8/1383- وعنْهُ قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: إِذَا ماتَ ابْنُ آدَم انْقَطَع عَملُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاثٍ: صَدقَةٍ جَاريَةٍ، أوْ عِلمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أوْ وَلدٍ صالحٍ يدْعُو لَهُ رواهُ مسلمٌ.
9/1384- وَعنْهُ قَالَ: سمِعْتُ رسُول اللَّه ﷺ يَقُولُ: الدُّنْيَا ملْعُونَةٌ، ملْعُونٌ مَا فِيهَا، إلاَّ ذِكرَ اللَّه تَعَالى، وَمَا والاَهُ، وعَالمًا، أوْ مُتَعلِّمًا رواهُ الترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ.
الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة فيها الحث على العلم، وتبليغه الناس وتخليده وراءه لمن يستفيد منه، يقول عليه الصلاة والسلام: من دل على خير فله مثل أجر فاعله وهذا فيه فضل عظيم، يكون لك مثل أجور من عمل بعلمك إذا دللته على الخير، فالرسل عليهم الصلاة والسلام لهم مثل أتباعهم، مثل أجور أتباعهم لأنهم دلوهم على الخير، وهكذا نبينا ﷺ له مثل أجور أمته لأنه دلها وأرشدها إلى الخير عليه الصلاة والسلام، فيكون له مثل أجورها، وهكذا كل عالم وطالب علم أرشد إلى خير، كل مؤمن أرشد إلى خير يكون مثل أجره له، مثل أجر من هداه، واحد عاق لوالديه فنصحه حتى بر بوالديه يكون له مثل أجره، ورجل يشرب الخمر فنصحه حتى هداه الله له مثل أجره، ورجل يتهاون بالصلاة فنصحه فحافظ عليها يكون له مثل أجره، وهكذا بقية الأعمال، وتقدم في حديث علي رضي الله عنه يقول النبي ﷺ: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم، فالمؤمن يجتهد في إيصال الخير إلى غيره، والدلالة على الخير بالآيات والأحاديث والكلام الطيب والأسلوب الحسن، والله يؤجره ويعطيه مثل أجور من قبل منه.
ويقول ﷺ: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له صدقة جارية مثل الأوقاف، مسجد بناه، أو نخل غرسه تصرف غلته في وجوه البر، مدرسة بناها، رباط في بلاد المسلمين، الصدقة الجارية كثيرة يعني يحبس الأصل وتبقى الثمرة، وهكذا العلم الذي ينتفع به مثل الكتب المفيدة التي خلفها، ومثل طلبة العلم الذين تخرجوا عليه وانتفعوا بعلمه يكون له مثل أجورهم لأنهم تخرجوا عليه وهو دلهم وأرشدهم، وهكذا الأولاد الصالحون ينفعون والديهم بالدعاء سواء رجل أو أنثى، الولد يشمل الذكر والأنثى يعني بنت أو ابن يدعو لوالده، يترحم عليه، هذا ينفع الوالد، ينفعه بعد موته، وهكذا دعاء المؤمنين جميعا حتى غير الولد، قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ [الحشر:10]، فالدعاء للمؤمنين والترحم عليهم فيه أجر عظيم، وإن كنت لا تعرف أعيانهم، وإذا دعوت لوالديك أو لقراباتك أو لجيرانك كذلك أنت مأجور.
والحديث الثاني: يقول ﷺ: الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما أو متعلما ملعونة أي مذمومة، اللعن الذم كما قال تعالى في شجرة الزقوم إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ [الدخان:43، 44] وسماها ملعونة لأنها مذمومة، فالذموم يسمى ملعون يعني مسبوب، السب اللعن سواء قال فلان كذا أو فلان كذا يسمى سب ولو ما قال لعنه الله، لو قال عنه بخيل فلان جبان فلان سيئ الخلق هذا نوع من اللعن نوع من السب، إلا ذكر الله فليس مذموما، وما ولاه من طاعة الله ورسوله، فالمؤمنون ليسوا مذمومين ولا ملعونين، وهكذا العلماء العاملون، والمتعلمون الصالحون كلهم يمدحون ولا يذمون، وفق الله الجميع.
الأسئلة:
س: بالنسبة للصدقة الجارية أو العلم ينتفع به، هل تنقطع بانقطاع الماء عن البئر مثلا؟
الشيخ: ما دام ينتفع به فالأجر باق، وإذا انقطعت انقطع.
س: ما يثبت الأجر؟
الشيخ: ينقطع بانقطاع السبب.
س: إذا كان إنسان على ضلالة ثم تاب، هل عليه وزر من تبعه حتى بعد التوبة؟
الشيخ: يرجى له العافية إن شاء الله، إذا تاب يرجى له إن شاء الله السلامة لأن التوبة تجب ما قبلها، والحمد لله وعليه يبين رجوعه.
س: ...؟
الشيخ: إن شاء الله يدخل فيه.
س: من كان له صدقة جارية أوقفها ثم رأى الورثة من بعده موته أن يجعلوها في مجال آخر هل لهم ذلك؟
الشيخ: ليس لهم ذلك إلا بمراجعة ولي الأمر، المحكمة إن كان فيها مصلحة تنظر في الأمر.
س: كثير من إخواننا يقول لا تنسانا من صالح دعائك، هل هذا من السنة؟
الشيخ: لا حرج فيه.
س: من قال إن عليه الوزر حتى بعد التوبة وزر من تبعه لحديث ابن آدم أنه تاب وعليه وزر من قتل بعده؟
الشيخ: ما يظهر لي، الرسول ﷺ قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتوبة تجب ما قبلها وابني آدم ما ندري تاب وإلا ما تاب، عندك خبر أنه تاب؟!.
س: هذا سائل يسأل عن حكم لبس البنطلون للرجال؟
الشيخ: إذا كان ساترًا ما في شيء، إذا كان ما فيه تشبه بأعداء الله من كونه يلبسه المسلمون، فإذا كان يلبسه المسلمون ولا فيه تشبه بأعداء الله ويستر العورة لا بأس.
س: حديث الرسول ﷺ الذي قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به هل الصدقة الجارية والعلم الذي ينتفع به سواء أو بينهما فرق؟
الشيخ: الله أعلم له أجره وبس، له أجره عند الله.
س: حديث: لعن الله من آوى محدثا هل يدخل فيه من امتدح المبتدع؟
الشيخ: الإيواء نصره وحمايته، آوى محدثا إن نصره وحماه من إقامة الحد عليه أو تأديبه، وإذا أيده أو أنصره هذا أعظم.
س: هل هناك زيادة على الثلاث هذه؟
الشيخ: غيرها داخل فيها، ما أخبر شيء يخرج يشذ عنها.