة: أن رسول الله ﷺ كان يأكل الطعام في ستة نفر من أصحابه، فجاء أعرابي فأكله بلقمتين، فقال النبي ﷺ أما إنه لو كان ذكر اسم الله لكفاكم، فإذا أكل أحدكم طعاما فليذكر اسم الله، فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله، فليقل: بسم الله أوله وآخره، وهكذا رواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون به، وهذا منقطع بين عبدالله بن عبيد بن عمير وعائشة فإنه لم يسمع منها هذا الحديث بدليل ما رواه الإمام أحمد: حدثنا عبدالوهاب، أخبرنا هشام يعني ابن أبي عبدالله الدستوائي، عن بديل، عن عبدالله بن عبيد بن عمير: أن امرأة منهم يقال لها أم كلثوم حدثته عن عائشة أن رسول الله ﷺ كان يأكل طعاما في ستة نفر من أصحابه، فجاء أعرابي جائع فأكله بلقمتين، فقال: أما إنه لو ذكر اسم الله لكفاكم، فإذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله، فإن نسي اسم الله في أوله، فليقل بسم الله أوله وآخره رواه أحمد أيضا وأبو داود والترمذي والنسائي من غير وجه عن هشام الدستوائي به، وقال الترمذي: حسن صحيح........
الشيخ: والأحاديث في هذا كثيرة مع قوله جل وعلا: وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ [المائدة:4] وأحاديث التسمية على الطعام كثيرة منها ما في الصحيحين من حديث عمر بن أبي سلمة ربيب النبي ﷺ حيث قال له النبي: سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك، وأحاديث كثيرات في التسمية، الأعرابي الذي جاء به الشيطان ليستحل الطعام؛ لأنه لم يذكر اسم الله فأمسك بيده النبي ﷺ، المقصود أن التسمية على الطعام أمر معلوم من الأحاديث الصحيحة، وسنيته معلومة عند الطعام يسمي الله وعند الذبح يسمي الله، وعند إرسال الكلب للصيد يسمي الله وعند الرمي يسمي الله.
الطالب: أم كلثوم الليثية المكية، يقال هي بنت محمد بن أبي بكر الصديق، فعلى هذا فهي تيمية لا ليثية لها حديث عن عائشة من رواية عبدالله بن عبيد بن عمير عنها، أبو داود والترمذي والنسائي.
وروى حجاج بن أرطأة عن أم كلثوم عن عائشة في الاستحاضة، وروى عمر بن عامر عن أم كلثوم عن عائشة في بول الغلام، فما أدري هل الجميع واحدة أو لا؟الشيخ: المقصود أنها مجهولة، والغريب قول الترمذي: حسن صحيح.
.......
الشيخ: شف عبدالله بن عبيد.
......
حديث آخر: وقال أحمد: حدثنا علي بن عبدالله، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا جابر بن صبح، حدثني المثنى بن عبدالرحمن الخزاعي وصحبته إلى واسط، فكان يسمي في أول طعامه، وفي آخر لقمة يقول: بسم الله أوله وآخره، فقلت له: إنك تسمي في أول ما تأكل، أرأيت قولك في آخر ما تأكل بسم الله أوله وآخره، فقال: أخبرك إن جدي أمية بن مخشى وكان من أصحاب النبي ﷺ سمعته يقول: إن رجلا كان يأكل والنبي ينظر فلم يسم حتى كان آخر طعامه لقمة، قال: بسم الله أوله وآخره، فقال النبي ﷺ: والله ما زال الشيطان يأكل معه حتى سمى، فلم يبق شيء في بطنه حتى قاءه وهكذا رواه أبو داود والنسائي من حديث جابر بن صبح الراسبي أبي بشر البصري، ووثقه ابن معين والنسائي، وقال أبو الفتح الأزدي: لا تقوم به حجة.الشيخ: وأبو الفتح الأزدي ليس ممن يعتمد عليه عندهم في التوثيق والتجريح، وهو مجروح أيضاً فليس ممن يعتمد عليه.
الطالب: عبدالله بن عبيد بالتصغير أيضا بغير إضافة ابن عمير الليثي المكي ثقة من الثالثة استشهد غازيا سنة ثلاث عشرة، مسلم والأربعة.
الشيخ: محتمل، أنه سمع منها على حسب ولادته يراجع؛ لأن في وفاته ووفاتها مسافة كبيرة قريب ست وخمسين سنة؛ لأنها ماتت سنة ثمان وخمسين أو سبع وخمسين، فيكون بقية القرن ثلاث وأربعين مع ثلاثة عشر، يحتمل السماع منها.
شف جابر بن صبح؟
الطالب: جابر بن صبح بضم المهملة وسكون الموحدة الراسبي بكسر السين المهملة بعدها موحدة، أبو بشر البصري صدوق من السابعة، أبو داود والترمذي والنسائي.
الشيخ: شف المثني بن عبدالرحمن.
س: درجة هذا الحديث؟
الشيخ: لا بأس به. إذا سلم من المثنى..
س: لكن صحة العمل بهذا الحديث...؟
الشيخ: إذا كونه لم يسم في أوله يسم الله في أوله وآخره يقول: بسم الله أوله وآخره، وكون الشيطان يقيء ما في بطنه فهذا يسرنا ولا يضرنا.
س: من قصد إيذاءه اتباعًا لهذا الحديث؟
الشيخ: يقوله إذا نسي، أما إذا كان سمى في أوله كفى. .......
الطالب: المثنى بن عبدالرحمن الخزاعي مستور من الثالثة، أبو داود والنسائي.
الشيخ: مستور يعني مجهول الحال لم يوثق.
..............
والقاعدة أن إذا.... هذا يكون من باب الحسن لغيره؛ لأنه رواية امرأة عن أم كلثوم أو عن عائشة حسن في نفسه، أما رواية المثنى هذا فهذا يشد أحدهما الآخر، فله ثلاث طرق رواية المثنى بن عبدالرحمن، ورواية عبدالله عن عائشة، ورواية عبدالله عن امرأة فله ثلاث طرق، والقاعدة أن مثل هذا يكون من باب الحسن لغيره.
الطالب:....
[الطالب: أم كلثوم الليثية المكية، يقال هي بنت محمد بن أبي بكر الصديق، فعلى هذا فهي تيمية لا ليثية لها حديث عن عائشة من رواية عبدالله بن عبيد بن عمير عنها، أبو داود والترمذي والنسائي.
وروى حجاج بن أرطأة عن أم كلثوم عن عائشة في الاستحاضة، وروى عمر بن عامر عن أم كلثوم عن عائشة في بول الغلام، فما أدري هل الجميع واحدة أو لا؟]
الطالب: ما معنى قوله حسن صحيح، هل هو؟
الشيخ: لعله للطرق على قاعدته قاعدة الترمذي يقول مراده بالحسن ما روي من غير وجه ولا يكون شاذًا ولم يكن في رواته من هو متهم بالكذب هذا يسمي الحسن هذه الشروط الثلاثة، مروي من غير وجه من طريق فأكثر، وكونه لا يسمى شاذًا ما خالف الأحاديث الصحيحة، الشاذ ما خالف ما هو أصح منه، ولم يكن في رواته من هو متهم بالكذب ولو كان ضعيفًا ولو كان مستور الحال فهو ضعيف بحيث تكون الأسانيد يشد بعضها بعضًا.
لكن قوله: حسن صحيح، هذا على حسب ما قاله رحمه الله، إما على تأويل أو صحيح، مثل الحافظ في النخبة إذا قال: حسن صحيح، فهو على تأويل أو بالشك أو باعتبار إسنادين أحدهما حسن والآخر صحيح.
..............
حديث آخر: قال الإمام أحمد: وحدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن خيثمة عن أبي حذيفة- قال أبو عبدالرحمن عبدالله ابن الإمام أحمد واسمه سلمة بن الهيثم بن صهيب -من أصحاب ابن مسعود- عن حذيفة، قال: كنا إذا حضرنا مع النبي على طعام لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله فيضع يده، وإنا حضرنا معه طعاما، فجاءت جارية كأنما تدفع فذهبت تضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله ﷺ بيدها، وجاء أعرابي كأنما يدفع فذهب يضع يده في الطعام فأخذ رسول الله بيده، فقال رسول الله ﷺ: إن الشيطان يستحل الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها، فأخذت بيدها، وجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يديهما يعني الشيطان، وكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي، من حديث الأعمش به.الشيخ: ومن هذا الحديث أنه إذا سمى بعضهم ولم يسم بعض شارك الشيطان الذي لم يسم في مأكله، وإن سلم أولئك الآخرون ولهذا قال: ليستحل بها الطعام، مع هذا أنه يأتي بهذا الذي لم يسم ليستحل به الطعام من طريق هذا الذي لم يسم، وإن كان أولئك قد حفظوا أنفسهم بتسميتهم لله، لكنه يستحله من طريق هذا الذي جاء به.
حديث آخر: روى مسلم وأهل السنن إلا الترمذي من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله عن النبي ﷺ قال: إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل ولم يذكر اسم الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، فإذا لم يذكر اسم الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء لفظ أبي داود.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبدربه، حدثنا الوليد بن مسلم، عن وحشي بن حرب عن أبيه، عن جده، أن رجلا قال للنبي ﷺ: إنا نأكل ولا نشبع. قال: فلعلكم تأكلون متفرقين اجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه ورواه أبو داود، وابن ماجه، من طريق الوليد بن مسلم.س:....؟
الشيخ: ما ورد في الرواية (فسمى الله) يعني بسم الله، يقول بسم الله عند الأكل، ويحتمل أن ذكر الله يحصل به المقصود إذا قال سبحان الله أو ذكر الله لأنه كله ذكر لله، لأن المعروف إذا أطلق بسم الله التسمية المعروفة. وهكذا قوله: سم الله عند الطعام يقول بسم الله.
س:.....؟
الشيخ: إذا قالها طيب كمالها بسم الله الرحمن الرحيم، وإذا اقتصر على بسم الله هذا أدناها إلا عند الذبح فالأفضل بسم الله والله أكبر لا يكملها.
س: عند الطعام يكملها؟
الشيخ: إذا كملها طيب.
.............
س: الذي شكى للنبي عدم الشبع فقال لعلكم تأكلون متفرقين فهل معنى هذا اكتمال الشرطين الاجتماع والتسمية؟
الشيخ: الاجتماع أفضل، لكن الله قال: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا [النور:61] مباح أن يأكلوا جميعًا وفرادى بنص القرآن، لكن إذا اجتمعوا يكون أفضل وأقرب إلى البركة والحديث في سنده ضعف؛ لأنه من رواية وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وهو ليس بذاك، لكن يؤخذ من أدلة أخرى الاجتماع.
إيش قال عن وحشي بن حرب؟
الطالب: وَحْشي بفتح أوله وسكون المهملة ثم معجمة ابن حرب بن وحشي بن حرب الحبشي الحمصي مستور من الثامنة، أبو داود وابن ماجه.
آخر: وحشي بن حرب الحبشي جد الذي قبله يكنى أبا دسمة بفتح المهملتين والميم صحابي نزل حمص ومات بها، البخاري وأبو داود وابن ماجه.
الشيخ: شف حرب بن وحشي، هذا جده الذي قتل حمزة رضي الله عنهما وأسلم بعد ذلك.
الطالب: حرب بن وحشي بن حرب الحبشي الحمصي مقبول من الثالثة، أبو داود وابن ماجه.
الشيخ: العلة وحشي مستور لم يوثق ولم يجرح. مستور يعني مجهول الحال.
س:... قال غيب وجهك فلا أراك بعد اليوم؟
الشيخ: هذا جاء في الرواية، ولكن ما أذكر حال السند الآن، وهو شارك في قتل مسيلمة فقال: هذه بهذه، وشاركه في قتل مسيلمة بعض الأنصار سماك بن خرشة أبو دجانة ووحشي هما توليا قتل مسيلمة الكذاب حين قتال بني حنيفة.
......