208 من حديث: (أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث)

 
7/608- وعن أَنسٍ : أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ كَانَ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصابِعَه الثلاثَ، وقال: إِذَا سَقطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْها الأَذى، ولْيَأْكُلْها، وَلا يَدَعْها للشَّيْطَانِ، وَأَمَر أَنْ تُسْلَتَ القَصْعَةُ، قالَ: فَإِنَّكُمْ لا تَدْرُونَ في أَيِّ طَعامِكُمُ البَركَةُ رواه مسلم.
8/609- وعن أَبي هُريرة ، عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: مَا بعثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلا رَعَى الغنَمَ، قالَ أَصحابه: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ رواهُ البخاري.
9/610- وعنهُ، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: لَوْ دُعِيتُ إِلى كُراعٍ أَوْ ذِرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِليَّ ذِراعٌ أَو كُراعٌ لَقَبِلْتُ رواهُ البخاري.
10/611- وعن أَنسٍ قَالَ: كَانَتْ نَاقَةُ رَسُول اللَّه ﷺ العَضْبَاء لا تُسْبَقُ، أَوْ لا تكَادُ تُسْبَقُ، فَجَاءَ أَعْرابيٌّ عَلى قَعُودٍ لهُ فَسبقَها، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلى المُسْلمِينَ حَتَّى عَرفَهُ النبيُّ ﷺ، فَقَالَ: حَقٌّ عَلى اللَّهِ أَنْ لا يَرْتَفِعَ شَيءٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلا وَضَعَهُ رواهُ البخاري.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كالتي قبلها في الحثِّ على التواضع وخفض الجناح، والحذر من الكبر والخيلاء، وأن الرسول ﷺ كان سيد المتواضعين في أخلاقه وأعماله، وأكله وشربه، وغير ذلك، فالمشروع لكل مؤمنٍ التأسّي به في التواضع وخفض الجناح والرفق، وعدم الخيلاء والتّكبر.
ومن ذلك أنه كان يلعق أصابعه، وقد يكون بعض المتكبرين لا يلعق أصابعه، فالسنة لعق الأصابع إذا كانت للطعام بقيةٌ في الأصابع، وكان يأمر بسَلْت الصَّحْفَة ويقول: فإنَّكم لا تدرون في أي طعامِكم البركة.
فعلى الإنسان أن يسلت ما في طريقه الذي يأكل منه، يعني: يأخذ بقية ما كان فيه، ويلعق أصابعه، فهذا من السنة، فإنَّكم لا تدرون في أي طعامِكم البركة، وهذا من التواضع وعدم التّكبر، فينبغي للمؤمن التأسّي بنبيه ﷺ في ذلك.
وهكذا رعاية الغنم: يقول ﷺ: ما بعث الله من نبيٍّ إلا رعى الغنم، حتى يستفيد من رعاية الغنم في رعاية العقلاء، حتى النبي ﷺ رعى الغنم قبل أن يُوحَى إليه على قراريطَ لأهل مكة، وهذا من حكمة الله جلَّ وعلا؛ فإنَّ النبي يستفيد من رعاية الغنم في رعاية الأمة، فإن الراعي للغنم عليه أن يرفق بها، ويتحرى المرعى الطيب، والطريق الطيب، وهكذا الرسل عليهم الصلاة والسلام عليهم أن يُلاحظوا الرعية، وأن يرفقوا بالرعية، وأن يدلوهم على خير الطرق، ويحرصوا على إيضاح سبيل السّعادة لهم.
كذلك حديث: لو دُعِيتُ إلى ذراعٍ أو كراعٍ لأجبتُ، ولو أُهْدِيَ إليَّ ذراع أو كراع لقبلتُ، هذا من التواضع أيضًا، فيجب على الإنسان أن يُجيب الدعوة ولو من بعض الفقراء، ولا يتكبر على إجابة الدعوة، ولو دعاه بعض الفقراء من جيرانه أو غيرهم يُجيب الدعوة.
وهكذا الهدية: فلو أهدى إليه بعضُ أحبابه ولو قليلًا يقبل الهدية؛ تطييبًا لخاطره، ولهذا يقول ﷺ: لو دُعيتُ إلى ذراعٍ أو كراعٍ لأجبتُ، ولو أُهْدِيَ إليَّ ذراع أو كراع لقبلتُ، هذا من التواضع أيضًا.
كذلك حديث القصواء: أنها كانت لا تُسبق، فجاء أعرابيٌّ بقعودٍ فسبقها، فشقَّ ذلك على أصحاب النبي ﷺ، فقال النبيُّ ﷺ: إنَّ حقًّا على الله ألا يرتفع شيءٌ من الدنيا إلا وضعه، فالدنيا دار نقصٍ، ونهايتها الضعف والنقص، فالفرس والناقة والإنسان قد يكون كلٌّ منهم سابقًا، ثم يأتي مَن يسبقه، فهي دار النقص، وليست دار الكمال.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: هل يُفهم من الحديث أن الشيطان يكون دائمًا مع الرجل في بيته؟
ج: القرين ملازم، فكل إنسانٍ له شيطان قرين، وهناك شياطين تحفّ بالإنسان غير القرين.
س: لكن قول الرسول ﷺ أن الرجل إذا ذكر الله عز وجل قال الشيطانُ للشياطين: لا مبيتَ لكم ولا طعام ولا ..؟
ج: هذا غير القرين.
س: هل يُرى الله سبحانه وتعالى في الدنيا؟
ج: لا، ما يُرى إلا في الآخرة، يراه المؤمنون في الآخرة، قال في الدنيا: لَنْ تَرَانِي [الأعراف:143]، وقال ﷺ: واعلموا أنه لن يرى أحدٌ منكم ربَّه حتى يموت، حتى النبي محمد ﷺ، وحتى موسى لما أراد رؤيته قال له الربُّ: لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ ..، أما في الآخرة فيراه المؤمنون في الموقف وفي الجنة.
س: وقول ابن عباس: رآه بفؤاده؟
ج: هذه رؤيا النوم وعلم القلب.
س: هل خروج الريح أو النوم ينقض الوضوء كاملًا؟
ج: نعم، لكن ما عليه استنجاء، يبدأ بالمضمضة والاستنشاق، مثل: مسّ الفرج، ويُسميه العامة: التَّمسّح، يعني: الوضوء، فلا يلزمه الاستنجاء إلا من البول والغائط ونحوهما.
س: هل يأثم إذا سقطت اللقمةُ ولم يأخذها؟
ج: الأفضل أن يأخذها ويُميط ما بها من الأذى ويأكلها؛ إرغامًا للشيطان.
س: يقول: هل يأثم إذا تركها؟
ج: يحتمل، والله أعلم.