وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى جِنَازَةٍ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَفِيهِ: حَتَّى إِذَا خَرَجَ رُوحُهُ صَلَّى عَلَيْهِ كُلُّ مَلَكٍ بين السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَكُلُّ مَلَكٍ فِي السَّمَاءِ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، لَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَابٍ إِلَّا وَهُمْ يَدْعُونَ اللَّهَ أَنْ يَعْرُجَ بِرُوحِهِ مِنْ قِبَلِهِمْ.
وَفِي آخِرِهِ: ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَصَمُّ أَبْكَمُ، فِي يَدِهِ مَرْزَبَّةٌ، لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ كَانَ تُرَابًا، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً فَيَصِيرُ تُرَابًا، ثُمَّ يُعِيدُهُ اللَّهُ كَمَا كَانَ، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أُخْرَى.
الشيخ: يعني الكافر، ذاك الأول روح المؤمن، ثم ذكر روح الكافر، قبض الملائكة روح الكافر، وأنها تُغلق دونها أبواب السَّماء، وأنه يُعاد إلى الأرض، ويُرسَل إليه ملكان، فيُقال: مَن ربُّك؟ ما دينك؟ مَن نبيُّك؟ فيقول: هاه! هاه! لا أدري. فعند هذا يُضرَب بالمرزبَّة، نسأل الله العافية.
فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ.
قَالَ الْبَرَاءُ: ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ النَّارِ، وَيُمَهَّدُ لَهُ فَرْشٌ مِنَ النَّارِ.
وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ جَرِيرٍ -وَاللَّفْظُ لَهُ- مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: الْمَيِّتُ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، اخْرُجِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَيَقُولُونَ ذَلِكَ حَتَّى يُعْرَجَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: فَلَانٌ، فَيُقَالُ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، ادْخُلِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ.
الشيخ: روح يعني: راحة.
وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ. فَيُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ ، وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، اخْرُجِي ذَمِيمَةً، وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ، وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ، فَيَقُولُونَ ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: فَلَانٌ، فَيَقُولُونَ: لَا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، ارْجِعِي ذَمِيمَةً، فَإِنَّهُ لم يُفتح لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ. فَتُرْسَلُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فتصير إلى الْقَبْرِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ [الأعراف:40] لَا تُفَتَّحُ لِأَعْمَالِهِمْ، وَلَا لِأَرْوَاحِهِمْ. وَهَذَا فِيهِ جمعٌ بين القولين، والله أعلم.
وقوله تعالى: وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40] هَكَذَا قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ، وَفَسَّرُوهُ بِأَنَّهُ الْبَعِيرُ.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هُوَ الْجَمَلُ ابْنُ النَّاقَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ: زَوْجُ النَّاقَةِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ البصريُّ: حتى يدخل البعيرُ في خرم الْإِبْرَةِ. وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالضَّحَّاكُ، وَكَذَا روى عليُّ ابن أبي طلحة والعوفي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
الشيخ: والمعنى أنَّه مستحيلٌ دخولهم الجنة؛ لأعمالهم الخبيثة، وكذلك: لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ لخُبْثِ أعمالهم، فأرواحهم لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وأعمالهم كذلك لا تصعد؛ لأنها باطلة: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، كذلك لا يدخلون الجنةَ؛ لأنَّهم ما أتوا بأسبابها، بل جاءوا بضدِّ ذلك؛ عملوا في الدنيا الأعمال التي هي ضدّ أعمال أهل الجنَّة؛ فلهذا لا تُفتح لهم أبواب الجنَّة، ولا يدخلونها حتى يلج الجملُ في سمِّ الخياط، ومعلومٌ أنَّ الجملَ لا يلج في سمِّ الخياط، وأنَّه مستحيلٌ، الجمل لا يدخل في خرق الإبرة، مستحيلٌ، وهكذا دخولهم الجنة من الأشياء المستحيلة؛ لخُبث أعمالهم، نعوذ بالله.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: عَنِ ابن عباسٍ: إنَّه كان يقرأها: يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، يَعْنِي: الْحَبْل الْغَلِيظ فِي خُرْمِ الْإِبْرَةِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَرَأَ: حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ يَعْنِي: قُلُوسَ السُّفُنِ، وَهِيَ الْحِبَالُ الْغِلَاظُ.
وَقَوْلُهُ: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ [الأعراف:41]، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ قَالَ: الْفَرْشُ، وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ [الأعراف:41] قَالَ: اللُّحُفُ. وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ والسُّدي: وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ [الأعراف:41].
الشيخ: بئس الفراش، وبئس اللّحاف، نسأل الله العافية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف:42- 43].
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى حَالَ الْأَشْقِيَاءِ عَطَفَ بِذِكْرِ حَالِ السُّعَدَاءِ فَقَالَ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَيْ: آمَنَتْ قُلُوبُهُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِجَوَارِحِهِمْ، ضِدُّ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ واستكبروا عنها.
ويُنَبِّه تعالى على أنَّ الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ بِهِ سَهْلٌ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.
الشيخ: وهذه أعمال أهل الجنة، كلمتان: آمنوا وعملوا الصَّالحات: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ [لقمان:8]، كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا [الكهف:107]، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ [البينة:7].
فالمؤمن هو الذي آمن بالله ورسوله إيمانًا صادقًا، آمن بأنَّ الله ربّه ومعبوده الحقّ، وآمن برسوله محمدٍ وبالرسل الماضين، وبكلِّ ما أخبر اللهُ به ورسوله، ثم حقق هذا الإيمان بالعمل الصَّالح لأداء فرائض الله، وترك محارم الله، والكفّ عن محارم الله، هذا هو المؤمن الذي وعده اللهُ الجنةَ والكرامةَ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، إيمانٌ وعملٌ، وهذا معنى قوله جلَّ وعلا: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97].
قد ينفك الإيمانُ عن العمل بسبب العجز، أو بسبب الموت العاجل، فيدخل الجنَّةَ بمجرد الإيمان، كمَن قال: لا إله إلا الله صادقًا مسلمًا، ثم مات في الحال: قُتِلَ أو مات في الحال قبل أن يعمل، قبل أن يستطيع العمل، قبل أن تأتي صلاة، وقبل أن يأتي شيء، هذا دخل الجنةَ بالإيمان الذي حصل منه حين أسلم، مثل: مَن أسلم وقُتِلَ، أو أسلم ومات في الحال، أو أسلم وهو عاجز ..... ما يستطيع العمل، ليس عنده إلا الإيمان، لا يستطيع صلاةً ولا غيرها إلا بالإيماء، إلا بالنية والقول، أو بالنية فقط، فالمقصود أنَّ العملَ لا بدَّ منه مع القُدرة.
س: مثل مَن لم تبلغه شرائع الإسلام؟
ج: لو فُرِضَ ووُجِدَ، بلى، لو قُدِّر ووُجِدَ مثله، لكن إذا كان الإنسانُ ما بلغه شيءٌ بالكلية هذا يُعتبر من أهل الفترة، أمَّا إذا كان بلغه الإسلامُ، ولكن ما عرف، ما جاءه مَن يُفصِّل له الإسلام، ولا أشرف على قرآنٍ، ولا سُنَّةٍ، ولا عالمٍ، لو فُرِضَ وجود هذا يكون معذورًا، نعم، إذا كان آمن بالله ووحَّد الله، عرف التَّوحيد، ولكن ما بلغه العمل، نعم.
س: حتى ينتهي به إلى السَّماء التي فيها الله ؟
ج: في العلو، يعني: السَّابعة فوقها الله؛ لأنَّه فوق جلَّ وعلا، السماء: العلو يعني، وفيها الكرسي، ثم العرش، ثم الله جلَّ وعلا، فالمقصود السَّماء يعني العلو، يعني يُسمَّى الكرسي سماء، ويُسمَّى العرش سماء، كلّها عالية السَّقف، هذا يُسمَّى: سماء.
س: فيها .........؟
ج: فيها يعني عليه، في بمعنى على، أو فيها: في جوفها، في جوف السَّماء، جوف العلو، يعني مثل: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16] يعني: في العلو، أو على السَّماء، فُسِّرَ بالظَّرفية، بكون معنى السَّماء العلو، فسّرها بمعنى على، فيكون معنى السَّماء العلو، السَّماوات المبنية يعني عليها، فوقها.
س: .............؟
ج: يكون حكمُه حكمَ أهل الفترات، إذا ما بلغه الإسلام يكون أمرُه إلى الله يوم القيامة.
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ أي: من حسدٍ وبُغْضٍ، كما جاء في "صحيح الْبُخَارِيّ" مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَاقْتصَّ لَهُمْ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، فوالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ أَحَدَهُمْ بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ أَدلُّ مِنْهُ بِمَسْكَنِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا.
وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي قَوْلِهِ: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ الْآيَةَ، إنَّ أهلَ الجنَّة إذا سِيقوا إلى الجنَّةِ وَجَدُوا عِنْدَ بَابِهَا شَجَرَةً فِي أَصْلِ سَاقِهَا عَيْنَانِ، فَشَرِبُوا مِنْ إِحْدَاهُمَا، فَيُنْزَعُ مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ، فَهُوَ الشَّرَابُ الطَّهُورُ، وَاغْتَسَلُوا مِنَ الْأُخْرَى؛ فَجَرَتْ عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ، فَلَمْ يَشْعَثُوا وَلَمْ يَشْحَبُوا بَعْدَهَا أَبَدًا.
وَقَدْ رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ نحوًا من هذا، كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا [الزمر:73] إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَبِهِ الثِّقَةُ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ عَلِيٌّ : إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ عَبْدُالرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: قَالَ عَلِيٌّ: فِينَا وَاللَّهِ أَهْلَ بَدْرٍ نَزَلَتْ: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ -وَاللَّفْظُ لَهُ- مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ ابْنِ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُلُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، فَيَقُولُ: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي، فَيَكُونُ لَهُ شُكْرًا، وَكُلُّ أَهْلِ النَّارِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي، فَيَكُونُ لَهُ حَسْرَةً؛ وَلِهَذَا لَمَّا أُورِثُوا مَقَاعِدَ أَهْلِ النَّارِ مِنَ الْجَنَّةِ: نُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَيْ: بِسَبَبِ أَعْمَالِكُمْ نَالَتْكُمُ الرَّحْمَةُ فَدَخَلْتُمُ الْجَنَّةَ وَتَبَوَّأْتُمْ مَنَازِلَكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِكُمْ.
وَإِنَّمَا وَجَبَ الْحَمْلُ عَلَى هَذَا لِمَا ثَبَتَ فِي "الصَّحيحين" عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يُدْخِلَهُ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ منه وفضلٍ.
س: .............؟
ج: إن كانت نامت عليه عليها الكفَّارة والدِّية ..... الدِّية على العاقلة، وإن كانت ما تدري ما عليها شيء.
س: .............؟
ج: عليها الدِّية، قتل خطأ، عليها الكفَّارة، والدِّية على العاقلة.