336 من حديث: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر)

 
4/1050- وعن أَبي هُريرةَ قالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: يَتَعَاقَبُونَ فِيكم مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وملائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيجْتَمِعُونَ في صَلاةِ الصُّبْحِ وصلاةِ العصْرِ، ثُمَّ يعْرُجُ الَّذِينَ باتُوا فِيكم، فيسْأَلُهُمُ اللَّه وهُو أَعْلمُ بهِمْ: كَيفَ تَرَكتمْ عِبادِي؟ فَيقُولُونَ: تَركنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتيناهُمْ وهُمْ يُصلُّون. متفقٌ عَلَيْهِ.
5/1051- وعن جَريرِ بنِ عبدِاللَّهِ البجليِّ قَالَ: كُنَّا عِندَ النبيِّ ﷺ، فَنَظَرَ إِلى القَمرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، فَقَالَ: إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ ربكمْ كَمَا تَروْنَ هَذَا القَمر، لاَ تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلبُوا عَلى صلاةٍ قَبْل طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْل غُرُوبها فافْعلُوا متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي روايةٍ:"فَنَظَرَ إِلى القَمر لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشرَةَ".
6/1052- وعن بُريْدَةَ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ تَرَكَ صَلاةَ العصْر فَقَدْ حَبِطَ عَملُهُ رواه البخاري.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في فضل صلاتي الصبح والعصر، وتقدم أن لهما خصوصية، وأن المحافظة عليهما من أعظم الأسباب في المحافظة على البقية وعلى بقية أمور الدين، وما ذاك إلا لأن الصبح تكون في أول النهار عند حلاوة النوم لمن يسهر، وعند شدة البرد في وقت البرد، وعند حلاوة النوم في القيظ، فكثير من الناس قد يكسل عنها ويضعف ولكن أهل الإيمان والتقوى وقوة الإيمان يبادرون إليها في كل وقت ويحافظون عليها في جميع الأوقات، وهكذا العصر تكون عند نهاية النهار وعند كد الإنسان في الأعمال وعند إيابه إلى أهله غالبًا فربما تساهل فيها، فمن رحمة الله أن حث على العناية بهما والمحافظة عليهما في جميع الأوقات، والصلوات الخمس كلها عمود الإسلام، وكلها فرض على العبد أن يواظب عليها في وقتها، ولكنه يخص الفجر والعصر بمزيد عناية لأن وقتهما في طرفي النهار، يعتري فيه الإنسان ما قد يكسله ويضعفه عن أدائهما مع إخوانه في جماعة، ومما ورد فيهما قوله ﷺ: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا فينا بعد صلاة الفجر، ويعرج الذين معنا في النهار بعد صلاة العصر فيسألهم ربهم -وهو أعلم-: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون، هذه منقبة لأهل الصلاة وأن الملائكة تشهد لهم عند ربهم أنهم أتوهم وهم يصلون وتركوهم وهم يصلون، فليحرص المؤمن على المحافظة على الصلوات الخمس في الجماعة حتى تشهد له الملائكة بهذه الشهادة العظيمة.
الحديث الثاني
وحديث جرير بن عبدالله البجلي يقول النبي ﷺ نظر إلى القمر ليلة البدر يعني عند استكماله ليلة أربعة عشر عند قوة نوره فقال: إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون هذا القمر ليلة البدر يعني رؤية واضحة لا إشكال فيها، ولهذا قال: لا تضامون في ذلك من الضيم لا يزدحمون ولا يحتاج الزحام، ويروى لا تضامون يعني لا ينضم بعضكم لبعض للرؤية فهي رؤية واضحة، وفي اللفظ الآخر: لا تضارون في رؤيته يعني لا تشكون في رؤيته، فهذا فيه بشرى لأهل الإيمان وأنهم يرون ربهم يوم القيامة في الموقف وفي الجنة، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا يعني المحافظة على هاتين الصلاتين أكثر من غيرهما من أسباب التلذذ برؤية الله ورؤيته يوم القيامة وفي الجنة، ويفيد أن لأهل الصلوات خصوصية المحافظين على الصلوات والمعتنين بها لهم خصوصية في رؤية وجه ربهم رؤية أكمل من غيرهم قال الله جل وعلا: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26]، جاء في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: الزيادة النظر إلى وجه الله فأهل الإيمان الذين أحسنوا إيمانهم لهم الحسنى وهي الجنة، ولهم زيادة وهي النظر إلى وجه الله عز وجل لكمال إيمانهم وكمال تقواهم ومحافظتهم على الصلوات وأداء حق الله وحق عباده.
الحديث الثالث
كذلك حديث بريدة: من ترك صلاة العصر حبط عمله، وفي اللفظ الآخر: من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله إن فاتته فهي مصيبة عظيمة كأنما وتر أهله وماله إذا فاتته الجماعة أو فاتته في وقتها لنوم أو غيره فكأنما وتر أهله وماله، أما من تركها عمدًا فإنه يحبط عمله يكفر بذلك، من تركها عمدًا بطل عمله وكفر بذلك كغيرها من الصلوات لقوله ﷺ: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، وقوله ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر فهذا يوجب العناية بالصلوات والمحافظة عليها والحذر من تركها والتساهل بأدائها في الوقت، فهي عمود الإسلام وهي الفارقة بين المسلم والكافر، وهي الحافظة من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: أول ما يحاسب عليه العبد من عمله صلاته أول شيء يحاسب عليه يوم القيامة صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، وفي اللفظ الآخر: فإن قبلت صلاته قبل سائر عمله، وإن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله فعليك يا عبد الله أن تحرص على المحافظة على الصلاة بطمأنينة وإخلاص وخشوع وأن تكون لك عناية بالفجر والعصر أكثر وأعظم.
رزق الله الجميع التوفيق والهداية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الأسئلة:
س: بعض الناس لا يصلي إلا في رمضان فإذا انتهى رمضان ترك الصلاة؟
الشيخ: وبعض الناس من الجمعة إلى الجمعة نسأل الله العافية، حكمهم الكفر، حكمهم أنهم كفار على الصحيح من أقوال العلماء، من تركها ولو ما جحدها كفر لقوله ﷺ: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله حبوط العمل يكون بالكفر وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ [المائدة:5]، وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] نسأل الله العافية.
س: الذين يتهاونون يعني ينامون عن صلاة الفجر وصلاة العصر ما جحدوها بس إذا قاموا صلوها؟
الشيخ: إذا تعمد يكفر بذلك، أما إذا غلبه النوم عليه أن يبادر بالصلاة إذا استيقظ، أما إذا تعمد يوقت الساعة لوقت ذهابه إلى عمله جازمًا ما هو مصلي إلا بعد الوقت أو العصر يجزم كذلك يتركها عمدًا هذا يكفر بذلك.
س: ولو كان شبه يومي؟
الشيخ: ولو، يكفر بأول مرة، وكل ما زاد تركه زاد كفره.
س: بعضهم يقول أن من لا يصلي أو يصلي تارة ويترك تارة أنه لا يكفر ولكنه عاصٍ؟
الشيخ: هذا قول بعض العلماء، لكن الصواب أنه يكفر بذلك للأحاديث المذكورة نسأل الله السلامة.
س: من يقول أنهم لا يكفرون لأنهم يقولون لا إله إلا الله؟
الشيخ: يرد عليهم بأن من قال لا إله إلا الله لا بدّ أن يؤدي حقها، فمن حقها المحافظة على الصلوات الخمس.