ذكر الأحاديث الواردة في نزول عيسى ابن مريم إلى الأرض من السَّماء في آخر الزمان قبل يوم القيامة، وأنَّه يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريكَ له.
قال البخاري -رحمه الله- في كتاب "ذكر الأنبياء" من "صحيحه" المتلقى بالقبول: نزول عيسى ابن مريم : حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم: حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم، عن أبي صالح، عن ابن شهابٍ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: والذي نفسي بيده، ليُوشكنَّ أن ينزل فيكم ابنُ مريم حكمًا عدلًا، فيكسر الصَّليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحدٌ، وحتى تكون السَّجدةُ خيرًا لهم من الدنيا وما فيها، ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا [النساء:159].
وكذا رواه مسلمٌ عن الحسن الحلواني وعبد بن حميد –كلاهما- عن يعقوب، به.
وأخرجه البخاري ومسلم أيضًا من حديث سفيان بن عُيينة، عن الزهري، به.
وأخرجاه من طريق اللَّيث، عن الزهري، به.
ورواه ابنُ مردويه من طريق محمد ابن أبي حفصة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: يُوشِك أن ينزل فيكم ابنُ مريم حكمًا عدلًا، يقتل الدَّجال، ويقتل الخنزير، ويكسر الصَّليب، ويضع الجزيةَ، ويفيض المال، وتكون السَّجدةُ واحدةً لله ربِّ العالمين، قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ موت عيسى ابن مريم، ثم يُعيدها أبو هريرة ثلاث مرات.
طريق أخرى عن أبي هريرة: قال الإمامُ أحمد: حدَّثنا روح ابن أبي حفصة، عن الزهري، عن حنظلة بن عليٍّ الأسلمي، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله ﷺ قال: ليُهلنَّ عيسى بفجّ الرّوحاء بالحجِّ أو العُمرة، أو ليُثنينهما جميعًا.
وكذا رواه مسلمٌ مُنفردًا به من حديث ابن عُيينة، والليث بن سعد، ويونس بن يزيد –ثلاثتهم- عن الزهري، به.
وقال أحمد: حدَّثنا يزيد: حدَّثنا سفيان -هو ابن حسين- عن الزهري، عن حنظلة، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: ينزل عيسى ابنُ مريم فيقتل الخنزير، ويمحو الصَّليب، وتُجمع له الصَّلاة، ويُعطي المال حتى لا يُقبل، ويضع الخراج، وينزل الرّوحاء فيحجّ منها، أو يعتمر، أو يجمعهما، قال: وتلا أبو هريرة: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ الآية، فزعم حنظلةُ: أنَّ أبا هريرة قال: يُؤمن به قبل موت عيسى. فلا أدري: هذا كلّه حديث النبي ﷺ أو شيء قاله أبو هريرة؟
وكذا رواه ابنُ أبي حاتم، عن أبيه، عن أبي موسى محمد بن المثنى، عن يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، به.
طريق أخرى: قال البخاري: حدَّثنا ابنُ بُكير.
الشيخ: ابن بكير، يحيى بن بكير.
حدَّثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري: أنَّ أبا هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: كيف بكم إذا نزل فيكم المسيح ابن مريم وإمامكم منكم؟ تابعه عقيل والأوزاعي.
وهكذا رواه الإمام أحمد، عن عبدالرزاق، عن معمر، عن عثمان بن عمر، عن ابن أبي ذئب –كلاهما- عن الزهري، به.
وأخرجه مسلم من رواية يونس والأوزاعي وابن أبي ذئب، به.
الشيخ: ومعنى "وإمامكم منكم" يعني: القرآن، يعني: يؤمّهم بالقرآن، فإنَّه ﷺ إذا نزل يحكم بشريعة محمدٍ ﷺ وهو القرآن؛ ولهذا قال: "وإمامكم منكم"، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، وتكون السجدةُ لله وحده، ويدخل الناسُ في الإسلام، ولا يقبل إلا الإسلام أو السيف -عليه الصلاة والسلام-.
س: قوله: "تُجمع له الصلاة"؟
ج: يعني: مع الإمارة، يُصلي بالناس وهو أمير المؤمنين، هو الذي يُصلِّي بهم.
س: بعد نزول عيسى هل يرتفع اجتهادُ العلماء؟
ج: باقية، الحكم بشريعة محمدٍ، هو يحكم بشريعة محمد ﷺ، ما يأتي بشيءٍ جديدٍ، إلا أنَّ الشريعة مُؤقتة إلى نزوله في كسر الصَّليب، وعدم قبول الجزية، كانت الشَّريعةُ فيها قبول الجزية حتى ينزل عيسى، فإذا نزل عيسى انتهى قبولها.
الشيخ: والعلّات هنا يعني: الشرائع، شبّهها بالعلّات، يعني: أمّهاتهم مُتعددة، وأبوهم واحد، هكذا الأنبياء: دينهم واحد وهو: توحيد الله، واتِّباع شريعته، وطاعة أوامره، وترك نواهيه، لكن الشّرائع مختلفة في الواجبات والمحرّمات.
وإني أولى الناس بعيسى ابن مريم؛ لأنَّه لم يكن نبيٌّ بيني وبينه، وإنَّه نازلٌ، فإذا رأيتُموه فاعرفوه: رجلٌ مربوعٌ إلى الحُمرة والبياض، عليه ثوبان ممصران، وكأنَّ رأسَه يقطر وإن لم يُصبه بللٌ، فيدقّ الصّليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويدعو الناس إلى الإسلام، ويُهلك الله في زمانه الملل كلّها إلا الإسلام، ويُهلك اللهُ في زمانه المسيح الدّجال، ثم تقع الأمنةُ على الأرض حتى ترتع الأسودُ مع الإبل، والنِّمار مع البقر، والذّئاب مع الغنم، ويلعب الصّبيان بالحيّات لا تضرّهم، فيمكث أربعين سنةً ثم يتوفى، ويُصلي عليه المسلمون.
وكذا رواه أبو داود، عن هدبة بن خالد، عن همام بن يحيى.
ورواه ابنُ جرير -ولم يُورد عند هذه الآية سواه- عن بشر بن معاذ، عن يزيد بن هارون، عن سعيد ابن أبي عروبة –كلاهما- عن قتادة، عن عبدالرحمن بن آدم -وهو مولى أم برثن صاحب السّقاية-، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ فذكر نحوه، وقال: يُقاتل الناس على الإسلام.
وقد روى البخاري، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ- يقول: أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم، والأنبياء أولاد علّات، ليس بيني وبينه نبّي، ثم رواه محمد بن سنان، عن فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عبدالرحمن ابن أبي عمرة، عن أبي هريرة.
س: طريق الإمام أحمد صحيح؟
ج: فيه قتادة، عنعنة قتادة عن عبدالرحمن بن آدم، وفيه غرابة من مسألة الأمنة: الأسود مع الإبل، والنمور مع البقر، والذئاب مع الغنم، الطريق هذا فيه عِلّة عنعنة قتادة عن عبدالرحمن، "النهاية" موجود؟ "غريب الحديث"، انظر: ممصران، ثوبان ممصران في (مصر).
الطالب: في حاشية نسخة (الشعب) قال: الممصر من الثياب التي فيها صُفرة خفيفة.
الشيخ: انظر "النهاية".
قال: قال رسولُ الله ﷺ: أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، الأنبياء إخوة لعلّات، أمّهاتهم شتى، ودينهم واحد.
وقال إبراهيم بن طهمان: عن موسى بن عقبة، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ.
حديثٌ آخر: قال مسلم في "صحيحه": حدَّثني زهير بن حرب: حدَّثنا معلى بن منصور: حدَّثنا سليمان بن بلال: حدَّثنا سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله ﷺ قال: لا تقوم الساعةُ حتى تنزل الرومُ بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيشٌ من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذٍ، فإذا تصافّوا قالت الروم: خلّوا بيننا وبين الذين سبوا منا نُقاتلهم.
س: سُبوا أو سَبوا؟
ج: محتملة، محتمل أنَّهم سبوا منا، لكن لعله الذين سُبوا، يعني: الذين أخذوا منا وقاتلونا، وهم أولادنا، محتمل.
س: ..... يعني: خلّوا بيننا وبين بعض المسلمين؟
الشيخ: أعد السّند، حدّثنا.
الشيخ: قف عليه.
س: عفا الله عنك، الجمع بين حديث أنَّ عيسى لا يقبل إلا الإسلام، وحديث مسلم: تقوم الساعة والروم أكثر الناس؟
ج: هذا بعد عيسى بمدةٍ طويلةٍ، قيام الساعة بعد عيسى بمدةٍ طويلةٍ.
الطالب: أحسن الله إليك، قال في "النهاية": قال في حديث عيسى : ينزل بين ممصرتين، قال: الممصرة من الثياب التي فيها صُفرة خفيفة.
الشيخ: يعني: ثياب بيض فيها صُفرة خفيفة.
س: الدَّين إذا كان على أقساطٍ هل يُزكَّى؟
ج: إيه، يُزكَّى، إذا كان على مليءٍ يُزكَّى.
س: .............؟
ج: كلما حال الحول زكَّاه إذا كان على مليءٍ؛ لأنَّه أجل من مصلحة المؤجل.