كتاب الاعتكاف
1755- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ".
1756- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَلِمُسْلِمٍ: قَالَ نَافِعٌ: وَقَدْ أَرَانِي عَبْدُاللَّهِ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
1757- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ عَامًا، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ رِوَايَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
1758- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِخِبَائه فَضُرِبَ لَمَّا أَرَادَ الِاعْتِكَافَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَأَمَرَتْ زَيْنَبُ بِخِبَائِهَا فَضُرِبَ، وَأَمَرَتْ غَيْرُهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ بِخِبَائِهَا فَضُرِبَ؛ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْفَجْرَ نَظَرَ، فَإِذَا الْأَخْبِيَةُ، فَقَالَ: آلْبِرَّ يُرِدْنَ؟ فَأَمَرَ بِخِبَائِهِ فَقُوِّضَ، وَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي الْعَشْرِ الْأول مِنْ شَوَّالٍ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ، لَكِنْ لَهُ مِنْهُ: "كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ".
وفيه: أنَّ النذر لا يلزم بمجرد النية، وأن السنن تُقضى، وأن للمُعتكف أن يلزم بالمسجد مكانًا بعينه، وأن مَن التزم اعتكاف أيام معينة لم يلزمه أول ليلةٍ لها.
1759- وَعَنْ نَافِعٍ، عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا اعْتَكَفَ طُرِحَ لَهُ فِرَاشُهُ، أَوْ يُوضَعُ لَهُ سَرِيرُهُ وَرَاءَ أُسْطُوَانَةِ التَّوْبَةِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
1760- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ ﷺ وَهِيَ حَائِضٌ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَفِي حُجْرَتِهَا يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ إذَا كَانَ مُعْتَكِفًا.
1761- وَعَنْهَا أَيْضًا قَالَتْ: "إنْ كُنْتُ لَأَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَةِ وَالْمَرِيضُ فِيهِ، فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إلَّا وَأَنَا مَارَّةٌ".
1762- وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا، فَحَدَّثْتُهُ، ثُمَّ قُمْتُ لِأَنْقَلِبَ، فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي"، وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ.
1763- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَمُرُّ بِالْمَرِيضِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَيَمُرُّ كَمَا هُوَ وَلَا يُعَرِّجُ يَسْأَلُ عَنْهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
1764- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا، وَلَا يَشْهَدَ جِنَازَةً، وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلَا يُبَاشِرَهَا، وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ، وَلَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
1765- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟ قَالَ: فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَزَادَ الْبُخَارِيُّ: فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً.
1766- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: رَفَعَهُ أَبُو بَكْرٍ السُّوسِيُّ، وَغَيْرُهُ لَا يَرْفَعُهُ.
1767- وَعَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: لَقَدْ عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ قَالَ: فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي "سُنَنِهِ".
1768- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اعْتَكَفَ مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَرَى الدَّمَ، فَرُبَّمَا وَضَعَتِ الطَّشْتَ تَحْتَهَا مِنَ الدَّمِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَفِي رِوَايَةٍ: اعْتَكَفَ مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ، وَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ، وَالطَّشْتُ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد: فهذه الأحاديث الكثيرات كلها تدل على شرعية الاعتكاف، وأنه سنة، فعله المصطفى عليه الصلاة والسلام، وفعله أصحابه وأزواجه، وهو سنة، قد دلَّ على هذا قوله تعالى: وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187]، دلَّ على أنَّ الاعتكاف أمر معلوم ومشروع، وأن المعتكف لا يُباشر النساء في حال اعتكافه، يعني: لا يُجامعهنَّ، ولا يفعل معهن ما يدعو إلى ذلك.
وكان ﷺ يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله ، وكان يعتكف العشر الأول، ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم قيل له: إنَّ الليلة في العشر الأخيرة، فصار يعتكف العشر الأخيرة من رمضان، وفي سنة من السنوات لم يعتكفها لسبب ما حصل من الزوجات، فترك الاعتكاف، ثم اعتكف في شوال عشرًا.
فهذا كله يدل على أنَّ الاعتكاف سنة، وأنه لا بأس بتركه، وليس بواجبٍ، لو اعتاده الإنسانُ ثم تركه فلا حرج، وأنه لا يتعين في رمضان، فلو اعتكف في شوال، أو في المحرم، أو في غيرهما فلا بأس، لكن في رمضان أفضل.
وفيه أنه لا بأس أن تُوضع له خيمة أو شبهها في محلٍّ من المسجد، يختفي فيها، وينام فيها، ويأكل فيها، لا بأس بهذا في محلٍّ لا يضر المصلين: في مقدمه، أو في مؤخره على وجهٍ لا يضرُّ المصلين.
وأنه لا بأس باعتكاف النساء، إذا اعتكفت المرأةُ بإذن زوجها، أو امرأة لا زوجَ لها، لا بأس بذلك، إذا تيسر لها مكانٌ في المسجد مستور فلا بأس بذلك، كما اعتكف أزواج النبي عليه الصلاة والسلام في حياته وبإذنه.
وفيه من الفوائد: أن المعتكف لا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازةً، ولا يمسّ امرأةً ولا يُباشرها، ولا يخرج لحاجةٍ، إلا لما لا بدَّ له منه؛ لأنَّ المقصود هو تفرغه للعبادة، فالسنة أن يتفرَّغ للعبادة في محلِّ اعتكافه، إلا للحاجة: كأن يخرج يتوضأ، يخرج لحاجةٍ، ما هناك مَن يأتي بحاجته فيخرج إلى بيته للحاجة: غداءه، عشاءه، فطوره، لا بأس، ولا يزور الناسَ، ولا يخرج للجنائز في المساجد الأخرى، أو ما أشبه ذلك.
أما قول عائشة: "ولا اعتكاف إلا من صومٍ، ولا اعتكاف إلا في مسجدٍ جامعٍ"، فهذا موقوف عليها رضي الله عنها، من كلامها، والصواب أنه يجوز الاعتكاف بدون صومٍ كما قال ابنُ عباسٍ: "ليس على المعتكف صومٌ إلا أن يجعله على نفسه"، وكما أنَّ عمر نذر أن يعتكف ليلةً، والليلة ما هي محلّ صومٍ، أمره النبيُّ أن يمضي اعتكافه، فليس بشرطٍ، لو اعتكف بغير صومٍ فلا بأس، لكن مع الصوم أفضل، ويجوز في الليل والنهار، وليس له حدٌّ محدود، لا في أقلِّه، ولا في أكثره، ولا يجب بالشروع فيه، إذا دخل وأراد أن يخرج فلا بأس، ليس بلازمٍ إلا بالنذر إذا نذر، وإلا فمُستحب ونافلة.
وفَّق الله الجميع.
س: هل للمُعتكف أن يحجز مكانًا مُعينًا في المسجد؟
ج: إذا كان ما يضرّ المصلين، وإلا يدور في مسجدٍ آخر.
س: قوله: وفيه قضاء النوافل كلها؟
ج: هذا ضعيف، شاذٌّ، مخالفٌ للأحاديث الصحيحة، السنة الاعتكاف في كل مسجدٍ تُقام فيه الجمعة.
س: قوله: آلبِرَّ يُرِدْنَ؟؟
ج: يعني لعله حملهن غير البرِّ، حملهن التنافس، آلبِرَّ يُرِدْنَ؟ يعني: ما أردن البرَّ، وإنما أردن التنافس –الغيرة- ولهذا أمر بقلعها.
س: هل يُفهم من الحديث أنه إذا كان الزوجُ غير حاضرٍ أنَّ للمرأة أن تصوم ما شاءت وتعتكف؟
ج: ما يدل على هذا؛ ولهذا أنكر عليهن النبيُّ ﷺ، فلا بدَّ من إذن الزوج؛ لأن الاعتكاف معناه الانفصال عن الزوج.
س: مَن صام يومًا في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفًا، هذا خاصٌّ بالمغازي أو عام؟
ج: في سبيل الله يعني: في طاعة الله؛ لأنَّ الغازي السنة له الفطر، يتقوَّى به على العبادة.
س: هل يُستفاد أنَّ النبي قرن أواخر شوال؟
ج: يُراجع الأصل.
س: هل يُستفاد مما سبق من الأحاديث أنَّ الاعتكاف يُقضى أحسن الله إليك؟
ج: الأفضل، إذا كانت له عادة وتركها ثم قضاها أحسن، وإلا ما هو بلازمٍ، كما فعل النبيُّ ﷺ.
س: جواز قضاء السُّنن هل هو على الإطلاق؟
ج: الرواتب تُقضى، راتبة الفجر تُقضى، وراتبة الظهر القبلية تُقضى بعدها، أما راتبة الظهر البعدية ما تُقضى في العصر؛ لأنَّ هذا خاصٌّ بالنبي ﷺ، لما قالت: أنقضي؟ قال: لا، هذا خاصٌّ به ﷺ، وسنة المغرب لا تُقضى بعد العشاء، فقط الفجر، خاصّ.
س: فعل شوال، اعتكاف شوال؟
ج: لما ترك، هذا حسن.
س: ما يدل على العموم؟
ج: لا، ما هو بلازمٍ، العبادات ما هي بالقياس.
س: لو زار مريضًا واتَّبع جنازةً ما عليه؟
ج: نافلة، لا بأس، لكن تركه أفضل.
س: مَن صلَّى الفرض عامدًا قادرًا في البيت هل تُقبل صلاته؟
ج: عليه التوبة، وصلاته صحيحة، لا يُؤمر بالإعادة.
س: قضاء الاعتكاف في شوال على ماذا يُحمل؟
ج: على الاستحباب، إذا كانت له عادة وتركه في رمضان وقضاه في شوال أو في غيره فحسنٌ، تأسيًا بالنبي عليه الصلاة والسلام.
س: صيام يوم السبت إذا وافق عرفة؟
ج: يوم السبت يُصام لا بأس، الحديث فيه ضعيف، الحديث الذي فيه النَّهي عن صوم يوم السبت ضعيف.
س: والجمعة؟
ج: إذا صام السبت وحده أو مع الجمعة أو مع الأحد فلا بأس.
س: وإفراده؟
ج: إفراده لا بأس؛ لأنَّ الحديث ضعيف.
س: والجمعة كذلك؟
ج: الجمعة لا، ما تُفرد.
س: ولو وافقت يوم عرفة؟
ج: لو وافقت يوم عرفة وصامه لأجل عرفة لا بأس، لكن لو صام الخميس معها أحوط.
س: حديث صلاة الشروق صحيح؟
ج: هذه صلاة الضُّحى مُبكرًا تُسمَّى: صلاة الضحى، ويُسميها العامَّة: صلاة الشروق، سنة مُستحبَّة لمن جلس في المسجد، إذا ارتفعت الشمسُ يُصلي ركعتين.
س: تعدل حجَّةً؟
ج: جاء في حديثٍ لا بأس به، له طرق متعددة.
س: هل للإنسان أن يتخلَّف عن صلاة الجمعة بسبب المطر؟
ج: يُصلي ظهرًا، مَن تخلَّف عن الجمعة يُصلي ظهرًا كالمريض والمسافر.
س: يقول الله : وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا [الفرقان:62] مَن استدلَّ من أهل العلم بجواز قضاء النَّوافل العامَّة؟
ج: معناه أن الإنسان يتعبد في الليل والنهار، مَن فاته التَّعبد في الليل تعبَّد في النهار، ومَن فاته في النهار تعبَّد في الليل، ولا يدل على قضاء الرَّواتب.
س: هذا معنى الخلفة؟
ج: هذا يخلف هذا.
س: النوم بعد صلاة المغرب هل فيه نهيٌ؟
ج: ما أتذكر شيئًا، لكن الحديث: كان يكره النومَ قبلها، والحديثَ بعدها –العشاء- يعني: كان يكره النوم قبلها لأنه قد يُفوت العشاء، قد يُسبب كسله عن العشاء، فيكره النوم قبلها.
س: إذا كان مُرهقًا؟
ج: يُعالج الأمور بغير النوم.
س: هل له أن يعتكف في مسجدٍ ليس فيه جمعة أحسن الله إليك؟
ج: نعم.
س: ويخرج للجُمعة؟
ج: ويخرج للجمعة.
بَابُ الِاجْتِهَادِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ
وَفَضْلِ قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا يُدْعَى بِهِ فِيهَا وَأَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ
1769- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ أَحْيَى اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَشَدَّ الْمِئْزَرَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ: كَانَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا.
1770- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.
1771- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: قُولِي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَا فِيهِ: أَرَأَيْتَ إنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ.
1772- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ قَالَ: تَحَرَّوْهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
1773- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلًا أَتَى نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلِيلٌ يَشُقُّ عَلَيَّ الْقِيَامُ، فَأْمُرْنِي بِلَيْلَةٍ لَعَلَّ اللَّهَ يُوَفِّقُنِي فِيهَا لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالسَّابِعَةِ رَوَاهُ أَحْمَدُ.
1774- وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما، عَن النَّبِيِّ ﷺ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ: لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
1775- وَعَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَمِعْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ وَقِيلَ لَهُ: إنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَنْ قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَقَالَ أُبَيٌّ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، إنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ -يَحْلِفُ مَا يَسْتَثْنِي- وَوَاللَّهِ إنِّي لَأَعْلَمُ أَيَّ لَيْلَةٍ هِيَ، هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِقِيَامِهَا، هِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث الكثيرة كلها تدل على شرعية الاجتهاد في العشر الأواخر أكثر من غيرها؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها، كما رواه مسلم في الصحيح: "كان ﷺ يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها"، يعني يجتهد فيها أكثر في الصلاة والقراءة وسائر وجوه الخير، وكان ﷺ إذا دخلت العشر الأخيرة شدَّ مِئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله عليه الصلاة والسلام، "شدَّ مئزره" يعني اجتنب النساء، وشمَّر في العبادة في جميع العشر، والله يقول سبحانه: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، فيُسن للمسلمين التأسي به ﷺ في مزيد الاجتهاد في العشر الأخيرة في الصلاة والقراءة وأنواع الخير.
وفي هذه العشر ليلة القدر، من مزاياها ومن فضائلها أنَّ فيها ليلة القدر، مَن قام العشر أدرك ليلة القدر، وهي مدة قليلة بحمد الله، مَن قام هذه الليالي العشر واجتهد فيها، فليعلم يقينًا أنه أدرك ليلة القدر، وهذه نعمة عظمى، يقول فيها سبحانه: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3]، ويقول فيها جلَّ وعلا: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:3- 4].
وقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، إن وافقتُ ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تُحبُّ العفو فاعفُ عني، هذه الليلة العظيمة يطلب الإنسانُ فيها العفو، وما ذاك إلا لأنَّ الإنسان محلُّ الخطايا، محل الذنوب، فجديرٌ به أن يسأل ربَّه العفو: "اللهم إنَّك عفوٌّ تُحبُّ العفو فاعفُ عني"، ويجتهد مع هذا في وجوه الخير: من الصلاة والقراءة والدَّعوات الأخرى: "اللهم أجرني من النار، اللهم إني أسألك رضاءك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم ارزقني الفقه في دينك، اللهم اغفر لي ولوالدي -إن كان والداه مسلمين- اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين، اللهم إني أسألك الهدى والسداد، اللهم إني أسألك الهدى والتُّقى، والعفافَ والغنى"، هذه الدَّعوات الجامعة: "اللهم إني أسألك رضاءك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إنك عفو تُحب العفو فاعفُ عني" يُكثر من هذا الدعاء الذي علَّمه النبيُّ عائشة عليه الصلاة والسلام.
وأحرى الليالي وأرجاها الليلة السابعة، كما قاله النبيُّ ﷺ: "إنها ليلة سبعٍ وعشرين"، وفي اللفظ الآخر: "تحرُّوها ليلة سبعٍ وعشرين"، وكان أُبي بن كعبٍ يُقسم أنها ليلة سبع وعشرين، ويقول بالعلامة التي بيَّنها الرسولُ ﷺ، وهي أن الشمس تطلع صبيحتها لا شعاعَ لها.
فالمقصود أنَّ أرجى الليالي ليلة سبع وعشرين، ثم بقية الأوتار: ليلة إحدى وعشرين، ليلة ثلاث وعشرين، ليلة خمس وعشرين، ليلة تسع وعشرين، كلها، لكن جميع الليالي تُرجى فيها، جميع الليالي العشر.
أما قول ابن مسعودٍ: في السنة كلها، معناه يعني: حثّ الناس على القيام والتَّعبد في الليالي حتى يُدركوا ليلة القدر، وإلا فمعلوم أنها في رمضان في العشر الأخيرة، لكن لعله تأوَّل لحثِّ الناس على الخير، مَن قام السنة أدرك ليلة القدر لا شكَّ، مَن قامها كلها أدرك ليلة القدر؛ لأنَّ من جملة السنة رمضان، لكن الأحاديث الصحيحة كلها دالة على أنها في العشر الأخيرة، وأن أوتار العشر أرجى من غيرها، وأنَّ السابع أرجى الأوتار.
وفَّق الله الجميع.
س: قراءة الفاتحة والصلاة على النبي ﷺ والدعاء للميت في صلاة الجنازة هل هي واجبة؟
ج: نعم، قراءة الفاتحة واجبة، والدعاء للميت واجب من واجبات الصلاة، والصلاة على النبي ﷺ، كلها.
س: لماذا سُميت: ليلة القدر؟
ج: مثلما قال الله: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:4]؛ لأنَّ الله يقدر فيها جميع حوادث السنة تفصيلًا من القدر السابق؛ ولهذا قيل لها: ليلة القدر.
س: والموتى أيضًا؟
ج: كل شيء، كله يُقدر فيها، هذا يموت، وهذا يُحب كذا، وهذا يُصاب بكذا، وهذا يُسافر، وهذا يصطدم، وهذا تنقلب سيارته، وهذا يُصاب بكذا، كلها من القدر السابق.
س: كيف يُجمع بين هذا وبين حديث الطفل إذا بلغ مئةً وعشرين يومًا؟
ج: هذا وهذا، هذا من التقدير العمري من القدر السابق، والتقدير السنوي من القدر السابق، والتقدير اليومي من القدر السابق، كلها من القدر السابق، كلها تفصيل من القدر السابق.
س: مَن يخصّ العمرة بسبعٍ وعشرين هل له أصل؟
ج: لعله يُوافق ليلة القدر، لكن إن كانت فيها مُزاحمة ومشقَّة يتركها، لا يشقُّ على الناس، ولا على نفسه.
س: هل يُشترط في قيام ليلة القدر أن تكون في جماعةٍ؟
ج: ولو وحده، ما هو شرط الجماعة.
س: مَن لم يستطع الحجَّ لعدم النَّفقة يُعطى من الزكاة؟
ج: مَن لا يستطيع يُسمَّى: فقيرًا، الظاهر لا مانع أن يُعطى.
س: قول ابن مسعودٍ من باب حثِّ الناس؟
ج: من باب حثِّ الناس على القيام في السنة كلها، إن صحَّ.
س: الأئمة الذين يخصُّون ليلة سبعٍ وعشرين بالختمة؟
ج: إن كان ما فيها مشقَّة ما في شيء، إذا كان يرجو أنَّ الدعاء يُصادف ليلة القدر.
س: يعني أفضل من غيرها؟
ج: إذا تيسر بدون مشقَّةٍ على الناس.
س: امرأة تُعاني من سنتين من مرضٍ في يدها، ترجو من سماحتكم الدّعاء لها بالشفاء، حيث لم تترك طبيبًا إلا وأتته، ولكن دون جدوى؟
ج: في يدها؟
س: أي نعم أحسن الله عملك؟
ج: نسأل الله لنا ولها الشفاء، شفاها الله، جمع الله لها بين الأجر والعافية، رزقنا وإياها الثَّبات على الحقِّ، والعافية من كل سوءٍ.
س: يقول السائل: ما حكم مَن أكل وشرب يظن أنَّ الفجر لم يطلع، ثم تبيَّن خلاف ذلك؟
ج: الصواب أنه يقضي، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم، كالذي أفطر قبل غروب الشمس يحسب أنها غربت الشمس يقضي.
س: "مَن أذَّن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة" الحديث، هل هو صحيح؟
ج: ما أعرف هذا.
س: قال الله: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] هل تُقال عند الصَّفا والمروة أو مرة واحدة؟
ج: أول مرة، أول ما يبتدئ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ أول شوطٍ.
س: طاف بغير وضوءٍ أو انتقض أثناء الوضوء؟
ج: يُعيد.
س: وإن كان أكمل؟
ج: يُعيده من أوله، يطَّهَّر ويُعيده من أوله، مثل الذي صلَّى بلا وضوءٍ.
س: الآن هو في الرياض؟
ج: يرجع إذا كان الطوافُ فريضةً.
س: ورد في "سنن أبي داود" أن النبيَّ ﷺ يُوتر يديه أو سعديه في الصلاة؟
ج: التوتير هو التَّفريج.
س: المقصود به التَّفريج؟
ج: نعم.
س: ما يُكمل الآية: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158]؟
ج: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ يكفي، ويبدأ.
س: ولا يقولها في الأشواط الأخرى؟
ج: أبدًا، فقط أول شوطٍ عند الصعود إلى الصَّفا.
س: الوالد من الرضاعة إذا تزوَّج بزوجةٍ أخرى؟
ج: محرمًا لأولاده من الرضاعة، كل زوجاته حتى ولو مات، حتى ولو طلَّقها.
س: كون المسجد قديمًا هل في الصلاة فيه فضل؟
ج: بعض أهل العلم ذكر القدم من أسباب الفضل، لكن ما عليه دليل.
س: الصفوف إذا انفصلت بطريقٍ أو نحوه، بعض الجوامع تكون مزحومةً، فيُصلون خلف الطريق؟
ج: إذا كان يرى بعض الجماعة لا بأس، يرون بعض الصُّفوف.
س: الصيام فيها خيرٌ من ألف صيام، يعني قوله تعالى: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3] يتأوَّل ويقول: إنَّ الصيام في هذا اليوم خيرٌ من ألف صيامٍ؟
ج: ما عنده خبر، الكلام في الليلة فقط، والصيام في النهار، ما هو في الليل، أقول: هذا في الليل، في العمل مثل: الصلاة والقراءة في الليل، والصوم ما هو من عمل الليل، الصوم من عمل النَّهار.
س: الإمام الأعمى الذي يُصلِّي بالنساء مَن يردُّ عليه؟
ج: إذا كانت وراءه امرأةٌ تقرأ ترد عليه، مثلما تُكلمه في التليفون.
س: تأخذ مصحفًا وراءه؟
ج: ما في بأس، إذا دعت الحاجةُ ما في بأس.
1776- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ، عَلَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ، فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ، فَدَنَوْا مِنْهُ، فَقَالَ: إنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأُوَلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ، ثُمَّ أتيْتُ فَقِيلَ لِي: إنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ، فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ، قَالَ: وَإِنِّي أُرِيتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ، وَإِنِّي أَسْجُدُ فِي صَبِيحَتِهَا فِي طِينٍ وَمَاءٍ، فَأَصْبَحَ مِنْ لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقَدْ قَامَ إلَى الصُّبْحِ، فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ، فَأَبْصَرْتُ الطِّينَ وَالْمَاءَ، فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهَا الطِّينُ وَالْمَاءُ، وَإِذْ هِيَ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْبُخَارِيِّ اعْتِكَافُ الْعَشْرِ الْأُوَلِ.
1777- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: رَأَيْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَأُرَانِي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ، قَالَ: فَمُطِرْنَا فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فانْصَرَفَ وَإِنَّ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ، وَزَادَ: وَكَانَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ يَقُولُ: ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ.
1778- وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ : أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: الْتَمِسُوهَا فِي تِسْعٍ بَقِينَ، أَوْ سَبْعٍ بَقِينَ، أَوْ خَمْسٍ بَقِينَ، أَوْ ثَلَاثٍ بَقِينَ، أَوْ آخِرِ لَيْلَةٍ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ يُصَلِّي فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ صَلَاتَهُ فِي سَائِرِ السَّنَةِ، فَإِن دَخَلَ الْعَشْرُ اجْتَهَدَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
1779- وَعَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي حَدِيثٍ لَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّهَا كَانَتْ أُبِينَتْ لَيْلَة الْقَدْرِ، وَإِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِهَا، فَجَاءَ رَجُلَانِ يَحْتَقَّانِ مَعَهُمَا الشَّيْطَانُ فَنَسِيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالْخَامِسَةِ وَالسَّابِعَةِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، إنَّكُمْ أَعْلَمُ بِالْعَدَدِ مِنَّا، فَقَالَ: أَجَلْ، نَحْنُ أَحَقُّ بِذَاكَ مِنْكُمْ، قَالَ: قُلْتُ: مَا التَّاسِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّابِعَةُ؟ قَالَ: إذَا مَضَتْ وَاحِدَةٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ، فَهِيَ التَّاسِعَةُ، فَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا السَّابِعَةُ، فَإِذَا مَضَتْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا الْخَامِسَةُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
1780- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: هِيَ فِي الْعَشْرِ: فِي سَبْعٍ يَمْضِينَ، أَوْ فِي تِسْعٍ يَبْقينَ يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
1781- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيًا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ أَخْرَجَاهُ.
وَلِمُسْلِمٍ قَالَ: أُرِيَ رَجُلٌ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَة سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَرَى رُؤْيَاكُمْ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَاطْلُبُوهَا فِي الْوِتْرِ مِنْهَا.
1782- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ، وَقَالَ: فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ.
الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث الكثيرة وهكذا ما قبلها كلها تدل على أنَّ ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم أنها في العشر الأواخر، وأن مَن قام ليالي العشر الأواخر فقد أدرك ليلة القدر؛ لأنَّ الأحاديث الصحيحة كلها متَّفقة على أنها في العشر الأواخر من رمضان، ثم اتَّفقت الأحاديث على أنَّ الأوتار آكد: ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين، آكد من غيرها كما في الحديث: التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان.
وأرجى الأوتار ليلة سبع وعشرين كما دلَّت عليه جملةٌ من الأحاديث، وقد تكون في السبع الأواخر مطلقًا كما قال ﷺ: أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، قد تكون في بعض السنين في السبع الأواخر، كما في السنة التي قالها ﷺ، تواطأت رؤياهم في السبع الأواخر، وكانت في السبع الأواخر، والسبع الأواخر تشمل: خمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، وقد تكون في الأشفاع كما في قوله: تاسعة تبقى، سابعة تبقى، خامسة تبقى، هذا معناه أنَّ العشر كلها محلُّ ليلة القدر، سواء أوتارها وأشفاعها؛ لأنَّ أشفاعها هي المرادة بقوله: تاسعة تبقى .. إلى آخره، هذه هي الأشفاع، والأوتار معروفة.
وقد وقع في بعض السنين في ليلة إحدى وعشرين، وفي بعضها في ليلة ثلاث وعشرين في حياته، ورأى ﷺ أنه يسجد في ماءٍ وطينٍ في صبيحتها، فوقعت في إحدى وعشرين، وفي ثلاث وعشرين.
وكان أُبي بن كعبٍ كما تقدم يُقسم أنها في ليلة سبعٍ وعشرين، وأن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاعَ لها، راقبها عدَّة سنين، تطلع لا شعاعَ لها.
وبكل حالٍ فالأحاديث كلها مجتمعة متَّفقة على أنها في العشر الأواخر، وأنها تُرجى في الليالي كلها: أوتارها وأشفاعها، نسأل الله أن يُوفق المسلمين لكل خيرٍ، ونسأل الله أن يتقبَّل منا ومنكم، ونسأل الله أن يُوفق الجميع لما فيه رضاه، ويجعلنا وإياكم من العُتقاء فيها من النار، إنه جلَّ وعلا جواد كريم.
ليلة عظيمة: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3]، لا شكَّ أنَّ لها شأنًا عظيمًا، وكل إنسانٍ يسَّر الله له قيام هذه الليالي –ليالي العشر- فقد أدركها والحمد لله.
س: مَن اعتكف في العشر الأول أو الوسطى هل هذا خلاف السنة؟
ج: لا، هذا كان في التَّحري، لا ما يعتكف الشهر كله، لو اعتكف الشهر كله الحمد لله.
س: المراد بتصفيد الشياطين إذا دخل رمضان؟
ج: يعني: إضعاف سلطانهم.
س: في العشر الأواخر ليلة القدر تتنقَّل فيها أو ثابتة في ليلةٍ واحدةٍ؟
ج: مُتنقلة.
س: الرسول أُريها مرة واحدة في حياته أم مرات؟
ج: ظاهر الحديث أنه مرات.
س: في حديث أبي سعيدٍ يقول في الواحد والعشرين، وعبدالله بن أُنيس قال: ثلاث وعشرين؟
ج: في سنة كذا، وفي سنة كذا، في سنة أطلع عليها ثم تلاحى رجلان ثم رُفِعَتْ، ولله الحكمة فيها، لو علم الناسُ أنها في ليلةٍ معينةٍ لربما خصُّوها بالاجتهاد وتركوا بقية الليالي، لكن من حكمة الله أنها في الليالي العشر كلها مشاعة، تارة كذا، وتارة كذا؛ حتى يجتهد المسلمون في الليالي كلها.
س: الاعتكاف بالنسبة للأطفال مع ذويهم؟
ج: لا حرج، إذا دعت الحاجةُ لا حرج، الحمد لله.
س: رجلٌ لم يبدأ طواف القدوم والإفاضة من الحجر الأسود، وقيل له أن يُعيد الطواف، فأعادها وهو لابس لباسه من غير الإحرام، فهل عليه شيء؟
ج: إذا كان بدأه بالركن اليماني وكمل السابع إلى الحجر الأسود ما يضرُّ، المقصود أن يُكمل السبعة الأشواط من الأسود إلى الأسود، ولو بدأ بالركن اليماني والجزء الذي قبل الأسود لاغٍ إذا كان سبعةً من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود، والحمد لله، السنة أن يبدأ من الحجر الأسود، وإن بدأ مما بينهما أو من الركن اليماني جاهلًا ما يضرُّ إذا كمل السبعة.
س: كونه لابسًا لباسه؟
ج: ولو، ما يضرُّ، طوافه صحيح ولو لبس، لكن إذا كان ناسيًا ما عليه شيء أو جاهلًا، وإن كان متعمدًا عليه أن يُطعم ستة مساكين، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يذبح عن لبسه المخيط، أما إذا كان ناسيًا أو جاهلًا ما عليه شيء.
س: ..........؟
ج: ..............
س: هل جاء دعاء صحيح عند الإفطار تُرجى فيه الإجابة؟
ج: الصوم كله، محل الصوم كله تُرجى فيه الإجابة، الصائم تُرجى إجابة دعوته حتى في غير وقت الصوم، وقت الإفطار.
س: هل جاء تخصيص وقت الإفطار؟
ج: ما جاء فيه شيء خاصّ، لكن جاء عام: للصَّائم دعوة مُستجابة حال الصوم، وعند الإفطار، يُرجى له أنَّ الله يُجيب دعوته، يتحرَّى ويدعو.
س: ليلة القدر هل لها علامات حسية؟
ج: مثلما ذكر أُبي بن كعب، من علاماتها أنها تطلع الشمسُ صبيحتها لا شعاعَ لها.
س: في الشوط السابع هل يقول الدعاء المذكور؟
ج: في جميع الأشواط، يبدأ بالحجر الأسود ويختم بالأسود، في جميع الأطواف السبعة.
س: ............؟
ج: والكفيف ما له طواف.
س: ما يكون حاجزًا بينه وبينها؟
ج: الله يهدينا وإياك.
س: لا يجوز للمرأة عطية إلا بإذن زوجها؟
ج: الصواب: عطية من مال زوجها، ومن مالها لا بأس، الرسول ﷺ لما أتى النساء حثَّهن على الصَّدقة، ولم يقل لهن: شاورن أزوجكنَّ، بل قبل صدقاتهن وهن في المسجد.
س: حديث لا يسقي أحدُكم ماءه زرعَ أخيه أيش حاله؟
ج: صحيح.
س: هل من السنة ذكر: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125] بعد الطواف؟
ج: إذا قرأ ذلك فحسنٌ.
س: خلف المقام؟
ج: عند مجيئه إلى المقام.
س: إرضاع المرأة عند محارمها، إخراج ثديها لإرضاع طفلها عند محارمها؟
ج: الصواب لا حرج، لكن إن تركت ذلك فهو أحسن.
س: وعورة المرأة مع النساء؟
ج: فوق السرة وتحت الركبة.
س: الطواف خارج سور الحرم؟
ج: لا، من داخل المسجد.