67 من حديث: (جاءت هند بنت عتبة فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيك..)

س:............

الشيخ: عند جمع من أهل العلم يسمى متواترًا، وعند من شرط أكثر من ذلك هذا رواه أكثر من عشرة، بعض أهل العلم ذكر أن عشرة تكفي، كما ألف في هذا السيوطي، وآخرون يحكم بالتواتر في أقل من عشرة أيضًا؛ لأنه يختلف: عشرة من الثقات الأثبات أحسن من خمسين من ستين من ناس مجروحين، تختلف الأسانيد ويختلف الناظر فيها، فهناك ناظر يعرف صفات الرواة وثقتهم وضبطهم فيقتنع ويقول إنه عنده متواتر وإن كان خمسة ستة سبعة، وبعض الناس ليس عنده علم وبصيرة بأحوال الرواة فقد لا يقع في قلبه من الثقة والطمأنينة بالعشرة ما يقع في قلب الآخر..

س:............

الشيخ: التواتر يختلف بحسب حال الرواة، وحسب حال الناظر فيهم وعلمه.

س: خبر الواحد إن تلقته الأمة بالتصديق؟

الشيخ: يفيد العلم أيضًا على الصحيح، يفيد العلم كما قال الحافظ في النخبة ........ حتى ولو من طريقين وقد يأتي من طريق واحد ثابت فيطمئن القلب إليه، ويفيده العلم.

س: ما يكون هذا الحديث من هذا الباب؟

الشيخ: هذا من المتواتر، ما هو من باب الآحاد.

س: .... دليل على حب الإنسان للدنيا وتعلقه بها؟

الشيخ: هذه طبيعة ابن آدم، والإنسان قد تقوم عنده شبهة يصعب زوالها من نفسه.

س:............

الشيخ: معمر من أقران الثوري، قد يروي أحدهما عن الآخر ممكن لكن كلاهما أقران، كلاهما يروي عن الزهري.

س:............

الشيخ: صدقة مال بني النضير، أموال بني النضير التي كانت للنبي ﷺ، كان النبي ينفق منها على أهلها من الأموال التي أخذها من بني النضير لما أجلاهم.

س:............

الشيخ: الذي أخذه النبي ﷺ، أما الفيء الذي بعد ولاة الأمور الذي.. يكون لبيت المال عمومًا.

بَاب نَفَقَةِ المَرْأَةِ إِذَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَنَفَقَةِ الوَلَدِ

5359 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا؟ قَالَ: لاَ، إِلَّا بِالْمَعْرُوفِ.

5360 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِذَا أَنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا، عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ.

الشيخ: تقدم أن المرأة راعية، وعليها أن تجتهد في نصح زوجها وولده، وهي مسؤولة عن رعيتها، فإذا كان الزوج مسيكًا شحيحًا فلها أن تأخذ من ماله بالمعروف حاجتها وحاجة أولادها وأهل بيتها، هذا معنى قوله ﷺ: لا إلا بالمعروف قوله لهند بنت عتبة، وفي اللفظ الآخر: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك وما يكفي بنيك فلها أن تأخذ من ماله من جيبه من صندوقه من المال الذي له من غير علمه ما يكفيها بدون إسراف ولا تبذير، وهكذا إذا أنفقت من كسبه غير مفسدة كما في الرواية الأخرى: (لا مفسدة) بغير أمره، فلها النصف، له النصف ولها النصف، وهذا محمول عند أهل العلم بما جرت العادة بإنفاقه، ما جرت العادة بإنفاقه أو مما أذن لها فيه إذنًا مطلقًا، فإنها إن أنفقت غير مفسدة متحرية للإصلاح كان بينهما الأجر نصفين: لها النصف وله النصف، يعني لها مثله بسبب إعانته على هذا الخير وسعيها في الخير، فيكون لها مثل أجره، وهذا مثل ما تقدم في الخازن، وأن الخازن المسلم الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملًا موفرًا حتى يدفعه للذي أمر به من غير مشقة ولا تعتعة هو أحد المتصدقين، يعني له مثل أجر صاحب المال؛ لأنه نفذ ما أمر به من دون مشقة ولا تعب على المعطي، وهذا من فضل الله وجوده وكرمه وإحسانه ومن التشجيع على المساعدة في الخير، مثل قوله ﷺ: من دل على خير فله مثل أجر فاعله كله فيه تشجيع وترغيب في التعاون على الخير.

أما إذا منعها فليس لها أن تنفق إلا بإذنه، كما جاء في الأحاديث الأخرى، هذا هو الجمع بين النصوص، ما جرت به العادة تنفق والمرأة شريكة والخادم شريك، وما أمرها به أمرًا مطلقًا كذلك فهي شريكة في الأجر والخازن شريك في الأجر، إن مُنع يمتنع، وما هو لازم له يؤخذ منه ولو بغير علمه إذا كان لازمًا له مثل نفقة الزوجة والبنين ومن تحت يده، فإنفاقه عليهم أمر لازم، يكون لها مثل أجره؛ لأنها أحسنت في إيصال الحق إلى مستحقه وإعانة من عليه الواجب على أداء الواجب، فكان لها بهذا مثل أجره بإحسانها وإعانتها له على الخير، وأشبهت بهذا الدال على الخير: من دل على خير فله مثل أجر فاعله فالمعين على الخير كذلك.

س: ما جرت العادة بإنفاقه يشمل الشيء اليسير؟

الشيخ: كل ما جرت العادة بإنفاقه؛ لأن العرف يختلف، بعض الناس في بلادهم وفي بيوتهم أو مع أزواجهم، فالناس يختلفون في السماح وفي الشدة وفي الجود والكرم وفي البخل.

س: إذا لم يأذن في النقود القليلة..؟

الشيخ: إذا لم يأذن لا تتصرف إلا الشيء الذي لو ترك فسد.

س:............

الشيخ: الذي يظهر أنه إذا منعها لا تنفق إلا بإذنه، إذا منع إلا بما جرت العادة بإنفاقه بإذنه وإذن أمثاله، يعني الشيء المعتاد مثل الطعام الذي يفسد لو ترك، وأشباهه، يعني الشيء الذي ما يضر إنفاقه، ولا يسبب حرجًا عليها من زوجها.. الطعام المتيسر الذي يفضل لو ترك لفسد.

س: الإذن والمنع لا بد من النطق؟

الشيخ: إذا كان هناك عرف كفى، وإن كان ما هناك عرف لا بدّ من الإذن النطقي.

بَاب وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [البقرة: 233]- إِلَى قَوْلِهِ - بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة:110]

وَقَالَ: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا [الأحقاف:15] وَقَالَ: وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ [الطلاق:7]- إِلَى قَوْلِهِ - بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطلاق:7] وَقَالَ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ: "نَهَى اللَّهُ أَنْ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا، وَذَلِكَ: أَنْ تَقُولَ الوَالِدَةُ: لَسْتُ مُرْضِعَتَهُ، وَهِيَ أَمْثَلُ لَهُ غِذَاءً، وَأَشْفَقُ عَلَيْهِ وَأَرْفَقُ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْبَى، بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ نَفْسِهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْمَوْلُودِ لَهُ أَنْ يُضَارَّ بِوَلَدِهِ وَالِدَتَهُ، فَيَمْنَعَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ ضِرَارًا لَهَا إِلَى غَيْرِهَا، فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَسْتَرْضِعَا عَنْ طِيبِ نَفْسِ الوَالِدِ وَالوَالِدَةِ، فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا [البقرة:233] بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ" فِصَالُهُ [لقمان:14]: "فِطَامُهُ".

الشيخ: كل هذا حق، كلام الزهري كلام طيب، ليس للزوج أن يضارها وليس لها أن تضاره، لا ضرر ولا ضرار، وعليهما أن يعملا ما فيه صلاح الولد، فإن كان صلاحه في بقائه معها لزمها، وإن كان صلاحه في نزعه منها فعل، وإذا اتفقا على انفصال بعد التشاور والتراضي على أنه يُفطم أو يجعل عند مرضعة بدل أمه أو يكتفى بالحليب الخارجي ويفصل عن إرضاعها فلا بأس.

بَاب عَمَلِ المَرْأَةِ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا

5361 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الحَكَمُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ، فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ، فَقَالَ: عَلَى مَكَانِكُمَا فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي، فَقَالَ: أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا - أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا - فَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ.

الشيخ: هذا التعليم العظيم والتوجيه الكبير من هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وجههما إلى ما فيه الخير والسعادة والصلاح والهمة العالية والصبر على مطالب الدنيا والتقشف والاكتفاء بذلك عن الخادم إلى وقت آخر، وكانت فاطمة تقوم بحاجة البيت: كالطبخ والطحن والخبز ونحو ذلك من حاجات البيت، فلما بلغها أنه ورد إليه ﷺ رقيق ذهبت إليه لتطلب خادمة تعينها على أمور البيت، فلم تصادفه عليه الصلاة والسلام وهو في البيت، فأوصت عائشة له بذلك، فلما جاء أخبرته عائشة بأنها جاءت فاطمة لهذا الغرض؛ لأن تطلب خادمًا فتوجه إليهما ليلًا عليه الصلاة والسلام بعد العشاء، فجاءهما وهما قد أخذا مضاجعهما، فأرادا أن يقوما، فقال: على مكانكما، فجلس بينهما وجعل قدميه إلى بطن علي، قال علي: فوجدت بردها، وهذا من باب ملاينة القريب والصهر، ومن باب طرح التكلف، فأخبرهما بما أبلغته عائشة، وقال: ألا أدلكما على ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما مضاجعكما: فسبحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وكبرا أربعًا وثلاثين، هذه مائة، ذلك خير لكما من خادم هذا يدل على فضل هذا التسبيح وهذا التحميد والتكبير عند النوم، وأنه يستحب أن يسبح الرجل عند نومه والمرأة كذلك ثلاثًا وثلاثين ويحمد ثلاثًا وثلاثين ويكبر أربعًا وثلاثين الجمع مائة، فهذا مما يعين على تعب البيت، وحاجات البيت، ويقوي الأبدان والهمم على العمل، ويغني عن الخادم، في رواية أن فاطمة قالت: فما وجدت تعبًا بعد ذلك، وفي رواية أنه قال لهما: لن أعطيكما من هذا الرقيق وأدع أهل الصفة تطوي بطونهم، ولكن أبيع هذا الرقيق، وأنفقه على أهل الصفة، يعني هذا معنى ما قاله عليه الصلاة والسلام، ثم جاء بعد ذلك الرقيق ووسّع الله فأخدمها بعد هذه الواقعة بمدة من الزمن، جاءه رقيق فأعطاها خادمًا بعد ذلك عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن الرفق في الأمور وتحري أسباب التقشف والصبر والتحمل أمر مناسب في وقته، فإذا وسّع الله ويسّر فلا مانع من التوسعة، وفيه الدلالة على أن المرأة تقوم بحاجة البيت، تخدم زوجها، وتقوم بحاجته من الطبخ والكنس والطحن وأشباه ذلك، وإذا تيسر له إخدامها فعل ذلك من باب التيسير عليها والإعانة عليها، وذكر جمع من أهل العلم أن هذا يختلف بحسب عُرف الناس، وأنه إذا كانت البلد لها عرف أو الأسرة لها عرف عمل معها بالعرف، فإذا كانت الأسرة من عرفها الإخدام أُخدمت بنتهم، وجعل عندها من يخدم، وإن كان من عرفهم أنها لا تُخدم فإنها تخدم البيت إلا أن يطوع لها بخادم، وهذا القول قول جيد، الله جل وعلا أمر بمراعاة العرف في مواضع: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233] والنبي قال لهند: بالمعروف، فالمعروف متبع ومراعى في كل الأمور التي تتعلق بشؤون الأسرة والضيافة والإخدام والولائم وغير هذا مما يختلف في عرف الناس. وفيه من الفوائد الزيارة ليلًا بعد العشاء، وأنه لا مانع من الزيارة إذا دعت إليها الحاجة ليلًا، النبي زارهما ليلًا بعدما أخذا مضاجعهما، فهذا يدل على أن الزيارة في الليل لا بأس بها إذا دعت إليها الحاجة.

س:............

الشيخ: العرف المعروف كالمشروط، إذا كان عرفًا معروفًا سائدًا ولم تسمح إلا به فهو كالمشروط.

س:............

الشيخ: يقولها عند النوم، إن شاء فرّق وإن شاء جمع: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثًا وثلاثين، ويزيد واحدة في التكبير، وإن شاء كل واحدة لحالها: سبحان الله وحدها يكملها ثلاثًا ثلاثين، والحمد لله ثلاثًا وثلاثين، ويكبر أربعا وثلاثين، الأمر واسع.

س:............

الشيخ: هذا الأصل، هذا الأساس، الأساس لقضاء الوطر والنسل، والخدمة تابعة لذلك.

بَاب خَادِمِ المَرْأَةِ

5362 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، سَمِعَ مُجَاهِدًا، سَمِعْتُ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَقَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْهُ؟ تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتُكَبِّرِينَ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: إِحْدَاهُنَّ أَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ، فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ، قِيلَ: وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قَالَ: وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ.

الشيخ: يعني ليلة الحرب: صفين؛ الليلة العظيمة الشديدة التي وقعت بين أهل الشام والعراق، بين علي ومعاوية، يعني أنه كان محافظًا على ما قال له ﷺ، وهكذا ينبغي للمؤمن إذا عرف السنن أن يحافظ عليها.

وهذا الذي قاله عند النوم، يقال أيضًا بعد الصلوات، هذا إحدى السنن بعد الصلوات، بعد كل صلاة يسبح ثلاثًا وثلاثين ويحمد ثلاثًا وثلاثين ويكبر أربعًا وثلاثين، هذا نوع من أنواع الذكر عقب الصلاة.

والنوع الثاني: كل واحدة ثلاثًا وثلاثين، وتمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كما رواه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة.

ونوع ثالث: لا يكبر أربعًا وثلاثين ولا يأتي بلا إله إلا الله، بل تسع وتسعين فقط: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثًا وثلاثين مرة، كما علم النبي فقراء المهاجرين لما جاءوا يقولون له: إن المهاجرين سبقونا، عندهم أموال، وعندهم كذا، فقال: ألا أخبركم بما تدركون به من سبقكم، وتسبقون من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، ولم يزدهم على ذلك، فصار نوعًا ثالثًا.

س: ما جاء خمسة وعشرين؟

الشيخ: وجاء خمسة وعشرين، وجاء نوعًا آخر عشرة عشرة، وإحدى عشرة وإحدى عشرة، لكن أصحها ثلاث وثلاثين الذي ذكرنها، أما خمس وعشرين ففي السنن عن النسائي..

بَاب خِدْمَةِ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ

5363 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، مَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ، يَصْنَعُ فِي البَيْتِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا سَمِعَ الأَذَانَ خَرَجَ.

الشيخ: يعني لحاجة أهله، ومصالح أهله، في إصلاح بيته، وحاجة أهله، وتوجيه أهله، وتعليمهم، ومساعدتهم على حاجات البيت.

بَاب إِذَا لَمْ يُنْفِقِ الرَّجُلُ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ

5364 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ، فَقَالَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ، بِالْمَعْرُوفِ.

بَاب حِفْظِ المَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي ذَاتِ يَدِهِ وَالنَّفَقَةِ

5365 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ نِسَاءُ قُرَيْشٍ - وَقَالَ الآخَرُ: صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ - أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.

الشيخ: وهذا يدل على فضل نساء قريش، يعني صالحهن، وأنهن عندهن من العطف على الأولاد وعلى الزوج والعناية بذات يده ما هو معروف، يعني الصالحات منهن، نعم.

أيش قال الشارح عن: ويذكر عن معاوية؟

الطالب: وَيُذْكَرُ عَن مُعَاوِيَة وابن عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَمَّا حَدِيث مُعَاوِيَة وَهُوَ ابن أَبِي سُفْيَانَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ زيد بن أبي غِيَاثٍ.

الطالب: عندنا زيد بن أبي عتاب.

الشيخ: شف التقريب.

الطالب: عَنْ مُعَاوِيَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذكر مثل رِوَايَة ابن طَاوُسٍ فِي جُمْلَةِ أَحَادِيثَ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ، وَفِي بَعضهم مقَال لَا يقْدَح، وَأما حَدِيث ابن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدثنِي ابن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَطَبَ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهَا سَوْدَةُ، وَكَانَ لَهَا خَمْسَةُ صِبْيَانٍ أَوْ سِتَّةٌ مِنْ بَعْلٍ لَهَا مَاتَ، فَقَالَتْ لَهُ: مَا يَمْنَعُنِي مِنْكَ أَنْ لَا تَكُونَ أَحَبَّ الْبَرِّيَّةَ إِلَيَّ إلا إِنِّي أكرمك أَن تضفو هَذِهِ الصِّبْيَةُ عِنْدَ رَأْسِكَ، فَقَالَ لَهَا: يَرْحَمُكِ اللَّهُ، إِنَّ خَيْرَ نِسَاءٍ رَكِبْنَ أَعْجَازَ الْإِبِلِ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، الْحَدِيثَ، وَسَنَدُهُ حَسَنٌ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَن ابن عَبَّاسٍ بِاخْتِصَارِ الْقِصَّةِ، وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أُمَّ هَانِئٍ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَلَعَلَّهَا كَانَتْ تُلَقَّبُ سَوْدَةَ فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ اسْمَهَا فَاخِتَةُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً أُخْرَى، وَلَيْسَتْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَزَوَّجَهَا قَدِيمًا بِمَكَّةَ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ، وَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِعَائِشَةَ، وَمَاتَ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ وَاضِحًا، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْمَتْن مُسْتَوفى فِي أَوَائِل كتاب النِّكَاح.

بَاب كِسْوَةِ المَرْأَةِ بِالْمَعْرُوفِ

5366 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُالمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ: «آتَى إِلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ حُلَّةً سِيَرَاءَ فَلَبِسْتُهَا، فَرَأَيْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي».

الشيخ: وفي اللفظ الآخر: إني لم أعطكها لتلبسها، وإنما أعطيتكها لتكسوها نساءك والفواطم؛ لأن الحلة من الحرير ليست للرجال، لا تجوز للرجال.

بَاب عَوْنِ المَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي وَلَدِهِ

5367 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: هَلَكَ أَبِي وَتَرَكَ سَبْعَ بَنَاتٍ أَوْ تِسْعَ بَنَاتٍ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً ثَيِّبًا، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: تَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ: فَهَلَّا جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ، وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ عَبْدَاللَّهِ هَلَكَ، وَتَرَكَ بَنَاتٍ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ، فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْ قَالَ: خَيْرًا.

س: هن أخوات جابر وفي الباب: باب عون المرأة زوجها في ولده؟

الشيخ: الولد مثل الأخوات يعني، من إعانة الأخوات، فالولد من باب أوْلى.

الطالب: زيد بن أبي غياث ما هو موجود، موجود زيد بن أبي عتاب نقرأه؟

الشيخ: نعم.

الطالب: زيد ابن أبي عتاب بمثناة وآخره موحدة، ويقال: زيد أبو عتاب الشامي مولى معاوية أو أخته أم حبيبة، ثقة من الثالثة: "بخ س ق".

الشيخ: صلحه عندك يا شيخ عبدالعزيز صلحه "عتاب" مثل ما في العيني.

س: إذا كان في الإسناد شهر بن حوشب؟

الشيخ: لا بأس به صدوق، أقولك صدوق بالجملة، وإن كان له أوهام؛ لكن الأصل عدم الوهم، وهذا له شاهد عظيم، والأصل عدم الوهم، ما يصار الوهم إلا عند المعارضة.

س: إذا انفرد؟

الشيخ: إذا انفرد لا بأس به، حسن، إذا انفرد ولم يكن هناك علة أخرى.

بَاب نَفَقَةِ المُعْسِرِ عَلَى أَهْلِهِ

5368 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ، فَقَالَ: هَلَكْتُ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: فَأَعْتِقْ رَقَبَةً قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي، قَالَ: فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ: لاَ أَسْتَطِيعُ، قَالَ: فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ: لاَ أَجِدُ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ؟ قَالَ: هَا أَنَا ذَا، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا قَالَ: عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، قَالَ: فَأَنْتُمْ إِذًا.

الشيخ: والشاهد من هذا أنه ﷺ أقرهم على ما هم عليه من حالتهم الشديدة، فإن الرجل ذكر أنهم معسرون، وأنهم بحاجة، وأنهم أوْلى بهذه الصدقة، ولم يفرق بينهم، ولم يقل للمرأة لك ترك النكاح أو لك كذا، ذلك دال على أن المعسر والمعسرة إذا سكتا ولم تقل شيئًا فلا حرج إذا صبرت على زوجها وعلى عسرته، ولا تطلب شيئًا فإنه لا يتعرض لها، وإنما الكلام فيما إذا طلبت، هذا هو محل البحث، أما إذا سكتت وتراضوا وسكتوا على ما هم عليه من العسر والحاجة فلا شيء على الزوج في ذلك؛ لأنها قد صبرت معه ورضيت.

وفي هذا دلالة على أن من عجز عن كفارة الوطء في رمضان فإنها تسقط؛ لأن الرسول ﷺ ما قال له: إذا أيسرت فأنفقها أو فأخرجها؛ بل قال: أنتم إذًا، قال: فأطعمه أهلك، ومعلوم أن الإنسان ليس مصرفًا لزكاته ولا مصرفًا لكفاراته، فعلم أنها سقطت عنه، وأنه صار بهذا الإعسار أهلا لأن يتصدق عليه، بدلًا من أن يؤخذ منه.

بَاب وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ [البقرة:233] وَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْهُ شَيْءٌ

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ [النحل:76]- إِلَى قَوْلِهِ - صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة:142]

5369 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ فِي بَنِي أَبِي سَلَمَةَ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ، وَلَسْتُ بِتَارِكَتِهِمْ هَكَذَا وَهَكَذَا، إِنَّمَا هُمْ بَنِيَّ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ.

5370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالَتْ هِنْدُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِينِي وَبَنِيَّ؟ قَالَ: خُذِي بِالْمَعْرُوفِ.

الشيخ: وهذا فيه من الفوائد: أن المرأة إذا أنفقت على أيتامها وأحسنت فيها فهي مأجورة على ذلك، وقد سبق في الأحاديث الصحيحة ما يدل على أن كافل اليتيم مع النبي كهاتين، كما بين إصبعيه السبابة والوسطى، وأن كفالة اليتامى من أسباب دخول الجنة، فالإنفاق عليهم فيه أجر كبير، والإحسان إلى الأيتام والرأفة بهم وكفالتهم فيه أيضًا الخير العظيم، ومن أسباب دخول الجنة والقرب من النبي عليه الصلاة والسلام.

وفيه من الفوائد حديث عائشة أن المرأة إذا أخذت من مال زوجها بغير علمه لحاجتها وحاجة أولادها وأهل بيتها فلا حرج؛ لأنه قال: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك فدل ذلك على أنه إذا أخذت المرأة من مال زوجها بغير علمه ما هو فرض عليه وما هو حق عليه من نفقتها وأولادها وأهل بيته فإن ذلك لا حرج فيه ولو لم يعلم، ويلحق بهذا الخادم كذلك إذا أخذ من مال سيده ما يكفيه، والأولاد أنفسهم فقراء كذلك لأنهم أخذوه بحق، ويلحق بهذا الضيف، والمغصوب منه إذا أخذ من مال الغاصب؛ لأن أسبابها ظاهرة.

س: إذا كان الأولاد غير أولاده؟

الشيخ: إذا كان التزم بالإنفاق عليهم وجعل في بيته ينفق عليهم فهم... من أهل بيته كالخدم والأيتام الذين لغيره.

بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: مَنْ تَرَكَ كَلًّا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ

5371 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ المُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلًا؟ فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى، وَإِلَّا قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الفُتُوحَ، قَالَ: أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ.

الشيخ: وهذا فيه دلالة على أنه ينبغي لولاة الأمور أن يلاحظوا هذا، وأن يوفوا عن المدينين إذا كان في بيت المال سعة؛ تأسيًا بالنبي عليه الصلاة والسلام، من ترك دينًا وليس له وفاء شرع لولي الأمر أن يقضي عنه لأنه أحد أفراد المسلمين والمال ماله والبيت بيته، فأما من ترك مالًا فهو لورثته كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا فيه رأفته ورحمته بأهل الإيمان عليه الصلاة والسلام وحرصه على ما فيه راحتهم وسعادتهم وراحة أولادهم.. فإن قضاء الدين عن المدينين من أعظم المهمات ومن أعظم النعم ومن أعظم الإحسان، ثم ترك المال للورثة هذا من واجب العدالة... من ترك مالًا فهو للورثة ليس عليه ضريبة لأحد.

بَاب المَرَاضِعِ مِنَ المَوَالِيَاتِ وَغَيْرِهِنَّ

5372 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: وَتُحِبِّينَ ذَلِكِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي الخَيْرِ أُخْتِي، فَقَالَ: إِنَّ ذَلِكِ لاَ يَحِلُّ لِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ؟ فَقَالَ: بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا بِنْتُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ عُرْوَةُ: ثُوَيْبَةُ أَعْتَقَهَا أَبُو لَهَبٍ.

الشيخ: شف كلامه على الترجمة الأولى والثانية.

الطالب: قَوْلُهُ: (بَابُ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ عَلَى أَهْلِهِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الَّذِي وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الصِّيَامِ، قَالَ ابن بَطَّالٍ وَجْهُ أَخْذِ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ أَنَّهُ ﷺ أَبَاحَ لَهُ إِطْعَامَ أَهْلِهِ التَّمْرَ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ إِنَّ ذَلِكَ يَجْزِيكَ عَنِ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فَرْضُ النَّفَقَةِ عَلَى أَهْلِهِ بِوُجُودِ التَّمْرِ وَهُوَ أَلْزَمُ لَهُ مِنَ الْكَفَّارَةِ، كَذَا قَالَ، وَهُوَ يُشْبِهُ الدَّعْوَى فَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَخْذَ مِنْ جِهَةِ اهْتِمَامِ الرَّجُلِ بِنَفَقَةِ أَهْلِهِ حَيْثُ قَالَ لَمَّا قِيلَ لَهُ: تَصَدَّقْ بِهِ، فَقَالَ: أَعْلَى أَفْقَرَ مِنَّا، فَلَوْلَا اهْتِمَامُهُ بِنَفَقَةِ أَهله لبادر وَتصدق.

قَوْله: (بَاب وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ وَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْهُ شَيْءٌ؟ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ الْآيَةَ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَلِغَيْرِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: أَبْكَمُ إِلَى قَوْله: صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، قَالَ ابن بَطَّالٍ مَا مُلَخَّصُهُ: اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْمُرَادِ بقوله: وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَقَالَ ابن عَبَّاسٍ: عَلَيْهِ أَنْ لَا يُضَارَّ، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَالْجُمْهُورُ قَالُوا: وَلَا غُرْمَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْوَرَثَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ وَلَدِ الْمَوْرُوثِ، وَقَالَ آخَرُونَ: عَلَى مَنْ يَرِثُ الْأَبَ مِثْلُ مَا كَانَ عَلَى الْأَبِ مِنْ أَجْرِ الرَّضَاعِ إِذَا كَانَ الْوَلَدُ لَا مَالَ لَهُ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالْوَارِثِ، فَقَالَ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ: هُوَ كُلُّ مَنْ يَرِثُ الْأَبَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: هُوَ مَنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ لِلْمَوْلُودِ دُونَ غَيْرِهِ، وَقَالَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ: هُوَ الْمَوْلُودُ نَفْسُهُ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: إِذَا خَلَّفَ أُمًّا وَعَمًّا فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا إِرْضَاعُ الْوَلَدِ بِقَدْرِ مَا يَرِثُ، وَبِه قَالَ الثَّوْريّ، قَالَ ابن بَطَّالٍ: وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ: وَعَلَى وَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى رَدِّهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ، فَنزل الْمَرْأَة من الْوَارِث منزلَة الأبكم مِنَ الْمُتَكَلِّمِ. اهـ. وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ عَنْ قَائِلِهَا، وَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ حَمْلُ الْمِثْلِيَّةِ فِي قَوْله {مثل ذَلِك} عَلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ، وَالَّذِي تَقَدَّمَ الْإِرْضَاعُ وَالْإِنْفَاقُ وَالْكِسْوَةُ وَعَدَمُ الْإِضْرَارِ، قَالَ ابن الْعَرَبِيِّ: قَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَرْجِعُ إِلَى الْجَمِيعِ بَلْ إِلَى الْأَخِيرِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ، فَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْجَمِيعِ فِعْلَيْهِ الدَّلِيلُ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ بِالْإِفْرَادِ وَأَقْرَبُ مَذْكُورٍ هُوَ عَدَمُ الاضرار فرجح الْحَمْلُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ فِي سُؤَالِهَا هَلْ لَهَا أَجْرٌ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى أَوْلَادِهَا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ فَأَخْبَرَهَا أَنَّ لَهَا أَجْرًا فَدَلَّ عَن أَنَّ نَفَقَةَ بَنِيهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهَا إِذْ لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا لَبَيَّنَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ، وَكَذَا قِصَّةُ هِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ فَإِنَّهُ أَذِنَ لَهَا فِي أَخْذِ نَفَقَةِ بَنِيهَا مِنْ مَالِ الْأَبِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ دُونَهَا، فَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَلْزَمِ الْأُمَّهَاتِ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ فِي حَيَاةِ الْآبَاءِ فَالْحُكْمُ بِذَلِكَ مُسْتَمِرٌّ بَعْدَ الْآبَاءِ، وَيُقَوِّيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ أَيْ: رِزْقُ الْأُمَّهَاتِ وَكِسْوَتُهُنَّ مِنْ أَجْلِ الرَّضَاعِ للأبناء، فَكيف يجب لَهُنَّ فِي أول الْآيَة وَتجب عَلَيْهِنَّ نَفَقَةُ الْأَبْنَاءِ فِي آخِرِهَا؟ وَأَمَّا قَوْلُ قَبِيصَةَ فَيَرُدُّهُ أَنَّ الْوَارِثَ لَفْظٌ يَشْمَلُ الْوَلَدَ وَغَيْرَهُ فَلَا يُخَصُّ بِهِ وَارِثٌ دُونَ آخَرَ إِلَّا بِحُجَّةٍ، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ هُوَ الْمُرَادَ لَقِيلَ: وَعَلَى الْمَوْلُودِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ عَلَى الْخَالِ لِابْنِ أُخْتِهِ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْعَمِّ لِابْنِ أَخِيهِ، وَهُوَ تَفْصِيلٌ لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَلَا السُّنَّةِ وَلَا الْقِيَاسِ، قَالَهُ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي، وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ وَمَنْ تَابَعَهُ فَتُعُقِّبَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَلَمَّا وَجَبَ عَلَى الْأَبِ الْإِنْفَاقُ عَلَى مَنْ يُرْضِعُ وَلَدَهُ لِيُغَذَّى وَيُرَبَّى فَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا فُطِمَ فَيُغَذِّيهِ بِالطَّعَامِ كَمَا كَانَ يُغَذِّيهِ بِالرَّضَاعِ مَا دَامَ صَغِيرًا، وَلَوْ وَجَبَ مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى الْوَارِثِ لَوَجَبَ إِذَا مَاتَ عَنِ الْحَامِلِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَصَبَةَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لِأَجْلِ مَا فِي بَطْنِهَا، وَكَذَا يَلْزَمُ الْحَنَفِيَّةَ إِلْزَامُ كل ذِي رحم محرم، وَقَالَ ابن الْمُنِير: إِنَّمَا قصر الْبُخَارِيُّ الرَّدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأُمَّ يَجِبُ عَلَيْهَا نَفَقَةُ وَلَدِهَا وَإِرْضَاعُهُ بَعْدَ أَبِيهِ لِدُخُولِهَا فِي الْوَارِثِ، فَبَيَّنَ أَنَّ الْأُمَّ كَانَتْ كَلًّا عَلَى الْأَبِ وَاجِبَةَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَمَنْ هُوَ كَلٌّ بِالْأَصَالَةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ غَالِبًا كَيْفَ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى غَيْرِهِ، وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ إِنْفَاقَهَا عَلَى أَوْلَادِهَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْفَضْلِ وَالتَّطَوُّعِ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا وُجُوبَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا قِصَّةُ هِنْدٍ فَظَاهِرَةٌ فِي سُقُوطِ النَّفَقَةِ عَنْهَا فِي حَيَاةِ الْأَبِ، فَيُسْتَصْحَبُ هَذَا الْأَصْلُ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَبِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ السُّقُوطِ عَنْهَا فِي حَيَاةِ الْأَبِ السُّقُوطُ عَنْهَا بَعْدَ فَقْدِهِ، وَإِلَّا فُقِدَ الْقِيَامُ بِمَصَالِحِ الْوَلَدِ بِفَقْدِهِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْبُخَارِيِّ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَهُوَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فِي إِنْفَاقِهَا عَلَى أَوْلَادِهَا الْجُزْءَ الْأَوَّلَ مِنَ التَّرْجَمَة؛ِ وَهُوَ أَنَّ وَارِثَ الْأَبِ كَالْأُمِّ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمَوْلُودِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ، وَمِنَ الْحَدِيثِ الثَّانِي الْجُزْءَ الثَّانِيَ وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ شَيْءٌ عِنْدَ وُجُودِ الْأَبِ وَلَيْسَ فِيهِ تعرض لما بعد الْأَب، وَالله أعلم.

الشيخ: في هذا البحث بعض النقص والأظهر في هذا أن النفقة لا تنافي بين وجوبها وبين الأجر، وكون النبي قال لأم سلمة: ولك أجر أو لغيرها لا ينفي كون ذلك واجبًا عليها عند وجود المقتضي، والنفقة تدخل في الصلة في صلة الرحم وصلة الرحم واجبة وبر الوالدين واجب والنفقة داخلة في ذلك؛ بل هي أعظم الأمور الداخلة في صلة الرحم وفي البر فعليها نفقة أولادها، ولها الأجر في ذلك مع الوجوب في الأجر، الأجر لا تنافي بينه وبين وجوب الإنفاق عليها إذا استطاعت، وقد قال النبي ﷺ لما سأله سائل: من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من ؟ قال: ثم أباك، قال: ثم الأقرب فالأقرب، فدل ذلك على أن النفقة والبر والصلة تتبع الأقرب فالأقرب، لا تعلق لها بالميراث، وعلى الوارث مثل ذلك من جهة عدم المضارة، لا يضار، أما النفقة فهي على الأقرب فالأقرب، فالأول الآباء هم المسؤولون عن النفقة على أولادهم، ثم بعد ذلك على الترتيب أمهم إذا كانت قادرة، ثم جدهم، ثم هكذا حسب الترتيب في المواريث؛ لأن الصلة والإحسان أمر لازم للأقارب فيما بينهم وإذا اختلفوا وتعددوا وزعت بينهم النفقة على حسب قوتهم وغناهم وسعة الرزق عليهم، كل يصل الرحم بقدر طاقته، فإن اصطلحوا كفى، وإلا فولي الأمر يوزعها عليهم على حسب وسعهم، وقال آخرون: على حسب الميراث، والأقرب في هذا أنه على حسب وسعهم؛ لأن النفقة والصلة على حسب القدرة، ثم يبدأ بالأقرب فالأقرب، إذا كان يقدر على صلة أخيه قدم على عمه، فإذا كان ماله يتسع لعمه قدم على ابن عمه وهكذا، والله أعلم.

70 - كِتَابُ الأَطْعِمَةِ

بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة:57] وَقَوْلِهِ: أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ [البقرة:267] وَقَوْلِهِ: كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [المؤمنون:51].

5373 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ قَالَ سُفْيَانُ: "وَالعَانِي: الأَسِيرُ".

الشيخ: وهذه كلمات مختصرة من جوامع كلمه ﷺ: أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني كلمات موجزات مشتملة على خير كثير في إصلاح المجتمع ورحمته والإحسان إليه، وإطعام الجائع من أعظم الإحسان، فإن سد الجوعى والعناية بالمحتاج ورحمته لا شك أن له أثرًا كبيرًا، لا شك أن لهذا أثرًا كبيرًا في تقارب القلوب وجمع القلوب والتعاون على الخير، وهكذا زيارة المرضى، فالمريض يتأثر بالعيادة ويرى شيئًا كبيرًا في نفسه للعائد، فهذا من الخصال الحميدة التي جاء بها الإسلام، وهكذا فك العاني وهو الأسير إذا اهتم المسلمون بفك أسراهم أسرى الحرب من أيدي المشركين هذا إنقاذ لهم من الشر وإنقاذ لهم من تعب الأسر وظلم الكفار، الإحسان إلى أهاليهم وعوائلهم ورجوعهم، إلى غير هذا من المصالح، وإذا كان هذا بفك الأسرى من أيدي الكفار فيه ما فيه من الأجر فكيف بفكهم من الشرك ودعوتهم إلى الله وتوجيههم إلى الخير وإنقاذهم من ظلمات الشرك والكفر إلى نور الإسلام وهدايته وعدالته؟ يكون أعظم، فإن إعتاقهم من الشرك بالدعوة والتوجيه والإرشاد والإحسان والتأليف له المنزلة العظمى في خصال الإيمان وفي الإحسان إلى الناس وفي إنقاذهم من أعظم خطر وأكبر جريمة وأعظم سببًا لدخول النار، ويلتحق بهذا إنقاذ الغرماء وفك أسرهم من الديون، لاسيما المعروفون بالخير والاستقامة والصلاح، فإن إنقاذهم من شر الدين ومعاونتهم على تخليص ذممهم فيه شيء من فك الأسر، وفيه أيضًا تقريب للقلوب وتأليف لها وفيه إحسان عام للدائن والمدين، وفيه تعاون على البر والتقوى وتأثر من المؤمن بأخيه: أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني كلمات، جمل ثلاث مختصرة فيها الفائدة العظيمة.

5374 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ ﷺ مِنْ طَعَامٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى قُبِضَ».

5375 - وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَصَابَنِي جَهْدٌ شَدِيدٌ، فَلَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، فَاسْتَقْرَأْتُهُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَدَخَلَ دَارَهُ وَفَتَحَهَا عَلَيَّ، فَمَشَيْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ فَخَرَرْتُ لِوَجْهِي مِنَ الجَهْدِ وَالجُوعِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي، فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَقَامَنِي وَعَرَفَ الَّذِي بِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَحْلِهِ، فَأَمَرَ لِي بِعُسٍّ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: عُدْ يَا أَبَا هِرٍّ فَعُدْتُ فَشَرِبْتُ، ثُمَّ قَالَ: عُدْ فَعُدْتُ فَشَرِبْتُ، حَتَّى اسْتَوَى بَطْنِي فَصَارَ كَالقِدْحِ.

الشيخ: كالقدح؟

الطالب: ضبطه في الشرح.

الشيخ: أيش قال عليه؟

الطالب: قَوْلُهُ: كَالْقِدْحِ، بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ بَعْدَهَا حَاءٌ مُهْمَلَةٌ: هُوَ السَّهْمُ الَّذِي لَا رِيشَ لَهُ.

الشيخ: ما هو بظاهر؛ لأن معناه: انتفخ بطنه وكبر حتى صار كالقدح الكبير يعني المكفي، يعني انتفخ بطنه من الشرب شرب اللبن حتى امتلأ بطنه رضي الله عنه وأرضاه، بعد أن كان قد سقط من الجوع واستقرأ عمر الآية، لعل عمر يقول له: ادخل، يفطن له، فعمر فتح عليه الآية، وذكر له ما ذكر، ولكن لم يفطن له وما فيه من الجوع، فسقط من شدة الجوع حتى مر عليه النبي ﷺ وعرف ما به وأخذ بيده وأنهضه وسقاه اللبن، أيش قال العيني؟

الطالب: نفس الكلام السابق؟

الشيخ: سواء.

الطالب: نعم.

الشيخ: ما زاد عليه شيء؟

الطالب: ما زاد شيء.

الشيخ: يمكن كأنه صار عودًا؛ لأن القدح من السهم عود فيه الريش فيه النصل، تشبيهه بالعود يعني: يمكن أنه ارتفع وصار كالعود.

قَالَ: فَلَقِيتُ عُمَرَ، وَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِي، وَقُلْتُ لَهُ: فَوَلَّى ذَلِكَ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ يَا عُمَرُ، وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَقْرَأْتُكَ الآيَةَ، وَلَأَنَا أَقْرَأُ لَهَا مِنْكَ، قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لَأَنْ أَكُونَ أَدْخَلْتُكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُ حُمْرِ النَّعَمِ.

الشيخ: يعني ما تفطن له رضي الله عنه وأرضاه، وهو من أحب الناس إلى الخير، لكن الإنسان قد يُشغل وقد لا يفطن لأخيه، مثل وقتنا اليوم، قد يكون الإنسان في غاية من الحاجة، وغاية من الجوع، وغاية من الفقر، ولا يفطن له بعض إخوانه إلا إذا تكلم.

وهذا يبيّن لنا أن المسلمين أصابهم جهد عظيم في المدينة وشدة، وهذا أبو هريرة أسلم عام خيبر، هذا يدل على أن هذا كان في السنة السابعة أو ما بعدها هذا، المسلمون أصابهم شدة بأن تجمع المهاجرون وتركوا أوطانهم وتركوا أموالهم وتجمعوا في المدينة، كانت الغنائم قليلة فإن الغالب على البادية وعلى الناس في الجزيرة قلة الأموال، وقصارى ما عندهم الإبل والغنم والسرايا ذاك الوقت، وقد تغنم وقد لا تغنم، وقد تغنم الشيء القليل والناس كثير، والأنصار بذلوا كل شيء عندهم، الطعام عندهم التمر في الغالب، ولكن الناس أكثر.

بَاب التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ وَالأَكْلِ بِاليَمِينِ

5376 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَالَ الوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ، يَقُولُ: كُنْتُ غُلاَمًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ.

الشيخ: وهذا عمر ربيب النبي ﷺ أمه أم سلمة وأبوه أبو سلمة عبدالله بن عبدالأسد المخزومي الذي أصابه جرح يوم أُحد، ومات بعد ذلك، بعد أُحد بأشهر، فخلف عليها النبي ﷺ وتزوجها عليه الصلاة والسلام في عام أربع من الهجرة، كان عمر صغيرًا فكبر فصار ممن يعقل بعد ذلك، ولهذا علمه النبي ﷺ: سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك، كانت تطيش يده في الصحفة إذا أراد أن يأكل كالصبية الذين لم يتعلموا، فعلمه النبي ﷺ: سم الله يعني عند الأكل، وكل بيمينك، وكل مما يليك، وهذا أمر، والأمر للوجوب فالذي يظهر أنه تجب التسمية عند الأكل، ويجب الأكل باليمين، ويجب الأكل مما يليه، ومما يدل على الوجوب أن رجلًا عند النبي ﷺ أكل بشماله، فقال: كل بيمينك، قال: لا أستطيع، قال: لا استطعت، فما رفعها إلى فيه بعد ذلك، أصيب بعقوبة لما ترك الأمر تكبرًا وأبى أن يأكل بيمينه فقال له: لا استطعت، فشُلّت يمينه، نسأل الله العافية، خرجه مسلم في الصحيح.

وفيه من الفوائد: تعليم الأولاد، تعليم الصبيان، وأن الرجل يعلم الولد الذي في بيته سواء كان ربيبًا له أو أخًا له أو ولدًا له أو خادمًا أو ما أشبه ذلك، هكذا يعلم غيره من الصبيان يعلمهم الآداب الشرعية، وفي قصة أبي هريرة دلالة على جواز الشبع، فإنه قال: اشرب اشرب اشرب، حتى امتلأ بطنه، وفي القصة الأخرى قال: قلت: والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكًا، فهذا يدل على جواز الشبع وجواز الري، وأنه لا بأس بذلك؛ لكن التخفيف أفضل، حتى يكون له نَفَس كما في حديث: ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه هذا أفضل، ويجوز الشبع، ويجوز الري، ولاسيما إذا كان المحتاج قد يستحي، قد يأكل قليلًا ويستحي، يؤكد عليه: كُلْ كُلْ؛ حتى لا يستحي، حتى يأكل حاجته.

س: كلمة "ما منعه إلا الكِبْر" من الحديث؟

الشيخ: نعم، من النبي ﷺ.

بَاب الأَكْلِ مِمَّا يَلِيهِ

وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ.

5377 - حَدَّثَنِي عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَهُوَ ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: أَكَلْتُ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ طَعَامًا، فَجَعَلْتُ آكُلُ مِنْ نَوَاحِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُلْ مِمَّا يَلِيكَ.

الشيخ: أيش قال على المعلق أثر أنس؟

الطالب: قَوْلُهُ: (بَابُ الْأَكْلِ مِمَّا يَلِيهِ) وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ، هَذَا التَّعْلِيق طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْوَلِيمَةِ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْهَدِيَّةِ لِلْعَرُوسِ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ مُعَلَّقًا مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنِ الْجَعْدِ وَفِيهِ: ثُمَّ جَعَلَ يَدْعُو عَشَرَةً عَشَرَةً يَأْكُلُونَ، وَيَقُولُ لَهُمْ: اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ هُنَاكَ مَنْ وَصَلَهُ، وَسَيَأْتِي أَصْلُهُ مَوْصُولًا بَعْدَ بَابَيْنِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ مَقْصُودُ التَّرْجَمَةِ، وَعَزَاهُ شَيخنَا ابن الملقن تبعا لمغلطاي لتخريج ابن أَبِي عَاصِمٍ فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ طَرِيقِ بَكْرٍ وَثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، وَهُوَ ذُهُولٌ مِنْهُمَا، فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ مَقْصُودُ التَّرْجَمَةِ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى وَالْبَزَّارِ أَيْضًا مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أخرجه ابن أَبِي عَاصِمٍ.

الشيخ: أيش قال ...

الطالب: يقول: هذا التعليق أسنده ابن أبي عاصم في الأطعمة... قال: حدثنا مبارك، قال حدثنا ... بن ثابت عن أنس وأصله في الصحيحين. انتهى.

الشيخ: وهذا فيه من الفوائد أنه: إذا كان المكان ضيقًا أو الإناء ضيقًا يدخلهم جماعة جماعة، كانت وليمة فيها جماعة كثيرون والمكان ضيق أو القصعة ما تتحمل فيدخلهم جماعة جماعة، عشرة عشرة، عشرين عشرين، خمسة خمسة، حسب الحال، يأكلون ثم يقومون، ثم يأتي بعدهم الآخرون وهكذا.

5378 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِطَعَامٍ، وَمَعَهُ رَبِيبُهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ.

بَاب مَنْ تَتَبَّعَ حَوَالَيْ القَصْعَةِ مَعَ صَاحِبِهِ، إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ كَرَاهِيَةً

5379 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسٌ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَرَأَيْتُهُ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ القَصْعَةِ، قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ.

الشيخ: وهذا جمع بين الأحاديث: كل مما يليك في هذا أنه ﷺ: (كان يتتبع الدباء من حوالي القصعة) قال المؤلف أنه لا بأس بهذا إذا عرف من قرينه أو جليسه أنه لا يكره ذلك، ومعلوم أن النبي ﷺ يعلم من أنس أنه لا يكره أن يأكل النبي حاجته من أي جهة، فإذا كانت الكلفة مرفوعة بين الشخصين أو الثلاثة على الإناء وسمح كل واحد للآخر أن يأكل من هنا ومن هنا فيما بينهم أو عرف هذا أنهم يسمحون فلا بأس، وإلا فالأصل أن يأكل مما يليه، هذا هو الأصل. والدباء القرع، المعروف بالقرع.

بَاب التَّيَمُّنِ فِي الأَكْلِ وَغَيْرِهِ

قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: كُلْ بِيَمِينِكَ.

5380 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي طُهُورِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ - وَكَانَ قَالَ: بِوَاسِطٍ قَبْلَ هَذَا - فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ».

بَاب مَنْ أَكَلَ حَتَّى شَبِعَ

5381 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِي، وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي المَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: بِطَعَامٍ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِمَنْ مَعَهُ: قُومُوا فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا نُطْعِمُهُمْ، فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَأَقْبَلَ أَبُو طَلْحَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى دَخَلاَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا عِنْدَكِ فَأَتَتْ بِذَلِكَ الخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ،

الشيخ: يعني دعا فيه بالبركة، اللهم صل عليه.

ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ أَذِنَ لِعَشَرَةٍ فَأَكَلَ القَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالقَوْمُ ثَمَانُونَ رَجُلًا.

الشيخ: وهذه من آيات الله ومن معجزاته ودلائل النبوة، طعام قليل كفى هذه الأمة، جعل الله فيه البركة، وآياته كثيرة ودلائل نبوته لا تحصى، عليه الصلاة والسلام.

5382 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَحَدَّثَ أَبُو عُثْمَانَ، أَيْضًا، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ثَلاَثِينَ وَمِائَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ، بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَبَيْعٌ أَمْ عَطِيَّةٌ أَوْ قَالَ: هِبَةٌ قَالَ: لاَ، بَلْ بَيْعٌ، قَالَ: فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً فَصُنِعَتْ، فَأَمَرَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ بِسَوَادِ البَطْنِ يُشْوَى، وَايْمُ اللَّهِ، مَا مِنَ الثَّلاَثِينَ وَمِائَةٍ إِلَّا قَدْ حَزَّ لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَهَا لَهُ، ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلْنَا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا، وَفَضَلَ فِي القَصْعَتَيْنِ، فَحَمَلْتُهُ عَلَى البَعِيرِ، أَوْ كَمَا قَالَ.

الشيخ: اللهم صل عليه، مائة وثلاثون وصاعًا من الطعام ......... ثم أكلوا من الباقي، هذه من آيات الله.

وفيه من الفوائد: جواز شراء الحاجات من المشركين، كما يشترى من أهل الكتاب، البيع والشراء لا مانع أن يشتريه من المشرك والكتابي والمسلم.

5383 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ حِينَ شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ: التَّمْرِ وَالمَاءِ».

بَاب لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ، وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ، وَلاَ عَلَى المَرِيضِ حَرَجٌ [النور:61]- إِلَى قَوْلِهِ - لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [البقرة:73].

5384 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ بُشَيْرَ بْنَ يَسَارٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ - قَالَ يَحْيَى: وَهِيَ مِنْ خَيْبَرَ عَلَى رَوْحَةٍ - دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِطَعَامٍ، فَمَا أُتِيَ إِلَّا بِسَوِيقٍ، فَلُكْنَاهُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، فَصَلَّى بِنَا المَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، قَالَ سُفْيَانُ: «سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَوْدًا وَبَدْءًا».

الشيخ: وهذا يدل على أن الوضوء مما مست النار نسخ قبل ذلك، قبل خيبر كانوا يتوضؤون من النار ثم نسخ ذلك، وقال قوم: يعني نسخ الوجوب، والسويق: الحب الذي يخمس بالنار ثم يثرد بالماء أو بالدهن أو نحوه ويؤكل، وهذا يدل على قلة الأزواد وخفة المؤنة وأنهم كانوا ليس عندهم تكلف من الطعام، تارة التمر، وتارة السويق، وتارة التمر والسمن والأقط، وتارة ما يسّر الله، ليس هناك تكلف في الطعام، وكانت الحال شديدة ثم فتح الله ويسّر .

بَاب الخُبْزِ المُرَقَّقِ وَالأَكْلِ عَلَى الخِوَانِ وَالسُّفْرَةِ

5385 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَنَسٍ، وَعِنْدَهُ خَبَّازٌ لَهُ، فَقَالَ: «مَا أَكَلَ النَّبِيُّ ﷺ خُبْزًا مُرَقَّقًا، وَلاَ شَاةً مَسْمُوطَةً حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ».

5386 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يُونُسَ - قَالَ عَلِيٌّ: هُوَ الإِسْكَافُ - عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ: «مَا عَلِمْتُ النَّبِيَّ ﷺ أَكَلَ عَلَى سُكْرُجَةٍ قَطُّ، وَلاَ خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ قَطُّ، وَلاَ أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ قَطُّ» قِيلَ لِقَتَادَةَ: فَعَلاَمَ كَانُوا يَأْكُلُونَ؟ قَالَ: «عَلَى السُّفَرِ».

الشيخ: سفر مبسوطة في الأرض يعني. أيش قال عندك على مسموطة؟

الطالب: قَوْلُهُ: "مَا أَكَلَ النَّبِيُّ ﷺ خُبْزًا مُرَقَّقًا وَلَا شَاةً مَسْمُوطَةً" الْمَسْمُوطُ: الَّذِي أُزِيلَ شَعْرُهُ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ وَشُوِيَ بِجِلْدِهِ أَوْ يُطْبَخُ، وَإِنَّمَا يُصْنَعُ ذَلِكَ فِي الصَّغِيرِ السِّنِّ الطَّرِيِّ، وَهُوَ مِنْ فِعْلِ الْمُتْرَفِينَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْمُبَادَرَةُ إِلَى ذَبْحِ مَا لَوْ بَقِيَ لَازْدَادَ ثَمَنُهُ، وَثَانِيهُمَا: أَنَّ الْمَسْلُوخَ يُنْتَفَعُ بِجِلْدِهِ فِي اللُّبْسِ وَغَيْرِهِ، وَالسَّمْطُ يُفْسِدُهُ، وَقد جرى ابن بَطَّالٍ عَلَى أَنَّ الْمَسْمُوطَ الْمَشْوِيُّ فَقَالَ مَا مُلَخَّصُهُ: يُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، وَحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَنَّهَا قَرَّبَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ جَنْبًا مَشْوِيًّا فَأَكَلَ مِنْهُ، بِأَنْ يُقَال: يحْتَمل أَنْ يَكُونَ لَمْ يُتَّفَقْ أَنْ تُسُمِّطَ لَهُ شَاةٌ بِكَمَالِهَا لِأَنَّهُ قَدِ احْتَزَّ مِنَ الْكَتِفِ مَرَّةً وَمِنَ الْجَنْبِ أُخْرَى، وَذَلِكَ لَحْمٌ مَسْمُوطٌ، أَوْ يُقَالُ إِنَّ أَنَسًا قَالَ: لَا أَعْلَمُ، وَلَمْ يُقْطَعْ بِهِ، وَمَنْ عَلِمَ حُجَّةً عَلَى من لم يعلم، وَتعقبه ابن الْمُنِيرِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حَزِّ الْكَتِفِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ كَانَتْ مَسْمُوطَةً، بَلْ إِنَّمَا حَزُّهَا لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ عَادَتُهَا غَالِبًا أَنَّهَا لَا تُنْضِجُ اللَّحْمَ، فَاحْتِيجَ إِلَى الْحَزِّ، قَالَ: وَلَعَلَّ ابن بَطَّالٍ لَمَّا رَأَى الْبُخَارِيَّ تَرْجَمَ بَعْدَ هَذَا بَابُ شَاةٍ مَسْمُوطَةٍ وَالْكَتِفِ وَالْجَنْبِ ظَنَّ أَنَّ مَقْصُودَهُ إِثْبَاتُ أَنَّهُ أَكَلَ السَّمِيطَ، قُلْتُ: وَلَا يَلْزَمُ أَيْضًا مِنْ كَوْنِهَا مَشْوِيَّةً وَاحْتَزَّ مِنْ كَتِفِهَا أَوْ جَنْبِهَا أَنْ تَكُونَ مَسْمُوطَةً فَإِنَّ شَيَّ الْمَسْلُوخِ أَكْثَرُ مِنْ شَيِّ الْمَسْمُوطِ، لَكِنْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَكَلَ الْكُرَاعَ وَهُوَ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا مَسْمُوطًا، وَهَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى أَنَسٍ فِي نَفْيِ رِوَايَةِ الشَّاةِ الْمَسْمُوطَةِ، وَقَدْ وَافَقَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى نَفْيِ أَكْلِ الرُّقَاقِ، أخرجه ابن ماجه من طَرِيق ابن عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ زَارَ قَوْمَهُ فَأَتَوْهُ بِرُقَاقٍ فَبَكَى وَقَالَ: مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذَا بِعَيْنِهِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُ أَنَسٍ مَا أَعْلَمُ رَأَى النَّبِيُّ ﷺ إِلَخْ، نَفَى الْعِلْمَ وَأَرَادَ نَفْيَ الْمَعْلُومِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ نَفْيِ الشَّيْءِ بِنَفْيِ لَازِمِهِ، وَإِنَّمَا صَحَّ هَذَا مِنْ أَنَسٍ لِطُولِ لُزُومِهِ النَّبِيَّ ﷺ وَعَدَمِ مُفَارَقَتِهِ لَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ.

قَوْلُهُ: "عَنْ يُونُسَ قَالَ: عَنْ عَلِيٍّ" هُوَ الْإِسْكَافُ، عَلِيٌّ هُوَ شَيْخُ البُخَارِيّ فِيهِ، وَهُوَ ابن الْمَدِينِيِّ، وَمُرَادُهُ أَنَّ يُونُسَ وَقَعَ فِي السَّنَدِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ فَنَسَبَهُ عَلِيٌّ لِيَتَمَيَّزَ، فَإِنَّ فِي طَبَقَتِهِ يُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيَّ أَحَدَ الثِّقَاتِ المكثرين، وَقد وَقع فِي رِوَايَة ابن مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنًّى عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ الْإِسْكَافِ، وَلَيْسَ لِيُونُسَ هَذَا فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ وَهُوَ بَصْرِيٌّ، وثقه أَحْمد وابن معِين وَغَيرهمَا، وَقَالَ ابن عدي لَيْسَ بالمشهور، وَقَالَ ابن سعد كَانَ مَعْرُوفا وَله أَحَادِيث، وَقَالَ ابن حِبَّانَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ، كَذَا قَالَ، وَمن وَثَّقَهُ أعرف بِحَالهِ من ابن حِبَّانَ، وَالرَّاوِي عَنْهُ هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَهُوَ مِنَ الْمُكْثِرِينَ عَنْ قَتَادَةَ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا، وَفِي الْحَدِيثِ رِوَايَةُ الْأَقْرَانِ؛ لِأَنَّ هشاما وَيُونُسَ مِنْ طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَصَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الرقَاق؛ لَكِن ذكر ابن عَدِيٍّ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ رَوَاهُ عَنْ سَعِيدٍ فَقَالَ: عَنْ يُونُسَ عَنْ قَتَادَةَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ أَوَّلًا عَنْ قَتَادَةَ بِوَاسِطَةٍ ثُمَّ حَمَلَهُ عَنْهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

 قَوْلُهُ: "عَنْ أَنَسٍ" هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ.

الشيخ: بشير.

الطالب: ورواه سعيد بن بشير عَنْ قَتَادَةَ فَقَالَ: عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَاصِمِ بْنِ حَدْرَةَ فَقَالَ: مَا أَكَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى خِوَانٍ قَطُّ.

الشيخ: يكفي، كمل البحث على خوان قط.

الطالب: قوله على سكرجة؟

الشيخ: نعم على خوان قط.

الطالب: قَوْلُهُ: "عَلَى سُكُرُّجَةٍ" بِضَمِّ السِّينِ وَالْكَافِ وَالرَّاءِ الثَّقِيلَةِ بَعْدَهَا جِيمٌ مَفْتُوحَةٌ قَالَ عِيَاض: كَذَا قيدناه، وَنقل عَن ابن مَكِّيٍّ أَنَّهُ صَوَّبَ فَتْحَ الرَّاءِ، قُلْتُ: وَبِهَذَا جزم التوربشتي، وَزَاد لِأَنَّهُ فَارس مُعَرَّبٌ، وَالرَّاءُ فِي الْأَصْلِ مَفْتُوحَةٌ، وَلَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْمَ الْأَعْجَمِيَّ إِذَا نَطَقَتْ بِهِ الْعَرَبُ لَمْ تُبْقِهِ عَلَى أَصْلِهِ غَالِبًا، وَقَالَ ابن الْجَوْزِيِّ: قَالَهُ لَنَا شَيْخُنَا أَبُو مَنْصُورٍ اللُّغَوِيُّ يَعْنِي الْجَوَالِيقِيَّ بِفَتْحِ الرَّاءِ، قَالَ: وَكَانَ بَعْضُ أَهْلُ اللُّغَةِ يَقُولُ: الصَّوَابُ أُسْكُرُّجَةُ وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ وَتَرْجَمَتُهَا مُقَرِّبُ الْخِلِّ، وَقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: فَإِنْ حَقَّرْتَ حَذَفْتَ الْجِيمَ وَالرَّاءَ وَقُلْتَ أَسْكَرَ، وَيَجُوزُ إِشْبَاعُ الْكَافِ حَتَّى تَزِيدَ يَاءً وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ فِي بَرَّيْهِمِ بَرَّيْهِيمُ أَنْ يُقَالَ فِي سُكَيْرَجَةٍ سكيريجه، وَالَّذِي سبق أوْلى، قَالَ ابن مَكِّيٍّ وَهِيَ صِحَافٌ صِغَارٌ يُؤْكَلُ فِيهَا، وَمِنْهَا الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ، فَالْكَبِيرَةُ تَحْمِلُ قَدْرَ سِتِّ أَوَاقٍ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ ثُلُثَيْ أُوقِيَّةٍ إِلَى أُوقِيَّةٍ، قَالَ: وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْعَجَمَ كَانَتْ تَسْتَعْمِلُهُ فِي الْكَوَامِيخِ وَالْجَوَارِشِ لِلتَّشَهِّي وَالْهَضْمِ، وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ السكرجة قَصْعَة مدهونة، وَنقل ابن قُرْقُولٍ عَنْ غَيْرِهِ: أَنَّهَا قَصْعَةٌ ذَاتُ قَوَائِمَ مِنْ عُودٍ كَمَائِدَةٍ صَغِيرَةٍ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ تَرْكُهُ الْأَكْلَ فِي السُّكُرُّجَةِ إِمَّا لِكَوْنِهَا لَمْ تَكُنْ تُصْنَعُ عِنْدَهُمْ إِذْ ذَاكَ أَوِ اسْتِصْغَارًا لَهَا؛ لِأَنَّ عَادَتَهُمُ الِاجْتِمَاعُ عَلَى الْأَكْلِ أَوْ لِأَنَّهَا كَمَا تَقَدَّمَ كَانَتْ تُعَدُّ لِوَضْعِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُعِينُ عَلَى الْهَضْمِ، وَلَمْ يَكُونُوا غَالِبًا يَشْبَعُونَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَاجَةٌ بِالْهَضْمِ، قَوْلُهُ: "قِيلَ لِقَتَادَةَ" الْقَائِلُ هُوَ الرَّاوِي، قَوْلُهُ: "فَعَلَامَ" كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بِالْإِشْبَاعِ، قَوْلُهُ: "يَأْكُلُونَ" كَذَا عَدَلَ عَنِ الْوَاحِدِ إِلَى الْجَمْع،ِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُخْتَصًّا بِالنَّبِيِّ ﷺ وَحْدَهُ بَلْ كَانَ أَصْحَابُهُ يَقْتَفُونَ أَثَرَهُ وَيَقْتَدُونَ بِفِعْلِهِ، قَوْلُهُ: "عَلَى السُّفَرِ" جَمْعُ سُفْرَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ الطَّوِيلِ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَنَّ أَصْلَهَا الطَّعَامُ الَّذِي يَتَّخِذُهُ الْمُسَافِرُ، وَأَكْثَرُ مَا يُصْنَعُ فِي جِلْدٍ فَنُقِلَ اسْمُ الطَّعَامِ إِلَى مَا يُوضَعُ فِيهِ، كَمَا سُمِّيَتِ الْمَزَادَةُ رِوَايَةً، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ.

الشيخ: هذا بيان ما كان يأكلون عليه ما هو، ما كانوا يأكلونه، السفر هذا يدل على شيء يبسط على الأرض، عبارة الشارح ما هي بواضحة.

الطالب: قال: وأكثر ما يصنع في جلد فنقل اسم الطعام إلى ما يوضع فيه كما سميت المزادة راوية.

الشيخ: أيش قال عنه العيني.

الطالب: ما تكلم عليه.

الشيخ: نعم.

5387 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا، يَقُولُ: «قَامَ النَّبِيُّ ﷺ يَبْنِي بِصَفِيَّةَ، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَأُلْقِيَ عَلَيْهَا التَّمْرُ وَالأَقِطُ وَالسَّمْنُ».

الشيخ: الأنطاع هذه هي السُّفَر، سواء كان من خوص أو من جلد، يوضع عليها الطعام، ويوضع فيها الطعام عند الحمل كالخبز ونحوه.

وَقَالَ عَمْرٌو: عَنْ أَنَسٍ، «بَنَى بِهَا النَّبِيُّ ﷺ، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ».

5388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ يُعَيِّرُونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُونَ: يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ: «يَا بُنَيَّ إِنَّهُمْ يُعَيِّرُونَكَ بِالنِّطَاقَيْنِ، هَلْ تَدْرِي مَا كَانَ النِّطَاقَانِ؟ إِنَّمَا كَانَ نِطَاقِي شَقَقْتُهُ نِصْفَيْنِ، فَأَوْكَيْتُ قِرْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِأَحَدِهِمَا، وَجَعَلْتُ فِي سُفْرَتِهِ آخَرَ» قَالَ: فَكَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ إِذَا عَيَّرُوهُ بِالنِّطَاقَيْنِ، يَقُولُ: إِيهًا وَالإِلَهِ تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا.

5389 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ، خَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا، فَدَعَا بِهِنَّ، فَأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَتَرَكَهُنَّ النَّبِيُّ ﷺ كَالْمُتَقْذِرِ لَهُنَّ، وَلَوْ كُنَّ حَرَامًا مَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ ﷺ، وَلاَ أَمَرَ بِأَكْلِهِنَّ».