231 من: (باب الحياء وفضله والحث على التخلق به)

 
كتَاب الأدَب
84- باب الحياء وفضله والحثِّ على التَّخلق به

1/681- عن ابْنِ عُمَرَ رضي اللَّه عنهما: أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ في الحَيَاءِ، فَقَالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: «دَعْهُ؛ فإِنَّ الحياءَ مِنَ الإِيمانِ» متفقٌ عَلَيْهِ.
2/682- وعن عِمْران بن حُصَيْنٍ رضي اللَّه عنهما قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: الحياءُ لا يَأْتي إلَّا بِخَيْرٍ متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي روايةٍ لمسلمٍ: الحَياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ، أوْ قَالَ: الحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ.
3/683- وعن أَبي هُريرة : أنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: الإيمَانُ بِضْعٌ وسَبْعُونَ –أوْ: بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً، فَأَفْضَلُها قَوْلُ: لا إلهَ إلَّا اللَّه، وَأَدْنَاها: إمَاطةُ الأَذَى عن الطَّرِيقِ، والحياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ متفقٌ عَلَيْهِ.
4/684- وعن أَبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّه ﷺ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ في خِدْرِهَا، فَإذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُه عَرَفْنَاهُ في وَجْهِهِ" متفقٌ عليه.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بالحياء، والحياء هو كفُّ النفس عمَّا لا ينبغي حياءً من الله ، ورغبةً فيما عنده، هذا هو الحياء، وأمَّا الذي يمنعه حياؤه من الدَّعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر والقول بالحق؛ فهذا ليس بحياءٍ، هذا يُسمَّى: جُبنًا وعجزًا وخورًا، إنما الحياء هو الخلق الكريم الذي يحملك على مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويكفّك عن سيّئ الأخلاق التي يُستحيا منها.
ولهذا قال عليه الصلاة والسلام للذي يعظُ أخاه في الحياء: دعه؛ فإنَّ الحياء من الإيمان يعني: دعه يستحي، لا تمنعه من الحياء؛ فإنَّ الحياء من الإيمان.
وقال عليه الصلاة والسلام: الحياء خيرٌ كله، وقال في اللَّفظ الآخر: الحياء لا يأتي إلَّا بخيرٍ، وقال عليه الصلاة والسلام: الإيمان بضعٌ وسبعون شعبةً، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبةٌ من الإيمان، فالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وبِرُّ الوالدين، وصلة الرحم، إلى غير هذا من وجوه الخير؛ كلها من شُعب الإيمان، ومن جملة ذلك الحياء الذي يحملك على مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويزجُرك عن سيّئ الأخلاق وسيّئ الأعمال، هذا هو الحياء الذي يُعينُك على فعل كلِّ خيرٍ، وعلى ترك كلِّ شرٍّ.
وفي الحديث الثالث أنه ﷺ مرَّ على رجلٍ يَعِظُ أخاه في الحياء، فقال: دعه؛ فإنَّ الحياء من الإيمان، وكان ﷺ حَيِيًّا كريمًا، وإذا كره شيئًا عرفت الكراهةَ في وجهه: "أشدّ حياءً من العذراء في خِدْرِها".
فالحياء يعني: أن يترك ما يُستحيا منه، ويحثّ على الحياء، وبعض الناس يغلط في الحياء ويظن أنه جبنٌ وتأخُّرٌ عما ينبغي، لا، هذا جبنٌ، ويُسمَّى: عجزًا، ويُسمَّى: ضعفًا، وأمَّا الحياء فهو الخلق الكريم الذي يمنعك عن تعاطي ما يُذَمُّ فاعله، هذا هو الحياء، يعني: الانكفاف عن سيّئ الأخلاق وسيّئ الأعمال، والتعاون مع إخوانك في طيب الأعمال وخيرها.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: عدم سؤال المشايخ أو العلماء ماذا يُسمَّى؟
ج: يُسمَّى: خورًا وضعفًا؛ لأنَّ النبي ﷺ يقول: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزنَّ، فالإنسان يحرص على ما ينفعه في الدين والدنيا، فإذا ترك هذا فهذا هو العجز.
س: الأكل مع غير المُسلمين؟
ج: إذا دعت الحاجةُ إليه لا بأس.
س: يقول الله : وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً [البقرة:125]، يسأل أحدُ الإخوان الموجودين من الأعاجم فيقول: ما معنى مثابةً؟
ج: يعني: يثوبون إليه جماعة بعد جماعةٍ، فيثوب إلى الشيء: يرجع إليه، كلما حجَّ يود أن يحجَّ ثانيةً، فكلما فرغ من الحج يتمنَّى أن يحجَّ حجةً أخرى، والعمرة كذلك.
س: يقول: وجدتُ في أحد التَّفاسير –الظاهر أنها الصُّومالية: مثابةً أي: سياحةً؟
ج: لا، مثابة: يثوبون إليه، حجة بعد حجة، وعمرة بعد عمرة، ما يشبعون منه.
س: إنَّ الملائكة لتستحي من عثمان؟
ج: عثمان من أرباب الحياء ، وفي حديث عمران: الحياء خيرٌ كله، لا يأتي الحياءُ إلا بخيرٍ.