آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة:285- 286].
ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي فَضْلِ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ الْكَرِيمَتَيْنِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِمَا
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: مَن قرأ الآيتين.
وَحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ.
وقد أخرجه بقيةُ الجماعة من طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ بِإِسْنَادِهِ مِثْلِهِ، وَهُوَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ عَنْهُ بِهِ، وَهُوَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" أَيْضًا عَنْ عَبْدِالرحمن، عن علقمةَ، عن ابن مَسْعُودٍ. قَالَ عَبْدُالرَّحْمَنِ: ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا مَسْعُودٍ فَحَدَّثَنِي بِهِ.
الشيخ: كذا عندكم؟
الطالب: قال: مُصحّفة في كل المواضع، وهذا هو الصّواب، الحديث حديث أبي مسعودٍ البدري عقبة بن عمرو ، وفي المواضع التي مضت مُصحّفة، ما عدا هذا: "ولقيتُ أبا مسعودٍ" هو هكذا على الصَّواب.
طالب آخر: في نسخة شُعيب ذكر في الحاشية قال: في المخطوطة: ابن مسعود، ويُنظر "صحيح البخاري"، وفي المتن: ذكره عن أبي مسعودٍ رضي الله تعالى عنه.
الشيخ: أخشى أن يكون جاء عن هذا وعن هذا؛ لأنَّ عبدالرحمن بن يزيد من أصحاب ابن مسعودٍ، وعلقمة من أصحاب ابن مسعودٍ أيضًا، كلاهما من أصحاب ابن مسعودٍ، قد يكون جاء عن هذا وهذا: عن ابن مسعودٍ، وأبي مسعودٍ البدري.
الشيخ: وهذا يدل على فضل هاتين الآيتين، وأنَّهما عظيمتان، وهما قوله جلَّ وعلا: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ [البقرة:285] إلى آخر البقرة.
وقوله: كفتاه كلمة عظيمة، كفتاه من كل سوءٍ، ومن كل شرٍّ كفتاه، كما قال بعضُهم عن قيام اللَّيل: ولو لم يقم لقامت مقام ذلك، فإذا قام الليل صار مزيد خيرٍ، فهي كلمة عظيمة.
فتنبغي المحافظة على هاتين الآيتين كل ليلةٍ إلى آخر البقرة: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، هذه الآية الأولى، والثانية: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا.
س: في أول اللَّيل أو .....؟
ج: عامّ، عامّ، لكن إذا بدأها من أول الليل يكون أحسن، من بعد صلاة المغرب؛ حتى يعمّ الليل كلّه، لكن إذا بدأها من حين تغرب الشَّمس يكون أكمل.
س: .............؟
ج: في ليلة ظاهر، يعني: بعد غروب الشمس، والمساء يشمل ما بعد الزَّوال إلى أول اللَّيل.
س: يلزم التَّدبّر؟
ج: أفضل، التَّدبر أفضل.
س: إذا قرأها وهو غافلٌ عنها؟
ج: أفضل التَّدبر، والآية عامَّة، الحديث عامٌّ، لكن التَّدبر والتَّعقل مطلوبٌ.
س: ............؟
ج: نعم، في الليلة، كل ليلةٍ.
س: ............؟
ج: لا، في الليل فقط، أول الليل .....
س: يقرأها في سُنَّة المغرب؟
ج: يقرأ في سنة المغرب: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون]، و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص]، يقرأها في غير السّنة، يقرأها قبل الصّلاة أو بعد الصّلاة.
س: قراءتها في النَّهار هل ورد شيءٌ؟
ج: ما ورد شيءٌ، ما أخبر بشيءٍ، أقول: ما أعلم شيئًا.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أُعْطِيتُ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قبلي.
قد رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الْأَشْجَعِيِّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أُعْطِيتُ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ.
الشيخ: والمعنى أنَّ الله تكلَّم بها جلَّ وعلا، فهي آيتان من كلام الله، وهي في كنزٍ من تحت العرش، ثم أنزل بها الملك هذا على النبيِّ ﷺ.
الشيخ: ولهذا قيل لها: سدرة المنتهى، ينتهي إليها ما يصعد من أسفل، وينتهي إليها ما ينزل من فوقها.
مُداخلة: في نسخة الشّعب: وهي في السَّماء السَّادسة، إليها ينتهي ما يعرج من الأرض.
الشيخ: الصَّواب أنها في السَّابعة، المعروف في الأحاديث الصَّحيحة: في السَّابعة، جاء في بعض الرِّوايات أنها في السَّادسة، حملها بعضُهم على أنَّ أصولها في السَّادسة، ولكن فروعها كلها في السابعة، يُراجع مسلم، ما راجعته مسلم يا .....؟
الطالب: في مسلم: في السَّادسة.
الشيخ: راجعته؟
الطالب: إيه نعم، كذلك في الترمذي.
الشيخ: صلّحه على مسلم: في السّادسة، المعروف في الأحاديث الصَّحيحة كلها أنها في السَّابعة، لكن هذا محمولٌ على أصولها وجذورها في السَّادسة على السابعة، يعني: ممتدة حتى صارت فروعُها في السَّابعة.
الشيخ: ومعنى المقحمات يعني: الكبائر، وهذا لا يُنافي أنَّها تحت المشيئة، فالله يغفر لمن يشاء المقحمات وغير المقحمات، وهذا من فضله جلَّ وعلا، فالغُفران مُعلَّقٌ بالمشيئة، وهو سبحانه يغفر لكثيرٍ من عباده جلَّ وعلا بأسبابٍ كثيرةٍ، مع التَّوبة، والعمل الصَّالح، والحسنات الكثيرة، وغير هذا من أسباب الغفران.
الشيخ: يعني: ما خرَّجه أهلُ الكتب السّتة، إذا قال ..... لم يُخرجوه، يعني: الكتب السّتة، ما هو مُراده الناس كلهم، مُراده "الصَّحيحان" والسّنن الأربع، فقد يكون خرَّجه الدَّارمي، وقد يكون خرَّجه أبو يعلى وغيرهم، فمُراده رحمه الله إذا قال مثل هذا عندما يروي عن أحمد، ثم قال: لم يُخرِّجوه، يعني: الكتب السّتة المشهورة، تحسينه لهذا الحديث لأجل ما تقدم من الشَّواهد، وإن كان من طريق ابن إسحاق بالعنعنة، لكن المعنعن إذا جاءت له شواهد صار حسنًا.
مُداخلة: أشار في الحاشية إلى أنَّ ابن ماجه خرَّج الحديث برقم 4208.
الشيخ: يصير خفيًّا على المؤلف، أقول: يمكن أن يكون خفي على المؤلّف.
مُداخلة: وأشار إلى البخاري أيضًا، لعله تعليقًا.
الشيخ: يمكن، عندك شيء يا شيخ محمد عليه؟
الطالب: حفظك الله، لعله وهمٌ، ليس موجودًا في الكتب السّتة.
............
.............
الطالب: الحديث رواه هكذا مسلمٌ والنَّسائيّ والطَّيالسي في "مسنده"، ولكنَّه في مسلم ..... إسناده عن حُذيفة قال: قال رسولُ الله ﷺ: فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجُعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجُعلت تربتُها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء، وذكر خصلةً أخرى، ثم ذكر بسندٍ آخر، ولم يذكر متنه .....
قال العلماء: المذكور هنا خصلتان؛ لأنَّ قضيةَ الأرض في كونه مسجدًا وطهورًا خصلة واحدة، وأمَّا الثالثة فمحذوفة هنا، ذكرها النَّسائي من رواية أبي مالك الرَّاوي هنا في مسلم، قال: وأوتيتُ هذه الآيات خواتيم سورة البقرة من كنزٍ تحت العرش، ولم يُعطهنَّ أحدٌ قبلي، ولا يُعطاهنَّ أحدٌ بعدي، قلتُ: وقد أشار إليه الحاكمُ هكذا ..... وقال: ولكن خرَّجه مسلمٌ من حديث حُذيفة .....، وهو هكذا عند الطَّيالسي أيضًا ذكر الثلاثة، ومن حديث أبي عوانة، عن أبي مالكٍ الأشجعيّ كما هنا.
س: .............؟
ج: طيب، طيب، إذا قرأها في الليل كفت، أو في أول الليل، أو في أثناء الليل، لكن إذا قرأها في أول الليل بعد الصَّلاة حصل المقصود، النبي قال: في ليلةٍ، ما حدَّد، سواء قبل المغرب، أو بعد المغرب، الأمر واسعٌ، أو عند النوم، وإذا بكَّر بها يكون أحسن.
س: ...............؟
ج: يختلف، يختلف على حسب أصحابهم، يُعرفون بأصحابهم، إذا كان عن أصحاب عبدالله بن عمر فهو عبدالله بن عمر، وإذا كان من أصحاب ابن مسعودٍ فهو عبدالله بن مسعود، من أصحاب عبدالله بن عباس فهو عبدالله بن عباس، من أصحاب عبدالله بن عمرو فهو عبدالله بن عمرو، وهكذا يعرفهم أهلُ العلم بأصحابهم.
س: .............؟
ج: ورد في بعض الرِّوايات عن عليٍّ من فعله، لكن المحفوظ هو: آمَنَ الرَّسُولُ الآيتان.