238 من: (باب الوقار والسَّكينة)

 
92- باب الوقار والسَّكينة
قَالَ الله تَعَالَى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان:63].
1/703- وعن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: "مَا رَأَيْتُ رسولَ اللَّه ﷺ مُسْتَجْمِعًا قَطُّ ضَاحِكًا حتَّى تُرَى مِنه لَهَوَاتُه، إِنَّما كانَ يَتَبَسَّمُ" متفقٌ عَلَيْهِ.

93- باب النَّدب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسَّكينة والوقار قَالَ الله تَعَالَى: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32].
1/704- وعن أَبي هريرة قالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يقول: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا تَأْتُوهَا وأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وأْتُوهَا وَأَنُتمْ تَمْشُونَ وعَلَيكم السَّكِينَة، فَما أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا متفقٌ عليه.
زاد مسلِمٌ في روايةٍ لَهُ: فَإنَّ أحدَكُمْ إِذَا كانَ يَعْمِدُ إِلَى الصلاةِ فَهُوَ في صلاةٍ.
2/705- وعن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما: أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبيِّ ﷺ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَسَمِعَ النبيُّ ﷺ وَرَاءَه زَجْرًا شَديدًا وَضَرْبًا وَصوْتًا للإِبلِ، فَأَشار بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ وقال: أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ رواه البخاري، وروى مسلمٌ بعضَه.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، اللَّهم صلِّ وسلِّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الآيات مع الأحاديث كلها تدل على الحثِّ على السَّكينة والوقار في أداء العبادات وبين المسلمين وعدم العجلة، بل ينبغي للمؤمن أن يتحرَّى الرفقَ والسَّكينة والوقار، ولا سيما عند اجتماع الناس، وعند كثرة الزِّحام؛ حتى لا يضرَّ أحدًا، قال الله جلَّ وعلا: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]، فالمؤمن يُعظِّم شعائر الله: كالدَّفع من مُزدلفة ومن عرفات ومن منًى، والخروج إلى الصلاة، والرجوع منها، وغير هذا من الأعمال التي تجمع الناس.
فالمؤمن ينبغي له الرفق والوقار والسَّكينة حتى لا يضرَّ أحدًا، وحتى يستحضر أنه خرج لأمر الله ولطاعة الله بوقارٍ وحضور قلبٍ ورغبةٍ بما عند الله وخشوعٍ؛ ولهذا قال الله جلَّ وعلا: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32].
وقال ﷺ: إذا أُقِيمَت الصلاةُ فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السَّكينة والوقار، فما أدركتُم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا، وفي اللفظ الآخر: فإنَّ أحدكم ما دام يعمد إلى الصلاة فهو في صلاةٍ، وهكذا لما رأى الناسَ قد ضربوا الإبل وارتفعت الأصوات أشار بسوطه، وقال: أيها الناس، السَّكينة، السَّكينة؛ فإنَّ البِرَّ ليس بالإيضاع يعني: ليس بالإسراع.
والمقصود أن المسلمين فيما بينهم عليهم التواضع، والرفق، والوقار، والسَّكينة في اجتماعاتهم، وفي سيرهم، وفي خروجهم للعبادة، وفي انصرافهم من العبادة؛ لئلَّا يضرَّ بعضُهم بعضًا.
رزق الله الجميع التَّوفيق والهداية.

الأسئلة:
س: سؤال من اليمن يقول: سماحة الوالد العلامة عبدالعزيز بن باز، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحن من أبناء اليمن، محافظة شبوة، ظهرت في مناطق اليمن عامَّة ومنطقتنا خاصَّة بعضُ الخلافات والانقسامات بين الشباب الملتزم، حيث أصبح الانقسامُ في البيت الواحد، وبين الأخ وأخيه، فهذا سلفيٌّ، وهذا إخوانيٌّ، وهذا تبليغيٌّ، وهذا جهاديٌّ، وانتشرت البغضاء والحقد والكراهية والهجر والتَّباعد، حيث استغلَّ هذا الخلافَ الصُّوفيُّ والشيوعيُّ وغيرُهم من أهل الأهواء، علمًا بأنَّ كل طرفٍ لا يقبل الفتوى إلا من أئمَّة جماعته، ويرى أن الطرف الآخر مُخطئٌ، فالسَّلفي لا يقبل إلا فتوى الشيخ مُقبل الوادعي، والإخواني لا يقبل الفتوى إلا من الشيخ الزنداني، وهكذا، فما توجيهاتكم؟
ج: الواجب على الجميع الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، والتَّأسي بالسلف الصالح، فينظر إلى ما ذكره السلفُ عن الصحابة وأتباعهم بإحسانٍ، والحذر من التَّهاجر، وإذا أشكل شيءٌ رجعوا إلى الأدلة الشرعية، أمَّا أن يُقلِّد هذا مُقبلًا، وهذا يُقلِّد عبدالمجيد، وهذا يُقلِّد فلانًا، وهذا يُقلِّد فلانًا؛ فهذا غلطٌ، فالواجب التَّحاكم إلى الكتاب والسنة، والرفق، والنظر في الأدلة الشرعية، وعدم التَّهاجر، وعدم التَّقاطع، وإذا أشكل شيءٌ ردُّوه إلى الكتاب والسنة، وتشاوروا من دون تقاطعٍ، ومن دون تهاجرٍ، فيتشاورون مع الشيخ مُقبل، ومع الشيخ عبدالمجيد، ومع غيرهم من الإخوان؛ حتى لا تكون القطيعةُ بينهم والشَّحناء، وهكذا المؤمنون فيما بينهم: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59]، فالمؤمنون يردّون ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله، وقال جلَّ وعلا: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10].
فالواجب عليهم التَّواضع والرفق، وأن يتحاكموا إلى الشرع، وأن يُنصفوا في أنفسهم، والشيخ مُقبل معروفٌ بالخير والعلم والفضل، وعنده والحمد لله نشاطٌ جيدٌ في التَّعليم، فينبغي للإخوان أن ينصفوا فيما بينهم، وأن يرجعوا إلى الأدلة الشرعية، وأن لا يتهاجروا، ولا يتقاطعوا، وإذا أشكل عليهم شيءٌ كتبوا لنا وكتبوا لغيرنا من باب التَّعاون ولا بأس.
س: يقولون: نُجمع على فتوى الشيخ ابن باز؟
ج: ليس على كل حالٍ، بل على ما وافق الكتابَ والسنةَ.
س: يقولون: هناك حزبٌ يُظْهِر الإسلامَ، ويُسمَّى: حزب التَّجمع اليمني للإصلاح، وله بيعة وعهد، وعلى رأسه الشيخ الزّنداني؟
ج: الواجب التَّحاكم إلى الكتاب والسنة، لا إلى التَّجمع الفلاني، ولا التَّجمع الفلاني، فقد يُخطئ ويُصيب.
س: بعض أهل جماعة التَّبليغ تُوجد عندهم بِدَعٌ، ألا يُهْجَرُون لبدعتهم؟
ج: الذين عندهم بدعٌ يُنصحون، فإن أصرُّوا استحقُّوا الهجرَ، فيُنْصَحون ويُوجَّهون أولًا ويُبَلَّغون بالرفق لعلهم يهتدون.
س: رجلٌ يسأل فيقول: إنَّه بعدما يخرج منه بولٌ أو مَذْيٌ أو وَدْيٌ ويستنجي بالماء، يقول: ثم أمشي أو أقوم أو أقعد فيخرج بولٌ يسيرٌ أو مَذْيٌ يسيرٌ أو وَدْيٌ يسيرٌ على حسب الذي استنجيتُ منه، فإذا حدث هذا هل أمسح بمنديلٍ أو نحوه؟
ج: لا، يُعيد الاستنجاء، إلا أن يكون مستمرًّا، يعني: غالبًا عليه؛ فيكون من باب السَّلس.
س: يقول: لي سنة ونصف؟
ج: إذا كان غالبًا عليه، أمَّا إن كان في الوقت الحاضر فيُعيد الاستنجاء.
س: أفتاه الأطباء وقالوا: توضأ ثم صلِّ ولا عليك؟
ج: الأطباء ما هم علماء، عليه أن يُعيد الاستنجاء، إلا إذا غلب عليه وصار من أصحاب السَّلس؛ فيتوضأ إذا دخل الوقتُ، ويستنجي إذا دخل الوقتُ ويكفي، وإذا خرج الوقتُ أعاد الاستنجاء.
س: حديث عائشة في حكم المُرتد في البخاري ومسلم، يقول عليه الصلاة والسلام: يُنْفَى من الأرض ما معنى ذلك؟
ج: مَن بدَّل دينَه فاقتلوه.
س: يعني: يقتلوه؟
ج: مَن بدَّل دينَه يُسْتَتاب، فإن تابَ وإلا قُتِلَ.