64 فصل في الإشارة إلى بعض ما تضمنته هذه الغزوة من الفقه والفوائد

فَصْلٌ

فِي الْإِشَارَةِ إِلَى بَعْضِ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْغَزْوَةُ مِنَ الْفِقْهِ وَالْفَوَائِدِ

فَمِنْهَا: جَوَازُ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ إِنْ كَانَ خُرُوجُهُ فِي رَجَبٍ مَحْفُوظًا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَلَكِنْ هَاهُنَا أَمْرٌ آخَرُ؛ وَهُوَ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَمْ يَكُونُوا يُحَرِّمُونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ، بِخِلَافِ الْعَرَبِ فَإِنَّهَا كَانَتْ تُحَرِّمُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي نَسْخِ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِيهِ قَوْلَيْنِ، وَذَكَرْنَا حُجَجَ الْفَرِيقَيْنِ.

الشيخ: سبق أنه ﷺ قاتل أهل الطائف في ذي القعدة، وأن العلماء احتجُّوا بذلك على نسخ القتال في الأشهر الحرم، وأنَّ ذلك كان أولًا ثم نسخ الله ذلك وأباح القتالَ في جميع السَّنة.

س: ...............؟

ج: هو الأظهر؛ لأنَّ الرسول قاتل أهلَ الطائف في ذي القعدة.

.........

وَمِنْهَا: تَصْرِيحُ الْإِمَامِ لِلرَّعِيَّةِ وَإِعْلَامُهُمْ بِالْأَمْرِ الَّذِي يَضُرُّهُمْ سَتْرُهُ وَإِخْفَاؤُهُ؛ لِيَتَأَهَّبُوا لَهُ وَيُعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ.

الشيخ: لأنه أخبرهم بوجهه ﷺ في غزوة تبوك؛ لأنَّ الأمر عظيم؛ ولهذا أوضح لهم جهته عليه الصلاة والسلام.

وَجَوَازُ سَتْرِ غَيْرِهِ عَنْهُمْ وَالْكِنَايَةِ عَنْهُ لِلْمَصْلَحَةِ.

الشيخ: للحديث الآخر: كان إذا أراد غزوةً ورَّى بغيرها.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا اسْتَنْفَرَ الْجَيْشَ لَزِمَهُمُ النَّفِيرُ، وَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ التَّخَلُّفُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ النَّفِيرِ تَعْيِينُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ، بَلْ مَتَى اسْتَنْفَرَ الْجَيْشَ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْخُرُوجُ مَعَهُ، وَهَذَا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي يَصِيرُ فِيهَا الْجِهَادُ فَرْضَ عَيْنٍ.

الشيخ: لقوله ﷺ: وإذا استُنفرتم فانفروا كما في "الصحيحين"، هذا يدل على أنه متى استنفر الجيش -استنفر مَن يصلح للقتال- وجب عليهم النَّفير، إلا مَن أذن له بالقعود، وهذه المسألة إحدى المسائل الثلاث التي يجب فيها الجهاد: إذا استُنفروا، وإذا حصر البلدَ العدوُّ، وإذا حضر الصّفين.

وَالثَّانِي: إِذَا حَضَرَ الْعَدُوُّ الْبَلَدَ.

الشيخ: حصر.

الطالب: إذا حصر العدو البلد.

وَالثَّالِثُ: إِذَا حَضَرَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ.

وَمِنْهَا: وُجُوبُ الْجِهَادِ بِالْمَالِ، كَمَا يَجِبُ بِالنَّفْسِ، وَهَذَا إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أحمد، وَهِيَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْجِهَادِ بِالْمَالِ شَقِيقُ الْأَمْرِ بِالْجِهَادِ بِالنَّفْسِ فِي الْقُرْآنِ وَقَرِينُهُ، بَلْ جَاءَ مُقَدَّمًا عَلَى الْجِهَادِ بِالنَّفْسِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ إِلَّا مَوْضِعًا وَاحِدًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ بِهِ أَهَمُّ وَآكَدُ مِنَ الْجِهَادِ بِالنَّفْسِ.

الشيخ: ولهذا قال تعالى: انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [التوبة:41]، أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [التوبة:19].

المقصود أنَّ الجهاد أمره عظيم بالنفس والمال؛ لأنَّ المال يُصرف في حاجات المجاهدين: السلاح، وغير السلاح، والطعام، وغير ذلك، فالنفع به عظيم؛ فلهذا شرع اللهُ الجهادَ بالنفس والمال، وأوجب سبحانه الجهادَ بالنفس والمال، وقدَّمه في آيات الجهاد إلا في آيةٍ واحدةٍ: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة:111]، قدَّم الأنفس في هذه الآية، وبقية الآيات فيها تقديم الأموال.

وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا، فَيَجِبُ عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهِ، كَمَا يَجِبُ عَلَى الْقَادِرِ بِالْبَدَنِ، وَلَا يَتِمُّ الْجِهَادُ بِالْبَدَنِ إِلَّا بِبَذْلِهِ، وَلَا يَنْتَصِرُ إِلَّا بِالْعَدَدِ وَالْعُدَدِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُكْثِرَ الْعَدَدَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَمُدَّ بِالْمَالِ وَالْعُدَّةِ.

الشيخ: لأنَّ الله قال: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ [النساء:71]، فلا بدَّ من القوة، ولا بدَّ من أخذ الحذر، وذلك بالله، ثم بالنفس والمال.

وَإِذَا وَجَبَ الْحَجُّ بِالْمَالِ عَلَى الْعَاجِزِ بِالْبَدَنِ فَوُجُوبُ الْجِهَادِ بِالْمَالِ أَوْلَى وَأَحْرَى.

وَمِنْهَا: مَا بَرَزَ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مِنَ النَّفَقَةِ الْعَظِيمَةِ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ، وَسَبَقَ بِهِ النَّاسَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا عثمان مَا أَسْرَرْتَ وَمَا أَعْلَنْتَ، وَمَا أَخْفَيْتَ وَمَا أَبْدَيْتَ، ثُمَّ قَالَ: مَا ضَرَّ عثمانُ مَا فَعَلَ بَعْدَ الْيَوْمِ، وَكَانَ قَدْ أَنْفَقَ أَلْفَ دِينَارٍ وَثَلَاثَمِئَةِ بَعِيرٍ بِعُدَّتِهَا وَأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْعَاجِزَ بِمَالِهِ لَا يُعْذَرُ حَتَّى يَبْذُلَ جُهْدَهُ وَيَتَحَقَّقَ عَجْزُهُ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا نَفَى الْحَرَجَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْعَاجِزِينَ بَعْدَ أَنْ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لِيَحْمِلَهُمْ فَقَالَ: لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ [التوبة:92]، فَرَجَعُوا يَبْكُونَ لِمَا فَاتَهُمْ مِنَ الْجِهَادِ، فَهَذَا الْعَاجِزُ الَّذِي لَا حَرَجَ عَلَيْهِ.

الشيخ: ..... العاجز هو الذي لا يستطيع الجهاد: إما بنفسه، وإما بنفسه وماله؛ ولهذا قال ﷺ في غزوة تبوك: إنَّ في المدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتُم واديًا إلا وهم معكم، وفي اللَّفظ الآخر: إلا شركوكم في الأجر، قالوا: يا رسول الله، وهم في المدينة؟ قال: وهم في المدينة، حبسهم العذر، وفي اللفظ الآخر: حبسهم المرض.

س: ...............؟

ج: له أجر المجاهدين، ما هو أجر الشُّهداء، أجر المجاهدين.

وَمِنْهَا: اسْتِخْلَافُ الْإِمَامِ إِذَا سَافَرَ رَجُلًا مِنَ الرَّعِيَّةِ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَالْمَعْذُورِينَ وَالنِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ، وَيَكُونُ نَائِبُهُ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ لَهُمْ.

الشيخ: يستخلف مَن يقوم بأمر المسلمين بعده، ويكون له أجر المجاهدين؛ لأنه انحبس لعذرٍ، فيكون الأميرُ الذي بعده يتولى أمر الناس له أجر المجاهدين.

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَسْتَخْلِفُ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَاسْتَخْلَفَهُ بِضْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً.

وَأَمَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ الْأَثَرِ أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَمَا فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عليًّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُخَلِّفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟! فَقَالَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي.

وَلَكِنَّ هَذِهِ كَانَتْ خِلَافَةً خَاصَّةً عَلَى أَهْلِهِ ﷺ، وَأَمَّا الِاسْتِخْلَافُ الْعَامُّ فَكَانَ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيِّ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمُنَافِقِينَ لَمَّا أَرْجَفُوا بِهِ وَقَالُوا: خَلَّفَهُ اسْتِثْقَالًا. أَخَذَ سِلَاحَهُ ثُمَّ لَحِقَ بِالنَّبِيِّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: كَذَبُوا، وَلَكِنْ خَلَّفْتُكَ لِمَا تَرَكْتُ وَرَائِي، فَارْجِعْ فَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي وَأَهْلِكَ.

س: ................؟

ج: أمير يعني في المدينة.

وَمِنْهَا: جَوَازُ الْخَرْصِ لِلرُّطَبِ عَلَى رُؤُوسِ النَّخْلِ، وَأَنَّهُ مِنَ الشَّرْعِ، وَالْعَمَلِ بِقَوْلِ الْخَارِصِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَزَاةِ خَيْبَرَ، وَأَنَّ الْإِمَامَ يَجُوزُ أَنْ يَخْرِصَ بِنَفْسِهِ، كَمَا خَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَدِيقَةَ الْمَرْأَةِ.

الشيخ: والحاجة ماسَّة لهذا؛ ولهذا كان النبيُّ يبعث إلى خيبر مَن يخرص عليهم، وهكذا لما مرَّ بالمرأة وخرص حديقتها .....

وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي بِآبَارِ ثَمُودَ لَا يَجُوزُ شُرْبُهُ، وَلَا الطَّبْخُ مِنْهُ، وَلَا الْعَجِينُ بِهِ، وَلَا الطَّهَارَةُ بِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْقَى الْبَهَائِمَ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ بِئْرِ النَّاقَةِ، وَكَانَتْ مَعْلُومَةً بَاقِيَةً إِلَى زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ عِلْمُ النَّاسِ بِهَا قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ إِلَى وَقْتِنَا هَذَا، فَلَا يَرِدُ الرُّكُوبُ بِئْرًا غَيْرَهَا، وَهِيَ مَطْوِيَّةٌ مُحْكَمَةُ الْبِنَاءِ، وَاسِعَةُ الْأَرْجَاءِ، آثَارُ الْعِتْقِ عَلَيْهَا بَادِيَةٌ، لَا تَشْتَبِهُ بِغَيْرِهَا.

الشيخ: وذلك لأنَّ الرسول ﷺ نهى عن الاستقاء من آبار ثمود، وأمر بما حصل من الماء الذي عجنوا به أن يعلفوا به الدَّواب، وأمرهم أن يستقوا من بئر الناقة فقط.

س: ..............؟

ج: ما أتذكر الآن، المقصود بئر الناقة، استقوا منها.

س: ..............؟

ج: الأصل لا بأس: وجُعلت لي الأرضُ مسجدًا وطهورًا.

س: ..............؟

ج: نعم، إلا بئر النَّاقة.

وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ مَرَّ بِدِيَارِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالْمُعَذَّبِينَ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَدْخُلَهَا وَلَا يُقِيمَ بِهَا، بَلْ يُسْرِعُ السَّيْرَ وَيَتَقَنَّعُ بِثَوْبِهِ حَتَّى يُجَاوِزَهَا، وَلَا يَدْخُلَ عَلَيْهِمْ إِلَّا بَاكِيًا مُعْتَبِرًا.

وَمِنْ هَذَا إِسْرَاعُ النَّبِيِّ ﷺ السَّيْرَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ بَيْنَ مِنًى وَعَرَفَةَ، فَإِنَّهُ الْمَكَانُ الَّذِي أَهْلَكَ اللَّهُ فِيهِ الْفِيلَ وَأَصْحَابَهُ.

الشيخ: صوابه: ومُزدلفة، وهم، سبق قلمٍ.

س: ..............؟

ج: لأنه حسر فيل الحبشة.

س: لكن سرّ الإسراع هل جاء به النَّقل؟

ج: ما أتذكر الآن، ما أتذكر شيئًا.

س: ...............؟

ج: يحتاج إلى تأمُّلٍ.

س: ...............؟

ج: ما في بأس، جزاك الله خيرًا.

وَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ، وَقَدْ جَاءَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي حَدِيثِ معاذٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَذَكَرْنَا عِلَّةَ الْحَدِيثِ وَمَنْ أَنْكَرَهُ، وَلَمْ يَجِئْ جَمْعُ التَّقْدِيمِ عَنْهُ فِي سَفَرٍ إِلَّا هَذَا، وَصَحَّ عَنْهُ جَمْعُ التَّقْدِيمِ بِعَرَفَةَ قَبْلَ دُخُولِهِ إِلَى عَرَفَةَ، فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، فَقِيلَ: ذَلِكَ لِأَجْلِ النُّسُكِ، كَمَا قَالَ أبو حنيفة، وَقِيلَ: لِأَجْلِ السَّفَرِ الطَّوِيلِ، كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وأحمد، وَقِيلَ: لِأَجْلِ الشُّغْلِ، وَهُوَ اشْتِغَالُهُ بِالْوُقُوفِ وَاتِّصَالُهُ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، قَالَ أحمد: يَجْمَعُ لِلشُّغْلِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.

الشيخ: الصواب أنه ﷺ جمع من أجل السفر، وكان جمع التَّقديم أرفق بالناس، فالجمع في السَّفر يُراعى فيه ما هو الأرفق، فالجمع جائز للمُسافر: قدَّم أو أخَّر، لكن يُراعي ما هو الأرفق به.

س: وأهل مكة؟

ج: تبع الحجاج: إما لأجل النُّسك، وهو الأظهر، أو لأجل السَّفر، كما قال بعضُ أهل العلم.

س: ..............؟

ج: الأقرب والله أعلم أنه لأجل النُّسك؛ حتى يكونوا مع المسلمين، ويتفرَّغوا للعبادة.

س: الدِّيار التي تحصل فيها الزلازل والبراكين، هل هي من ديار المغضوب عليهم؟

ج: لا، ما هي من هذا الباب.

س: الأرجح أنه للسفر أو للنُّسك؟ الجمع.

ج: للسفر؛ ولهذا استمرَّ ﷺ يقصر حتى رجع المدينة.

س: ...............؟

ج: أما القصر جمعهم معه لعله لأجل النُّسك، قصرهم معه، وعلى قول الشيخ تقي الدين رحمه الله وجماعة أنه من أجل السفر؛ لأنهم يرون ما بين مكة وعرفات سفرًا، يُسمَّى: سفرًا، والمشهور عند الجمهور لا يُسمَّى: سفرًا.

.............

وَمِنْهَا: جَوَازُ التَّيَمُّمِ بِالرَّمْلِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ قَطَعُوا الرِّمَالَ الَّتِي بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَتَبُوكَ وَلَمْ يَحْمِلُوا مَعَهُمْ تُرَابًا بِلَا شَكٍّ، وَتِلْكَ مَفَاوِزُ مُعْطِشَةٌ شَكَوْا فِيهَا الْعَطَشَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَقَطْعًا كَانُوا يَتَيَمَّمُونَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هُمْ فِيهَا نَازِلُونَ، هَذَا كُلُّهُ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ، مَعَ قَوْلِهِ ﷺ: فَحَيْثُمَا أَدْرَكَتْ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي الصَّلَاةُ فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَطَهُورُهُ.

الشيخ: وهذا هو الصواب؛ ولهذا قال ﷺ: جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فإذا كان في أرضٍ رمليَّةٍ أو سبخةٍ تيمم منها والحمد لله، داخلة في العموم.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ ﷺ أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يَقُلْ لِلْأُمَّةِ: لَا يَقْصُرُ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ إِذَا أَقَامَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنِ اتَّفَقَتْ إِقَامَتُهُ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَهَذِهِ الْإِقَامَةُ فِي حَالِ السَّفَرِ لَا تَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ السَّفَرِ، سَوَاءٌ طَالَتْ أَوْ قَصُرَتْ، إِذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَوْطِنٍ وَلَا عَازِمٍ عَلَى الْإِقَامَةِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ.

الشيخ: يعني ينتظر أمر الجهاد، أمر الروم، فإذا قام شهرًا أو شهرين أو أقلّ أو أكثر على غير عزيمةٍ -كأن ينتظر أمرًا- فإنه يقصر، قد أقام ابنُ عمر ستة أشهرٍ من أجل الثَّلج، ولم يمنعه ذلك من القصر.

س: ...............؟

ج: إذا كانت الإقامةُ لعلةٍ عارضةٍ.

س: ...............؟

ج: لا يدري متى تنتهي، أما إذا كان يعلم أنها مُستمرة –شهرين، ثلاثة- يُتمّ.

س: ...............؟

ج: المقصود إذا كانت إقامتُه لا يدري متى تنتهي، وهي أسبوع أو أسبوعان، مثل: انتظار النبي ﷺ في غزوة تبوك، ما عنده عزم على الإقامة، ينتظر ماذا يحكم الله في أمر الروم: هل يذهب أو يرجع؟ ومثل: إنسان مرَّ في بلدٍ له حاجة فيها، يدور على إنسانٍ ..... لا يدري متى يحصله؟ هذا ما أجمع الإقامة.

س: والحاجُّ إذا قدم في ذي القعدة وهو يعرف أنه سيبقى شهرًا؟

ج: يُصلي أربعًا، إلا إذا عزم على إقامة أكثر من أربعة أيام على رأي الجمهور، أما الذي قدم في ذي القعدة فإنه يُقيم مدةً طويلةً، يُصلي أربعًا.

وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَفِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ تِسْعَ عَشْرَةَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ"، فَنَحْنُ إِذَا أَقَمْنَا تِسْعَ عَشْرَةَ نُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ زِدْنَا عَلَى ذَلِكَ أَتْمَمْنَا.

الشيخ: يريد إقامته في مكة يوم الفتح، هذا رأي ابن عباس رضي الله عنهما، وجواب الجمهور: أنَّ هذه الإقامة لم تقصد، مثل: إقامته في تبوك؛ ولهذا قصر، وإنما المقصود الإقامة في مكة في حجة الوداع أقام من الرابع إلى الثامن، إقامة مقصودة.

وَظَاهِرُ كَلَامِ أحمد أَنَّ ابْنَ عباسٍ أَرَادَ مُدَّةَ مُقَامِهِ بِمَكَّةَ زَمَنَ الْفَتْحِ، فَإِنَّهُ قَالَ: "أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَكَّةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ زَمَنَ الْفَتْحِ"؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ حُنَيْنًا، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَجْمَعَ الْمُقَامَ، وَهَذِهِ إِقَامَتُهُ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ أَرَادَ ابْنُ عَبَّاسٍ مُقَامَهُ بِتَبُوكَ، كَمَا قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ: "أَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ" رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ".

وَقَالَ عبدُالرحمن بن المسور بن مخرمة: أَقَمْنَا مَعَ سعدٍ بِبَعْضِ قُرَى الشَّامِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، يَقْصُرُهَا سعدٌ وَنُتِمُّهَا.

وَقَالَ نافع: أَقَامَ ابْنُ عُمَرَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَقَدْ حَالَ الثَّلْجُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدُّخُولِ.

وَقَالَ حفص بن عبيدالله: أَقَامَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ بِالشَّامِ سَنَتَيْنِ يُصَلِّي صَلَاةَ الْمُسَافِرِ.

وَقَالَ أنسٌ: أَقَامَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِرَامَهُرْمُزَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ.

وَقَالَ الحسنُ: أَقَمْتُ مَعَ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ بِكَابُلَ سَنَتَيْنِ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَلَا يَجْمَعُ.

وَقَالَ إبراهيم: كَانُوا يُقِيمُونَ بِالرَّيِّ السَّنَةَ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَسِجِسْتَانَ السَّنَتَيْنِ.

فَهَذَا هَدْيُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابِهِ كَمَا تَرَى، هُوَ الصَّوَابُ.

وَأَمَّا مَذَاهِبُ النَّاسِ:

فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إِذَا نَوَى إِقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ، وَإِنْ نَوَى دُونَهَا قَصَرَ. وَحَمَلَ هَذِهِ الْآثَارَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابَهُ لَمْ يُجْمِعُوا الْإِقَامَةَ الْبَتَّةَ، بَلْ كَانُوا يَقُولُونَ: الْيَوْمَ نَخْرُجُ، غَدًا نَخْرُجُ.

وَفِي هَذَا نَظَرٌ لَا يَخْفَى، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَتَحَ مَكَّةَ وَهِيَ مَا هِيَ، وَأَقَامَ فِيهَا يُؤَسِّسُ قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ، وَيَهْدِمُ قَوَاعِدَ الشِّرْكِ، وَيُمَهِّدُ أَمْرَ مَا حَوْلَهَا مِنَ الْعَرَبِ، وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّ هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى إِقَامَةِ أَيَّامٍ، لَا يَتَأَتَّى فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلَا يَوْمَيْنِ، وَكَذَلِكَ إِقَامَتُهُ بِتَبُوكَ، فَإِنَّهُ أَقَامَ يَنْتَظِرُ الْعَدُوَّ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ قَطْعًا أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عِدَّةُ مَرَاحِلَ يَحْتَاجُ قَطْعُهَا إِلَى أَيَّامٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يُوَافُونَ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.

وَكَذَلِكَ إِقَامَةُ ابْنِ عُمَرَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ مِنْ أَجْلِ الثَّلْجِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الثَّلْجِ لَا يَتَحَلَّلُ وَيَذُوبُ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، بِحَيْثُ تَنْفَتِحُ الطُّرُقُ، وَكَذَلِكَ إِقَامَةُ أنسٍ بِالشَّامِ سَنَتَيْنِ يَقْصُرُ، وَإِقَامَةُ الصَّحَابَةِ بِرَامَهُرْمُزَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْحِصَارِ وَالْجِهَادِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْقَضِي فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.

وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُ أحمد: إِنَّهُ لَوْ أَقَامَ لِجِهَادِ عَدُوٍّ أَوْ حَبْسِ سُلْطَانٍ أَوْ مَرَضٍ قَصَرَ، سَوَاءٌ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ انْقِضَاءُ الْحَاجَةِ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ أَوْ طَوِيلَةٍ. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، لَكِنْ شَرَطُوا فِيهِ شَرْطًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا إِجْمَاعٍ وَلَا عَمَلِ الصَّحَابَةِ، فَقَالُوا: شَرْطُ ذَلِكَ احْتِمَالُ انْقِضَاءِ حَاجَتِهِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي لَا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ، وَهِيَ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ.

فَيُقَالُ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا الشَّرْطُ؟ وَالنَّبِيُّ لَمَّا أَقَامَ زِيَادَةً عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ وَتَبُوكَ لَمْ يَقُلْ لَهُمْ شَيْئًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى إِقَامَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقْتَدُونَ بِهِ فِي صَلَاتِهِ، وَيَتَأَسَّوْنَ بِهِ فِي قَصْرِهَا فِي مُدَّةِ إِقَامَتِهِ، فَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ حَرْفًا وَاحِدًا: لَا تَقْصُرُوا فَوْقَ إِقَامَةِ أَرْبَعِ لَيَالٍ. وَبَيَانُ هَذَا مِنْ أَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ، وَكَذَلِكَ اقْتِدَاءُ الصَّحَابَةِ بِهِ بَعْدَهُ، وَلَمْ يَقُولُوا لِمَنْ صَلَّى مَعَهُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

وَقَالَ مالك وَالشَّافِعِيُّ: إِنْ نَوَى إِقَامَةً أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ، وَإِنْ نَوَى دُونَهَا قَصَرَ.

وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ نَوَى إِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَتَمَّ، وَإِنْ نَوَى دُونَهَا قَصَرَ. وَهُوَ مَذْهَبُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَرُوِيَ عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: عمر، وَابْنِهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.

قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: إِذَا أَقَمْتَ أَرْبَعًا فَصَلِّ أَرْبَعًا. وَعَنْهُ كَقَوْلِ أبي حنيفة.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: إِنْ أَقَامَ عَشْرًا أَتَمَّ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

الشيخ: هذا القول لأنَّ النبي أقام عشرًا في حجة الوداع، فإنه قدم في رابع ذي الحجة، وسافر في أربعة عشر ذي الحجة، فصارت الإقامةُ أربعة عشر، كما قال أنسٌ: "أقمنا عشرًا في حجة الوداع"، مثلما بيَّن المؤلفُ، وبيَّن شيخه رحمة الله عليه، الخلاف قوي، والقول بأنه ما دام في السَّفر له القصر قول قوي مثلما أوضح المؤلفُ وشيخه أبو العباس لهذه الأحاديث والآثار، ومَن أتم إذا نوى أكثر من أربعًا من باب الاحتياط والخروج من الخلاف والحيطة لهذه الصلاة العظيمة؛ لأنَّ أصل الصلاة أربع في حقِّ المقيم، وشكَّ فيما زاد على الأربعة أيام، فإذا احتاط وأتمَّ فهذا هو أولى له، كما قال الأكثرون؛ احتياطًا لهذه العبادة العظيمة.

س: قوله: "يقصر إن حبسه سلطانٌ" هل هذا له وجه؟

ج: لا، أي حابسٍ، ما هو خاصّ بالسلطان، أي حابسٍ، ما يدري متى ينتهي، سواء سلطان وإلا غيره، أي حابسٍ، لا يدري متى ينتهي، له القصر، أما إذا كان يعرف أنه ينتهي بعد أربعة أيام له القصر، أما إذا كان أكثر فالجمهور على أنه يُتم، كما قال مالك والشَّافعي وأحمد.

س: ................؟

ج: الأحوط في هذا إذا نوى أكثر من أربعة أيام أن يُتم، هذا هو الأحوط؛ لأنَّ الأصل في حقِّ المقيم هو الإتمام، والخروج من الخلاف مطلوب.

وَقَالَ الحسنُ: يَقْصُرُ مَا لَمْ يَقْدَمْ مِصْرًا.

وَقَالَتْ عائشةُ: يَقْصُرُ مَا لَمْ يَضَعِ الزَّادَ وَالْمَزَادَ.

وَالْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَقَامَ لِحَاجَةٍ يَنْتَظِرُ قَضَاءَهَا يَقُولُ: الْيَوْمَ أَخْرُجُ، غَدًا أَخْرُجُ، فَإِنَّهُ يَقْصُرُ أَبَدًا، إِلَّا الشَّافِعِيَّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَقْصُرُ عِنْدَهُ إِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَا يَقْصُرُ بَعْدَهَا.

الشيخ: والصواب أنه إذا أقام لحاجةٍ لا يدري متى تنتهي له القصر، إلا إذا كان واحدًا، لا يُصلي وحده، يُصلي مع الناس أربعًا.

س: من هذا البيان الصحابة مختلفون في المسألة؟

ج: نعم، اللهم ارضَ عنهم.

س: فلا يُحتج بقول بعضهم على بعضٍ؟

ج: نعم.

وَقَدْ قَالَ ابنُ المنذر فِي "إِشْرَافِهِ": أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ مَا لَمْ يُجْمِعْ إِقَامَةً، وَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ سِنُونَ.

الشيخ: كما تقدم، يقول: اليوم، غدًا، اليوم أخرج، بعد غدٍ، ينتظر شيئًا.

س: لماذا يقصر المحبوس في نفس البلد؟

ج: لأنه لا يدري متى ينتهي الحبس.

س: يظن أنه ما هو بمسافرٍ؟

ج: لا، إذا كان في بلده يتمّ، هذا إذا كان مسافرًا.

س: قول بعض أهل العلم: كل مَن جاز له القصر جاز له الجمع، هذا الصحيح؟

ج: الجمع أسهل من القصر .....

س: يسأل بعضُ الناس عن الشبكة التي اشتهرت في الزيجات أخيرًا؟

ج: الأمر واسع، هذه أمور عادية، ما فيها شيء، أمور عادية، ما لها تعلق بالعبادات.

س: ..............؟

ج: إذا كان تمَّ العقدُ لا بأس، زوجة له.

س: ..............؟

ج: عند الرجال لا، ما يجوز.

س: ..............؟

ج: مسافر، إذا تنزَّه ثمانين كيلو فأكثر سفر.

س: ولو رجع في يومه؟

ج: ولو رجع في يومه.

س: ..............؟

ج: إذا كان ما عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام له أن يقصر ويجمع، إلا إذا كان واحدًا لا، الواحد يُصلي مع الناس أربعًا، لا يُصلي وحده، الجماعة واجبة.