وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، فَلْنَذْكُرْ مِنْهَا مَا تَيَسَّرَ:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: حدَّثنا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ يَزِيدَ ابْنِ أبي موسى.
مُداخلة: في نسخة الشّعب: يزيد بن بابنوس.
الشيخ: حطّ نسخة: يزيد بن بابنوس، يُراجع الأصل، يُراجع "المسند"، انظر "التقريب": يزيد بن بابنوس، ويزيد ابن أبي موسى.
الطالب: يزيد بن بابنوس -بمُوحَّدتين بينهما ألف والنّون مضمومة والواو ساكنة ومهملة- بصري، مقبول، من الثالثة. (البخاري في "خلق أفعال العباد"، وأبو داود، والترمذي في "الشمائل"، والنَّسائي).
الشيخ: ويزيد ابن أبي موسى؟
الطالب: في "المسند" عن يزيد بن بابنوس.
الشيخ: زين، الحمد لله، صلِّحها على "المسند".
الشيخ: انظر صدقة بن موسى.
الشيخ: فيه يزيد بن بابنوس، هذا مقبولٌ، والمقبول قد يُتابع، وقد لا يُتابع.
الطالب: صدقة بن موسى الدَّقيقي، أبو المغيرة، أو أبو محمد، السّلمي، البصري، صدوق له أوهام، من السَّابعة. (البخاري في "الأدب المفرد"، وأبو داود، والترمذي).
مُداخلة: أحسن الله إليك، بابنوس في "الخلاصة" قال الدَّارقطني: لا بأس به.
الشيخ: نعم، والمعنى صحيحٌ، لكن فيه ترك صلاةٍ وصومٍ، ترك الصَّلاة هذا محل البحث، إلا أن يُحمل على ترك صلاةٍ ما تعمَّدها، أو أخلَّ بشيءٍ منها.
الطالب: زائدة ابن أبي الرّقاد في نسخة الشّعب.
الشيخ: أيش عندك؟
مُداخلة: عندنا أحسن الله إليك: زائدة ابن أبي الرّقاد، عن زياد النّميري، عن أنس بن مالكٍ رضي الله تعالى عنه.
الشيخ: الظَّاهر أنَّه هكذا؛ لأنَّ البزارَ ما أظنّ أنَّ له ثلاثيات؛ لأنَّه مُتأخِّرٌ، نسخة على ما في نسخة الشّعب.
مُداخلة: في ترجمةٍ لزائدة ابن أبي الرّقاد.
الشيخ: أيش يقول؟
الطالب: يقول: زائدة ابن أبي الرّقاد -بضم المهملة- الباهلي، أبو معاذ، البصري، الصيرفي، صاحب الحلي، أحسن الله إليك، عن ثابتٍ وعاصم الأحول، وعنه محمد ابن أبي بكر المقدمي وغيره، قال البخاري: منكر الحديث. (النَّسائي).
الشيخ: والذي بعده؟
الطالب: عن زياد النّميري.
الشيخ: وأنت ما عندك: زياد النّميري، ساقط، حطّ نسخة، صلّحها: ابن أبي الرّقاد، وحطّ: عن زياد النّميري، انظر زياد النّميري.
الشيخ: وهذه الأحاديث وما جاء في معناها تُوجب الحذر من الشِّرك كلِّه، دقيقه وجليله، وأنَّ خطرَه عظيمٌ، والواجب الحذر منه؛ لأنَّ الله لا يغفره، وصاحبه إلى النار مُخلَّدًا فيها، فالواجب الحذر، والشِّرك الأصغر وإن كان لا يُخلَّد صاحبُه، لكنه خطرٌ يجب الحذر منه، قد يجرّ إلى الشِّرك الأكبر، وجنسه أكبر من الكبائر، فالواجب الحذر، وهكذا الظُّلم للناس، الظُّلم للناس شرُّه عظيمٌ، لا يترك اللهُ منه شيئًا، هذه حقوق الناس؛ ولهذا يقول جلَّ وعلا فيما رواه عنه نبيُّه ﷺ: إني حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم مُحرَّمًا، فلا تظالموا، اتَّقوا الظلمَ؛ فإنَّ الظلمَ ظلماتٌ يوم القيامة.
الطالب: زياد بن عبدالله، النّميري، البصري، ضعيف، من الخامسة، الترمذي.
الشيخ: لا حول ولا قوة إلا بالله، نسأل الله العافية، وهذا فيه الحذر من الدِّماء، سفك الدِّماء بغير حقٍّ، وأنَّ شرَّها عظيمٌ، نسأل الله العافية: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93] كبيرة، القتل كبيرة عظيمة، نسأل الله العافية.
س: إقامة الحدِّ عليه ما يكون كفَّارةً له؟
ج: كفَّارة، لكن يبقى حقُّ القتيل، حقّ الرب وحقّ الورثة انتهى، بقي حقُّ القتيل بينه وبين الله، لكن الله جلَّ وعلا كريمٌ جوادٌ يجزي القتيل؛ لأنَّه هو الجواد الكريم، والرسول يقول: مَن أدركه اللهُ في الدنيا كان كفَّارةً له، لما ذكر القتلَ وغيره قال: مَن أدركه اللهُ في الدُّنيا كان كفَّارةً له، ولكن القتيل حقّه لا يضيع، الله يُعوِّضه إذا كان مسلمًا.
س: وإذا كان مسلمًا وقتله يكون خالدًا في النار، أو خلودًا مُؤقَّتًا؟
ج: خلود مُؤَقَّت، مثل خلود الزَّاني وغيره من العُصاة، خلودٌ له نهاية.
الطالب: أبو عون:
أبو عون الثَّقفي.
أبو عون الأعور، الأنصاري، الشَّامي، اسمه: عبدالله ابن أبي عبدالله، مقبول، من الخامسة. (س).
الشيخ: أبو عونٍ آخر.
الطالب: محمد بن عبيدالله بن سعيد، أبو عون الثَّقفي، الكوفي، الأعور، ثقة، من الرابعة. (خ، م، د، ت، س).
في "الخلاصة" قال: (س) أبو عون الأنصاري، السامي، الأعور، اسمه: عبدالله ابن أبي عبدالله، عن أبي إدريس الخولاني، وعنه ثور بن يزيد، وثَّقه ابنُ حبان.
مُداخلة: في نسخة الشّعب: حدَّثنا شهر: حدَّثنا ابن غنم. وفي الحاشية قال: مكانه في المخطوطة "تميم"، والمثبت عن "المسند"، وهو عبدالرحمن بن غنم، انظر "الخلاصة".
الشيخ: صلّحها: ابن غنم.
مُداخلة: في نسخة الشّعب: حدَّثنا حسين، عن ابن بُريدة.
الشيخ: صاحب "المسند" مسند أبي ذرٍّ.
الطالب: يُراجع.
الشيخ: نعم.
س: شيخ، أحسن الله إليكم، أبو الأسود الدّئلي أو الدّيلي؟
ج: يُقال: دئلي، وديلي، يُنسب إلى الدّيلي، ودئلي، وفي الرِّواية الأخرى: لا يُشرك بالله شيئًا، قال: لا إله إلا الله، يعني مع العمل بمعناها، مع عدم الشِّرك؛ ولهذا في الرِّواية الأخرى في الصَّحيح: لا يُشرك بالله شيئًا، وإن زنا وإن سرق؛ لأنَّ الزنا والسَّرقة معصيتان لا يُخلَّد بهما، وإن دخل بهما النَّار، فإنَّ مصيرَه إلى الجنَّة إذا مات على التوحيد، ولو عُذِّبَ مصيره ونهايته إلى الجنة بعد التَّمحيص والتَّطهير له إذا دخل النَّار.
الطالب: أحسن الله إليك، في "المسند": أبي الأسود الدّيلي.
الشيخ: ما يُخالف، حدَّثنا، أيش السَّند؟
الطالب: قال: حدَّثنا عبدُالصمد قال: حدَّثنا أبي: حدَّثنا حسين، عن ابن بُريدة: أنَّ يحيى بن يعمر.
الشيخ: عن ابن بُريدة، صلّحها: عن ابن بُريدة، مثلما في نسخة الشّعب.
طريقٌ أخرى لحديث أبي ذرٍّ: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي حَرَّةِ الْمَدِينَةِ عِشَاءً، وَنَحْنُ نَنْظُرُ إِلَى أُحُدٍ، فقال: يا أبا ذرٍّ، قلتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي أُحُدًا ذَاكَ عِنْدِي ذَهَبًا أُمْسِي ثَالِثَةً وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، إِلَّا دِينَارًا أَرْصُدُهُ -يَعْنِي لِدَيْنٍ- إِلَّا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا، وَحَثَا عَنْ يَمِينِهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ. قَالَ: ثُمَّ مَشَيْنَا، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ الْأَكْثَرِينَ هُمُ الْأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا، فَحَثَا عَنْ يَمِينِهِ، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ. قَالَ: ثُمَّ مَشَيْنَا، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، كَمَا أَنْتَ حَتَّى آتِيَكَ، قَالَ: فَانْطَلَقَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، قَالَ: فَسَمِعْتُ لَغَطًا، فَقُلْتُ: لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَرَضَ لَهُ، قَالَ: فَهَمَمْتُ أَنْ أَتَّبِعَهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ: لَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى جَاءَ، فَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي سَمِعْتُ، فَقَالَ: ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَانِي فَقَالَ: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، قلتُ: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زَنَى وَإِنْ سَرَقَ. أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ بِهِ.
وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا، كِلَاهُمَا عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِالْحَمِيدِ، عَنْ عَبْدِالْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَمْشِي وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ. قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ أَحَدٌ. قَالَ: فَجَعَلْتُ أَمْشِي في ظلِّ القمر، فالتفت فرآني، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَبُو ذَرٍّ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ. قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، تَعَالَ. قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً، فَقَالَ: إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ أَعْطَاهُ اللهُ خيرًا، فنفخ فيه عن يمينه وشماله، وبين يديه ووراءه، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا، قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً، فقال لي: اجلس هاهنا، فَأَجْلَسَنِي فِي قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ، فَقَالَ لِيَ: اجْلِسْ هَاهُنَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ.
قَالَ: فَانْطَلَقَ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى لَا أَرَاهُ، فَلَبِثَ عَنِّي فَأَطَالَ اللُّبْثَ، ثُمَّ إِنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُقْبِلٌ وهو يقول: وإن زنى وإن سرق. قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ لَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قُلْتُ: يا نبيَّ الله، جعلني الله فداك، مَنْ تُكَلِّمُ فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ؟ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا! قَالَ: ذَاكَ جِبْرِيلُ عَرَضَ لِي مِنْ جَانِبِ الْحَرَّةِ، فَقَالَ: بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ. قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَإِنْ سرق وإن زَنَى؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ.
الشيخ: وهذا كلّه مثلما تقدّم في بيان الردِّ على الخوارج والمعتزلة، وأنَّ هذه المعاصي لا تُوجب خلودَه الأبدي، وإن كانوا مُتوعدين بالنار والخلود فيها الخلود المؤقّت، كما قال جلَّ وعلا: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ [الفرقان:68- 70]، فهم مُتوعَّدون، في الحديث الصَّحيح: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمرَ حين يشربها وهو مؤمن الحديث.
فالأحاديث غير مُتناقضةٍ، بل يُصدِّق بعضُها بعضًا، ويُبين بعضُها بعضًا، مع الآيات الكريمات، يدخل الجنَّةَ يعني: قد يكون من أول وهلةٍ إذا عفا اللهُ عنه، وهكذا إذا تاب عفا اللهُ عنه تلك السَّيئة، وقد يُعذَّب ثم يصير إلى الجنَّة بعد التَّطهير والتَّمحيص؛ لقوله تعالى: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ [النساء:48]، قد يُغفر له ويُعفا عنه بأعمالٍ صالحةٍ أسلفها، أو بشفاعة الشُّفعاء، وقد يُعذَّب ثم يصير مُنتهاه إلى الجنَّة بعد التَّطهير والتَّمحيص، كما جاءت النّصوص المتواترة بدخول الكثير من العُصاة النار، وأنَّ الرسولَ يشفع فيهم عدّة شفاعات كما في "الصحيحين": يشفع شفاعةً ويحدّ اللهُ له حدًّا ويُخرجهم من النَّار، ثم يشفع أخرى فيحدّ اللهُ له حدًّا، ثم يشفع ثالثةً فيحدّ اللهُ له حدًّا، ثم يشفع رابعةً فيحدّ الله له حدًّا، ويبقى في النار قومٌ حبستهم السَّيئات، وهم لم تشملهم الشَّفاعة، فيُخرجهم الله جلَّ وعلا من النار بفضل رحمته، لم يعملوا خيرًا قطّ، إلا أنَّهم ماتوا على التوحيد، نعم.
وأيضًا الحديث هذا بروايته فيه الحثّ على الجود والكرم والإنفاق، يقول ﷺ: لو كان لي مثل أحدٍ ذَهَبًا ما يسرّني أن تمرَّ عليَّ ثلاثُ ليالٍ وعندي منه دينارٌ واحدٌ، يكون له جبلُ ذهبٍ، ولكن أقول به هكذا وهكذا، يعني: أُنفقه في الناس، إلَّا دينارٌ أرصده لدَينٍ يعني: إلَّا شيئًا أحبسه لأهل الدَّين.
ففي هذا الحثّ والتَّحريض على الإنفاق والجود والكرم، يقول عليه الصلاة والسلام: إنَّ المكثرين هم الأقلّون يوم القيامة، وفي اللَّفظ الآخر: إنَّ الأكثرين هم الأقلّون يوم القيامة، إلَّا مَن قال هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه، وعن شماله، ومن أمامه، ومن وراء ظهره، يعني: في عباد الله، يتصدَّق ويُنفق في مُواساة الفقير والمسكين، وفي تعمير المساجد، وفي الجهاد في سبيل الله، وفي قضاء دَين المعسرين، وفي غير هذا من وجوه البرِّ، يتحرَّى حاجات المسلمين فيسدّها مما أعطاه الله غير الزكاة: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج:24- 25].
س: لو لم تُذنبوا لأتى اللهُ بقومٍ يُذْنِبُونَ فيستغفرون الحديث؟
ج: نعم، صحيحٌ، الله جلَّ وعلا قدَّر الذنوبَ حتى تظهر آثارُ عفوه ورحمته وجوده وكرمه في عباده، لو لم يُذنبوا ما ظهرت آثارُ العفو والمغفرة، لكن قدر أن يقع الذنبُ، ومَن تاب تاب اللهُ عليه، ومَن لم يتب تحت مشيئة الله؛ قد يُعذَّب، وقد يعفو اللهُ عنه.
س: ............؟
ج: أبو ذرٍّ، تقدّم أنَّه يجب على مَن عنده مالٌ أن يُنفق، ولا يحفظ شيئًا، ما يدَّخر شيئًا، وهو غلطٌ في هذا، إنما هذا مُستحبٌّ، وله أن يحفظ ماله إذا زكَّى، لكن أبا ذرٍّ غلط في هذا، وكان يُفتي بوجوب إنفاق الأموال وعدم حبسها.
س: بالنسبة لعقوق الوالدين، مَن مات على ذلك؟
ج: مثله كل المعاصي تحت مشيئة الله.
س: ............؟
ج: هذا محل خلافٍ بين أهل العلم، ومَن قال: يدخل، يدخل، لكن لا يُوجب الخلود في النار، بل هو قد يُعفا عنه برجحان الحسنات، برجحان ميزان الحسنات، وقال بعضُ أهل العلم: حكمه حكم الكبائر، تحت مشيئة الله، نعم.
س: ....... أمشي في ظلِّ القمر؟
ج: كأنَّه ظلّ النبي ﷺ، يُتابع ظلَّ النبي في القمر، إذا كان القمرُ قدَّامه صار ظلُّ النبي وراءه، يتبع الظلَّ.