28/1435- وعنْ أَبي هُريرةَ، ، أنَّ رسُولَ اللَّه ﷺ قالَ: يقُولُ اللَّه تَعالى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإن ذَكرَني في نَفْسهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفسي، وإنْ ذَكَرَني في ملإٍ، ذكَرتُهُ في ملإٍ خَيْرٍ منْهُمْ متَّفقٌ عليهِ.
29/1436- وعَنْهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: سبقَ المُفَرِّدُونَ قالوا: ومَا المُفَرِّدُونَ يَا رسُول اللَّهِ؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّه كَثيرًا والذَّاكِراتُ رواه مسلم.
روي: المُفَرِّدُونَ بتشديد الراءِ وتخفيفها، والمَشْهُورُ الَّذي قَالَهُ الجمهُورُ: التَّشديدُ.
30/1437- وعن جابرٍ قالَ: سمِعْتُ رسُول اللَّه ﷺ يقولُ: أَفْضَلُ الذِّكرِ: لا إلهَ إلاَّ اللَّه. رواهُ الترمِذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ.
31/1438- وعنْ عبداللَّه بن بُسْرٍ أنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رسُولَ اللَّهِ، إنَّ شَرائِع الإسْلامِ قَدْ كَثُرتْ علَيَّ، فَأخبرْني بِشيءٍ أتشَبَّثُ بهِ قَالَ: لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ. رواهُ الترمذي وقال: حديثٌ حَسَنٌ.
29/1436- وعَنْهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: سبقَ المُفَرِّدُونَ قالوا: ومَا المُفَرِّدُونَ يَا رسُول اللَّهِ؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّه كَثيرًا والذَّاكِراتُ رواه مسلم.
روي: المُفَرِّدُونَ بتشديد الراءِ وتخفيفها، والمَشْهُورُ الَّذي قَالَهُ الجمهُورُ: التَّشديدُ.
30/1437- وعن جابرٍ قالَ: سمِعْتُ رسُول اللَّه ﷺ يقولُ: أَفْضَلُ الذِّكرِ: لا إلهَ إلاَّ اللَّه. رواهُ الترمِذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ.
31/1438- وعنْ عبداللَّه بن بُسْرٍ أنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رسُولَ اللَّهِ، إنَّ شَرائِع الإسْلامِ قَدْ كَثُرتْ علَيَّ، فَأخبرْني بِشيءٍ أتشَبَّثُ بهِ قَالَ: لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ. رواهُ الترمذي وقال: حديثٌ حَسَنٌ.
الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بالذكر وفضل الذكر، تقدمت آيات وأحاديث في فضل الذكر، وأن المشروع للمؤمن أن يكون ملازما لذكر الله دائمًا، لما في ذلك من الخير العظيم وصلاح القلوب ونفي الذنوب وإرضاء الرب ، فالمؤمن يلزم الذكر ويجتهد، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي ﷺ يذكر الله في كل أحيانه»، والله جل وعلا يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [الأحزاب:41]، ويقول سبحانه في سورة الأحزاب إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ إلى أن قال سبحانه: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35] وقال جل وعلا فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الجمعة:10].
ويقول النبي ﷺ: يقول الله جل وعلا: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه، ويقول جل وعلا: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم فهذا فيه الحث على الإكثار من ذكر الله في نفسك وبلسانك جميعًا، في نفسه يخاف الله ويتذكر عظمته وحقه ويرجوه ويحسن به الظن ويخلص له العمل، ويكون ذاكرا بقلبه عظمة الله في قلبه وعلى باله الإخلاص له ومحبته وتعظيمه وخوفه ورجاءه، وينطق باللسان: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقول النبي ﷺ: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ويقول ﷺ: الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ويقول ﷺ: سبق المفردون قيل: يا رسول الله ما المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات رواه مسلم في الصحيح، يعني سبقوا إلى الخيرات، سبق المفردون يعني سبقوا إلى الخير وإلى أسباب النجاة، وهم المكثرون من ذكر الله ، وصح عنه ﷺ أن لا إله إلا الله هي أفضل الذكر في الصحيحين، واللفظ لمسلم يقول ﷺ: الإيمان بضع وسبعون شعبة أو قال بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان فأفضل الذكر لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، يروى عنه عليه السلام أنه قال: خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، ويقول: أحب الكلام إلى الله أربع من جملتها لا إله إلا الله، أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أخرجه مسلم في صحيحه، وجاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله إن الشرائع قد كثرت علي شرائع الإسلام، قد كثرت يعني التطوعات فأخبرني بباب أتمسك به جامع؟. قال: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله يعني أكثر من ذكر الله، وهذا معنى سبق المفردون يعني المكثرون من ذكر الله، وفي الحديث الصحيح: ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله هذا فيه الإكثار من ذكر الله جل وعلا، ومن أكثر من ذكر الله ساعده ذلك في أداء فرائض الله وترك محارم الله، والجهاد في سبيل الله، إلى غير ذلك، فإن الإكثار من ذكر الله يحرك القلوب إلى طاعته، وإلى ترك معصيته، وفق الله الجميع.
الأسئلة:
س: شيخ أحسن الله إليك: أتيت بحديث ابن عباس في الزلزلة؟
الشيخ: نعم ويش عندك؟
الطالب: يقول بسم الله الرحمن الرحيم. أخرج عبدالرزاق الصنعاني رحمه الله في مصنفه عن الثوري عن معمر عن قتادة وعاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى بالزلزلة في البصرة فأطال القنوت، ثم ركع، ثم رفع رأسه فأطال القنوت، ثم ركع، ثم ركع، ثم سجد ثم صلى الثانية كذلك، فصارت صلاته ثلاث ركعات وأربع سجدات، فقال: هكذا صلاة الآيات، وقال معمر بعده: أخبرني بعض أصحابنا أن ابن عباس رضي الله عنهما قرأ في الركعة الأولى بالبقرة وفي الآخرة بآل عمران. اهـ ورجاله ثقات رجال الجماعة، ومن طريق عبد الرزاق: أخرجه البيهقي مطولا في سننه باب من صلى في الزلزلة بزيادة عدد الركوع والقيام قياسا على صلاة الخوف فقال: أخبرنا أبو الطاهر الفقيه أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان حدثنا أحمد بن يونس السلمي حدثنا عبدالرزاق أنبأنا معمر عن قتادة وعاصم عن عبدالله بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى في زلزلة بالبصرة فأطال القنوت، ثم ركع، ثم رفع رأسه فأطال القنوت، ثم ركع، ثم رفع رأسه فأطال القنوت، ثم ركع فسجد ثم قام في الثانية ففعل ذلك، وصارت صلاته ست ركعات وأربع سجدات، قال قتادة في حديثه: هكذا الآيات، ثم قال ابن عباس: هكذا صلاة الآيات، ورجال إسناده ثقات، ومن طريق عبدالله بن الحارث أخرجه ابن أبي شيبة مختصرا في مصنفه، باب: في صلاة الزلزلة، فقال: حدثنا الثقفي عن خالد عن عبدالله بن الحارث أن ابن عباس رضي الله عنهما صلى بهم في زلزلة كانت أربع سجدات فيها وست ركوعات، ورجاله ثقات، رجال الجماعة.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند باب ما قيل في الزلازل والآيات: وهل يصلى عند وجودها؟ حكى ابن المنذر فيه الاختلاف، وبه قال أحمد وإسحاق وجماعة، وعلق الشافعي القول به على صحة الحديث عن علي، وصح ذلك عن ابن عباس، أخرجه عبد الرزاق وغيره، وروى ابن حبان في صحيحه من طريق عبيد بن عمير عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا صلاة الآيات ست ركعات وأربع سجدات.ا.هـ، وحديث عائشة رضي الله عنها الذي أشار إليه الحافظ رواه ابن حبان في ذكر وصف صلاة الآيات من صحيحه، فقال: أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني حدثنا زيد بن أخزم حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة عن النبي ﷺ قال: صلاة الآيات ست ركعات وأربع سجدات قال أبو حاتم رحمه الله بعده: يريد به أن صلاة الآيات يجب أن تصلى ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات وسجدتان، وتفسيره في خبر عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر انتهى.
قال شعيب الأرنؤوط بعده: إسناده صحيح على شرط البخاري. قلت فيه: قتادة ثقة من رجال الجماعة، ولكنه مدلس وقد عنعن.
أما أثر علي فقد أخرجه البيهقي في سننه الكبرى باب من صلى في الزلزلة وقال: أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، ثنا أبو العباس، أنبأ الربيع قال: قال الشافعي بلاغا: عن عباد، عن عاصم الأحول، عن قزعة، عن علي "أنه صلى في زلزلة ست ركعات، في أربع سجدات خمس ركعات، وسجدتين في ركعة، وركعة وسجدتين في ركعة". قال الشافعي بعده: "ولو ثبت هذا الحديث عندنا عن علي رضي الله عنه لقلنا به". قال البيهقي بعد كلام الشافعي: هو عن ابن عباس ثابت، ثم ساق حديث ابن عباس بإسناده، انتهى، ورجال إسناد أثر علي ثقات.
ولكن مع هذا ما أظنه يسلم من الانقطاع بين قزعة وعلي رضي الله عنه، وبين الشافعي وعباد فإني لم أجد لهم سماعا من بعضهم كما أن تعليق الشافعي القول بالحديث على صحته مع أن رجاله ثقات يدل على الانقطاع، وإلا لقال به، وهذا أثر عن حذيفة في ذلك أخرج عبدالرزاق في مصنفه عن معمر عن قتادة قال: صلى حذيفة بالمدائن بأصحابه مثل صلاة ابن عباس في الآيات. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يصلي لكل آية كما دل على ذلك السنن والآثار، وقال المحققون من أصحاب أحمد وغيرهم، ولو أن ذلك يكون لشر وعذاب لم يصح التخويف بذلك، وهذه صلاة رهبة وخوف، كما أن صلاة الاستسقاء صلاة رغبة ورجاء، وقد أمر الله عباده أن يدعوه خوفا وطمعا، وقال عليه الصلاة والسلام: إذا رأيتم من هذه الأفزاع شيئا فافزعوا إلى الصلاة.
وقال العلامة شمس الدين محمد بن عبدالقوي المقدسي في منظومته عقد الفرائد وكنز الفوائد: باب صلاة الكسوف:
وليس كسوف النيرين بموجب | لأمر سوى تخويفنا وتهدد |
فلا تسمع التهويل من كل مفتر | وكذب بأحكام المنجم وارتدد |
وصلى الصلاة لكسوف فإنها | لأثبت ما يروي لنا كل مسند |
إلى أن قال:
وإن تركع ست أجز وثمانيا | ودائم زلزال فصل له قد |
وقال ابن قدامة في الشرح الكبير على المغنى: مسألة ولا يصلي لشيء من أثر الآيات إلا الزلزلة الدائمة، قال أصحابنا: يصلي للزلزلة كصلاة الكسوف، نص عليه، وهو مذهب إسحاق وأبي ثور، قال القاضي: لا يصلي للرجمة والريح الشديدة والظلمة ونحوها، وقال الآمدي: يصلي لذلك ولرمي الكواكب والصواعق وكذا في المطر، وحكاه عن ابن أبي موسى، قال أصحاب الرأي: الصلاة لسائر الآيات حسنة لأن النبي ﷺ علل الكسوف بأنه من آيات الله يخوف بها عباده، وصلى ابن عباس للزلزلة بالبصرة رواه سعيد، وقال مالك والشافعي: لا يصل لشيء من الآيات سوى الكسوف لأن النبي ﷺ لم يصل لغيره ولا خلفاؤه، وقد كان في عصره بعض هذه الآيات، ووجه الصلاة فعل ابن عباس، وغيرها لا يصلي له لما ذكرنا والله أعلم.
وقال الزركشي رحمه الله تعالى: وظاهر كلام الخرقي أنه لا يصلي لغير الكسوفين، وهو صحيح إلا أن الأصحاب استثنوا الزلزلة الدائمة فإنه يصلي لها لأن ابن عباس رضي الله عنهما صلى لها.
وقال ابن أبي موسى: يصلي لجميع الآيات، وهو ظاهر كلام أحمد، والله أعلم.
الشيخ: لا، الأقرب للزلزلة لأن ابن عباس والله أعلم ما قالها إلا عن اجتهاد وليس له مخالف، المقصود أن الزلزلة له وجه الزلزلة الدائمة، هذه فيها فعل ابن عباس وعموم: إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة في الكسوف فهي تشبهها، أما الأخرى فلم يفعله النبي ﷺ ولا الصحابة، فتترك مثل كثرة الهواء أو شدة البرد أو ما أشبه ذلك، نسأل الله العافية والسلامة.
س: أليس فيه نكارة في قوله: هكذا صلاة الآيات مع ذكره أنها ست ركوعات؟
الشيخ: السند جيد عن ابن عباس واللي فعل .. الزلزلة لا بأس بها ومن ترك فلا بأس، الأمر واسع، الشيء الثابت اللي ما فيه شك الكسوف.
س: أقصد صلاة الآيات أربع ركوعات؟
الشيخ: غير الزلزلة لا، غير الزلزلة يدعو ربه ويستغفره.