4- تابع كتاب الزكاة

باب صدقة الفطر

- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "فرض رسولُ الله ﷺ زكاة الفطر, صاعًا من تمرٍ, أو صاعًا من شعيرٍ، على العبد والحرِّ, والذكر والأنثى, والصَّغير والكبير, من المسلمين, وأمر بها أن تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة". متَّفقٌ عليه.

ولابن عديٍّ والدارقطني بإسنادٍ ضعيفٍ: اغنُوهم عن الطَّواف في هذا اليوم.

- وعن أبي سعيدٍ الخدري قال: "كنا نُعطيها في زمن النبي ﷺ صاعًا من طعامٍ, أو صاعًا من تمرٍ, أو صاعًا من شعيرٍ, أو صاعًا من زبيبٍ". متَّفقٌ عليه.

وفي روايةٍ: "أو صاعًا من أقط".

قال أبو سعيدٍ : "أما أنا فلا أزال أُخرجه كما كنتُ أخرجه في زمن رسول الله ﷺ".

ولأبي داود: "لا أُخرج أبدًا إلَّا صاعًا".

- وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: فرض رسولُ الله ﷺ زكاة الفطر; طُهرةً للصائم من اللَّغو والرَّفَث, وطُعمةً للمساكين, فمَن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مقبولةٌ, ومَن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ من الصَّدقات.

رواه أبو داود, وابن ماجه, وصحَّحه الحاكم.

الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث تتعلق بصدقة الفطر، والله جلَّ وعلا أوجب زكاة المال وزكاة الفطر، زكاة الفطر هي زكاة البدن، وزكاة المال معلومة، تقدَّم الكلام على أحاديثها، وهذه زكاة البدن، وهي زكاة الفطر، وهي حولية، من السنة إلى السنة، وهي صاع من جميع أنواع الطعام الذي يقتاته أهلُ البلد، وقيَّده بعضُهم بالأنواع الخمسة التي ذكرها أبو سعيدٍ، والصواب عدم التَّقييد، وأن الزكاة من قوت البلد؛ صاعٌ من قوت البلد، سواء كان قوتهم من الخمسة أو غير الخمسة من الذرة أو الدّخن أو غيرها؛ لأنها مواساةٌ لفقرائهم، يُواسون فقراءهم من طعامهم؛ ولهذا قال ابنُ عمر : "فرض رسولُ الله ﷺ زكاةَ الفطر، صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير"، وفي حديث أبي سعيدٍ: "صاعًا من طعام، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من زبيب، أو صاعًا من أقط"، والأقط في الغالب يكون عند البادية، تقتاته البادية، والزبيب قد يكون عند كثيرٍ من أهل المزارع التي تزرع العنب.

فالحاصل أنه صاعٌ من قوت البلد، وأمر عليه الصلاة والسلام أن يُعطى هذا الصَّاع للفقراء من المسلمين، وأن يُخرج قبل العيد، أمر أن تُؤدَّى هذه الزكاة قبل العيد، وهي واجبة على المسلمين فقط، فلو كان له أولاد غير مسلمين أو أرقاء غير مسلمين فلا زكاةَ عليهم؛ لأنَّها طُهرة، والكافر لا يُطهره إلَّا الإسلام، ليس له طهرة إلا دخوله في الإسلام، فلو كان للإنسان أولاد ليسوا على دينه -وإن كانوا فقراء- فلا زكاةَ عليهم، وهكذا لو كان له أرقاء ليسوا على دينه، فليس عليهم فطرة؛ لقوله: "من المسلمين".

وقد قدم معاويةُ المدينة في خلافته فقال: "إني أرى مُدَّين من السّمراء يعدلان الصَّاع من غير السَّمراء"، يعني: من الحنطة؛ لاجتهاده رأى نصفَ الصاع من الحنطة يقوم مقام صاعٍ من التمر والشَّعير والزبيب والأقط، قال أبو سعيدٍ: "أما أنا فلا أُخرجها إلَّا صاعًا كما كنتُ أُخرجها على عهد النبي ﷺ"، وهذا هو الصواب؛ أن الواجب صاع مطلقًا، واجتهاد معاوية فيه مُصادمة السنة التي فيها الإطلاق: "صاعًا من طعام" يعمّ طعام الحنطة وغير الحنطة.

وفي حديث ابن عباسٍ أنَّ هذا الصاع طُهرةٌ للصائم من اللَّغو والرفث، وطُعمة للمساكين ومواساة لهم في أيام العيد، حتى يستغنوا بها عن سؤال الناس؛ ولهذا جاء في رواية ابن عدي والدارقطني: اغنوهم عن الطواف في هذا اليوم، وإن كانت روايةً ضعيفةً لكن هذا هو المعنى؛ أن الله جلَّ وعلا جعل هذه الزكاة طُعمة لهم في أيام العيد حتى تسدّهم وتكفيهم عن الطَّواف على الناس والحاجة في أيام العيد.

فمَن أدَّاها قبل الصلاة طاعةً لله صارت طهرةً له من اللَّغو والرفث، ومَن لم يُؤدِّها فهي صدقةٌ من الصَّدقات إذا أدَّاها بعد الصلاة، يعني: ما يكون لها فضلُ الزكاة، يكون لها فضلُ الصدقة، فالواجب أن تُؤدَّى قبل صلاة العيد، وله أجرها، فإذا أخَّرها فاته فضلُ زكاة الفطر، وبقي له فضل الصدقة.

والأوامر تقتضي الوجوب ........؛ لأنه قال: "أمر"، والأصل في الأمر الوجوب، هذا هو الواجب على المسلمين؛ أن يُؤدُّوها قبل صلاة العيد، صاعًا واحدًا عن كلِّ نفسٍ، يُؤدِّيها الرجلُ عن أهل بيته: من زوجةٍ، وأولادٍ صغار في نفقته، وهكذا تُؤدِّيها المرأةُ إذا لم يكن لها زوجٌ، تُؤدِّيها عن نفسها، وهكذا كل مُكلَّفٍ يُؤدِّيها عن نفسه، والصغير يُؤدِّي عنه وليُّه، كلهم يُؤدُّونها قبل صلاة العيد.

وكان الصَّحابة يُخرجونها قبل العيد بيومٍ أو يومين، وفي روايةٍ: أو ثلاث، فهذا يدل على أنه لا بأس بإخراجها يوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين؛ لأن الشهر يتم وينقص، يكون تسعة وعشرين، ويكون ثلاثين إن تم الشهر، فلا بأس بإخراجها قبل العيد بيومٍ أو يومين أو ثلاث، ولكن الأفضل تحري إخراجها صباح العيد إذا تيسر قبل الصلاة، وإلَّا أدَّاها قبل ذلك.

وحديث أبي هريرة أنه كان وكيلًا لزكاة الفطر يدل على هذا المعنى، فإنه وكَّله النبيُّ ﷺ على زكاة الفطر، ورصد ذلك الشيطان يأخذ من الصدقة ثلاث ليال، فدلَّ على أنها تُؤدَّى قبل العيد بيومين أو ثلاث؛ لأنَّه جاء ثلاث ليالٍ: ليلة ثمان وعشرين وتسع وعشرين وثلاثين، أو ليلة تسع وعشرين وثلاثين وواحدٍ وثلاثين، وفي كلِّ ليلةٍ يقول: "لا أعود"، والنبي ﷺ قد وكَّل أبا هريرة على زكاة الفطر مجموعة، فهذا يدل على أنها تُؤدَّى قبل العيد بيومين أو ثلاثة، أولها الثامن والعشرون، توسعةً على الناس وتيسيرًا عليهم؛ لأنَّ ما قبل صلاة العيد لا يتسع لذلك، فهو وقتٌ ضيقٌ.

وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: بالنسبة للصاع كم يعدل؟

ج: الصاع: ثلاثة كيلوات إلا قليلًا، فيُخرج ثلاثة كيلوات احتياطًا.

س: زكاة الحمل؟

ج: أفضل، مستحبٌّ؛ لأنَّ عثمان رضي الله عنه كان يُخرجها عن الحمل، فهو أفضل، وإلَّا فلا يجب.

س: إذا كانت الزوجةُ فقيرةً، هل يجب على الزوج إخراجها عنها؟

ج: فقيرة أو ليست فقيرة عليه أن يُخرج عنها، يُزَكِّي عن نفسه وعن أولاده؛ لأنَّ نفقتها عليه، فيُزَكِّي عنها وعن أولادها.

س: إذا كانت نفقةُ أولاد عمِّه عليه فهل يُخرج عنهم؟

ج: إذا كانوا فقراء يمكن أن يُخرج عنهم إذا كانوا في حسابه وفي نفقته.

س: إذا أراد إخراجها قبل صلاة العيد ونسي؟

ج: يُخرجها بعد العيد والحمد لله، ولا شيء عليه: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، فإذا نسيها أو وكَّل وكيلًا ونسي الوكيلُ فيُخرجها بعد العيد.

س: الخادمة والخادم؟

ج: على الشروط، إن كان مشروطًا عليه، وإلَّا فزكاتها على نفسها من أُجرتها، وإن كان مشروطًا عليه أن الزكاة مع الأجرة أدَّاها، وإن تبرع عن الخادمة بإذنها -فلا بد أن يستأذنها- فلا بأس.

س: في بعض البلدان يُخرجون القيمة بدل الطعام؟

ج: الجمهور من أهل العلم على أنَّ الواجب إخراجها طعامًا، هذا هو الواجب.

س: والذي يُخرج القيمة هل يُجزئ؟

ج: فيه قولٌ، لكن الصَّواب أنه لا يُجزئ، فعليه أن يُخرجها طعامًا.

س: بالنسبة لزكاة الفطر: هل تكون من الأرز؟

ج: من قوت البلد: من الأرز لمن عندهم الأرز، ومن الذرة لمن عندهم الذرة، ومن الدخن لمن عندهم الدخن، وغيرها، فكله داخلٌ في الطعام.

س: الآن الجمعيات يكثر ازدحام الناس عليها لتسليمها زكاة الفطر، فهل يجوز أن يُسمح لها باستقبال الزكاة قبل العيد بأربعة أيام أو خمسة، فلا يوجد نصٌّ شرعيٌّ أن الرسول قال في اليومين؟

ج: لا، مثلما فعل الصحابةُ، كانوا يُؤدُّونها ..........، وعملهم كالتفسير لفعل النبيِّ ﷺ، وكان كذلك ما فعله أبو هريرة حين أمره النبيُّ برصد زكاة الفطر بدايةً من ثمانية وعشرين.

س: إذا وكَّل الجمعية وأعطاها فلوسًا وقال: أخرجوا عني نيابةً؟

ج: إذا شروا له ما يُخالف، فإذا كانوا ثقات ووُكِّلوا أن يشتروا ويُخرجوا فلا بأس.

س: ولو قبل أيام؟

ج: ولو قبل أيام، يقول: إذا جاء وقتُها اشتروا.

س: هل يجوز نقلها إلى دولةٍ أخرى؟

ج: لا، في البلد، الواجب إخراجها في فقراء البلد.

س: على مَن تجب زكاةُ الفطر؟

ج: على كل إنسانٍ: عن نفسه، وعمَّن تحت يده من أولاده ومن ........

س: وإذا كان فقيرًا؟

ج: إذا لم يكن عنده شيءٌ يفضل عن طعام يوم العيد فلا شيء عليه، وإن كان عنده صاعٌ يفضل عن طعام يوم العيد يُخرج.

س: ..............؟

ج: لا، زكاة الفطر في بلد المُزَكِّي.

س: إذا كان عند الرجل بنات مُتزوجات أو أولاد مُتزوجين، فهل يُزَكِّي عنهم؟

ج: لا، زكاتهم عليهم مُستقلّين، إلَّا إذا كانوا فقراء فله أن يُزَكِّي عنهم وعن زوجاتهم.

س: ........ يدفع عنهم مثلًا؟

ج: إذا كانوا فقراء ........ يُزكي عنهم، أمَّا إن كانوا مُستقلّين وموظفين لهم تجارة ولهم أعمال ومُستغنين عنه؛ فزكاتهم عليهم.

س: اعتادوا على هذا؟

ج: إذا سمح ووافق الذي يُخرج عنهم فلا بأس.

س: لو سافر الوليُّ وطلب من النَّائب أن يُزكي في بلده، فهل الأفضل أن يُزكي في البلد التي سافر إليها، أو البلد التي يستوطن فيها؟

ج: الأمر واسع، فهي تتبعهم؛ إن زكَّى في المحل الذي هو فيه أو أمر وكيله أن يُزَكِّي في بلده فكله مُجزئ إن شاء الله.

س: الفقير الذي ما عنده شيءٌ هل تسقط عنه؟

ج: إذا لم يكن عنده شيءٌ يفضل عن طعام العيد تسقط: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

س: ...............؟

ج: يأثم ويُؤدَّب.

س: الجنين الذي لم يتخلَّق؟

ج: لا، الجنين الذي مضت عليه أربعةُ أشهر فأكثر، قد نُفخت فيه الروح؛ فيُستحب إخراجها عنه.

س: هل يدفعها إلى الفقراء في نفس المكان الذي هو فيه؟

ج: لا، في مكان من البلد، أو ما حول البلد.

س: الفقراء يجتمعون في نفس المكان، ويُوزّعون فيه، فيأخذونها ويبيعون على نفس المكان؟

ج: لا بأس، إذا أخذ تصرف له أن يبيع.

س: يعني: ما فيه شيء؟

ج: ما فيه شيء، سواء أكلها أو باعها.