الشيخ: لا، حدَّثنا عبدُالرحمن بن إبراهيم دحيم.
الطالب: في نسخة الشعب: ......
الشيخ: لا، عبدالرحمن بن إبراهيم دحيم، هذا لقبه، هو عبدالرحمن، ويُلقب: دحيم، هذا اللَّقب باقٍ إلى الآن، تلقيب عبدالرحمن "دحيم" باقٍ في الناس إلى الآن.
س: أليس تصغيرًا للفظ الجلالة؟
ج: لا، دُحيم ما هو للجلالة.
حدَّثنا عمرو ابن أبي سلمة: حدَّثنا زهير بن محمد، عن العلاء بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: من أكبر الكبائر عرض الرجل المسلم، والسّبتان بالسّبة.
هكذا رُوِيَ هذا الحديث، وقد أخرجه أبو داود في كتاب "الأدب" من "سننه" عن جعفر بن مُسافر، عن عمرو ابن أبي سلمة، عن زهير بن محمد بن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: من أكبر الكبائر استطالة المرء في عِرْض رجلٍ مسلمٍ بغير حقٍّ، ومن الكبائر السّبتان بالسّبة.
وكذا رواه ابنُ مردويه من طريق عبدالله بن العلاء بن زبر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ. فذكر مثله.
الشيخ: وهذا يُبين لنا خطورة الغيبة، وأنَّ شرها عظيم؛ ولهذا نصَّ الله عليها في كتابه العظيم فقال: ولَا يَغْتَب بَّعْضُكُمْ بَعْضًا [الحجرات:12]؛ لعظم شأنها جاء التَّنصيص عليها في الكتاب العزيز؛ لأنَّ الغيبةَ تُسبب شرًّا كثيرًا: شحناء، وعداوة، وإظهار المساوئ، وقد يكون فيها كذبٌ، فيحصل بذلك شرٌّ عظيمٌ، ونشرٌ للشَّر، وسببٌ للعداوة والشَّحناء والفتن.
فالواجب الحذر من الغيبة، وهي ذكرك أخاك بما يكره، قيل: يا رسول الله، إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته.
أما السّبتان بالسّبة فهي ظلمٌ؛ ولهذا صار من الكبائر، والظُّلم كلّه من الكبائر، يقول النبيُّ ﷺ: مَن ظلم شبرًا من الأرض طوَّقه اللهُ يوم القيامة من سبع أرضين، ويقول ﷺ: اتَّقوا الظلمَ؛ فإنَّ الظلمَ ظُلماتٌ يوم القيامة، فالظُّلم عاقبته وخيمة، وشرّه عظيم في النفس والمال والعِرْض، فإذا قال زيدٌ لعمرو: لعنك الله، أو أخزاك الله. فقال المسبوبُ: بل أنت أخزاك الله، أخزاك الله، أو لعنك الله، لعنك الله. كرَّرها؛ كانت الزائدةُ كبيرةً في حقِّ الشَّخص؛ لأنَّه زاده، ظلمه، فالقصاص مِثْلًا بمِثْلٍ؛ ولهذا في "صحيح مسلم" عن النبي ﷺ أنَّه قال: المستبَّان ما قالا فعلى البادي إثمه على البادي ما لم يعتدِ المظلوم، فإذا قال: لعنك الله. فقال: بل أنت لعنك الله. فهذا قصاصٌ، ما في شيءٍ، والإثم على الأول، أو قال: أخزاك الله. فقال: بل أنت أخزاك الله. أو قال: قاتلك الله. قال: بل أنت قاتلك الله. أو قال: أهلكك الله. فقال: بل أنت أهلكك الله. هذا من باب القصاص، وإن عفا ولم يُجب فهو أفضل، ولكن إذا زاد وكررها يكون إثمُ الزيادة على المكرر: ما قالا فعلى البادي ما لم يعتدِ المظلوم.
س: .............؟
ج: على البادي الإثمُ، والثاني ما عليه شيءٌ؛ لأنه مُقتصٌّ.
س: التَّقدير: فعلى البادي، يعني: فالإثم على البادي؟
ج: نعم، هذا هو.
س: إذا سبَّ والديه؟
ج: لا يسبّ والديه؛ لأنَّ هذا ظالمٌ، لا يصير ظالـمًا مثله.
س: وإذا سبَّه بقذفٍ؟
ج: بالقذف له أحكام القذف.
س: اللَّعن ما يُنهى عنه ولو على سبيل القصاص؟
ج: لا بأس على سبيل القصاص.
س: ...........؟
ج: إذا كان أظهر المعاصي ما له غيبة.
س: ...........؟
ج: مثلما في الحديث: أثنوا عليها شرًّا، قال: وجبت، هذا عند العُلماء في إنسانٍ أظهر الشَّر، ما له غيبة، سبقت لكم الأبيات التي ذكرها العُلماء:
الذمُّ ليس بغيبةٍ في ستَّةٍ | مُتظلِّمٍ ومُعَرِّفٍ ومُحَذِّرِ |
ولمظهرٍ فسقًا ومُسْتَفْتٍ ومَن | طلب الإعانةَ في إزالة مُنْكَرِ |
المقصود: "ولمظهر فسقًا"، ومنها حديث: استأذن على النبيِّ ﷺ رجلٌ، فقال النبيُّ: ائذنوا له، بئس ابنُ العشيرة، أو قال: بئس أخو العشيرة، قالوا: هذا يدل على أنَّه قد عرف النبيُّ فسقَه وشرَّه؛ ولهذا قال: بئس أخو العشيرة، أو قال: بئس ابن العشيرة، فلما دخل انبسط له، فقالت له عائشةُ رضي الله عنها: يا رسول الله، إنَّكَ قلتَ كذا وكذا، ثم انبسطْتَ معه في الحديث! أو كما قالت، قال عليه الصلاة والسلام: يا عائشة، إنَّ شرَّ الناس مَن تركه الناسُ اتِّقاء شرِّه.
الإنسان إذا جامل أو دارى بعضَ الناس لأجل شرِّه وخُبْثِه فلا بأس، وإن كان من المظهرين للفسق، إذا كانت مُداراته فيها خيرٌ للمسلمين ومصلحة، مثلما دارى النبيُّ ﷺ عبدَالله بن أُبَيّ وجماعته المنافقين، وتقبل منهم معاذيرهم، وصبر على أذاهم؛ لما في عدم قبول المعذرة من الشَّر؛ لأنَّ لهم أتباعًا، ولهم أنصارًا، ولهم ناسًا يغضبون لغضبهم، فالنبي أراد كفَّ شرِّهم بكل طريقٍ يُوصل إلى ذلك من الطرق الشَّرعية.
س: لعن بعض الجمادات؟
ج: ما يجوز، اللَّعن ما يجوز، لا جماد، ولا غير جماد، إلا مَن استحقَّه، ما يقول: لعن اللهُ الأرضَ الفلانية. أو لعن اللهُ ذاك الجبل. أو لعن اللهُ سيفي. أو لعن الله قِدْرِي.
يقول ﷺ: إنَّ اللَّعَّانين لا يكونون شُهداء ولا شُفعاء يوم القيامة، اللَّعن ليس من طبيعة المسلم.
س: حديث: من الكبائر السَّبتان بالسّبة؟
ج: رواه مسلمٌ في "الصحيح": المستبّان ما قالا على البادي ما لم يعتدِ المظلوم .....، لكن هذا لا بأس به، الذي رواه المؤلفُ إسناده جيد.
س: الفرق بين المداراة وإنكار المنكر؟
ج: المداراة: المجاملة في الشَّيء الذي يُخشى شرّه، من غير تركٍ لإنكار المنكر، مثل ..... شرّ لا يتكلم معه في شيءٍ شديدٍ من الكلام، يردّ عليه السلام، بخلاف المداهنة التي هي مُوافقة أهل الباطل، أو عدم إنكار المنكر الظاهر مع القُدرة، فالمداهنة شيءٌ، والمداراة شيء، المداراة: الإنكار بالأسلوب الحسن، بالرِّفق واستعمال الأشياء التي تمنع انتشار الشَّر أو ظهور الشَّر، من غير مُنكرٍ، يعني: ألفاظ جائزة يستعملها لئلا تقع فتنةٌ.
س: من المداراة تأخير الإنكار إلى وقتٍ آخر؟
ج: لا، هذا ما هو بالمداراة، هذا حسب الطاقة، مَن لم يستطع أخَّر من باب: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
حديثٌ آخر في الجمع بين الصَّلاتين من غير عذرٍ: قال ابنُ أبي حاتم: حدَّثنا أبي: حدَّثنا نُعيم بن حماد: حدَّثنا مُعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن النبيِّ ﷺ قال: مَن جمع بين صلاتين من غير عذرٍ فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر.
وهكذا رواه أبو عيسى الترمذي عن أبي سلمة يحيى بن خلف، عن المعتمر بن سليمان به، ثم قال: حنش هو أبو علي الرَّحبي، وهو حسين بن قيس، وهو ضعيفٌ عند أهل الحديث، ضعَّفه أحمدُ وغيره.
وروى ابنُ أبي حاتم: حدَّثنا الحسنُ بن محمد بن الصّباح: حدَّثنا إسماعيلُ بن عُلية، عن خالد الحذَّاء، عن حميد بن هلال، عن أبي قتادة -يعني العدوي- قال: قُرِئَ علينا كتابُ عمر: من الكبائر جمعٌ بين الصَّلاتين -يعني بغير عذرٍ- والفرار من الزَّحف، والنّهبة. وهذا إسنادٌ صحيحٌ، والغرض أنَّه إذا كان الوعيدُ فيمَن جمع بين الصَّلاتين: كالظهر والعصر، تقديمًا أو تأخيرًا، وكذا المغرب والعشاء، كالجمع لسببٍ شرعيٍّ.
الشيخ: لا، لغير سببٍ شرعيٍّ، كالجمع، ما له الجمع، هذا غلطٌ.
الشيخ: كأنَّه أشار إلى الأسباب التي تُجيزه، ولكن هنا حذفٌ.
مُداخلة: في كلامٍ لأحمد شاكر في "عمدة التفسير".
الشيخ: لا، خلِّه، المقصود ابن كثير، كلام ابن كثير مختلٌّ، الكلام هنا مختلٌّ، حطّ عليه إشارة النَّسخ، كلها عندكم كذا؟
الطالب: في نسخة الشَّعب يقول: وكذا المغرب والعشاء هما من شأنه أن يجمع بسببٍ من الأسباب الشَّرعية، فإذا تعاطاه أحدٌ بغير شيءٍ من تلك الأسباب يكون مُرتكبًا كبيرةً.
الشيخ: أعد يا شيخ عمر؟
الشيخ: حطّ عليها إشارة، الكلام ما هو بصحيحٍ، مختلٌّ.
مُداخلة: ما يكون مرادُ الحافظ رحمه الله معناه الجمع، فمَن جمع .....؟
الشيخ: المعنى معروف، لكن الكلام ما هو بمستقيم، المعنى غرضه: إذا كان مَن جمع بغير عذرٍ يكون مُرتكبًا كبيرةً، فكيف بمَن تركها بالكلية؟! يكون أعظم وأكبر، يكون كافرًا، إذا كان مَن جمع بغير عذرٍ هو مُرتكب كبيرةً، فما الحال فيمَن تركها بالكلية ولم يجمع، بل ترك الصَّلاة؟! يكون إثمُه أكبر وأعظم.
مُداخلة: ..........
الشيخ: إيه، فقط الكلمة هذه ما هي بمُستقيمة: "الجمع"، إذا حُذفت كلمة: الجمع بغير سببٍ شرعيٍّ، والغرض؟
الشيخ: والغرض أنَّ الوعيدَ ما هو؟ إذا كان الوعيدُ، والغرض أنَّ الوعيدَ ما يُخالف، حطّ: والغرض أنَّ الوعيد.
الشيخ: لغير سببٍ شرعيٍّ. حطّ عليها، العبارة فيها خللٌ، فلتُحرر، يمكن أن توجد نسخة خطيّة، تأمَّلوا بعض النُّسخ الخطيّة، حطّ عليه إشارة، العبارة فيها خللٌ، فلتُحرر.
كالجمع لسببٍ شرعيٍّ، فمَن تعاطاه بغير شيءٍ من تلك الأسباب يكون مُرتكبًا كبيرةً، فما ظنُّك بترك الصَّلاة بالكليَّة؟
ولهذا روى مسلمٌ في "صحيحه" عن رسولِ الله ﷺ أنَّه قال: بين العبد وبين الشِّرك ترك الصَّلاة.
وفي السنن مرفوعًا عنه عليه الصلاة والسلام أنَّه قال: العهدُ الذي بيننا وبينهم الصَّلاة، فمَن تركها فقد كفر، وقال: مَن ترك صلاةَ العصر فقد حبط عمله، وقال: مَن فاتته صلاةُ العصر فكأنما وتر أهله وماله.
الشيخ: أو بالنَّصب: "وتر أهله" وُتِرَ هو.
س: قوله: مَن فاتته صلاةُ العصر فكأنما وتر أهله وماله هل المعنى: فاته الوقت؟
ج: سُلِبَ، كمَن سُلِبَ أهله وماله.
س: يعني فاته الوقت؟
ج: الأقرب والله أعلم فاتته الجماعة، أو فاتته من غير عمدٍ، أمَّا إذا تركها كفر، حبط عمله، لكن هذا يُبين عظم المصيبة: كمُصيبة الأهل والمال، إذا فاتته في وقتها، أو مع الجماعة، محتملٌ، لم يتعمَّد تركها يعني.
س: قوله: حبط عمله معناه: أنَّه يكفر؟
ج: نعم، هذا يُؤيد حديث: بين الرجل وبين الكفر والشِّرك ترك الصلاة رواه مسلمٌ، بين الحديثين دلالة على كفر تارك الصَّلاة، يُوافقه في المعنى.
حديثٌ آخر: فيه اليأس من روح الله، والأمن من مكر الله:
قال ابنُ أبي حاتم: حدَّثنا أحمدُ بن عمرو ابن أبي عاصم النَّبيل: حدَّثنا أبي: حدَّثنا شبيبُ بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ: أنَّ رسولَ الله ﷺ كان مُتَّكِئًا، فدخل عليه رجلٌ فقال: ما الكبائر؟ فقال: الشِّرك بالله، واليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله، وهذا أكبر الكبائر.
وقد رواه البزارُ عن عبدالله بن إسحاق العطَّار، عن أبي عاصم النَّبيل، عن شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ قال: الإشراك بالله، واليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله . وفي إسناده نظر، والأشبه أن يكون موقوفًا.
الشيخ: والقنوط أشدّ اليأس، القنوط هو أشدّ اليأس، والأمن هو الغلو في الرَّجاء: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:99]، وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [الحجر:56]، فالقنوط أشدّ اليأس، والأمن هو الغلو في الرَّجاء.
س: قوله: وهذا أكبر الكبائر يعود إلى اليأس؟
ج: في صحّته نظر، أقول: في صحّته نظر، قد يكون موقوفًا، وقد يكون غير صحيحٍ؛ لأنَّ الكلمةَ هذه مُخالفة للأدلة الشَّرعية؛ أكبر الكبائر الشِّرك، أعظم من الأمن، وإن كان الأمنُ كبيرةً وخسرانًا -نعوذ بالله- لكن أكبر الكبائر الشِّرك؛ لأنَّه هو أعظم الذّنوب، قيل: يا رسول الله، أي الذنبِ أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك، حديث أبي بكرة في "الصحيحين": ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، بدأ به.
انظر: شبيب.
الطالب: شبيب -بوزن طويل- ابن بشر، أبو بشر، البجلي، الكوفي، صدوق يُخطئ، من الخامسة. (الترمذي، وابن ماجه).
الشيخ: قد يكون هذا من أخطاء شبيب، ليس بذاك، قد يكون هذا من أخطائه، المقصود أنَّ القنوطَ والأمنَ واليأسَ كلّها كبائر، لكن ليست هي أكبر الكبائر، أكبر الكبائر الشِّرك، نسأل الله العافية.
س: قول الله: إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف:87]؟
ج: ولو، ما يكون أكبر الكبائر؛ لأنَّ أكبر الكبائر نصَّ عليها النبيُّ ﷺ، وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [الحجر:56]، كذلك لا شكَّ أنها من أكبر الكبائر، لكن ليس هو أكبر، وإلا فهو من أكبر الكبائر، قد يكون التَّأويلُ: من أكبر الكبائر، كما قالوا في مواضع أخرى في مثل هذا، على تقدير: من.
س: الآية تُحمل على أنَّه كفرٌ دون كفرٍ؟
ج: لا، الظاهر أنَّه كفرٌ أكبر؛ لأنَّه ..... الكافرون، لكن قد يُقال في هذا: المراد إذا استحلَّه، كما قالوا فيمَن ترك الصَّلاة، وفيمَن حكم بغير ما أنزل الله، بل قال اللهُ فيه: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]، محمولٌ على مَن استحلَّه، هذا اليأس فيمَن استحلَّه، كقوله: لا يغفر اللهُ لي ولو تبتُ، ولو فعلتُ. هذا تكذيبٌ لله، وكونه كفرًا أكبر ليس ببعيدٍ ..... يستحلّ هذا الشَّيء، والله يقول جلَّ وعلا: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، ويقول: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، وأخبر أنَّه غفَّارٌ لمن تاب وآمن.
وكونه ييأس ويقول: لا ولو تبتُ ما يُغتفر لي. يعني: هذا تكذيبٌ لله، فالآية تشهد بأنَّه كفرٌ أكبر، نسأل الله العافية.
وينبغي أن يعلم أنَّ الخوفَ ألا يُرحم غير اليأس، شدّة الخوف غير اليأس، الإنسان قد يُبتلى بالمعاصي، ثم يعظم عنده الأمر حتى يشكّ في قبول توبته، يخاف، قد يُصاب بشيءٍ من نوع اليأس، لكن إذا بُيِّنَ له المعنى وأصرَّ على أنَّ الله لا يغفر لمن تاب صار مُكذِّبًا لله، كافرًا كفرًا أكبر، نسأل الله العافية، فكثرة المعاصي لا تُوجب اليأسَ لمن تاب.
س: الفرق بين اليأس من روح الله؟
ج: يعني من رحمة الله، روح الله: رحمة الله.
فقد رُوِيَ عن ابن مسعودٍ نحو ذلك، قال ابنُ جرير: حدَّثنا يعقوبُ بن إبراهيم: حدَّثنا هُشيم: أخبرنا مُطرّف، عن وبرة بن عبدالرحمن، عن أبي الطُّفيل قال: قال ابنُ مسعودٍ: أكبر الكبائر الإشراك بالله، واليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله.
وكذا رواه من حديث الأعمش وأبي إسحاق، عن وبرة، عن أبي الطُّفيل، عن عبدالله به.
ثم رواه من طرقٍ عدَّةٍ عن أبي الطُّفيل، عن ابن مسعودٍ، وهو صحيحٌ إليه بلا شكٍّ.
الشيخ: لأنَّ هذه من الكبائر، يعني: من أكبر الكبائر فيها الشِّرك.
س: الفرق بين اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله؟
ج: القنوط أشدّ من اليأس، نعم، انظر وبرة.
الطالب: وبرة -بالموحدة المحرَّكة- ابن عبدالرحمن المسلي -بضم أوله وسكون المهملة بعدها لام- أبو خُزيمة، أو أبو العباس، الكوفي، ثقة، من الرابعة، مات سنة ستّ عشرة. (البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي).
الشيخ: انظر محمد بن إبراهيم بن بندار، أو ابن يسار، أو ابن بشَّار.
...........
الشيخ: حطّ على بندار إشارة.
س: لو جمع تصحّ صلاته؟
ج: تصحّ صلاته التي في وقتها، إذا كان في الأولى صحَّت الأولى فقط، وأما الثانية يُعيدها في وقتها، أمَّا إذا كان جمع تأخيرٍ صحَّت مع الإثم، أمَّا جمع التَّقديم بغير عذرٍ فتصح الأولى، ولا تصح الثانية؛ لأنها في غير وقتِها.
س: حديث ابن عباسٍ أيش الأصحّ حمله عليه: أنَّ الرسولَ ﷺ صلَّى بهم سبعًا وثمانيًا من غير سفرٍ ولا مطرٍ؟
ج: محمولٌ على أنَّ هناك عذرًا آخر: إمَّا دَحْضٌ، وإما مرضٌ.