233 من حديث: (كن أزواج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عنده، فأقبلت فاطمة رضي اللَّه عنها تمشي)

 
3/687- وعن عائشة رضي اللَّه عنها قالتْ: كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ ﷺ عنْدهُ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمةُ رضي اللَّه عنها تَمْشِي، مَا تُخْطِئُ مِشْيتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رسول اللَّه ﷺ شَيْئًا، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ بِهَا وقال: مَرْحبًا بابنَتي، ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ -أَوْ عَنْ شِمالِهِ- ثُمَّ سارَّها فَبَكَتْ بُكَاءً شَديدًا، فلَمَّا رَأى جَزَعَها سَارَّها الثَّانِيةَ فَضَحِكَتْ، فقلتُ لهَا: خصَّكِ رسولُ اللَّه ﷺ مِن بَيْن نِسائِهِ بالسّرارِ، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِين؟!
فَلَمَّا قَام رسولُ اللَّه ﷺ سأَلْتُهَا: مَا قَالَ لكِ رسولُ اللَّه ﷺ؟ قالت: مَا كُنْتُ لأُفْشِي عَلى رسول اللَّه ﷺ سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رسولُ اللَّه ﷺ قلتُ: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ، لَمَا حدَّثْتنِي مَا قَالَ لكِ رسولُ اللَّه ﷺ، فقالتْ: أَمَّا الآنَ فَنعم، أَمَّا حِين سَارَّني في المَرَّةِ الأُولَى فَأَخْبرني: أَنَّ جِبْرِيلَ كَان يُعارِضُهُ القُرْآنَ في كُلِّ سَنَةٍ مرَّةً أَوْ مَرَّتَيْن، وأَنَّهُ عَارَضهُ الآنَ مَرَّتَيْنِ، وَإنِّي لا أُرَى الأجَلَ إلَّا قدِ اقْتَرَب، فاتَّقِي اللَّهَ واصْبِرِي، فَإنَّهُ نِعْم السَّلَف أَنَا لكِ؛ فَبَكَيْتُ بُكَائيَ الَّذِي رأيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّني الثَّانيةَ فَقَالَ: يَا فَاطمةُ، أَما تَرْضينَ أَنْ تَكُوني سيِّدَةَ نِسَاء المُؤْمِنِينَ –أوْ: سَيِّدةَ نِساءِ هذهِ الأمَّةِ؟؛ فَضَحِكْتُ ضَحِكي الذي رأَيْتِ. متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلمٍ.
4/688- وعن ثابتٍ، عن أنسٍ قَالَ: أَتى عليَّ رسولُ اللَّه ﷺ وأَنا أَلْعَبُ مع الْغِلْمَانِ، فسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثني في حاجَةٍ، فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ قالت: مَا حَبَسَكَ؟ فقلتُ: بَعَثَني رسولُ اللَّه ﷺ لحَاجَةٍ، قالت: مَا حَاجتهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سرٌّ، قالَتْ: لا تُخْبِرَنَّ بسِرِّ رسول اللَّه ﷺ أحَدًا، قَالَ أَنَسٌ: واللَّهِ لَوْ حدَّثْتُ بِهِ أحَدًا لحدَّثْتُكَ بِهِ يَا ثابِت. رواه مسلمٌ، وروى البخاري بَعْضَهُ مُخْتصرًا.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فهذان الحديثان فيما يتعلق بالسر، وتقدم أنه لا يجوز إفشاء السر، فإذا أسرَّ إليك أخوك شيئًا فليس لك إفشاؤه، وتقدم قوله ﷺ: إنَّ من أشرِّ الناس عند الله منزلةً يوم القيامة: الرجل يُفضي إلى امرأته وتُفضي إليه ثم ينشر سرَّها، فلا يليق بالمؤمن إفشاء السرّ، بل الواجب عليه كتمانه، إلا بإذن صاحبه.
ومن هذا حديث فاطمة رضي الله عنها لما أسرَّ إليها النبيُّ ﷺ خبرَ قُرب أجله بكت، ولما أسرَّ إليها أنها سيدةُ نساء المؤمنين -أو سيدة نساء هذه الأمة- ضحكت، فسألتها عائشةُ رضي الله عنها بعد ذلك، فقالت: ما كنتُ لأُفشي سرَّ رسول الله ﷺ، فلما تُوفي النبيُّ ﷺ أخبرتها؛ لأنَّه زال المحذور بوفاة النبي ﷺ.
وهكذا حديث أنسٍ لما بعثه النبيُّ ﷺ في حاجةٍ وتأخَّر على أمه، فسألته أمُّه: ما الذي أخرجك؟ قال: بعثني النبيُّ ﷺ في حاجةٍ، قالت: ما هي؟ قال: إنها سرٌّ، قالت: لا تُخبر بسرِّ رسول الله ﷺ أحدًا؛ لأنَّ هذا مستقرٌّ عند الصَّحابة: أن السرَّ لا يُخْبَر به، ولهذا قالت له: لا تُخبر بسرِّ رسول الله ﷺ أحدًا.
وهذا كله مع ما قبله يدل على أنَّ السر أمانةٌ، وأن الواجب على مَن أُفْشِيَ إليه السرُّ ألا يُفشيه، وأن يحفظه، إلا بإذن صاحبه.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: إذا كان المسلمُ في الحرب وأُسِرَ، وطلبوا منه إفشاء السر، فهل الأفضل أن يكذب أو يُفشي السرَّ؟
ج: ينظر الأصلح للمسلمين، والذي ما يضرّ المسلمين يفعله, فإذا كان إفشاءُ السرِّ يضرُّ المسلمين لا يُفشيه ولو قُتِلَ.
س: يقول أحدُ الطلبة: ذهب بعضُ العلماء إلى أنَّ مسألة التَّورق التي يشتري فيها شخصٌ سلعةً ما بثمنٍ مُؤَجَّلٍ، ثم يبيعها لشخصٍ آخر بثمنٍ أقلَّ حاضرٍ: إلى أنها بيعٌ ربويٌّ، فعلى مَن يقع إثم الرِّبا في هذا البيع؟
ج: هذا ما هو بربا، الصحيح أنه ليس ربًا، فمسألة التَّورق ليست ربًا، وقول مَن قال أنها ربا غلطٌ، فإذا اشترى سلعةً بأجلٍ، ثم باعها بنقدٍ على غير مَن اشتراها منه لحاجته فلا بأس، هذا هو الصواب، فالله يقول: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، فالأصل حِلُّ البيع.
س: في التراويح: الإمام إذا صلَّى الوتر هل الأولى أن يُوافقه المأمومُ أم يقوم ويأتي بركعةٍ زائدةٍ؟
ج: لا، الأفضل أن يُصلي معه، ثم يُصلي ما تيسر في آخر الليل.
س: مثنى، مثنى؟
ج: نعم.
س: أليس الوترُ آخر الليل أفضل؟
ج: مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كُتِبَ له قيام ليلةٍ، فيُصلي مع الإمام، وإذا أحبَّ أن يتطوع بعد ذلك فله أن يتطوع بدون وترٍ، فالوتر الأول يكفي.
س: أفضل النساء على الصَّحيح: عائشة أم فاطمة أم خديجة؟
ج: ظاهر النصوص أنَّ أفضلهنَّ عائشة؛ لقول النبي ﷺ: فضل عائشة على النِّساء كفضل الثَّريد على سائر الطعام، والمُفَضَّلات خمسٌ: عائشة، وفاطمة، وخديجة، ومريم بنت عمران، وآسيا بنت مُزاحم امرأة فرعون.
س: إنسان عنده ورقة بعشرة ريالات يُبدلها بتسعة ريالات هلل؟
ج: لا بأس، الهلل جنس آخر، يدًا بيدٍ، مثل أو بقياس؛ لأنَّ هذا غير هذا، مثل العملة الأخرى.
س: ما صفة الإشارة بالسّبابة: مع لفظ الجلالة والدّعاء أم مع الدعاء فقط؟
ج: من حين أن يجلس للتَّشهد يُشير هكذا، وعند الدّعاء يُحرِّكها قليلًا.
س: أمَّا مع لفظ الجلالة فلا يُحرّكها؟
ج: يرفع أُصبعه حتى يُسلِّم، يُشير بالسبابة للوحدانية.