بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المائدة
سورة المائدة
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا أبو معاوية شيبان عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، قالت: إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله ﷺ، إذ نزلت عليه المائدة كلها، وكادت من ثقلها تدق عضد الناقة.
وروى ابن مردويه من حديث صباح بن سهل، عن عاصم الأحول، قال: حدثتني أم عمرو عن عمها أنه كان في مسير مع رسول الله ﷺ، فنزلت عليه سورة المائدة، فاندق عنق الراحلة من ثقلها.
وقال أحمد أيضا: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثني حيي بن عبدالله عن أبي عبدالرحمن الحبلي، عن عبدالله بن عمرو، قال: أنزلت على رسول الله ﷺ سورة المائدة وهو راكب على راحلته، فلم تستطع أن تحمله، فنزل عنها، تفرد به أحمد.
الشيخ: كل هذه الأسانيد ضعيفة ولا شك أن القرآن مثل ما قال الله جل وعلا: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [المزمل:5] لكن ذكر القصة هذه أن الراحلة عجزت أن تقله فهو محل نظر.وروى ابن مردويه من حديث صباح بن سهل، عن عاصم الأحول، قال: حدثتني أم عمرو عن عمها أنه كان في مسير مع رسول الله ﷺ، فنزلت عليه سورة المائدة، فاندق عنق الراحلة من ثقلها.
وقال أحمد أيضا: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثني حيي بن عبدالله عن أبي عبدالرحمن الحبلي، عن عبدالله بن عمرو، قال: أنزلت على رسول الله ﷺ سورة المائدة وهو راكب على راحلته، فلم تستطع أن تحمله، فنزل عنها، تفرد به أحمد.
.......
وقد روى الترمذي عن قتيبة، عن عبدالله بن وهب، عن حيي، عن أبي عبدالرحمن، عن عبدالله بن عمرو، قال: آخر سورة أنزلت سورة المائدة والفتح، ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقد روي عن ابن عباس أنه قال: آخر سورة أنزلت إذا جاء نصر الله والفتح.
وقد روى الحاكم في مستدركه من طريق عبدالله بن وهب بإسناده نحو رواية الترمذي، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
وقال الحاكم أيضا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن نصر، قال: قرئ على عبدالله بن وهب، أخبرني معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، قال: حججت فدخلت على عائشة فقالت لي: يا جبير، تقرأ المائدة؟ فقلت: نعم، فقالت: أما إنها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ورواه الإمام أحمد عن عبدالرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، وزاد: وسألتها عن خلق رسول الله ﷺ فقالت: القرآن. ورواه النسائي من حديث ابن مهدي.
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا عبدالله بن المبارك، حدثنا مسعر، حدثني معن وعوف، أو أحدهما، أن رجلا أتى عبدالله بن مسعود، فقال: اعهد إلي، فقال: إذا سمعت الله يقول يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فأرعها سمعك، فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه.
وقال: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا عبدالرحمن بن إبراهيم دحيم، حدثنا الوليد، حدثنا الأوزاعي عن الزهري، قال: إذا قال الله يا أيها الذين آمنوا افعلوا، فالنبي ﷺ منهم.
وحدثنا أحمد بن سنان، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا الأعمش عن خيثمة قال: كل شيء في القرآن يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فهو في التوراة يا أيها المساكين.
الشيخ: وهذا تنبيه عظيم من عبدالله بن مسعود لينتبه المؤمن في مثل هذا فإذا سمع الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فلينتبه فإنه مسئول مقصود ما دام مؤمنًا بالله واليوم الآخر فهو داخل في الآية ومقصود، فلينتبه فإن الله إما أن يأمره وإما أن ينهاه، يا أيها الذين آمنوا افعلوا كذا أو لا تفعلوا كذا، فأنت مقصود حاسب نفسه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا [الأحزاب:70] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119] إلى أمثال هذه الآيات، أنت منهم إذا كنت مؤمن، وإذا قال الله: يا أيها الناس فأنت منهم أيضاً أنت من الناس، وجاء عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت يومًا تمشط رأسها وعندها الماشطة، فسمعت النبي ﷺ يقول يخطب الناس في المسجد، يقول: يا أيها الناس، فقالت: كفي عن الرأس حتى نستمع، فقالت: يا أم المؤمنين، إنه يقول: يا أيها الناس، قالت: وأنا من الناس! فالناس تعم الرجال والنساء، والعرب والعجم والملوك، والرؤساء والعامة تعمهم يا أيها الناس، تعم الكافر والمسلم، بخلاف يا أيها الذين آمنوا فإنه يخص بها أهل الإيمان، أهل الإسلام، وفي هذا يقول سبحانه: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود هذا في سورة المائدة، عقد البيع، عقد الإجارة، عقد الشركة إلى غير هذا، يوفي بالعقد، لا يخن ولا يغدر، يوفي بالعقد كما تم، المسلمون على شروطهم، ومن ذلك العهود بين الناس يجب الوفاء بها وعدم الغدر. نعم.
وقد روى الحاكم في مستدركه من طريق عبدالله بن وهب بإسناده نحو رواية الترمذي، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
وقال الحاكم أيضا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن نصر، قال: قرئ على عبدالله بن وهب، أخبرني معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، قال: حججت فدخلت على عائشة فقالت لي: يا جبير، تقرأ المائدة؟ فقلت: نعم، فقالت: أما إنها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ورواه الإمام أحمد عن عبدالرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، وزاد: وسألتها عن خلق رسول الله ﷺ فقالت: القرآن. ورواه النسائي من حديث ابن مهدي.
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا عبدالله بن المبارك، حدثنا مسعر، حدثني معن وعوف، أو أحدهما، أن رجلا أتى عبدالله بن مسعود، فقال: اعهد إلي، فقال: إذا سمعت الله يقول يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فأرعها سمعك، فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه.
وقال: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا عبدالرحمن بن إبراهيم دحيم، حدثنا الوليد، حدثنا الأوزاعي عن الزهري، قال: إذا قال الله يا أيها الذين آمنوا افعلوا، فالنبي ﷺ منهم.
وحدثنا أحمد بن سنان، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا الأعمش عن خيثمة قال: كل شيء في القرآن يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فهو في التوراة يا أيها المساكين.
فأما ما رواه عن زيد بن إسماعيل الصائغ البغدادي، حدثنا معاوية يعني ابن هشام، عن عيسى بن راشد، عن علي بن بذيمة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ما في القرآن آية يا أيها الذين آمنوا إلا أن عليا سيدها وشريفها وأميرها، وما من أصحاب النبي ﷺ أحد إلا قد عوتب في القرآن إلا علي بن أبي طالب، فإنه لم يعاتب في شيء منه، فهو أثر غريب، ولفظه فيه نكارة، وفي إسناده نظر.
الشيخ: سيد أهل الإيمان محمد عليه الصلاة والسلام ما هو بعلي، سيد المخاطبين محمد ﷺ ثم الصديق، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، لكن هذا الخبر من وضع الشيعة الرافضة قبحهم الله فإن عليًا وإن كان له فضل وهو من أفضل الصحابة وخيارهم، لكن ليس هو المقدم فيهم، وليس هو سيد المؤمنين، بل سيدهم نبينا محمد ﷺ ثم الصديق ثم عمر ثم عثمان، ويقول ﷺ: أنا سيد ولد آدم.التقريب حاضر، شف زيد بن إسماعيل الصائغ.
......
وقال البخاري: عيسى بن راشد هذا مجهول، وخبره منكر.
قلت: وعلي بن بذيمة وإن كان ثقة إلا أنه شيعي غال، وخبره في مثل هذا فيه تهمة فلا يقبل.
الشيخ: بين المؤلف علته عيسى بن راشد ما دام مجهولا لا يلتفت إليه، فالخبر موضوع بلا شك.قلت: وعلي بن بذيمة وإن كان ثقة إلا أنه شيعي غال، وخبره في مثل هذا فيه تهمة فلا يقبل.
الطالب: زيد بن إسماعيل ..؟[15:39]
الشيخ: عيسى بن راشد.
الطالب: يقول: عيسى ابن أبي رزين، يقال اسم أبيه راشد ويقال هو عيسى ابن إدريس الثمالي بضم المثلثة الحمصي مقبول من السابعة (النسائي)
الشيخ: محتمل.
...........
وقوله: فلم يبق أحد من الصحابة إلا عوتب في القرآن إلا عليا، إنما يشير به إلى الآية الآمرة بالصدقة بين يدي النجوى، فإنه قد ذكر غير واحد أنه لم يعمل بها أحد إلا علي، ونزل قوله أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ [المجادلة:13] الآية، وفي كون هذا عتابا نظر، فإنه قد قيل: إن الأمر كان ندبا لا إيجابا، ثم قد نسخ ذلك عنهم قبل الفعل، فلم يصدر من أحد منهم خلافه، وقوله عن علي إنه لم يعاتب في شيء من القرآن فيه نظر أيضا، فإن الآية التي في الأنفال التي فيها المعاتبة على أخذ الفداء، عمت جميع من أشار بأخذه ولم يسلم منها إلا عمر بن الخطاب ، فعلم بهذا وبما تقدم ضعف هذا الأثر، والله أعلم.
وقال ابن جرير: حدثني المثنى، حدثنا عبدالله بن صالح، حدثنا الليث، حدثني يونس قال: قال محمد بن مسلم: قرأت كتاب رسول الله ﷺ الذي كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى نجران، وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم فيه «هذا بيان من الله ورسوله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] فكتب الآيات منها حتى بلغ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [المائدة:4]».
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد، حدثنا يونس بن بكير، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه، قال: هذا كتاب رسول الله ﷺ عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ويعلمهم السنة، ويأخذ صدقاتهم، فكتب له كتابا وعهدا، وأمره فيه بأمره، فكتب «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله ورسوله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] عهد من محمد رسول الله ﷺ لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن، أمره بتقوى الله في أمره كله، فـ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل:128]».
قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: يعني بالعقود العهود، وحكى ابن جرير الإجماع على ذلك، قال: والعهود ما كانوا يتعاقدون عليه من الحلف وغيره.
...........
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] يعني العهود، يعني ما أحل الله وما حرم وما فرض وما حد في القرآن كله، فلا تغدروا ولا تنكثوا، ثم شدد في ذلك فقال تعالى: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [الرعد:25].
وقال الضحاك: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قال: ما أحل الله وحرم، وما أخذ الله من الميثاق على من أقر بالإيمان بالنبي والكتاب أن يوفوا بما أخذ الله عليهم من الفرائض من الحلال والحرام.
وقال زيد بن أسلم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قال: هي ستة: عهد الله، وعقد الحلف، وعقد الشركة، وعقد البيع، وعقد النكاح، وعقد اليمين.
وقال محمد بن كعب: هي خمسة منها حلف الجاهلية، وشركة المفاوضة.
الشيخ: كل هذا تفسير للآية ببعض معناها، والآية عامة تعم جميع العقود التي أباح الله وشرع لعباده أن يوفوا بها، أما العقود الباطلة فغير داخلة في هذا، المراد بالعقود الشرعية التي أباح الله للعباد أن يتعاقدوا بها، فعلى العباد أن يوفوا بها على الوجه الذي أمر الله يدخل في هذا البيع والإجارة والنكاح وغير ذلك.
وقال ابن جرير: حدثني المثنى، حدثنا عبدالله بن صالح، حدثنا الليث، حدثني يونس قال: قال محمد بن مسلم: قرأت كتاب رسول الله ﷺ الذي كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى نجران، وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم فيه «هذا بيان من الله ورسوله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] فكتب الآيات منها حتى بلغ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [المائدة:4]».
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد، حدثنا يونس بن بكير، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه، قال: هذا كتاب رسول الله ﷺ عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ويعلمهم السنة، ويأخذ صدقاتهم، فكتب له كتابا وعهدا، وأمره فيه بأمره، فكتب «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله ورسوله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] عهد من محمد رسول الله ﷺ لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن، أمره بتقوى الله في أمره كله، فـ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل:128]».
قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: يعني بالعقود العهود، وحكى ابن جرير الإجماع على ذلك، قال: والعهود ما كانوا يتعاقدون عليه من الحلف وغيره.
...........
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] يعني العهود، يعني ما أحل الله وما حرم وما فرض وما حد في القرآن كله، فلا تغدروا ولا تنكثوا، ثم شدد في ذلك فقال تعالى: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [الرعد:25].
وقال الضحاك: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قال: ما أحل الله وحرم، وما أخذ الله من الميثاق على من أقر بالإيمان بالنبي والكتاب أن يوفوا بما أخذ الله عليهم من الفرائض من الحلال والحرام.
وقال زيد بن أسلم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قال: هي ستة: عهد الله، وعقد الحلف، وعقد الشركة، وعقد البيع، وعقد النكاح، وعقد اليمين.
وقال محمد بن كعب: هي خمسة منها حلف الجاهلية، وشركة المفاوضة.
وقال محمد بن كعب: هي خمسة منها حلف الجاهلية، وشركة المفاوضة.
وقد استدل بعض من ذهب إلى أنه لا خيار في مجلس البيع بهذه الآية أوفوا بالعقود قال: فهذه تدل على لزوم العقد وثبوته فيقتضي نفي خيار المجلس، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك، وخالفهما في ذلك الشافعي وأحمد والجمهور، والحجة في ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وفي لفظ آخر للبخاري إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وهذا صريح في إثبات خيار المجلس المتعقب لعقد البيع، وليس هذا منافيا للزوم العقد، بل هو من مقتضياته شرعا، فالتزامه من تمام الوفاء بالعقود.
وقوله تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ هي الإبل والبقر والغنم، قاله الحسن وقتادة وغير واحد، قال ابن جرير: وكذلك هو عند العرب.
وقد استدل ابن عمر وابن عباس وغير واحد بهذه الآية على إباحة الجنين إذا وجد ميتا في بطن أمه إذا ذبحت.
............. ذبح أمه، ذكاة له.
وقد ورد في ذلك حديث في السنن رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من طريق مجالد عن أبي الوداك جبير بن نوفل، عن أبي سعيد قال: قلنا: يا رسول الله ننحر الناقة ونذبح البقرة أو الشاة في بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ فقال كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه وقال الترمذي: حديث حسن.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عتاب بن بشير، حدثنا عبيد الله بن أبي زياد القداح المكي عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله، عن رسول الله ﷺ، قال ذكاة الجنين ذكاة أمه تفرد به أبو داود.
وقوله إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني بذلك الميتة والدم ولحم الخنزير، وقال قتادة: يعني بذلك الميتة وما لم يذكر اسم الله عليه والظاهر- والله أعلم- أن المراد بذلك قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ [المائدة:3] فإن هذه وإن كانت من الأنعام إلا أنها تحرم بهذه العوارض، ولهذا قال إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ يعني منها فإنه حرام لا يمكن استدراكه وتلاحقه، ولهذا قال تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ أي إلا ما سيتلى عليكم من تحريم بعضها في بعض الأحوال.
وقوله تعالى: غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ قال بعضهم: هذا منصوب على الحال، والمراد بالأنعام ما يعم الإنسي من الإبل والبقر والغنم، وما يعم الوحشي كالظباء والبقر والحمر، فاستثنى من الإنسي ما تقدم، واستثنى من الوحشي الصيد في حال الإحرام، وقيل: المراد أحللنا لكم الأنعام إلا ما استثني منها لمن التزم تحريم الصيد، وهو حرام لقوله فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الأنعام:145] أي أبحنا تناول الميتة للمضطر بشرط أن يكون غير باغ ولا متعد، وهكذا هنا أي كما أحللنا الأنعام في جميع الأحوال فحرموا الصيد في حال الإحرام، فإن الله قد حكم بهذا، وهو الحكيم في جميع ما يأمر به وينهى عنه، ولهذا قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ [المائدة:1].
............
قال بعضهم: هذا منصوب على الحال، والمراد بالإنسية من الإبل والبقر والغنم، وأما الوحشية كالظباء والبقر والحمر، واستثني من الإنس ما تقدم، واستثني من الوحش الصيد حال الإحرام.
........
ثم قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ [المائدة:2] قال ابن عباس: يعني بذلك مناسك الحج. وقال مجاهد: الصفا والمروة، والهدي والبدن من شعائر الله.
وقيل: شعائر الله محارمه، أي لا تحلوا محارم الله التي حرمها تعالى، ولهذا قال تعالى: وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ يعني بذلك تحريمه والاعتراف بتعظيمه، وترك ما نهى الله عن تعاطيه فيه من الابتداء بالقتال وتأكيد اجتناب المحارم، كما قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ [البقرة:217] وقال تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا [التوبة:36]، وفي صحيح البخاري عن أبي بكرة أن رسول الله ﷺ قال في حجة الوداع: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو العقدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان وهذا يدل على استمرار تحريمها إلى آخر وقت، كما هو مذهب طائفة من السلف.
...........
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ يعني لا تستحلوا القتال فيه، وكذا قال مقاتل بن حيان وعبدالكريم بن مالك الجزري، واختاره ابن جرير أيضا.
وذهب الجمهور إلى أن ذلك منسوخ وأنه يجوز ابتداء القتال في الأشهر الحرم، واحتجوا بقوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة:5] والمراد أشهر التسيير الأربعة، قالوا: فلم يستثن شهرا حراما من غيره، وقد حكى الإمام أبو جعفر الإجماع على أن الله قد أحل قتال أهل الشرك في الأشهر الحرم وغيرها من شهور السنة، قال: وكذلك أجمعوا على أن المشرك لو قلد عنقه أو ذراعيه بلحاء جميع أشجار الحرم لم يكن ذلك له أمانا من القتل إذا لم يكن تقدم له عقد ذمة من المسلمين أو أمان، ولهذه المسألة بحث آخر له موضع أبسط من هذا.
س:....؟وقد استدل بعض من ذهب إلى أنه لا خيار في مجلس البيع بهذه الآية أوفوا بالعقود قال: فهذه تدل على لزوم العقد وثبوته فيقتضي نفي خيار المجلس، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك، وخالفهما في ذلك الشافعي وأحمد والجمهور، والحجة في ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وفي لفظ آخر للبخاري إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وهذا صريح في إثبات خيار المجلس المتعقب لعقد البيع، وليس هذا منافيا للزوم العقد، بل هو من مقتضياته شرعا، فالتزامه من تمام الوفاء بالعقود.
وقوله تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ هي الإبل والبقر والغنم، قاله الحسن وقتادة وغير واحد، قال ابن جرير: وكذلك هو عند العرب.
وقد استدل ابن عمر وابن عباس وغير واحد بهذه الآية على إباحة الجنين إذا وجد ميتا في بطن أمه إذا ذبحت.
............. ذبح أمه، ذكاة له.
وقد ورد في ذلك حديث في السنن رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من طريق مجالد عن أبي الوداك جبير بن نوفل، عن أبي سعيد قال: قلنا: يا رسول الله ننحر الناقة ونذبح البقرة أو الشاة في بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ فقال كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه وقال الترمذي: حديث حسن.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عتاب بن بشير، حدثنا عبيد الله بن أبي زياد القداح المكي عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله، عن رسول الله ﷺ، قال ذكاة الجنين ذكاة أمه تفرد به أبو داود.
وقوله إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني بذلك الميتة والدم ولحم الخنزير، وقال قتادة: يعني بذلك الميتة وما لم يذكر اسم الله عليه والظاهر- والله أعلم- أن المراد بذلك قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ [المائدة:3] فإن هذه وإن كانت من الأنعام إلا أنها تحرم بهذه العوارض، ولهذا قال إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ يعني منها فإنه حرام لا يمكن استدراكه وتلاحقه، ولهذا قال تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ أي إلا ما سيتلى عليكم من تحريم بعضها في بعض الأحوال.
وقوله تعالى: غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ قال بعضهم: هذا منصوب على الحال، والمراد بالأنعام ما يعم الإنسي من الإبل والبقر والغنم، وما يعم الوحشي كالظباء والبقر والحمر، فاستثنى من الإنسي ما تقدم، واستثنى من الوحشي الصيد في حال الإحرام، وقيل: المراد أحللنا لكم الأنعام إلا ما استثني منها لمن التزم تحريم الصيد، وهو حرام لقوله فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الأنعام:145] أي أبحنا تناول الميتة للمضطر بشرط أن يكون غير باغ ولا متعد، وهكذا هنا أي كما أحللنا الأنعام في جميع الأحوال فحرموا الصيد في حال الإحرام، فإن الله قد حكم بهذا، وهو الحكيم في جميع ما يأمر به وينهى عنه، ولهذا قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ [المائدة:1].
............
قال بعضهم: هذا منصوب على الحال، والمراد بالإنسية من الإبل والبقر والغنم، وأما الوحشية كالظباء والبقر والحمر، واستثني من الإنس ما تقدم، واستثني من الوحش الصيد حال الإحرام.
........
ثم قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ [المائدة:2] قال ابن عباس: يعني بذلك مناسك الحج. وقال مجاهد: الصفا والمروة، والهدي والبدن من شعائر الله.
وقيل: شعائر الله محارمه، أي لا تحلوا محارم الله التي حرمها تعالى، ولهذا قال تعالى: وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ يعني بذلك تحريمه والاعتراف بتعظيمه، وترك ما نهى الله عن تعاطيه فيه من الابتداء بالقتال وتأكيد اجتناب المحارم، كما قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ [البقرة:217] وقال تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا [التوبة:36]، وفي صحيح البخاري عن أبي بكرة أن رسول الله ﷺ قال في حجة الوداع: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو العقدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان وهذا يدل على استمرار تحريمها إلى آخر وقت، كما هو مذهب طائفة من السلف.
...........
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ يعني لا تستحلوا القتال فيه، وكذا قال مقاتل بن حيان وعبدالكريم بن مالك الجزري، واختاره ابن جرير أيضا.
وذهب الجمهور إلى أن ذلك منسوخ وأنه يجوز ابتداء القتال في الأشهر الحرم، واحتجوا بقوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة:5] والمراد أشهر التسيير الأربعة، قالوا: فلم يستثن شهرا حراما من غيره، وقد حكى الإمام أبو جعفر الإجماع على أن الله قد أحل قتال أهل الشرك في الأشهر الحرم وغيرها من شهور السنة، قال: وكذلك أجمعوا على أن المشرك لو قلد عنقه أو ذراعيه بلحاء جميع أشجار الحرم لم يكن ذلك له أمانا من القتل إذا لم يكن تقدم له عقد ذمة من المسلمين أو أمان، ولهذه المسألة بحث آخر له موضع أبسط من هذا.
الشيخ: بالنظر إلى ما كانوا يفعلون من تقدير التحريم والتأخير كانوا في بعض السنوات يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر، ويقدمون صفر على هواهم، وربما قدموا المحرم على وقته، فلما كان الزمان الذي حج فيه النبي ﷺ وافق على ما كان عليه حين خلق الله السماوات والأرض، أي وافق ذي الحجة ذي الحجة، والمحرم المحرم، وصفر صفر، على الهيئة التي خلق عليها، من غير ما فعلوه من التغيير والتبديل والنسيء، إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْر [التوبة:37] يؤخرون شهرًا ويقدمون شهرًا على حساب بينهم، وصادف حسابهم ذلك العام الحقيقة التي خلق عليها الأشهر، اثنا عشر شهرًا، صادف ذلك ذلك الزمان وانتهى الأمر انتهى أمر النسيء.
..............
وقوله تعالى: وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِد يعني لا تتركوا الإهداء إلى البيت الحرام، فإن فيه تعظيم شعائر الله، ولا تتركوا تقليدها في أعناقها لتتميز به عما عداها من الأنعام، وليعلم أنها هدي إلى الكعبة فيجتنبها من يريدها بسوء، وتَبعث من يراها على الإتيان بمثلها، فإن من دعا إلى هدي كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ولهذا لما حج رسول الله ﷺ، بات بذي الحليفة وهو وادي العقيق، فلما أصبح طاف على نسائه وكن تسعا، ثم اغتسل وتطيب وصلى ركعتين، ثم أشعر هديه وقلده، وأهل للحج والعمرة.
الشيخ: وهذه الركعتان صلاة الظهر، أتى ضحى وصلى ركعتي الظهر ثم أهل بعد الظهر عليه الصلاة والسلام، يوم الأحد الثالث والعشرين من ذي القعدة. .....
وكان هديه إبلا كثيرة تنيف على الستين من أحسن الأشكال والألوان.
الشيخ: كانت ثلاثة وستين، أهداها من المدينة، وقدم علي من اليمن ومعه سبع وثلاثون، الجميع مائة.الطالب: تَنيف أم تُنيّف؟
الشيخ: تَنيف بالتخفيف. أما المفرد: يقال: نَيفٌ ونَيّفٌ بين وبيّنٌ، نعم.
كما قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32].
وقال بعض السلف إعظامها استحسانها واستسمانها، قال علي بن أبي طالب: أمرنا رسول الله ﷺ أن نستشرف العين والأذن، رواه أهل السنن.
وقال مقاتل بن حيان: وقوله وَلَا الْقَلَائِدَ فلا تستحلوها، وكان أهل الجاهلية إذا خرجوا من أوطانهم في غير الأشهر الحرم، قلدوا أنفسهم بالشعر والوبر، وتقلد مشركوا الحرم من لحاء شجره فيأمنون به، رواه ابن أبي حاتم ثم قال: حدثنا محمد بن عمار، حدثنا سعيد بن سليمان، قال: حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: نسخ من هذه السورة آيتان آية القلائد، وقوله: فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ [المائدة:42].
وحدثنا المنذر بن شاذان حدثنا زكريا بن عدي حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عوف قال: قلت للحسن: نسخ من المائدة شيء؟ قال: لا.
الشيخ: ابن عون بالنون عبدالله بن عونوقال بعض السلف إعظامها استحسانها واستسمانها، قال علي بن أبي طالب: أمرنا رسول الله ﷺ أن نستشرف العين والأذن، رواه أهل السنن.
وقال مقاتل بن حيان: وقوله وَلَا الْقَلَائِدَ فلا تستحلوها، وكان أهل الجاهلية إذا خرجوا من أوطانهم في غير الأشهر الحرم، قلدوا أنفسهم بالشعر والوبر، وتقلد مشركوا الحرم من لحاء شجره فيأمنون به، رواه ابن أبي حاتم ثم قال: حدثنا محمد بن عمار، حدثنا سعيد بن سليمان، قال: حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: نسخ من هذه السورة آيتان آية القلائد، وقوله: فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ [المائدة:42].
وحدثنا المنذر بن شاذان حدثنا زكريا بن عدي حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عوف قال: قلت للحسن: نسخ من المائدة شيء؟ قال: لا.
...........
وقال عطاء: كانوا يتقلدون من شجر الحرم فيأمنون؛ فنهى الله عن قطع شجره، وكذا قال مطرف بن عبدالله.
الشيخ: والأقرب والله أعلم أن المراد بالقلائد ما تقلد به الهدايا لتعلم ولتعرف، ليس المراد ما يقلدون أنفسهم من ورق الشجر وكذا، لا هذا لا ينفعهم المقصود القلائد التي تقلد بها الهدايا لتعرف أنها هدي فلا يعتدى عليها، ..... ولهذا قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ [المائدة:2] بل احترموها وعظموها كما عظمها الله، والشعائر مثل ما تقدم مناسك الحج وغير ذلك مما حرم الله ، الشعائر المعالم. ولا الشهر الحرام كذلك وقول من قال إنه لم يحل وأنه باق قول جيد وقوي، والأدلة معه، وقول ابن جرير إنه إجماع فليس بإجماع، بل الخلاف قائم، والقول بأن تحريم الأشهر باق قول جيد.وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ القلائد هي التي يقلد بها الإبل والغنم والبقر، حتى يعرف الناس أنها هدي حين تساق إلى مكة.
س: مراد ابن جرير بالإجماع هو قول الأكثر؟
الشيخ: يقال عنه رحمه الله، ويعرف بالاستقراء أنه يتساهل في هذا، إذا رأى قول الأكثرين قد يحكيه إجماعًا كابن المنذر وغيره، ولا يعتبر خلاف القليل، وهذا ليس بجيد وهو يوهم.
.........
س: معنى الإشعار يا شيخ؟
الشيخ: القلائد توضع في العنق، الإشعار غير القلائد، الإشعار يجرح السنام حتى يظهر منه الدم ثم يلطخ النعل، تعلق في.... ولو قلد بدون إشعار فهي قلائد، المقصود بيان أنها هدي.
.....