477 من حديث: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار..)

 
4/1514- وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبيَّ ﷺ يَقُولُ: إنَّ الْعَبْد لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مَا يَتَبيَّنُ فيهَا يَزِلُّ بهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بيْنَ المشْرِقِ والمغْرِبِ. متفقٌ عليهِ.
5/1515- وَعَنْهُ عن النبيّ ﷺ قَالَ: إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالى مَا يُلقِي لهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّه بهَا دَرَجاتٍ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم رواه البخاري.
6/1516- وعَنْ أبي عَبْدِالرَّحمنِ بِلال بنِ الحارثِ المُزنيِّ أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قالَ: إنَّ الرَّجُلَ ليَتَكَلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوانِ اللَّهِ تَعالى مَا كَانَ يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بلَغَتْ يكْتُبُ اللَّه لَهُ بهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يلْقَاهُ، وَإنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمةِ مِنْ سَخَطِ اللَّه مَا كَانَ يظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بلَغَتْ يكْتُبُ اللَّه لَهُ بهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يلْقَاهُ.
رواهُ مالك في "المُوطَّإِ" والترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
7/1517- وعَنْ سُفْيان بنِ عبْدِاللَّهِ قَال: قُلْتُ يَا رسُولَ اللَّهِ حَدِّثني بأمْرٍ أعْتَصِمُ بِهِ قالَ: قُلْ ربِّي اللَّه، ثُمَّ اسْتَقِمْ قُلْتُ: يَا رسُول اللَّهِ مَا أَخْوفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ؟ فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ، ثُمَّ قَال: هَذَا. رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على عظم خطر الكلام، وأن الإنسان على خطر من هذا اللسان، وأن الواجب عليه أن يصونه ويحفظه ويجتهد في ذلك لعله يسلم من شره لأن اللسان سريع الحركة، فإما بالخير وإما بالشر، فالواجب التثبت في أمره والحذر، فأنت ما دمت ساكتا فأنت على سلامة، وإذا تكلمت فإما لك وإما عليك، وقد سبق قوله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18]، وقوله سبحانه: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36]، وقوله جل وعلا: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [الحجرات:12].
وفي هذا يقول ﷺ: إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله يكتب له بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب، وفي اللفظ الآخر: لا يلقي لها بالا يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه فالواجب على المؤمن الحذر من شر هذا اللسان، وأن يحرص على استعماله في الخيرات وفيما يرضي الله جل وعلا حتى يحصل له بذلك الخيرات العظيمة والدرجات العالية فليحذر إطلاقه وعدم تقييده فإنه خطير جدًا، فكم من كلمة أودت بصاحبها إلى الهلاك!، فالواجب على كل مكلف أن يحذر شر لسانه وشر جوارحه فقد يلقيها على سبيل المزح، قد يلقيها على سبيل التساهل، ولكنها تهلكه، ويقول عليه الصلاة والسلام لسفيان بن عبدالله الثقفي لما سأله عن كلمة جامعة قال: «قل آمنت بالله ثم استقم»، وفي اللفظ الآخر: «قل ربي الله ثم استقم»، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك؟ قال: قل آمنت ثم استقم، ثم سأله ماذا تخاف علي؟ قال: هذا وأشار إلى لسانه كف عليك هذا في حديث معاذ قال له الرسول ﷺ: كف عليك هذا، قلت: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم كل من تذكر هذه الأحاديث وصارت على باله أوجبت له حفظ هذا اللسان وتقييده وألا يتكلم إلا عن بصيرة وعن نظر وعناية، هذا هو الجهاد، الجهاد من جاهد نفسه وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69] نسأل الله للجميع العافية والتوفيق.
س: من أدخل الغيبة الرد على أهل البدع والمخالفين هل يصح هذا؟
الشيخ: لا، غلط، من أظهر البدع ما له غيبة، ومن أظهر الفسق ما له غيبة، الغيبة لمن كان كلاما مستورا ما أظهره، عمله السيئ ما أظهره، أما إذا أبرزه ما صارت غيبة، الغيبة أن تذكره بشيء لم يجهر به، أما من أظهر الشر والفسق فلا غيبة له فيما أظهر، قال الله جل وعلا في كتابه العظيم لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [النساء:148]، ويقول النبي ﷺ: كل أمتى معافى إلا المجاهرين، ولما دخل عليه رجل لا خير فيه قال: بئس أخو العشيرة، وفي لفظ قال: بئس ابن العشيرة، ائذنوا له ولما مر عليه بجنازة سوء أثنوا عليها شرا فقال: وجبت لها النار أثني عليها شر بما ظهر منها ولم ينكر عليهم ذلك، دل على أن من أظهر الشر لا غيبة له، نسأل الله العافية.

الأسئلة:
س: الذي يقدح أهل السنة والجماعة ويقدح العلماء؟
الشيخ: من أظهر البدع فلا غيبة له فيما أظهر.
س: إذا استنقص أحدا مثلا قال: هذا سلفي، أو هذا تبليغي، أو هذا إخواني، وكذا بقصد تنقيص الشخص هل تعتبر من الغيبة؟
الشيخ: لا، ذكره بهذا ما هو بغيبة، ذكره بما أظهر ليس من الغيبة، هو الذي أظهر نفسه هو الذي هتكها.
س: لو قال شخص مثلا هذا سلفي يعني استهزاء به، يعني يقول أنه يزكي نفسه، أو كذا أو مثلا قال: هذا إخواني، أو هذا تبليغي؟
الشيخ: إذا كان فيه بدعة نصح فيها صفته كذا وصفته كذا، يعني من أهل البدع، لا بأس يبلغ عنه حتى يحذر.
س: قول الشاعر:
وأرجو بحبي من رسولي شفاعة إذا طاشت الأحلام في موقف مردي
عساه بقرب الحب يذكرني به وراحته السمحاء تأبى عن الرَّدِّ
 
الشيخ: هذا استجداء من النبي ﷺ ما يصلح، لو قال: لأرجو من الله بحبي للنبي، يعني يرجو من الله بحبه للنبي ﷺ شفاعته، ما هو يرجو من النبي ﷺ.
س: هذا دعاء، دعاء النبي ﷺ؟
الشيخ: رجى النبي ﷺ. وبعده؟
الطالب:
فـحيِّ القـبـورَ المـاثـلات تـحيّة وضَعْ قُبْلةً يا صاحِ منك على اللحد
على خير من مسَّ الثرى بعبيره أكـرم ميـت في الـورى لُـفَّ في بـُرد

الشيخ: ينبه على هذا، سوف يكتب يرد نُبه على هذا وسوف يكتب اعتذار، نبه على هذا وسوف يكتب يبين لأن هذا كتبه شاب.
س: حديث: لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي؟
الشيخ: لا بأس به.
س: يعني بضمه إلى النصوص الأخرى في نفس الموضوع، كيف يكون العمل بهذا الحديث؟
الشيخ: يعني لا يتخذهم أصحابا وهم ليسوا بجيدين، ليكن أصحابه من أهل التقوى والخير، ولكن الشيء العارض كالضيف ونحوه والطعام المصادف ما هو بداخل في هذا، لكن الإنسان لا يتخذ أصحابا ليسوا بطيبين، أما كونه النبي ﷺ استضافه ناس، كثير من نصارى نجران ومن وثنية ثقيف ومن غيرهم، الضيف والشيء الذي يبتلى به الإنسان له حالة أخرى، أو صدف تصادف إنسان ضيوف يأكل معهم أو عمال يأكل معهم ما تلزم منه الصحبة.