41 من حديث (إنَّ الذي سألتُك عنه قد ابتُليتُ به فأنزل الله عزَّ وجلَّ هؤلاء الآيات في سورة النور)

بَابُ اللِّعَانِ
1105 - عَنِ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَأَلَ فُلَانٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا اِمْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ، كَيْفَ يَصْنَعُ؟ إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ! فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُ، فقال: إنَّ الذي سألتُك عنه قد ابتُليتُ به، فأنزل الله هؤلاء الآيات في سورة النور: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ [النور:6]، فتلاهنَّ عليه، ووعظه، وذكَّره، وأخبره أنَّ عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، قال: لا، والذي بعثك بالحقِّ ما كذبتُ عليها. ثم دعاها فوعظها وذكَّرها، [وأخبرها أنَّ عذابَ الدنيا أهون من عذاب الآخرة]، قالت: لا، والذي بعثك بالحقِّ إنه لكاذب. فبدأ بالرجل: فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصَّادقين، [والخامسة أنَّ لعنةَ الله عليه إن كان من الكاذبين]. ثم ثنَّى بالمرأة: [فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أنَّ غضب الله عليها إن كان من الصَّادقين]، ثم فرَّق بينهما. رواه مسلم.

1106- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَالِي؟ قَالَ: إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَاكَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1107- وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبِطًا فَهُوَ لِزَوْجِهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا فَهُوَ للَّذِي رَمَاهَا بِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1108- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ عَلَى فِيهِ، وَقَالَ: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

1109- وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلَاعُنِهِمَا قَالَ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا. فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ: هذا الباب في اللِّعان، واللعان مصدر: لاعن لعانًا، مثل: قاتل قتالًا، وجادل جدالًا، ومصدره الثاني: الملاعنة، ويقال له: الالتعان والتَّلاعن، وهو ما يقع بين الزوجين من الأيمان التي تُختم في حقِّ الرجل باللعنة، وفي حقِّ المرأة بالغضب.

وقد شرع الله ذلك لحكمٍ عظيمةٍ:

منها: أن الزوج يتمكن من نفي الولد إذا كان هناك ولدٌ، ويتمكن من درء الحدِّ عنه؛ لأنه قد يكون صادقًا ولا بينةَ له.

ومنها -من الفوائد- أن يحذر كلٌّ منهما التَّساهل في أسباب الفاحشة، وأنه متى وقع شيء من ذلك فللزوج أن يفعل ما جاءت به النصوص، والمرأة لها كذلك، وأنَّ كلًّا منهما على خطرٍ عظيمٍ إن كذب.

ومنها: أن ذلك وسيلة لفرقة مُؤبدة؛ لأجل ما وقع من الرمي بهذه المعصية العظيمة، والفاحشة الكبيرة، فإنَّ الإنسان بعد ذلك في الأغلب لا يتيسر، فجعل الله من عقوبة ذلك ومن فائدة ذلك تحريمًا مُؤبدًا.

وقد جاء حديثُ ابن عمر: جاء أنَّ فلانًا، كنَّى به عن عُويمر العجلاني، كثير من الرواة إذا رووا مثل هذا أبهموا الرجلَ من باب الستر عليه، والبعض الآخر يُصرح بذلك؛ لأنَّ هذا شيء مضى، ومضى فيه حكم الله، فلا حرج في أن يُسمَّى صاحبه؛ لأنه وقعت منه هذه القضية، فقد يُسمَّى، وقد يكون في التسمية فوائد في معرفة الشخص وتتبع أخباره وترجمته؛ ليُستفاد من الواقع في التفاصيل التي قد تقع في موضعٍ دون موضعٍ.

والقصة وقعت لعُويمر ولهلال بن أمية كما هو معروف، وقد أنزل الله فيها ما أنزل في كتابه العظيم؛ فإن عُويمرًا سأل، فكره النبيُّ ما سأل ولم يُجبه بشيءٍ، ثم جاءه عُويمر بعد ذلك وقال: إنَّ الذي سألتُك عنه قد ابتُليتُ به. ولا حول ولا قوة إلا بالله، كأنه رأى أمارات؛ فلهذا سأل، ثم وقعت المصيبةُ ورآها عيانًا، فلم يُجبه النبيُّ ﷺ حتى أنزل الله الحكمَ في كتابه العظيم في سورة النور، فدعا بهما: المرأة والرجل، ووعظهما جميعًا، وذكَّرهما الله ؛ ليرجع هذا عن قوله، أو ترجع هي عن إنكارها وتعترف فيُقام عليها الحدّ، وكل منهما أصرَّ، وقال: ما كذبتُ عليها يا رسول الله. وهي قالت: والله إنه لكاذب.

فلما أصرَّا جميعًا على ما قالا لاعن بينهما عليه الصلاة والسلام، وبدأ بالرجل فالتعن، ثم ختم لعنته بقوله: وأنَّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم هي بعد ذلك.

واللِّعان أن يقول كلُّ واحدٍ: أشهد بالله لقد جرى كذا وكذا. فالزوج يقول: أشهد بالله لقد زنت زوجتي هذه. ويُسميها، أو يُشير إليها، ويقول في الخامسة: وأنَّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.

وهي تقول: أشهد بالله لقد كذب زوجي هذا بما رماني به من الزنا. وتقول في الخامسة: وأنَّ غضبَ الله عليها إن كان من الصَّادقين.

وأنزل الله في هذا جلَّ وعلا: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ۝ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ۝ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ العذاب هنا يعني: عذاب الحدِّ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ۝ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ [النور:6- 9].

فلما تم اللِّعانُ بينهما فرَّق بينهما عليه الصلاة والسلام وقال: لا سبيلَ لك عليها، وقال الرجلُ: يا رسول الله، مالي؟ قال: لا مالَ لك؛ إن كنت صادقًا فهو بما استحللتَ من فرجها، وإن كنت كاذبًا فذاك أبعد لك منها.

والمعنى واضح؛ فإنَّ الفُرقة بعد الدخول، فصار لها مهرها بما استحلَّ من فرجها، ولم يعلم في نفس الأمر: هل هو صادق أو كاذب بالنسبة إلى الحاكم؟ وإن كان معلوم في نفس الأمر من جهة الله ، فصار صداقُه غائبًا عليه؛ لأنه إن كان صادقًا فقد استحلَّ فرجَها، فأشبه مَن طلَّقها بعد الدخول، وإن كان كاذبًا فذاك أبعد؛ لأنه ظلمها وبهتها، فذاك أبعد له مع دخوله بها.

وفي الرواية الأخرى أنه قال لهما: أحدكما كاذب يعني: بلا شكٍّ في نفس الأمر: أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ حثَّهما على التوبةِ.

ثم قال: لا سبيلَ لك عليها، فدلَّ ذلك على أنَّ اللعان يُوجب الفُرقة المؤبدة، وهذه سنة الله في المتلاعنين، ودلَّ ذلك على أنَّ المتلاعنين يلتعنان بحضرة ولي الأمر أو نائبه، بمشهدٍ من الناس؛ حتى يكونا عبرةً وعظةً لغيرهما، على أنه يبدأ بالرجل كما بدأ الله به، وبدأ به الرسولُ ﷺ، ثم يُثني بالمرأة.

وفي الحديث الثالث: أنه يضع أحدهم يده على فمه، فيقال له: اتَّقِ الله، إنها موجبة. وهكذا هي تُذكر وتُوعظ، وإن كان هناك مَن يضع يده عليها كمحارمها أو امرأة لتتقي الله وتقف؛ حتى لا يُصيبها ما وعد الله من العقوبة، من باب التذكير، ومن باب العظة، ومن باب الحثِّ على التوبة قبل تمام اللِّعان.

وفيه من الفوائد أيضًا: ما دلَّ عليه الحديثُ الثالثُ، وهو أنَّ الشَّبه لا أثرَ له بعد ذلك اللِّعان، الحاكم قاضٍ على القضية، ولا أثر للشَّبه، وإن كان الشَّبه قد يُوجب الظنّ أنها صادقة أو كاذبة، أو أنه صادق أو كاذب، لكنه لا أثرَ له في غير الأحكام؛ ولهذا قال: إن جاءت به أبيض سبطًا فهو لفلان يعني: لهلال وإن جاءت به أكحل جعدًا فهو لفلان لمن رماها به.

وفي اللفظ الآخر: لولا الأيمان لكان لي ولها شأن ..... نسأل الله السلامة.

الحاصل أنَّ الشَّبه بعد الأيمان واللِّعان لا أثرَ له.

أيضًا يدل الحديثُ على أنَّ الولد ينتفي ولا يُلحق به؛ لأنه داخل في اللعان .....، فإنَّ حملها يكون .....، فإن صرَّح به كان آكد وأوضح في نفيه.

وفيه من الفوائد: أن الطلاق لا أثرَ له بعد ذلك، فقوله: كذبتُ عليها يا رسول الله إن أمسكتُها. ظنَّ أنها بعد اللِّعان تبقى في عصمته فطلَّق، ولم يقل له النبيُّ ﷺ شيئًا من جهة الطلاق؛ لأنَّ الفُرقة قد حصلت بما وقع من الأيمان بينهما، وقد فرَّق بينهما النبيُّ ﷺ، فصار الطلاقُ ليس في محلِّه.

وقد احتجَّ به مَن قال: إنَّ الطلاق ..... يجوز .....؛ لأنَّ الرسول أقرَّه على ذلك.

وأجاب مَن رأى تحريم ذلك: بأنه وقع في غير محلِّه، فهذا هو سبب إعراض النبي عنه؛ لأنه وقع في غير محلِّه، قالوا: فلهذا أعرض النبيُّ عليه الصلاة والسلام.

وقد دلَّ حديثُ محمود بن لبيد على تحريم إيقاع الطلاق ..... جميعًا، كما دلَّ عليه حديثُ ابن عمر في "الصحيحين": أنَّ مَن طلَّق ثلاثًا قال: قد عصيتَ ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك، وهكذا جاء عن ابن عباسٍ، فالصريح الذي دلَّ على التحريم أولى من الشيء الذي يحتمل.

ولم يُذكر أمر مَن رُميت به هنا: هل حُدَّ أو ما حُدَّ؟ والظاهر والله أعلم أنه أعرض عنه؛ لكونه والله أعلم لم يتكلم في الموضوع، ولم يُطالب بالحدِّ؛ فلهذا لم يأتِ في النصوص تعرض له.

فقال بعضُ أهل العلم: أنَّ اللعان يكفي، فلا حاجة إلى أن يُحدّ المرمي به، وأن اللعان يُزيل عنه الحدّ بالنسبة إليها، وبالنسبة لمن رماها به.

وقال آخرون: ليس ذلك بكافٍ، وإنما يسقط الحدُّ بالنسبة إليها، أما مَن رُميت به فله شأن آخر إذا طالب، إذا طالب: فإما [أن] يأتي بالبينة، وإما أن يُقام عليه الحدّ من جهته؛ لأنه تعمّه النصوص في أنَّ له الحقَّ أن يُطالب بإثبات ما رُمي به أو الحدّ.

وليس في القصة -قصة هلال ولا قصة عويمر- فيما اطلعتُ عليه ما يدل على أنَّ المرمي به قد طالب بشيءٍ، أو حضر عند الرسول ﷺ؛ فلهذا سكتت عنه النصوص.

والأصل والله أعلم أنه لو طالب فله الحقُّ، لو طالب، هذا هو الأصل، فلا يسقط عنه الحدُّ إلا بدليلٍ واضحٍ، كونه حدّ عنها لرميه لها لا يسقط الحدّ عنه بالنسبة إلى الشَّخص الذي رُميت به.

والنص بيَّن أنَّ مَن رمى ولم يأتِ بالبينة يُحدّ ثمانين جلدة، هذا هو الأصل، فلا يسقط عنه الحدّ إلا بدليلٍ واضحٍ يدل على إسقاطه، والله أعلم.

س: ...............؟

ج: سقط بالنسبة للمرأة باللعان، لكن المرمي به هو محل النظر، لو طالب هذا هو محل النظر.

س: ...............؟

ج: إن طالبه هو: بأني بريء مما رماني به.

س: ...............؟

ج: له لا لها هي، سقط حقّها.

س: ...............؟

ج: ما في النصوص صراحة أنه طالب وأُلغي، أقول: ما في النصوص فيما أعلم أنَّ الرجل طالب وقيل له: لا حقَّ لك. ما رأيتُ شيئًا من النصوص.

س: ..............؟

ج: أما في المرأة فلا شكَّ فيه، أما في الرجل المرمي فهو محل النظر.

س: ..............؟

ج: إذا ما عيَّنه ما في شيء، انتهى الموضوع.

س: ...............؟

ج: الله أعلم، الذي يظهر أنه إنما سأل والله أعلم لأنه رأى شيئًا من الأمارات؛ ولهذا جاء قريبًا.

س: ..............؟

ج: لا، ما له حقّ.

س: ..............؟

ج: يُنسب لأمه، الولد يُنسب لأمه.

س: ..............؟

ج: هذا عند عدم وجود اللِّعان، وعند عدم وجود بينات، إذا عمي الأمرُ ولم يكن هناك فراش ولا بينات .....

س: ...............؟

ج: لأمه، ترثه أمه وإخوانه من أمه، وزوجته إن تزوج بعد حين، وأولاده.

س: ..............؟

ج: الظاهر مضى الأمر؛ التوبة تجُبّ ما قبلها، تكفي، لا ينقض الحكم، الولد يُنسب لأمه، والحدّ سقط وانتهى الأمر.

س: ...............؟

ج: لا، تم الحكمُ.

س: ...............؟

ج: هذا إلى الله جلَّ وعلا، هذا أمره إلى الله : إن تاب تاب الله عليه، وإن لم يتب فأمره إلى الله.

س: ..............؟

ج: الظاهر أنه ما ينقض شيء بعدما مضى .....، ولا أعلم فيه تفصيل كلام لأهل العلم، لكن فيما يظهر من الواقع أن الحكم نفذ، ولا ينقض بعد ذلك.

س: ...............؟

ج: يحتاج إلى تأمل، ولكن الذي يظهر لي من كلام أهل العلم ومن الواقع أنه انتهى الأمر، لكن كونه فيه خلاف ما أتذكر ..... فيه نظر، لكن هذا قد يُفضي إلى التلاعب، وقد يبدو لهما أشياء فيما بينهما، أو فيما بين أهليهما لا تُحمد عقباها.

س: ...............؟

ج: الله أعلم، الذي يظهر من القصة أنه انتهى الأمر، مضى الأمر على ما هو عليه.

س: ...............؟

ج: لله الحكمة في ذلك ، ولعل السر في ذلك أنها أفسدت فراشه، وحالت بينه وبين تمتعه بها؛ ظلمًا منها، فكان الغضب في حقِّها أشدّ، غضب الله عليها أشد، اللعنة، دعا وقد تحق وقد لا تحق، وإن كان دعاء عليه .....، لكن كونها تبوء بغضب الله عليها هذا أشدّ؛ ولهذا وصف اليهود لشدة كفرهم بالغضب دون النَّصارى، والأقرب والله أعلم أنَّ وصفها بالغضب لأنَّ جريمتها أشدّ، وأما كونه يدعو اللَّعنة لأنه ظالم لها إن كان كاذبًا، ظالم لها، باهت لها.

س: ..............؟

ج: يُقال: سبط، وسبط، تُسكن باؤه وتُكسر، منه قول الشاعر:

فإن جاءت به سبط العظام كأنما .................

1110- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ، قَالَ: غَرِّبْهَا، قَالَ: أَخَافُ أَنْ تَتْبَعَهَا نَفْسِي، قَالَ: فَاسْتَمْتِعْ بِهَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظٍ، قَالَ: طَلِّقْهَا، قَالَ: لَا أَصْبِرُ عَنْهَا، قَالَ: فَأَمْسِكْهَا.

1111- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ، وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ، وَفَضَحَهُ اللَّهُ عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

1112- وَعَنْ عُمَرَ قَالَ: مَنْ أَقَرَّ بِوَلَدٍ طَرْفَةَ عَيْنٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ حَسَنٌ مَوْقُوفٌ.

1113- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ! قَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا أَلْوَانُهَا؟ قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: هَلْ فِيهَا من أَوْرَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنَّى ذَلِكَ؟ قَالَ: لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ. قَالَ: فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: وَهُوَ يُعَرِّضُ بِأَنْ يَنْفِيَهُ. وَقَالَ فِي آخِرِهِ: وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الِانْتِفَاءِ مِنْهُ.

الشيخ: هذه الأحاديث الأربعة لها تعلق بكتاب اللعان.

الأول: حديث ابن عباسٍ أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، إنَّ امرأتي لا ترد يدَ لامسٍ، فقال له النبيُّ ﷺ: غربها، قال: أخاف أن تتبعها نفسي، قال: فأمسكها.

وفي اللفظ الآخر عند النَّسائي قال: طلِّقها، قال: إني لا أصبر عنها، قال: أمسكها.

الحديث هذا اختلف أهلُ العلم في صحَّته وعدم صحَّته: رُوي عن أحمد رحمه الله أنه قال: إنه ليس بثابتٍ، وأنه وهم فيه بعض الرواة. وهكذا قال النَّسائي رحمه الله في "السنن": إنه ليس بثابتٍ، وإنما هو مشهور مرسل من حديث عبدالله بن عبيد بن عمير. وقال آخرون: إنه ثابت. ولهذا قال المؤلفُ: ورجاله ثقات.

واختلفوا في معناه على تقدير ثبوته: فقال بعضُهم: معناه أنها تتعاطى الفجور، وأنها لا تمنع مَن أرادها للفاحشة. وهذا المعنى لا يستقيم لو صحَّ الحديثُ؛ فإنه لا يمكن أن يُقره النبيُّ على أن يكون ديوثًا، وأنَّه رجل امرأةٍ تسمح بالزنا؛ ولهذا قالوا: المعنى الثاني هو الصواب إن صحَّ، والمعنى أنها امرأة: إما أنها تُبذر المال ولا تقف عند حدٍّ في العطاء، وهذا ليس بجيدٍ؛ لأنه لا يُقال: لامس لمن يُعطي المال، يقال: ملتمس، يقال: لا ترد يد ملتمس، مُستعطي.

ولهذا قال ابنُ القيم وجماعة: المراد أنها كانت امرأةً لينةً، ليست بالمرأة الشديدة التَّمنع من محادثة الرجال، تتكلم مع الرجال، فكان معها توسع في ذلك؛ فلهذا سمَّاها قال: "لا ترد يد لامسٍ" من جهة مُصافحتها، ومن التَّحدث معها، لا أنها تزني.

وكثير من النساء قد يتسامحن في الكلام مع الرجال ومصافحة الرجال والتَّحدث مع الرجال، لكن ليست تزنِي، بل هي بعيدة عن هذا الشيء، وإنما عُرف لبعض الناس، وطريقة لبعض الناس التَّسامح، وهذا موجود حتى الآن في كثيرٍ من القبائل: تُصافح الرجل، وتتحدث معه، وتجلس معه وتُكلمه وتُضاحكه، وهي بعيدة عمَّا يُراد منها من جهة الفاحشة.

هذا المعنى هو الذي رجَّحه ابنُ القيم وجماعة، قالوا: إن صحَّ الحديثُ فمراده أنَّ عندها توسع في التَّحدث مع الرجال، وعدم التَّحرز والحذر.

ولكن مَن قال بعدم صحَّته انتهى من هذا كله، ومنهم ابن الجوزي، فإنه رحمه الله ذكره في "الموضوعات"، وبنى على قول أحمد أنه لا يثبت، فجعله في كتابه "الموضوعات"، وهو قريب، وليس ببعيدٍ أن يكون موضوعًا كما قال العلامة ابن الجوزي رحمه الله، ولو صحَّ فهو محمولٌ على ما قال ابنُ القيم رحمه الله من التَّساهل وعدم الشدة؛ ولهذا قال له النبيُّ: غربها يعني: أبعدها. وفي اللفظ الآخر: طلِّقها، قال: أخاف أن تتبعها نفسي. قال: لا أصبر عنها. قال: فأمسكها يعني: أمسكها مع العناية بما يجب من توجيهها إلى الخير، ونصيحتها ومنعها مما قد يظهر منها من التَّساهل، هذا إن صحَّ الخبرُ.

والأقرب والله أعلم مثلما قال ابنُ الجوزي، هذا هو الأقرب عندي والأظهر، وإن كان رجاله ثقات، فإنَّ الرجل قد يهم، قد يغلط في بعض الروايات، بعض الكلمات، ولا بدَّ من مُراجعته مرةً أخرى إن شاء الله من جهة رواياته وأسانيده.

والحديث الثاني: حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: أيما امرأةٍ أدخلت على قومٍ مَن ليس منهم فليست من الله في شيءٍ، ولم يُدخلها الله جنته، وأيما رجلٍ جحد ولده وهو ينظر إليه إلا احتجب اللهُ عنه، وفضحه على رؤوس الأوَّلين والآخرين.

هذا الحديثُ كما ذكر المؤلفُ رواه أبو داود والنَّسائي وابن ماجه، وصححه ابن حبان، وفي سنده مقال؛ فإنه من رواية عبدالله بن يونس الحجازي، وقد قال فيه جماعة: إنه مجهول. قال فيه الحافظ: إنه مجهول الحال مقبول؛ لأنه وثَّقه ابن حبان، وتوثيق ابن حبان ليس بجيدٍ؛ لأنه يتساهل كثيرًا؛ ولهذا فالصواب فيه أنه ضعيف، ولكن على تقدير صحَّته من باب الوعيد، وأحاديث الوعيد عند أهل السنة والجماعة تمر كما جاءت؛ لأنها أعظم في الزجر، فصاحبها تحت مشيئة الله، مثل: لا يدخل الجنةَ مَن فعل كذا، حرَّم الله على الجنة مَن فعل كذا. من باب الوعيد الذي يُراد به الزجر والتَّحذير عمَّا حرم الله ، وصاحبه تحت مشيئة الله كما قال : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فهو سبحانه بيَّن أنَّ ما كان من الشرك لا يُغفر، وما كان دون الشرك فإنه تحت مشيئة الله ؛ فإن تاب محا الله عنه ذلك، وإن لم يتب فهو تحت مشيئة الله يوم القيامة: إن شاء عفا عنه بإسلامه وأعماله الصالحة الأخرى، وإن شاء عذَّبه على قدر جريمته، على قدر ما عمل من معاصٍ: من زنا، أو سرقة، أو قطيعة رحم، أو غير هذا من المعاصي، ثم بعدما يطهر ويمحص في النار في العذاب الذي يليق به يخرج من النار، كما جاء في النصوص المتواترة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: أنه يخرج من النار أقوامٌ قد امتُحِشُوا، يعني: قد احترقوا، فيُلقون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبَّةُ في حميل السَّيل.

فهذه المرأة التي أدخلت على قومٍ مَن ليس منهم قد أتت جريمةً عظيمةً، فإن تابت تاب الله عليها، وإن ماتت على عملها السيئ وعلى زناها وإصرارها فهي تحت مشيئة الله ، كسائر أهل المعاصي تحت مشيئة الله.

..............

والحديث الثالث: حديث عمر أنه قال: "مَن أقرَّ بولده طرفةَ عينٍ فليس له أن ينفيه".

المقصود أنَّ الاعتراف بالأولاد معناه عدم الرجوع، وأن المعترف بولده يجب عليه أن يستمر في ذلك، ولو رجع لم يُقبل رجوعه، وهذا محل إجماعٍ ومحل وفاقٍ بين أهل العلم.

والحديث الرابع: حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه: أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، إنَّ امرأتي ولدت غلامًا أسود. فهو جاء بهذا ليعرض بنفيه، استنكره لأنهم كانوا بيضًا ..... فهل فيها من أورق؟ يعني أسود، قال: نعم، قال: فأنَّى أتاها ذلك؟ قال: لعله نزع عرق، قال: فلعل ابنك هذا نزعه عرق يعني لعله كان شبيهًا بخالٍ أو جدٍّ أو جدةٍ أو نحو ذلك كان أسود.

فالمقصود أنَّ اللون لا يُوجب التُّهمة بالفاحشة، فلا يُجيز اللِّعان إلا إذا رأى الفاحشة، وإلا فمجرد كون الشَّبه اختلف في اللون أو في غير اللون لا يُوجب للزوج أن يُلاعنها ويرميها بالفاحشة؛ ولهذا أنكر عليه النبيُّ ﷺ ولم يُرخص له بالانتفاء منه.

هذا هو الذي عليه أهلُ العلم، فلا يجوز أن يعتمد الزوجُ اللِّعان بمجرد الشَّبه، ولا بمجرد الظنون، بل إن رأى شيئًا يقينًا لاعن عليه، وانتفى الولدُ إن كان هناك ولد، وإلا فلا.

وتقدم البحث في الأمس فيما إذا رجع الملاعن، وقد راجعت "المغني" في هذا، فذكر رحمه الله أنه إذا رجع وأكذب نفسه يُقام عليه الحدّ، قال: إنه قول الشافعي، وأبي ثور، وأبي حنيفة، ولا نعلم لهم مخالفًا من أهل العلم. محل وفاقٍ بين أهل العلم؛ لأنه أُلغي عليه الحدّ بسبب إنكاره ولعانه، فلما كذب نفسه فإنه يُقام عليه الحدّ -حدّ القذف-.

وكذلك إذا استلحق الولد يلحقه بعد ذلك إذا استلحقه؛ لأنه محتمل كونه يكذب نفسه ويستلحقه، فيه مصلحة للولد، إذا استلحقه يلحقه، هذا هو الأرجح.

وذُكر عن سفيان الثوري أنه يستلحقه حيًّا وميتًا، سواء الولد حي أو ميت.

وقال جماعة: إن كان ميتًا فإن كان وراءه مال واستلحقه فهو متهم بأن يرث المال.

وقال أبو حنيفة رحمه الله: إن كان وراءه ولده، إن كان مات ووراءه ولد فلا بأس باستلحاقه، وإن كان مُنقطعًا ليس وراءه أحدٌ فلا حاجةَ للاستلحاق؛ لعدم الضَّرورة إليه.

والصواب أنه متى استلحقه لحقه مطلقًا؛ لأنَّ مراعاة حفظ الأنساب وبقاء الأنساب مطلوب، فإذا كذب نفسه واستلحقه لحقه، ولو قيل: إنه بمجرد تكذيبه نفسه يلحقه مطلقًا ولو لم يستلحقه، لكان وجيهًا، ولم يُنقل عن أحدٍ أنه قال بهذا، وإلا فهو قول وجيه، فإنه متى رجع وكذب نفسه وأُقيم عليه الحدّ؛ فإنَّ الولد يلحقه تبعًا لهذا الشيء، هذا هو الأظهر والأوجه إن كان قال به أحدٌ من أهل العلم.

ونتابع إن شاء الله البحثَ فيه حتى ننظر مَن قال بهذا؛ لأنه حينئذٍ لما رجع تبعه الولد، ولكن ذكروا الاستلحاق أنه متى استلحقه لحقه مطلقًا حيًّا أو ميتًا، والله جلَّ وعلا أعلم.

س: ..............؟

ج: يعني الثَّيب يُقام عليه الحدّ: حد القذف، وحد الزنا جميعًا، إذا كان من طرف الزاني، إذا اعترف بالزنا معروف، لكن هذا الزوج اعترف بأنه كذب عليها، يُقام عليه حدُّ القذف، أما الزاني إن اعترف أنه زانٍ وهو ثيب يُقام عليه حدُّ الرجم.

س: ...............؟

ج: قال: ولدي يعني ..... قال: إنه ولدي، هذا الاستلحاق.

س: ...............؟

ج: يلحقه يعني: يكون نسبه له ..... ولد فلان، فلما استلحق نُسب إليه.

س: ...............؟

ج: ..... فقط يُنسب إليه، فقط يُقال: ولد فلان.

س: ...............؟

ج: حدّ القذف، أبو الولد إذا رماها بالزنا يُجلد ثمانين جلدة؛ لأنه رجع .....

س: ...............؟

ج: ينظر، تُراجع أسانيده؛ لأنه أعلّ بالإرسال، وأحمد رحمه الله قال: إنه لا يثبت، تُراجع طرقه ..... أعله أحمد، وأعله النَّسائي وغيرهما، بعد جمع الطرق يتبين الأمر.

س: حديث عمر هنا موقوف؟

ج: أقول: له مجال؛ لأنه مما يُدرك بالاجتهاد.

................

بَابُ الْعِدَّةِ وَالْإِحْدَاد

1114- عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ : أَنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ رضي الله عنها نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَجَاءَت النَّبِيَّ ﷺ فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ، فَأَذِنَ لَهَا، فَنَكَحَتْ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَأَصْلُهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ".

وَفِي لَفْظٍ: أَنَّهَا وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً.

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَزَوَّجَ وَهِيَ فِي دَمِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حتَّى تَطْهُرَ.

1115- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أُمِرَتْ بَرِيرَةُ أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنَّهُ مَعْلُولٌ.

1116- وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا: لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

1117- وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا تَحِدَّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسْ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلْ، وَلَا تَمَسَّ طِيبًا، إِلَّا إِذَا طَهُرَتْ، نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.

وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنَ الزِّيَادَةِ: وَلَا تَخْتَضِبْ.

وَلِلنَّسَائِيِّ: وَلَا تَمْتَشِطْ.

1118- وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَـا قَالَتْ: جَعَلْتُ عَلَى عَيْنِي صَبْرًا بَعْدَ أَنْ تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّهُ يَشِبُ الْوَجْهَ، فَلَا تَجْعَلِيهِ إِلَّا بِاللَّيْلِ، وَانْزِعِيهِ بِالنَّهَارِ، وَلَا تَمْتَشِطِي بِالطِّيبِ، وَلَا بِالْحِنَّاءِ؛ فَإِنَّهُ خِضَابٌ. قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ أَمْتَشِطُ؟ قَالَ: بِالسِّدْرِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

1119- وَعَنْهَا أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَتِي مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَنَكْحُلُهَا؟ قَالَ: لَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ: هذا الباب في العدة: عدة المطلقة، والمتوفَّى عنها، وفي الإحداد أيضًا، مصدر: أحدت تحدّ إحدادًا، المتوفى عنها، ذكر المؤلفُ رحمه الله هنا عدة أحاديث في هذا الباب.

والعدة من العدد، وهو ما تربص فيه المطلقة والمفسوخة ونحوهما، والمتوفَّى عنها، يقال له: عدة، وهو أنواع، عِدد كما ذكر الفقهاء، أنواع.

والإحداد ما تفعله المرأةُ المتوفَّى عنها: من ترك الزينة والطِّيب والحُلي، هذا يُقال له: إحداد، يقال: حدّت على زوجها إذا تجنبت ما ينبغي تركه في العدة.

وكلاهما واجب؛ فالعدة واجبة، والإحداد واجب، كما جاءت به النصوص في ذلك.

ومن العدة: عدة المتوفَّى عنها، وعدة الحامل، وعدة المطلقة ذات الأقراء، والمطلقة غير ذات الأقراء: كالآيسة، وامرأة المفقود كما يأتي في محلِّه.

المقصود أنَّ العِدد متنوعة، وقد بيَّن الله جلَّ وعلا حكمَها في كتابه العظيم حيث قال: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228]، وقال: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234]، وقال: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]، فهذه الآيات شملت جميع أنواع العِدد.

والمتوفَّى عنها إذا كانت غير حُبلى بيَّن الله عدَّتها، وهي أربعة أشهر وعشرًا، والحكمة في ذلك والله أعلم أنَّ في هذه المدة يتبين فيها الحمل، فيتضح إن كانت حاملًا، وفي هذا حيطة للميت: أن جعل الله عدَّتها منه هذه المدة حتى يتبين حالها، ويتَّضح أمرها إن كان هناك حمل، وبعد مضي هذه المدة تخرج من العدة وتتزوج إذا شاءت، أما الحُبلى فإنها بوضع الحمل تخرج من العدة؛ لأنه يكون بذلك براءة رحمها وسلامتها، ولو كان وضعها للحمل بعد الوفاة بقليلٍ، أو بعد الطلاق بقليلٍ؛ لعموم الآية: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4].

وحديث سبيعة المذكور يدل على أنَّ الآية تعمّ المتوفَّى عنها والمطلقة جميعًا، وقد التبس الأمرُ على بعض الناس وظنُّوا أنَّ المتوفى عنها إذا كانت حُبلى تعتدّ بأطول الأجلين، يُروى عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، وعن عليٍّ، ولكن انعقد الإجماعُ ..... واستقر الأمر على أنَّ المتوفَّى عنها تعتدّ بوضع الحمل؛ لحديث سبيعة؛ ولعموم الآية الكريمة، ولو وضعت بعد وفاة زوجها بساعةٍ أو ساعات انتهت من العدة والإحداد جميعًا، وجاز لها أن تنكح؛ ولهذا أفتى النبيُّ ﷺ سبيعة بالزواج بعدما وضعت حملها.

وقال الزهري رحمه الله: إنه لا بأس أن تنكح ولو في دمها -ولو في النفاس- لكنه لا يقربها زوجها حتى تطهر.

هذا الذي قاله الزهري صحيح، وهو قول أهل العلم؛ لأنها خرجت من العدة بوضع الحمل، أما النفاس فهذا شيء يمنعها من الصلاة والوطء، ولكن لا يمنعها من الزواج، وهكذا الحائض لو عقد عليها وهي حائض تم العقدُ، لكن لا يطأها الزوجُ حتى تطهر، وهكذا النُّفساء ..... ولكن ليس للزوج أن يطأها حتى تطهر.

أما الإحداد فقد بيَّنه حديثُ أم عطية: لا تلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصبٍ، ولا تكتحل، ولا تمسّ طيبًا، ولا تمتشط بالحناء ولا بالطيب، ولا تختضب، ولا تلبس الحُلي. كما في الرواية الأخرى.

هذه أمور الإحداد، أنها تجتنب أمورًا أربعةً:

تجتنب الملابس الجميلة، وهي الملابس التي تصبغ بصبغٍ يلفت النظر.

الثاني: تجتنب الأطياب كلها، إلا إذا طهرت من حيضها فلا بأس أن تستعمل البخور من قسطٍ وأظفارٍ.

والثالث: تجتنب الحُلي، العقود التي تُلبس في الحلق، والأسورة والخواتم وأشباه ذلك.

والرابع: الكحل ونحوه، لا تكتحل، ولا تختضب بالحناء في يديها، أو في رجليها، ولا تستعمل ما يُسمَّى بالمكياج وأشباهه مما يحصل له نور وزينة في الوجه، غير العادي، غير ما يحصل بالماء والصابون ونحوه، هذا لا بأس، تغسل وجهها بالماء أو الصَّابون والسدر لا بأس، لكن الشيء الذي يُجملها أكثر تجتنبه: كالكحل، وسوار اليد، وسوار الرجل، وما يُسمونه بالمكياج الذي له زينة خاصَّة ونور خاصّ زائد.

مع أنَّ المكياج فيه نظر؛ فإنَّ بعض أهل الطب ذكروا أنه يضرّ، فإذا كان المكياجُ يضرّ وجب تركها مطلقًا، إن كان يُكسبها بقعًا في الوجه، سوادًا في الوجه، وعواقب وخيمة وجب تركه، أما إن كان لا يُكسبها شيئًا من المضرة، بل هو كالصابون وأشباهه فلا بأس به.

والحاصل أنها تجتنب هذه الأمور الأربعة: الطيب، والملابس الجميلة، والحُلي، والكحل ونحوه مدة تربصها بعد وفاة زوجها، وأما ما سوى ذلك مما قد يقوله العامَّة ويشغلونها به فإنَّ العامَّة لهم في هذا أشياء كثيرة باطلة، يقولون للمحادة: لا تخرج في القمر، لا تصعد في السطح، لا تغتسل إلا يوم الجمعة، لا تفعل، لا تفعل، كل هذا باطل، ليس له أصل، هذه خرافات يأتي بها العامَّة، ما أدري من أين أتوا بها؟ من الشياطين، ومن أشباه الشياطين، فلا أصلَ لها، وإنما الوارد ما سمعتُم في حديث أم عطية، وما جاء في معناه، وهي أمور أربعة فقط، وخامسها أنها تبقى في البيت.

هذا هو الشيء الذي يُطلب من المحادة المتوفَّى عنها:

أولًا: لزوم البيت حتى تنتهي العدَّة، إلا من علةٍ: كخروجها للطبيب، أو خروجها لقضاء حاجةٍ يكون ما عندها أحدٌ يقضيها، أو خروجها من بيتٍ يُخشى سقوطه عليها، أو تُمنع من سكناه؛ لأنَّ المدة قد انتهت، أو ليس عندها مَن يُؤنسها فتستوحش، فهذه أعذار في الخروج.

الأمر الثاني: عدم الملابس الجميلة، بل تلبس ثوبًا ليس بجميلٍ: أسود، أو أخضر، أو أزرق، أو غير ذلك.

الثالث: عدم الأطياب.

الرابع: عدم الحُلي.

والخامس: عدم الكحل .....

هذه الأمور التي تتجنبها المحادة، وما سواها لا حرجَ عليها، مثل سائر النساء: تُكلم مَن شاءت بالتليفون، أو من غير التليفون، تمشي في بيتها، وفي حديقة بيتها، تصعد إلى سطحها، تغتسل متى شاءت: في الجمعة، وغير الجمعة، تُغير ثيابها متى شاءت، كل هذه أمور لا حرجَ فيها.

ومما يتعلق بعدة غير المتوفَّى عنها حديث بريرة: أن النبي أمرها أن تعتدَّ بثلاث حيضٍ، هذا يتعلق بعدة غير المتوفَّى عنها، فإن عدَّتها ثلاثة أقراء، كما قال الله : وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228]، والقروء جمع قرء، ويُضم، وهو الحيض على الأصح، وقال قوم: إنها الأطهار. ولكن جاءت السنةُ تدل على أنها الحيض، وإن كان القُرء يُستعمل في الأطهار وفي الحيض، لكنه في استعمال الشارع وفي النصوص التي جاءت عنه استعمله في الحيض، فيكون هو المتعين، كما قال ابنُ القيم رحمه الله، فالقروء هي الحيض؛ ولهذا أمر النبيُّ ﷺ بريرة أن تعتد بثلاث حيضٍ.

وقال لفاطمة بنت قيس: دعي الصلاة أيام أقراءك يعني: أيام حيضك.

والحديث هذا -حديث بريرة- رواه ابن ماجه بإسنادٍ صحيحٍ؛ ولهذا قال المؤلفُ: ورواته ثقات. لكنه معلول، وابن ماجه رواه من طريق عليِّ بن محمدٍ، وهو ثقة ..... عن وكيع، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم النَّخعي، عن الأسود، عن عائشة، فلا أدري من أين جاءت العلةُ التي ذكرها المؤلفُ؟ وقد راجعتُ الشرح "السبل" ولم يتعرض للعلة هذه، وهكذا صاحب "النيل" لم يتعرض للعلة، فلم أقف حتى الآن على العلة التي أشار إليها المؤلفُ.

والظاهر من سند الحديث أنه لا علةَ فيه، وأنه صحيح على شرط الشيخين، ما عدا شيخ ابن ماجه فهو ثقة.

وقد روى أحمد رحمه الله في "المسند" من حديث ابن عباسٍ ما يُوافق حديث بريرة ..... حديث عائشة رضي الله عنها، قال ابن عباسٍ أنه أمر النبيُّ ﷺ بريرةَ أن تعتدَّ عدة حرة. فهذا معناه يُوافق حديث عائشة في أنها تعتدّ ثلاث حيضٍ؛ لأنَّ عدة الحرة ثلاث حيض، وهو حديث صحيح على شرط البخاري عند أحمد رحمه الله.

والخلاصة أنَّ هذا يدلنا على أنَّ الحرة تعتد بثلاث حيضٍ، وأن المفسوخة ..... من جنس المطلقة، كلتاهما يعتدّ بثلاث حيضٍ، أما المخلوعة اختلف العلماءُ فيها:

قال الجمهور: تعتدّ عدة الحرة: ثلاث حيضٍ، كسائر المطلقات.

وقال جماعة: بل تعتد حيضة واحدة؛ لأنها كالمسبية وكالمشتراة؛ لأنها اشترت نفسها بالمال، فأشبهت الأمة، فيكون لها حيضة. وهذا الذي أفتى به عثمان، وأفتى به ابن عباسٍ رضي الله عنهما، وصحَّ به الحديثُ: حديث ابن عباسٍ في قصة ثابت بن قيس، فإنَّ النبي أمر امرأته أن تعتدَّ بحيضةٍ، وعثمان أمر الربيع بنت معوذ أن تعتدَّ بحيضةٍ، هذا هو الأرجح، وهو الأقرب، واختاره شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وابن القيم وجماعة: أنها تعتد بحيضةٍ كالأمة المشتراة وكالمسبية، يكفيها حيضة؛ لأنها تُشبههما في جامع أنها اشترت نفسها بالمال، فتكفيها حيضة تُبين براءة رحمها، وإذا اعتدت بثلاث حيضٍ خروجًا من الخلاف وعملًا بقول الجمهور فهذا حسنٌ إن شاء الله، من باب الحيطة والبُعد عن الشُّبهة.

والحديث الثالث حديث فاطمة بنت قيس: أن النبي ﷺ قضى أنها لا نفقةَ لها ولا كسوة.

احتجَّ به العلماء على أنَّ المبتوتة ليس لها نفقة ولا كسوة، وهي التي فارقها زوجُها مفارقةً لا رجعةَ فيها: كالمفسوخة، والمطلقة بحال العوض، والمطلقة أكثر الثلاث، الطلقة الأخيرة من الثلاث وبالثلاث عند الجمهور، لا رجعةَ لزوجها عليها عند الجمهور، فتكون مثل مَن طلَّقها آخر الثلاث: ليس لها نفقة ولا كسوة، وإنما النَّفقة والكسوة للمرأة إذا كان لزوجها عليها رجعة، وهي المطلقة طلقة واحدة أو طلقتين، أما إذا كانت بائنةً أو مفسوخةً بمسوغٍ شرعيٍّ والمخلوعة والمبتوتة في آخر الثلاث فإنه لا نفقةَ لها.

أما المطلقة ثلاثًا بكلمةٍ واحدةٍ تقدم أنَّ الراجح أنها تُحسب واحدةً كما هو مقتضى ابن عباسٍ في "صحيح مسلم"، أما الجمهور فيرونها بائنةً، وعلى قولهم لا نفقةَ لهم ولا كسوة، لكن على الصحيح أنها رجعية، فلها النَّفقة، ولها الكسوة.

وحديث أم سلمة الآخر كلاهما يدل على أنَّ المتوفَّى عنها لا تمتشط بالطيب، ولا تكتحل، ولا تختضب بالحناء كما تقدم، ولكن تغتسل بالسّدرة ونحوه مما لا طيبَ فيه ولا جمال فيه، والله أعلم.

س: .............؟

ج: هي مختارة؛ لأنها في حكم المفسوخة؛ لأنها اختارت نفسها، لما عتقت اختارت نفسها، فأمضى النبيُّ اختيارها، وشفع إليها أن تقبل مُغيثًا زوجها، ولكنها أبت وقالت: تأمرني أو تشفع؟ قال: بل أشفع، فقالت: لا حاجةَ لي فيه.

س: ...............؟

ج: هي حرة، صارت حرةً، لما اختارت نفسها صارت حرةً.

س: .............؟

ج: سمع منها، دخل عليها وسمع منها، حديث فاطمة ثبت من طرقٍ كثيرةٍ عنها.

س: ...............؟

ج: في روايةٍ أخرى من حديث أم سلمة.

س: ................؟

ج: كذلك الصبر يدل على أنه يجوز أن تحطّه على العين في الليل، من باب الدَّواء، وهكذا نحوه من الأدوية ..... الأشياء التي مقصودها الدواء، ليس مقصودها الكحل، فلا بأس أن يُجعل في الليل، ويُمسح في النهار، إذا كان له بقية من الزينة يُمسح بالنهار، إذا كان من باب الدَّواء، لا من باب التَّجمل.

س: .............؟

ج: الظاهر أنه بالوجهين: يشب الوجه، ويشب الوجه.

.............

1120- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: بَلْ جُدِّي نَخْلَكِ، فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي، أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

1121- وَعَنْ فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ: أَنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ، فَقَتَلُوهُ، قَالَتْ: فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي؛ فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْ لِي مَسْكَنًا يَمْلِكُهُ وَلَا نَفَقَةً، فَقَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ نَادَانِي، فَقَالَ: امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ. قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، قَالَتْ: فَقَضَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عُثْمَانُ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، والذُّهْلِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَغَيْرُهُمْ.

1122- وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثًا، وَأَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ، قَالَ: فَأَمَرَهَا فَتَحَوَّلَتْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

1123- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: لَا تُلْبِسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا، عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِالِانْقِطَاعِ.

1124- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّمَا الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ. أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي قِصَّةٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

1125- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: طَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ،

وَأَخْرَجَهُ مَرْفُوعًا وَضَعَّفَهُ.

1126- وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ: مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَخَالَفُوهُ، فَاتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ.

الشيخ: هذه الأحاديث السَّبعة كلها تتعلق بالعِدد:

الحديث الأول: حديث جابرٍ في خالته أنها طُلقت، فأرادت أن تجدَّ نخلها، فزجرها رجلٌ أن تخرج ظنًّا منه أنَّ المعتدة مطلقًا لا تخرج، فأتت النبيَّ ﷺ واشتكت إليه، فأمرها النبي أن تخرج، وقال: عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفًا. وفي رواية أبي داود والنَّسائي أنها طُلقت ثلاثًا.

الحديث هذا يدل على أنَّ المطلقة البائن تخرج لحاجاتها ولا حرجَ عليها، هكذا حديث فاطمة بنت قيس الآتي والسَّابق أيضًا، فإنها طُلقت آخر الثلاث، وأذن لها أن تخرج، وأن تعتدَّ في غير بيت زوجها، ودلَّ ذلك على أنه لا حرجَ على البائن في الخروج، وأنها ليست من جنس المعتدة الرجعية، ولا من جنس المتوفَّى عنها.

فالمعتدات أقسام: المتوفَّى عنها، والرجعية لا تخرج؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1]، فالمعتدة الرجعية لا تخرج؛ ولهذا قال في السياق بعد ذلك: لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا، فهذا يُبين أنه في العدة، في عدة الرجعية؛ ولأنَّ الرجعية يُرجى أن يعود فيها زوجها، وأن يرجع إليها، وأن يرى منها ما يسره، فصار جلوسها في بيته مناسبًا وواجبًا لهذه المصلحة العظيمة، ولغيرها من الحكم والأسرار التي يعلمها مولانا .

أما المعتدة البائن فلا حيلةَ في رجوعها، وقد انتهى أمرها، فلم تكن هناك حاجة إلى حبسها في البيت؛ ولهذا أذن لها كما في حديث جابر هذا، وحديث فاطمة بنت قيس.

وحديث فاطمة بنت قيس فيه هنا: أخشى أن يُقتحم عليَّ. تقدم في حديثها أنَّ النبي أمرها أن تعتدَّ عند ابن أم مكتوم، بعدما أذن لها أن تعتد عند أم شريك، وهذا يدل على أنَّ البائن لا حرجَ عليها في الخروج والعدة بغير بيت زوجها.

وأما حديث فريعة فهو يدل على أنَّ المتوفَّى عنها تعتدّ في البيت كالمعتدة الرجعية، ولعلَّ الحكمة في ذلك والله أعلم: أنها زوجة، لها حكم الزوجات؛ ولهذا لها أن تُغسل زوجها، وله أن يُغسلها، فأشبهت الرجعية؛ ولأنَّ المصيبة عظيمة، والزوج غائب، فجلوسها في البيت قد يكون أصون لها وأحفظ؛ لما قد يكون هناك من نسمةٍ، ولله الحكم والأسرار فيما يشرع ، فتبقى في البيت أصون لها، وأحوط لها، حتى تمضي عليها المدة التي قدَّرها الله، وهي أربعة أشهر وعشرًا، إلا أن تكون حُبلى فعدَّتها وضع الحمل، والحديث صريح في ذلك: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتابُ أجله؛ ولهذا احتجَّ بذلك جمهورُ أهل العلم على ..... في البيت، وأنها تبقى في بيت زوجها الذي مات وهي ساكنة فيه حتى تُكمل العدة، إلا من علةٍ، إذا كانت هناك علة تمنع من جلوسها.

فقد ذكر العلماءُ أنواعًا من العلل: منها ألا تمكن من الجلوس؛ بأن يكون البيتُ ليس للزوج، وقد تمت مدته، ولم يسمحوا ببقائها فيه، أو يطرأ عليه خراب وخلل يمنع من سكناها، أو تخاف أن يُقتحم عليها؛ لأنَّ ما عندها مَن يُؤنسها ويحميها، أو أسباب أخرى تقتضي ذلك، وإلا فالأصل بقاؤها في البيت.

والحديث الرابع: حديث عمرو بن العاص السهمي، أحد علماء الصحابة، وأحد الدهاة المعروفين، قد أثنى عليه النبيُّ ﷺ، وأخبر أنه رجل صالح رضي الله عنه وأرضاه، وكان من الدهاة المعروفين بالدهاء في السياسة والحنكة العظيمة، قد وقع له مع معاوية أشياء كثيرة رضي الله عن الجميع.

يقول: لا تُلبسوا علينا سنة نبينا. كانت وفاته في سنة ثلاثٍ وأربعين من الهجرة بعد مقتل عليٍّ بنحو ثلاث سنين.

المقصود أنه قال : لا تُلبسوا علينا سنة نبينا، عدة أم الولد إذا تُوفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشرًا.

هذا لم يصح عن عمرو كما أشار المؤلفُ إلى انقطاعه، وأُعلَّ بالاضطراب، وأعلَّ أيضًا بأحد الرواة، وهو مطر بن طهمان، مُضعف عند أهل العلم، وفيه ثلاث علل كما قال الترمذي رحمه الله: الانقطاع بين قبيصة بن ..... الراوي عن عمرو، والراوي الضعيف، وهو مطر. والاضطراب في متنه وإسناده.

والذي عليه أهل العلم: أنَّ عدة أم الولد إذا تُوفي عنها زوجها حيضة فقط استبراءً، ليست زوجةً، إنما جاءت العدة في الزوجات، وليست زوجةً، فلا يكون لها حكم الزوجات، بل حكم المستبرآت في السَّبي والشِّراء ونحو ذلك؛ ولهذا لما ذُكر لأحمد رحمه الله تعجب وقال: أي سنة النبي في هذا؟! فهذا يدل على أنه ليس بثابتٍ عن عمرو، ولو ثبت لكان عمرو أعلم بالسنة، ولكنه ليس بثابتٍ، والصواب في هذا ما قاله جمهور أهل العلم: أنَّ عدتها الاستبراء حيضة؛ لأن الحديث ليس بثابتٍ.

والحديث الخامس حديث عائشة: "إنما الأقراء الأطهار"، هذا رأيها رضي الله عنها واختيارها بما فهمت، وكانت آيةً في فهم لغة العرب، كانت تحفظ أشعارًا كثيرةً من شعراء العرب، وكانت ذا عنايةٍ باللغة، فالأقراء لغةً مُشتركة: تُطلق على الأطهار، وتُطلق على الحيض، ولكن الأقراء هنا في مقام العِدد هي الحيض، فالمشترك قد يُرجح أحد معانيه بأدلةٍ أخرى، ودلَّت السنةُ على أن الأقراء في حقِّ النساء هنا في حال العِدد هي الحيض؛ ولهذا تقدم في قوله ﷺ لبريرة أن تعتدَّ بثلاث حيضٍ، وقوله لفاطمة: دعي الصلاة أيام أقراءك، وهذا كما تقدم هو الصواب: أن المراد بالأقراء الحيض، لا الأطهار، هذا هو الصواب، وهذا هو المعتمد؛ ولهذا يجب على المطلقة أن تعتدَّ ثلاث حيضٍ، ولا تعتد بالحيضة التي وقع فيها الطلاق ..... كما قاله الجمهور، فإنه لا يعتد به في الحيضة التي وقع فيها ..... حيض بعد ذلك، فإذا طهرت من الحيضة الثالثة انتهت من العدة، وجاز لها أن تنكح.

أما الحديث السادس والسابع: فهو حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما في عدة الأمة، وأنَّ عدتها حيضتان، وطلاقها طلقتان.

وهذان الحديثان بيَّن المؤلفُ رحمه الله ضعفهما، وإنما المحفوظ الموقوف، أما المرفوع فليس بمحفوظٍ، وهذا محفوظ عن ابن عمر، وعن عمر، وعن عليٍّ رضي الله تعالى عنهم: أن الأمة عدَّتها قرآن، والسر في ذلك والله أعلم: تشبيهها كما صرَّحوا بذلك، تشبيه ذلك بالحدِّ، فكما أنَّ عليها النصف في الحدِّ: تُجلد خمسين في الزنا، وفي القذف أربعين، فهكذا هنا ..... من ذلك والله أعلم: أنَّ العدة فيها شيء من المشقة، فيها شيء من التعطيل لها، وهي امرأة مُبتذلة يطمع فيها الطامعون، فمن رحمة الله أن خفف عليها حتى تتزوج وتنكح وتبتعد عن أسباب الخطر.

فهذا نوع مُشابهةٍ بين العدد وبين الحدّ، وألحق به الطلاق؛ لأنه من شأنهن، فشأنهن التَّنصيف، فنصف طلاقهن، والطلقة لا تُبعض الثانية، والحيضة لا تُبعض، فيكون لها طلقتان، ويكون لها حيضتان، قال .....: إنه إجماع. قال: أجمعوا على أنَّ الأمة عدَّتها حيضتان. ولم يحكِ خلاف الظَّاهرية، وقد ذكر العلماء خلاف الظاهرية في هذا، وأن داود ومَن تبعه كابن حزمٍ رأوا أنَّ عدتها وطلاقها كالحرة، قالوا: لعموم النصوص. ولكن الصحابة أعلم منهم بهذا وأولى بالفهم عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، فالصواب ما قاله الجمهور من الأئمة الأربعة وغيرهم من الجمهور؛ اتباعًا لعمر وابنه رضي الله تعالى عن الجميع في هذا الباب، والله أعلم.

..............

1127- وَعَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءهُ زَرْعَ غَيْرِهِ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَحَسَّنَهُ الْبَزَّارُ.

1128- وَعَنْ عُمَرَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ: تَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. أَخْرَجَهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.

1129- وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ امْرَأَتُهُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْبَيَانُ. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

1130- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَبِيتَنَّ رَجُلٌ عِنْدَ امْرَأَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاكِحًا أَوْ ذَا مَحْرَمٍ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

1131- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

1132- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ: لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

1133- وَلَهُ شَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ.

1134- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ.

1135- وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةٍ.

1136- وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ.

1137- وَعَنْ عُثْمَانَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ.

الشيخ: هذه الأحاديث لها تعلق بالعدة كما هو ظاهر.

أولها: حديث رويفع بن ثابت الأنصاري ، عن النبي قال: لا يحل لامرئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرعَ غيره، وفي اللفظ الآخر: ولد غيره.

هذا الحديث يدل على تحريم وطء الحامل من غير زوجها، وأنه لا يجوز لا لسيدها ولا لآخر أن يطأها؛ لأنَّ وطأها سقي لزرع غيره، وهو ولد غيره، والمعتدة مُحرَّمة على غير زوجها الذي اعتدت منه، إذا كان طلاقه غير بائنٍ، فالواجب إمهالها وإنظارها حتى تضع ما في بطنها، ثم يعقد عليها، أما أن يعقد عليها وهي حُبلى على أي وجهٍ كان فلا يجوز ذلك إلا لزوجها الذي تحلّ له، فلو طلَّقها بائنًا بينونةً صغرى بعوضٍ من المال، أو بصفة المخالعة، ثم أراد أن يرجع إليها وهي حُبلى فلا بأس؛ لأنَّ الماء ماؤه، والزرع زرعه، فلا بأس أن يُعاد العقدُ عليها له قبل أن تضع حملها؛ لأنه ولده، أما غيره فلا، سواء كان هذا الحملُ من زواجٍ من عقدٍ شرعي، أو من شبهةٍ، أو من زنا، فليس لأحدٍ أن يطأها وهي بهذه الحالة على أي وجهٍ كان: لا بزواج، ولا بملك يمين بالشراء، ولا بالسبي، ولا بغير ذلك.

وفي هذا ردٌّ على مَن قال: إنَّ حمل الزنا لا حرمةَ له، وأنه لا بأس بتزويجها. وهذا شيء باطل، والحديث عام، فيجب على المؤمن أن يتمسك بالنصوص، وأن يحذر ما يُخالفها بأي شبهةٍ أو رأي من آراء الناس، وإذا كان الحملُ لم يتضح ولم يظهر فإنه قد يقع وإن كان لا يدري، قد يكون فيها زرعٌ لغيره لكن لم يدرِ؛ فلهذا شرع الله العدَّة، وشرع الاستبراء؛ حتى لا يسقي ماءه زرع غيره؛ وحتى لا تختلط الأنساب.

فإذا كانت ليس فيها حمل ظاهر فلا بدَّ من ذهاب مدة العدة في الزواج، العدة المعروفة ثلاث حيض، وفي غير الحائض ثلاثة أشهر، وفي الأمة ما يجب لها من نصف العدة، وفي الاستبراء كالمسبية والمشرية والموطوءة بشبهةٍ والزانية، تُستبرأ بحيضةٍ على الراجح في الزانية والموطوءة بشبهةٍ؛ لأنه ليس لهما حُرمة النكاح، ولا تُقاسان على المطلقات، فوجب أن يُستبرآن كالمسبيات؛ ولهذا قال النبيُّ في حديث أبي سعيدٍ: لا توطأ ذات حملٍ حتى تضع، ولا غير ذات حملٍ حتى تحيض حيضةً، وبهذا يتَّضح في الغالب براءة رحمها، فيجوز حينئذٍ وطؤها إن كانت مسبيةً أو مُشتراةً، ويجوز حينئذٍ تزويجها إن كانت غير مسبيةٍ، بل مطلقة، وسبق ما يتعلق بعدة المخلوعة، وأن الصواب أنها تعتد بحيضةٍ على الأرجح، وعلى قول الأكثر تعتدّ عدة المطلقات: ثلاث حيضٍ.

والحديث الثاني والثالث: حديث عمر والمغيرة في المفقود، قضى عمرُ رضي الله عنه وأرضاه أنَّ المفقود تتربص امرأته أربع سنين، ثم تعتد، ثم تزوج ويُقسم ماله.

قال جماعة: وهو مروي عن عثمان، وعن علي، وعن ابن عباس، وابن الزبير، ولما قيل لأحمد في ذلك قال: إنه مروي عن عمر ..... من ثمانية طرقٍ. وقال: مَن لم يذهب إلى هذا إلى أي شيءٍ يذهب؟!

وهذا القول له وجاهته الظاهرة؛ لأن الأربع سنين في الغالب تتواصل فيها الأخبار، ويُعلم فيها حال الغائب: إن كان أسيرًا، أو تاجرًا، أو حيًّا، المقصود أنها في الغالب يبين فيها أمر الغائب، ولا سيما إذا كان في حالةٍ يغلب فيها الهلاك كما ذكر العلماء هنا، وحملوا أثر عمر على هذا المعنى، وأنه إذا كان المفقودُ يغلب عليه ظنّ الهلاك: كالذي فُقد بين الصَّفين، أو في مركب غرق وهلك أهله أو بعضهم، أو فُقد من بين أهله؛ خرج لحاجةٍ: للصلاة أو لغيرها فلم يرجع، وما أشبه ذلك، فالأربع سنين فيها الكفاية؛ ولهذا قررها مَن ذُكر: عمر ومَن معه، وهذا هو الأرجح.

وقال الأكثر: لا يتقيد بأربعٍ، بل تنتظر حتى يأتيها البيانُ مطلقًا، سواء كان غالبه الهلاك، أو غالبه السلامة، واختلف الناسُ في هذا اختلافًا كثيرًا، والأرجح هو ما جاء عن عمر ومَن وافقه من الصحابة، وأنها تربص أربع سنين إذا كان غالبه في الهلاك، أما إذا كان غالبه السَّلامة فهذا محل اجتهادٍ.

وأما خبر المغيرة أنها تربص حتى يأتيها البيانُ، فهو خبر ضعيفٍ كما ذكر المؤلفُ عن الدَّارقطني، وذكر الشارح عن أبي حاتم، وعن البيهقي، وعن عبدالحقّ الإشبيلي، وعن ابن القطان، وغيرهم من أهل العلم، المقصود أنه ليس بثابتٍ حديث المغيرة، فلا يُعول عليه، فلم يبقَ إلا الآثار في هذا، والأصول المتبعة والقواعد، والقاعدة: أن الزوجة زوجته حتى يتبين فراقه لها، أو يتبين أسباب تدل على فراقٍ لها: من موتٍ، أو طلاقٍ، أو غير ذلك، وقد جاءت الآثارُ عن عمر ومَن معه بتحديد أربع سنين، ورأيهم أولى من رأي غيرهم، فتنتظر أربع سنين ثم تعتدّ ثم تزوج إن شاءت.

وهذا كله إذا أمكن، أما إذا لم يمكن: بأن كانت تُطالب بحقِّ النَّفقة، ولا نفقةَ، فإنَّ الوالي يفسخها إذا كان لم يخلف نفقةً لها ولم تصبر، بل تُطالب بحقِّها، فإنَّ الصواب أنَّ هذا عذر في فسخ الحاكم لها.

وقد جاء في مرسل سعيد بن المسيب أنه سُئل عن رجلٍ لا يُنفق على زوجته: هل يُفرق بينهما؟ قال: نعم، هكذا السنة. رواه سعيد وغيره بإسنادٍ جيدٍ عن سعيد بن المسيب.

المقصود أنَّ المرأة لها حقٌّ في النفقة، فإذا لم يجد الزوجُ نفقةً ولم يُنفق أولياؤه فلها الحقُّ في طلب الفسخ، ولكن متى كانت موجودةً أو لم تُطالب فإنها تربص أربع سنين، ثم تعتد للوفاة.

أما إذا كان الغالبُ السلامة: كالتاجر، والسائح، وطالب العلم الذي يتنقل في البلدان، فهذا لا تكفيه الأربع، بل ينظر في أمره ويجتهد الحاكم ويسأل، ولا سيما في هذا العصر الذي اتَّصل به الناس، وأمكن الغائب أن يُبين نفسه، وأن يكتب، أو يبرق، أو يتكلم في الإذاعة، أو في غير ذلك، فإنه في الغالب أنه لا يخفى أمره، بل يبين، والنادر لا حكمَ له.

وحبس المرأة فيه صعوبة ومشقّة عليها عظيمة، فيجتهد الحاكمُ ويفسخ نكاحها في المدة التي يراها ويحكم بذلك؛ حتى لا يقع النزاعُ، هذا هو أحسن ما قيل في هذا.

وقال بعضهم: تربص تسعين سنةً من حين وُلد.

وقال آخرون: تربص مئة وعشرين سنةً.

وهذه كلها أقوال ليست ظاهرةً، بل الصواب أنه يجتهد الحاكم في ذلك، وإن رأى أنَّ الأربع كافية كما حكم عمرُ بمَن غالبه الهلاك فلا بأس، وإن رأى أكثر من ذلك؛ لأن التجارة والسياحة وطلب العلم قد تحتاج إلى مزيدٍ من السنين، وقد يكون في قريةٍ أو بلدٍ بعيدةٍ عن الناس، فيحتاج إلى مزيدٍ وعنايةٍ وتثبت، فهذا يرجع إلى الحاكم في هذه المسألة، وهذا أحسن ما يقال في هذه المسألة: أنه يرجع إلى اجتهاد ولي الأمر في البلد التي رُفع إليه الأمر فيها.

والحديث الرابع حديث جابر: يقول النبيُّ ﷺ: لا يبيتنَّ رجلٌ عند امرأةٍ إلا أن يكون ناكحًا أو ذا محرمٍ، المعنى أنه لا يجوز للرجل أن يبيت عند امرأةٍ إلا أن يكون زوجًا لها، أو ذا رحمها: كأخيها وعمّها ونحو ذلك؛ لأنَّ الشيطان حريص على إغواء الناس وإيقاعهم في المعاصي، ولا سيما في المبيت، فإن المبيت محلّ السكن، ومحل انقطاع اتصال الناس، وخطر تزيين الشيطان له في إيقاع الفاحشة بها، فلا يجوز، إذا كانت الخلوةُ بها ولو ساعة محرمة، فالمبيت من باب أولى؛ لأنَّ الخطر فيه أكثر، فلا يجوز له الخلوة بها، كما في حديث ابن عباسٍ وغيره، ولا يجوز المبيت عندها وليس عنده أحد، إلا أن يكون زوجًا أو محرمًا.

والحكمة في هذا ظاهرة في بعض الروايات: ثيب؛ ولذلك فإنَّ الثَّيب قد يتساهل فيها؛ لأنها برزة؛ ولأنها قد تمتنع، وقد تهاب منه وتُنكر عليه، لكن بكل حالٍ إذا كانت بكرًا فمن باب أولى.

الحاصل أنه لا يجوز في هذا الخلوة بها مطلقًا، ولا المبيت عندها من باب أولى؛ ولهذا نصَّ عليه النبيُّ ﷺ، كما نصَّ على الخلوة.

س: ..............؟

ج: كالنَّسب، الحكم واحد، نعم، لكن إذا كان مثل زماننا هذا ويُتهم المحرم سواء نسبًا أو رضاعًا؛ فينبغي لها التَّوقي أيضًا، حتى ولو كان محرمًا؛ لأنَّ بعض المحارم لا يُؤمن، فينبغي لها التَّوقي في هذا، وألا تبيت عنده إلا أن يكون معها غيرها من النساء، أو من محارم آخرين موثوق بهم.

فالحاصل أنَّ المقام مقام عظيم وخطير، فالواجب على المرأة أن تتحرى أسباب الأمن، وأن تبتعد عن أسباب الخطر، ولو كان محرمًا.

س: إذا دخل الرجلُ السجنَ هل يحقّ لزوجته أن تطلب الطلاق؟

ج: هذا محل نظرٍ، يرجع إلى القضاة: في إمكان النَّفقة عليها، وعدم إمكان النَّفقة عليها، والخوف عليها من خطر الفاحشة، وإمكان وصولها إليه في السجن وخلوته بها، أو عدم ذلك، يختلف، يرجع إلى القضاة، لا يمكن البتّ فيه.

الحديث الخامس: حديث أبي سعيدٍ، وتقدم في السبايا، وأنه لا يجوز أن تُوطأ الحاملُ حتى تضع، ولا غير الحامل، حديث ابن عباسٍ كما تقدم فيه النَّهي عن الخلوة كما تقدم.

والحديث السادس حديث أبي هريرة: الولد للفراش، وللعاهر الحجر، وهكذا حديث عائشة في قصة سعد بن أبي وقاص مع عبد بن زمعة حين خاصمه إلى النبيِّ ﷺ، قال: يا رسول الله، إنه ابن أخي، عهد إليَّ به، انظر إلى شبهه. وقال عبد بن زمعة: يا رسول الله، إنه أخي، وُلد على فراش أبي ووليدته. فحكم النبيُّ ﷺ بأنه لزمعة، وقال: الولد للفراش، وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة.

قال العلماء: هذا دليل على أنَّ الولد يُحكم به للفراش، والفراش هو الزوجة، يعني: لصاحب الفراش؛ لأنَّ الزوجة فراش لزوجها، فالحكم لها، فمَن كان صاحب فراشٍ فهو ولده، ومعلوم أنَّ زمعة هو صاحب الفراش؛ فلهذا حكم له النبي ﷺ بالولد، فالزوجة مولودها تابع لزوجها، ولاحق بزوجها، حيث اتَّضح اتصاله بها، وأمكن اتصاله بها، كما قال الجمهور.

أما إذا كان لم يتصل بها، بل مجرد عقدٍ ولم يطأها، ولم يتصل بها، فلا يُلحق به، بل هذا مُلحق بغيره، يُلحق بها هي، أما ما دام هناك أدنى شبهةٍ في إلحاقه به؛ لكونه اجتمع بها، واتَّصل بها، أو أمكن ذلك كما قال الجمهور، فهذا محل الإلحاق بصاحب الفراش.

لكن ذكر أبو العباس ابن تيمية وابن القيم أنه لا بدَّ من وجود اتِّصال، وثبوت اتصال: إما باعترافه، وإما بالبينة الدالة على أنه اتَّصل بها؛ حتى يلحق به، أما إنسان لا يدَّعي أنه اتَّصل بها، ولم يجتمع بها، ولم يدخل بها، ولم يثبت ذلك عليه بالبينة، فإلحاق الولد به محل نظرٍ، فهي في الحقيقة ما تكون فراشًا إلا إذا اتَّصل بها ووطأها وخلا بها، أما مجرد العقد مع بُعده عنها وبُعدها عنه، والجزم واليقين بأنه لم يتَّصل بها، فهذا هو محل النظر.

والجمهور علَّقوا الحكم بالإمكان، قالوا: متى أمكن أن يتَّصل بها، ولو لم يعترف بذلك، ولو تقم به بينة، فإنه يُلحق به؛ لأنها فراش.

والأظهر والله أعلم أنها لا تكون فراشًا إلا إذا كان قد دخل بها، أو ثبت دخوله بها، هذا هو الأظهر، كما قال أبو العباس ابن تيمية وجماعة من أهل العلم.

وأما قوله: للعاهر الحجر فظاهر معناه: الخيبة والتراب في وجهه؛ لأنه لم يأتِ الأمر من وجهه، بل أتاه من غير وجهه، فليس له إلا الخيبة، ولا يُنافي هذا إقامة الحدِّ عليه على حسب حاله: إن كان بكرًا فالجلد، وإن كان ثيبًا فالرجم.

المقصود: ليس الولدُ له، بل الولد لصاحب الفراش، وهو الزوج، وهذا من حيطة الشرع وحكمته، وهو في حصن الأنساب، وإلحاق الأنساب بمَن هو أولى بها، وإحباط أعمال أصحاب الفواحش، وأنه لا يلحق بهم، بل هم ليس لهم إلا الطرد والعقوبة.

والنَّسب يلحق بأمور:

  • منها الفراش كما بيَّنه النبيُّ ﷺ، وهو أعظمها، وهو أقواها.
  • ثم البينة: إذا اختُلف في النَّسب وشهدت البينةُ بأنَّ هذا ولد فلانٍ عند الاختلاف ثبت بالبينة.
  • ثم القيافة: إذا لم يكن بينة ولا فراش فالقيافة عند اشتباه الأنساب، فمَن ألحقته قافته به لحق به، كما في حديث مجزز.

وقد بسط العلماءُ هذا في هذا الباب، وبيَّنوا تفاصيله، وهو كما سمعت على هذا الترتيب: الفراش، ثم البينة، ثم القيافة، والله أعلم.

س: .............؟

ج: الظاهر ما يُحتاج لعان إذا لم يدَّعِ زناها ولم يرَ شيئًا، اللِّعان فيه دفع الحدِّ، وهو لم يقذفها، واللِّعان إنما يُشرع لقذف لإزالة الحدِّ.

س: ..............؟

ج: الأظهر والله أعلم أنه ما يحتاج لعان؛ لأنه إذا ثبت أنه لم يتصل بها ولم يدخل بها، وليس هناك ما يدل على اتِّصاله بها، فلا حاجةَ إلى اللعان، بل يُنسب إليها وينتهي الأمرُ، وتُسأل هي: إن اعترفت بالزنا أُقيم عليها الحدّ، وإن ادَّعت أنها مغصوبة ومقهورة فهذا لها شبهة معروفة، وإن ادَّعت أنه ولده فعليها البينة، تأتي بالبينة أنه اتَّصل بها؛ لأنَّ هذا في الغالب لا يخفى إذا كان هو وإياها في بلدٍ واحدٍ، في بلدٍ لا يخفى، وإن كان في بلدٍ بعيدةٍ هذا لا يخفى أيضًا، والجمهور على أنه إذا كان بالإمكان الاتِّصال قُبلت دعواها.

وهذا على كل حالٍ يختلف، القاضي قد يتبين له وقد يظهر له ما يُقوي به قول الجمهور فيحكم به، وقد يظهر له من بُعد الدَّعوى أو بطلانها ما يُؤيد قول الشيخ ومَن وافقه فيحكم بذلك، وهذه محالٌّ تخضع للعلامات والقرائن والشُّبهات التي تدور ..... الزوج في إنكاره الولد هذا أو عدمه، وكذلك المرأة: عفّتها وبُعدها عن العفّة، يعني: تكون هنا ملابسات تُؤيد للقاضي الحكم بهذا أو هذا عند قرب الزوج منها.

س: .............؟

ج: الظاهر أنه يُؤيد مثلما قال النبيُّ ﷺ: لولا الأيمانُ لكان لي ولها شأنٌ، شبهه ما يُؤيد للقاضي أيضًا وما يُعينه على القول بقول الجمهور.

س: ..............؟

ج: الظاهر جنس المسبية، والمزني بها، والموطوءة بشبهةٍ، والمشتراة، الإماء والسَّبي والوطء بشبهةٍ على الأرجح، والمزني بها على الأرجح، والمخلوعة، خمس، جنس خمس نساء.

س: ..............؟

ج: الواقعة في ..... الواقعة، وإلا عمر ما وقفتُ على شيءٍ يدل على أنه شرط ذلك، لكن الواقعة في إنسانٍ في .....، كما روى جماعة عن عبيد بن عمير: أنها وقعت في إنسانٍ سُبي من المدينة، أخذه الجنُّ من المدينة، قالوا: إنها سبته الشياطين من المدينة، وأنهم أخذوه، وأنه بقي عندهم مدةً طويلةً، ثم غزاهم قومٌ مسلمون، وكانوا كفَّارًا الذين أخذوه، غزاهم قومٌ مسلمون فسبوه مع مَن سبوه، فقالوا: أنت إنسي ومسلم، فما قصتك؟ فأخبرهم، فقالوا: أي أرضٍ تريد؟ قال: المدينة، فنقلوه إلى المدينة، وأتى عمر وأخبره بالقضية، لكن لم أقف لها على سندٍ مُعتمدٍ؛ لأنَّ عبيد بن عمير ما أدرك عمر، المقصود أنها مشهورة هذه القصة، لكن لم أقف على سندٍ لها يُعتمد.

س: ..............؟

ج: الظاهر أنه إذا كان ما خلا بها ما يحصل به خلوة .....؛ لأنه ما بات عندها، عندها غيره، إذا كان عندها غيره ما حصلت الخلوة، وإذا كان هناك خطر فلا شكَّ أنه ينبغي البُعد عن هذا الشيء، لكن في الغالب أنَّ هذا قد يبيت الرجلُ عند بيت أخيه وعندها أمه، وعندها أخواته، فلا يكون حرجٌ في هذا الشيء، ما تكون خلوة، بخلاف [ما] إذا كان ليس عندها أحد إلا أخو زوجها، أو زوج أختها، أو ما أشبه ذلك، أو ابن عمّها، فلا، لكن إذا كان في البيت غيرها فالخطر أبعد.

س: .............؟

ج: هو مثلما تقدم، هو محل اجتهاده بكل حالٍ.

س: ..............؟

ج: الظاهر أنَّ أربعًا تكفي، مثلما قضى الصحابةُ، إلا إذا كان لعلةٍ: لعدم النَّفقة وأشباهها، أو امرأة يُخشى عليها من جهة النكاح وتحتاج إلى فسخٍ من جهة النكاح، فهذا محل اجتهادٍ أيضًا عند المطالبة.