222 من حديث: (قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من سفر، وقد سترت سهوة لِي بقرام فيه تماثيل..)

 
2/650- وعن عائشة رضي اللَّه عنها قَالَتْ: قدِمَ رَسُول اللَّه ﷺ مِنْ سفَرٍ، وقَد سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بقِرامٍ فَيهِ تَمَاثيلُ، فَلمَّا رآهُ رسولُ اللَّه ﷺ هتَكَهُ وتَلَوَّنَ وجهُهُ وقال: يَا عائِشَةُ، أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا عِند اللَّهِ يَوْمَ القيامةِ الَّذينَ يُضاهُونَ بِخَلقِ اللَّهِ متفقٌ عَلَيْهِ.
3/651- وعنها: أَنَّ قرَيشًا أَهَمَّهُم شَأْنُ المَرأةِ المَخزُومِيَّة الَّتي سَرقَتْ، فقالوا: مَنْ يُكلِّمُ فِيهَا رسولَ اللَّه ﷺ؟ فقالوا: مَن يَجْتَرِئُ عليهِ إِلَّا أُسامة بن زيدٍ حِبُّ رسول اللَّه ﷺ؟ فَكَلَّمَهُ أُسامةُ، فقال رَسُول اللَّه ﷺ: أَتَشْفَعُ في حدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى؟! ثُمَّ قامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ قبلكُم أنَّهُم كانُوا إذَا سرقَ فِيهِم الشَّريفُ تَركُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهم الضَّعِيفُ أَقامُوا عليهِ الحدَّ، وايْمُ اللَّه، لَوْ أنَّ فاطمَة بِنْتَ محمدٍ سرقَتْ لقَطَعْتُ يَدَهَا متفقٌ عَلَيْهِ.
4/652- وعن أنسٍ : أَنَّ النَّبيَّ ﷺ رَأَى نُخامَةً في القِبْلةِ، فشقَّ ذلكَ عَلَيهِ حتَّى رُؤِيَ في وجهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بيَدِهِ، فَقَالَ: إنَّ أحَدكم إِذَا قَام فِي صَلاتِه فَإنَّهُ يُنَاجِي ربَّه، وإنَّ ربَّهُ بَينَهُ وبَينَ القِبْلَةِ، فَلا يَبْزُقَنَّ أَحدُكُم قِبَلَ القِبْلَةِ، ولكِن عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قدَمِهِ، ثُمَّ أخَذَ طرفَ رِدائِهِ فَبصقَ فِيهِ، ثُمَّ ردَّ بَعْضَهُ عَلَى بعْضٍ، فَقَالَ: أَو يَفْعَلُ هكذا متفقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة فيها الحثّ على الغضب لله، والانتقام لحُرماته إذا أساء الناسُ وفعلوا ما لا ينبغي، فينبغي لولي الأمر وللمسؤولين ولكل مؤمنٍ أن يغضب لله، وأن ينتقم لله، وأن يتعاون مع إخوانه على البرِّ والتَّقوى.
وفي هذا الحديث أنه ﷺ جاء ذات يومٍ إلى بيت عائشة وقد سترت سهوةً لها بقِرامٍ فيه تصاوير، فلمَّا رآه غضب وهتكه، وقال لعائشة: أشدُّ الناس عذابًا يوم القيامة الذين يُضاهئون بخلق الله يعني: أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة المصورون، وكما في الحديث الآخر: كل مُصورٍ في النار، والرسول ﷺ لعن المصورين.
فهذا فيه الغضب لله، وأن البيوت أو غير البيوت لا تُستر بالشيء الذي فيه التَّصاوير، بل تجب إزالتها وهتكها، أمَّا ما يُمتَهَنُ -كالفِراش الذي يمتهن ويُوطأ- فلا بأس إذا كانت فيه تصاوير، ولهذا في اللفظ الآخر قالت: "فاتَّخذتُ منه وسادةً يتَّكئ عليها"، وفي حديث أبي هريرة: أن جبرائيل أمره أن يتَّخذ من الستر الذي فيه التَّصاوير وسادتين تُوطآن، فهذا فيه الحثّ على الانتقام لله.
وهكذا لما رأى نُخامةً في قبلة المسجد تغيَّر وجهُه وأزالها وقال: إنَّ العبد إذا قام بين يدي الله فإنه يُقابل ربَّه، فلا يَبْصُقَنَّ أمامه، ولكن عن يساره، أو تحت قدمه؛ لأنَّ هذا مما يُنافي الأدب مع الله جلَّ وعلا: أن يبصق أمامَه وهو يُصلي.
كذلك المخزومية لما سرقت في مكة يوم الفتح قالوا: مَن يشفع فيها لعلها لا يُقام عليها الحدُّ؟ فطلبوا من أسامة بن زيد مولى الرسول ﷺ أن يتقدَّم، فقال له النبيُّ ﷺ: أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟! وغضب عليه الصلاة والسلام، وقال: إنما أهلك مَن كان قبلكم أنَّهم كانوا إذا سرق فيهم الشريفُ تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيفُ أقاموا عليه الحدَّ، وايمُ الله، لو أنَّ فاطمة بنت محمدٍ سرقتْ لقطعتُ يدها، فهذا فيه إقامة الحدود على الناس، وأنه لا فرق بين الشريف والوضيع، فمَن فعل ما يُوجب الحدَّ -من زنا أو سرقة أو شُرب مُسْكِرٍ أو غير هذا- وجب أن يُقام عليه الحدّ، سواء كان من أشراف الناس أو من أدنى الناس.
ولما فعلت بنو إسرائيل ما يُخالف الشريعةَ هلكوا بذلك؛ لما داهنوا الشريفَ والكبيرَ وأقاموا الحدَّ على الضَّعيف غضب اللهُ عليهم -نسأل الله العافية.
رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

الأسئلة:
س: هل يدخل في التَّصاوير: التَّماثيل التي تكون في الورق؟
ج: التصاوير تكون في ورقٍ، أو في خِرَقٍ، أو في جدرانٍ، أو في حجرٍ، أو مستقلةً.
س: إذا رأى الملكُ أن لا يُقام الحدُّ؟
ج: لا، ما يجوز، لا الملك ولا غيره، المصالح في إقامة الحدود، فلا يجوز للملك ولا لرئيس الجمهورية ولا للمسؤولين ترك الحدود إذا كانوا مسلمين، فالحدود تُقام إذا كان الحدُّ لله.
س: التَّصاوير إذا كانت في وسادةٍ أو في فِراشٍ يُمتهن هل لا تدخل الملائكةُ البيتَ؟
ج: لا، ما تمنع دخول الملائكة إذا كانت تُمتهن، إذا كانت في وسادةٍ أو بساطٍ ما تمنع دخول الملائكة.
س: والصَّلاة عليها؟
ج: لا حرج، إذا جاز بسطها جازت الصلاةُ عليها، لكن الصلاة على الشيء الذي ما فيه نقوش ولا فيه شيء يُشوش أحسن، فالشيء الخالي من النقوش والزخارف أحسن؛ حتى لا يتشوش المصلّي.