202 من حديث: (أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: «جئت تسأل عن البر؟»..)

 
4/591- وعن وابصةَ بنِ مَعْبِدٍ قَالَ: أَتَيْتُ رسولَ اللَّه ﷺ فَقَالَ: جِئْتَ تسأَلُ عنِ البِرِّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، البِرُّ: مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، واطْمَأَنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ، والإِثمُ: مَا حاكَ في النَّفْسِ، وتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوكَ حديثٌ حسنٌ، رواهُ أحمدُ والدَّارمِيُّ في "مُسْنَدَيْهِما".
5/592- وعن أَبي سِرْوَعَةَ عُقْبَةَ بنِ الحارِثِ : أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لأبي إِهاب بنِ عَزِيزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَد أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالتي قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا، فَقَالَ لَها عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرضَعْتِني وَلا أَخْبَرتنِي، فَرَكِبَ إِلى رسُولِ اللَّهِ ﷺ بالمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟!، ففَارقَهَا عُقْبَةُ، ونكَحَتْ زَوْجًا غيرَهُ. رواهُ البخاري.
6/593- وعن الحَسَنِ بن عَليٍّ رضيَ اللَّهُ عنهما قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلى مَا لا يرِيبُك رواهُ الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في الحثّ على الورع والبُعد عن الشّبهات، ولهذا قال النبيُّ ﷺ لوابصة لما جاء يسأل عن البِرِّ: البِرُّ: ما اطمأَنَّتْ إليه النفسُ، واطمأَنَّ إليه القلبُ، والإثم: ما حاك في نفسك، وتردد في صدرك، وإن أفتاك الناسُ وأفتوك، وهذا يُفيد أن المؤمن يتحرَّى ما تطمئن له القلوب، وتضع له الدلائل الدالة على سلامته، وأمَّا ما كانت فيه شبهة، وفيه تردد؛ فالأولى بالمؤمن تركه، والتَّعفف عنه، والورع عن اقترافه؛ حمايةً لدينه، وحرصًا على سلامة دينه؛ لأنه متى تساهل بالشّبهات ولم يُبال بالورع وقع في الحرام، فهذا يجرّه إلى هذا، كما في حديث النعمان الذي تقدّم: مَن اتَّقى الشّبهات فقد استبرأ لدينه وعِرْضِه، ومَن وقع في الشّبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحِمَى كما تقدم.
وكذا حديث عقبة بن الحارث أنه تزوّج بنت أبي إهاب، فجاءت امرأةٌ وقالت: لقد أرضعتُهما، فركب إلى النبي ﷺ وسأله، فقال له: كيف وقد قيل؟!، وفي اللفظ الآخر قال: دَعْها عنك، فتركها عقبةُ وتزوَّج غيرها.
وهكذا حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما -سبط النبي ﷺ، وأمه فاطمة الزهراء رضي الله عن الجميع- يقول: حفظتُ من النبي ﷺ: دَعْ ما يريبُكَ إلى ما لا يريبك، يُقال: رابه يَريبه، وأرابه يُريبه، من الرباعي والثلاثي، يعني: دع ما تشكّ فيه إلى الشيء الذي لا تشكّ فيه، هذا هو طريق الاستبراء للدين والعِرْض، والأمن من الوقوع في الشّبهات.
رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

الأسئلة:
س: رجلٌ دخل المسجدَ والإمام جالسٌ في التّحيات في الركعة الأخيرة، فكبَّر معه وجلس للتّحيات، وعندما قام يقضي سمع جماعةً يُصلون، فهل له أن يقطع صلاتَه هذه ويدخل مع الجماعة؟
ج: هو مُخيَّر: إن شاء قطع وانتقل إليهم، وإن شاء أكمل، من أجل مسألة تحصيل الجماعة.
س: والأفضل؟
ج: إن قطعها أو قلبها نافلةً ثم ذهب وصلَّى معهم فهذا طيب.
س: القول بأن الروح تأتي من الله عزَّ وجل؟
ج: الله خلقها، فهي مخلوقةٌ لله، والأرواح كلها مخلوقة لله.
س: لكن القول بأنها تأتي من السماء؟
ج: الأرواح مخلوقة لله، يُرسِل بها الملكَ إلى الجنين، ثم تصعد روحُ المؤمن إلى الجنة إذا مات المؤمنُ، فتذهب إلى الجنة، فهي مخلوقةٌ من المخلوقات.
س: هلك هالك عن أب وأم وإخوة لأب، كيف يكون الورث بينهم؟
ج: تُعطى الأم السدس، والباقي للأب، والإخوة ما لهم شيء؛ يحجبهم الأب.
س: يَحجبون ويرثون؟
ج: يُحجبون ولا يرثون.
س: في الحديث الصحيح يقول النبيُّ ﷺ: إذا مرض العبدُ أو سافر كُتِبَ له أجرُه صحيحًا مُقِيمًا، هل يجري عليه هذا في الخير والشر أم في الخير فقط؟
ج: كُتِبَ له ما كان يعمله صحيحًا مُقيمًا، يعني: من الأجر، إذا سافر أو مرض.
س: هل للمُسافر دعوة مُستجابة؟
ج: جاء في بعض الروايات أنَّ له دعوةً مستجابةً.
س: لا تنسانا من دعائك جزاك الله خيرًا.
ج: وفَّق الله الجميع.