مداخلة: في نسخة (الشعب): يسيع.
الشيخ: انظر "التقريب": يسيع، وسبيع، أو "الخلاصة"، نسخة: سبيع، ونسخة: يسيع.
س: والذي قبله: ذرّ أو زر؟
ج: ذر بن عبدالله المرهبي، زر بن حبيش فوق هذا، هذا ذر بن عبدالله، بالذال والرَّاء.
الطالب: يسيع –مُصغّر- بن معدان، الكوفي، عن النعمان بن بشير، وعنه ذرّ بن عبدالله المرهبي فقط، وثَّقه النَّسائي والبخاري في "الأدب" والأربعة.
الشيخ: مثلما عندهم: يسيع، أوله ياء.
الطالب: الذي عندنا: سبيع الكندي.
الشيخ: صلّحها: يسيع، أوله ياء.
الطالب: هذا في "التقريب" أحسن الله إليك: يسيع بن معدان، الحضرمي، الكوفي، ويُقال له: أسيع، ثقة، من الثالثة. (البخاري في "الأدب" والأربعة).
الشيخ: طيب.
مداخلة: في "التقريب": الكوفي، وفي نسخة: الكندي.
الشيخ: الكندي قبيلته، والكوفة بلده، كندي يعني: قبيلته، نعم، من كندة.
قال: جاء رجلٌ إلى علي بن أبي طالبٍ فقال: كيف هذه الآية: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا؟ فقال علي : ادنه، ادنه: فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.
وكذا روى ابنُ جريج عن عطاء الخراساني، عن ابن عباسٍ: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا، قال: ذاك يوم القيامة.
وكذا روى السّدي عن أبي مالك الأشجعي، يعني: يوم القيامة.
وقال السّدي: سَبِيلًا أي: حُجَّة.
ويحتمل أن يكون المعنى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا، أي: في الدنيا بأن يُسلّطوا عليهم استيلاء استئصال بالكُلية، وإن حصل لهم ظفرٌ في بعض الأحيان على بعض الناس، فإنَّ العاقبة للمُتقين في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [غافر:51]، وعلى هذا يكون ردًّا على المنافقين فيما أملوه ورجوه وانتظروه من زوال دولة المؤمنين، وفيما سلكوه من مُصانعتهم الكافرين؛ خوفًا على أنفسهم منهم إذا هم ظهروا على المؤمنين فاستأصلوهم، كما قال تعالى: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ إلى قوله: نَادِمِينَ [المائدة:52].
وقد استدلّ كثيرٌ من العلماء بهذه الآية الكريمة على أصحّ قولي العلماء، وهو المنع من بيع العبد المسلم للكافر؛ لما في صحّة ابتياعه من التَّسليط له عليه والإذلال.
ومَن قال منهم بالصحّة يأمره بإزالة ملكه عنه في الحال؛ لقوله تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.
الشيخ: والخلاصة أنَّ الآية قال بعضُ أهل العلم: أنَّ المراد يوم القيامة: فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ يعني: يوم القيامة، فالكفَّار حُجّتهم داحضة، وإلى النار، والمسلمون إلى الجنَّة.
والقول الثاني: أنها عامّة في الدنيا والآخرة، وأنَّ الله -جلَّ وعلا- ينصر أولياءه ويعزّهم، ولن يجعل للكافرين عليهم سبيلًا، يعني: سبيلًا استئصاليًّا، وإن كان قد ينال منهم العدو، فلا يُجعل سبيل يتضمن استئصالهم والقضاء عليهم، بل العاقبة للمتقين، كما قال -جلَّ وعلا: فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود:49]، وقال -جلَّ وعلا-: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47]، وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40]، إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ [محمد:7]، لكن هذا لا يمنع أن تكون بعض الأحيان لهم الدَّائرة بأسبابٍ تقع من المسلمين بالمعاصي وعدم إعداد القوة، وغير هذا من الأسباب، كما جرى يوم أحد، وكما جرى لبعض الأنبياء قُتلوا.
فالحاصل أنَّ هذا القول -وهو العموم- وجيه، ولا مانع منه، ولكن بالنَّظر إلى العواقب، أمَّا أنهم قد ينالون من المسلمين، وقد يُنصرون عليهم فهذا قد يقع؛ ابتلاءًا وامتحانًا بأسبابٍ تقع من المسلمين، وتفريط من المسلمين، فيُدال عليهم العدو، ثم تكون العاقبة لأهل التقوى، نعم.
س: .............؟
ج: الصواب: لا يجوز بيع العبد المسلم على الكافر؛ لأنَّه وسيلة إلى إذلاله وظلمه وردّته.
س: إذا بيع على الكافر، الكافر ما يلتزم حتى يُزيل ملكه؟
ج: لا، لا، ما هو على هواه، قد يكون تحت سلطانه ويلزمه، لكن ليس على الهوى، قد لا يتيسر، قد ..... نعم.
س: .............؟
ج: لأنَّ هذا يوم القيامة، هذه الرِّواية أي: معناها أنَّ هذا يوم القيامة، قرأ عليه أولها، فالله يحكم بينكم يوم القيامة.
س: .............؟
ج: ما هو ببعيد؛ لأنَّ الرهن وسيلة استرقاق، ليس ببعيدٍ، إذا كان فيه قيض قد يستذلّه أيضًا.
س: .............؟
ج: يعني: يلزم بإعتاقه أو بيعه على مسلمٍ، ما يترك، يستقرّ ملكه عليه؛ لأنَّه قد يكون وسيلةً إلى ردّته أو ظلمه وإيذائه، نعم.
س: هل للمسلم أن يُؤاجر نفسه للكافر للأعمال الخاصّة؟
ج: هذا قد يقع عند الحاجة، مثل: إذا دعت الحاجةُ فلا بأس، هذا شيء عارض مثلما جاء عن عليٍّ أنه كان يسقي لليهود بتمرةٍ تمرة في الدلو عند الحاجة.
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا [النساء:142-143].
قد تقدّم في أول سورة البقرة قوله تعالى: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا [البقرة:9]، وقال هاهنا: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ.
ولا شكّ أنَّ الله لا يُخادع، فإنَّه العالم بالسّرائر والضّمائر، ولكن المنافقين لجهلهم وقلّة علمهم وعقلهم يعتقدون أنَّ أمرهم كما راج عند الناس وجرت عليهم أحكام الشَّريعة ظاهرًا، فكذلك يكون حكمُهم عند الله يوم القيامة، وأنَّ أمرهم يروج عنده.
كما أخبر تعالى عنهم أنَّهم يوم القيامة يحلفون له أنَّهم كانوا على الاستقامة والسّداد، ويعتقدون أنَّ ذلك نافعٌ لهم عنده، كما قال تعالى: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ [المجادلة:18].
وقوله: وَهُوَ خَادِعُهُمْ أي: هو الذي يستدرجهم في طغيانهم وضلالهم، ويخذلهم عن الحقِّ والوصول إليه في الدنيا، وكذلك يوم القيامة، كما قال تعالى: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ إلى قوله: وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الحديد:13-15].
وقد ورد في الحديث: مَن سمّع سمّع اللهُ به، ومَن راءى راءى اللهُ به.
الشيخ: والمعنى: أنَّه يُعاملهم كما فعلوا، يُظهر لهم شيئًا من أسباب النَّجاة، وهم هالكون، وهذا مثل قوله -جلَّ وعلا-: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [آل عمران:54]، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ [الأنفال:30]، فالمكر منه والخداع منه حقّ، يخدعهم لأنَّه عاملهم بما يستحقّون، وأمَّا خداعهم هم فهو منكر وضلال: وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ [المجادلة:18]، فيُظهرون الإسلام، ويُبطنون الكفر: وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ هم الخاسرون، هم الضَّالون، الله لا تخفى عليه خافية -جلَّ وعلا-، .
س: .............؟
ج: هو رأس المنافقين، نعم.
س: الحديث صحيح؟
ج: ما أعرفه، ما أعرف سنده.
مداخلة: في تعليق يقول: الظاهر أنَّه رواه بالمعنى، وأراد حديث سهل بن سعد الذي رواه البخاري: إنَّ الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإنَّ الرجل ليعمل ....
الشيخ: هذا الحديث غير هذا، في "الصحيحين"، هذا غيره، أقول: هذا غيره.
وقوله: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى الآية، هذه صفة المنافقين في أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها، وهي الصلاة، إذا قاموا إليها قاموا وهم كسالى عنها؛ لأنهم لا نيةَ لهم فيها، ولا إيمانَ لهم بها، ولا خشية، ولا يعقلون معناها.
كما روى ابنُ مردويه من طريق عبيدالله بن زحر، عن خالد ابن أبي عمران، عن عطاء ابن أبي رباح، عن ابن عباسٍ قال: يُكره أن يقوم الرجلُ إلى الصلاة وهو كسلان، ولكن يقوم إليها طلق الوجه، عظيم الرغبة، شديد الفرح، فإنَّه يُناجي الله، وإنَّ الله تجاهه: يغفر له، ويُجيبه إذا دعاه. ثم يتلو هذه الآية: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى.
ورُوِيَ من غير هذا الوجه عن ابن عباسٍ نحوه.
الشيخ: والمعنى: ينبغي للمؤمن أن يحذر صفات المنافقين، بل يجب عليه أن يحذر صفات المنافقين: بالخداع، والكسل عن الصلاة، والرياء، والتَّذبذب، كلّ هذا يجب الحذر منه، ويكون المؤمن على بصيرةٍ، وعلى طريقةٍ واضحةٍ في اتِّباع الحقِّ وإيثاره، ومُوالاة أهله، وعلى حذرٍ من التثاقل عن الصَّلاة والكسل عنها، والحذر من الخداع والمراوغة للمسلمين، والحذر من التَّذبذب بين هؤلاء وهؤلاء، بل يبعد عن صفاتهم الذَّميمة ويحذرها، نسأل الله العافية والسّلامة.
فقوله تعالى: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى هذه صفة ظواهرهم، كما قال: وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى [التوبة:54].
ثم ذكر تعالى صفة بواطنهم الفاسدة فقال: يُرَاءُونَ النَّاسَ أي: لا إخلاصَ لهم، ولا معاملة مع الله، بل إنما يشهدون الناس تقيةً لهم ومُصانعةً؛ ولهذا يتخلّفون كثيرًا عن الصلاة التي لا يُرون فيها غالبًا: كصلاة العشاء في وقت العتمة، وصلاة الصبح في وقت الغلس، كما ثبت في "الصحيحين": أنَّ رسول الله ﷺ قال: أثقل الصَّلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممتُ أن آمر بالصلاة فتُقام، ثم آمر رجلًا فيُصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجالٍ ومعهم حزمٌ من حطبٍ إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار.
وفي روايةٍ: والذي نفسي بيده، لو علم أحدُهم أنه يجد عرقًا سمينًا أو مرماتين حسنتين لشهد الصلاة، ولولا ما في البيوت من النِّساء والذُّرية لحرقتُ عليهم بيوتهم.
وقال الحافظ أبو يعلى: حدَّثنا محمد بن إبراهيم ابن أبي بكر المقدمي.
الشيخ: كذا عندكم؟
الطالب: في نسخة (الشعب): محمد ابن أبي بكر.
الشيخ: هذا المعروف، فإبراهيم ما لها محل، المعروف: محمد ابن أبي بكر المقدمي. انظر "التقريب".
الطالب: محمد ابن أبي بكر ابن علي بن عطاء المقدم، المقدّمي .....، أبو عبدالله، الثقفي مولاهم، البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين. (البخاري، ومسلم، والنسائي).
الشيخ: انظر "الخلاصة".
س: قول المؤلف: "ولهذا يتخلَّفون عن الصَّلاة التي لا يُرون فيها غالبًا: كصلاة العشاء في وقت العتمة، وصلاة الصبح في وقت الغلس .....؟
ج: يمكن، لكن السنة أنها تُصلى بغلسٍ؛ لهذا في الحديث الصَّحيح: أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر.
س: .............؟
ج: قد يكون، قد يحضرون، لكن السنة أن تُصلى بغلسٍ: اختلاط ضياء الصبح بظُلمة الليل.
الطالب: قال في "الخلاصة": محمد ابن أبي بكر ابن علي بن عطاء المقدم، المقدمي، أبو عبدالله، البصري، عن حماد بن زيد، وأبي عوانة، ويزيد بن زريع، والمعتمر بن سليمان، وطائفة. وعنه: البخاري، ومسلم، وأبو زرعة، ووثقه، وقال البخاري: توفي سنة أربع وثلاثين ومئتين. (البخاري، ومسلم، والنسائي).
الشيخ: المقصود أنها مقحمة، "إبراهيم" هذه مقحمة، غلط، اشطب عليها.
الشيخ: نسأل الله العافية، وهذا تشبّه بأهل النفاق، وإبراهيم الهجري فيه ضعف، لكن المقصود أن الآية كافية: يُرَاءُونَ النَّاسَ، نسأل الله العافية، قلّة مُبالاة، وقلّة حياء، نسأل الله العافية.
مداخلة: في تخريج لهذا الحديث أتى به الشيخ فهد السليم، نقرأه؟
الشيخ: نعم.
الطالب: يقول: روى عبدالرزاق في "مصنفه" عن الثوري، عن أبي إسحاق الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبدالله، عن النبي ﷺ قال: مَن أحسن الصلاة حيث يراه الناسُ، ثم أساء حين يخلو فتلك استهانةٌ استهان بها ربَّه.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده": حدثنا محمد ابن أبي بكر قال: حدثنا محمد بن دينار، عن إبراهيم الهجري، به.
ورواه البيهقي في "سننه" من طريق زائدة، عن إبراهيم، به.
وفي "شعب الإيمان" من طريق سفيان، عن إبراهيم بن مسلم الهجري، به.
فهؤلاء ثلاثة: سفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، ومحمد بن دينار، يروونه عن أبي إسحاق الهجري مرفوعًا.
ورواه ابنُ أبي شيبة في "مصنفه" عن أبي الأحوص سلام بن سليم، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبدالله موقوفًا، والقول قول مَن رواه مرفوعًا.
ويمكن أن يكون هذا الاختلافُ من أبي إسحاق الهجري، فقد قال الإمامُ أحمد: الهجري رفَّاعًا. وضعفه.
الشيخ: "الهجري رفّاع" يعني: يرفع كثيرًا غلطًا، يهم.
الطالب: لعله: كان رفَّاعًا، على تقدير: كان رفَّاعًا.
الشيخ: لا، مبتدأ وخبره: الهجري رفَّاع.
الطالب: وضعّفه، وقال البزار: رفع أحاديث، ووقفها غيره. وقال البخاري وأبو حاتم والنسائي: منكر الحديث. وقال مرة: ليس بثقةٍ، مشاه بعضهم.
الشيخ: يعني: يستشهد به، من باب الاستشهاد، وهو ضعيفٌ، لكن معناه صحيح، المعنى بنص القرآن: يُرَاءُونَ النَّاسَ، مَن راءى الناس قد استهان بربِّه، وقلَّ حياؤه، نسأل الله العافية، يُرائي الناس، ويُسيئ المعاملة مع ربِّه، بئس الحال حاله، نسأل الله العافية.
الطالب: لكن الجمهور على تضعيفه.
الشيخ: يكفي، يكفي، نعم.
وقوله: وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء:142] أي: في صلاتهم لا يخشعون، ولا يدرون ما يقولون، بل هم في صلاتهم ساهون، لاهون، وعمَّا يُراد بهم من الخير مُعرضون.
وقد روى الإمامُ مالك عن العلاء بن عبدالرحمن، عن أنس بن مالك قال: قال رسولُ الله ﷺ: تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعًا، لا يذكر الله فيها إلا قليلًا.
وكذا رواه مسلم والترمذي والنَّسائي من حديث إسماعيل بن جعفر المدني، عن العلاء بن عبدالرحمن، به، وقال الترمذي: حسنٌ صحيحٌ.
وقوله: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ [النساء:143] يعني: المنافقين مُحيرين بين الإيمان والكفر، فلا هم مع المؤمنين ظاهرًا وباطنًا، ولا مع الكافرين ظاهرًا وباطنًا، بل ظواهرهم مع المؤمنين، وبواطنهم مع الكافرين، ومنهم مَن يعتريه الشَّك: فتارةً يميل إلى هؤلاء، وتارةً يميل إلى أولئك: كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا [البقرة:20].
وقال مجاهد: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ يعني: أصحاب محمدٍ ﷺ، وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ يعني: اليهود.
وقال ابنُ جرير: حدَّثنا محمد بن المثنى: حدثنا عبدالوهاب: حدثنا عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر.
الشيخ: قف على: "وقال ابن جرير" رحمه الله، نسأل الله العافية.
المقصود أنَّ هذه الصِّفات الخبيثة يجب الحذر منها، يجب على المؤمن -الفائدة العظيمة- أن يحذر صفات الأشرار، فالله -جلَّ وعلا- يقصّ علينا صفات الأخيار لنأخذ بها ونستقيم عليها، ويقصّ علينا صفات الأشرار لنحذرها ونبتعد عنها.
فالواجب الحذر من صفات الكافرين والمنافقين، والتحذير منها، كما تجب العناية بصفات المؤمنين، والأخذ بها، والاستقامة عليها في جميع الأحوال، كما قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [التوبة:71]، والمنافقون عكس ذلك: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة:67]، إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا [النساء:142-143]، وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة:54-55]. نعم.
س: رموا عائشةَ بالإفك.
ج: نسأل الله العافية، نسأل الله العافية.