باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر

باب غُسْلِ الميت ووضوئه بالماء والسِّدْر

وحَنَّطَ ابنُ عمر رضي الله عنهما ابنًا لسعيد بن زيد، وحمله، وصلَّى ولم يتوضَّأْ.

وقال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: المسلم لا يَنْجُس حيًّا، ولا ميِّتًا.

وقال سعيدٌ: لو كان نجسًا ما مَسِسْتُه.

الشيخ: وهذا الذي قاله ابن عباسٍ رضي الله عنهما ثبت معناه بنص الرسول ﷺ، فقد ثبت في "الصَّحيحين" من حديث حُذيفة، ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ قال: إنَّ المسلم لا ينجس، وهذا يعمّه حيًّا وميتًا، لما انخنسا منه لأنَّ عليهما جنابة قال لهما: إنَّ المسلم لا ينجس، فهو لا ينجس حيًّا وميتًا.

وهكذا بنو آدم ليسوا بنجسين، حتى الكافر بدنه طاهر، فلو لمسه إنسانٌ بدنه طاهر، إنما هو نجسٌ من جهة الاعتقاد: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [التوبة:28] يعني: من جهة اعتقادهم الباطل، أمَّا المؤمن فأمره واضحٌ: طاهر البدن، وطاهر العقيدة، والمشرك نجس العقيدة، طاهر البدن، ابن آدم هذا شأنه.

وقال النبي ﷺ: المؤمن لا ينجُس.

1253- حدثنا إسماعيل بن عبدالله، قال: حدثني مالك، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسولُ الله ﷺ حين تُوفّيت ابنتُه، فقال: اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك إن رَأَيْتُنَّ ذلك، بماءٍ وسِدْرٍ، واجْعَلْنَ في الآخرة كافُورًا -أو شيئًا من كافورٍ-، فإذا فرغْتُنَّ فآذِنَّني، فلمَّا فرغنا آذَنَّاه، فأعطانا حِقْوَهُ، فقال: أَشْعِرْنَهَا إيَّاه تعني: إزاره.

الشيخ: وهذه زينب رضي الله عنها، ماتت بعد الفتح في آخر حياته عليه الصلاة والسلام.

وفي هذا أنَّ السنة في الغُسل أن يكون ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر، وترًا، هذا هو الأفضل، ويكفي واحدة إذا غسل، كما في حديث مَن وقصته راحلته، قال ﷺ: اغسلوه بماءٍ وسدرٍ، وكفِّنوه في ثوبيه، ولم يذكر عددًا.

فالواجب غسل الميت مطلقًا، لكن إذا كرره ثلاثًا هو الأفضل: ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، حسب الحاجة إلى التَّكرار.

ومعنى الغسلة: تعميم البدن بالماء، تعميمه بالبلل، إذا عمَّه بالبلل فهذه غسلة، إذا عمَّه بالماء فهذه غسلة، فإذا أعاد ذلك فهي ثانية، وهكذا.

والأفضل أن يكون بماءٍ وسِدْرٍ، ويكون في الغسلة الأخيرة شيء من الكافور؛ لما فيه من تصليب الجسم وتطييب الرائحة.

فكون الإنسان يُحنّطه أو يُكفّنه ..... ما يُستحبّ له؛ لأجل هذا غسل، فلو حنَّطه بالطيب، أو كفَّنه، أو قبَّله، أو لمسه، ما عليه وضوء ولا غسل، إنما يُستحبّ الغسل لمن غسله، مَن غسله يُستحبّ له الغسل، ومَن لمس عورته يتوضأ، مع أنَّه لا يلمس عورته، يجعل بينه وبين العورة شيئًا لو غسله.

وذهب بعضُ أهل العلم إلى أنَّ غسل الميت يُوجب الوضوء، وليس عليه دليلٌ واضحٌ، إذا كان الغاسلُ لم يمسّ العورة، أما إذا مسّ العورة فقد وجب الوضوء، لكن السنة في هذا أن يجعل بينه وبين العورة شيئًا مانعًا: كخرقةٍ ونحوها، يغسل بها فرجه .....، ولا يمسّ الفرج بيده، ويُستحبّ له الغسل؛ لحديث: كان النبي ﷺ يغتسل من غسل الميت .....، فالاغتسال من غسل الميت أمرٌ مُستحبٌّ إذا تيسر ذلك. نعم.

أمَّا مَن كفَّنه، أو طيَّبه، أو كشف عنه وقبَّله، فهذا ما يُوجب الغسل ولا الوضوء، أو حمله إلى المصلَّى، أو إلى .....، هذا لا يُوجب الوضوء، أما حديث: ومَن حمله فليتوضأ فهو حديثٌ ضعيفٌ، نعم.

..........

باب ما يُستحبُّ أن يُغْسلَ وِتْرًا

1254- حدثنا محمد: حدثنا عبدالوهاب الثَّقفي، عن أيوب، عن محمدٍ، عن أم عطيةَ رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسولُ الله ﷺ ونحن نغسل ابنته، فقال: اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك، بماءٍ وسِدْرٍ، واجعلنَ في الآخرة كافورًا، فإذا فرغْتُنَّ فآذِنَّني، فلمَّا فرغنا آذنَّاه، فألقى إلينا حِقْوَهُ، فقال: أَشْعِرْنَهَا إيَّاه.

فقال أيوب: وحدَّثتني حفصةُ بمثل حديث محمدٍ، وكان في حديث حفصةَ: اغسلنها وِتْرًا، وكان فيه: ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، وكان فيه أنَّه قال: ابدؤوا بمَيَامِنِها ومواضعِ الوضوءِ منها، وكان فيه أنَّ أمَّ عطيَّةَ قالت: ومَشَطْنَاها ثلاثةَ قرونٍ.

الشيخ: حفصة هذه بنت سيرين، أخت محمد بن سيرين، وأخت أنس بن سيرين .....، وهي ثقة.

وفيه أنَّ السنة أن يبدأ بالميامن في الغسلة، يبدأ بميامن الميت.

وأنَّ الرأس -إن كان لها رأسٌ- يُجعل ثلاث ضفائر .....، يُجعل وراءها.

وفيه أيضًا: أنه أعطاهنَّ الإزار، وقال: أشعرنها إياه، وذلك -والله أعلم- لما فيه من البركة والخير عليه الصلاة والسلام، فجعله إزاره شعارًا لها فيه فائدة لها ومصلحة، نعم.

.............

باب يُبْدَأُ بميامِن الميت

1255- حدثنا علي بن عبدالله: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم: حدثنا خالد، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله ﷺ في غسل ابنته: ابْدَأْنَ بميامِنها ومواضعِ الوضوء منها.

باب مواضع الوضوء من الميت

1256- حدثنا يحيى بن موسى: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن خالد الحذَّاء، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطيةَ رضي الله عنها قالت: لما غَسَّلْنا بنتَ النبي ﷺ قال لنا ونحن نغسلها: ابدؤوا بميامِنها ومواضع الوضوء منها.

باب: هل تُكَفَّنُ المرأةُ في إزارِ الرجل؟

1257- حدثنا عبدُالرحمن بن حماد: أخبرنا ابنُ عونٍ، عن محمدٍ، عن أم عطية قالت: تُوُفِّيتْ بنتُ النبي ﷺ، فقال لنا: اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك إنْ رَأَيْتُنَّ، فإذا فرغْتُنَّ فآذِنَّني، فلمَّا فرغنا آذنَّاه، فنزع من حِقْوِهِ إزارَه، وقال: أَشْعِرْنَهَا إيَّاه.

الشيخ: أيش قال الشارحُ على الترجمة؟

قوله: "باب: هل تُكفَّن المرأةُ في إزار الرجل؟" أورد فيه حديث أم عطية أيضًا، وشاهد الترجمة.

قوله فيه: "فأعطاها إزاره" قال ابنُ رشيد: أشار بقوله "هل" إلى ترددٍ عنده في المسألة، فكأنَّه أومأ إلى احتمال اختصاص ذلك بالنبي ﷺ؛ لأنَّ المعنى الموجود فيه من البركة ونحوها قد لا يكون في غيره، ولا سيّما مع قُرب عهده بعرقه الكريم، ولكن الأظهر الجواز، وقد نقل ابنُ بطال الاتِّفاق على ذلك، لكن لا يلزم من ذلك التَّعقب على البخاري؛ لأنَّه إنما ترجم بالنظر إلى سياق الحديث، وهو قابلٌ للاحتمال.

وقال الزينُ بن المنير نحوه، وزاد احتمال الاختصاص بالمحرم أو بمَن يكون في مثل إزار النبي ﷺ وجسده من تحقق النَّظافة، وعدم نفرة الزوج وغيرته أن تلبس زوجته لباس غيره.

الشيخ: ............

الطالب: عبدالرحمن بن حماد بن شعيث -بمُعجمةٍ وآخره مُثلثة، مُصغر، الشعيثي، أبو سلمة، العنبري، البصري، صدوق ربما أخطأ، من صغار التاسعة، مات سنة اثنتي عشرة. (خ، ت).

الشيخ: ........... والإزار لا بأس به، فعل النبي ﷺ يدلّ على أنه لا بأس أن تُعطى المرأة الإزار: إزار زوجها، أو قميصه، إذا دعت الحاجةُ إلى ذلك؛ لأنَّ هذا ما هو بمحلّ تشبّهٍ، المقصود ستر عورتها، فإذا دعت الحاجةُ إلى إزارٍ ورداءٍ فما فيه شيء.

المقصود من هذا ستر العورة، والإزاران: إزار المرأة وإزار الرجل يشتبهان؛ لأنه قطعة، خرقة تُلفّ على النصف الأسفل.

س: إذا كان للبركة؟

ج: البركة خاصَّة بالنبي ﷺ، هذا لا يُقاس بالنبي؛ لأنَّ الله خصَّه بالبركة عليه الصلاة والسلام، كلّ ما مسَّ جسده عليه الصلاة والسلام، ولا يُقاس عليه غيره.

س: ..............؟

ج: لا، ما هو بلزوم، تكفي بواحدة، إن كفَّنها بواحدةٍ تعمّها، يكفي، الكلام: هل يُستحبّ معه إزارٌ أم لا؟ وإلا فلو كُفِّن الميت في ثوبٍ واحدٍ ستره كلّه كفى، لكن الأفضل ثلاث لفائف للرجل، هذا الأفضل، كما كُفِّن النبي ﷺ في ثلاث لفائف، والمرأة في خمس قطعٍ: إزار، وقميص، وخمار على الرأس، ولفافتين تُلفّ بهما.

ما تعرَّض العيني لكفن المرأة؟

الطالب: قال: وقال أصحابُنا: تُكفّن المرأةُ في خمسة أثوابٍ: درع، وإزار، وخمار، ولفافة، وخرقة تُربط فوق ثدييها، تلبس الدرع -وهو القميص- أولًا، ثم يُوضع الخمار على رأسها كالمقنعة منشورًا فوق الدرع، تحت اللّفافة والإزار، ثم الخمار فوق ذلك، تحت الإزار، ثم الإزار تحت اللّفافة، وتُربط الخرقة فوق اللّفافة عند الصَّدر.

وقال ابنُ المنذر: كلّ مَن يُحفظ عنه يرى أن تُكفّن المرأة في خمسة أثواب: كالشعبي، والنخعي، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور.

وعن ابن سيرين: تُكفّن المرأةُ في خمسة أثواب: درع، وخمار، ولفافتين، وخرقة.

الشيخ: هذا يُفيد الإجماع، ابن المنذر يذكر أنَّه مشهورٌ عند العلماء: خمسة أثواب: إزار، وخمار، وقميص، ولفافتان، والخرقة .....، لفافة تُلفّ على الخمار والإزار والقميص، وهذا أكمل في سترها.

.............

س: حِقوه؟

ج: مربط الإزار يُقال له: حقو، حقوه يعني: إزاره، سُمّي بمحلّ ربطه.

س: .............؟

ج: ما أعرف له أصلًا، وإنما فعله الناسُ لأنَّ النبي ﷺ قال: إنها مباركة .....، ولعلَّ الناس فعلوا هذا من أجل أنها مُباركة.

باب: يُجعل الكافورُ في الأخيرة

الشيخ: يعني: الغسلة الأخيرة.

1258- حدثنا حامد بن عمر: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمدٍ، عن أمِّ عطية قالت: تُوفِّيتْ إحدى بناتِ النبي ﷺ، فخرج النبي ﷺ فقال: اغْسِلْنَهَا ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك إنْ رأيْتُنَّ بماءٍ وسِدْرٍ، واجعلْنَ في الآخرةِ كافورًا -أو شيئًا من كافورٍ-، فإذا فرغْتُنَّ فآذِنَّنِي، قالتْ: فلمَّا فرغنا آذنَّاه، فألقى إلينا حِقْوَه، فقال: أَشْعِرْنَهَا إياه.

وعن أيوب، عن حفصةَ، عن أم عطية رضي الله عنهما، بنحوه.

1259- وقالت: إنه قال: اغْسِلْنَهَا ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، أو أكثر من ذلك إنْ رأيْتُنَّ.

الشيخ: وما ذاك إلا لأنَّ الجسد قد تكون فيه أوساخ، فالثلاث يحصل بها غالبًا النَّقاء، لكن قد تكون هناك أشياء فيحتاج إلى خمسٍ، أو إلى سبعٍ؛ لطول المرض ..... والأوساخ وأشياء أخرى ملتصقة بالجسد، فيحتاج إلى المزيد، فالنساء أو الغاسل ..... ينظر في الأمر؛ إذا رأى المزيد زاد على الثلاث، وإن لم يرَ كفت الثلاث، نعم.

قالت حفصةُ: قالت أم عطية رضي الله عنها: وجعلنا رأسَها ثلاثة قرونٍ.

الشيخ: تكلّم على جعل الرأس ثلاثة قرون ..... العيني تكلّم؟

.............

باب نقضِ شعر المرأة

وقال ابنُ سيرين: لا بأس أن يُنْقَضَ شعرُ الميت.

1260- حدثنا أحمدُ: حدثنا عبدالله بن وهبٍ: أخبرنا ابن جريجٍ. قال أيوب: وسمعتُ حفصةَ بنت سيرين قالت: حدثتنا أم عطية رضي الله عنها: أنهنَّ جعلْنَ رأسَ بنت رسول الله ﷺ ثلاثة قرونٍ، نقضْنَه، ثم غسلْنَه، ثم جعلْنَه ثلاثة قرونٍ.

بابٌ: كيف الإشعار للميت؟

وقال الحسن: الخِرقة الخامسة تشدُّ بها الفخذين والوَرِكَيْنِ تحت الدِّرْعِ.

1261- حدثنا أحمد: حدثنا عبدالله بن وهبٍ: أخبرنا ابنُ جريجٍ: أنَّ أيوب أخبره قال: سمعتُ ابن سيرين يقول: جاءتْ أمُّ عطيةَ رضي الله عنها -امرأةٌ من الأنصار من اللَّاتي بايعن النبي ﷺ، قدمت البصرةَ تُبادِر ابنًا لها فلم تُدْرِكْه- فحدثتنا قالت: دخل علينا النبي ﷺ ونحن نغسل ابنتَه، فقال: اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك إن رأيْتُنَّ ذلك بماءٍ وسِدْرٍ، واجعلن في الآخرة كافورًا، فإذا فرغْتُنَّ فآذنَّني، قالت: فلمَّا فرغنا ألقى إلينا حِقْوَهُ، فقال: أشعرنها إياه، ولم يزدْ على ذلك، ولا أدري أيُّ بناتِه.

الشيخ: تقدّم أنها زينب رضي الله عنها، امرأة أبي العاص ابن الربيع، رُدَّت إليه بعد الفتح، وماتت بعد ذلك رضي الله عنها.

بناته أربع عليه الصلاة والسلام: زينب امرأة أبي العاص ابن الربيع، وأم كلثوم ورقية، وقد ماتتا قديمًا، وهما زوجتا عثمان .

والرابعة: فاطمة، عاشت بعده نحو ستة أشهر ثم تُوفيت رضي الله عنها.

فهن أربع: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة وهي الصُّغرى، عاشت بعده ستة أشهر مع عليٍّ ..... مدة حياته ﷺ، وآخرهنَّ موتًا زينب في حياته، ثم بعدها فاطمة بعد وفاته ﷺ.

س: ..............؟

ج: نساء الصحابة ..... خير النساء رضي الله عنهن، لكن فاطمة ورد فيها نصٌّ أنها سيدة نساء أهل الجنة، فاطمة نفسها جاء فيها نصٌّ أنها سيدة نساء أهل الجنة رضي الله عن الجميع.

وزعم أن الإشعار: الفُفْنَهَا فيه، وكذلك كان ابنُ سيرين يأمر بالمرأة أن تُشْعَرَ، ولا تُؤْزَرَ.

بابٌ: هل يُجعل شعر المرأة ثلاثة قرونٍ؟

1262- حدثنا قبيصة: حدثنا سفيان، عن هشامٍ، عن أم الهُذَيْل، عن أم عطيَّةَ رضي الله عنها قالت: ضفرنا شعر بنت النبي ﷺ. تعني: ثلاثة قرونٍ.

وقال وكيعٌ: قال سفيان: ناصِيَتَها وقَرْنَيْهَا.

بابٌ: يُلْقَى شعر المرأة خلفها

1263- حدثنا مسدَّدٌ: حدثنا يحيى بن سعيدٍ، عن هشام بن حسَّان قال: حدثتنا حفصةُ، عن أم عطية رضي الله عنها قالت: تُوفِّيتْ إحدى بنات النبي ﷺ، فأتانا النبي ﷺ فقال: اغسلنها بالسِّدْر وِتْرًا ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك إنْ رأيتنَّ ذلك، واجعلن في الآخرة كافورًا -أو شيئًا من كافورٍ-، فإذا فرغتنَّ فآذنَّني، فلمَّا فرغنا آذنَّاه، فألقى إلينا حِقْوَهُ، فضَفَرْنَا شعرَها ثلاثة قرونٍ، وألقيناها خلفها.

الشيخ: هل تكلّم على الترجمة؟

قوله: "بابٌ: يُجعل شعر المرأة ثلاثة قرون" أي: ضفائر.

قوله: "حدثنا سفيان" هو الثوري، و"هشام" هو ابن حسان، و"أم الهذيل" هي حفصة بنت سيرين.

قوله: "ضفرنا" بضاد ساقطة، وفاء خفيفة، "شعر بنت النبي ﷺ" تعني: ثلاثة قرون.

وقال وكيع: قال سفيان –أي: بهذا الإسناد-: ناصيتها وقرنيها، أي: جانبي رأسها.

ورواية وكيع وصلها الإسماعيلي بهذه الزيادة، وزاد: "ثم ألقيناه خلفها"، وسيأتي الكلام على هذه الزيادة في الباب الذي يليه.

واستدلّ به على ضفر شعر الميت، خلافًا لمن منعه، فقال ابن القاسم: لا أعرف الضفر، بل يكفّ.

وعن الأوزاعي والحنفية: يُرسل شعر المرأة خلفها، وعلى وجهها مُفرَّقًا.

قال القرطبي: وكأنَّ سبب الخلاف أنَّ الذي فعلته أم عطية هل استندت فيه إلى النبي ﷺ فيكون مرفوعًا، أو هو شيء رأته ففعلته استحسانًا؟

كلا الأمرين محتمل، لكن الأصل ألا يُفعل في الميت شيء من جنس القُرَب إلا بإذنٍ من الشرع مُحقق، ولم يرد ذلك مرفوعًا. كذا قال.

وقال النووي: الظاهر اطلاع النبي ﷺ وتقريره له.

قلت: وقد رواه سعيد بن منصور بلفظ الأمر من رواية هشام، عن حفصة، عن أم عطية قالت: قال لنا رسول الله ﷺ: اغسلنها وترًا، واجعلن شعرها ضفائر.

وقال ابنُ حبان في "صحيحه": ذكر البيان بأن أم عطية إنما مشطت ابنة النبي ﷺ بأمره، لا من تلقاء نفسها.

ثم أخرج من طريق حماد، عن أيوب قال: قالت حفصة: عن أم عطية: اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، واجعلن لها ثلاثة قرونٍ.

تنبيه: قوله: ثلاثة قرون مع قوله: ناصيتها وقرنيها لا تضاد بينهما؛ لأنَّ المراد بالثلاثة قرون: الضَّفائر، والمراد بالقرنين: الجانبان.

.............

الشيخ: ذكر الحكمة أو لا؟

الطالب: قوله: واجعلن لها ثلاثة قرون فيه: مشط شعرها بثلاث ضفائر. وبه قال الشافعي، وعندنا يُجعل ضفيرتين على صدرها فوق الدِّرع، وقال الشافعي: يسرح شعرها ويُجعل ثلاث ضفائر.

الشيخ: الأحناف في الغالب يُخالفون السنة؛ لأنَّ علمهم بالسنة قليل، الأحناف علمهم بالسنة قليل، والغالب أن اعتمادهم على التعليل والرأي.

والصواب أنه يُجعل ثلاثة قرون، وأن مثل هذا ما يكون من فعل أم عطية والمغسِّلات باختيارهن، الغالب أن يكون هذا عن مشورة النبي ﷺ، وعن استئذانٍ منه عليه الصلاة والسلام، ..... رواية سعيد هذه -وهي صحيحة- تصريح بأنه أمرهن بذلك، فهذا هو السنة: أن يُجعل ثلاثة قرون تُلقى وراءها، القرنان و..... إلى وراء، أما الحكمة فالله أعلم.

س: ..............؟

ج: كلهم من خديجة، كل أولاده من خديجة إلا إبراهيم من مارية، والباقي ولدان من خديجة، وأربع بنات؛ ولدان: عبدالله والقاسم، ويُقال لعبدالله: الطاهر والمطيَّب، من خديجة ابنان وأربع بنات، أما الذَّكران فقد ماتا صغيرين، القاسم وعبدالله ماتا صغيرين، ويقول بعضهم: أنهما ناهزا الحلم، وأما البنات فكلهن عِشْن وتزوجن ومتن كبيرات، وإبراهيم مات في الثدي قبل أن يُفطم، رضي الله عن الجميع.

س: ...............؟

ج: هذا الظاهر أنه يُستحبّ.

س: ...............؟

ج: إذا عمَّمه بالماء كفى والحمد لله.

..............