باب مناقب بلال بن رباح مولى أبي بكر رضي الله عنهما
وقال النبي ﷺ: سمعت دفَّ نعليك بين يدي في الجنة.
3754- حدثنا أبو نعيم: حدثنا عبدالعزيز بن أبي سلمة، عن محمد بن المنكدر: أخبرنا جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال: كان عمر يقول: أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا. يعني: بلالًا.
3755- حدثنا ابن نمير، عن محمد بن عبيد: حدثنا إسماعيل، عن قيس: أن بلالًا قال لأبي بكر: إن كنت إنما اشتريتني لنفسك فأمسكني، وإن كنت إنما اشتريتني لله فدعني وعمل الله.
الشيخ: وهذا فيه فضل بلال حين شهد له النبي ﷺ بالجنة، وسأله عن أرجى عملٍ، فقال: ما أحدثت إلا توضأت، وما توضأت إلا صليت ركعتين. قال: هو ذاك، فهذا فيه فضل بلال بن رباح، عتيق الصديق ، وكان يُعذَّب في الله في مكة، فاشتراه الصديق من سيده وأعتقه.
ورآه النبي ﷺ لما دخل الجنة أمامه، سمع خشف نعليه أمامه، فسأله عن ذلك -عن أرجى عملٍ- فقال: ما أحدثت إلا توضأت، وما توضأت إلا صليت ركعتين. قال: فذاك.
وفي هذا تواضع عمر ، وقوله: أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا. السيادة في الفضل والعلم، ما هو بمجرد أنه قرشي، أو هاشمي، أو تميمي، أو تركي، لا، بالعلم النافع، والعمل الصالح.
وفيه جواز أن تقول: أنت سيدنا، أو فلان سيدنا، إذا كان لا يخشى فتنةً، أما أن يُخاطب ويقول: يا سيدنا، لا، ترك هذا أولى، لا يُخاطبه؛ لأن الرسول ﷺ لما قالوا له: "يا سيدنا" أنكر ذلك، لكن كونه يُخبر أن فلانًا سيدنا، وفلانًا سيدٌ، لا بأس، من رئيس ..... عالم، مثلما قال ﷺ: إن ابني هذا سيدٌ، مَن سيد بني فلان؟.
وفيه التواضع والاعتراف بالفضل لأهله، وأن الأفاضل هم الذين يعرفون الفضائل، الأفاضل هم الذين يعرفون لأهل الفضل فضلهم.
والتواضع من شيم الأخيار، ومن خصالهم الحميدة؛ ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام: ما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه، ويقول سبحانه: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر:88].
س: صلاة بلال حتى في أوقات النهي؟
ج: حتى في أوقات النهي؛ لأنها من ذوات الأسباب، يتوضأ ويصلي ركعتين، نعم.
س: هل يُشرع الوضوء بعد الحدث؟
ج: نعم.
س: ولو لم يُصلِّ؟
ج: نعم، مثلما قال ﷺ: هو ذاك، فالزمه، غنيمةٌ، يكون على طهارةٍ ويصلي ركعتين، غنيمةٌ.
س: لكن هل يُشرع الوضوء بعد الحدث؟
ج: مثلما قال ﷺ: هو ذاك، فالزمه، ما أحدثت إلا توضأت، ولا توضأت إلا صليت ركعتين، قال: هو ذاك، فالزمه.
س: ولو لم يُصلِّ ركعتين؟
ج: لا، يُستحب له إذا توضأ أن يصلي ركعتين.
س: عمل بلالٍ حتى في السفر إذا لم يجد ماءً، يعني .....؟
ج: حتى في السفر، أيش المانع؟ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43]، الحمد لله.
س: مجرد الوضوء عبادةٌ يُؤجر عليها؟
ج: نعم، عبادةٌ يُؤجر عليها، لكن يُستحب لمن توضأ أن يصلي ركعتين.
باب ذكر ابن عباسٍ رضي الله عنهما
3756- حدثنا مسدد: حدثنا عبدالوارث، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ قال: ضمني النبي ﷺ إلى صدره، وقال: اللهم علِّمه الحكمة.
حدثنا أبو معمر: حدثنا عبدالوارث، وقال: علِّمه الكتاب.
حدثنا موسى: حدثنا وهيب، عن خالدٍ مثله.
والحكمة: الإصابة في غير النبوة.
الشيخ: وهذا فضلٌ لابن عباسٍ: أن الرسول ﷺ دعا له أن الله يُعلمه الحكمة، وهي الفقه في الدين والبصيرة، يعلمه الكتاب –القرآن-، وقد أجاب الله الدعوة، فكان ابن عباسٍ من أفقه الناس، ومن أعلم الناس بأحكام الله، وبكتاب الله، وهو ترجمان القرآن ، وكان بيته مناخًا للناس، يَفِد قومٌ، ويظعن آخرون في مكة، وفي المدينة، وفي الطائف، يسألون، هذه طائفةٌ تقدم، وهذه طائفةٌ ترحل، مناخٌ للناس من كثرة الناس، يسألونه، وعنده أبو جمرة يُترجم، نصر بن عمران الضبعي، يعني: يُبلغ الناس؛ لأنهم قد يكثرون فما يسمعون صوته، فيُبلغ عنه: قال الرسول ﷺ كذا، قال الله كذا، سؤالك يا فلان كذا، جوابك كذا. هذه الغبطة العظيمة، والمنقبة العظيمة، نعم.
باب مناقب خالد بن الوليد
3757- حدثنا أحمد بن واقد: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنسٍ : أن النبي ﷺ نعى زيدًا وجعفرًا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: أخذ الراية زيدٌ فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب -وعيناه تذرفان- حتى أخذ سيفٌ من سيوف الله حتى فتح الله عليهم.
الشيخ: أحمد بن واقد أيش قال عليه؟ أو العيني؟
الطالب: قال: أحمد بن واقد هو أحمد بن عبدالملك بن واقد -بكسر القاف-، أبو يحيى، الحراني، ويُنسب إلى جده.
الشيخ: انظر "التقريب"، كأنه مُقلّ .....، انظر "التقريب": أحمد بن عبدالملك بن واقد، ما تكلم عليه بشيءٍ في "الفتح"؟
الطالب: ما رأيته.
الشيخ: نعم، كمل.
الطالب: أحمد بن عبدالملك بن واقد، الحراني، أبو يحيى، الأسدي، ثقة، تكلم فيه بلا حجةٍ، من العاشرة، مات سنة إحدى وعشرين. (البخاري، والنسائي، وابن ماجه)، طيب.
الشيخ: طيب، حدثنا؟
الشيخ: هذا يوم مؤتة سنة تسعٍ من الهجرة، بعثهم النبي ﷺ لبعض الروم، وأمَّر عليهم زيد بن حارثة، قال: فإن قُتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قُتل فعبدالله بن رواحة، فقاتلوا الروم، فكانوا في ثلاثة آلافٍ تقريبًا، وكانت الروم الجم الغفير، قيل: ستون ألفًا. وقيل: مئةٌ وعشرون ألفًا، التقوا معهم، فأُصيب زيدٌ وقُتل ، ثم قُتل جعفر بن أبي طالب، الأمير بعده، وقُطعت يداه، وكان يُمسك الراية باليد اليمنى، ثم اليسرى، فقُطعت يداه وقُتل، وسُمي: ذا الجناحين ، ثم أخذها عبدالله بن رواحة فقُتل أيضًا، ثم اصطلح الناس على خالد: أن يأخذ الإمرة، فأخذها، وقاتل الناس، ودافع الناس حتى فتح الله عليه، وغنموا، وقتلوا من الروم مقتلةً عظيمةً، وهم ثلاثة آلافٍ، والروم عددٌ عظيمٌ، قيل: ستون ألفًا. وقيل أكثر، وهذا من نصر الله وتأييده لأوليائه، وإلا فأين تكون ثلاثة آلافٍ من ستين ألفًا، أو مئةٍ وعشرين ألفًا لولا نصر الله؟!
وفيه من الفوائد: البكاء عند المصيبة، لا بأس بالبكاء بدمع العين، فكان ينعاهم وعيناه تذرفان عليه الصلاة والسلام.
وفيه فضل خالد، سمَّاه النبي ﷺ: سيفًا من سيوف الله، فكان مُوفَّقًا، شهمًا، شجاعًا، مُوفَّقًا في حروبه رضي الله عن الجميع.
وذكر ابن كثير: أن المصابين في الوقعة من المسلمين قليلٌ جدَّا، قيل: ثمانية. وقيل: اثنا عشر فقط، لم يُقتل منهم مع هذا العدد العظيم من الروم إلا عددٌ قليلٌ: ثمانية، أو اثنا عشر، منهم الأمراء الثلاثة، ثم فتح الله عليهم، وغنموا، وانحاز كلٌّ إلى معسكره، نعم.
س: ما جاء أن خالدًا جعل في قلنسوته شعر النبي ﷺ؟
ج: ما أدري، والله ما أذكر شيئًا.
س: ذكره الشارح.
ج: يمكن، المقصود ما هو بالشعر، المقصود نصر الله وتأييده، والصبر والمصابرة، والثقة بالله، والاستنصار بدينه، والحمى لشرعه، والإخلاص له، نعم.
س: أحسن الله عملك يا شيخ، ثابتٌ أن خالدًا تزحزح بالجيش القهقرى حتى انسحب من الروم؟
ج: الذي يريد التفاصيل يُراجع التفاصيل في كتب التاريخ.
الطالب: يوجد تعليقٌ لكم على مسألة الشعر .....
الشيخ: وأيش هو التعليق؟
الطالب: يقول: النصر لا بد له من أسبابٍ، وأما وجود الشعر إن صحَّ فربما يكون من بعض أسباب النصر، وليس هو السبب.
الشيخ: نعم، صحيحٌ، كلامٌ صحيحٌ، السبب الأوحد هو الإخلاص لله والصدق، نعم.
س: يكون شعره سببًا؟
ج: قد يكون من الأسباب: أن الله يجعل من بركته أن يُوفَّق.
س: مسألة التَّبرك بالشعر؟
ج: مشروعٌ، شعره مباركٌ، أم سليم أخذته وجعلته في طيبها، وأم سلمة كذلك، فالله جعل شعره وعرقه كله مباركٌ، ووضوؤه كله مباركٌ، جعله مباركًا في كل شيءٍ عليه الصلاة والسلام.
س: كونه من أسباب النصر؟
ج: ما في مانع، الله أعلم.
س: قوله تعالى: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [آل عمران:126]؟
ج: بأسبابه.
س: ما هو الحصر؟
ج: من عند الله بأسبابه، نعم، النصر من عند الله بأسبابه، تارةً بكثرة الجيش وقوة الجيش، وتارةً بحُسن التصرف، وتارةً بأسبابٍ أخرى، نعم.
س: ذكر بعض أهل السير أن أهل مؤتة ..... مئة ألف، ومعهم مئة ألف أخرى من أعراب الشام، هل هذا صحيحٌ؟
ج: الله أعلم، على كلٍّ مَن أراد التفصيل فعنده كتب التاريخ والمغازي، نعم.
باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة
3758- حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم، عن مسروقٍ قال: ذُكر عبدالله عند عبدالله بن عمرو فقال: ذاك رجلٌ لا أزال أحبه بعدما سمعت رسول الله ﷺ يقول: استقرئوا القرآن من أربعةٍ: من عبدالله بن مسعود -فبدأ به- وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، قال: لا أدري: بدأ بأُبي أو بمعاذ بن جبل.
باب مناقب عبدالله بن مسعود
3759- حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن سليمان قال: سمعت أبا وائل قال: سمعت مسروقًا قال: قال عبدالله بن عمرو: إن رسول الله ﷺ لم يكن فاحشًا، ولا مُتفحشًا، وقال: إن من أحبكم إليَّ أحسنكم أخلاقًا.
3760- وقال: استقرئوا القرآن من أربعةٍ: من عبدالله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل.
الشيخ: ، نعم.
3761- حدثنا موسى، عن أبي عوانة، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة: دخلت الشأم، فصليت ركعتين، فقلت: اللهم يسِّر لي جليسًا، فرأيت شيخًا مُقبلًا، فلما دنا قلت: أرجو أن يكون استجاب، قال: من أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: أفلم يكن فيكم صاحب النعلين والوساد والمطهرة؟ أولم يكن فيكم الذي أُجير من الشيطان؟ أولم يكن فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره؟ كيف قرأ ابن أم عبد: وَاللَّيْلِ [الليل:1]؟ فقرأت: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى [الليل:1، 2]، والذكر والأنثى. قال: أقرأنيها النبي ﷺ فاه إلى في، فما زال هؤلاء حتى كادوا يردوني.
3762- حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبدالرحمن بن يزيد قال: سألنا حذيفة عن رجلٍ قريب السَّمت والهدي من النبي ﷺ؛ حتى نأخذ عنه، فقال: ما أعرف أحدًا أقرب سَمْتًا وهَدْيًا ودَلًّا بالنبي ﷺ من ابن أم عبد.
الشيخ: يعني: ابن مسعودٍ ، اللهم ارضَ عنه.
الشيخ: وقد أعطاه الله بذلك حُسن فقهٍ في الدين، وعلمًا عظيمًا رضي الله عنه وأرضاه، ولكن مع هذا كله كل واحدٍ من الصحابة عنده علمٌ، وعنده خيرٌ، والعالم يجتهد في الأخذ عنهم جميعًا، والحرص على ما عندهم من العلم في كتب السنة؛ حتى يضم علم هذا إلى علم هذا.
س: ..... وقال: استقرئوا القرآن من أربعةٍ، هذا من قوله أو مرفوعٌ؟
ج: من كلام النبي ﷺ.
باب ذكر معاوية
3764- حدثنا الحسن بن بشر: حدثنا المعافى، عن عثمان بن الأسود، عن ابن أبي مليكة قال: أوتر معاوية بعد العشاء بركعةٍ، وعنده مولى لابن عباسٍ، فأتى ابن عباسٍ، فقال: دعه، فإنه قد صحب رسول الله ﷺ.
3765- حدثنا ابن أبي مريم: حدثنا نافع بن عمر: حدثني ابن أبي مليكة: قيل لابن عباسٍ: هل لك في أمير المؤمنين معاوية، فإنه ما أوتر إلا بواحدةٍ؟ قال: إنه فقيهٌ.
الشيخ: وقد صحَّ عن النبي ﷺ أنه قال: الوتر ركعةٌ من آخر الليل، والحمد لله، حديث أبي أيوب: ومَن أحب أن يُوتر بواحدةٍ فليفعل، أقله واحدة، وهذا يدل على فقهه ، وكان مشغولًا بالإمارة وأمور المسلمين، فاغتنم الفرصة أن يوتر بركعةٍ؛ حتى لا ينساه، أو ينام عنه، أقله ركعة، نعم.
الطالب: عندنا زيادةٌ: أصاب، إنه فقيهٌ.
الشيخ: فيه الشهادة أنه فقيهٌ، شهادةٌ من ابن عباسٍ . نسخة العيني؟
الطالب: نعم، قوله: أصاب، إنه فقيهٌ.
الشيخ: تكلم الشارح على شيءٍ؟
القارئ: نعم، يقول: رواية، وفي قوله في الرواية الأخرى: "أصاب، إنه فقيهٌ" ما يُبين ذلك.
الشيخ: نعم، وهذا ثبت من حديث سعد بن أبي وقاص: أن النبي ﷺ قال: الوتر ركعةٌ، ومن حديث أبي أيوب كذلك.
س: حكم مَن طعن في معاوية؟
ج: مَن طعن فيه يُجلد، يُرفع أمره إلى ولي الأمر، الواجب الكفّ عما شجر بين الصحابة، فهذه أمورٌ جرت بينهم، ولهم فيها اجتهادهم بسبب المقاصد الحسنة، والله يعفو عن الجميع، لهم جهودٌ عظيمةٌ، وأعمالٌ جليلةٌ، فمَن أصاب فله أجران، ومَن أخطأ فله أجرٌ، معاوية وعلي وغيرهم، وعمار وعثمان وغيرهم، مَن قال فيهم غير الحق فالواجب على ولاة الأمور جلده، وضربه، وتأديبه.
الشيخ: صدق ؛ لأنها من خصائص النبي ﷺ، ولم يعلم ذلك، كان يُصليها، وهي من خصائصه كما قالت عائشة رضي الله عنها.
باب مناقب فاطمة رضي الله عنها
وقال النبي ﷺ: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.
3767- حدثنا أبو الوليد: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ قال: فاطمة بضعةٌ مني، فمَن أغضبها أغضبني.
س: قبل قليلٍ يا شيخ وجدت مَن يسب عليًّا وبعض الصحابة ..... عندنا من الشيعة .....؟
ج: الشيعة، الله يكفينا شرهم، ويُعين الدولة عليهم، الشيعة شرهم عظيمٌ، ليس عندنا فقط، في كل مكانٍ، نسأل الله أن يكفينا شرهم، ويُسلط عليهم، أو يهديهم، ادعُ الله لهم بالهداية، وأن الله يكفينا شرهم، فشرهم كبيرٌ وعظيمٌ في كل مكانٍ: في أفريقيا، وفي أوروبا، وفي أمريكا، وفي كل مكانٍ، نسأل الله أن يكفينا شرهم، وأن يكبتهم، نعم.
س: مَن يسب الصحابة هل يكفر؟
ج: مَن سبَّ الصحابة يكفر، سب الصحابة على العموم كفرٌ، ما يسبهم إلا منافقٌ، ما يسبهم مؤمنٌ أبدًا، أما كونه يسب بعض الصحابة فهذا قد يقع لأسبابٍ من الجهل، يكون فسقًا، يكون معصيةً، مَن سبهم يستحق أن يُعاقب –يعني: سب بعضهم- أما مَن سبهم فيستحق أن يُقتل.
س: بالتعيين يكفر مَن سبهم على العموم؟
ج: نعم، مَن أبغض الصحابة كفر، أو سبَّهم كفر بعينه، مثل مَن أبغض الله وسبَّ رسوله يكفر بعينه، ومَن ترك الصلاة يكفر بعينه، ومَن قال: "إن الزنا حلالٌ" يكفر بعينه، ومَن قال: "إن الخمر حلالٌ" يكفر بعينه، وإن كان جاهلًا يُعلم.
باب فضل عائشة رضي الله عنها
3768- حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهابٍ، قال أبو سلمة: إن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ يومًا: يا عائش، هذا جبريل يُقرئك السلام، فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى. تريد رسول الله ﷺ.
الشيخ: هذا فضلٌ كبيرٌ رضي الله عنها، وهكذا جاء في خديجة؛ قرأ عليها جبرائيل السلام من ربها رضي الله عنهما جميعًا، نعم.
س: مشروعية الجهاد على الشيعة عندنا هنا؟
ج: نعم، تدعو لهم بالهداية، نعم، ومَن أظهر بدعته يُهجر؛ منهم ومن غيرهم، مَن أظهر بدعته يستحق الهجر، لا يُسلم عليه، ولا يُرد عليه السلام، لا يُبدأ، ولا يُردّ عليه إذا أظهر بدعته.
الشيخ: اجتمعت الأدلة على خمسٍ هنَّ أفضل النساء: عائشة، وفاطمة، وخديجة، ومريم، وآسية زوجة فرعون، هؤلاء خمسٌ هن أفضل النساء، وأفضلهن على الإطلاق عائشة رضي الله عنها.
3770- حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله، قال: حدثني محمد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالرحمن: أنه سمع أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.
3771- حدثني محمد بن بشار: حدثنا عبدالوهاب بن عبدالمجيد: حدثنا ابن عون، عن القاسم بن محمد: أن عائشة اشتكت، فجاء ابن عباسٍ فقال: يا أم المؤمنين، تقدمين على فرط صدقٍ؛ على رسول الله ﷺ، وعلى أبي بكر.
الشيخ: رضي الله عن الجميع.
3772- حدثنا محمد بن بشار: حدثنا غندر: حدثنا شعبة، عن الحكم: سمعت أبا وائل قال: لما بعث عليٌّ عمارًا والحسن إلى الكوفة ليستنفرهم، خطب عمارٌ فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها.
3773- حدثنا عبيد بن إسماعيل: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: أنها استعارت من أسماء قلادةً فهلكت، فأرسل رسول الله ﷺ ناسًا من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة، فصلوا بغير وضوءٍ، فلما أتوا النبي ﷺ شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم، فقال أسيد بن حضير: جزاكِ الله خيرًا، فوالله ما نزل بكِ أمرٌ قط إلا جعل الله لكِ منه مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركةً.
الشيخ: اللهم ارضَ عنها، نعم.
س: عن هشامٍ، عن أبيه؟
ج: يعني: عروة.
س: مُرسلٌ: عن هشامٍ، عن أبيه: أن رسول الله ﷺ؟
ج: عن هشامٍ أيش؟
القارئ: حدثني عبيد بن إسماعيل: حدثنا أبو أسامة، عن هشامٍ، عن أبيه: أن رسول الله ﷺ لما كان في مرضه جعل يدور في نسائه، ويقول: أين أنا غدًا؟ حرصًا على بيت عائشة.
الشيخ: عن أبيه، عن عائشة. هذا سقط عندكم، أيش قال الشارح عليه؟
الطالب: ذكر العيني -أحسن الله إليك- يقول: هذا الإسناد بعين الإسناد الأول، وهو أيضًا مرسلٌ، قيل: ظاهره كذا، ولكن قول عائشة في آخر الحديث: "قالت عائشة" يُوضح أن كله موصولٌ.
الشيخ: يعني: رواه عروة عنها.
الطالب: قال: قوله: "عن هشام، عن أبيه: أن رسول الله ﷺ لما كان في مرضه جعل يدور ..." الحديث، وهذا صورته مرسل، ولكن تبين أنه موصولٌ عن عائشة رضي الله عنها في آخر الحديث؛ حيث قالت: "فقالت عائشة: فلما كان يومي سكن"، وسيأتي في الوفاة من وجهٍ آخر موصولًا كله، وسيأتي سائر شرحه هناك، إن شاء الله تعالى.
الشيخ: واضحٌ من السياق، واضحٌ من السياق.
الشيخ: اللهم صلِّ عليه، الله أكبر! فضل الله يُؤتيه مَن يشاء.
س: ما هو توجيه تفضيل خديجة وفاطمة ومريم .....؟
ج: الله أعلم، كلهن فُضليات، كلهن فيهن الخير العظيم.
63- كتاب مناقب الأنصار
باب مناقب الأنصار
الشيخ: بركة، انظر كلامه على أول الدرس: على بلال، أول ما قرأت.
الطالب: قال: قوله: "مناقب بلال بن رباح" بفتح الراء والموحدة، وآخره مهملةٌ، وقد تقدم في باب "البيع والشراء مع المشركين" من البيوع بيان الاختلاف في كيفية شرائه.
وذكر ابن سعدٍ أنه كان من مولدي السراة، واسم أمه: حمامة، وكانت لبعض بني جمح.
وجاء عن أنسٍ عند الطبراني وغيره: أنه حبشيٌّ، وهو المشهور، وقيل: نوبي.
الشيخ: المشهور الأول: أنه حبشيٌّ، من الحبشة.
الطالب: قوله: "مولى أبي بكر" روى أبو بكر بن أبي شيبة بإسنادٍ صحيحٍ عن قيس بن أبي حازم قال: اشترى أبو بكر بلالًا بخمس أواقٍ، وهو مدفونٌ بالحجارة.
قوله: "وقال النبي ﷺ: سمعت دفّ نعليك في الجنة" هو طرفٌ من حديثٍ أورده في صلاة الليل، وقد تقدم شرحه.
قوله: "كان عمر يقول: أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا. يعني: بلالًا"، قال ابن التين: يعني: أن بلالًا من السادة، ولم يُرد أنه أفضل من عمر.
وقال غيره: السيد الأول حقيقةً، والثاني قاله تواضعًا على سبيل المجاز، أو أن السيادة لا تُثبت الأفضلية، فقد قال ابن عمر: ما رأيت أسود من معاوية. مع أنه رأى أبا بكر وعمر.
الشيخ: انظر العيني، هل قال شيئًا؟
الطالب: ما ذكر زيادةً.
الشيخ: انظر كلامه على معاوية، ترجمة معاوية.
س: ..............؟
ج: ركعتين أو أكثر، قد يصلي أكثر، إن صليت مئةً ما في بأس، جزاك الله خيرًا، تريد أن تصلي مئةً في الضحى أو في الليل ما في بأس، الحمد لله.
الطالب: قال: قوله: "باب ذكر معاوية" أي: ابن أبي سفيان، واسمه: صخر، ويُكنى أيضًا: أبا حنظلة بن حرب بن أمية بن عبد شمس، أسلم قبل الفتح، وأسلم أبواه بعده.
الشيخ: "أبواه" يعني: هند وأبا سفيان.
الطالب: وصحب النبي ﷺ، وكتب له، وولي إمرة دمشق عن عمر بعد موت أخيه يزيد بن أبي سفيان سنة تسع عشرة، واستمر عليها بعد ذلك إلى خلافة عثمان، ثم زمان محاربته لعلي وللحسن، ثم اجتمع عليه الناس في سنة إحدى وأربعين إلى أن مات سنة ستين، فكانت ولايته بين إمارةٍ ومحاربةٍ ومملكةٍ أكثر من أربعين سنةً متواليةً.
الشيخ: .
الطالب: قوله: "حدثنا المعافى" هو ابن عمران، الأزدي، الموصلي، يكنى: أبا مسعود، وكان من الثقات النبلاء، وقد لقي بعض التابعين، وتلمذ لسفيان الثوري، كان يُلقب: ياقوتة العلماء، وكان الثوري شديد التعظيم له، مات سنة خمسٍ أو ستٍّ وثمانين ومئة، وليس له في البخاري سوى هذا الموضع، وموضع آخر تقدم في "الاستسقاء".
وفي الرواة آخر يُقال له: المعافى بن سليمان، أصغر من هذا، ووهم مَن عكس ذلك على ما يظهر من كلام ابن التين، ومات المعافى بن سليمان سنة مئتين وأربعٍ وثلاثين، أخرج له النسائي وحده، وأخرج للمعافى بن عمران مع البخاري: أبو داود، والنسائي.
قوله: "وعنده مولى لابن عباسٍ" هو كريب، روى ذلك محمد بن نصر المروزي في كتاب "الوتر" له من طريق ابن عيينة، عن عبيدالله بن أبي يزيد، عن كريب، وأخرج من طريق علي بن عبدالله بن عباس قال: بتُّ مع أبي عند معاوية، فرأيته أوتر بركعةٍ، فذكرت ذلك لأبي، فقال: يا بني، هو أعلم.
قوله: "فقال: دعه" فيه حذفٌ يدل عليه السياق، تقديره: فأتى ابن عباسٍ فحكى له ذلك، فقال له: دعه.
وقوله: "دعه" أي: اترك القول فيه، والإنكار عليه؛ "فإنه قد صحب" أي: فلم يفعل شيئًا إلا بمستندٍ.
وفي قوله في الرواية الأخرى: "أصاب، إنه فقيهٌ" ما يؤيد ذلك.
ولا التفات إلى قول ابن التين: "إن الوتر بركعةٍ لم يقل به الفقهاء"؛ لأن الذي نفاه قول الأكثر، وثبت فيه عدة أحاديث، نعم، الأفضل أن يتقدمها شفعٌ، وأقله ركعتان، واختلف: أيما الأفضل: وصلهما بها، أو فصلهما؟ وذهب الكوفيون إلى شرطية وصلهما، وأن الوتر بركعةٍ لا يُجزئ، وشهرة ذلك تُغني عن الإطالة فيه.
ثم أورد حديث معاوية في النهي عن الصلاة بعد العصر، والغرض منه.
الشيخ: يكفي، سَمِّ.