باب الكفيل في السلم
2251- حدثنا محمد بن سلام: حدثنا يعلى: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت: اشترى رسول الله ﷺ طعامًا من يهوديٍّ بنسيئةٍ، ورهنه درعًا له من حديدٍ.
باب الرهن في السلم
2252- حدثني محمد بن محبوب: حدثنا عبدالواحد: حدثنا الأعمش، قال: تذاكرنا عند إبراهيم الرهن في السلف، فقال: حدثني الأسود، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي ﷺ اشترى من يهوديٍّ طعامًا إلى أجلٍ معلومٍ، وارتهن منه درعًا من حديدٍ.
الشيخ: استنبط المؤلف رحمه الله من هذا جواز الكفيل، يعني: إذا كان جاز الرهن فالكفيل كذلك؛ لأنها وثيقةٌ، الرهن وثيقةٌ، والكفيل وثيقةٌ فإذا جاز الرهن جاز الكفيل، وهو الضَّمين.
وفيه دلالةٌ على جواز الرهن في الحضر أيضًا، وأنه ليس من شرط الرهن أن يكون في السفر، وقوله تعالى: وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ [البقرة:283] ليس لقصد التقييد، بل من باب الخبر؛ لأن السفر مظنة عدم وجود الكاتب والشهود، فاكتفي بالرهن، وإلا فالرهن جائزٌ في السفر والحضر، وهكذا الكفيل بالدَّين، والكفيل هو الضَّمين، نعم.
ويجوز أن يكون الكفيل ليس بضمينٍ أيضًا، كأن يكون كفيلًا بالبدن، يعني: يكفله عند طلب إحضاره، هذا يُسمّى: كفيل بدنٍ، ولكن الكفيل المطلق هو الضَّمين، نعم.
باب السلم إلى أجلٍ معلومٍ
وبه قال ابن عباسٍ، وأبو سعيدٍ، والأسود، والحسن.
وقال ابن عمر: لا بأس في الطعام الموصوف بسعرٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ، ما لم يكُ ذلك في زرعٍ لم يبدُ صلاحه.
الشيخ: والمقصود من هذا أن يكون في الذمة، ما يكون في شيءٍ معينٍ؛ ولهذا قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282]، أما إذا كان في معينٍ فيكون هذا بيعًا، ما هو بسلمٍ، يكون بيعًا، إن كان مُعينًا يجوز بيعه جاز، وإلا فلا، فإذا قال: أشتري منك هذه النَّخلات، أو ثمرات هذه النَّخلات. نظرت: فإن كان الثمر بدا صلاحه فلا بأس، وإلا فلا.
أما أن يقول: أشتري منك ألف كيلو، أو كذا، أو كذا من هذا النخل بشرطٍ، لا، ما يصلح، لا بد أن يكون ذمةً؛ لأن هذا النخل قد يُثمر، وقد لا يُثمر، وقد يُثمر ويفسد، شرط السَّلَم أن يكون في الذمة، مداينةٌ تكون في الذمة، نعم.
س: وإذا أتى الوقت المحدد ولم يُسدد المدينُ المبلغ، فهل لي أن أبيع .....؟
ج: يلزم، يلزم، يلزم بالحقِّ، يُلزمه الحاكم بالحقِّ إذا تنازعوا، وإذا اصطلحوا فالحمد لله، إذا اصطلحوا أمهله، أو اصطلحوا وباع الرهن وأوفاه فلا بأس، وإن تنازعوا فالمرجع إلى الحاكم الشرعي، نعم.
س: وإن كان في البيت المعين، أو السيارة المعينة؟
ج: ما يُسمّى: سلمًا، هذا بيعٌ، إذا قال: أشتري هذه السيارة إلى أجلٍ معلومٍ، أو هذا البيت إلى أجلٍ معلومٍ. فهذا بيعٌ، وليس بسلمٍ؛ لأنه بيعُ مُعينٍ، وقال: لك مُهلة، فالسيارة تبقى عندك شهرًا أو شهرين، والبيت يكون عندك سنةً أو سنتين، هذا يُسمّى: بيعًا، بيعٌ فيه تأخير المثمن، يعني: بيع مُعينٍ، نعم.
2253- حدثنا أبو نعيم: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عبدالله بن كثير، عن أبي المنهال، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قدم النبي ﷺ المدينة وهم يُسلفون في الثِّمار السنتين والثلاث، فقال: أسلفوا في الثِّمار في كيلٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ.
وقال عبدالله بن الوليد: حدثنا سفيان: حدثنا ابن أبي نجيح، وقال: في كيلٍ معلومٍ، ووزنٍ معلومٍ.
الشيخ: وهذا يُفيد أنه يجوز أن يشتري لسنتين أو ثلاثٍ، يشتري منك مثلًا ثلاثة آلاف كيلو تمر من نوع كذا، أو حنطة من نوع كذا، الألف الأول في السنة الأولى، والألف الثانية بعد سنتين، والألف الثالثة بعد ثلاث سنوات بثمنٍ معلومٍ يُسلمه إياه، فالثمن مُعجَّلٌ، والمثمن مُؤجَّلٌ، آجالٌ متعددةٌ، نعم.
س: مدة الأجل، أقصى مدة الأجل؟
ج: ما له حدٌّ محدودٌ، لكن لا بد أن يكون له وقعٌ في الثمن، لا بد أن يكون له تأثيرٌ في الثمن بزيادةٍ أو نقصٍ، ما يكون يومًا، أو يومين، أو ثلاثةً، لا، يكون أجلٌ له وقعٌ في الثمن؛ حتى يخرج من بيع ما ليس عندك، لا بد أن يكون له وقعٌ في الثمن؛ أثرٌ.
س: السعر مُلزمٌ ولا يتغير حسب تغير الأسعار؟ السعر الذي اتفقا عليه في البداية؟
ج: في الغالب أنه يتغير، فسعر الألف المعَجَّل غير سعر المؤجَّل سنتين، وغير سعر الألف المؤجَّل ثلاثة سنين، كلما تأخر المثمن يكون السعر أقلّ، مثلًا يقول: آخذ منك ألف كيلو بسعر ريالين للكيلو في السنة الأولى، وريالٍ ونصفٍ في السنة الثانية، وريالٍ واحدٍ في السنة الثالثة؛ لأنه كلما تأخر ينقص الثمن، نعم.
س: والسلعة نفسها قد يزيد سعرها أو ينقص .....؟
ج: نعم؛ ولهذا أسلموا يدورون الفائدة، هم أسلموا يدورون الفائدة، هذا محتاجٌ للثمن، وهذا يرجو أن يبيعها بأكثر ويستفيد من المدة الطويلة، لماذا قدم الدراهم؟ لأنه يرجو أن يربح، والبائع يستفيد من الثمن، يشتري سيارةً، يشتري حاجاتٍ لأهله، يشتري بذورٍ، يشتري غيرها من حاجات المزرعة، نعم، كلاهما ينتفع: المسلم إليه ينتفع بالثمن، والمسلم ينتفع بالمثمن إذا حلَّ.
س: قوله: في كيلٍ معلومٍ، ووزنٍ معلومٍ ما مُراده؟
ج: الكيل في المكيلات، والوزن في الموزونات.
الشيخ: نعم، أهل المدينة عندهم هذا، الأنصار يحتاجونه؛ ولهذا شاع بينهم السلم، ومثل: أهل نجد، وإلى الآن أهل نجد كذلك، وأهل النخيل يحتاجون للسلم في الرياض، وفي الحوطة، وفي الخرج، وفي الجنوب، أهل النخيل يحتاجونه، مثل: الأنصار يحتاجون للسلم؛ لأن الحرَّاث قد لا تكون عنده نقودٌ كثيرةٌ، فيحتاج أن يبيع من ذمته، ويأخذ النقود ليشتري بها حاجات المزرعة، من بذورٍ، أو سيارةٍ، أو سواني، فهو في ذاك الوقت كان يسقي على السواني، أو المكائن، أو ما أشبه ذلك، نعم.
فحالة الأنصار تُشبه حالة أهل نجد قبل سنوات؛ لحاجتهم إلى الزراعة والمداينات، وشدة الحاجة أشبه ما تكون حالة المدينة بحالة أهل نجدٍ قبل عشرات السنين.
س: البخاري إذا قال: وقال فلان من الرواة. هل هذا مُعلَّقٌ؟
ج: هذا مُعلَّقٌ نعم، لكن قد يكون شيخًا له، وقد يكون غير شيخه، إن كان من شيوخه فهو مُعلَّقٌ عن شيوخه، وحكمه حكم الاتصال، وإن كان فوق الشيخ فيكون مُعلَّقًا، وله حكم الصحة إذا كان جازمًا به، نعم.
الشيخ: يعني: ما هو بشرطٍ، المسلم إليه ولو ما عنده مزرعةٌ، لكن في الغالب أن الذين يحتاجونه هم أهل المزارع، هذا هو الغالب، وإلا فقد يسلم إلى إنسانٍ ما عنده مزرعةٌ.
مداخلة: عندنا -أحسن الله إليك-: في الحنطة والشعير والزبيب.
الشيخ: وعندك: الزيت؟
القارئ: نعم.
الشيخ: لا منافاة، يمكن هذا وهذا، أيش قال الشارح؟ نسخة؟ لا مانع من هذا وهذا، هل تعرَّض له الشارح؟
القارئ: ما ذكره.
الشيخ: العيني تعرَّض له؟
الطالب: ما تعرَّض له، قال: تقدم.
الشيخ: حطّ نسخة، الذي عنده "الزبيب" يحط نسخة: "الزيت"، والذي عنده "الزيت" يحط نسخة: "الزبيب"، كله طيبٌ.
الطالب: عندنا: قالا: ما كنا نسألهم عن ذلك.
الشيخ: قالا: ابن أبزى، وعبدالله ابن أبي أوفى.
الطالب: عنده تقديمٌ.
الشيخ: قرأها: قالا: ما كنا نسألهم عن ذلك.
مداخلة: قال: في وزنٍ معلومٍ، ووجه إيراد هذا الحديث في باب السلم في وزنٍ معلومٍ الإشارة إلى ما في بعض طرقه، وهو في الباب الذي يليه بلفظ: فنُسلفهم في الحنطة والشعير والزيت؛ لأن الزيت من جنس ما يُوزن.
الشيخ: نعم، هذا يُبين أن الرواية: الزيت. نعم.
مداخلة: قالا: ما كنا نسألهم من ذلك؟
الشيخ: لا، عن.
س: التقديم والتأخير .....؟
ج: قالا: ما كنا.
الطالب: ما كنا –قالا- نسألهم عن ذلك؟
الشيخ: لا تقديم وتأخير: قالا: ما كنا.
س: ما يدخل هذا الذي ما عنده زرعٌ في بيع ما ليس عنده؟
ج: لا، لا، هذا بيعٌ في الذمة، نعم، مثل: صاحب المزرعة سواءً بسواءٍ، كله في الذمة.
باب السلم إلى أن تُنتج الناقة
2256- حدثنا موسى بن إسماعيل: أخبرنا جويرية، عن نافع، عن عبدالله قال: كانوا يتبايعون الجزور إلى حبل الحبلة، فنهى النبي ﷺ عنه.
فسره نافعٌ: أن تُنتج الناقة ما في بطنها.
الشيخ: هذا من جهلهم، كانوا يتبايعون بآجالٍ مجهولةٍ إلى أن تُنتج الناقة، وفي بعض الأحيان: ثم تُنتج التي في بطنها ..... يشتري الجزور، يقول: أشتريها منك بألف درهم، أو مئة درهم إلى أن تلد الناقة الفلانية، أو هذه المشتراة إذا ولدت أعطيتك الثمن، متى تلد؟ ما يُدرى، قد يزيدون ويقولون: إلى أن تلد، وتحمل البكرة ثم تلد أيضًا. يعني: شيئًا مجهولًا وراء مجهولٍ، فنهى النبي ﷺ عن هذا؛ لما فيه من الجهالة والغرر وإضاعة المال، ويُفضي إلى النزاع والخصومات.
وبعضهم يبيع الحبل نفسه، يبيع حبل الحبلة، يقول: أشتري أولاد أولاد ناقتك هذه، أولاد أولادها الذين سيجيئون أشتريهم، كل ولدٍ بكذا، الولد الأول بكذا، والولد الثاني بكذا! مَن يقول له: أنها ستحمل، ثم تحمل بنتها؟! ومتى يصير هذا؟! يعني: هذه عقولٌ مُصابةٌ بالخَبَل، نعم.
س: في بعض أسراب الطيور يبيعون البيض على أنه مثلًا من سلالةٍ طيبةٍ؟
ج: إذا كان في الذمة لا بأس، يبيع بيضًا في الذمة بعد شهرٍ أو شهرين مئة بيضةٍ.
س: البيض موجودٌ في السوق يُباع؟
ج: إيه، وأيش المشكل؟
س: يقولون: على أن البيضة تُباع مثلًا بخمسمئة ريالٍ؛ لأنها ستُنتج من فصيل طائرٍ معينٍ؟
ج: إذا كان يعرف أنه سيحصل به الفائدة ما في بأس، مثلما يعرف أن هذا الحبَّ سيموت، وهذا الآخر سيُنبت، إذا كان بيضًا معروفًا إذا ..... بكذا حصل منه كذا، ما فيه شيءٌ، المقصود نفي الجهالة، إذا لم تكن هناك جهالةٌ ولا غررٌ فالحمد لله، النبي ﷺ نهى عن بيع الغرر، فإذا كان البيض ينفع ويُستفاد منه، أو بأنواعٍ من الفاكهة فيها فائدةٌ؛ ولهذا صارت غاليةً ويُتداوى بها ما فيه شيءٌ.
س: شيخ، سلمك الله، ما يُعتبر هذا البيع بيع مجهولٍ؟
ج: لا، ما هو بمجهولٍ، إذا صار معروفًا فما هو بمجهولٍ، المجهول الذي لا تُعرف حقيقته، هذا مجهولٌ.
س: قد تفسد البيضة، سلمك الله؟
ج: هم يعرفون، إذا كانوا يعرفون أنها ما تفسد، طيبةٌ، فالحمد لله.
36- كتاب الشفعة
باب: الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعةَ
2257- حدثنا مسدد: حدثنا عبدالواحد: حدثنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قضى رسول الله ﷺ بالشفعة في كل ما لم يُقسم، فإذا وقعت الحدود وصُرفت الطرق فلا شفعةَ.
الشيخ: وهذا واضحٌ في حكم الشفعة، وأنها جائزةٌ ما دامت الشركة موجودةً، فإذا وقعت الحدود وصُرفت الطرق واقتسموا فلا شفعةَ، فإذا كانت بينهما أرضٌ أو بيتٌ، فباع أحدهما، فللآخر الشفعة ما لم يستأذنه، فإذا استأذنه وقال: ما لي حاجةٌ؛ بطلت شفعته، نعم.
باب عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع
وقال الحكم: إذا أذن له قبل البيع فلا شفعةَ له.
الشيخ: نعم، هذا الصواب إذا استأذنه، نعم.
الشيخ: كذلك إذا كان ساكتًا ولم يشفع، ثم بعد ذلك شفع، فهذا معناه أنه راضٍ بالبيع، لا بد على الفور أن يشفع.
س: بيعت شفعته، يعني: نصيبه؟
ج: نصيبه، إيه، شركته. نعم.
2258- حدثنا المكي بن إبراهيم: أخبرنا ابن جريج: أخبرني إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن الشريد قال: وقفتُ على سعد بن أبي وقاص، فجاء المسور بن مخرمة فوضع يدَه على إحدى منكبي، إذ جاء أبو رافعٍ -مولى النبي ﷺ- فقال: يا سعد، ابتعْ مني بيتي في دارك؟ فقال سعد: والله ما أبتاعهما. فقال المسور: والله لتبتاعنَّهما. فقال سعد: والله لا أزيدك على أربعة آلافٍ مُنَجَّمَةٍ، أو مُقَطَّعَةٍ.
قال أبو رافع: لقد أعطيت بها خمسمئة دينار، ولولا أني سمعت النبي ﷺ يقول: الجار أحقُّ بسَقَبِه ما أعطيتُكها بأربعة آلاف، وأنا أُعطى بها خمسمئة دينار. فأعطاها إياه.
الشيخ: رضي الله عن الجميع، ومعنى "سقبه" قُربه، يعني: الذي هو قريبٌ له في شركته؛ لأنه ..... الجار أحقّ يعني: إذا كانت بينهما شركةٌ مثلما في الحديث الآخر، إذا كان طريقهما واحدًا، حديث جابرٍ عند أحمد وأهل السنن، قال: الجار أحق بشُفعة جاره، وإن كان غائبًا ينتظر بها إذا كان طريقهما واحدًا يعني: ..... بيتين في بيت سعدٍ.
س: وإذا رفض الجار أن يأخذها بثمن المثل؟
ج: سقطت شُفعته، لكن هنا تنازل أبو رافع، تنازل عن مئة دينارٍ؛ لأن الدينار بعشرة دراهم، أو باثني عشر، أكثر من أربعة آلافٍ، خمسمئة دينارٍ في عشرةٍ بخمسة آلافٍ، ومن اثني عشر بستة آلافٍ، ومع هذا تنازل لسعدٍ.
س: كيف بيت سعدٍ؟
ج: حجرتان في بيته، قد يكون ميراثًا، جاءه عن طريق الميراث، أو شيء نحو هذا، نعم.
باب: أي الجوار أقرب؟
2259- حدثنا حجاج: حدثنا شعبة. ح، وحدثني علي بن عبدالله: حدثنا شبابة: حدثنا شعبة: حدثنا أبو عمران، قال: سمعت طلحة بن عبدالله، عن عائشة رضي الله عنها: قلت: يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيّهما أُهدي؟ قال: إلى أقربهما منكِ بابًا.
الشيخ: يعني: إذا كانت الهدية لا تتسع لشخصين، فأيهما أولى؟
الأقرب بابًا هو الأولى، ما هو الأقرب جدارًا، الأقرب بابًا، فأيهما كان أقرب بابًا بيَّن النبي ﷺ أنه أولى وأحقّ، وإذا زادت الهدية للجيران كلهم فهذا خيرٌ إلى خيرٍ، كما قال ﷺ: مَن كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم جاره، فليُحسن إلى جاره، نعم.
س: وإذا كان الجار نصرانيًّا؟
ج: ولو كان نصرانيًّا.
س: له شفعةٌ؟
ج: لا، ما له شفعةٌ، لكن له حقّ الإكرام، أما مسألة الشفعة فمحل نظرٍ: هل له الشفعة أو .....؟ عموم الأحاديث يقتضي أن له شفعةً، لكن القواعد أن الكافر ليس له أن يظهر على المسلم، وأن المسلم يجب أن يكون هو الذي يعلو، فالإسلام يعلو، ولا يُعلى عليه، وقد أخذ بعض أهل العلم من هذا أنه لا يشفع؛ لأن الشفعة على المسلم نوع علوٍّ عليه وقهرٍ له بالشفعة، وإلا فهو يدَّعي أنها حقٌّ، وهذا محل نظرٍ، ومقتضى العموم أن له الشفعة: الجار أحقُّ بشفعة جاره ظاهره العموم، ولم يشترط الإسلام، فإن لم يرد شيءٌ يخصّ هذا فالأصل العموم: أنه يعمّ الكافر والمسلم؛ لأن الضَّرر يعمهم، الضرر يلحق بالجار الكافر أيضًا، نعم.
س: الراجح أحسن الله إليك؟
ج: الأقرب العموم، الأقرب وجود الشفعة، إلا أن يكون هناك دليلٌ واضحٌ في منعها، نعم.
س: ذكرت بالأمس أنه يجوز السلم في السيارات، وفي بعض البلدان الناس مثلًا ليسوا فُقراء: لا الباعة، ولا المشترون، لكن يأتي أحد الناس إلى البائع فيقول: أريد سيارةً صفتها كذا وكذا. فيتفق معه، ويقول: لكني سأبيعها لك بكذا وكذا. فيتفقان على المبلغ، وهي ليست موجودةً عند البائع، فيذهب ويشتري بعدما يتفقان على المبلغ، ولا يستلم الثمن من المشتري؟
ج: هذا ما هو بسلمٍ، هذا ما يُسمّى: سلمًا، الكلام في السَّلم أن يشتري منك سيارةً إلى أجلٍ معلومٍ، صفتها كذا، (موديل) كذا، إلى شعبان، أو إلى رمضان، أو إلى شوال، فيُقدّم له الثمن، هذا السَّلم.
أما أن يصف له سيارةً ويشتريها له، فلا يتم البيع حتى يشتريها، فإذا اشتراها وصارت في حوزته وقبضها يبيعها له .....، هذا بيع نقدٍ، ما هو ببيع سلمٍ، لا يبيع شيئًا ما يملكه، ثم يذهب ويشتريه، لا، هذا في الحديث: لا تبع ما ليس عندك، وإنما الكلام في السلم: الذي يشتري في الذمة سيارةً معينةً، أو بعيرًا مُعينًا، أو بغلًا مُعينًا، أو فرسًا معينةً موصوفةً إلى أجلٍ معلومٍ.
س: عمل المسلم في شركة رئيسها نصراني؟
ج: ما نعرف في هذا بأسًا إذا لم يكن هناك ذلٌّ للمسلم، لكن إذا كان فيه ذلٌّ، مثل: كونه طبَّاخًا له، يُقدِّم حاجات الطبخ، فهذا فيه ذلٌّ، ما ينبغي.
س: أو يغسل سيارته؟
ج: أو يغسل سيارته، هذا ذلٌّ، الشيء الذي فيه ذلٌّ لا يجوز للمسلم أن يُستذلّ ويكون ذليلًا للكافر أمام عموم العمَّال، فالأمر أوسع؛ ولهذا جاء أن عليًّا عمل عند بعض اليهود في نزع الماء من البئر، كل دلوٍ بتمرةٍ، عند الحاجة، كل دلوٍ بتمرةٍ، نعم.
س: مع دعوته للإسلام؟
ج: ما هو بشرطٍ، إن دعاه فطيبٌ.
س: ما الفرق بين السَّلم والمرابحة؟
ج: السلم شيءٌ، والمرابحة شيءٌ، المرابحة: كونك تبيع وتشتري، تطلب الربح، تشتري بعشرةٍ وتقول: أبيعه عليك بإحدى عشرة، أو باثنتي عشرة، هذه المرابحة.
أما إذا قلت: أنا اشتريته بعشرةٍ، وبعتُه بعشرةٍ، برأس المال، هذا يُسمّى: تولية، ما هو بمرابحةٍ.
أنت اشتريت السيارة بأربعة آلاف، وقلت: هي لك يا فلان بأربعة آلافٍ ونصف، أو بخمسةٍ. هذه مُرابحةٌ.
والتولية برأس المال.
س: ..............؟
ج: يُسمونها: تولية، إذا باعها برأس المال، اشتراها بعشرةٍ، وباعها بعشرةٍ، برأس ماله.