بَاب حَرْقِ الحَصِيرِ لِيُسَدَّ بِهِ الدَّمُ
5722 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ القَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: «لَمَّا كُسِرَتْ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ البَيْضَةُ، وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي المِجَنِّ، وَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى المَاءِ كَثْرَةً، عَمَدَتِ الى حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا، وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَرَقَأَ الدَّمُ».
الشيخ: نعم كله من الأسباب.
بَاب الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ
5723 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ عَبْدُاللَّهِ، يَقُولُ: اكْشِفْ عَنَّا الرِّجْزَ.
الشيخ: وهكذا الدعاء من الأسباب، نفس الدعاء من الأسباب، الصلوات والعبادات من الأسباب، وصلة المحارم من الأسباب.
5724 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَتْ إِذَا أُتِيَتْ بِالْمَرْأَةِ قَدْ حُمَّتْ تَدْعُو لَهَا، أَخَذَتِ المَاءَ، فَصَبَّتْهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَيْبِهَا، قَالَتْ: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُنَا أَنْ نَبْرُدَهَا بِالْمَاءِ».
5725 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ.
5726 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: الحُمَّى مِنْ فَوْحِ جَهَنَّمَ، فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ.
الشيخ: أيش قال على أول الترجمة؟
الطالب: قَوْله: (بَاب الْحُمَّى مِنْ فَيْح جَهَنَّم) بِفَتْحِ الْفَاء وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة بَعْدهَا مُهْمَلَة، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث رَافِع آخِر الْبَاب "مِنْ فَوْحِ" بِالْوَاوِ، وَتَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثه فِي صِفَة النَّار بِلَفْظِ: "فَوْر" بِالرَّاءِ بَدَل الْحَاء وَكُلّهَا بِمَعْنًى، وَالْمُرَاد سُطُوع حَرّهَا وَوَهَجه. وَالْحُمَّى أَنْوَاع كَمَا سَأَذْكُرُهُ. وَاخْتُلِفَ فِي نِسْبَتهَا إِلَى جَهَنَّم فَقِيلَ حَقِيقَة، وَاللَّهَب الْحَاصِل فِي جِسْم الْمَحْمُوم قِطْعَة مِنْ جَهَنَّم، وَقَدَّرَ اللَّه ظُهُورهَا بِأَسْبَابٍ تَقْتَضِيهَا لِيَعْتَبِر الْعِبَاد بِذَلِكَ، كَمَا أَنَّ أَنْوَاع الْفَرَح وَاللَّذَّة مِنْ نَعِيم الْجَنَّة، أَظْهَرهَا فِي هَذِهِ الدَّار عِبْرَة وَدَلَالَة. وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيث أَخْرَجَهُ الْبَزَّار مِنْ حَدِيث عَائِشَة بِسَنَدٍ حَسَن، وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عِنْد أَحْمَد، وَعَنْ أَبِي رَيْحَانَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ، وَعَنْ اِبْن مَسْعُود فِي مُسْنَد الشِّهَاب: "الْحُمَّى حَظّ الْمُؤْمِن مِنْ النَّار" وَهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيث الْأَمْر بِالْإِبْرَادِ أَنَّ شِدَّة الْحَرّ مِنْ فَيْح جَهَنَّم وَأَنَّ اللَّه أَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ، وَقِيلَ: بَلْ الْخَبَر وَرَدَ مَوْرِد التَّشْبِيه.
الشيخ: يكفي، الصواب هو العمل بالظواهر وترك التأويلات التي ما لها سمع، لكن بعض الناس مولع بالتأويل ولا يرتاح باله إلا بالتأويل، ولا مانع من أن يكون هذا شيء من جهنم، والله على كل شيء قدير، كما أن فيح جهنم في شدة الحر كذلك.
بَاب مَنْ خَرَجَ مِنْ أَرْضٍ لاَ تُلاَيِمُهُ
5727 - حَدَّثَنَا عَبْدُالأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُمْ: "أَنَّ نَاسًا، أَوْ رِجَالًا، مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ، قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَتَكَلَّمُوا بِالإِسْلاَمِ، وَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، وَاسْتَوْخَمُوا المَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِذَوْدٍ وَبِرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى كَانُوا نَاحِيَةَ الحَرَّةِ، كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ، وَأَمَرَ بِهِمْ فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ، وَتُرِكُوا فِي نَاحِيَةِ الحَرَّةِ، حَتَّى مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ".
الشيخ: لأنهم جمعوا بين عدة جرائم: قتلوا الراعي، وسمروا عينه، ونهبوا المال، وكفروا النعمة، وكفروا بالله ورسوله، فلهذا تنوعت عقوباتهم ...... القصاص... جزاء قطاع الطريق، السمر قصاصًا، تقطيع الأيدي والأرجل؛ لأنهم قطاع طريق، فلهذا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وتُركوا يموتون؛ لأنهم قتلوا الراعي، فمن جزائهم أنه يُجمع بين العقوبتين حتى يموتوا قتلاً، نسأل الله العافية.
بَاب مَا يُذْكَرُ فِي الطَّاعُونِ
5728 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، يُحَدِّثُ سَعْدًا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺأَنَّهُ قَالَ: إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا فَقُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ يُحَدِّثُ سَعْدًا، وَلاَ يُنْكِرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
الشيخ: وهذا معناه: (لا يخرج فرارًا منه) أما إذا خرج لأسباب أخرى لا بأس، لكن لا يخرج لأجل الفرار، لكن لو كان له حاجة يخرج، سفر، حاجة، لا من أجل الفرار؛ فلا بأس عليه.
وكذلك حديث العرينيين يدل على طهارة أبوال الإبل، ومثلها مأكول اللحم كالغنم والبقر، وأنه لا بأس بالتداوي بالأبوال الطاهرة، ولهذا تداووا به، وانتفعوا بها، وهذا حجة لجمهور أهل العلم على أن الأبوال التي تقع من مأكول اللحم أنها طاهرة، هذا هو الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم، وأما حديث: لا يستنزه من البول فالمراد بول بني آدم ليس المراد جنس الأبوال، كما يقول بعضهم، لا، غلط، المراد جنس البول الذي تُوُعِّد عليه؛ بول بني آدم. ولهذا في اللفظ الآخر: (من بوله).
الشيخ: يعني حمد الله أن وافق اجتهاده السُّنة، وهذا فيه دلالة على أن ولي الأمر يجمع الناس ويستشيرهم في الأمور المهمة التي يخفى فيها الدليل، يستشيرهم، ويجمع أهل الحل والعقد ويصنّفهم أصنافًا إذا رأى ذلك؛ حتى يتوصل إلى ما يريد من الحل، حل المُشكل. وفي هذا عبدالرحمن أخبرهم بالسُّنة، كما أخبر أسامة كما تقدم في حديث أسامة؛ فدل ذلك على أن الفرار من المهلكات والأخطار ليس من الطِّيَرة، ولكنه من الحزم ومن الأخذ بالأسباب، مثل ما قال: فرارًا من قدر الله إلى قدر الله فلو أرعى غنمه وإبله في المجدبة فهو بقدر، وقد أخطأ، وإن أرعاها في المخصبة فقد أصاب وهو بقدر، وكذلك مثل ما يتنقل المجاهدون من جانب إلى جانب ينتظرون الفرص على العدو، فقد يرون أن يأتوه من فوق، وقد يرون أن يأتوه من أسفل، وقد يرون أن يأتوه من اليمين، ومن شماله، ينظرون ما هو الأصلح، وليس فرارًا من قدر الله.
س: فيه رد على القدرية؟
الشيخ: نعم الرد على القدرية كثير، وهذا منه.
الشيخ: اللهم صل عليه، لا خير إلا دلّ عليه ولا شر إلا حذّر منه، اللهم صل عليه وسلم.
الشيخ: الدجال، المسيح الدجال، هذا من رحمة الله جل وعلا، وهكذا مكة.
5732 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُالوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ، قَالَتْ: قَالَ لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : يَحْيَى بِمَ مَاتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الطَّاعُونِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
5733 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: المَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَالمَطْعُونُ شَهِيدٌ.
الشيخ: المبطون الذي يموت بالبطن، الإسهال.
س: المطعون المقصود به مرض الطاعون؟
الشيخ: نعم مرض الطاعون.
بَاب أَجْرِ الصَّابِرِ فِي الطَّاعُونِ
5734 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الفُرَاتِ، حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْنَا: أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ تَابَعَهُ النَّضْرُ، عَنْ دَاوُدَ.
الشيخ: هذا الحديث فيه الدلالة على فضل الصبر على الطاعون إذا وقع في بلد، تقدم في الحديث الصحيح حديث أسامة وحديث عبدالرحمن بن عوف عن النبي ﷺ أنه قال: إذا سمعتم به في بلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه وفي هذا حديث عائشة هذا أن الرسول ﷺ قال: إنه عذاب ينزله الله على من يشاء هذا الطاعون مرض معروف يكون له بثور في جسم الإنسان وحرارة شديدة والغالب أن صاحبه يموت سريعًا، فإذا وقع في بلده وصبر ولم يخرج فرارًا منه، صبر يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، وأن الآجال مقدرة مكتوبة ولا يقدم شيء منها ولا يؤخر: فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34] وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا [المنافقون:11] وفي الحديث: لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها فإذا صبر كان له مثل أجر شهيد، يعني وإن لم يصبه شيء، هذا الصبر فقط، أما إذا أصيب به ومات به وهو مسلم فهو شهادة، في حديث الشهداء خمسة ذكر منهم: المطعون والمبطون.. فالمقصود أن صبر الإنسان على ما شرعه الله وإن خالف هوى نفسه وإن توهم أنه شيء يضره لكن خالف هواه وصبر على مقتضى الشريعة التي هي الخير والصلاح فإنه بهذا يحصل له الأجر الكبير وبصبره على الطاعون يكون له أجر شهيد. شف القاموس: الطاعون مادة (طعن).
بَاب الرُّقَى بِالقُرْآنِ وَالمُعَوِّذَاتِ
5735 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي المَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا» فَسَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ: كَيْفَ يَنْفِثُ؟ قَالَ: كَانَ يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ.
الشيخ: وهذا من سنته ﷺ كان عند نومه ينفث بيديه ثم يمسح بهما وجهه وما أقبل من جسده، ولاسيما إذا اشتكى مرضًا نفث في يده ثلاث مرات: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوذتين، ثم يمسح هكذا وهكذا ثلاث مرات قبل النوم، وهذا من أعظم العلاج الناجع وأفضله لجميع الأمراض.
الطالب: يقول: والطاعون الوباء.
الشيخ: بس؟
الطالب: نعم.
الشيخ: نعم.
تكلم على هذا العيني؟
الطالب: قَوْله: (بَاب الرُّقَى) بِضَمِّ الرَّاء وَبِالْقَافِ مَقْصُور: جَمْع رُقْيَة بِسُكُونِ الْقَاف، يُقَال: رَقْي بِالْفَتْحِ فِي الْمَاضِي يَرْقِي بِالْكَسْرِ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَرَقَيْت فُلَانًا بِكَسْرِ الْقَاف أَرْقِيه، وَاسْتَرْقَى طَلَبَ الرُّقْيَة، وَالْجَمْع بِغَيْرِ هَمْز، وَهُوَ بِمَعْنَى التَّعْوِيذ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة.
الشيخ: المادة بالفتح هذا غريب، رقاه يرقيه إذا نفث عليه، أما رقي بمعنى صعد: رقي الدرج، رقي السلم صعد، رقي يرقى بمعنى صعد، أما رقى يرقي........ العيني تكلم على شيء؟
الطالب: مثله.
الشيخ: رقيت فلانًا بالكسر؟
الطالب: بكسر القاف أرقيه، واسترقى طلب الرقية، والكل بلا همزة.
الشيخ: عجيب، شُف القاموس رقى.
الطالب: وقال ابن الأثير: الرقية والرقى والاسترقاء: العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة.
الشيخ: معروف.......
الطالب: قَوْله: (كَانَ يَنْفُث عَلَى نَفْسه فِي الْمَرَض الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ) دَلَالَته عَلَى الْمَعْطُوف فِي التَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَفِي دَلَالَته عَلَى الْمَعْطُوف عَلَيْهِ نَظَر؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ مَشْرُوعِيَّة الرُّقَى بِالْمُعَوِّذَاتِ أَنْ يُشْرَع بِغَيْرِهَا مِنْ الْقُرْآن لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون فِي الْمُعَوِّذَات سِرّ لَيْسَ فِي غَيْرهَا. وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد أَنَّهُ ﷺ تَرَكَ مَا عَدَا الْمُعَوِّذَات، لَكِنْ ثَبَتَتْ الرُّقْيَة بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا اِخْتِصَاص لِلْمُعَوِّذَاتِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرّ فِي تَعْقِيب الْمُصَنِّف هَذِهِ التَّرْجَمَة بِبَابِ الرُّقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب، وَفِي الْفَاتِحَة مِنْ مَعْنَى الِاسْتِعَاذَة بِاَللَّهِ الِاسْتِعَانَة بِهِ.
الشيخ: وفيه الحديث الصحيح عند مسلم: لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا يعم المعوذات وغيرها.
الطالب: فَمَهْمَا كَانَ فِيهِ اِسْتِعَاذَة أَوْ اِسْتِعَانَة بِاَللَّهِ وَحْده أَوْ مَا يُعْطِي مَعْنَى ذَلِكَ فَالِاسْتِرْقَاء بِهِ مَشْرُوع. وَيُجَاب عَنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد بِأَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُ تَرَكَ مَا كَانَ يَتَعَوَّذ بِهِ مِنْ الْكَلَام غَيْر الْقُرْآن، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَة: "الرُّقَى بِالْقُرْآنِ" بَعْضه فَإِنَّهُ اِسْم جِنْس يَصْدُق عَلَى بَعْضه، وَالْمُرَاد مَا كَانَ فِيهِ اِلْتِجَاء إِلَى اللَّه سُبْحَانه، وَمِنْ ذَلِكَ الْمُعَوِّذَات، وَقَدْ ثَبَتَ الِاسْتِعَاذَة بِكَلِمَاتِ اللَّه فِي عِدَّة أَحَادِيث كَمَا مَضَى. قَالَ اِبْن بَطَّال: فِي الْمُعَوِّذَات جَوَامِع مِنْ الدُّعَاء. نَعَمْ أَكْثَر الْمَكْرُوهَات مِنْ السِّحْر وَالْحَسَد وَشَرّ الشَّيْطَان وَوَسْوَسَته وَغَيْر ذَلِكَ، فَلِهَذَا كَانَ النَّبِيّ ﷺ يَكْتَفِي بِهَا. قُلْت: وَسَيَأْتِي فِي "بَاب السِّحْر" شَيْء مِنْ هَذَا، وَقَوْله: "فِي الْمَرَض الَّذِي مَاتَ فِيهِ" لَيْسَ قَيْدًا فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَشَارَتْ عَائِشَة إِلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي آخِر حَيَاته وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْسَخ.
قَوْله:(أَنْفُث عَنْهُ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ: "عَلَيْهِ" وَسَيَأْتِي بَاب مُفْرَد فِي النَّفْث فِي الرُّقْيَة.
قَوْله: (وَأَمْسَح بِيَدِهِ نَفْسه) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّة أَيْ أَمْسَح جَسَده بِيَدِهِ، وَبِالْكَسْرِ عَلَى الْبَدَل، وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ: "بِيَدِ نَفْسه" وَهُوَ يُؤَيِّد الِاحْتِمَال الثَّانِي. قَالَ عِيَاض: فَائِدَة النَّفْث التَّبَرُّك بِتِلْكَ الرُّطُوبَة أَوْ الْهَوَاء الَّذِي مَاسّه الذِّكْر كَمَا يُتَبَرَّك بِغُسَالَةِ مَا يُكْتَب مِنْ الذِّكْر، وَقَدْ يَكُون عَلَى سَبِيل التَّفَاؤُل بِزَوَالِ ذَلِكَ الْأَلَم عَنْ الْمَرِيض كَانْفِصَالِ ذَلِكَ عَنْ الرَّاقِي اِنْتَهَى. وَلَيْسَ بَيْن قَوْله فِي هَذِهِ الرِّوَايَة: "كَانَ يَنْفُث عَلَى نَفْسه" وَبَيْن الرِّوَايَة الْأُخْرَى: "كَانَ يَأْمُرنِي أَنْ أَفْعَل ذَلِكَ" مُعَارَضَة لِأَنَّهُ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ فِي اِبْتِدَاء الْمَرَض كَانَ يَفْعَلهُ بِنَفْسِهِ وَفِي اِشْتِدَاده كَانَ يَأْمُرهَا بِهِ وَتَفْعَلهُ هِيَ مِنْ قِبَل نَفْسهَا.
قَوْله: (فَسَأَلْت الزُّهْرِيّ) الْقَائِل مَعْمَر، وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وَفِي الْحَدِيث التَّبَرُّك بِالرَّجُلِ الصَّالِح وَسَائِر أَعْضَائِهِ وَخُصُوصًا الْيَد الْيُمْنَى.
الشيخ: هذا وقع للمؤلف النووي مرات كثيرة؛ التبرُّك بالرجل الصالح، وهذا غلط نبّهنا عليه في أول فتح الباري، الحواشي التي في أول فتح الباري وأن الرسول لا يقاس عليه غيره، ما جاء من التبرك بمس جسده من عرق وشعر ونحو ذلك، لا يقاس عليه غيره؛ لأمرين:
الأمر الأول: أن هذا لم ينقل عن سلف الأمة ولم يفعل مع أفاضلهم كالصديق وعمر وعثمان وعلي، وهم أفضل الناس بعد الأنبياء، ولو كان هذا حسنًا أو صالحًا أو مشروعًا لفعلوه.
الأمر الثاني: أن هذا يُفضي للغُلُو في أولئك وإنزالهم منازل ليست لهم؛ فيقع الشرك، فهذا مختص بالرسول ﷺ؛ لأن الله جعل فيه من البركة والخير ما جعل، فلا يلحق به غيره.
س: المراد بنفث الشيطان؟
الشيخ: جاء في الحديث تفسيره بالشعر، النفخ: الكبر، والنفث: الشعر، وهمزه: الموتة الصرع.
الطالب: رقي إليه كرضي ..... ورقيًا صعد فارتقى وترقى.
الشيخ: هذا معروف، صعد هذا المعروف، أما أرقى يرقي نفث عليه ودعا له..
الطالب: والمرقاة ويكسر الدرجة ورق عليه كلامًا ترقية رفعه.
الشيخ: يكفي.
باب الرقى بفاتحة الكتاب.
وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
5736 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ، فَقَالُوا: هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍ؟ فَقَالُوا: إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا، وَلاَ نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ القُرْآنِ، وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفِلُ، فَبَرَأَ فَأَتَوْا بِالشَّاءِ، فَقَالُوا: لاَ نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ ﷺ، فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقَالَ: وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ.
الشيخ: وهذا مثل ما قال العلماء يدل على جواز أخذ الأجرة على العلاج بالرقية، وأنه لا بأس أن يأخذ الأجرة سواء عيَّنها اتفقوا عليها أو كافؤوه بعد العمل، ولهذا قرأ الصحابة على هذا اللديغ بفاتحة الكتاب بعدما اشترطوا الجعل، والنبي أقرهم، وقال: اضربوا لي معكم بسهم هذا من باب تطييب النفوس وبيان أنه شيء حلال؛ لأنه إذا شاركهم طابت نفوسهم.
والقرآن كله رقية، والفاتحة هي أعظمه وأفضله، فاتحة الكتاب هي أعظم سورة وأفضل سورة في الكتاب؛ فالرقية بها رقية عظيمة.
س:...........
الشيخ: يفيد أن البادية عرفوا الرقية وأنها معروفة عندهم.
بَاب الشَّرْطِ فِي الرُّقْيَةِ بِقَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ
5737 - حَدَّثَنِي سِيدَانُ بْنُ مُضَارِبٍ أَبُو مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ البَصْرِيُّ هُوَ صَدُوقٌ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ البَرَّاءُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ الأَخْنَسِ أَبُو مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ مَرُّوا بِمَاءٍ، فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَاءِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ؟ إِنَّ فِي المَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى شَاءٍ، فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، حَتَّى قَدِمُوا المَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ.
الشيخ: وهذا مثل ما تقدم يدل على قسم الجعل على الرقية، ويدخل في هذا العموم: تعليم القرآن وأنه مهمة عظيمة، ولهذا أجاز العلماء أخذ الأجرة على التعليم؛ لأن المعلم يحبس نفسه ويتحمل المشاق في ذلك فجاز له أن يأخذ الأجرة على التعليم، وهكذا نقله يعني كتبه وطباعته، كله لا بأس، نعم.
بَاب رُقْيَةِ العَيْنِ
5738 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ -أَوْ أَمَرَ- أَنْ يُسْتَرْقَى مِنَ العَيْنِ».
الشيخ: وهذا يدل على أنه لا حرج في الاسترقاء من العين .......... نظرة، ويدل هذا على الاستثناء من حديث السبعين لا يسترقون، وأن الاسترقاء عند الحاجة لا بأس به، ولا يخالف كمال الإيمان، وإنما تركه أفضل عند عدم الحاجة إليه، والعين من أعظم دوائها الرقية لا رقية إلا من عين أو حمة من أعظم دوائها الرقية، ولهذا أمر بالاسترقاء من العين، وأمر أسماء أن تسترقي لأولاد جعفر.
س:........
الشيخ: إذا عرف يستغسل يقال له: يا أخي اتق الله، واغسل لهم، يغسل وجهه ويديه ويتمضمض في إناء ويكب الماء على المعين، يكب عليه من ورائه، وبإذن الله يزول الأثر، والنبي ﷺ قال: وإذا استغسلتم فاغسلوا.
الشيخ: العامة الآن يسمونها ....... أيش قال الشارح على هذا والذي قبله؟
الطالب: (فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَة) بِسُكُونِ الظَّاء الْمُعْجَمَة، وَفِي رِوَايَة مُسْلِم: "فَقَالَ إِنَّ بِهَا نَظْرَة فَاسْتَرْقُوا لَهَا" يَعْنِي بِوَجْهِهَا صُفْرَة، وَهَذَا التَّفْسِير مَا عَرَفْت قَائِله إِلَّا أَنَّهُ يَغْلِب عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ الزُّهْرِيّ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ عِيَاض مِنْ حَيْثُ اللُّغَة، وَتَوْجِيهه مَا قَدَّمْته وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَاد بِالنَّظْرَةِ فَقِيلَ: عَيْن مِنْ نَظَر الْجِنّ، وَقِيلَ مِنْ الْإِنْس وَبِهِ جَزَمَ أَبُو عُبَيْد الْهَرَوِيُّ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهَا أُصِيبَتْ بِالْعَيْنِ؛ فَلِذَلِكَ أَذِنَ ﷺ فِي الِاسْتِرْقَاء لَهَا، وَهُوَ دَالّ عَلَى مَشْرُوعِيَّة الرُّقْيَة مِنْ الْعَيْن عَلَى وَفْق التَّرْجَمَة.
بَاب العَيْنُ حَقٌّ
5740 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: العَيْنُ حَقٌّ وَنَهَى عَنِ الوَشْمِ.
الشيخ: يعني أنها واقعة العين حق يعني أنها واقعة، تقع للناس، وليس بمُستنكر، قد تقع سواء نظرة جن أو إنس، قد يعجب الإنسان بغيره فيترتب على ذلك شيء من الضرر على المنظور الذي هو المصاب من جهة الناظر الذي أعجب بالمنظور وحصل له تأثر به فعانه سواء كان جنيًّا أو إنسيًّا، والرقية بإذن الله تنفع من ذلك، والاستغسال كذلك إذا عرف.
بَاب رُقْيَةِ الحَيَّةِ وَالعَقْرَبِ
5741 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُالوَاحِدِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، عَنِ الرُّقْيَةِ مِنَ الحُمَةِ، فَقَالَتْ: «رَخَّصَ النَّبِيُّ ﷺ الرُّقْيَةَ مِنْ كُلِّ ذِي حُمَةٍ».
الشيخ: والحمة السم، والرقية أعم من ذلك؛ لكن السم أخص، فالرقية فيه من باب أوْلى: لا رقية إلا من عين أو حمة.
بَاب رُقْيَةِ النَّبِيِّ ﷺ
5742 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُالوَارِثِ، عَنْ عَبْدِالعَزِيزِ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَقَالَ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، اشْتَكَيْتُ، فَقَالَ أَنَسٌ: أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ البَاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا.
الشيخ: وهذا دعاء عظيم: اللهم رب الناس مذهب الباس في رواية أخرى: أذهب الباس واشف بالفصل واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا يعني لا يترك سقمًا، فهي رقية عظيمة من أعظم الأسباب في زوال المرض الذي ليس مرض الموت، المقصود أن من تأخر أجَلُه فهذا من أسباب الشفاء: اللهم رب الناس أذهب البأس وفي اللفظ الآخر: مذهب الباس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا.
الشيخ: وهذا فيه فائدة زيادة: يمسح بيده على محل المرض أو على جزء من المريض مبالغة في الدعاء وتأثيره.. يمسح على محل النفث، نعم.
5744 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَرْقِي يَقُولُ: امْسَحِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، بِيَدِكَ الشِّفَاءُ، لاَ كَاشِفَ لَهُ إِلَّا أَنْتَ.
5745 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ لِلْمَرِيضِ: بِسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا.
الشيخ: أيش قال الشارح على الترجمة الأخيرة؟
الطالب: بقي حديث.
الشيخ: نعم.
الطالب: قَوْله: (بَاب رُقْيَة النَّبِيّ ﷺ) أَيْ: الَّتِي كَانَ يَرْقِي بِهَا، ذَكَرَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ، الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَنَسٍ، قَوْله:(عَبْدالْوَارِث) هُوَ اِبْن سَعِيد، وَعَبْدالْعَزِيز هُوَ اِبْن صُهَيْب، وَالْإِسْنَاد بَصْرِيُّونَ.
قَوْله: (فَقَالَ ثَابِت) هُوَ الْبُنَانِيُّ (يَا أَبَا حَمْزَة) هِيَ كُنْيَة أَنَس.
قَوْله: (اِشْتَكَيْت) بِضَمِّ التَّاء أَيْ مَرِضْت، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: "إِنِّي اِشْتَكَيْت".
قَوْله: أَلَا بِتَخْفِيفِ اللَّام و "أَرْقِيك" بِفَتْحِ الْهَمْزَة.
قَوْله: مُذْهِب الْبَاسِ بِغَيْرِ هَمْز لِلْمُؤَاخَاةِ فَإِنَّ أَصْله الْهَمْزَة.
قَوْله: أَنْتَ الشَّافِي يُؤْخَذ مِنْهُ جَوَاز تَسْمِيَة اللَّه تَعَالَى بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآن بِشَرْطَيْنِ: أَحَدهمَا أَنْ لَا يَكُون فِي ذَلِكَ مَا يُوهِم نَقْصًا، وَالثَّانِي أَنْ يَكُون لَهُ أَصْل فِي الْقُرْآن، وَهَذَا مِنْ ذَاكَ، فَإِنَّ فِي الْقُرْآن: "وَإِذَا مَرِضْت فَهُوَ يَشْفِينَ".
الشيخ: هذا محل نظر، هذا الشرطان لا أصل لهما، ....... ثبت في السنة تسميته سبحانه باسم الشافي، وأطلقه أعلم الناس وأحكم الناس وهو النبي ﷺ؛ فلا يشترط أن يكون له أصل في القرآن لا يشترط، ولا يكون ما سماه النبي فيه نقص أبدًا، شيء سماه النبي ما يكون فيه نقص أبدًا، ولا يسمى إلا بما سماه الله به أو سماه به رسوله ﷺ، أما أن الناس يسمونه بغير ذلك لا، لا يسمونه إلا بما ورد، الأسماء توقيفية، فلا يسمى إلا بما جاء به النص من كتاب أو سنة، أما إطلاق الأسماء من كيس الإنسان ولو زعم أن ما فيها نقص، ولو زعم أن لها أصلًا في القرآن في الفعل فلا يقال اسمه كذا واسمه كذا؛ لأن له وصفًا في القرآن من غير تسمية، فلا يقال له الكائد ولا الخادع وإن كان له أصل في القرآن؛ لأنه جاء في القرآن مقيدًا: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142]، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ [الأنفال:30]، إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا [الطارق:15-16] فما جاء بالفعل يطلق عليه بالفعل فقط، ولا يزاد على ذلك.
الحاصل أن أسماء الله توقيفية، ولا يطلق على الله جل وعلا أسماء من دون نص، ولو زعم قائلها أنه قد توافر فيها الشرطان: أن لا نقص فيها، وأن لها أصلاً في القرآن، لا بدّ أن تكون ورادة بالنص، وهذا أنت الشافي ورد بالنص، ومثل: المعطي إنما أنا قاسم، والله هو المعطي، ومثل: إن الله جميل يحب الجمال، وما أشبه ذلك من الأسماء التي وردت بالسُّنة الصحيحة.
الطالب: قَوْله: لَا شَافِي إِلَّا أَنْتَ إِشَارَة إِلَى أَنَّ كُلّ مَا يَقَع مِنْ الدَّوَاء وَالتَّدَاوِي إِنْ لَمْ يُصَادِف تَقْدِير اللَّه تَعَالَى وَإِلَّا فَلَا يُنْجِع.
قَوْله: شِفَاء مَصْدَر مَنْصُوب بِقَوْلِهِ: "اِشْفِ" وَيَجُوز الرَّفْع عَلَى أَنَّهُ خَبَر مُبْتَدَأ أَيْ هُوَ.
قَوْله: لَا يُغَادِر بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة أَيْ لَا يَتْرُك، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانه وَالْحِكْمَة فِيهِ فِي أَوَاخِر كِتَاب الْمَرْضَى، وَقَوْله: سُقْمًا بِضَمٍّ ثُمَّ سُكُون، وَبِفَتْحَتَيْنِ أَيْضًا.
الشيخ: يكفي، تكلم على المسح بيده؟
الطالب: قَوْلُهُ: يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَيْ عَلَى الْوَجَعِ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: هُوَ عَلَى طَرِيقِ التَّفَاؤُلِ لِزَوَالِ ذَلِكَ الْوَجَعِ.
الشيخ: في زيادة في العيني؟
الطالب: نفسه.
الشيخ: نعم.
س: بتربة أرضنا......؟
الشيخ: هو الظاهر، الأرض مع الريق يمسح أصبعه من الريق ثم يضعه في الأرض ثم يضعه على المرض.
س:........
الشيخ: السُّنة أن يكون مع ريق خفيف، الحديث جمع ريقه وبصق به على اللديغ.
س: قد يتأذى بعض الناس من الريق؟
الشيخ: لا، الريق الخفيف ما فيه أذية.
........... [كلام حول اسم النضر غير واضح]
بَاب النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ
5747 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ حِينَ يَسْتَيْقِظُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: "وَإِنْ كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَيَّ مِنَ الجَبَلِ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ هَذَا الحَدِيثَ فَمَا أُبَالِيهَا".
الشيخ: يعني أن أبا قتادة كان يرى مرائي تثقل عليه، يعني مكروهة، تشق عليه، فلما استفتى النبي في هذا عليه الصلاة والسلام وقال ما قال زاحت عنه تلك المشاكل وتلك الأشياء التي شقت عليه بسبب ما وجهه إليه النبي عليه الصلاة والسلام من الدعاء، قال عليه الصلاة والسلام: الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكره فلينفث عن يساره ثلاث مرات حين يستيقظ وليستعذ بالله من شر ما رأى ثلاث مرات، ثم ينقلب عن جنبه الآخر؛ فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحدًا هذا تعليم عظيم يريح الناس من شر التأثر من المرائي المكروهة، فإن الإنسان قد يتلاعب به الشيطان وقد يرى أشياء محزنة، يرى أنه يقتل أو أنه يضرب أو أنه في محل خطر، يرى أنه يطلب إلى شيء يؤذيه إلى غير هذا من المرائي الكريهة، لكن متى استعمل ما قاله النبي ﷺ انتهى واستراحت نفسه واستراح قلبه، ينفث عن يساره ثلاث مرات هكذا، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأيت، ثلاث مرات، ثم ينزل على الجنب الآخر؛ فإنها لا تضره، ولا يخبر بها أحدًا، هذا إذا كانت مكروهة، أما إن كانت طيبة: فليحمد الله، وليخبر بها من يحب ومن شاء من الناس.
س:...........
الشيخ: الذين يحبهم يسرهم الرؤيا الصالحة، والذين يكرهونه قد يتأذون بما يسره، وقد يحزنهم ما يسره؛ لأنهم خصومه.
س:...........
الشيخ: على حسب حاله؛ إن كانت الرؤيا في الأيسر انقلب إلى الأيمن، وإن كان العكس كذلك.
الشيخ: أيش قال الشارح عليه؟
الطالب: قَوْله: (إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشه نَفَثَ فِي كَفّه بِقُلْ هُوَ اللَّه أَحَد وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ) أَيْ يَقْرَؤُهَا وَيَنْفُث حَالَة الْقِرَاءَة، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان ذَلِكَ فِي الْوَفَاة النَّبَوِيَّة.
الشيخ: وتقدم أنه كان يفعل هذا ثلاث مرات عليه الصلاة والسلام.
الطالب: قَوْله: (ثُمَّ يَمْسَح بِهِمَا وَجْهه وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْ جَسَده) فِي رِوَايَة الْمُفَضَّل بْن فَضَالَة عَنْ عُقَيْل: "ثُمَّ يَمْسَح بِهِمَا مَا اِسْتَطَاعَ مِنْ جَسَده يَبْدَأ بِهِمَا عَلَى رَأْسه وَوَجْهه وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَده يَفْعَل ذَلِكَ ثَلَاث مَرَّات".
الشيخ: ومن هذا في الرؤيا وفي المرض وكذلك ما ورد في قصة عثمان بن أبي العاص من جهة الوسوسة أنه قال للنبي ﷺ: إن الشيطان قد لبس عليّ صلاتي، فقال له النبي ﷺ: "إذا وجدت ذلك فانفث عن يسارك ثلاث مرات وتعوّذ بالله من الشيطان" ففعل ذلك وبرأ، فإذا ابتلي الإنسان بالوسوسة ينبغي له أن يتعوّذ بالله من الشيطان ويكرّر ذلك ثلاث مرات، وينفث عن يساره، حتى ولو كان في الصلاة، حتى ولو كان في داخل الصلاة، إذا لبس عليه صلاته ينفث.
س:..........
الشيخ: القراءة والنفث كله ثلاث، يقرأها ثم يمسح، ثم يقرأ الثانية ويمسح، ثم يقرأ الثالثة ويمسح.
س:..........
الشيخ: السُّنة ثلاث مرات كل واحدة لحالها، يمسح ثم يقرأ، يمسح ثم يقرأ،. .. على فعل النبي ﷺ.
س: النفث هو النفخ؟
الشيخ: مع ريق خفيف.
الشيخ: وهذا من آيات الله، ومن دلائل صدق رسوله ﷺ، وأنه رسول الله حقًا، وأن ما جاء به حق.
قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لاَ تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ.
بَاب مَسْحِ الرَّاقِي الوَجَعَ بِيَدِهِ اليُمْنَى
5750 - حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعَوِّذُ بَعْضَهُمْ، يَمْسَحُهُ بِيَمِينِهِ: أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا فَذَكَرْتُهُ لِمَنْصُورٍ فَحَدَّثَنِي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، بِنَحْوِهِ.
الشيخ: تقدم.
بَاب فِي المَرْأَةِ تَرْقِي الرَّجُلَ
5751 - حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنَا أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، فَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا فَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ: كَيْفَ كَانَ يَنْفِثُ؟ قَالَ: يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ.
الشيخ: وفي هذا إطلاق المعوذات على: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والسورتين، وإنما قيل المعوذات لأنهن أغلب لأنهما سورتان وقل هو الله أحد واحدة فغُلِّبا، ولأنها بمعنى معوذة؛ لأن قراءتها فيها خير عظيم، وهي تعدل ثلث القرآن، فهي معوذة بالمعنى، وإن لم يكن بها لفظ: أَعُوذُ، ولهذا إذا أطلق المعوذات دخل فيها قل هو الله أحد، وإذا قيل معوذتان فهي تختص بأعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس.
بَاب مَنْ لَمْ يَرْقِ
5752 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ يَوْمًا فَقَالَ: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلاَنِ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي، فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَقِيلَ لِي: انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَقِيلَ: هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ، وَمَعَ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ" فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ، فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالُوا: أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِي الشِّرْكِ، وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنْ هَؤُلاَءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا، فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا؟ فَقَالَ: سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ.
الشيخ: وهذا فيه فضل ترك الاسترقاء؛ لأنه نوع حاجة إلى الناس، الاسترقاء سؤال وطلب، فتركه أوْلى، وهو من عمل السبعين، ولهذا ترجم المؤلف، وكان الصواب أن يقال باب من لم يسترق، وجاء في رواية مسلم: لا يسترقون ولا يرقون لكن قال الحفاظ: أنها وهم، وليست صحيحة، وإنما الصحيح لا يسترقون، أما زيادة ولا يرقون فهي غلط من بعض الرواة؛ لأن الرقية مشروعة، ولهذا في الحديث الصحيح: لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا، من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه وقد رقى النبي ﷺ بعض أصحابه، وقد رقاه جبرائيل، فكونه يرقي إخوانه ويرقي من أحب من إخوانه فهذا مشروع، ونوع من الإحسان، بخلاف الاسترقاء أو الطلب، يا فلان اقرأ علي، هذا هو الذي تركه أفضل إلا عند الحاجة الشديدة أو العين، كما تقدم، فإن الرسول ﷺ أمر أن يسترقى من العين، فهذا شيء خاص مستثنى من هذا الفضل، وأمر أسماء بنت عميس أن تسترقي لأولاد جعفر؛ فالحاصل أن ترك الاسترقاء أفضل إلا في إحدى حالتين: إما حالة العين، النظرة المعروفة، والثاني: الحالة الشديدة، المرض الذي تدعو الحاجة إلى القراءة عليه ولم يتيسر أحد يتبرع، فإذا استرقى فلا بأس عند الحاجة، إنما هذا فضل؛ ترك الاسترقاء، فضل عند الغُنية عن ذلك، كما أن ترك الكي أفضل عند الغُنية عنه، فإذا احتيج إلى الكي فلا كراهة فيه، كما في الحديث الصحيح: الشفاء في ثلاث: كية نار، أو شرطة محجم، أو شربة عسل، ولا أحب أن أكتوي وفي اللفظ الآخر: وأنهى أمتي عن الكي فتركه أفضل ومكروه عند عدم الحاجة، فإذا احتيج إليه زالت الكراهة، وقد اكتوى جماعة من الصحابة، وقد كوى النبي ﷺ بعض أصحابه عن الشوكة، وكوى أبو طلحة أنسًا كما تقدم في حضرة جماعة من الصحابة، وكوى خباب بن الأرت كيات كثيرة.
س:..........
الشيخ: هذا محتمل؛ ولكن الأفضل أن يقال: عند عدم الحاجة إليه تركه أفضل، وأما إذا احتيج إليه أو احتيج للاسترقاء فلا بأس به، ولا يخرج بذلك عن صفة الولاية والكُمَّل من عباد الله، فإن الرسول ﷺ من الكُمَّل ومع هذا أمر أن يسترقى، وكذلك أمر أسماء أن تسترقي، والصحابة من أكبر الناس تقوى واسترقوا عند الحاجة وكووا عند الحاجة.
س: السبعين للحصر؟
الشيخ: جاء في رواية أخرى أن الله زاد مع كل ألف سبعين ألفًا، وفي رواية مع كل واحد سبعين ألفًا، فهم جم غفير، وفي رواية: وثلاث حثيات من حثيات ربي، فهم جم غفير.
س:..........
الشيخ: أقول: لو قال من لم يسترق؛ لكان أوْلى، أيش قال الشارح؟
الطالب: ........ وَالْحَقّ أَنَّ مَنْ وَثِقَ بِاَللَّهِ وَأَيْقَنَ أَنَّ قَضَاءَهُ عَلَيْهِ مَاضٍ لَمْ يَقْدَح فِي تَوَكُّله تَعَاطِيه الْأَسْبَاب اِتِّبَاعًا لِسُنَّتِهِ وَسُنَّة رَسُوله، فَقَدْ ظَاهَرَ ﷺ فِي الْحَرْب بَيْن دِرْعَيْنِ، وَلَبِسَ عَلَى رَأْسه الْمِغْفَر، وَأَقْعَدَ الرُّمَاة عَلَى فَم الشِّعَبِ، وَخَنْدَقَ حَوْل الْمَدِينَة، وَأَذِنَ فِي الْهِجْرَة إِلَى الْحَبَشَة وَإِلَى الْمَدِينَة، وَهَاجَرَ هُوَ، وَتَعَاطَى أَسْبَاب الْأَكْل وَالشُّرْب، وَادَّخَرَ لِأَهْلِهِ قُوتَهُمْ وَلَمْ يَنْتَظِر أَنْ يَنْزِل عَلَيْهِ مِنْ السَّمَاء، وَهُوَ كَانَ أَحَقّ الْخَلْق أَنْ يَحْصُل لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ الَّذِي سَأَلَهُ: أَعْقِل نَاقَتِي أَوْ أَدَعهَا؟ قَالَ:"اِعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ" فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الِاحْتِرَاز لَا يَدْفَع التَّوَكُّل، وَاَللَّه أَعْلَم.
الشيخ: والذي قاله المؤلف هو الصواب. أن الأسباب لا تنافي التوكل، وأن الواجب على المؤمن أن يتعاطى الأسباب حيث وجب تعاطيها، كالأكل والشرب ونحو ذلك، واتقاء الشرور، وكإغلاق الدار ونحو ذلك، ويستحب تعاطيها في الأشياء التي يستحب فيها ذلك كالعلاج وأشباهه، وأما الشيء الذي قيل فيه ما يدل على كراهته كالسؤال والكي فهذا عند عدم شدة الحاجة إليه، وإذا اشتدت الحاجة إليه زالت الكراهة. وهكذا سؤال الناس أموالهم مكروه وإذا اشتدت الحاجة إليه جاز السؤال عند قدر الحاجة، فهكذا الاسترقاء إذا اشتدت الحاجة إلى الرقية إن استغنى عن ذلك بسبب آخر فالحمد لله، فإن اشتدت الحاجة زالت الكراهة،....... لا بأس به وهو من جُملة الأسباب، وهكذا الكي عند الحاجة إليه ولا منافاة بين هذا وبين الأشياء الأخرى.
س: الرسول ﷺ كوى نفسه أو كواه أحد من أصحابه؟
الشيخ: كوى بعض أصحابه هو، ما سمعنا أنه اكتوى عليه الصلاة والسلام، إنما كوى بعض أصحابه.
س: بالنسبة للرقية هل يشترط في النفث أن يباشر الجسم؟
الشيخ: هذا المعروف؛ النفث يصل إلى الجسم، إلى الوجه وإلى الصدر وإلى اليد وإلى الرأس.
س: في رقية المرأة للرجل هل يشترط أن تكون مَحْرمًا؟
الشيخ: هذا من باب الدواء مثل ما تطبه المرأة إذا كان المريض احتاج إليه، هذا من باب التداوي، تستطيع أن تطبه في يده أو رجله، تقرأ عليه في جانب وهو في جانب يعني ما يرى وجهها، أو تكون محرمًا له. وكذلك الرجل للمرأة، العكس.
بَاب الطِّيَرَةِ
5753 - حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَالشُّؤْمُ فِي ثَلاَثٍ: فِي المَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالدَّابَّةِ.
5754 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: لاَ طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الفَأْلُ قَالُوا: وَمَا الفَأْلُ؟ قَالَ: الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ.
الشيخ: كأن يسمع: سليم، معافى، موفق؛ فيرتاح لذلك، هذا فأل، منصور، موفق، مهدي، سليم، وأشباهه.
وقوله: الشؤم في ثلاثة: المرأة والدابة والمسكن هذا جاء مثبتًا وجاء معلقًا، إنْ كان الشؤم في ثلاث، وجاء الجزم به كما هنا، وهو يدل على أن هذه الثلاث قد يقع فيها شؤم في بعض الدواب وفي بعض المساكن وفي بعض النساء، وهذا أمر واقع كما جاءت به السُّنة: بعض النساء مشؤوم، وبعض المساكن مشؤوم، وبعض الدواب مشؤوم، فالذي عُرف ذلك بالتجارب تركُه، ولا يكون من الطيرة.
س: المرأة بالنسبة للزوج أو يكون عامًّا مع الزوج وغيره؟
الشيخ: الغالب مع الزوج، لكن قد لا يختص بالزوجة، قد يكون الأمة، قد يكون الطبيبة، قد يكون الممرضة، يعني لا يختص بالمرأة، لكن الغالب ما يتعلق بالنساء من جهة الزوجية، وإلا قد يقع بعض الطالبات مشؤومة، بعض الممرضات مشؤومة، بعض السرايا مشؤومة.
س: إذا كانت المرأة كلما تزوجت مات زوجها فهل يقال هذه مشؤومة؟
الشيخ: قد يقال هذا، أو يفتقِر؛ إذا تزوجها افتقر أو مرض.
بَاب الفَأْلِ
5755 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لاَ طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الفَأْلُ قَالَ: وَمَا الفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ.
5756 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ الصَّالِحُ: الكَلِمَةُ الحَسَنَةُ.
بَاب لاَ هَامَةَ
5757 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الحَكَمِ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَلاَ هَامَةَ، وَلاَ صَفَرَ.
س: ورد أن شؤم المرأة في خُلُقها؟
الشيخ: هذا من اجتهاد بعض الناس، ما ينحصر في هذا.
بَاب الكِهَانَةِ
5758 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَضَى فِي امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ اقْتَتَلَتَا، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَأَصَابَ بَطْنَهَا وَهِيَ حَامِلٌ، فَقَتَلَتْ وَلَدَهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَضَى: أَنَّ دِيَةَ مَا فِي بَطْنِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، فَقَالَ وَلِيُّ المَرْأَةِ الَّتِي غَرِمَتْ: كَيْفَ أَغْرَمُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ لاَ شَرِبَ وَلاَ أَكَلَ، وَلاَ نَطَقَ وَلاَ اسْتَهَلَّ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الكُهَّانِ.
الشيخ: وهذا من أجل ما سجع، وهذا من أجل ما عارض به الحق من السجع: كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل، يعني: يطرح، ولهذا أنكر عليه النبي ﷺ، وأن هذا من إخوان الكهان، فدل ذلك على أن الواجب قبول الحق وعدم معارضته بأي كلام، فالمرأة التي ضربت بطن المرأة الأخرى حتى أسقطت جنينًا قد أخطأت عليها، وتعدَّت عليها، فلهذا غرمها النبي ﷺ غرة: وهي عبد أو أمة، وسكت هنا عن الكفارة؛ لأنها معلومة، وهي عتق رقبة مؤمنة، ومن عجز صام شهرين متتابعين. وفي هذا ذم الكهان وأن الكهان يتعاطون السجعات في كلماتهم ليروجوا الباطل ويدلسوا على الناس فيما يدعونه من علم الغيب، فالسجع إذا كان لدحض الحق ورده أو من باب التكلُّف من دون حاجة؛ يكون لاغيًا مذمومًا، أما السجع إذا جاء عفوًا ومن غير تكلف وفي نصر الحق وتأييد الحق فلا بأس به.
س:.............
الشيخ: المشهور عند أهل العلم أن العاقلة ما تحمل إلا الثلث فأكثر، والغرة قليلة، ولهذا ما جعلها النبي على العاقلة، كما يأتي في الرواية الأخرى: هو من مال القاتل.
س:.............
الشيخ: الظاهر مثل سائر الديون تبقى دينًا ولو إلى كبره ........ يستوفيها العاقل وغير العاقل.. أما الكفارة فلا كفارة على الصغير.
5759 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ، أَوْ وَلِيدَةٍ.
5760 - وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَضَى فِي الجَنِينِ يُقْتَلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ، أَوْ وَلِيدَةٍ، فَقَالَ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ: كَيْفَ أَغْرَمُ مَا لاَ أَكَلَ وَلاَ شَرِبَ، وَلاَ نَطَقَ وَلاَ اسْتَهَلَّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الكُهَّانِ.
5761 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ».
س:.............
الشيخ: من أصحابهم ومن أشابههم من أجل سجعه لأن ........ يخبرون عن بعض المغيبات يأتون بسجعات وعبارات فيها تشابه في قوافيها كالشعر يؤيدون بذلك باطلهم بما يخبرون به عن أمور الغيب.
.............[أسئلة غير واضحة]
س:.............
الشيخ: لا بد أن يكون السقط بان فيه رجل أو رأس أو يدان؛ فهذا يسمى "إنسان"، وما دام "دم" ما فيه شيء.
.............[أسئلة غير واضحة]
الشيخ: المعروف ليسوا بشيء يعني الكهان، لعلها رواية أو من تصحيف بعض الرواة، ولعله ليس أمرهم بشيء، أيش قال الشارح على ليس؟
الطالب: قَوْله: (فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ) فِي رِوَايَة مُسْلِم: لَيْسُوا بِشَيْءٍ، وَكَذَا فِي رِوَايَة يُونُس فِي التَّوْحِيد، وَفِي نُسْخَة: "فَقَالَ لَهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ" أَيْ لَيْسَ قَوْلهمْ بِشَيْءٍ يُعْتَمَد عَلَيْهِ، وَالْعَرَب تَقُول لِمَنْ عَمِلَ شَيْئًا وَلَمْ يُحْكِمهُ: مَا عَمِلَ شَيْئًا، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَتَرَافَعُونَ إِلَى الْكُهَّان فِي الْوَقَائِع وَالْأَحْكَام.
الشيخ: المقصود ليسوا بشيء يعني يعتمد عليه؛ لأن أمرهم باطل، وليسوا مما يعتمد عليه، ليسوا بشيء، أما رواية "ليس" يعني ليس أمرهم بشيء، يعني ليس التحاكم إليه بشيء.......... يعتبرون لا قيمة لهم، ولهذا نهى عن إتيانهم عليه الصلاة والسلام، وقال: لا تأتوهم ونهى عن إتيانهم وعن سؤالهم وعن تصديقهم؛ لأنهم ليسوا بشيء، يتخرّصون ويتهوّكون ويأكلون أموال الناس بالباطل ويدَّعون علم الغيب في بعض الأحيان؛ فالحاصل أنهم ليسوا بشيء من جهات كثيرة: من جهة أنهم في الغالب لا خير فيهم من جهة الأخلاق، وأكل أموال الناس بالباطل، والتحيل عليهم، ومن جهة أنهم لا علم عندهم ولا بصيرة عندهم، ومن جهة أخرى أنهم قد يقعون في أمر آخر أقبح وهو دعوى علم الغيب وهم كَذَبة، إلى غير هذا مما قد يقعون فيه من الشر الذي يلبّسون به على الناس، ولهذا جاء فيهم من الأحاديث والوعيد ما جاء، منها ما رواه مسلم في الصحيح عن بعض أزواج النبي ﷺ أنه قال: من أتى عرّافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يومًا، ومنها ما رواه أهل السنن أنه عليه الصلاة والسلام قال: من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ إلى غير هذا مما جاء فيه النهي.
الشيخ: والمعنى أنهم يخدعون الناس بما قد يسمعون من الكلمات المسترقة، تسترقها الشياطين مما يسمعونها في السماء، الشياطين تركب بعضها بعضًا وترتفع إلى عنان السماء السحاب إلى قرب السماء فيسمعون بعض الشيء وربما سمعوا كلمة مما يقع في الأرض فيلقونها إلى أوليائهم من السحرة والكهنة، فيكذبون معها السحرة والكهنة الكذب الكثير، كما في قوله هنا: مائة كذبة وفي اللفظ الآخر: فيزيدون... فيقول الناس: قد قال كذا وكذا وصدق، هذه ........ الناس قيل كذا وقالوا كذا فيحملون جميع ما يرد عنهم على تلك الكلمة التي صدَّقوا بها، وهذا من شدة قبول النفوس للباطل، وعدم التثبُّت في الأمور في غالب الأحيان من غالب الناس.
...............