الشيخ: وهذا من فضل الله، إذا فات الفقير الدثور والأموال فقد جعل الله له ما يعوضه من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير هذا عوض، وأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا عوض له ليجتهد في هذه الأشياء، ويعطيه الله من الأجور والحسنات ما يقوم مقام صدقات الأثرياء الذين عندهم الأموال، لأنهم لما شكى الفقراء إلى النبي ﷺ أن أصحاب الدثور ذهبوا بالأجور يتصدقون ويعتقون والفقراء ما عندهم شيء، قال ﷺ: أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به؟ إن لكم بكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة حتى في جماعه لزوجته صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتينا أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فهكذا إذا وضعها في حلال كان له أجر فيه بيان الشيء بضده، كما أن الزنا فيه وزر فالجماع الحلال فيه أجر، يعف نفسه ويعف زوجته فله أجر، وهكذا في تسبيحه وتهليله وتحميده وتكبيره كل هذه صدقات، وهكذا دعوته إلى الله وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر يقوم مقام الأموال التي يتصدق بها الأغنياء، وفي اللفظ الآخر: ويجزي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى يجزي من هذه الأشياء ركعتان تركعهما من الضحى تقوم مقام كل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة هذا فيه فضل الركعتين من الضحى، وأنه يستحب للمؤمن أن يصلي ركعتين من الضحى، وإن زاد صلى أربعًا أو ستًا أو ثمان أو أكثر كله خير، الضحى كله محل صلاة إلى أن تقف الشمس، مع شرعية الإكثار من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار، فكل هذا فيه صدقات، وفيه درجات للعبد، وقد يفوق بها أهل الدثور إذا كثرت تسبيحاته وذكره سبق أهل الدثور.
س: .....؟
الشيخ: لا شك أنه يؤجر على ذلك، وإذا احتسب يكون الأجر أكثر، مثل ما أنه إذا أدى حق زوجته وأنفق عليها يؤجر، وإذا احتسب هذا كان أجر أكثر.
الشيخ: وهذا فيه مثل ما تقدم، كل إنسان خلق على ثلاثمائة وستين مفصل، فإذا سبح الله وحمد الله وكبر الله وذكر الله وتصدق وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر بعدد هذه المفاصل أمسى وقد زحزح نفسه عن النار؛ لأنه أدى حقًا عظيمًا عنها يرجو به ثواب الله .
س: .....؟
الشيخ: المقصود كونه فعلها لله، هذا المهم.
(1007) وحَدَّثَنَا عبداللهِ بْنُ عبدالرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، أَخْبَرَنِي أَخِي زَيْدٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أَوْ أَمَرَ بِمَعْرُوفٍ وَقَالَ: فَإِنَّهُ يُمْسِي يَوْمَئِذٍ.
(1007) وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عبداللهِ بْنُ فَرُّوخَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ بِنَحْوِ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ زَيْدٍ وَقَالَ: فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ.
55 - (1008) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ، قِيلَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ يَعْتَمِلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ، قَالَ قِيلَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قَالَ: يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ، قَالَ قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قَالَ: يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ أَوِ الْخَيْرِ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ.
الشيخ: وهذا فيه تنبيه النبي ﷺ أن المؤمن عليه صدقات لما أعطاه الله من النعم والخيرات، عليه أن يتصدق بما استطاع، قيل: يا رسول الله فإن لم يجد؟ قال: يعتمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق يتكسب، يبني، يحصد، يخيط، يحمل على ظهره، إلى غير هذا من الأسباب، يدور الأسباب يعمل، قالوا: فإن لم يستطع؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف يعينه على حمل حاجته، على قضاء وطره، على غير هذا، قالوا: فإن لم يستطع؟ قال: يكف شره عن الناس يكف شره بركة فإنها صدقة منه على نفسه، وفي اللفظ الآخر: يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
س: قوله: على كل مسلم صدقة ظاهره الوجوب؟
الشيخ: حسب طاقته، خاصية تفيد التأكد.
(1008) وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عبدالرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
56 - (1009) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عبدالرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ قَالَ: تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ قَالَ: وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ.
57 - (1010) وحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ وَهُوَ ابْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللهُمَّ، أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللهُمَّ، أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا.
الشيخ: وهذا فيه الحث العظيم على الإنفاق ولو قليل، ملكان ينزلان كل صباح يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا ولو قليل، ولو أنفق ريال وإلا ريالين الذي ينفقه، والثاني البخيل: اللهم أعط ممسكًا تلفًا، هذا فيه الحث على النفقة والإحسان والجود، وأن الله يخلف عليه، وأصدق من هذا وأبلغ قوله تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39] هكذا يخبر الله وهو الصادق وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39]، وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا [المزمل:20].
وأنت أيها البخيل على خطر حتى الملك يدعو عليك كل صباح وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ [محمد:38]، ما بخلت عن الناس بخلت عن نفسك، ضرره يعود عليك وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ [محمد:38]، ما بخل عن الناس ضرره عليه هو، عود نفسك الصدقة والجود على الفقير والمسكين ولو بالقليل حتى تجود بالكثير، أما من عود نفسه البخل والشح وسوء الظن فإنه لا ينفق، لكن من جاهد نفسه وظن بالله الخير وعودها الصدقة ولو بالقليل فإنه يجود ويزداد خيرًا وينفعه الله بدعاء الملك.
س: إذا خصه الفقير بالسؤال وهو قادر يتعين عليه أن يعطيه؟
الشيخ: الله يقول جل وعلا: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات:19] المحرم الفقير، والسائل الذي يسألك، قد يكون له حاجة وأنت ما تدري، تعطيه ولو قليل، هذا الذي ينبغي وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات:19]، قال بعضهم: الزكاة، والأقرب أن الآية عامة، تعم الزكاة وغيرها، إلا إذا عرفت أنه يستكثر، وأنه مغنيه الله لا، ينصح ويوجه إلى الخير حتى يحذر السؤال الذي يضره ويغضب الله عليه.
س: الإنفاق لا ينتقل من الإنفاق المالي إذا لم يجد شيء لا مال ولا غيره؟
الشيخ: يدعو، يقول خيرًا، يقول النبي ﷺ: ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر عن شماله فلا يرى إلا ما قدم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة رواه البخاري ومسلم في الصحيحين عن عدي بن حاتم، فمن لم يجد فبكلمة طيبة: أغناك الله، يسر الله أمرك، وما أشبه ذلك.
الشيخ: يعني في آخر الزمان يقول: تصدق، وما زال يوجد فقراء يقبلون، سوف يأتي على الناس زمان إذا ذهبت للناس بالصدقة ما قبلوها في آخر الزمان، يفيض المال حتى لا يقبله أحد، يجيء إنسان بصدقة يدور من يقبلها ما يقبلها أحد، حتى إن الرجل يقول: لو جئت بالأمس لقبلتها أما اليوم ما أقبلها، جاءه مال يسر الله له المال، والمقصود من هذا أن الإنسان يبتدر ويغتنم وجود الفقراء حتى يعطيهم، حتى يتصدق قبل أن يأتي يوم يجتهد يدور من يأخذ زكاته ما يحصل من يأخذ زكاته.
س: هل إفاضة المال خاصة بزمن المهدي؟
الشيخ: قبل المهدي وبعد المهدي وزمن عيسى، كلها يفيض فيها المال.
الشيخ: هذا الذهب بعد ما هو فضة، ما هو بورق اليوم، ولا يجد أحد يقبلها حتى الذهب الله أكبر.
الشيخ: وهذا موجود، المزارع الكثيرة والخير الكثير في أرض العرب.