الشيخ: وَنبْلُوكُم بالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [الأنبياء:35] مجيء أبي جندل من الابتلاء والامتحان.
الشيخ: وهذا يُبين لنا أنَّ هذا كلَّه بأمر الله، هذه المصالحة وهذه الشُّروط كلّها بأمر الله ورضائه -جلَّ وعلا- للمصلحة العظيمة؛ وليعلم الناسُ أحكامه وشرعه، فإنَّ الحوادث تحدث والبلاوي تقع، والله علَّم نبيَّه هذا الصُّلح ليعلمه الناس ويقتدوا به في غابر الدهر إذا وقعت مثل هذه المحن، والله المستعان، نعم.
قلتُ: أولستَ كنتَ تُحدِّثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟! قال ﷺ: بلى، أفأخبرتُكَ أنا نأتيه العام؟! قلت: لا. قال ﷺ: فإنَّك آتيه ومُطوّف به.
قال: فأتيتُ أبا بكر فقلتُ: يا أبا بكر، أليس هذا نبيّ الله حقًّا؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحقِّ وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلِمَ نُعطي الدَّنية في ديننا إذًا؟! قال: أيها الرجل، إنَّه رسول الله، وليس يعصي ربَّه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله إنَّه على الحقِّ. قلتُ: أوليس كان يُحدِّثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟! قال: بلى، قال: أفأخبرك أنَّك تأتيه العام؟ قلت: لا. قال: فإنَّك تأتيه وتطوف به.
الشيخ: انظر: كلام الصّديق مُطابق لجواب النبي ﷺ، يُعطي اللهُ العلمَ والتوفيقَ لمن يشاء، الله أكبر، والله المستعان، نعم.
الشيخ: يعني: عمر ندم على هذا التردد، وعمل له أعمالًا من صلاةٍ وصدقات وغير ذلك، من أجل هذا الكلام الذي فرط منه، نعم.
قال رسول الله ﷺ لأصحابه: قوموا فانحروا، ثم احلقوا، قال: فوالله ما قام منهم رجلٌ، حتى قال ﷺ ذلك ثلاث مرات، فلمَّا لم يقم منهم أحدٌ دخل ﷺ على أمِّ سلمة -رضي الله عنها-، فذكر لها ما لقي من الناس، قالت له أمُّ سلمة -رضي الله عنها-: يا نبيّ الله، أتُحبّ ذلك؟ أخرج ثم لا تُكلّم أحدًا منهم كلمةً حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك.
فخرج رسولُ الله ﷺ فلم يُكلّم أحدًا منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلمَّا رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضُهم يحلق بعضًا حتى كاد بعضُهم يقتل بعضًا غمًّا.
الشيخ: وهذا يُبين لنا أنَّ بعض آراء النِّساء كالرجال، قد تُوفّق المرأةُ للمشورة الطّيبة، وفيه تواضعه ﷺ لما أخبر أمّ سلمة بما حصل لما جاء وقبل رأيها؛ لأنَّهم ما توقَّفوا عن شكٍّ، ولكن يرجون أن يسمح لهم بدخول مكّة، لعله يحصل شيء، لعله ينزل وحي عندهم، توقَّفوا، ما سارعوا إلى نحر هداياهم حتى يروا النبيَّ ماذا يفعل؟ يرجون أن يتمّ شيء، أو يحصل شيء من دخول مكّة؛ لأنَّهم على طرف الحرم.
فلمَّا قالت له أمُّ سلمة: انحر هديك، واحلق رأسك. يعني: فسوف يُسارعون إذا رأوك فعلت عرفوا أنَّ الأمر جدّ، وأنَّه ما في حيلة، انتهى الأمر، فنفّذ ما قالته -رضي الله عنها-: فبادر ونحر هديه، وحلق رأسه، فلمَّا رأوا ذلك بادروا حتى كاد يقتل بعضُهم بعضًا من الغمِّ. يعني: لأيش تأخّروا؟ تمنّوا أنهم قد سارعوا.
والمقصود من هذا أنَّهم ما تأخَّروا عن شكٍّ، ولا عن عصيانٍ، ولكن تأخَّروا يرجون أن يكون فرجٌ، وأن يتسهّل لهم دخول مكّة، نعم.
س: بالنظر إلى موقف الصّديق: هل يُقال أنَّ الصّديق كان غير موجودٍ حين أمر النبي؟
ج: هو الظاهر، هو الظاهر، راح له عمر في محلِّه.
س: قصدي حين قال: "لم يحلق منهم أحد" كان الصديقُ معهم، أو يُحمل على أنَّه لم يكن معهم؟
ج: الله أعلم، الله أعلم.
س: استخدام الصَّابون الذي فيه عطر في حقِّ المحرم؟
ج: الأمر سهلٌ؛ لأنَّ هذا ما هو بطيب، الصابون ..... ما هو بطيب، لكن إذا تركه واستعمل الصابون الآخر من باب: "دع ما يريبك" لا بأس، وإلا فليس بطيبٍ، إنما هو آلة لإزالة الوسخ، نعم.
الشيخ: قف على مسألة النِّساء.