الشيخ: وهذا من أدلة أن المملوكة إذا أُعتقت تحت العبد تُخير: إن أحبَّت البقاء معه بقيت، وإلا فلها أن تختار نفسها، نعم.
وكان مغيث زوجها يُحبها كثيرًا، وأرادها أن تبقى، فأبت عليه، واستشفع بالنبي ﷺ، فشفع فيه النبي ﷺ، فقالت: تأمرني، أو تشفع؟ فقال: لا، ولكني أشفع، قالت: لا حاجةَ لي فيه. وكان أمرهما عجبًا: حبّه لها، وبُغضها إياه، نعم.
باب إذا أُسِرَ أخو الرجل أو عمّه، هل يُفادى إذا كان مُشركًا؟
وقال أنسٌ: قال العباس للنبي ﷺ: فاديتُ نفسي، وفاديتُ عقيلًا. وكان عليٌّ له نصيبٌ في تلك الغنيمة التي أصاب من أخيه عقيل وعمِّه عباس.
الشيخ: وهذا فيه أنه جائزٌ أن المسلم يفدي بعض أقاربه من الأسر، لا بأس، فيه إحسانٌ، وربما هداهم الله بأسباب ذلك، نعم، الله المستعان.
الشيخ: كأنه -والله أعلم- لأن الأسير قد يُسترقّ، فهو شبه الرِّق، رِقٌّ خاصٌّ، الأسير رقيقٌ رقٌّ خاصٌّ، ممنوعٌ من التصرف، وهو يُشبه الرقيق، ثم هو وسيلةٌ إلى أن يُسترق أيضًا إذا لم يُؤدِّ، نعم.
س: يعني: ما يعتق .........؟
ج: لا، على ..... أن يُؤديه، أو أقاربه، أو مَن يُحسن فيه، يتبرع لتخليصه، ولولي الأمر أن يسترق الأسرى، وله أن يعفو عنهم، وله أن يُفادي بهم، وله قتلهم، كما هو معروفٌ: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً [محمد:4]، نعم.
س: ولا يُستثنى أحدٌ من قرابة .....؟
ج: ما يدخل فيها شيءٌ من جهة القرابة، ما يدخل فيها شيءٌ؛ لأنها شيءٌ مُشتركٌ في المسلمين.
س: ..............؟
ج: هذا للمسلمين عمومًا، من عمل المسلمين.
باب عتق المشرك
2538- حدثنا عبيد بن إسماعيل: حدثنا أبو أسامة، عن هشام: أخبرني أبي: أن حكيم بن حزام أعتق في الجاهلية مئة رقبةٍ، وحمل على مئة بعيرٍ، فلما أسلم حمل على مئة بعيرٍ، وأعتق مئة رقبةٍ، قال: فسألتُ رسول الله ﷺ فقلت: يا رسول الله، أرأيتَ أشياء كنت أصنعها في الجاهلية كنت أتحنَّث بها –يعني: أتبرر بها-؟ قال: فقال رسول الله ﷺ: أسلمتَ على ما سلف لك من خيرٍ.
الشيخ: يعني: كل ما أراد به وجه الله ينفعه بعد الإسلام، فأعمال المشرك حابطةٌ، لكن إذا أسلم نفعته أعماله الطيبة السابقة من حجٍّ، أو عتقٍ، أو صدقاتٍ، أو صلة رحمٍ، أو برِّ والدين، إذا أسلم نفعه ذلك: أسلمتَ على ما أسلفتَ من خيرٍ.
س: قوله : فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ [الفرقان:70]؟
ج: هذا في شأنٍ آخر، إذا تاب وآمن وعمل عملًا صالحًا، إذا أتبع السيئة التوبة بالعمل الصالح والإيمان بُدلت سيئاته حسنات.
س: إعتاق الرقاب سواء كانت مسلمةً أو مُشركةً؟
ج: ما في مانع، لكن إعتاق المسلم أفضل وأعظم، وإلا فهو يشمل حتى عتق الرقاب المشركة، يقول جلَّ وعلا: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [الممتحنة:8] أي: ولو كانوا كفارًا، فالإحسان إلى الكفرة غير المحاربين لا بأس به بالعتق أو الصدقة، نعم.
س: الراجح في بطلان العمل: بمجرد الردّة أو بالموت عليه؟
ج: بالموت، لا يبطل إلا بالموت على الكفر؛ لأن الله قال: فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ [البقرة:217]، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ [آل عمران:91]، أما إذا أسلم قبل الموت فإنه يحوز ما له من الخير السابق كله، حتى الذي فعله في الكفر، يبقى له، يحوزه بإسلامه، نعم.
س: لو ارتدَّ -أحسن الله إليك- بعدما حجَّ ثم تاب؟
ج: حجّه له يكفيه، ما يحتاج إلى حجٍّ ثانٍ.
س: في الشرح يقول: وأما قوله: أسلمتَ على ما سلف لك من خيرٍ فليس المراد به صحة التقرب منه في حال كفره، وإنما تأويله أن الكافر إذا فعل ذلك انتفع به إذا أسلم؛ لما حصل له من التدرب على فعل الخير، فلم يحتج إلى مجاهدةٍ جديدةٍ، فيُثاب بفضل الله عما تقدم بواسطة انتفاعه بذلك بعد إسلامه. انتهى؟
ج: ما يحتاج إلى هذا التأويل، المقصود أنه ما قدم من خيرٍ يحوزه إذا أسلم، إذا فعله لله سابقًا .....، فإن إسلامه يحوزه له، يُثبته له، إذا كان نواه لله، نعم.
باب مَن ملك من العرب رقيقًا: فوهب، وباع، وجامع، وفدى، وسبى الذّرية
وقوله تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَّا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [النحل:75].
2539- حدثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهابٍ: ذكر عروة: أن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه: أن النبي ﷺ قام حين جاءه وفد هوازن، فسألوه أن يردّ إليهم أموالهم وسبيهم، فقال: إن معي مَن ترون، وأحب الحديث إليَّ أصدقه، فاختاروا إحدى الطائفتين: إما المال، وإما السبي، وقد كنتُ استأنيتُ بهم، وكان النبي ﷺ انتظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف، فلما تبين لهم أن النبي ﷺ غير رادٍّ إليهم إلا إحدى الطائفتين، قالوا: فإنا نختار سبينا. فقام النبي ﷺ في الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فإن إخوانكم قد جاءونا تائبين، وإني رأيت أن أردَّ إليهم سبيهم، فمَن أحبَّ منكم أن يطيب ذلك فليفعل، ومَن أحبَّ أن يكون على حظِّه حتى نُعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل، فقال الناس: طيبنا لك ذلك، قال: إنا لا ندري مَن أذن منكم ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عُرفاؤكم أمركم، فرجع الناس، فكلَّمهم عُرفاؤهم، ثم رجعوا إلى النبي ﷺ فأخبروه: أنهم طيبوا وأذنوا.
فهذا الذي بلغنا عن سبي هوازن.
وقال أنسٌ: قال عباسٌ للنبي ﷺ: فاديتُ نفسي، وفاديتُ عقيلًا.
الشيخ: وهذا واضحٌ في ..... المؤلف، فقد يكون بعضهم قد جامع، وقد يكون بعضهم تزوجها، يعني: محتملٌ، كذلك هنا العباس فادى عقيلًا -وعقيل بن أبي طالب ابن أخيه- مع الأسرى يوم بدر، فدل على أنه لا مانع من كون المسلم يُحسن للكافر الأسير، والكافر الفقير الذي ليس بمحاربٍ، وكونه يعفو عن حقِّه من السبي، يتصدق به، ويتبرع به لأجل السبي.
س: .............؟
ج: من دون مفاداةٍ.
س: .............؟
ج: العباس فادى، لكن جماعة المسلمين سمحوا بالسبي لهوازن من دون مقابلٍ، عفوًا.
س: فيه جواز استرقاق العرب؟
ج: إيه، هذا لا شكَّ، العرب يُسترقون، وكان عمر يرى عدم ذلك، والصواب استرقاقهم، فقد استرقهم النبي ﷺ، واسترقهم الصحابة في حرب أهل الردة، نعم.
س: ذكر المؤلفُ مُعلَّقًا هنا في وسط الأحاديث: وقال أنس: قال العباس: إني فاديتُ عقيلًا. على خلاف عادته .....؟
ج: مثلما تقدم من باب الإيضاح؛ لأن التعليق قد يحتاج إليه في أثناء الكلام رحمه الله.
الشيخ: تكلم على علي بن الحسن؟ أو العيني، علي بن الحسن شيخ المؤلف.
قارئ الشرح: قال هنا: علي بن الحسن بن شقيق، بالشين المعجمة.
الشيخ: فقط، يكفي. نعم.
وهذا فيه فائدةٌ: أنه لا بأس أن يُغار على الناس وهم غارون إذا كانوا قد أُنذروا، لا بأس، الممنوع أن يغار عليهم من قبل الإنذار، وإذا كانوا قد دُعوا إلى الله وأُنذروا وأبوا وأصرُّوا على الكفر جاز أن يُغار عليهم في وقتٍ آخر وهم غارون، نعم.
الشيخ: فيه إذنٌ لهم بالعزل، وأخبرهم أن العزل لا يمنع ما أراد الله، فقد يسبق المني ويحصل المولود، فما أراده الله سوف يقع، لكن هذا من الأسباب، من أسباب الحمل.
2543- حدثنا زهير بن حرب: حدثنا جرير، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: لا أزال أُحبّ بني تميم.
وحدثني ابن سلام: أخبرنا جرير بن عبدالحميد، عن المغيرة، عن الحارث، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة. وعن عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: ما زلتُ أُحبّ بني تميم منذ ثلاثٍ سمعتُ من رسول الله ﷺ يقول فيهم، سمعته يقول: هم أشدّ أمتي على الدجال، قال: وجاءت صدقاتهم، فقال رسول الله ﷺ: هذه صدقات قومنا، وكانت سبيةٌ منهم عند عائشة، فقال: أعتقيها؛ فإنها من ولد إسماعيل.
الشيخ: هذه مزايا لبني تميم: أنهم من بني إسماعيل، العرب المستعربة، وولد إسماعيل كلهم قوم النبي ﷺ: قومنا، وهم أشدّ أمته على الدجال، يعني: أنهم أقوى الناس عليه، ضدّه، وهم فيهم قوةٌ، وفيهم شدةٌ، من صفاتهم الشدة، معروفةٌ، نعم.
س: العبد يَمْلِك؟
ج: فيه خلافٌ بين العلماء: منهم مَن يرى أنه يَمْلِك إذا ملَّكه سيده، ومنهم مَن يرى أنه لا يَمْلك ..... يعني: ملكٌ مقيدٌ؛ لأن مَن قال بتمليكه هو ملكٌ مقيدٌ، تبع سيده، لسيده أخذه منه.
..............
س: "وكانت سبيةٌ" هذا الشاهد؟
ج: إي نعم.
وفيه أدلةٌ في سبي العرب، وأنه لا بأس بسبي العرب وملكهم، نعم.
باب أم الولد
قال أبو هريرة: عن النبي ﷺ: من أشراط الساعة: أن تلد الأمةُ ربَّها.
2533- حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني عروة بن الزبير: أن عائشة رضي الله عنها قالت: إن عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن يقبض إليه ابن وليدة زمعة، قال عتبة: إنه ابني. فلما قدم رسول الله ﷺ زمن الفتح أخذ سعد ابن وليدة زمعة، فأقبل به إلى رسول الله ﷺ، وأقبل معه بعبد بن زمعة، فقال سعد: يا رسول الله، هذا ابن أخي، عهد إليَّ أنه ابنه. فقال عبد بن زمعة: يا رسول الله، هذا أخي، ابن وليدة زمعة، وُلِدَ على فراشه. فنظر رسول الله ﷺ إلى ابن وليدة زمعة، فإذا هو أشبه الناس به.
س: الضمير يعود إلى عتبة؟
ج: في الرواية الأخرى: شبهًا بيِّنًا بعتبة. هنا مجملٌ، لعله يأتي أوضح منه.
الشيخ: وفي اللفظ الآخر: الولد للفراش –كما يأتي- وللعاهر الحجر، وهذا من الأدلة على أن مَن يُولد على فراش الإنسان هو ولده، سواء من زوجته، أو من أمته التي يطأها، ودعوى أنه من الزنا باطلةٌ، لا يُلتفت إليها: الولد للفراش، وللعاهر الحجر مطلقًا، حتى ولو فيه شَبَهٌ من الزاني، الولد مُلحقٌ بالزوج، إلا أن يُلاعن. نعم.
س: قوله: وتلد الأَمَةُ ربَّها؟
ج: يُسمّى: ربًّا، السيد يُسمّى: ربًّا، مثلما في الحديث: وليقل: سيدي، ومولاي يعني: سيدها؛ لأنه ولد سيدها، أو بنت سيدها، أو سيدتها كذلك، يُطلق عليه "سيدًا" توسعًا، نعم.
س: أم الولد تُباع؟
ج: الصواب أنها لا تُباع، بعد موت السيد لا تُباع، إذا استولدها لا تُباع، لكن تعتق بعد موته، نعم.
س: ..............؟
ج: النهي مُقدَّمٌ، ولعله كان أخيرًا، فالنبي ﷺ يقول: لا يقل أحدُكم: أطعم ربك، وضِّئ ربك، وليقل: سيدي، ومولاي، ولعل هذا كان أولًا، ثم بيَّن النبي ﷺ أنه لا يُقال له: ربّ، بل يقال له: سيد، نعم؛ ولهذا في اللفظ الآخر: ربّتها يعني: سيدتها.
س: إذا ولدت الأمةُ لم يجز لسيدها أن يبيعها؟
ج: هذا المعروف عند أهل العلم، حكاه غير واحدٍ إجماعًا، ولكن تعتق بعد موته، يستخدمها، يستمتع بها حتى يموت، ثم تعتق، وكان عمر أوضح هذا في خلافته رضي الله عنه وأرضاه، وهذا استقر عليه الإجماع في عدم بيع السراري، وهم أمهات الأولاد.
س: في عهد عمر؟
ج: نعم، ، مثلما قال جابرٌ: كنا نبيع سرايا أمهات الأولاد حتى كان عمر فمنع ذلك.
س: كأنه في الأول كانت هناك سعةٌ؟
ج: ظاهر حديث ..... أنهن كن يُبعن في حياة النبي ﷺ، المسألة –يعني- بسطها العلماء، ذكرها العلماء، وتكلموا فيها، والمقصود أنه استقر الإجماع على عدم بيعهن، وأن يعتقن بعد موته.
باب بيع المدبر
2534- حدثنا آدم ابن أبي إياس: حدثنا شعبة: حدثنا عمرو بن دينار: سمعت جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: أعتق رجلٌ منا عبدًا له عن دبرٍ، فدعا النبي ﷺ به، فباعه. قال جابر: مات الغلام عام أول.
الشيخ: وهو دليلٌ على أن الوصية بالعتق ما تجعله عتيقًا، إذا أوصى به بعد وفاته أنه حرٌّ، وأوصى أنه عتيقٌ بعد كذا وكذا، ما زال ملكه له، فله أن يبيعه ويتصرف فيه.
س: معنى بيع المدبر؟
ج: يعني: قال: إذا متّ فهو حرٌّ، المدبر قال: إذا مت فهو حرٌّ، يعني: علَّق عتقه على دبر الحياة، فباعه النبي ﷺ وقضى به دَين الرجل، نعم.
س: ...............؟
ج: إذا كان فقيرًا فهو من ثلث المال، من الثلث، نعم، وصيةٌ.
باب بيع الولاء وهبته
2535- حدثنا أبو الوليد: حدثنا شعبة، قال: أخبرني عبدالله بن دينار: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: نهى النبي ﷺ عن بيع الولاء، وعن هبته.
الشيخ: وهذا الحديث الصحيح انفرد به عبدالله بن دينار، كما انفرد علقمة بن وقاص بحديث: الأعمال بالنيات عن عمر، فهذا من أفراد عبدالله، وهو متَّفقٌ على صحته: نهى عن بيع الولاء، وعن هِبته، نعم.
فالولاء لا يُباع، ولا يُوهَب، يعني: ولاء زيد، أو ولاء عمرو منك، أو ولاؤك منه لا يُباع، مثل: النسب سواء، الولاء لُحْمَةٌ كلُحْمَة النسب، فلا يقال: أبيعك ولائي من العتيق فلان، كما لا يقال: أبيعك قرابتي من فلان، نعم.
............