بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: إِنَّمَا الكَرْمُ قَلْبُ المُؤْمِنِ
وَقَدْ قَالَ: إِنَّمَا المُفْلِسُ الَّذِي يُفْلِسُ يَوْمَ القِيَامَةِ كَقَوْلِهِ: إِنَّمَا الصُّرَعَةُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ كَقَوْلِهِ: لاَ مُلْكَ إِلَّا لِلَّهِ فَوَصَفَهُ بِانْتِهَاءِ المُلْكِ، ثُمَّ ذَكَرَ المُلُوكَ أَيْضًا فَقَالَ: إِنَّ المُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا [النمل:34].
الشيخ: ومراده بهذا -رحمه الله- أن هذا الوصف أوْلى به المؤمن، الكَرْم طيب، العنب طيب ونافع ومفيد، وهو كرم في نفس الأمر، يعني طيب؛ ولكن الأوْلى بهذا الوصف هو قلب المؤمن؛ لما فيه من الخير والمحبة لله وتعظيمه والإخلاص له وخوفه ورجائه؛ فهو أوْلى بهذا الوصف كما يقال: ليس المسكين بهذا الطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، وإنما المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس، ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب المعنى: أن الذي يصرع الناس صرعة؛ لكن خير منه وأفضل منه الذي يملك نفسه عند الغضب، والذي يطوف على الناس مسكين؛ لكن أشد مسكنة منه وأوْلى منه بالإحسان المتعفف الذي لا يجد غنىً يغنيه ولا يقوم فيسأل الناس ولا يفطن له فيتصدق عليه، وهكذا ما أشبهه من الألفاظ التي جاءت في هذا الباب، مثل: المَلِك، وهو معروف، لكن الملك على الحقيقة هو الله، لأنه مالكهم ومصرف أمورهم ومع هذا سمى الملك ملكًا فلا يقال: إنه ليس بملك هو ملك، ولكن الملك الحقيقي لله وحده سبحانه وتعالى، هو الذي بيده أزمّة الأمور ومصرفها؛ ولهذا أطلق على الملوك ملوك، وقال: إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً، آيَةَ مُلْكِهِ كذا فهو سماه ملكًا إلى غير هذا.
س: النهي عن سب الدهر؛ لأن فيه اعتراضًا على القضاء والقدر؟
الشيخ: الأوْلى -والله أعلم- أنه سب لمن لا يستحق السب، ما له تصرف، سب لمن لا يستحق السب، فيرجع في الحقيقة إلى من صرفه ودبره ؛ وهذا معلوم أنه ما يقصده الساب، لكن سوء أدب، نسأل الله العافية.
6183 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَيَقُولُونَ الكَرْمُ، إِنَّمَا الكَرْمُ قَلْبُ المُؤْمِنِ.
بَاب قَوْلِ الرَّجُلِ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي
فِيهِ الزُّبَيْرُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
6184 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُفَدِّي أَحَدًا غَيْرَ سَعْدٍ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ارْمِ فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي أَظُنُّهُ يَوْمَ أُحُدٍ.
بَاب قَوْلِ الرَّجُلِ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا.
6185 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَمَعَ النَّبِيِّ ﷺ صَفِيَّةُ، مُرْدِفُهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَثَرَتِ النَّاقَةُ، فَصُرِعَ النَّبِيُّ ﷺ وَالمَرْأَةُ، وَأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ - قَالَ: أَحْسِبُ - اقْتَحَمَ عَنْ بَعِيرِهِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، هَلْ أَصَابَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَصَدَ قَصْدَهَا، فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَيْهَا، فَقَامَتِ المَرْأَةُ، فَشَدَّ لَهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِمَا فَرَكِبَا، فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِظَهْرِ المَدِينَةِ - أَوْ قَالَ: أَشْرَفُوا عَلَى المَدِينَةِ - قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ المَدِينَةَ.
الشيخ: وفي هذا من الفوائد أن الرسل عليهم الصلاة والسلام والصلحاء يصيبهم النكبات والحوادث والأذى ويصبرون، ولهذا يقول ﷺ: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل هذا رسول الله ﷺ عثرت به ناقته حتى سقط، وسقطت المرأة، هذا يدل على ما دلت عليه الأحاديث والآيات، وأصابه يوم أحد ما أصابه من الجراحات والسقوط في حفرهم التي وضعوها في أحد، وكُسرت البيضة على رأسه، وجُرحت وجنته عليه الصلاة والسلام وشفته، إلى غير ذلك، هذه الأشياء التي تصيب الأنبياء فيه دلائل على أنهم بشر، وأنهم ليسوا آلهة، وليسوا معصومين من كل هذا؛ بل يصيبهم ما أصاب الناس وقد يقتلون كما قتلت بنو إسرائيل جماعة من أنبيائهم، هذا كله يدل على أنهم ليسوا آلهة وليسوا أربابًا؛ وإنما هم رسل بشر أمرهم الله أن يبلّغوا الناس، ورفع قدرهم بما أعطاهم من العلم والفضل، وخصهم به من الخصائص، فلهم فضل ما أعطاهم الله من العلم والفضل وهم رؤوس الناس، وأفضل الناس، ولكنهم ليسوا معصومين من هذه الحوادث، بل يصيبهم من النقص والمرض والجراحات والقتل كما أنهم يموتون كما مات الناس، وفي هذا الرد على من عبدهم من دون الله وغلا فيهم واتخذهم آلهة من دون الله.
وفي هذا حرص الصحابة على سلامته عليه الصلاة والسلام، وعنايتهم به، وقد نزل أبو طلحة عن دابته وأقبل عليه وقال: جعلني الله فداءك هل أصابك شيء؟ قال: لا، لكن عليك المرأة فجعل ثوبه على وجهه فقصد قصدها، يعني أبا طلحة من شدة العناية لئلا يرى منها شيئًا؛ لأنها سقطت عن البعير خشي أن يرى منها شيئًا من العورة فجعل ثوبه على وجهه ثم قصد قصدها حتى أصلح من شأنهم، وركب مع الرسول ﷺ، فهذا فيه العناية العظيمة والبعد عن أسباب الفتنة والتحرز مما قد ينسب إلى الإنسان مما هو ليس قاصدًا له، وفيه شرعية هذا الكلام عند القدوم عند الوفود إذا قرب من البلد يقول: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده كما كان النبي يقوله عليه الصلاة والسلام عند وفوده، ويكثر من التسبيح والتهليل والتحميد؛ شكرًا لله . شف كلامه على فداك أبي وأمي؟
س: وضع ثوبه على وجهه..؟
الشيخ: لئلا يرى منها شيئًا، هذا من شدة حرصه ، ويكفي غض البصر؛ لكن كأنه من حرصه ؛ لأنها ساقطة عن البعير فقد تبدو عورة منها لا يكفي فيها غض البصر.
س: هل يستشهد بها الإنسان أنه من ستر الوجه؟
الشيخ: إذا دعت الحاجة إليه كما فعل أبو طلحة.
الطالب: (قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي) تَقَدَّمَ ضَبْطُ "فِدَاكَ" وَمَعْنَاهُ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنَ الرَّجَزِ وَالشِّعْرِ قَرِيبًا، قَوْلُهُ: فِيهِ الزُّبَيْرُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ يُشِيرُ إِلَى مَا وَصَلَهُ فِي مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ فِي النِّسَاءِ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ قَوْلُ الزُّبَيْرِ فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِيَ النَّبِيُّ ﷺ أَبَوَيْهِ فَقَالَ: فِدَاكَ أبي وَأمي.
قَوْله: يحيى هُوَ بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ، قَوْلُهُ: يَفْدِي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْفَاءِ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَلِغَيْرِهِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَالْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَالتَّشْدِيدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ بَيَانُ الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ الزُّبَيْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ فِي إِثْبَاتِ التَّفْدِيَةِ لَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا فِي نفي ذَلِك عَن غير سعد، وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ رَمَزَ بِذَلِكَ إِلَى هَذَا الْجَمْعِ وَغَفَلَ مَنْ خَصَّ حَدِيثَ الزُّبَيْرِ بِتَخْرِيجِ مُسْلِمٍ مَعَ إِخْرَاجِ الْبُخَارِيِّ لَهُ وَرَمْزِهِ إِلَيْهِ فِي هذا الباب.
الشيخ:.......... ما سمع كلام ابن الزبير فلا منافاة، إنسان يروي ما سمع، علي سمع ما قاله سعد ولم يسمع ما قال الزبير؛ فلا منافاة، قد يكون وقع لغيرهما.
الطالب: وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ: أَظُنُّهُ يَوْمَ أُحُدٍ، تَقَدَّمَ الْجَزْمُ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي، وَلَفْظُهُ: فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ ارْمِ سَعْدُ.
الشيخ: يعني يا سعد.
الطالب: ارْمِ سَعْدُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ سَبَبُ هَذَا الْقَوْلِ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ .
(قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ) أَيْ هَلْ يُبَاحُ أَوْ يُكْرَهُ، وَقَدِ اسْتَوْعَبَ الْأَخْبَارَ الدَّالَّةَ عَلَى الْجَوَازِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ آدَابُ الْحُكَمَاءِ، وَجَزَمَ بِجَوَازِ ذَلِكَ فَقَالَ: لِلْمَرْءِ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِسُلْطَانِهِ وَلِكَبِيرِهِ وَلِذَوِي الْعِلْمِ وَلِمَنْ أَحَبَّ مِنْ إِخْوَانِهِ، غَيْرَ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ بَلْ يُثَابُ عَلَيْهِ إِذَا قَصَدَ تَوْقِيرَهُ وَاسْتِعْطَافَهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَحْظُورًا لَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ قَائِلَ ذَلِكَ، وَلَأَعْلَمَهُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ لِأَحَدٍ غَيْرَهُ، قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ لِأَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ: إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا.. الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي مَنَاقِبِ أبي بكر مَعَ شَرحه، ثمَّ ذكر حَدِيث أنس فِي إرداف صَفِيَّة، وَقد تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ اللِّبَاسِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ قَوْلُ أَبِي طَلْحَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، هَلْ أَصَابَكَ شَيْءٌ؟، وَقَدْ تَرْجَمَ أَبُو دَاوُدَ نَحْوَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَسَاقَ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ.. الْحَدِيثَ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ فِي التَّرْجَمَةِ، قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ قَوْلِ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: دَخَلَ الزُّبَيْرُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ شَاكٍ فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، قَالَ: مَا تَرَكْتَ أَعْرَابِيَّتَكَ بَعْدُ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ، ثُمَّ قَالَ: لَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَاوِمُ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ فِي الصِّحَّةِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ صَرِيحُ الْمَنْعِ؛ بَلْ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ تَرْكُ الْأَوْلَى فِي الْقَوْلِ لِلْمَرِيضِ.
الشيخ: هذا ضعيف، التأويل هذا ضعيف.. ثم الحسن مدلس، ولم يدرك الزبير، أدرك جماعة لكن لعله لم يسمع منه، المقصود أن هذا فيه نظر، الأثر هذا دخل الزبير لم يقل سمعت الزبير، وكذلك مبارك بن فضالة ليس بذلك لتدليسه، الحاصل أن المقصود أن الأحاديث الصحيحة واضحة في هذا، وأنه لا شيء فيه، ولاسيما إذا قاله للعلماء والكبراء والأخيار الذين يرى أن حياتهم فيها مصلحة العباد وفيها الخير للمسلمين. أعد كلمته!
الطالب: وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ دَخَلَ الزُّبَيْرُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ شَاكٍ فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ.
الشيخ: هذا في حكم المرسل؛ لأنه ما سمع الزبير.
الطالب: قَالَ: مَا تَرَكْتَ أَعْرَابِيَّتَكَ بَعْدُ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ، ثُمَّ قَالَ: لَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَاوِمُ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ فِي الصِّحَّةِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ فِيهِ صَرِيحُ الْمَنْعِ، بَلْ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ تَرْكُ الْأَوْلَى فِي الْقَوْلِ لِلْمَرِيضِ.
إِمَّا بِالتَّأْنِيسِ وَالْمُلَاطَفَةِ، وَإِمَّا بِالدُّعَاءِ وَالتَّوَجُّعِ.
س: يقول ترك الأوْلى؟
الشيخ: حين قال: جعلني فداك، ترك الأوْلى، لو قال يعني شفاك الله وعافاك الله كان أوْلى، هذا المقصود.
الطالب: فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا سَاغَ ذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي دَعَا بِذَلِكَ كَانَ أَبَوَاهُ مُشْرِكَيْنِ، فَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَ أَبِي طَلْحَةَ كَانَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ، وَكَذَا أَبُو ذَرٍّ، وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ كَانَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ أَبَوَاهُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَسْوِيغِ قَوْلِ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُسَوَّغَ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ نَفْسَهُ أَعَزُّ مِنْ أَنْفُسِ الْقَائِلِينَ وَآبَائِهِمْ وَلَوْ كَانُوا أَسْلَمُوا، فَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ من كَلَام ابن أَبِي عَاصِمٍ، فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الأَصْل عدم الخصوصية، وَأخرج ابن أبي عَاصِم من حَدِيث ابنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لفاطمة: فدَاك أَبوك.
الشيخ: هذا إن صح قد يقال فيه إنه من جنس ما قال: تربت يداك، وثكلتك أمك، وعقرى وحلقاء، وأشباه ذلك من الكلمات التي لا تراد حقيقتها، وإنما يراد بها الإكرام والاحترام، ولا تراد بالحقيقة، هذا إذا قيل فليس بالبعيد وهو وجيه؛ فإن التفدية قد يكون في الأب والأم والأقارب يفدى بهم المسلمون، قد يكونون أفضل ممن قيل له ذلك؛ لكن من باب الإكرام ومن باب الاحترام، فهي كلمة تقال لا يقصد معانيها، ولهذا يقول النبي لعائشة: تربت يمينك، ويقول لمعاذ: ثكلتك أمك، وقال لصفية: عقراء حلقاء، إلى غير هذا، هذه أشياء يقولها الإنسان وليس قصده معانيها إنما القصد التأكيد على شيء أو الترهيب من شيء، إما التأكيد عليه لأنه شيء مطلوب ينبغي أن تفعله، تربت يمينك: يعني كيف تفرط في هذا الشيء أو أنه مرهوب ينبغي تركه، من باب التأكيد في الحث على شيء أو الترهيب من شيء، وليس القصد الحقيقة من أن أمه تفقده أو أنه يلتصق بالتراب فقرًا أو ما أشبه ذلك، فداك أبي أو فديتك قد يكون المقول له هذا الكلام ليس أهلاً لهذا المعنى ولكنه من باب التلطف ومن باب الإكرام يقول هذا الكلام، وليس يقصد المعنى، لو صح أثر ابن عمر هذا في قصة النبي ﷺ مع فاطمة. ومعلوم أن أباها خير منها، وأفضل سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، فلو صح هذا يكون هذا من باب التلطف بالكلام لا من باب الحقيقة.
الطالب: وَمن حَدِيث ابن مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: فِدَاكُمْ أَبِي وَأُمِّي، وَمَنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ ﷺ قَالَ مثل ذَلِك للْأَنْصَار.
الشيخ : العيني زاد شيء؟
الطالب: لا ما زاد، ما تكلم.
الشيخ: أبوه وأمه ماتا على الجاهلية عليه الصلاة والسلام، فلا يُستغرب هذا، لكن الإشكال فيما إذا قاله المؤمن وأبوه مؤمن وأمه مؤمنة وأقاربه، أو قال: فداك نفسي وهو في نفسه خير منه فهو من باب التلطف لا من باب الحقيقة، بل من باب الإكرام مثل ما يقول مثل ما تقدم: تربت يمينك، ثكلتك أمك، وما أشبه ذلك من الكلمات التي يقولها الإنسان في حث على شيء أو ترهيب من شيء.
س: .......
الشيخ: يعني يكون الشخص ..... فداء له من الحوادث والبلايا.
س: يعني عوضًا عنه؟
الشيخ: عوضًا عنه نعم، هذا هو الأصل يعني يفدي له حتى لا يقع عليه شيء، يعني إذا كان فيه شيء يكون فيهم لا فيه.
س: تقال مع كل أحد؟
الشيخ: ممكن مثل ما فعل النبي ﷺ في هذه الأخبار، ومثل ما فعل الصديق .
بَاب أَحَبِّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
6186 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقالوا: لاَ نَكْنِيكَ أَبَا القَاسِمِ وَلاَ كَرَامَةَ، فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: سَمِّ ابْنَكَ عَبْدَالرَّحْمَنِ.
بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: سَمُّوا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي
قَالَهُ أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ
الشيخ: وفي الحديث الآخر يقول ﷺ : أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن وهذا منها، وهذه إشارة إلى أن أحب الأسماء إلى الله ما عبد له ، ومن ذلك عبدالله وعبدالرحمن، وهكذا عبدالمجيد وعبدالقدير وعبدالسميع وعبدالبصير، وهكذا جميع الأسماء المعبّدة بأسمائه سبحانه وتعالى، وهكذا أسماء الأنبياء كصالح ومحمد وهود وشعيب وغيرهم.
س: .......
الشيخ: ما له أصل، خير الأسماء ما عبّد وحمّد ما له أصل.
س: أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن؟
الشيخ: رواه مسلم.
س: لكن في هذا الحديث ما فيه إيحاء إلى أنه من أحب الأسماء؟
الشيخ: قال : سمه عبدالرحمن فدل على أن اسم عبدالرحمن اسم طيب كأنه يشير إلى الرواية الأخرى التي ما هي على شرطه، أيش قال الشارح على الترجمة؟
الطالب: (قَوْلُهُ: بَابُ أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) وَرَدَ بِهَذَا اللَّفْظِ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ من طَرِيق نَافِع عَن ابن عمر رَفعه: إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ عَبْدُاللَّهِ وَعَبْدُالرَّحْمَنِ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ بَعْدَ بَابٍ، وَآخر عَن مُجَاهِد عِنْد ابن أَبِي شَيْبَةَ مِثْلُهُ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: يَلْتَحِقُ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ مَا كَانَ مِثْلَهُمَا كَعَبْدِالرَّحِيمِ وَعَبْدِالْمَلِكِ وَعَبْدِالصَّمَدِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ مَا هُوَ وَصْفٌ وَاجِبٌ لِلَّهِ، وَمَا هُوَ وَصْفٌ لِلْإِنْسَانِ وَوَاجِبٌ لَهُ وَهُوَ الْعُبُودِيَّةُ، ثُمَّ أُضِيفَ الْعَبْدُ إِلَى الرَّبِّ إِضَافَةً حَقِيقِيَّةً فَصَدَقَتْ أَفْرَادُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَشَرُفَتْ بِهَذَا التَّرْكِيبِ، فَحَصَلَتْ لَهَا هَذِهِ الْفَضِيلَةُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْحِكْمَةُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الِاسْمَيْنِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الْقُرْآنِ إِضَافَةُ عَبْدٍ إِلَى اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرِهِمَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدعُوهُ وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادعوا الرَّحْمَن وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي زُهَيْرٍ الثَّقَفِيِّ رَفَعَهُ: إِذَا سَمَّيْتُمْ فَعَبِّدُوا، وَمِنْ حَدِيثِ ابن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ: أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ مَا تُعُبِّدَ بِهِ وَفِي إِسْنَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا ضَعْفٌ.
الشيخ: وفيه أحاديث تركها المؤلف ولعله يأتي: وأصدقها حارث وهمام من رواية مسلم من حديث ابن عمر أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن وأصدقها حارث وهمام؛ لأن ابن آدم طبعه الحرث والهم، طبعه أن يكسب ويعمل ويهم بالأمور التي تعرض له، وهي صادقة عليه.
بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: سَمُّوا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي
قَالَهُ أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
6187 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقَالُوا: لاَ نَكْنِيهِ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: سَمُّوا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي.
6188 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ: قَالَ أَبُو القَاسِمِ ﷺ: سَمُّوا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي.
6189 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ المُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقَالُوا: لاَ نَكْنِيكَ بِأَبِي القَاسِمِ وَلاَ نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَسْمِ ابْنَكَ عَبْدَالرَّحْمَنِ.
الشيخ: وقد اختلف الناس: هل هذا النهي باق أو هذا في حياته ﷺ فقط؟ على قولين: أرجحهما أنه انتهى بموته ﷺ، وقد جاء في هذا حديث لا بأس به عن علي أن الرسول أذن له أن يسمي باسمه وأن يكني بكنيته بعد وفاته عليه الصلاة والسلام؛ لأن المقصود عدم الاشتباه، وبعد وفاته ﷺ زال الاشتباه، وإنما كان في حياته لأنه قد ينادى أبو القاسم فيظن أنه المراد هو عليه الصلاة والسلام، وبعد ذلك زال المعنى تعرض له الشارح في آخر الباب؟ أو العيني؟
الطالب: وَقد عقد الطَّحَاوِيّ فِي هَذَا بَابًا وَطول فِيهِ من الْأَحَادِيث والمباحث الْكَثِيرَة. فَأول مَا روى حَدِيث عَليّ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله! إِن ولد لي ولد أُسَمِّيهِ باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قَالَ: نعم. قَالَ: وَكَانَت رخصَة من رَسُول الله ﷺ لعَلي ثمَّ قَالَ: فَذهب قوم إِلَى أَنه لَا بَأْس بِأَن يكتني الرجل بِأبي الْقَاسِم، وَأَن يتسمى مَعَ ذَلِك بِمُحَمد، وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور. قلت: أَرَادَ بالقوم هَؤُلَاءِ: مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة ومالكاً وَأحمد فِي رِوَايَة، ثمَّ افترق هَؤُلَاءِ فرْقَتَيْن، فَقَالَت فرقه، وهم مُحَمَّد ابْن سِيرِين وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالشَّافِعِيّ: لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يتكنى بِأبي الْقَاسِم كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا أَو لم يكن، وَقَالَت فرقة أُخْرَى، وهم الظَّاهِرِيَّة وَأحمد فِي رِوَايَة: لَا يَنْبَغِي لمن تسمى بِمُحَمد أَن يتكنى بِأبي الْقَاسِم، وَلَا بَأْس لمن لم يتسم بِمُحَمد أَن يتكنى بِأبي الْقَاسِم. وَفِي حَدِيث الْبَاب عَن جَابر على مَا يَأْتِي النَّهْي عَن الْجمع بَينهمَا، أَعنِي: بَين الاسم والكنية، وَقيل: الْمَنْع فِي حَيَاته ﷺ للإيذاء، وَأبْعد بَعضهم فَمنع التَّسْمِيَة بِمُحَمد، وروى سَالم بن أبي الْجَعْد: كتب عمر إِلَى أهل الْكُوفَة: لَا تسموا باسم نَبِي، وروى أَبُو دَاوُد عَن الحكم بن عَطِيَّة عَن ثَابت عَن أنس رَفعه: تسمون أَوْلَادكُم مُحَمَّدًا ثمَّ تلعنوه؟ وَقَالَ الطَّبَرِيّ: يحمل النَّهْي على الْكَرَاهَة دون التَّحْرِيم، وَصحح الْأَخْبَار كلهَا، وَلَا تعَارض وَلَا نسخ، وَكَانَ إِطْلَاقه لعَلي فِي ذَلِك إعلاماً مِنْهُ أمته ليُفِيد جَوَازه مَعَ الْكَرَاهَة، وَترك الْإِنْكَار عَلَيْهِ دَلِيل الْكَرَاهَة.
الشيخ: أما تسمية "محمد" فقد جاء النص في ذلك، فقد سمى الصديق محمدًا في آخر حياة النبي ﷺ، فإنه سمى ولده محمدًا وهو ولد في ذي الحليفة في حجة الوداع، ومحمد بن مسلمة المعروف.. وإنما الكلام في التكني بكنيته عليه الصلاة والسلام فهذا يظهر...... كما في رواية علي أنه كان في حياته لا بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، أيش قال الحافظ؟
الطالب: قَالَ النَّوَوِيُّ: اخْتُلِفَ فِي التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبٍ: الْأَوَّلُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا أَمْ لَا، ثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَالثَّانِي: الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَيَخْتَصُّ النَّهْيُ بِحَيَاتِهِ ﷺ، وَالثَّالِثُ: لَا يَجُوزُ لِمَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا يَفْعَلُونَهُ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَأَمَّا إِطْبَاقُ النَّاسِ عَلَيْهِ فَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِلْمَذْهَبِ الثَّانِي، وَكَأَنَّ مُسْتَنَدَهُمْ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمُشَارِ إِلَيْهِ قَبْلُ أَنَّهُ ﷺ كَانَ فِي السُّوقِ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: لَمْ أَعْنِكَ، فَقَالَ: سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تُكَنُّوا بِكُنْيَتِي، قَالَ: فَفَهِمُوا مِنَ النَّهْيِ الِاخْتِصَاصَ بِحَيَاتِهِ لِلسَّبَبِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ زَالَ بَعْدَهُ ﷺ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَهَذَا السَّبَبُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ، فَمَا خَرَجَ صَاحِبُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ عَنِ الظَّاهِرِ إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَمِمَّا نُنَبِّهُ عَلَيْهِ أَنَّ النَّوَوِيَّ أَوْرَدَ الْمَذْهَبَ الثَّالِثَ مَقْلُوبًا فَقَالَ: يَجُوزُ لِمَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ دُونَ غَيْرِهِ، وَهَذَا لَا يُعْرَفُ بِهِ قَائِلٌ، وَإِنَّمَا هُوَ سَبْقُ قَلَمٍ، وَقَدْ حَكَى الْمَذَاهِبَ الثَّلَاثَةَ فِي الْأَذْكَارِ عَلَى الصَّوَابِ، وَكَذَا هِيَ فِي الرَّافِعِيِّ، وَمِمَّا تَعَقَّبَهُ السُّبْكِيُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَجَّحَ مَنْعَ التَّكْنِيَةِ بِأَبِي الْقَاسِمِ مُطْلَقًا، وَلِمَا ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي خُطْبَةِ الْمِنْهَاجِ كناه فَقَالَ الْمُحَرِّرُ: لِلْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ الرَّافِعِيِّ، وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ لِلْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ فَقَطْ أَوْ يُسَمِّيهِ بِاسْمِهِ وَلَا يُكَنِّيهِ بِالْكُنْيَةِ الَّتِي يَعْتَقِدُ الْمُصَنِّفُ مَنْعَهَا، وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى اخْتِيَارِ الرَّافِعِيِّ الْجَوَازَ أَوْ إِلَى أَنَّهُ مُشْتَهِرٌ بِذَلِكَ، وَمَنْ شُهِرَ بِشَيْءٍ لَمْ يَمْتَنِعْ تَعْرِيفُهُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ هَذَا الْقَصْدِ فَإِنَّهُ لَا يُسَوَّغُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَبِالْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ قَالَ الظَّاهِرِيَّةُ، وَبَالَغَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُسَمِّيَ ابْنَهُ الْقَاسِمَ لِئَلَّا يَكُنَّى أَبَا الْقَاسِمِ، وَحَكَى الطَّبَرِيُّ مَذْهَبًا رَابِعًا وَهُوَ الْمَنْعُ مِنِ التَّسْمِيَةِ بِمُحَمَّدٍ مُطْلَقًا، وَكَذَا التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ مُطْلَقًا، ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدٍ: كَتَبَ عُمَرُ: لَا تُسَمُّوا أَحَدًا بِاسْمِ نَبِيٍّ، وَاحْتَجَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْقَوْلِ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ: يُسَمُّونَهُمْ مُحَمَّدًا ثُمَّ يَلْعَنُونَهُمْ وَهُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى أَيْضًا وَسَنَدُهُ لَيِّنٌ، قَالَ عِيَاضٌ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ إِعْظَامًا لِاسْمِ النَّبِيِّ ﷺ لِئَلَّا يُنْتَهَكَ، وَقَدْ كَانَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِمُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ: يَا مُحَمَّدُ فَعَلَ اللَّهُ بِكَ وَفَعَلَ، فَدَعَاهُ وَقَالَ: لَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُسَبُّ بِكَ، فَغَيَّرَ اسْمَهُ، قُلْتُ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عبدالرَّحْمَن بن أبي ليلى: نظر عمر إِلَى ابن عَبْدِالْحَمِيدِ وَكَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا وَرَجُلٌ يَقُولُ لَهُ: فَعَلَ اللَّهُ بِكَ يَا مُحَمَّدُ، فَأَرْسَلَ إِلَى ابن زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: لَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يسب بك، فَسَمَّاهُ عَبْدَالرَّحْمَنِ، وَأَرْسَلَ إِلَى بَنِي طَلْحَةَ وَهُمْ سَبْعَةٌ لِيُغَيِّرَ أَسْمَاءَهُمْ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ وَهُوَ كَبِيرُهُمْ: وَاللَّهِ لَقَدْ سَمَّانِي النَّبِيُّ ﷺ مُحَمَّدًا، فَقَالَ: قُومُوا فَلَا سَبِيلَ إِلَيْكُمْ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ ذَلِكَ. وَحَكَى غَيْرُهُ مَذْهَبًا خَامِسًا: وَهُوَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا فِي حَيَاتِهِ، وَالتَّفْصِيلُ بَعْدَهُ بَيْنَ مَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ فَيَمْتَنِعُ وَإِلَّا فَيَجُوزُ.
الشيخ: يكفي، الأرجح هذا، الأرجح أنه يجوز بعد وفاته ﷺ دون حياته.
بَاب اسْمِ الحَزْنِ
6190 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ قَالَ: حَزْنٌ، قَالَ: أَنْتَ سَهْلٌ قَالَ: لاَ أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: فَمَا زَالَتِ الحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، وَمَحْمُودٌ هُوَ ابْنُ غَيْلاَنَ، قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، بِهَذَا.
س: .......
الشيخ: لعله قبل أن يسلم؛ لكن ما بلغنا أنه غيّره، شف حزن في التقريب.
س: معنى قوله : فلا زالت الحزونة فينا؟
الشيخ: من الحزن يعني كلمة حزن يعني كأنها نوع غربة، ما قبلوا الاسم الذي قاله النبي ﷺ سهل.
س: بعد وفاة أبيهم ما يجوز لهم تغييره؟
الشيخ: لا، اشتهر ولم يغير في حياته، ولو مات لا تغير أسماؤه.
الطالب: حَزْن بوزن الذي قبله لكن آخره نون، ابن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم صحابي استشهد باليمامة وهو جد سعيد ابن المسيب. "خ د"
بَاب تَحْوِيلِ الِاسْمِ إِلَى اسْمٍ أَحْسَنَ مِنْهُ
6191 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: أُتِيَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ حِينَ وُلِدَ، فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ، وَأَبُو أُسَيْدٍ جَالِسٌ، فَلَهَا النَّبِيُّ ﷺ بِشَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَمَرَ أَبُو أُسَيْدٍ بِابْنِهِ، فَاحْتُمِلَ مِنْ فَخِذِ النَّبِيِّ ﷺ، فَاسْتَفَاقَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: أَيْنَ الصَّبِيُّ فَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: قَلَّبْنَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مَا اسْمُهُ قَالَ: فُلاَنٌ، قَالَ: وَلَكِنْ أَسْمِهِ المُنْذِرَ فَسَمَّاهُ يَوْمَئِذٍ المُنْذِرَ.
الشيخ: شدد عندك قلبناه وإلا قلبناه بالتخفيف، قلبناه صرفناه يعني ؟
الطالب: قَوْلُهُ: قَلَّبْنَاهُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ سَاكِنَةٌ أَيْ: صَرَفْنَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَذكر ابن التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ أَقْلَبْنَاهُ بِزِيَادَةِ هَمْزَةٍ أَوَّلَهُ، قَالَ: وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا، وَأَثْبَتَهَا غَيْرُهُ لُغَةً.
س: قلبناه بالتخفيف والتشديد سواء؟
الشيخ: التشديد ما ذكر غيره! العيني ذكر شيء؟
الطالب: ما تكلم على التشديد؟
الشيخ: لا بالتشديد ولا بالتخفيف؟ ما ضبطه.
الطالب: ما ضبطه!
الشيخ: اللي أعرفه في اللغة هو التخفيف والتشديد قلبه مرة واحدة قلّبه إذا كثر التقليب مرتين ثلاث، أما قلَبناه صرفناه يعني. القاموس شف قلب.
6192 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ، فَقِيلَ: تُزَكِّي نَفْسَهَا، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَيْنَبَ".
6193 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُالحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، فَحَدَّثَنِي: أَنَّ جَدَّهُ حَزْنًا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ قَالَ: اسْمِي حَزْنٌ، قَالَ: بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ قَالَ: مَا أَنَا بِمُغَيِّرٍ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: فَمَا زَالَتْ فِينَا الحُزُونَةُ بَعْدُ.
بَاب مَنْ سَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ
وَقَالَ أَنَسٌ: «قَبَّلَ النَّبِيُّ ﷺ إِبْرَاهِيمَ، يَعْنِي ابْنَهُ»
6194 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: قُلْتُ لِابْنِ أَبِي أَوْفَى: رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ ﷺ؟ قَالَ: مَاتَ صَغِيرًا، وَلَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ﷺ نَبِيٌّ عَاشَ ابْنُهُ، وَلَكِنْ لاَ نَبِيَّ بَعْدَهُ.
الشيخ: الشاهد من هذا أنه سماه إبراهيم؛ فدل على جواز التسمية بأسماء الأنبياء، وسمى الصديق محمدًا في آخر حياة النبي ﷺ.
س: قول ابن أبي أوفى: لو قضي أن يكون نبيًا لعاش؟
الشيخ: ما أدري أيش وجهه، الله أعلم.
الطالب: تعرض له الحافظ؟
الشيخ: أيش قال؟
الطالب: قَوْلُهُ: وَلَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ نَبِيٌّ عَاشَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ وَلَكِنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، هَكَذَا جَزَمَ بِهِ عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ، وَقد توارد عَلَيْهِ جمَاعَة فَأخْرج ابن ماجه من حَدِيث ابن عَبَّاس قَالَ: لما مَاتَ إِبْرَاهِيم ابن النَّبِيِّ ﷺ صَلَّى عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ لَوْ عَاشَ لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَلَأَعْتَقْتُ أَخْوَاله القبط، وروى أَحْمد وابن مَنْدَه من طَرِيق السّديّ سَأَلت أنسًا: كم بَلَغَ إِبْرَاهِيمُ؟ قَالَ: كَانَ قَدْ مَلَأَ الْمَهْدَ وَلَوْ بَقِيَ لَكَانَ نَبِيًّا وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ لِيَبْقَى لِأَنَّ نَبِيَّكُمْ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَفْظُ أَحْمَدَ: لَو عَاشَ إِبْرَاهِيم ابن النَّبِيِّ ﷺ لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقِصَّةَ، فَهَذِهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٌ عَنْ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا ذَلِكَ فَلَا أَدْرِي مَا الَّذِي حَمَلَ النَّوَوِيُّ فِي تَرْجَمَةِ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ مِنْ كِتَابِ تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ عَلَى اسْتِنْكَارِ ذَلِكَ وَمُبَالَغَتِهِ حَيْثُ قَالَ: هُوَ بَاطِلٌ وَجَسَارَةٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُغَيَّبَاتِ وَمُجَازَفَةٌ وَهُجُومٌ عَلَى عَظِيمٌ مِنَ الزَّلَلِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَحْضَرَ ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ فَرَوَاهُ عَن غَيرهم مِمَّن تَأَخّر عَنْهُم فَقَالَ ذَلِك، وَقد استنكر قبله ابن عَبْدِالْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فَقَالَ: هَذَا لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَقَدْ وَلَدَ نُوحٌ مَنْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ، وَكَمَا يَلِدُ غَيْرُ النَّبِيِّ نَبِيًّا، فَكَذَا يَجُوزُ عَكْسُهُ حَتَّى نُسِبَ قَائِلُهُ إِلَى الْمُجَازَفَةِ وَالْخَوْضِ فِي الْأُمُورِ الْمُغَيَّبَةِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، مَعَ أَنَّ الَّذِي نُقِلَ عَنِ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ إِنَّمَا أَتَوْا فِيهِ بقضية شَرْطِيَّة.
الطالب: يا شيخ القاموس، قلبه يقلبه: حوله عن وجهه كأقلبه وقلّبه وأصاب فؤاده، يقلبه ويقلبه والشيء: حوله ظهرًا لبطن كقلبه ... فلان إليه توفاه فأقلبه والنخلة نزع قلبها.
الشيخ: المقصود ذكر لها لغات ثلاث: التخفيف والتشديد وزيادة الألف.
6195 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الجَنَّةِ.
6196 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: سَمُّوا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي، فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ وَرَوَاهُ أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
6197 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: سَمُّوا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي، وَمَنْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.
6198 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: وُلِدَ لِي غُلاَمٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ، وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِي مُوسَى.
الشيخ: تكلم عليه الشارح؟
الطالب: قَوْلُهُ: وَكَانَ أَكْبَرُ وَلَدِ أَبِي مُوسَى، هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ أَبَا مُوسَى كُنِّيَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَكُنِّيَ بِابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ كَانَ يُكَنَّى أَبَا إِبْرَاهِيم.
الشيخ: العيني؟
الطالب: الحديث مضى في العقيقة.
الشيخ: ماشي نعم.
س: مرضعة في الجنة خاص بإبراهيم؟
الشيخ: الأصل هو هذا، الأصل هو الوقوف على النصوص.
س: قوله ﷺ: مَنْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَقَدْ رَآنِي؟
الشيخ: فإن الشيطان لا يتمثل بصورتي، يعني: رآه حقيقة على صورته، ربعة من الرجال، أبيض مشرب بحمرة، كث اللحية، أسود اللحية إلا شعرات قليلة من الشيب، يعني على صورته التي هو عليها، اللهم صل عليه وسلم.
بَاب تَسْمِيَةِ الوَلِيدِ
6200 - أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا رَفَعَ النَّبِيُّ ﷺ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ.
الشيخ: وهذا مما يتعلق بالقنوت في النوازل، وتقدمت جملة من الأحاديث في قنوت النوازل في سنن أبي داود، وجاء بعضها في الصحيح في صحيح البخاري وصحيح مسلم، وهذا شيء معلوم من السُّنة أنه كان عليه الصلاة والسلام يقنت في النوازل إذا نزل بالمسلمين نازلة من هجوم عدو أو عُدْوان عدو على المسلمين أو ما أشبه ذلك مما يضر المسلمين، قنت، وكان يقنت حين كان جماعة من المستضعفين في مكة قبل الفتح، يقنت يدعو لهم، إذا رفع رأسه من الركوع الغالب في صلاة الفجر، وربما قنت في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، لكن الغالب أنه يقنت في صلاة الفجر، ومن ذلك ما رواه أبو هريرة هنا وغيره أنه كان يقول بعدما يرفع رأسه من الركوع: اللهم أنج الوليد بن الوليد وهذا أخو خالد بن الوليد وكان مستضعفًا في مكة أسلم واحتجزه قومه بنو مخزوم، اللهم أنج عياش بن ربيعة، اللهم أنج سلمة بن هشام أخو أبي جهل، اللهم أنج المستضعفين في مكة، اللهم اشدد وطأتك على مضر يعني على كفار مضر، وهم رهط قريش، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف يعني في الشدة، يعني لعلهم يستجيبون، لعلهم يرجعون إلى الصواب، فلما أسلموا ترك ذلك، لما أسلموا وجاؤوا إلى المدينة ترك ذلك، وتقدم أن أبا هريرة قال له في ذلك فقال: أو ما تراهم قد حضروا؟! المقصود أن هذا فيه دلالة على أن ولي الأمر وهكذا نوابه يدعون الله على المشركين، ويدعون الله للمسلمين في قنوت النوازل، وهو شيء مؤقت لا يستمر، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يشرع الاستمرار في القنوت دائما في صلاة الفجر، وأن هذا باق لم ينسخ، وذهب آخرون إلى أنه ليس بباق بل هو منسوخ، وإنما المستمر القنوت في النوازل، أما القنوت دائماً في الفجر فهذا منسوخ وليس بثابت، وإنما هو قنوت في النوازل، وهذا هو أرجح القولين؛ لما روى الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وجماعة بإسناد جيد عن سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي وهو أبو مالك الأشجعي قال: قلت لأبي: يا أبت إنك صليت خلف رسول الله وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أفكانوا يقنتون في الفجر يعني دائمًا؟ فقال: أي بني مُحدَث. فدل ذلك على أن هذا هو الأرجح، وأما ما يروى أنه قنت دائمًا في الصبح من حديث أنس فقد ضعفه العلماء؛ لأن في روايته من لا يحتج به.
س: .......
الشيخ: ما أعرف وجه هذا، لو قال المؤلف: باب تسمية من يُدعى له أو يُدعى عليه من غير التنصيص بالوليد.. إلا أنه يعني اقتصر على ذكر بعض ما ورد بعينه كما في الحديث: الوليد بن الوليد، لكن لا يظهر وجه التسمية، لو قال: باب تسمية المدعو له في القنوت كان أشمل وأوضح.
س : أليس مقصوده الرد على بعض الفقهاء الذين كرهوا التسمية بالوليد؟
الشيخ: لعله هذا، هذا أقرب، لعل هذا مراده رحمه الله ....... يعني المسمى في القنوت، أيش قال الشارح عليه؟
الطالب: (قَوْله: بَاب تَسْمِيَة الْوَلِيد) ورد فِي كَرَاهَة هَذَا الِاسْمِ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابن مَسْعُودٍ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُسَمِّي الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَوْ وَلَدَهُ حَرْبًا أَوْ مُرَّةَ أَوْ وَلِيدًا.. الْحَدِيثَ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَوَرَدَ فِيهِ أَيْضًا حَدِيثٌ آخَرُ مُرْسَلٌ أَخْرَجَهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِهِ قَال:َ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ السَّكْسَكِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُالرَّزَّاقِ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ أَمَالِيهِ عَنْ مَعْمَرٍ كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: وُلِدَ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ وَلَدٌ فَسَمَّاهُ الْوَلِيدَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: سَمَّيْتُمُوهُ بِأَسْمَاءِ فَرَاعِنَتِكُمْ، لَيَكُونَنَّ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْوَلِيدُ هُوَ أَشَرُّ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ فِرْعَوْنَ لِقَوْمِهِ قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: فَكَانُوا يَرَوْنَهُ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِالْمَلِكِ، ثُمَّ رَأَيْنَا أَنَّهُ الْوَلِيدَ بْنَ يَزِيدَ لِفِتْنَةِ النَّاسِ بِهِ حِينَ خَرَجُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَانْفَتَحَتِ الْفِتَنُ عَلَى الْأُمَّةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَكَثُرَ فِيهِمُ الْقَتْلُ، وَفِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ مِنَ الزِّيَادَةِ غَيَّرُوا اسْمَهُ فَسَمَّوْهُ عَبْدَاللَّهِ، وَبَيَّنَ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّهُ أَخُو أُمِّ سَلَمَةَ لِأُمِّهَا، وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ رِوَايَةِ الْحَارِثِ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ فَزَادَ فِيهِ: قَالَ حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ بِهِ، فَزَاد فِيهِ: عمر؛ فَادّعى ابن حِبَّانَ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ، فَقَالَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ فِي تَرْجَمَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ: هَذَا خَبَرٌ بَاطِلٌ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلَا رَوَاهُ عُمَرُ وَلَا حَدَّثَ بِهِ سَعِيدٌ وَلَا الزُّهْرِيُّ وَلَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ ثُمَّ أَعَلَّهُ بِإِسْمَاعِيلَ بن عَيَّاش، وَاعْتمد ابن الْجَوْزِيّ على كَلَام ابن حِبَّانَ فَأَوْرَدَ الْحَدِيثَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ فَلَمْ يُصِبْ؛ فَإِنَّ إِسْمَاعِيلَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ انْفِرَادِهِ فَإِنَّمَا انْفَرَدَ بِزِيَادَةِ عُمَرَ فِي الْإِسْنَادِ وَإِلَّا فَأَصْلُهُ كَمَا ذَكَرْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْهُ وَعِنْدَ مَعْمَرٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ، فَإِنْ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ تَلَقَّاهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَهُوَ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ شَاهِدًا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْرَجَهُ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَي النَّبِيِّ ﷺ وَعِنْدِي غُلَامٌ مِنْ آلِ الْمُغِيرَةِ اسْمُهُ الْوَلِيدُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: الْوَلِيدُ، قَالَ: قَدِ اتَّخَذْتُمُ الْوَلِيدَ حَنَّانًا، غَيِّرُوا اسْمَهُ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ فِرْعَوْنُ يُقَالُ لَهُ الْوَلِيدُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْوَلِيدِ مَوْصُولًا بِذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنِ اسْتُخْلِفَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ وَإِلَّا فَهُوَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِالْمَلِكِ، قُلْتُ: وَعِنْدِي أَنَّ ذِكْرَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ مِنْ أَوْهَامِ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ أَوْمَأَ إِلَيْهِ كَعَادَتِهِ وَأَوْرَدَ فِيهِ الْحَدِيثَ الدَّالَّ عَلَى الْجَوَازِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ ﷺ كَعَادَتِهِ فَإِنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ الدَّلَالَةَ عَلَى أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ الْمَذْكُورَ قَدْ قَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا كَمَا مَضَى فِي الْمَغَازِي وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ ﷺ غَيَّرَ اسْمَهُ، وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِتَغْيِيرِ اسْمِ الْوَلِيدِ فَذَلِكَ اسْمُ وَلَدِ الْمَذْكُورِ فَغَيَّرَهُ فَسَمَّاهُ عَبْدَاللَّهِ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي تَرْجَمَةِ الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَيُّوبَ الْمَخْزُومِيِّ فِي قصَّة موت الْوَلِيد بن الْوَلِيد بعد أَن جَاءَ إِلَى الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهِيَ تَقُولُ: ابْكِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَبَا الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ: إِنْ كِدْتُمْ لَتَتَّخِذُونَ الْوَلِيد حنانًا فَسَماهُ عبدالله. وَوَصله ابن مَنْدَهْ مِنْ وَجْهٍ وَاهٍ إِلَى أَيُّوبَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَهُ، وَمِنْ شَوَاهِدِ الْحَدِيثِ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ قَالَ: الْوَلِيدُ اسْمُ فِرْعَوْنَ، هَادِمِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، يَبُوءُ بِدَمِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَكِنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ جِدًّا.
الشيخ: الخلاصة أن تسمية الوليد لا حرج فيها ولا بأس، وقد أقر النبي ﷺ الوليد بن الوليد ولم يغير اسمه، وغيره كذلك، الوليد بن عقبة بن أبي معيط عاش دهرًا طويلا في عهده ﷺ وعهد الصديق وعهد عمر ومات بعد ذلك ولم يغير اسمه، فالأحاديث التي في النهي عن تسمية الوليد كلها واهية وغير صحيحة، فالصواب ما قاله ابن الجوزي في اعتبارها في الموضوعات، وكما قال ابن حبان، وهذه الطرق متعددة واهية لا يلتفت إليها، وبنو أمية لهم أعداء ولهم خصوم في دولة بني العباس وضعوا عليهم أحاديث كثيرة، وكذبوا عليهم في أحاديث كثيرة؛ لأن في بني أمية الوليد بن عبدالملك والوليد بن يزيد فأرادوا التشنيع عليهم بهذه الأسماء، والوليد بن عبدالملك ليس ممن يوصف بهذه الوصف فله حسنات عظيمة وجهاد كبير، وإن كان له أخطاء، والوليد بن يزيد فاسق ولكن ليس في درجة فرعون وأشباه فرعون، المقصود أن هذا الحديث واهٍ بل موضوع، ولكن تواردت عليه أشياء مما يوثقها خصوم الدولة والضعفاء ومن لا يميز بين الغث والسمين ومن له هوى، فالحاصل أن هذا ليس بشيء مثل ما قال ابن الجوزي وابن حبان رحمهما الله.
بَاب مَنْ دَعَا صَاحِبَهُ فَنَقَصَ مِنَ اسْمِهِ حَرْفًا
وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: يَا أَبَا هِرٍّ
6201 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا عَائِشَ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ قُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، قَالَتْ: وَهُوَ يَرَى مَا لاَ نَرَى.
الشيخ: وهذه منقبة لعائشة رضي الله عنها، وأعظم من ذلك منقبة خديجة حين جاء جبريل يقرأ عليها من ربها السلام ويبشرها ببيت في الجنة من قصب لا نصب فيه ولا وصب، رضي الله عن الجميع.
6202 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ فِي الثَّقَلِ، وَأَنْجَشَةُ غُلاَمُ النَّبِيِّ ﷺ يَسُوقُ بِهِنَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: يَا أَنْجَشُ، رُوَيْدَكَ سَوْقَكَ بِالقَوَارِيرِ.
بَاب الكُنْيَةِ لِلصَّبِيِّ وَقَبْلَ أَنْ يُولَدَ لِلرَّجُلِ
6203 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُالوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ - قَالَ: أَحْسِبُهُ - فَطِيمًا، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ، فَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلاَةَ وَهُوَ فِي بَيْتِنَا، فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِي تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ، ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِنَا.
الشيخ: وهذا فيه دلالة على أنه لا بأس أن يُكنى الإنسان وإن كان صغيرًا، إذا قال أبو عمير وأبو فلان وأبو عبدالله لا بأس بهذا، هذا واقع كثيرًا، منها تسمية عائشة بأم عبدالله ولم يولد لها على الصحيح، فالحاصل أنه لا بأس أن يُكنى الإنسان وإنْ لم يولد له وإن كان صغيراً، ولهذا كان النبي يقول لأخٍ لأنس صغير يكنى أبا عمير فيكنيه النبي يقول: يا أبا عمير ما فعل النغير من باب المداعبة والملاطفة منه عليه الصلاة والسلام، وكان أحسن الناس خلقًا عليه الصلاة والسلام.
وفيه أيضاً من الفوائد: جواز صيد البر وإدخاله الحرم، فإن النغير ما يُصاد في الحرم، احتج به العلماء على أنه لا بأس أن يُصاد في الخارج ويدخل به الحرم حيًّا، ومثل ذلك حرم مكة لأن الحكم واحد في المعنى؛ لأنه صاده في محل لا حرج عليه فيه فأشبه دخول المحرم مكة إحرام من أراد الحج والعمرة وعنده زوجة فإنه يبقيها ولكن لا ينكح وهو محرم، أما كونه تبقى معه زوجته ولا يطلق فهذا أمر معلوم بالنص والإجماع، هكذا لا يصيد في الحرم ولكن إذا دخل الحرم بصيد قد صاده في الحل فلا حرج عليه في أصح قولي العلماء.
س: .......
الشيخ: هذا في قصة أخرى، كان النبي ﷺ زار بيت أنس، جدة له دعته إلى طعام فزارهم ثم قال: قوموا فلأصلِّيَ لَكُم فقاموا إلى حصير كنسوا مما عليه ورشوه بالماء، وصلى عليه النبي ومن معه من أهل البيت صلاة الضحى.
س: يؤخذ من الحديث جواز حبس الطيور؟
الشيخ: كذلك إذا لم تُظلم، إذا أُعطيت طعامها وشرابها لا بأس، مثل النغر ومثل الببغاء وأشباهه.
بَاب التَّكَنِّي بِأَبِي تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ كُنْيَةٌ أُخْرَى
6204 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: إِنْ كَانَتْ أَحَبَّ أَسْمَاءِ عَلِيٍّ إِلَيْهِ لَأَبُو تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ أَنْ يُدْعَى بِهَا، وَمَا سَمَّاهُ أَبُو تُرَابٍ إِلَّا النَّبِيُّ ﷺ، غَاضَبَ يَوْمًا فَاطِمَةَ فَخَرَجَ، فَاضْطَجَعَ إِلَى الجِدَارِ إِلَى المَسْجِدِ، فَجَاءَهُ النَّبِيُّ ﷺ يَتْبَعُهُ، فَقَالَ: هُوَ ذَا مُضْطَجِعٌ فِي الجِدَارِ، فَجَاءَهُ النَّبِيُّ ﷺ وَامْتَلَأَ ظَهْرُهُ تُرَابًا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ وَيَقُولُ: اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ.
الشيخ: وهذا أيضًا فيه الدلالة على حُسن خلقه ﷺ وتواضعه، لما صار بين علي وبين فاطمة بعض الشيء مما يكون بين الرجل وأهله خرج مغاضبًا لها وذهب إلى المسجد واضطجع فيه فجاءه النبي ﷺ وقد علق به التراب من تراب المسجد، كان المسجد غير مفروش، كانوا يصلون على التراب، فجعل النبي ﷺ ينفض التراب عنه عليه الصلاة والسلام، ويقول له: قم أبا تراب، قم أبا تراب قم يا أبا تراب فكان علي يحب هذه الكنية؛ لأن النبي سماه بها عليه الصلاة والسلام، فهذا يدل على جواز التسمية بمثل هذا بأدنى مناسبة، التسميات تكون بأدنى مناسبة، والكنى والألقاب كذلك، ويدل على أنه لا بأس أن يكون الإنسان له كنيتان أبو علي وأبو عبدالله، وأبو محمد وأبو صالح، وهكذا؛ لا بأس أن يكون عنده كنى.
س: .......
الشيخ: لا، المحرم لا يَنكح ولا يُنكح، كما جاء في الحديث الصحيح يقول ﷺ: لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب أيضاً، ولا يخطب النساء أيضاً ما دام مُحرِمًا.
س: والشهادة للمحرم في النكاح؟
الشيخ: ما أعلم فيه شيئًا؛ لأنه ليس بناكح ولا منكح.
بَاب أَبْغَضِ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ
6205 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاَكِ.
6206 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، - رِوَايَةً - قَالَ: أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ - وَقَالَ سُفْيَانُ: غَيْرَ مَرَّةٍ -: أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاَكِ.
الشيخ: ولا يخفى أن هذا منكر من القول؛ لأن ملك الأملاك هو الله وحده ، فلهذا أنكر النبي ﷺ هذا وأخبر أنه أخنى اسم عند الله، وأخنع وأوضع اسم عند الله، ولهذا يجب إنكار مثل هذا، ملك الأملاك أو ملك الملوك أو خالق الخلق أو رازق العباد أو الخلاق أو الرزاق، أو ما أشبه هذا مما يختص بالله لا يجوز التسمي به.
س: التسمي بقاضي القضاة؟
الشيخ: لا ينبغي هذا؛ لأن قاضي القاضاة معناه حاكم الحكام، وترجم له الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله باب التسمي بقاضي القضاة ونحوه، أراد بهذا بيان أنه ما ينبغي؛ لأن حاكم الحكام قريب من معنى ملك الأملاك؛ فلا ينبغي، لكن قاضي قضاة بلد فلان أسهل، كونه يقول: قاضي قضاة دمشق، قاضي قضاة مصر، قاضي قضاة الرياض؛ هذا أسهل؛ لأنه مختص، وأحسن من هذا: رئيس، رئيسهم أو كبيرهم، أحسن من هذا!
الشيخ: نعم، وهذا جاء في الرواية الأخرى مثل: شاهن شاه؛ لأن شاهن شاه عند العجم معناه ملك الملوك.