يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا [النساء:43].
ينهى تبارك وتعالى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي حَالِ السُّكْرِ الَّذِي لَا يَدْرِي مَعَهُ الْمُصَلِّي مَا يقول، وعن قُربان محالها التي هي الْمَسَاجِدُ لِلْجُنُبِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُجْتَازًا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ، وَقَدْ كَانَ هَذَا قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ كَمَا دَلَّ عليه الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ عِنْدَ قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ [البقرة:219]، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَلَاهَا عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا. فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَلَاهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا. فَكَانُوا لَا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ، فَلَمَّا نَزَلَ قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إلى قوله تعالى: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:90- 91]، فَقَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا، انْتَهَيْنَا.
وَفِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عمر بْنِ شُرَحْبِيلَ.
الشيخ: عمر أو عمرو.
الطالب: في نسخة الشعب: عمرو.
الشيخ: "التقريب" أو "الخلاصة".
الطالب: حاشية: في المخطوطة "عمر"، وهو عمرو بن شرحبيل ..... أبو ميسرة، يروي عن عمر وعلي .....
عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عُبادة، الأنصاري، مقبول، من السادسة. (س).
عمرو بن شرحبيل الهمداني، أبو ميسرة، الكوفي، ثقة، عابد، [من الثانية]، مُخضرم، مات سنة ثلاثٍ وستين. (خ، م، د، ت، س).
الشيخ: هذا هو، انظر "عمر" بدون واوٍ.
الطالب: ما في شيء في "الخلاصة"، الثاني قال: إنَّه روى عن عمر.
الشيخ: الذي عنده "عمر" يُصلحها بالواو.
الشيخ: من حكمة الله جلَّ وعلا أنَّه جعل تحريمها تدريجيًّا، كانت العربُ تشربها كثيرًا، وتتغنَّى بها أيضًا، فحرَّمها الله عليهم تدريجيًّا؛ أولًا بيَّن أنَّ فيها شرًّا كثيرًا: قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ [البقرة:219]، المنافع: التِّجارة في البيع والشِّراء، تمهيدًا لتحريمها، ثم أنزل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء:43]، فكان منعًا لها عند قرب الصَّلاة حتى لا يدخلوها سُكارى، ثم جاء البتُّ في التَّحريم والمنع الجازم في سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:90- 91]؛ ولهذا قالوا عند هذا: انتهينا، انتهينا.
المقصود أنَّ الله حرَّمها تحريمًا بعد .....
وثبت عنه ﷺ أنَّه قال: مَن شرب المسكرَ كان حقًّا على الله جلَّ وعلا أن يسقيه من طينةِ الخبال، قيل: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: عُصارة أهل النار، أو قال: عرق أهل النار، نسأل الله العافية، مَن مات وهو يشربها، نسأل الله العافية.
وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: إنَّه لعن في الخمر عشرة: شاربها، وساقيها، وعاصرها، ومُعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومُشتريها، وآكل ثمنها. هذا فيه الحذر من جميع الوجوه: لعن الخمر نفسه، وشاربها، وعاصرها، ومُعتصرها من عنبٍ أو غيره، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومُشتريها، وآكل ثمنها.
فالواجب الحذر منها ومن كل مُسْكِرٍ، كل مُسْكِرٍ خمرٌ، سواء كان من التَّمر، أو من العنب، أو من الشَّعير، أو من الذّرة، أو من غير ذلك، العلّة الإسكار، متى وُجِدَ حرم ذلك الشَّيء من أي مادَّةٍ كان، من أي جنسٍ كان؛ لأنَّه يغتال العقول، ويجعل صاحبَها من قسم المجانين، ومضاره في هذا عظيمة، عرفها المسلمون، وعرفها غيرهم، نسأل الله العافية والسَّلامة.
فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذَا قامت الصَّلاةُ يُنادي: أن لا يقربنّ الصلاةَ سكران. لفظ أبي داود.
ذكروا فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ؛ صَنَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ طَعَامًا، فَدَعَا أُنَاسًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَأُنَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا حَتَّى سَكِرْنَا، ثُمَّ افْتَخَرْنَا، فَرَفَعَ رَجُلٌ لحى بعيرٍ ففزر به أَنْفَ سَعْدٍ، فَكَانَ سَعْدٌ مَفْزُورَ الْأَنْفِ، وَذَلِكَ قبل تحريم الْخَمْرِ، فَنَزَلَتْ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى الْآيَةَ.
وَالْحَدِيثُ بِطُولِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، وَرَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ إِلَّا ابْنَ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ سِمَاكٍ بِهِ.
سَبَبٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الدَّشْتَكِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: صَنَعَ لَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ طَعَامًا، فَدَعَانَا وَسَقَانَا مِنَ الْخَمْرِ، فَأَخَذَتِ الْخَمْرُ مِنَّا، وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَدَّمُوا فُلَانًا، قَالَ: فَقَرَأَ: "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، مَا أَعْبُدُ ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ.
هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيِّ بِهِ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عن عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ كَانَ هُوَ وَعَبْدُالرَّحْمَنِ وَرَجُلٌ آخَرُ شَرِبُوا الْخَمْرَ، فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُالرَّحْمَنِ فَقَرَأَ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون] فَخَلَطَ فِيهَا، فَنَزَلَتْ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى. وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ بِهِ.
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا عَنِ ابْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ عَطَاءِ، عن أبي عبدالرحمن السُّلَمِيِّ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فِي بَيْتِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَطَعِمُوا، فَآتَاهُمْ بِخَمْرٍ فَشَرِبُوا مِنْهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُحَرَّمَ الْخَمْرُ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَدَّمُوا عَلِيًّا، فَقَرَأَ بِهِمْ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، فَلَمْ يَقْرَأْهَا كَمَا يَنْبَغِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِالله بْنِ حَبِيبٍ، وَهُوَ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: أَنَّ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ صَنَعَ طَعَامًا وَشَرَابًا، فَدَعَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، فَصَلَّى بِهِمُ الْمَغْرِبَ، فَقَرَأَ: "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَأَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، وَأَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينٌ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ.
وَقَالَ العوفي: عن ابن عباسٍ في الآية: أَنَّ رِجَالًا كَانُوا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ وَهُمْ سُكَارَى قبل أن يحرم الْخَمْرُ، فَقَالَ اللَّهُ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى الْآيَةَ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَكَذَا قَالَ أَبُو رَزِينٍ وَمُجَاهِدٌ.
وَقَالَ عَبْدُالرَّزَّاقِ: عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: كَانُوا يَجْتَنِبُونَ السُّكْرَ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ نُسِخَ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ.
وَقَالَ الضَّحاكُ في الآية: لَمْ يَعْنِ بِهَا سُكْرَ الْخَمْرِ، وَإِنَّمَا عَنَى بِهَا سُكْرَ النَّومِ.
الشيخ: هذا ليس بشيءٍ، هذا ليس بشيءٍ، نعم.
قَالَ: وَلَمْ يَتَوَجَّهِ النَّهْيُ إِلَى السَّكْرَانِ الَّذِي لَا يَفْهَمُ الْخِطَابَ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي حُكْمِ الْمَجْنُونِ، وَإِنَّمَا خُوطِبَ بِالنَّهْيِ الثَّمِلُ الَّذِي يَفْهَمُ التَّكْلِيفَ.
وَهَذَا حَاصِلُ مَا قَالَهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ، وَهُوَ أَنَّ الْخِطَابَ يَتَوَجَّهُ إِلَى مَنْ يَفْهَمُ الْكَلَامَ دُونَ السَّكْرَانِ الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يُقَالُ لَهُ، فَإِنَّ الْفَهْمَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ.
وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ التَّعْرِيضَ بِالنَّهْيِ عَنِ السُّكْرِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِكَوْنِهِمْ مَأْمُورِينَ بِالصَّلَاةِ فِي الْخَمْسَةِ الْأَوْقَاتِ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَلَا يَتَمَكَّنُ شَارِبُ الْخَمْرِ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا دَائِمًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الشيخ: والمقصود خطابهم وهم عُقلاء، قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا [النساء:43]، فالخطاب مُوجَّهٌ إليهم وهم عُقلاء ألَّا يقربوها عندما يحسّون بمبادئها، أو المعنى: لا تشربوها قرب الصَّلاة حتى لا تسكروا. فالنَّهي مُوجَّهٌ لهم وهم عُقلاء ألا يقربوا الصَّلاة وهم سُكارى، ليس مُوجَّهًا لهم وهم سُكارى، الله ينهاهم أن يقربوا الصَّلاة وهم سُكارى، وهذا يتأتَّى بامتناعهم من شربها قرب الصلاة، إذا قرب الوقتُ وقربت الصَّلاةُ توجَّه النَّهي حينئذٍ حتى لا يقربوها وهم سُكارى، وهذا كلّه قبل أن ينهى عنها، قبل أن تحرم، نعم.
الشيخ: يعني: الزموا الإسلام، ينهاهم وهم صحاح عُقلاء، والمقصود: لا تموتنَّ، يعني: الزموا الإسلامَ واستقيموا عليه.
وَهُوَ الْأَمْرُ لَهُمْ بِالتَّأَهُّبِ لِلْمَوْتِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الطَّاعَةِ لِأَجْلِ ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ هَذَا أَحْسَنُ مَا يُقَالُ فِي حَدِّ السَّكْرَانِ: إِنَّهُ الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ، فَإِنَّ الْمَخْمُورَ فِيهِ تَخْلِيطٌ فِي الْقِرَاءَةِ، وَعَدَمُ تَدَبُّرِهِ وَخُشُوعِهِ فِيهَا.
الشيخ: هذا هو السَّكران، السَّكران إذا اختلَّ كلامُه بان سُكره، إذا اختلَّ كلامُه بان سُكره، بان سُكره باختلاف كلامه وعدم توازن حركاته وسكناته.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصلِّي فلينصرف، فلينم حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقُولُ.
انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيُّ دُونَ مُسْلِمٍ، وَرَوَاهُ هُوَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ بِهِ.
وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ: فَلَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ.
الشيخ: ..... إذا قام للتَّهجد، إذا كان يغلب عليه النُّعاسُ يستريح حتى تذهب عنه شدّةُ النوم، حتى يعلم ما يقول، حتى يستطيع أن يقرأ قراءةً صحيحةً.
س: ..............؟
ج: النُّعاس لا ينقض الوضوء، لا، لكن إذا استغرق في النوم، إذا استغرق وذهب عقلُه انتقض وضوؤه، نعم.
س: وصلاة الفريضة إذا كان الإنسانُ ناعسًا لا يعي ما يقول؟
ج: الواجب أن يتهيَّأ لها .....، لكن هذا في الغالب يقع في نوم الليل إذا قام يتهجّد، وإلا فالواجب أنه يُبَكِّر، يُنام مُبكِّرًا حتى يتهيأ للفجر.
س: يُوجد عند بعض الناس استراحات تبعد عن الرياض مئتي كيلو، فإذا ذهبوا إليها يوم الخميس والجمعة؟
ج: مُسافرون.
س: يقصرون؟
ج: ما في شكّ.
س: ولو كان لهم بيت .....؟
ج: هذا يُعتبر سفرًا، ما في شكّ، هذه فُسحة.
س: والجمع؟
ج: يجوز الجمعُ والقصرُ، لكن ترك الجمع أفضل، ما داموا مُستريحين ترك الجمع أفضل.
س: لو استيقظ المؤذنُ ووجد نفسَه عليه جنابة، هل يذهب إلى المسجد ويُؤذن ثم يرجع ويغتسل؟
ج: إذا ضاق الوقتُ نعم، ليس من شرط الأذان الطَّهارة، لكن الأفضل أن يكون على طهارةٍ.
س: .............؟
ج: إذا كانوا ساكنين هناك يُصلون معهم جماعةً، أمَّا الذي جاء عارضًا وسكنه في غيرها فهو مُسافرٌ، أمَّا إذا كان حولها .....، فهذا حكمه حكم المقيمين، لكن إذا كان استراح في منطقة الخرج وفي منطقة الحوطة ..... بعيدة، هذا يُعدّ سفرًا.
س: ...............؟
ج: ما هو بجالسٍ، حكمه حكم المارّ، النَّهي عن جلوسه في المسجد، لكن ينبغي له إذا كان مُؤذِّنًا أن يُوقّت السَّاعة على وقتٍ مُبكرٍ، حتى إذا قام للأذان يغتسل ويُصلي ركعتي الوضوء، ثم يذهب ويُؤذن، ينبغي له أن يعتني بهذا الأمر.