باب المنان بما أعطى
لقوله: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى الآية [البقرة:262].
الشيخ: مقصوده رحمه الله بيان تحريم المنِّ والأذى في العطيَّة، وأنَّه يبطل ذلك، يُبطلها؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى [البقرة:264].
المنّ: هو الذي يقول: فعلتُ بك، وأعطيتُك، وأحسنتُ إليك.
والأذى أنواع: الأذى بالكلام السَّيئ، والفعل السيئ، وفي حديثٍ رواه مسلم -كأنَّه لم يكن على شرطه رحمه الله- يقول ﷺ: ثلاثةٌ لا يُكلِّمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يُزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليم: المسبِل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنَفِّق سلعتَه بالحلف الكاذب. رواه مسلمٌ في "صحيحه".
والشاهد قوله: والمنان فيما أعطى، وهذا وعيدٌ؛ ولهذا بيَّن الله في القرآن أنَّ هذا المنَّ يُبطل الصَّدقة؛ فينبغي للمؤمن ألا يمنّ بالعطيَّة، ويُعرض عنها وينساها، ولا يمنّ على صاحبه بها، ولا يُؤذيه كما يفعله اللُّؤماء، ولكن يُعطيه ويُحسن، ولا يتبع ذلك منًّا ولا أذًى.
كما يجب الحذر من الإسبال الذي في الغالب يقع عن شبه تعاظم، وقد يقع عن تساهلٍ، لكن يجب الحذر منه؛ لقوله ﷺ: ثلاثةٌ لا يُكلِّمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يُزكِّيهم، ولهم عذاب أليم، وبدأهم بالمسبل إزاره.
وفي الحديث الصَّحيح الآخر الذي رواه البخاري في "الصحيح": ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النَّار، والإزار مثال، ويُلحق به القميص والسَّراويل والبشت، وغير هذا من الملابس.
وأمَّا قصّة الصّديق حين قال: يا رسول الله، إنَّ إزاري يرتخي، إلا أني أتعاهده؟ فقال: لستَ ممن يفعله خُيلاء، فالمراد من ذلك أنَّ مثل هذا لا يضرّ المؤمن، إذا ارتخى إزاره وتعاهده وكفَّه ولم يتعمّده ما يضرّ، لكن إذا تساهل به وتركه فظاهر حاله التَّكبر، ودعوى القلوب إلى الله، فالقلوب الله الذي يعلمها، لكن ظاهره التَّكبر، ثم ما في هذا من الإسراف والتَّعريض: تعريض الملابس للأوساخ والنَّجاسات.
كذلك الأيمان التي يُنَفِّق بها السِّلعة: والله إنها عليَّ بكذا، والله إنها سِيمت بكذا، والله إني اشتريتُها بكذا!
ما ينبغي له هذا، يجب الحذر، وإذا كان كاذبًا صار الأمر أشدّ، ومُنَفِّق سلعته بالحلف الكاذب إذا كان يُنَفِّقها بالأيمان الكاذبة: والله إنها سِيمت بكذا! وهو يكذب، والله إني شريتها بكذا! وهو يكذب.
وفي الحديث الآخر: ثلاثة لا يُكلِّمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يُزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليمٌ: رجلٌ على فضل ماءٍ بالفلاة يمنعه ابن السَّبيل، ورجلٌ بايع رجلًا سلعةً بعد العصر، فحلف له بالله لقد أُعطي بها كذا وكذا، فصدّقه الآخر، ورجلٌ بايع إمامًا، لا يُبايعه إلا للدنيا، فإن أعطاه منها وفى، وإن لم يُعطه منها لم يفِ.
وفي الحديث الآخر: ثلاثة لا يُكلّمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يُزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليمٌ: أُشيمط زانٍ، وعائل مُستكبر، ورجل جعل اللهَ بضاعته: لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه، وهذا يعمّ الكاذب والصَّادق؛ لأنَّ كثرةَ الأيمان وسيلة إلى الكذب، كثرة الأيمان في البيع والشِّراء من وسائل الكذب، فإذا تعمّد الكذب صار الإثم أشدّ.
س: المنّ وإن جحد المعروف؟
ج: مطلقًا، ظاهر الحديث مطلقًا، لا يمنّ بعطيَّته.
س: إذا كان صادقًا في حلفه على السِّلعة أنها سيمت بكذا، وهو صادق؟
ج: ما يعمّه الوعيد، لكن لا يُكثر، تكون أيمانُه قليلةً، إذا كان صادقًا لا يُكثر؛ لأنَّه إذا أكثر جرَّه ذلك إلى الكذب، نعم، والله يقول: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89]، نعم.
س: ما يُقال: ما يفعله الإنسانُ في الظَّاهر يُترجم ما في نفسه من الإسبال؟
ج: هذا الأغلب، نعم الأغلب.
س: ما يكون إزار أبي بكر .....؟
ج: النِّهاية إلى الكعبين، والأفضل من نصف الساق، وينزل ما بين النِّصف إلى الكعب، نعم.
باب مَن أحبَّ تعجيل الصَّدقة من يومها
1430- حدثنا أبو عاصم، عن عمر بن سعيد، عن ابن أبي مُليكة: أنَّ عُقبة بن الحارث حدَّثه قال: صلَّى بنا النبي ﷺ العصر فأسرع، ثم دخل البيت، فلم يلبث أن خرج، فقلتُ، أو: قيل له، فقال: كنتُ خلّفتُ في البيت تبرًا من الصَّدقة، فكرهتُ أن أُبَيّته، فقسمتُه.
الشيخ: جحد المعروف، إذا كان له أسبابٌ ثم جحد المعروف هذا له بابٌ آخر، قد تدعو الحاجةُ إلى بيانه -بيان المعروف- إذا ترتبت عليه مصلحة يُبين، لا على سبيل المنّ، ولكن على سبيل التَّكذيب للجاحد للمعروف، وقد يكون المعروفُ ليس صدقةً، بل هدية، قد يكون لأسبابٍ اقتضت ذلك: مُكافأة على عطية، أو ما أشبه ذلك، المقصود أنَّ المنَّ في العطية مطلقًا ينبغي للمؤمن أن يحذره، لكن إذا دعت الحاجةُ إلى بيانه لا على سبيل المنّ، ولكن على سبيل إبطال ما جحده الجاحد، فهذا نرجو ألا يكون من باب المنِّ، من باب إبطال الكذب، أو تصحيح الوضع، نعم.
الشيخ: وهذا يدخل في المسارعة إلى الخيرات، ولا سيّما إذا كان الإنسانُ يخشى من عوارض تمنعه، فينبغي له البدار بالصَّدقة، بالصوم، بالصلاة، بعيادة المريض، أو بغير هذا من الأمور التي يخشى أن يُحال بينه وبينها، فيُبادر، والآيات دالَّة على فضل ذلك: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ [آل عمران:133]، فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة:148]، وسَابِقُوا [الحديد:21]، نعم.
الشيخ: وأيش قال على الباب الذي قبله؟
قوله: "باب مَن أحبَّ تعجيل الصَّدقة من يومها" ذكر فيه حديث عقبة بن الحارث: صلَّى بنا النبيُّ ﷺ العصر فأسرع، ثم دخل البيت. الحديث، وفيه: كنتُ خلَّفتُ في البيت تبرًا من الصَّدقة، فكرهتُ أن أُبَيِّته، فقسمته.
قال ابنُ بطال: فيه أنَّ الخير ينبغي أن يُبادر به، فإنَّ الآفات تعرض، والموانع تمنع، والموت لا يؤمن، والتَّسويف غير محمودٍ.
زاد غيره: وهو أخلص للذّمة، وأنفى للحاجة، وأبعد من المطل المذموم، وأرضى للربِّ، وأمحى للذَّنب.
وقد تقدّمت بقية فوائده في أواخر صفة الصَّلاة.
وقال الزينُ بن المنير: ترجم المصنف بالاستحباب، وكان يمكن أن يقول: كراهة تبييت الصَّدقة؛ لأنَّ الكراهة صريحة في الخبر، واستحباب التَّعجيل مُستنبط من قرائن سياق الخبر، حيث أسرع في الدُّخول والقسمة، فجرى على عادته في إيثار الأخفى على الأجلى.
قوله: أن أُبَيِّته أي: أتركه حتى يدخل عليه الليل، يقال: "بات الرجلُ" دخل في الليل، و"بَيَّته" تركه حتى دخل الليل.
الشيخ: وفيه من الفوائد: جواز تخطِّي رقاب الناس عند الحاجة إلى ذلك، ولا سيّما بعد فراغ الصَّلاة؛ لأنَّ كل مأذونٍ له أن ينصرف، فلا حرجَ عليه أن يتخطى في هذه الحالة بعد الانصراف من الصَّلاة.
وفيه من الفوائد: أنَّ الأموال التي لم تُضرب ولم تُصفّ تخرج زكاتها منها، فمثلًا: إذا استخرج إنسانٌ ذهبًا أو فضَّةً في تبرها، وحال عليها الحول، أخرج ربع عُشرها منها بترابها؛ ولهذا أخرج من التّبر لأنها مُواساة، فيخرج زكاتها منها، والمصفّ زكاته منه، نعم.
وفيه أيضًا من الفوائد: خُلُقه العظيم ﷺ، ومُسارعته إلى الخيرات، وحرصه على الخير، وبداره به عليه الصلاة والسلام، مع كونه مغفورًا له، مع كونه قد أخبره ربُّه أنَّه من أهل الجنة، فالنبي ﷺ في الجنة.
فالمقصود أنَّ الأكياس والأخيار لا يزيدهم الإحسانُ إلا إحسانًا وتكثيرًا في الخير، فالأنبياء إحسان الله إليهم -وهكذا الأخيار- يزيدهم تشميرًا في الطَّاعات، يزيدهم مُسارعةً إلى الخيرات، لا كسلًا، نعم.
باب التَّحريض على الصَّدقة والشَّفاعة فيها
1431- حدثنا مسلم: حدثنا شُعبة: حدثنا عدي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: خرج النبي ﷺ يوم عيدٍ، فصلَّى ركعتين، لم يُصلِّ قبل ولا بعد، ثم مال على النِّساء ومعه بلال، فوعظهنَّ، وأمرهنَّ أن يتصدّقن، فجعلت المرأةُ تُلقي القلب والخرص.
الشيخ: القُلب: نوعٌ من الحلي، والخرص كذلك ما يُجعل في الأذن، والقُلب لعلها تُجعل في الأيدي، والمقصود أنهن يُلقين من حُليهنَّ، سواء كان من حُلي الأذن، أو حُلي الحلق، أو الخواتم؛ مُسارعةً في الخيرات، مُسارعةً في الطَّاعات.
أيش قال على "القُلب"؟
الشيخ: السِّوار من ملابس اليد، والخرص من ملابس الأذن.
الشيخ: تُجعل في الأذن، يُقال لها: قرط.
الشيخ: الشَّفاعة مطلوبة في الخير، مأجورٌ صاحبها، ولا تلزم إجابتها، لكن يُستحبّ أن تُجاب الشَّفاعة إذا كانت مُناسبةً، إذا كانت في محلِّها يُستحبّ أن يُجيب المشفوع إليه الشَّافع، فمن مكارم الأخلاق: إجابة الشَّفاعة إذا كانت الشَّفاعةُ في محلِّها: كالشَّفاعة في إنظار المعسر، والشَّفاعة في العفو عن الخطيئة التي تخصّك: كشفاعة النبي ﷺ إلى بريرة في أن تبقى مع زوجها، فأبت، وهو دليلٌ على أنَّه لا يلزم قبول الشَّفاعة، فإنَّ بريرة قالت: تأمرني أو تشفع؟ قال: بل أشفع، قالت: لا حاجةَ لي فيه. ففرَّقت بين الأمر والشَّفاعة، فدلّ على أنَّ الأمر من النبي ﷺ واجبُ الطاعة، أمَّا الشَّفاعة فلا تجب الإجابة فيها، بل تُستحبّ؛ ولهذا قال تعالى: مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا [النساء:85]، وقال: اشفعوا تُؤْجَروا، نعم.
أمَّا الشَّفاعة فيما حرم فلا، أو الشَّفاعة في إسقاط حدٍّ لا، ما تجوز.
س: في ترك الأولى، الشَّفاعة في ترك الأولى؟
ج: لا مانع منها إذا رأى المصلحة في ذلك.
س: بردة أو بُريدة؟
ج: أبو بردة، أيش عندكم؟
قارئ المتن: عندنا أبو بُريدة ابن عبدالله ابن أبي بُردة.
الشيخ: لا، أبو بُردة، أبو بُردة هو حفيد أبي بردة الآخر.
قارئ المتن: أبو بُردة ابن عبدالله ابن أبي بردة؟
الشيخ: إيه، نعم، هذا حفيد أبي بردة، حفيد أبي موسى، كلاهما أبو بردة: الحفيد والجدّ.
1433- حدثنا صدقة بن الفضل: أخبرنا عبدة، عن هشام، عن فاطمة، عن أسماء رضي الله عنها قالت: قال لي النبيُّ ﷺ: لا تُوكي فيُوكَى عليكِ.
حدثنا عثمانُ ابن أبي شيبة، عن عبدة، وقال: لا تُحصي فيُحصي اللهُ عليكِ.
الشيخ: ومعناه الحثّ على الصَّدقة، الإيكاء ضبط: الوعاء وعدم إخراج الصَّدقة، والإحصاء كونه يُحصي ما خرج حتى يمسك؛ لأنَّه قد يجرّه ذلك إلى البُخل والشُّح، فيُنفق، فالله جلَّ وعلا يجود ويتكرم .
س: الإحصاء: العدّ؟
ج: هذا الظاهر، يعني: عدّ ما خرج؛ لأنَّه قد يتكاثر، إذا عدَّه قد يتكاثره فيُمسِك، فينبغي له ألا يُحصي، بل يُنفق إذا جاءت المناسبة، يُنفق ويسأل ربَّه الخلف والأجر، ولا يمنع من كونه يُبقي لنفسه ولأهل بيته كفايتهم، هذا معروف، نعم.
س: أيش الفرق بين الشُّح والبُخل؟
ج: الشُّح: بخلٌ معه حرصٌ على المزيد من المال، والبُخل: الإمساك فقط، البخيل: الممسِك الذي يبخل بما يجب عليه إخراجه، والشَّحيح أشدّ؛ ولهذا قال تعالى: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [التغابن:16]، يعني: حرصه على المال بغير حقِّه مع بُخله به، يجمع بين الأمرين، نعم.
باب الصَّدقة فيما استطاع
1434- حدثنا أبو عاصم، عن ابن جُريج. وحدثني محمد بن عبدالرحيم، عن حجاج بن محمد، عن ابن جُريج قال: أخبرني ابنُ أبي مُليكة، عن عباد بن عبدالله بن الزبير أخبره، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: أنها جاءت إلى النبي ﷺ فقال: لا تُوعي فيُوعي الله عليكِ، ارضخي ما استطعتِ.
باب الصَّدقة تُكفّر الخطيئة
1435- حدثنا قتيبة: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حُذيفة قال: قال عمرُ : أيُّكم يحفظ حديث رسول الله ﷺ عن الفتنة؟ قال: قلتُ: أنا أحفظه كما قال. قال: إنَّك عليه لجريء، فكيف؟ قال: قلتُ: فتنة الرجل في أهله وولده وجاره تُكفّرها الصَّلاة والصَّدقة والمعروف.
قال سليمان: قد كان يقول: الصَّلاة، والصَّدقة، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر.
قال: ليس هذه أُريد، ولكني أُريد التي تموج كموج البحر. قال: قلتُ: ليس عليك بها يا أمير المؤمنين بأسٌ، بينك وبينها بابٌ مُغلقٌ. قال: فيُكسر الباب أو يُفتح؟ قال: قلت: لا، بل يُكسر. قال: فإنَّه إذا كُسر لم يُغلق أبدًا. قال: قلتُ: أجل. فهبنا أن نسأله: مَن الباب؟ فقلنا لمسروق: سله. قال: فسأله، فقال: عمر . قال: قلنا: فعلم عمرُ مَن تعني؟ قال: نعم، كما أنَّ دون غدٍ ليلة، وذلك أني حدّثته حديثًا ليس بالأغاليط.
الشيخ: أيش قال الشارحُ عليه؟
الشيخ: وهذا من نِعم الله، فالإنسان يغلط في أهله وولده وماله، ويتكلّم.
فتنته في أهله وولده وماله وجاره أيضًا تُكفّرها الصلاة، والصَّدقة، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، هذا من نِعم الله العظيمة، فينبغي للمؤمن الإكثار من هذه الخيرات؛ حتى تكون كفَّارةً لما قد يقع منه من الزلل في أهله وماله وولده وجاره: الصلاة، والصوم، والصَّدقة، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، نعم.
وأمَّا فتنة تموج كموج البحر فهذه المشتبهة، الملتبسة، الخطيرة، فهذه أخبر حُذيفة عن النبي ﷺ أنَّ بينه وبينها بابًا مُغلقًا، وهو قتله ، فالفتنة العظيمة تقع بعد قتل عمر، وقد وقعت بعدما قُتل ، نعم.
باب مَن تصدّق في الشِّرك ثم أسلم
1436- حدثنا عبدالله بن محمد: حدثنا هشام: حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن حكيم بن حزام قال: قلتُ: يا رسول الله، أرأيتَ أشياء كنتُ أتحنَّث بها في الجاهلية، من: صدقةٍ، أو عتاقةٍ وصِلة رحمٍ، فهل فيها من أجرٍ؟ فقال النبي ﷺ: أسلمتَ على ما سلف من خيرٍ.
الشيخ: هذا من رحمة الله: كلّ ما يُقدّمه الإنسانُ في جاهليته وكُفره من أعمالٍ يتقرَّب بها إلى الله من صدقات وصلة رحم وعتاقة إذا أسلم تبقى له، وتكون في أعماله الطّيبة: أسلمتَ على ما أسلفتَ يعني: حزتَ ما أسلفت، ..... أسلمت عليه وحزته وحصلت عليه.
وهكذا لو ارتدّ ثم رجع تكون له أعماله السَّابقة، لو كان صاحب صلاةٍ وصدقات وأعمال، ثم ارتدَّ، مَن مَنّ الله عليه بالتوبة والرجوع يكون أسلم على ما أسلف من خيرٍ.
فالكافر إذا أسلم وأحسن كفَّر الله بإسلامه كلَّ ما كان قبل ذلك، وإذا أساء في الإسلام أُخذ بالأول والآخر كما في الحديث، نعم.
س: المرتد إذا حجَّ قبل الردّة؟
ج: تبقى له حجّته، إذا هداه الله ورجع يبقى حجّه له، ما عليه حجّة ثانية، إذا ارتدَّ ثم أسلم وقد حجَّ سابقًا فأعماله باقية: أسلمتَ على ما أسلفتَ من خيرٍ.