باب: البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا
وبه قال ابن عمر، وشريح، والشعبي، وطاوس، وعطاء، وابن أبي مليكة.
2110- حدثني إسحاق: أخبرنا حبان بن هلال: حدثنا شعبة، قال قتادة: أخبرني عن صالح أبي الخليل، عن عبدالله بن الحارث قال: سمعت حكيم بن حزام ، عن النبي ﷺ قال: البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بُورِك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحقت بركةُ بيعهما.
الشيخ: هذا الحديث العظيم يدل على وجوب الصدق في المعاملة والبيان وعدم الغش؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: البيعان بالخيار حتى يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بُورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركةُ بيعهما، وهذا واضحٌ في وجوب الصدق والبيان، وأنه إذا تكلم يصدق، إذا قال: شريتها بكذا، يصدق، سِيمَت بكذا، يصدق، لا يكذب، وإلا لا يقل شيئًا، لا يقل: شريتها، ولا سِيمَت، أما إن تكلم فليصدق: أنه شراها بكذا، وهو صادقٌ، سِيمَت بكذا، وهو صادقٌ، يُبين العيوب التي فيها، إن كانت فيها عيوبٌ يُبينها، لا يكتمها، وهذا من أسباب البركة في الثمن والسلعة، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما البائع في السلعة، والمشتري في الثمن، فعلى المشتري أن يبين حقيقة الثمن، ولا يكذب، ولا يغش، والبائع كذلك، كلاهما.
وهذا هو الواجب في جميع المعاملات، في التجارة وفي جميع أنواع المعاملات يكون صادقًا مُبَيِّنًا، لا غاشًّا، ولا خائنًا، هكذا في النكاح، وهكذا في العارية، وهكذا في الوديعة، وهكذا في غير ذلك، كل واحدٍ يتحرى الصدق.
وإذا تفرَّقا تم البيع، لزم، نعم.
س: إذا كذب أحدُهما .....؟
ج: نعم، كل واحدٍ يستحقّ ما فعل، يجني على نفسه، الكاذب منهما، والغاشّ منهما هو الذي يستحق الوعيد.
الشيخ: وهذا واضحٌ: إلا بيع الخيار، بيع الخيار يُفسر بأمرين:
أحدهما: إذا تبايعا على ألا خيار بينهما، يلزم في المجلس، بايعه على أنه يقول: قبلتُ. تم البيع، ولا خيارَ، تبايعا على أنه لا خيارَ بينهما؛ لزم البيع.
المعنى الثاني: أن يشترطا خيارًا يومًا أو يومين أو أكثر، فهما على شرطهما، ولا يلزم البيع إلا بعد مضي المدة، ولو تفرقا فالبيع باقٍ حتى تتم المدةُ.
اشترطا أن الخيار بينهما ثلاثة أيام، أو للبائع فقط، أو للمشتري فقط، فهما على شرطهما: المسلمون على شروطهم، البائع يقول: أنا جازمٌ. ولكن المشتري قال: أنا لي الخيار. أو العكس المشتري جازمٌ، ولكن البائع قال: لي الخيار مدة كذا وكذا. فهما على شرطهما، نعم.
س: إذا اشترط أحدهما الخيار ولم يشترط الآخر؟
ج: المشترط له الخيار فقط.
س: والثاني؟
ج: ما له شيءٌ، تبايعا على أن البائع جازمٌ على بيع هذه الدار، وهذه السيارة، والمشتري قال: لي الخيار ثلاثة أيام، أو أربعة أيام. فله الخيار، أو العكس المشتري جازمٌ: شريتُ. والبائع قال: لا، أرجو أن تُمهلني ثلاثة أيام، أو أربعة أيام للخيار؛ لا بأس، نعم.
س: ثلاثة أيام؟
ج: أو أقلّ أو أكثر على الصحيح.
س: وإذا لم يُحدد المدة؟
ج: هنا خلافٌ، لكن الصواب أن له الخيار ولو ما حدد حتى يفسخه.
باب: إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع
2112- حدثنا قتيبة: حدثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله ﷺ أنه قال: إذا تبايع الرجلان، فكل واحدٍ منهما بالخيار ما لم يتفرقا، وكانا جميعًا، أو يُخير أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن يتبايعا، ولم يترك واحدٌ منهما البيع؛ فقد وجب البيع.
باب: إذا كان البائع بالخيار هل يجوز البيع؟
2113- حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ قال: كل بيعين لا بيعَ بينهما حتى يتفرقا، إلا بيع الخيار.
الشيخ: استنبط المؤلف مثلما تقدم أنه إذا اشترط البائع الخيار وحده لا بأس، كما لو اشترطه المشتري وحده، فالمؤلف رحمه الله يُعيد التراجم للاستنباط كالشرح، يُعيد التراجم بإعادة المتن، أو بألفاظٍ أخرى كالشرح، من باب الاستنباط والإيضاح.
2114- حدثني إسحاق: أخبرني حبان: حدثنا همام: حدثنا قتادة، عن أبي الخليل، عن عبدالله بن الحارث، عن حكيم بن حزام : أن النبي ﷺ قال: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا.
قال همام: وجدتُ في كتابي: يختار -ثلاث مرارٍ-، فإن صدقا وبيَّنا بُورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما فعسى أن يربحا ربحًا، ويُمحقا بركة بيعهما.
الشيخ: هذا من رحمة الله، من رحمة الله سبحانه أن جعل في الأمر سعةً، حتى يتبين كل واحدٍ وينظر ما دام في المجلس، وإلا فقد يعجل فيبيع، وقد يعجل فيشتري، ثم يبدو له شيءٌ، فمن رحمة الله أن جعلهما بالخيار، وجعل لهما أيضًا خيار الشرط كذلك، نعم.
قال: وحدثنا همام: حدثنا أبو التياح: أنه سمع عبدالله بن الحارث يُحدِّث بهذا الحديث عن حكيم بن حزام، عن النبي ﷺ.
باب إذا اشترى شيئًا، فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا
ولم يُنكر البائع على المشتري، أو اشترى عبدًا فأعتقه
وقال طاوس فيمَن يشتري السلعة على الرضا، ثم باعها: وجبت له، والربح له.
2115- وقال لنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا عمرو، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي ﷺ في سفرٍ، فكنت على بكرٍ صعبٍ لعمر، فكان يغلبني فيتقدم أمام القوم، فيزجره عمر ويردّه، ثم يتقدم، فيزجره عمر ويردّه، فقال النبي ﷺ لعمر: بعنيه، قال: هو لك يا رسول الله. قال: بعنيه، فباعه من رسول الله ﷺ، فقال النبي ﷺ: هو لك يا عبدالله بن عمر، تصنع به ما شئتَ.
2116- قال أبو عبدالله: وقال الليث: حدثني عبدالرحمن بن خالد، عن ابن شهابٍ، عن سالم بن عبدالله، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: بِعْتُ من أمير المؤمنين عثمان بن عفان مالًا بالوادي بمالٍ له بخيبر، فلما تبايعنا رجعتُ على عقبي حتى خرجتُ من بيته؛ خشية أن يُرادَّني البيع، وكانت السنة أن المتبايعين بالخيار حتى يتفرقا.
قال عبدالله: فلما وجب بيعي وبيعه رأيتُ أني قد غبنتُه؛ بأني سُقته إلى أرض ثمود بثلاث ليالٍ، وساقني إلى المدينة بثلاث ليالٍ.
الشيخ: يعني: خيبر أقرب من الوادي، فهذا قربٌ من المدينة، وهذا بُعْدٌ، رضي الله عن الجميع.
وهذا الذي فعله ابن عمر مثلما تقدم الأقرب فيه أنه لم يبلغه الحديث، ولا يحلّ له أن يُفارقه خشية أن يستقيله؛ ولهذا اجتهد، فكان يقوم حتى يلزم البيع، هذا أقرب ما يُقال: أنه لم يبلغه الحديث، نعم.
س: الغبن الذي ذكره .....؟
ج: يعني: غبنًا بالنسبة له؛ لأنه قرب من المدينة، وعثمان بَعُدَ، فالمبيع الذي أعطاه ابن عمر بعيدٌ عن المدينة، وخيبر أقرب إلى المدينة.
س: ...............؟
ج: مُراده: غَبْنًا خاصًّا، غَبْنًا معنويًّا؛ لأنه إذا أراد أن يذهب إلى خيبر أسهل عليه من الذهاب إلى الوادي.
س: ...............؟
ج: ما له حدٌّ محدودٌ، الغبن ما له حدٌّ محدودٌ، إذا كان الإنسان ..... ما يُحسن البيع ما يُعدّ غبنًا، يصير غبنًا، أما إذا كان حاذقًا ويعرف البيع والشراء فلا يُسمّى: غبنًا.
س: ...............؟
ج: كأنه ما بلغه الحديث، أقول: لعله ما بلغه الحديث، نعم.
باب ما يُكره من الخداع في البيع
2117- حدثنا عبدالله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن عبدالله بن دينار، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رجلًا ذكر للنبي ﷺ أنه يُخدع في البيوع، فقال: إذا بايعتَ فقل: لا خلابةَ.
الشيخ: يعني: لا خديعةَ، بايعوني على الشيء الواضح، لا تخدعوني.
س: أحسن الله إليك، ما رُوي أن هذا الرجل كان .....؟
ج: ..... في لسانه بعض الشيء، والمراد "لا خلابة"، حبان بن مُنقذ كان في لسانه بعض الشيء، ومن هذا المنطلق يعلم المؤمن أنه ما يجوز له أن يخدع أخاه، قد يكون بعض الناس ما عنده بصيرةٌ، حتى لو ما قال له: "لا خلابة" الواجب على المؤمن أن يُنصف من نفسه، إذا رأى أن المشتري ما عنده بصيرةٌ فالواجب أنه لا يخدعه، يبيع له كما يبيع للناس، لا يخدعه، والله جلَّ وعلا حرَّم عليه مال أخيه إلا بحقٍّ، والمسلم أخو المسلم: لا يخونه، ولا يخذله، لا يستغلّ سذاجته وقلّة بصيرته ويزيد عليه، فإذا فعل فله الخيار، للمغبون الخيار؛ لأنه ليس من أهل الحذق والبصيرة، نعم.
باب ما ذُكِرَ في الأسواق
وقال عبدالرحمن بن عوف: لما قدمنا المدينة قلتُ: هل من سوقٍ فيه تجارةٌ؟ قال: سوق قينقاع.
وقال أنسٌ: قال عبدالرحمن: دلُّوني على السوق.
وقال عمر: ألهاني الصَّفق بالأسواق.
الشيخ: والمقصود من هذا أنه لا بأس، وإن كان من أعبد الناس، وأتقى الناس، فالبيع والشراء أمرٌ مشروعٌ، لا بأس به، الكسب الحلال والاستغناء عمَّا في أيدي الناس؛ لأن عبدالرحمن بن عوف لما قدم المدينة، وآخى النبي ﷺ بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، قال سعد: مالي بيني وبينك أنصاف، وعندي زوجتان، انظر إحداهما وأُطلقها تنكحها بعد العدة. فقال عبدالرحمن: ما لي حاجةٌ: لا في زوجاتك، ولا في مالك، دلُّوني على السوق. فدلوه على السوق، فصار يتسبب ويبيع ويشتري حتى أغناه الله، وصار من أغنى الناس، نعم.
الشيخ: هذا الأمر ما بعد وقع، وسوف يقع ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام عن هذا الجيش، سوف يقع في آخر الزمان، وهذا الجيش يغزو الكعبة ليهدمها، فيُخسف بهم بأولهم وآخرهم، وسألته عائشةُ، سألت النبيَّ عليه الصلاة والسلام فقالت: يا رسول الله، كيف يُخسف بهم وفيهم أسواقهم؟! أسواقهم: أهل البيع والشراء؛ لأن عادة الناس أن يُتابعوا الجيوش: يبيعون عليهم، ويشترون منهم، قالت: كيف يُخسف بهم وفيهم أسواقهم؟! يعني: ناسًا ما جاءوا إلا للبيع والشراء في منازلهم، ومَن ليس منهم؟! فقال عليه الصلاة والسلام: يُخسف بأولهم وآخرهم، ثم يُبعثون على نيَّاتهم، كلٌّ يُبعث على نيته: الذي جاء للفساد والخراب على نيته، والذي جاء للبيع والشراء -ما يعلم قصدهم- على نيته، هكذا العقوبات العامَّة تعمّ الجميع، ثم يُبعثون على نيَّاتهم كما في الحديث الصحيح: إذا رأوا المنكر فلم يُغيروه أوشك أن يعمَّهم الله بعقابه، وهكذا ما يقع من الزلازل والأوبئة تعمّ، وكلٌّ يُبعث على نيته، والله جلَّ وعلا بصيرٌ بأحوالهم، خبيرٌ بأعمالهم، وكلٌّ يُعطى ما يستحق، نعم.
س: ..... هذا الرجل من الحبشة .....؟
ج: غيره، هذا لا يُخسف؛ لأنه مضى في حكم الله جلَّ وعلا أنه سوف يتم الأمر في آخر الزمان، فيتمكن ويهدم الكعبة، لكن جيشًا قبله، ما بعد تمَّت المدة، ما أراد الله لهم النَّجاة.
س: هذا الجيش قبل المسيح الدَّجال أو بعده؟
ج: غالب الظن أنه بعده؛ لأنه في وقت عيسى ابن مريم ينتشر الإسلام ويقوى، ويُهلك الله الأديان كلها في زمانه، ولا يبقى إلا الإسلام.
س: تسمية الأيام التي يحدث فيها شيءٌ من الفتن، مثلما يُسمّى بـ"الاثنين الأسود" .....؟
ج: الأيام تُسمّى بما يقع فيها، مثل: أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ [فصلت:16]، سمَّاها الله "نحسات" أيام عاد، لما وقع فيها من الريح العقيم، نسأل الله العافية.
وهذا ليس من سبِّ الدهر، تسميتها بما وقع فيها: يوم الخسوف، يوم الأسود، بالنسبة لما وقع فيه، يومٌ شديدٌ، يوم النحس.
س: هل يحصل خسفٌ قبل هذا؟
ج: الله أعلم.
الشيخ: كذا عندك: أو حُطَّت؟! في الروايات الكثيرة بالواو: رفع درجةٍ وحطُّ خطيئةٍ، جميعًا، أيش قال الشارح؟ كأنه شكٌّ من الراوي، والرواية المحفوظة: إلا رُفعت له بها درجةٌ، وحُطَّت .....، هذا وهذا، كل خطوةٍ تُرفع بها درجةٌ، وتُحطّ بها خطيئةٌ، جميعًا، كل خطوةٍ إلى الصلاة.
وفي حديث ابن مسعودٍ: وتُكتب له حسنةٌ أيضًا، رواه مسلم في "الصحيح": تُمْحَى عنه خطيئةٌ، وتُرفع له درجةٌ، وتُكتب له حسنةٌ.
س: في الخطوة الواحدة؟
ج: في الخطوة الواحدة، نعم.
س: ما جاء في أحاديث أخرى: أن إحدى خطواته تُرفع بها درجةٌ، والأخرى تُحطّ بها خطيئةٌ؟
ج: لا، في الرواية الأخرى كل هذا ..... كل خطوةٍ تُرفع بها درجةٌ، وتُحط عنه بها خطيئةٌ، كلما كان أكثر فهو من نِعَم الله ، وقد يكون بعضها سابقًا، وبعضها لاحقًا؛ لأن إحداهما ترفع درجةً، والأخرى تحطّ خطيئةً، قد يكون هذا أولًا، ثم تفضل الله بالزيادة، نعم.
س: ............؟
ج: عامٌّ في أي مسجدٍ.
س: الشافعية يستدلون بهذا على عدم وجوب صلاة الجماعة؟
ج: هذا ما هو بدليلٍ لهم؛ لأن الأحاديث يجب ضمّ بعضها إلى بعضٍ، هذا في باب الفضل، والأحاديث الأخرى فيها بيان الوجوب، فالأحاديث لا يضرب بعضُها ببعضٍ، بل تُفسر بعضها بعضًا، وأحاديث الفضائل غير أحاديث الأوامر والواجبات، هذا في بيان الفضل، وحديث الأعمى، وحديث مَن سمع النِّداء -حديث ابن عباسٍ- يدل على وجوب قصد المساجد: مَن سمع النِّداء فلم يأتِ فلا صلاةَ له إلا من عذرٍ، هذا حديثٌ آخر غير مسألة الفضل، وحديث الأعمى: هل تسمع النِّداء؟ قال: نعم، قال: فأجب رواه مسلمٌ. هذا شيءٌ آخر.
وحديث همِّه بتحريق البيوت على المتخلفين شيءٌ آخر، لا يُضرب بعضها ببعضٍ، فأحاديث الفضائل غير أحاديث الواجبات والمحرَّمات، نعم.
س: قوله: وصلاته في سوقه يدل على جواز الصلاة في السوق .....؟
ج: هذا أراد به السوق محل البيع والشراء، هذا مراد المؤلف، وإلا فقارعة الطريق تركها أحوط؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث، وإن كانت ضعيفةً، إذا دعت الضرورة لا بأس، مثل: ضاق المسجد وصلوا في الطريق، لا بأس عند الحاجة؛ لأن الحديث ضعيفٌ في قارعة الطريق.
س: المراد بالسوق هنا غير قارعة الطريق؟
ج: مراد المؤلف: أسواق البيع والشراء: "وفيهم أسواقهم"، "دلُّوني على السوق"، يُطلق في أحاديث أخرى على الطريق.
س: قوله: والملائكة تُصلي عليه .....؟
ج: نعم، ما دام في المسجد فهو في مُصلاه، المسجد كله مُصلى، وإذا انتقل من محلِّه إلى عمودٍ يتكئ عليه ما فيه شيءٌ.
س: ...............؟
ج: لا، لا، مصلاه، النبي ﷺ قال: في مصلاه.
س: تدخل في هذا المرأة؟
ج: نعم، تدخل في مسجدها، في مصلاها، في بيتها، نعم.
س: الملائكة تُصلي على الإنسان قبل الصلاة وبعد الصلاة؟
ج: نعم، قبلها وبعدها، ما لم يُؤذِ أو يُحْدِث قبلها وبعدها، وهذا فضل الله جلَّ وعلا، وله الحمد والمنة ، هذا فضله جلَّ وعلا.
وفي هذا بيان عِظم ما يُحرمه مَن ضيَّع صلاة الجماعة، وأنه يُحرم خيرًا كثيرًا، مع تعرضه لخطرٍ عظيمٍ، نعم.
س: ما لم يُؤذِ فيه؟
ج: ما لم يُؤذِ، ما لم يُحْدِث، يُؤذي بغيبةٍ، أو نميمةٍ، أو سبٍّ، أو كلامٍ سيئٍ، أو يُحْدِث، معروفٌ الحدث: فساء، وضراط.
الشيخ: هذا يحتمل أن المراد به الطريق، السوق هنا الطريق، والله أعلم، أيش قال عليه الشارح؟ هل تكلم عليه؟ يحتمل أنه سوق البيع والشراء، ويحتمل أنه السوق يعني: الطريق، هل تكلم بشيءٍ؟
والغرض منه هنا قوله في أول الطريق الأولى: كان النبي ﷺ في السوق. وفائدة إيراد الطريق الثانية قوله فيها: إنه كان بالبقيع. فأشار إلى أن المراد بالسوق في الرواية الأولى: السوق الذي كان بالبقيع، وقد قال : وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ [الفرقان:20].
الشيخ: نعم، ماشٍ.
الشيخ: وهذا في حياته ﷺ، فلما تُوفي جاز هذا وهذا: التسمية، والتَّكنية، أما التَّكني بكُنيته في حياته فيُمنع، نعم؛ لئلا يلتبس عند الكلام، نعم.
الشيخ: هذا فيه منقبةٌ للحسن، هو وأخوه سيدا شباب أهل الجنة، وهما ريحانتاي النبي ﷺ، وكان يُحبهما كثيرًا، وقد أجرى الله على يد الحسن صلحًا عظيمًا بين طائفتين عظيمتين كما هو معروفٌ.
وفي هذا الرفق بالصغار، ومحبة الصغار، والتلطف معهم، والتواضع.
س: من باب المداعبة: أثَمَّ لُكَع؟؟
ج: نعم، لكن الرافضة والشيعة عكسوا القضية، فجعلوا هذه الأحاديث وما جاء في معناها في غير محلِّها، فغلوا وزادوا وخالفوا الكتاب والسنة، ووقعوا فيما يُبعدهم عن الله، إلا مَن هداه الله.
والواجب في أهل البيت وفي غيرهم من الصُّلحاء: التوسط والاعتدال، محبةٌ من دون غلوٍّ، ومن دون جفاءٍ: مع أهل العلم، ومع أهل البيت، ومع الأنبياء، يُحبهم من دون جفاءٍ، ودون غلوٍّ، لا يجفو، ولا يغلو، يُحبهم ويدعو لهم، ويُصلي على الأنبياء، ويتبع نبيَّه الذي بُعث فيه، يُحب الصالحين، ويتأسى بأفعالهم الطيبة، ويُحب آل البيت، ويدعو لهم، لكن لا يغلو، لا يعبدهم من دون الله، ولا يصفهم بما لا يليق، ولا يجفو ويسبّهم، لا هذا، ولا هذا، هذا هو العدل، وهذا قول أهل الحق.
أما الطوائف الأخرى فمالت: فبعضها مُكَفِّرٌ ومُفَسِّقٌ: كالخوارج والناصبة، وبعضها غالى في آل البيت فعبدهم من دون الله: كالرافضة وأشباههم.
س: ما مناسبة ذكر الوتر: قال عبيدالله: أخبرني أنه رأى نافع بن جبير أوتر بركعةٍ؟
ج: من باب تمام الرواية، وإلا فما لها تعلقٌ بالحديث.
س: ألا يكون -يا شيخ- سماع عبيدالله بن يزيد ..... رواية عبيدالله، عن نافع؟
ج: ما هو بمقصودٍ، الظاهر أنها من تمام الرواية ..... الإيتار بركعةٍ لا بأس به، فالإيتار بركعةٍ جائزٌ، أقلّ الوتر ركعةٌ، نعم.
2123- حدثنا إبراهيم بن المنذر: حدثنا أبو ضمرة: حدثنا موسى بن عقبة، عن نافعٍ: حدثنا ابن عمر: أنهم كانوا يشترون الطعام من الركبان على عهد النبي ﷺ، فيبعث عليهم مَن يمنعهم أن يبيعوه حيث اشتروه، حتى ينقلوه حيث يُباع الطَّعام.
2124- قال: وحدثنا ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النبي ﷺ أن يُباع الطعام إذا اشتراه حتى يستوفيه.
الشيخ: وهذا هو الواجب: أن يُباع بعد النقل، يُنقل من محل البيع إلى محلٍّ آخر، من محل بيع الطعام من أعلى السوق إلى أسفله، كانوا يضربون على ذلك، نعم.
والمقصود من هذا القطع على البائع، وأن المبيع يبقى في حقِّ المشتري، قد استقلَّ به، وانقطع عنه البائع، وفي هذا إبعاد الجميع عن الخصومات والنزاعات، نعم.
س: النقل للوجوب؟
ج: نعم، لا بد ..... غير الطعام مثل الطعام؛ ولهذا في حديث زيد بن ثابت: نهى رسول الله ﷺ أن تُباع السلع حيث تُبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.
س: هذا في المنقولات؟
ج: في المنقولات، أما غير المنقولات إذا تمَّ البيع وسلّم له المبيع، وخلَّا بينه وبينه: أعطاه مفتاح البيت، يعني: تم البيع على الأرض، وخلَّا بينه وبين السلعة؛ صارت مقبوضةً.
س: يا شيخ، أحسن الله إليك، إذا كانت المنقولات كبيرة الحجم فأبقاها مثلًا، أو باعها على آخر؟
ج: الظاهر أنه يعمّ هذا، وأنها تُنقل، لا بد من النقل. نعم.